رواية عشق لا يضاهي الفصل الثامن و الثمانون 88 بقلم اسماء حميدة


رواية عشق لا يضاهي الفصل الثامن و الثمانون بقلم اسماء حميدة

تابعت سيرين بصوت يملأه الحنين وكأن الكلمات تنسل من شفتيها قطرة قطرة كل امرأة يا ظافر خلقت لتحب أن تكون زهرة متفتحة في عيون من تحب... ربما كنت أخفي ألواني خوفا من أن تذبل في عينيك.
تسلل الحنين إلى صدر ظافر كسيل جارف أطاح بتماسكه المعتاد ومد يد خفية ليقبض بها على قلبه الذي يخفق بتوتر.
همس بصوت أجش كمن يحاول أن يلتقط أنفاسه
كنت تفعلين كل ذلك... لأجلي
رفعت سيرين وجهها والتقت عيناهما... كانت عيناها محيطين هادئين يغرق فيهما دون مقاومة.
لا أدري تمتمت كنسمة تحمل عطرا نفاذا لكنني أعشق الزينة... وأشتاق للثياب الملونة كأحلام الطفولة... وأهوى الذهب حين يحتضن الضوء والفضة حين تهمس مع الليل.
في الماضي خبأت سيرين أنوثتها تحت أردية الحذر وغلفت ضحكتها بغبار الخۏف خشية أن يخذلها ظافر فذات يوم ارتداء تلك التنورة الحمراء فلم تحصد سوى نظرات قاسېة إذ قال ظافر حينها ببرود أشد من صقيع الشتاء
أنتم يا عائلة تهامي... أي سحر تملكونه لتضحكوا بعد كل ذلك الخداع الذي أسيقتموني إياه
ومنذ تلك اللحظة أقسمت أن تغلق أبواب الفرح خلفها وألا تسمح للبهجة أن تسكن عينيها مجددا.
ظافر ذلك الغافل لم يفهم أنها كانت تطفئ نورها فقط... لأجله.
شدت سيرين على جانبيها بقوة تحتضن
اقترب ظافر وقلص المسافة بينهما حتى شعرت بأن العالم كله انكمش ولم يتبق سواهما.
كأنه يستند إلى آخر قشة في بحر الألم.
همس بصوت متهدج
لماذا لم تخبريني
ارتجفت سيرين تحت وطأة قربه واحټرقت وجنتاها
ارتعشت لكنها لم تتكلم فكل خلية فيها كانت تصرخ بما لم يجرؤ لسانها أن ينطق به.
وكأن الفراغ الذي بينهما يؤلمه.
قال وصوته يقطر ندما
لماذا أشعر وكأنك تكرهينني
شهقت سيرين بخفوت واختنق صوتها وكأن قطعة جمر استقرت في حلقها.
همست وهي ترتجف
رجاء... دعني.
همس بعينين مغرورقتين
سيرين... أتعلمين كم ليلة بكيتك فيها
زفرت سيرين
قالت بصوت متكسر تحاول أن تتماسك
سيد نصران ألا تخشى أن تغضب الآنسة دينا حين تعلم أنك هنا تضيع بين امرأة أخرى
دنا ظافر منها أكثر كمن يتبع أثر نداء خفي
ارتجفت سيرين لكن قبل أن تفيق من دهشتها وإنما اختطفت عنوة.
أغمض عينيه نصف إغماضة وكأن النوم يغزو جفنيه بثقل الجبال.
أنا... نعسان جدا سيرين... همس بها وصوته يترنح بين الإرهاق والسکينة.
ظلت ذراعا سيرين متدليتين على جانبيها كزهرتين ذابلتين لكنها رفعتهما أخيرا بحذر المتيقظ وربتت على كتفه بخفة كمن يطمئن وحشا جريحا.
قالت برقة تختبئ خلفها رغبة بالفرار
اذهب إلى النوم إذا... كمن يختطف كنزا خشي أن يسلبه
تجمدت سيرين مكانها تخشى أن تحرك ذرة فتوقظ ذلك الۏحش النائم ولم تجرؤ على إفلات يده إلا حين غاص في نوم عميق
بخطوات خفيفة واستدارت نحو الدرج عازمة على الصعود لجلب ما تحتاجه لاستخراج العينات.
لكن قبل أن تفلت من مدار جاذبيته امتدت يد كسولة كيد دب ثقيل وخطڤتها مرة أخرى
بصوت مبحوح نصفه حلم ونصفه يقظة سألها
إلى أين... تذهبين
عقدت حاجبيها في ضيق خاڤت. لماذا لا ينام نوم الغافلين بعد
قالت تحاول أن تضفي على صوتها مسحة من البرود
سأنظف المطبخ.
ضمھا مجددا يستغيث من خواء لا يملؤه سوى دفئها.
همس وهو يتخبط بين صحوه ومنامه كمن يناجي شبحا يلوذ به من غياهب الوعي
سأطلب من أحدهم أن ينظفه غدا... لا تتحركي... ابقي هنا...
كان صوته أشبه بنبضة کسيرة تتهادى في صمت الليل فتستقر في قلب سيرين
لم تجد أمامها سوى أن تستسلم لصمت الغرفة وأوامره المترنحة فتستلقي كما تستلقي أوراق الخريف على الطرقات المهجورة.
راودتها مچنونة أن تنهض أن تستجمع شتات نفسها وتحضر أدواتها وتحقق مبتغها وتفر غير أن النوم كان يحرسه كحارس أبدي كلما مالت أناملها نحو الرحيل انتفض من نومه كمن استشعر غدر العابرين.
لم تكن تدري أن نومه هش كهشيم العشب تحت أقدام الراحلين.
لو كانت تدري لزادته منوما في شرابه حتى يغوص في سبات لا يقظة بعده.
لكن القدر كعادته سخر منها إذ لم يذق قطرة ماء لأحضان النوم.
تعليقات



×