رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس و الثمانون 85 بقلم سهام صادق

  



رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس و الثمانون بقلم سهام صادق



يُحركه ماضي رحل مع الراحلين ، ماضي قبع داخله وأحتل ذاكرته منذ طفولته.
« أنتِ عارفه إني من غيرك ممكن أموت يا سمية، أنا بعشقك، لو مشيتي هتسبيني أنا وولادنا لمين، خدي كل ما أملك بس خليكي معايا.»

والده يتذلل و يركع على ركبتيه متوسلًا لها أن تبقى معه. 

« مش أنا سالم حبيبك، ليه أتغيرتي فجأة وبقيتي قاسية عليا.» 

يسألها أين ذهب الحب الذي تغنت له به يومًا؟ 

« قوليلي راح فين حبك ليا سمية.» 

والرد اخترق أذنين ذلك الصغير المتواري بجسده أسفل الفراش واضعًا يديه على أذنيه. 

« أنت ضعيف يا سالم، وأنا مبحبش الراجل الضعيف.» 

ينهض من أمامها عاجزًا مُشتتًا ، فهل طاعته لوالده ضعف. 

« أنا ضعيف يا سمية، ضعيف عشان أبن بار لأبوه.»
 
وليته فهم ليلتها تلك النظرة المُستخفة التي رمقته بها قبل أن تشيح وجهها بعيدًا عنه. 

« ردي عليا.» 
التقط ذراعها ثم القاها على الفراش مُكررًا سؤاله بصوت صارخ. 

« ردي عليا، قوليلي ضعيف في إيه.» 

لم تعطيه ردًا يُبرد ناره وأكتفت بهز ساقيها، فـ شخصيته الضعيفة أمامها حولتها لأمرأة فاسدة ، امرأة صارت راغبة في شقيقه. 

وضع ذلك القابع - أسفل فراش والديه- كفيه الصغيرين على شفتيه وهو يشعر بحركة الفراش فوقه. 
لم يفهم ما حدث ليلتها ولا معنى تلك الكلمات و ذلك الآنين الخافت إلا عندما بدأت عيناه وعقله يتفتحان نحو أمور أدركها باكرًا. 

النساء راغبات مُتطلبات لا يروا الرجُل رجُلًا إلا عندما يجدون مُتعتهن بالفراش ، هكذا صار عقله ينظر نحو النساء وكل يوم تتأكد له تلك الحقيقة التي وقع فيها عمه هو الآخر. 

_ مش هسيبها تلعب بيك أنت كمان، "عزيز الزهار" مينفعش يكون شبه "سالم"، "ليلى" هي "سمية" حتى "كارولين" شبههم... كلهم شبه "سمية". 

غمغم بها وهو يُسرع نحو سيارته بعدما غادر المنزل لا يرى أمامه سوى ذكريات مشوشة حُفرت داخله. 

وقف "عزيز" خلف الشرفة التي تطل على بَاحة المنزل بجبين مُقطب ونظرة شاردة ثم طأطأ رأسه عندما أستمع إلى صرير إطارات سيارة "سيف" وقد قادها بُسرعة جنونية. 

_ أكيد شافنا وإحنا... 

اخفضت "ليلى" رأسها بحرج ولم تستطيع مواصلة كلامها ورغم أن الأمر لم يتعدى سوى لمسات وقبلات إلا أن ما حدث و رؤية "سيف" لهم مُخجل لأبعد حد ويشعرها بالإختناق. 
تنهد "عزيز" و استدار إليها، وحده هو المُلام على هذا. 

اِحتلت عينيه نظرة خاوية بعدما رأها تقف أمامه مُطأطأة الرأس وتفرك يديها بتوتر وكأنهم ضُبطوا في جُرم لا يحق لهم ممارسته. 

_ ارفعي راسك يا "ليلى"، كام مرة أقولك راسك تفضل ديما مرفوعه سواء قدامي أو قدام غيري. 

