رواية نصفي الاخر الفصل السابع 7 بقلم شاهندا سمير

 


 رواية نصفي الاخر الفصل السابع بقلم شاهندا سمير



___طلاسم سحرك___

وصلت نيرة الى ذلك المكان البعيد فى الحديقة ثم توقفت..كانت دموعها تهبط علي وجنتيها بصمت وهي تتساءل فى مرارة..
إلى متى ستتحمل ذلك النائل؟
إنه يهينها ويعذبها نفسياً وجسدياً..والآن يلقي علي مسامعها كلماته اللاذعة أمام إخوتها..فإلى متى ستتحمل عذاب قلبها الذى وأدته يوم زواجها؟ رؤية يزيد اليوم هو العذاب فى حد ذاته..فمنذ عقد قرانها وهى تتجنب رؤيته كما يتجنب هو رؤيتها..هى تخشى أن تضعف، تخون زوجها حتى بأفكارها رغم أنه لا يستحق اخلاصها ولكنها هى فقط هكذا نقية لا تقبل الدنس..لم تستطع التحمل أكثر لتشهق من وسط دموعها شهقات صغيرة نبهت يزيد الذى كان يجلس قريبا منها لوجود أحدهم يبكى،نهض واقترب من مكانها ليراها تقف وهى تمنحه ظهرها..أصابته الصدمة عندما تعرف عليها..هل حبيبته نيرة هى من تبكى ويهتز جسدها من قوة بكائها؟ أصابته شهقاتها فى مقتل..اقترب منها بسرعة وتوقف خلفها تماما قائلا فى همس ملهوف قلق:
_نيرة.

التفتت اليه نيرة بسرعة ووضعت يدها على فمها بصدمة..نظر الى دموعها فى لوعة وهو يقول:
_مالك يانيرة..بتعيطى ليه؟

أفاقت نيرة من صدمتها وتمالكت نفسها وهى تمسح دموعها قائلة فى برود مفتعل:
_أبدا ..مفيش حاجة ..عن اذنك.

همت بالرحيل فحاول أن يمنعها ممسكا بيدها فلم يمسك سوى بشالها الذى انزاح عن ذراعها ..ليرى تلك العلامات الزرقاء، اتسعت عيناه فى صدمة ونظر اليها فوجدها تخفض عينيها وهى ترفع شالها على ذراعيها بتوتر..قال لها فى ألم يحاول أن ينكر أفكاره التى تجتاحه الآن:
_العلامات دى من ايه يانيرة؟

رفعت اليه عينيها قائلة فى ارتباك:
_دى....دى...

استحثها قائلا بانفعال:
_دى ايه يانيرة؟ انطقى أبوس ايدك تريحينى.

كان فى كلماته وانفعاله ما منحها القوة لكى تجيب عن تساؤله ..أليس هو من تركها لتتزوج هذا المعتوه؟أليس هو من كانت تعده نصفها الآخر وتخلى عنها دون ان يتقدم ولو بخطوة واحدة للدفاع عن حبهما؟اذا لم يتساءل الآن عما يحدث لها..ولما يهتم؟

قالت فى حدة امتزجت بمرارة:
_وقعت ..ارتحت دلوقتى..وبعدين انت بأى حق بتسأل؟انت ولا حاجة بالنسبة لى... ولا حاجة.. سامعني؟

تجمعت الدموع فى عيون يزيد..كادت نيرة أن ترق له إلا أنها قست قلبها مستطردة:
_ياريت تبعد عنى يايزيد..وتخليك فى حالك أحسنلك وأحسنلي.

قال يزيد بألم:
_مش بإيدى...

رفعت يدها مشيرة اليه بالصمت قائلة:
_لآخر مرة هقولهالك..ملكش دعوة بيا يايزيد..مبقاش من حقك خلاص.

كاد يزيد أن يتحدث لولا أن سمعوا صوتا غاضبا يقول فى حدة:
_والله عال ممكن أفهم وقفتكم دى معناها ايه؟

نظرا الى نائل سويا..فاقترب منهما الأخير بخطوات غاضبة يتوقف أمامهما تماما..انتفضت نيرة بطريقة ملحوظة لم تخفى على يزيد، عقد حاجبيه ثم نظر الى نائل الذى يحدقه بنظرات قاتلة، تمالك نفسه قائلاً فى برود صارم:
_هيكون معناها ايه يعنى؟المدام واقفة فى منطقة مش أمان والطبيعى اني انبهها عشان ترجع الحفلة.

قال نائل فى سخرية:
_فيك الخير والله.

قالت نيرة لتنهى ما يحدث، تريد لتلك الليلة ان تنقضي فلم تعد قادرة على التحمل:
_يلا يانائل عشان نروح ..انا تعبانة ومش هقدر ارجع الحفلة تاني.

نظر يزيد اليها بقلق حين ذكرت تعبها، فأغضبت نظراته نائل الذي أمسك يدها وجرها خلفه جرا باتجاه بوابة الفيلا، تابعتهما عينا يزيد وشياطين الدنيا تثور بداخله لرؤيته يعاملها بهذه القسوة..ضرب بيده تلك الشجرة بجواره قائلا:
_أقسم بالله لو اللى فى بالى طلع صح ..لأخليك تندم علي اليوم اللى جيت فيه الدنيا يانائل. 

