رواية حبل الوريد الفصل التاسع 9 بقلم ياسمين عادل


 رواية حبل الوريد الفصل التاسع 

      _كيف أتى إليه هذا الصبر وهذه السكينة ليستطيع كبح الغضب الذي نشب بداخله .. أراد لو يفتك به ويدمر هذا المكان بعنف شديد لينفث عن ثورتهُ .. 
ولكنه منع هذه الرغبة القاتلة بمعجزة حقيقية ، تطلع لرد فعلها والذي كان مُسكنًا لآلامهُ .. 
حيث دفعتهُ عنها بشكل فج ورغم إنها غمغمت بصوت خفيض ، إلا إنه أستطاع إستنتاج إنها كانت توبخهُ بشدة و :

- إنت إزاي تجرؤ تعمل كدا ! 
قُصي مُدعيًا حسن نيته : أنتي أكيد فهمتيني غلط ، أنا مقصدتش أزعلك

   _ شملت المُحيطين بنظرة خاطفة ، ثم أعادت النظر نحوه بنظرات مُقيته وهي تردد :

- أنا هعرف شغلي معاك بس مش هنا ، لا ده مكانهُ ولا وقتهُ

    _ كانت رؤيتهُ من قبل رفيقاتها يسيرة ، حيث رأته يسرا وهو يقف بمحلهُ وكأن ساقيهِ تجمدتا بمكانهما .. فـ أبتلعت ريقها بتخوف شديد وراحت تحذر '' كارمن  ''، فقد رأت بوميض عينيه مالا يُحمد عُقباه .. الآن أدركت حجم الكارثة التي أسقطت رفيقتها بها ، فـ لن يمر الأمر مرورًا كريمًا .. 
همست بجوار أذنيها وهي تردد :

- كارمن ، في حاجة حصلت مش كويسة أبدًا 
كارمن وقد تنغض جبينها بعدم فهم : إيـه ؟ 
يسرا وهي تتنحنح بحرج : ريـان! 

     _ وبشكل تلقائي رفعت كارمن رأسها لتبحث عنه بين الحاضرين .. وسرعان ما ألتقطتهُ عيناها ،  كان رذينًا في وقفتهُ ، مسلطًا حدقتيه عليها وينتظر أن تراه أو تشعر بوجودهُ حتى تحققت رغبته .. 
كانت تعابير وجهه غير طبيعية ، ولكنها فشلت في تخمين ما قد يقوم به في هذه اللحظة ، ولذلك تحركت سريعًا نحوهُ .. متمنية أن يمر اليوم بسلام .. فما كان منه إلا التحرك نحوها إيضًا ، حتى ألتقيا بنقطٍة بالمنتصف .. كادت تعتذر له وبشدة عن ما بدر منها وإغفالها للموعد المتفق عليه بينهما مع وضع تبريرات مقنعة حتى يقبل بأعذارها .. 
ولكنها تفاجئت به يبتسم في وجهها ويردد بنبرة حانية  : 

- كُل سنة وانتي طيبة ، كان نفسي أكون أول واحد أقولهالك بس سبقوني 

   _ تعجبت ! بل وأتسعت حدقتيها عن آخرها بعدم تصديق لرد الفعل هذا .. بينما أكمل هو حديثهُ و : 

- بس هتتعوض إن شاء الله 

     _ لاحظ بحنكتهُ هذه العيون المراقبة لهم ، فأراد أن لا يعطي له هذه الفرصة على طبق من الذهب .. وهي أن يتشمت بإنه إستطاع إثارة غيظهُ ، أبتسم ريان بهدوء وهو يفتح كفهُ أمامها ليلتقط كفها .. 
ثم طبع قُبلة رقيقة عليه وردد بعدها : 

- مش يلا بينا من هنا بقى ! كفاية إنك سيبتيني وقعدتي تحتفلي من غيري هنا
كارمن وهي تومئ رأسها بإيماءة خفيفة ومازالت الدهشة مسيطرة عليها : okey 

     _ سارت معه دون أن تُلفت الإنظار ، ولكنه لم يقوَ على الصمت أو ترك الأمر يمر هكذا.. لقد أعدّ لهذه الليلة منذ يومين ، حتى يفسد راحتهما ويتحقق مرادهُ ، ولكن الآن سار كل شئ مُعاكسًا لخطته مما أجج نيران الغيرة والغيظ معًا بداخلهُ .. فتحرك نحوهما وقناع البرود الزائف على وجهه لينطق بـ  :