خرج الكلام منه بحزم وخشونة زادت من توترها، فاطبقت شفتيها وهزت رأسها قائلة:

_ أنا م مُحرجة أوي يا "عزيز" ، المفروض ده ميحصلش بره أوضتنا. 

زفرة أنفاسه خرجت بضيق وأقترب منها وقد باغتها بوضع يده أسفل ذقنها حتى يُجبرها على رفع رأسها. 

_ المفروض ده يحصل ما بينا في أي مكان أنا أشوفه مناسب وفي أي وقت أنا عايزه، وراسك متوطيهاش أبداً ، أنتِ مراتي والوحيد المُلام هو أنا. 

نظرته إليها كانت مُرعبة، فارتعشت أجفانها وأبتلعت لعابها ثم هربت بعينيها بعيدًا عن نظرته الثاقبة. 

أغلق "عزيز" عينيه لوهلة حتى يستعيد ثباته وقدرته على ترتيب الكلمات ثم فتحهما وحدق بها قابضًا على يديه بغضب بعدما صفعته حقيقة يعرفها لكنه لا يستطيع إتخاذ القرار فيها. 

أسرعت "ليلى" نحو حوض الأواني وفتحت صنبور المياة ثم نثرت ما ضمته كفوف يديها على وجهها لعلّ تلك الحرارة المنبعثة منه تزول. 

فعلتها اجتذبت نظرته العاشقة وقد تحركت عيناه على تفاصيل جسدها المغطاة بعباءة محتشمة لا تشف ولا تظهر مُنحنياتها حتى حجابها لا ينفلت منه خصلة واحدة. 

حقها في حريتها بمنزل كامل خاص بها وحدها حرمها منه وهي تتقبل كل شئ برضى بل وتلوم نفسها الآن بسبب رؤية ابن شقيقه لهم وهو يُقبلها. 

"ليلى" ، "ليلته" الجميلة.. من أتت لتُضئ عتمته وتمحي تلك الغشاوة التي حاوطت عقله سنوات عدة وجعلته يعرف أن النساء لا يشبهون بعضهن بخصالهن وأن حلاوتهن لا يحظى بها سوى المحظوظ. 

_ "عزيز" أنت بتبصيلي كده ليه ، في حاجة مش مظبوطة فيا. 

تساءلت وهي تُحرك يديها على ملابسها ثم أسرعت بوضعهما على وجهها. 
ورغم الجمود الذي اِحتل ملامح وجهه إلا إنها بتلقائيتها وبرائتها جعلت جموده يتلاشىٰ وأقترب منها. 

_ فين طاجن أم علي ،خليني أنا أدخله الفرن.. ولا هو شكله طاجن نحس. 

نبرة صوته الرخيمة وأبتسامته أربكتها ،هزَّ رأسه ضاحكًا. 

_ أنا قولت عليه طاجن نحس وشكلي مش هقول نفسي في تاني. 

ضحكت بخفوت والتقطت الطاجن حتى تُكمل وضع القشطة عليه. 

_ استنى فاضل القشطة هحطها عليه ،هتخلي جميل ولونه حلو. 

اِفتر ثغر "عزيز" عندما وجدها تناست ما حدث وعادت تندمج بما كانت تفعله وفي نفسه أخذ يتمتم. 
_ نفسي أخبيكي جوه ضلوعي يا "ليلى" ، آه لو تعرفي الحياة أتغيرت في عيني إزاي من بعد ما دخلتيها. 

رفعت عينيها إليه بعدما فرغت من وضع القشطة وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة واسعة ثم هتفت كالأطفال وهي تتجه نحو الفرن. 

_ وكده بقى فاضل التسوية وتدوق أحلى أم علي. 

وهل بعدما تذوقها يشتهي الحلوى ؟ هي صارت حلوته المُفضلة ولا مذاق للحياة بدونها. 

... 