*************

يرونك وحش قاس مخيف..بارد القسمات

ترتعد قلوبهم لمرآك..ترتجف من الخوف الدقات

وأراك أنا كما أنت ..تعجز عن وصفك الكلمات

بريئ كطفل فى المهد..رائع الضحكات

أرى سحر يجذبنى..وأنا لطلاسم السحر من القارئات

تبحث روحك عن وطن ..تسكن بين جوانبه النبضات

فأقسمت أن أكون لروحك السكن..تنعم فيه بالراحة والبسمات

نرقص سويا على معزوفة رومانسية..نتنقل بين الشرفات

فأبدل معك حكايتى الخيالية إلى واقع وردي الخطوات.

كانت رهف تجلس على سريرها تسترجع أحداث الليلة..يخفق قلبها كلما تذكرت كلمات نضال او نظراته، انه يؤثر بها وبقوة.
تذكرت كيف ظل صامتا طوال الطريق الى منزلها ولم يلقى عليها حتى تحية الوداع بل قاد سيارته مغادرا فور نزولها منها..تذكرت كيف يتبدل نضال من شخص رقيق الى شخص عنيف كالوحش في لحظات وتذكرت أيضا تلك الميس ونظراتها الى نضال تتساءل عن مدى علاقتها به..

مهلاً مهلاً.. وما شأنها هى..هل تغار عليه؟ هى تعلم انها واقعة فى غرام فارس أحلامها..ولكن نضال ليس هذا الفارس ..ففارس أحلامها لا تخشاه مثلما تخشى نضال..اذا لمَ تغار عليه أو حتى تهتم؟أوقعت بحب الوحش كما أحبت الفارس؟

رن هاتفها برقم غريب..كادت أن لا ترد ولكن لا تدرى لم جاءها شعور بأنه من الممكن أن يكون نضال..ابتلعت ريقها وردت قائلة:
_آلو.

جاءها صوته الرخيم يقول:
_لسة منمتيش؟

اضطربت خفقات قلبها بشدة وتلعثمت قائلة :
_انت ..انت مين؟

استمعت الى صوته يقول فى نزق:
_هيكون مين يعنى اللى بيكلمك فى الوقت ده يارهف؟

صمتت فها هو الوحش يعود للظهور..قال فى غضب:
_انتِ ساكتة ليه؟

حاولت أن تكون هادئة وهى تقول:
_لما تهدى يانضال..هتكلم.

قال فى هدوء:
يعنى انتِ عارفة مين اللى بيكلمك أهو ..أومال بتسألى ليه؟

ابتسمت فقد تعودت على تقلباته المزاجية ..تشعر ان بداخله طفل صغير وليس وحش كما يحاول أن يبدو. 
قالت فى هدوء:
_صحيح عارفة بس حابة أتأكد مش يمكن حد غريب..وبعدين أنا مش هقدر أرد عليك وانت كدة، بحس انك شخصية تانية خالص.. بتخوفنى.

زفر نضال قائلا:
_بس انتِ عارفة انك هتتجوزينى بكل حالاتى..يعنى لازم تتعودى على كدة.

ازدادت ابتسامتها اتساعا وهى تقول:
 _حتي لو هتعود، محتاجة وقت فبالراحة عليا شوية.

صمت فقالت بهمس:
_نضال.

لم يرد فكررت همستها قائلة:
_نضال.

سمعته يقول بخفوت:
_نعم يارهف.

قالت بصوت رقيق:
_ممكن تهدى عليا شوية؟

تنهد قائلا:
_ممكن.

ابتسمت ثم قالت بتردد:
_طب ممكن أطلب منك طلب؟

قال فى هدوء يحاول به ان يسكن نبضات قلبه وقد ضبط نفسه متلبساً بتخيلها امامه:
_اتفضلى.

قالت متلعثمة:
_انا عارفة ان احنا..يعنى ..مش هنعمل فرح ..بس...بس يعنى.....

قال نضال بنفاذ صبر:
_بس ايه يارهف؟

ابتلعت رهف ريقها قائلة:
_لو يعنى ممكن ألبس فستان فرح؟

ثم قالت بسرعة وهى تستطرد:
 _عشان ماما والله مش عشانى.

لم يجبها نضال وعندما طال الصمت قالت رهف بحزن:
_خلاص يانضال ..مش مهم..انسى.

سمعت صوت نضال الرخيم يصلها قائلاً:
_لأ يارهف مش هنسي..اخرجى اشترى الفستان وانا هبعت معاكى وعد بكرة عشان تختاروه سوا.

كادت رهف ان تطير من السعادة وقالت بامتنان:
_متشكرة قوى يانضال..ربنا يخليك ليا.

وضعت يدها على فمها بصدمة مما قالته..وسمعت صوت نضال الذى تغير فجأة ليقول ببرود:
_انا هقفل.

قالت بسرعة :
_استنى بس.

زفر قائلا:
_خير..ايه تانى؟

أحست بالاحراج ولكنها لابد وأن تسأله ليستريح قلبها..لذا حسمت رأيها قائلة:
_هو كان فيه حاجة بينك وبين ميس؟

قال نضال فى حدة:
_أمورى الشخصية وعلاقاتى خط أحمر يارهف..وعموما هرد عليكى بس ده لآخر مرة..ميس صفحة وقفلتها خلاص وهى دلوقتى بنت خالتى مش اكتر..خلصنا؟؟

أحست رهف بالراحة رغم نبرة نضال الحادة..قالت فى هدوء:
_خلاص يانضال.

زفر نضال قائلا:
_أنا هنام دلوقتى..نامى انتِ كمان ومتفكريش كتير.

أومأت برأسها قائلة:
_تصبح على خير.

تنهد قائلا:
_تلاقى الخير.

أغلقت الهاتف وهى تضمه الى صدرها قائلا بابتسامة:
_أنا وراك والزمن طويل يانضال..ياانا........ياانت.

تعليقات



×