- كارمن ! رايحة فين وسايبة الحفلة؟ 

    _ قالها وهو يقترب منهم ، فألتفت له ريـان بحركة متشنجة ورمقهُ بنظرة حادة وهو يردف :
- ملكش فيه 
قُصي وقد تنغض جبينه بإستنكار : أنا سألتها هي 
ريان وهو يقترب منه إقترابًا يوحي بالشر : هي دي تبقى تبعي ، تخصني من الآخر .. ولو عندك دم متفكرش تقرب منها تاني ، وإلا هـ ..... 
قُصي مقاطعًا له ببرود شديد : وإلا إيه ؟ 
ريان وقد أحتقنت عينيه بالدماء : وإلا رد فعلي مش هندم عليه ساعتها 
كارمن وهي تجوب المحيطين بناظريها : خلاص ياريان عشان خاطري ، آ.... 
ريان : متدخليش انتي

   _ لم يُحد ببصره عنه ، بل ظل يحفظ تقاسيم وجهه الباردة والمثيرة لأستفزازهُ ، ثم ردد بلهجة أكثر حدة  :

- أنا عارف انت بتفكر إزاي ، بس اللي في بالك ده مش هتنولهُ ولا في أحلامك

   _ أقترب منه خطوة، بينما قبضت كارمن على رسغهُ بتخوف شديد خشيًة من تهورهُ ، فرفع ريان سبابتهُ محذرًا وهو ينطق من بين أسنانهُ  :

- ولو قربت منها تاني ، هنسف الأرض اللي واقف عليها .. ومش هخليلك درع تتحامى فيه مني ، ده تحذير 

    _ سحبها ريان بتهذيب ، وولج بها خارج المقهى .. وسط مراقبة شقيقها '' كريم '' لها ، لقد بات الأمر أمامهُ گورقات الـ ( الكوتشينة ) كلٌ مكشوف أمامهُ .. 
لم يعترض طريق ريان ، بل إنه كان راضيًا عن أسلوبهُ مع '' قُصي  '' .. ولكن ما يخشاه ، هو أن معرفتهُ بريان ليست بقوية حتى يتعرف على جديتهُ أو صدق نواياه نحو شقيقتهُ ، ولذلك قرر أن لا يترك هذا الأمر الليلة دون حلّ. 

.................................................................. 

        _ أبتعد بها مسافة مقبولة من محيط الفندق ، وما أن تأكد من المكان المناسب .. توقف فجأة عن السير وألتفت نحوها وقد غزت القسوة ملامحهُ وهو يصيح فيها :

- إيـه اللي هببتيه ده ! إزاي تقبلي واحد زي ده يعمل معاكي كدا ؟ 
كارمن وقد تفاجئت من رياح غضبهُ التي لطمتها : آ.. ريـ..... 
ريان وهو يتابع صياحهُ المرتفع  : أنا كنت حاسس إن وجوده هنا وراه سبب ، لكن اللي مش قادر أفسرهُ إزاي سيبتي الفرصة إنكو تتجمعوا في مكان واحد ، هو انتي شيفاني إيه قدامك ! هوا ؟ ولا شفـاف ! 
كارمن وقد بدأت الدموع تتجمع بين جفنيها : والله أنـ .... 
ريان مقاطعًا لها بنبرة عنيفة  : انتي إيه ! 
سيباني قاعد مستنيكي والهانم مش فاضية ! رايحة تحتفل مع الإنسان الوحيد اللي قولتلها إبعدي عنه، وهو هو نفس الإنسان اللي بيحارب عشان ياخدك مني .. سبحان الله على الصدف 

    _ لم تعد عينيها تحتمل هذا الكمّ من الدموع التي تكونت بداخلهما .. ففاضت به رغمًا عنها وهي تهدر بصوتها المتحشرج  : 

- أنا مكنتش أعرف حاجة ! كريم هو اللي عملي المفاجأة مع يسرا ونهاد ، واتفاجئت بيه موجود وسط كل زمايلي والمشرفين بتوعي ، يعني كنت أعمل إيه ! 
ريان وقد أنفجر بصوته فيها : على الأقل مكنتيش تقفي جمبه لحد ما سيبتي الفرصة إنه يلمس حتة فيكي ياهانـم ! 

   _ قالها وهو يشير بسبابته نحو جبهتها التي تلقت قُبلة منذ قليل .. فأحنت رأسها بإختناق ، وقد أمتزج صوتها بصوت بكائها الصامت  : 

- مكنتش متخيلة التصرف ده منهُ ، وبعدين كفاية تزعقلي أنا محدش بيزعقلي كدا ! 
- والله أزعق براحتي ! 