غامت عينين "مراد" بقتامة ثم هَزَّ رأسه بسخرية وهي يرى والده يتلفت حول نفسه في الظلام ويتجه نحو الغرفة التي تُقيم فيها خالته إلى يحين موعد زفافه وتعود إلى شقتها بصحبة شقيقته. 

«شقيقته» كلمة يتجرعها بمرارة كُلما تذكر إنها الشوكة التي يضعها والده في ظهره وأحد سبب رضوخه للعمل معه. 

ارتسمت ابتسامة مُستهزءة على شفتيه وتراجع خطوه إلى الوراء حينما التف والده بجسده حتى يتأكد أن لا أحد يتبعه. 

_ تستاهل "إلهام" هانم إنها تكون زوجة في الضلمة، تستاهلوا بعض يا باشا. 

قالها ثم اتجه نحو الممر الخاص بغرفته. 
أغلق باب الغرفة ورائه دون أن يوصده بالمفتاح، فهو لن يبيت ليلته هنا. 

اتجه نحو غرفة الملابس حتى يضع بعض العقود في تلك الخزنة التي توجد بين أحد الرُفُوف. 

اِنفتح باب الخزنة بعدما أدخل عِدة أرقام ثم دفع الأوراق التي بيده داخلها ، كاد أن يغلقها لكن تلك الورقة القديمة المهترئة التي يهرب من رؤيتها اجتذبت عيناه. 

ثقلت أنفاسه داخل صدره وأغلق عينيه وأخذ يزدرد لعابه ببطء. 

« ماتت يا "عدنان"، بقولك ماتت، ياريتني أخدتها على المستشفى، كان ممكن تعيش.»

« طلع عندها بنت صغيرة عمرها شهور، أنا هسلم نفسي ،أنا لازم أتعاقب.
» 
« أنتِ أتجننتي يا "سمر" ، القضية خلاص أتقفلت وأتسجلت ضد مجهول.» 

« ذنبها إيه الطفلة ديه تتحرم من أمها ، أنت السبب في كل اللي أنا فيه، بسببك خلوني مُدمنة.» 

« أنتِ تخرسي خالص يا هانم، كفاية خيانتك ليا..»

ورفع يده عاليًا حتى يصفعها وتتوقف عن هذيانها لكن صرختها القوية جعلته يلتف ورائه بذعر. 

« مراد.»

قبض على كفوف يديه عندما اقتحمت الذكرى رأسه وهو يركض من أمامهم. 

تسارعت أنفاسه ، فـ صوت صراخهم وهو يركضون ورائه إلى أن توقفت تلك السيارة التي كادت أن تصطدمه وخرج صاحبها مذعورًا يحمد الله أنه إنتبه عليه ولم يصدمه. 

لَفَّ ذراعيه حوله بعدما ارتعش جسده ،مُتذكرًا حضن والدته.

فتح عينيه فجأة مُطبقًا شفتيه وقد اندلعت نيران لم تُخمد، فالطفلة الصغيرة التي كان يذهب مع والدته لرؤيتها بالحديقة تهلو أمام جدتها و والدها هي "زينب" ، "زينب" التي سأل نفسه كثيرًا لماذا هي وحدها من يشعر نحوها بشعور السلام و الرغبة في حمايتها.
داعبت شفتيه ابتسامة ساخرة ،فـ الفتاة التي خطفت قلبه وأجتذبت عيناه من أول لقاء، هي أبنة تلك المرأة التي حملت والدته ذنبها إلى أن ماتت بعدها بأعوامٍ قليلة. 

أطلق زفيرًا طويلًا مُغمغمًا بثقل. 

_ الماضي لازم يفضل مدفون وننساه زي ما بننسى اللي راحوا. 

عبارة دائمًا يُرددها له والده واليوم صدقها وسرعان ما كانت عَيناهُ تلمع باستهزاء. 

_ زمانه مبسوط دلوقتي في حضن "إلهام" هانم. 

غادر غرفة ملابسه لكنه توقف مكانه بأعين تَوَقَّد فيهم الشـر، فتلك المرأة لن تتركه إلا إذا أذاقها من سمه الفاسد لكنه يتركها في حياة والده لأنه يستحق. 

_ بتعملي إيه في أوضتي وعلى سريري. 
اِجتذبها من ذراعها ،فتشبثت بالغطاء. 

_ "عدنان" بيقضي ليلته مع "إلهام" ،خليني معاك يا "مراد"... حرام عليك تحرمني منك، أعمل إيه قولي عشان تسامحني. 

دفعها بعدما شعر أن الدماء فارت في رأسه ثم أخذ يُمرر أصابعه بين خصلات شعره.

_ "عدنان" ميفرقش معايا في حاجة لكن أنت يا "مراد" أنت حاجة تانية، لو طلبت عمري أدهولك بس خليك جانبي. 

_ بره يا "سيلين" ، ألبسي هدومك و أطلعي بره أوضتي بدل ما افضحك قدام أبنك ولا نسيتي الفيديوهات بتاعتك المتسجلة. 

لم تتحرك من مكانها ونظرت إليه بتحدي. 

_ أفضحني يا "مراد" ، أفضحني وأنا أفضح علاقتك بـ بنت المستشار، أه صحيح عرفت إنها أجهضت نفسها... يا حرام العروسة بنت العيلة الكريمة مقضيها. 

انحبست أنفاسه و ضاقت حدقتاه بنظرة مُخيفة، فاردفت بشماته. 
_ تفتكر الطفل ده منك ولا من واحد تاني. 

...
 
هدأت أنفاسه الهادرة ونظر إليها غير مُصدقً أنها أصبحت امرأته. وضع جبينه على جبينها وقد عادت نبضات قلبه ترتفع من جديد ، فمازال يرغب بالغرق في نعيم جنتها. 

_ افتحي عينك يا "زينب". 

شددت على غلق عينيها، فابتسم ثم خطف قبلة من ثغرها. 

_ أول ما نرجع من رحلتنا نروح نزور قبر عمي ، عايز اشكره على هديته الغالية ليا وأقوله إنها في الحفظ والصون. 

انسابت دموعها وخفق قلبها بالحنين ، فابتعد عنها بهلع وأجتذبها إلى صدره. 

_ أهدي يا حببتي ، أنا آسف.

_ أنا طلعت بنت يا "صالح" ، هتقوله كده صح. 

أغمض عينيه وقد عاد الوعيد ينبض داخله ،لابد أن يجد تلك المرأة اللعينة - زوجة والدها - حتى يجعلها تدفع الثمن غاليًا. 

_ أنتِ أجمل وأرق وأطهر بنت شافتها عيوني يا "زينب"، ده أنا نفسى أصرخ وأقول إني أسعد إنسان في الدنيا. 

توقفت عن البكاء وفتحت عينيها، فالتقط يدها يُقبلها. 

_ أميرتي عايزه إيه وأنا اعمله ليها بعد ما سمحتلي أدخلك مملكتها. 

رفعت رأسها إليه وقد راق لها ما يفعله وما تنطقه شفتاه ثم مدَّت أصابعها حتى تُمررها على خديه.

أطبق جفنيه بخفة وأطلق تنهيدة حارة وتركها تُحرك اصابعها كما تشاء.

_ "زينب". 

خرج اسمها من شفتيه بصوت مُتهدج وقد ضاعت قدرة تحمله. 

كاد أن يقتنص منها جرعة أخرى يعيد فيها ما يتوق إليه لعله يرتوي ويشعر بالتخمة،فأسرعت بوضع رأسها على صدره وبنبرة ناعسة هتفت.

_ ألعب في شعري لحد ما أنام، ممكن.

حتى في رجائها تكون ناعمة وجميلة ،فيضيع غضبه ويبتسم رغمًا عنه.

_ آه من دلعك يا "زينب"، حاضر. 

اِنفرج ثغرها بابتسامة عريضة ودست نفسها بحضنه تتلمس منه الدفئ.

_ "زوزو" دلوعة بابا. 

« "زوزو" دلوعة بابا » رددها مرارًا مُستمتعًا بها ثم جحظت عيناه بصدمة. 

_ بابا مين!!! 
... 

اِنشرحت أسارير "نائل" والتمعت عيناه بالدموع وهو يحدق بالهاتف. 

_ مالك يا "نائل" متأثر بـ إيه ، ليكون حد عزيز علينا فارقنا. 

رفع "نائل" عينيه عن الهاتف ورمقه بنظرة ممتعضة. 

_ بتفرج على صور "زينب" و "صالح" في رحلة أسوان وشكلهم مبسوطين. 

التقط منه "شاكر" الهاتف بلهفة. 

_ فين وريني كده. 

تنهد "نائل" ثم نهض من المقعد الجالس عليه داخل الشرفة التي صار يحب الجلوس بها عند اِستيقاظه. 
_ أنا رايح اتمشى شوية. 

اومأ "شاكر" برأسه وأخذ يُقلب بين الصور ويتفرس في وجه حفيده. 
_ شكلك مبسوط يا "صالح"، يا ترى حققت أمل جدك وهتجبلي الحفيد. 

ثم اتجهت عيناه نحو "نائل". 

_ لازم أقنع "نائل" لما نرجع القاهره إننا نقضي كام يوم معاهم في شقتهم عشان اطمن بنفسي. 

... 

تأففت بضجر وأجتذبت الغطاء عليها بعدما دفعت الوردة التي أخذ يُمررها بخفة على وجهها. 
قهقه "صالح" بإستمتاع وأجتذب الغطاء من على رأسها قائلًا بعبث. 

_ "زوزو" دلوعة "صالح" هتفضل نايمة كتير كده ، ده حتى "صالح" فضل طول الليل يدلع فيها. 

نبرة صوته الماكرة تسللت إلى أذنيها مع حركة يديه التي تحركت أسفل الغطاء ، تسارعت وتيرة أنفاسها و اشتعلت حرارة وجنتيها. 

_ "زوزو" اصحي ولا محتاجه "صالح" يثبتلك إنك دلوعته هو و بس. 

فتحت عينيها على وسعهما ، فنظر إليها وأقترب منها. 

_ قولي يلا "زوزو" دلوعة "صالح". 

زاغت عينيها وبدأت أنفاسها تعلو بطريقة واضحة ،فغمز لها بطرف عينه. 

_ لو قولتي "زوزو" دلوعة "صالح" هبعد. 
 
انخرس لسانها وتوردت وجنتاها ،فهي هذه اللحظة لا ترغب إلا بدفن رأسها أسفل الوسادة. 

_ "زوزو". 

أسبلت اهدابها ،فاطلق زفرة طويلة بعدما وضع يده على قلبه. 

_ لأ أنا كده محتاج أشوف الموضوع من أول وجديد.. 
_ "زوزو" دلوعة "صالح". 
قالتها بأنفاس لاهثة وهي تدفعه بعيدًا عنها ،فضحك بقوة. 

_ ده أنا عشان "زوزو" دلوعة "صالح" ديه مستعد أبوس الأيادي واقولك شبيك لبيك. 

حنون هو وقد أعترفت بهذا لنفسها من قبل ولكن ليلة أمس اكتشفت أمرًا جديدًا وجميلًا... أمرًا يُخجلها الإعتراف به ويسلب أنفاسها ويجعلها هائمة. 

_ "صالح" من فضلك سيبني أستوعب اللي حصل. 

أعقب قولها بشهقة قوية خرجت منه لا يُصدق ما تفوهت به. 

_ تستوعبي إيه، ده أنا مخليكي طول الليل تقولي "زوزو" دلوعة "صالح". 

عادت السخونة تشتعل بخديها ، فهو لا يكف عن تذكيرها بهذا وكأنه يقصد إحراجها. 

_ "صالح". 

تلاشى غضبه سريعًا وهتف بنبرة هادئه. 

_ عيونه.
_ غمض عينك .

ابتسم وقد ظن أنه سيحصل على قُبلة منها تروي بها عطشه لكنه تفاجأ بنهوضها السريع وهرولتها نحو الحمام. 

ضحكت بشقاوة بعدما أستندت بظهرها إلى الباب ، فصدح صوته عاليا فور أن غادر الذهول ملامحه من فعلتها. 

_ هنشوف مين هيضحك على التاني في الآخر. 

حرك يده على عنقه ثم أخذ يهز رأسه ساخرًا من نفسه، بالنهاية هي من تستطيع الضحك عليه حتى تحصل على ما تُريد. 

انطلقت تنهيدة من شفتيه ثم التقط غطاء الفراش الذي اسقطته أرضًا أثناء نهوضها. 

أقترب من الفراش حتى يُرتبه لكنه تراجع ونظر إليه. 
دق قلبه بعنف وبرقت عيناه بسعادة وهو يرى دليل لقائهم الأول. 

وقفت أمام المرآة بوجه مُشرق وابتسامة تلمع في عينيها ، فاخفضت رأسها بخجل بعدما انتبهت على هيئتها المُبعثرة ، تتساءل كيف و متى ارتدت قميصه. 
اسدلت أجفانها وأخذت تزفر أنفاسها ثم رفعت رأسها ومررت يدها على عنقها. 

اِنمحت ابتسامتها فجأة عندما اقتحم حديث "رغد" رأسها ، هي في حياة "صالح" من أجل الوريث الذي ينتظره الجد "شاكر". 
تراجعت إلى الوراء بخطوات فاترة حتى جلست على حافة المغطس وأسرعت بكتم صوت شهقتها بيدها ويدها الأخرى حركتها على أحشائها وقد لاحت لها صورة "شاكر" عندما جرها وراءه إلى المشفى. 

_ لا لا، مش هحقق له غرضه، أنا لازم أعمل إحتياطاتي وأخد الحبوب. 
... 

_ مساء الخير. 
ارتعشت يدين "ليلى" وكاد الوعاء يسقط منها عندما استمعت إلى صوته. 

تنحنح "سيف" بحرج ونظر نحو الخادمة التي ردت تحيته. 

_ ممكن فنجان قهوة. 

قالها وألقى نظرة ثاقبة نحو "ليلى" التي استدارت بجسدها حتى لا يرى ملامح وجهها التي تخضبت من شدة حرجها. 

اخفى ابتسامته الساخرة واقترب من طاولة المطبخ مُستندًا عليها. 

_ ياريت نخليهم فنجانين قهوة يا "منار" لأني عايز أشربها مع "ليلى" في الجنينة لو تسمح طبعًا. 

اتسعت عيناي "ليلى" ذهولًا وأسرعت بوضع الوعاء على الموقِد والتفت برأسها إليه، ابتسم بمكر اخفاه سريعًا. 

_ عايز أعمل مفاجأة لـ "كارولين" وقولت أكيد "ليلى" هتعرف تساعدني.

تلاشت دهشتها ،فتحرك مُغادرًا المطبخ. 

_ هستناكي في الجنينة وفرصة "كارولين" و عمي مش هنا.

التقطت "ليلى" أنفاسها أخيرًا ، ونظرت نحو "منار" قائلة:

_ هاتي أعمل أنا القهوة.

التوت شفتيه وأبتعد عن المطبخ. 
_ مجرد وقت... 
وبحقد تَغلغَل داخله أردف. 
_ يا مرات عمي... 

تعليقات



×