   _ أستدارت بجسدها ليكون ظهرها قبالتهُ ، وراحت تنزح هذه الدموع التي أنسدلت على وجنتيها .. 
فأستمع هو لهذا الآنين الخافت الذي صدر منها، فأختنق صدرهُ وعاتب حالهُ على قسوتهُ معها .. زفر زفيرًا مختنقًا خارج صدرهُ ، وقد ضرب رأسه هذا المشهد من جديد ، عندما أنحنى قُصي برأسه ليقّبل جبهتها .. فزادت ثورة قلبه وهو يضغط على قبضتيه ليضربهما سويًا بصورة عنيفة .. 
ظل الوضع ثابتًا بينهما لم يتغير لبضع دقائق .. أجتهد فيها ريان لكي يكظم غيظهُ ويدفن غضبهُ بداخله ، فـ كفى توبيخًا لها وتحميلها الذنب كاملًا .. بينما حُشرت هي بزاوية الأمر ، 
كان صوت أنفاسها المضطربة والتي أمتزجت مع صوت حشرجة خفيفة في آنينها ، فأختنقت أنفاسهُ وتقدم سريعًا نحوهالـ يقف في موازاتها  .. في حين أستعدت هي لتنصرف وتتركهُ بمفردهُ عقب تهورهُ معها بهذا الشكل الغير مسبوق ، ولكن طوق ذراعيها وهو يردد بضجر  :

- أنتي هتمشي وتسيبيني بعد كل ده ! 
كارمن وهي تتحكم بنبرة صوتها الباكية وتدفعهُ برفق : آه همشي ، نزل إيدك من عليا 
ريان محاولًا تقليد صوتها الباكي بمداعبة : لأ 
كارمن وهي تعقد ساعديها أمام صدرها متذمرة : إنت إزاي تعمل معايا كدا ! أنا مغلطش في حاجة
ريان وقد أنعقد حاجبيه بسخط : بس متقوليش مغلطش ! إنتي عارفة إنك غلطانة بلاش مأوحة 
كارمن : حتى لو غلطانة ، متوصلش إنك تشخط فيا بالطريقة دي
ريان وهو يطلق تنهيدة مختنقة من صدرهُ  : أنا مقدرتش أكلمك قدام حد ، وأستنيت نكون لوحدنا
كارمن وقد أتسعت عينيها عن آخرها  : كمان ! ماهو ده اللي ناقص! 

   _ لم يُطيل في محاولاتهُ لمصالحتها ، بل أراد أن يكون ذلك بالفعل وليس بالقول كما اعتاد دائمًا معها .. 
فهو يؤمن بأن الحُب أفعالًا لا أقوالًا . 
أمسك بيدها وجذبها معهُ عنوًة وهو يردد :

- طب تعالي معايا 
كارمن وهي تحاول أن تستل منه : لأ سيبني 
ريان متمسكًا بكفها أكثر  : أمشي بهدوء ياحياتي ، بدل ما نروح بطريقة تانية

   _ ألتفت فجأة لترتد هي برأسها للخلف ، ثم همس بنبرة واضحة  :
- وانتي مجرباني طبعًا ؟ 
  
   _ تابع سيرهُ حتى شعر بإقترابهُ من المكان الذي أعدّه خصيصًا لأجلها .. فتوقف وهو يتابع قائلًا :

- إدي ضهرك للمكان
كارمن بعدم فهم : نعم ! 
ريان : يعني أمشي بضهرك
كارمن وقد تقوست شفتيها بإستنكار  : أمشي بضهري ! 
ريان وهو يجبرها بلطف على الألتفات ، ثم دفعها برفق لتسير بشكل مُعاكس  : لسه هنتناقش ! مش كفاية ضيعتي ساعة ونص جوا ! 

   _ نظر نحو الطريق ليتابعهُ ، ثم قال محذرًا  :
- حاسبي في درجة هتنزليها

    _ لم تكن بمسافة طويلة ، فقط عدة أمتار حتى شعرت بقدميها تنغرز بالرمال ، فأستنتجت إنها على مقربة شديدة من البحر .. بديهيًا أدركت إنه صمم مفاجأة من إنتاجهُ وإخراجهُ ، ولكنها أدعت جهلها وراحت تردد بإصطناع  :

- إحنا رايحين فين ! 
ريان وهو يبتسم بلطف  : هتعرفي حالًا  

   _ أوقفها وجعلها تستدير لتكون في مواجهة هذا المشهد .. 
طاولة صغيرة على شاطئ البحر ، مُحاطة بالورود الصغيرة والبالونات المطاطية المُضيئة التي راحت تطير بالهواء أسفل ستار الليل .. 
وأنتشرت الشموع المُطفأة أعلى الطاولة تحيط قالب من الحلوى طُبعت صورتها عليه .. 
شهقت بصدمة وهي تتفحص تفاصيل كل شئ ، لم تكن تدري إنهُ متذكرًا عيد مولدها أيضًا ويعد له دون علمها ، 
فعلتهُ جعلتها تتناسى حنقها منه ، وعايشت هذه اللحظات بإستمتاع شديد دون أن تُعكر صفوها .. 
ألتفتت برأسها وهي تهتف بلهجة سعيدة  :

- إنت حد جميل أوي
ريان وقد أرتفع حاجبيه بإندهاش  : حد جميل ! 
كارمن وهي تهز رأسها گالبلهاء : قصدي يعني بحبك أوي 
ريان وهو يقترب برأسه منها ليكون أقرب من أذنيها  : حاف كدا ؟  مفيش بوسة هنا حضن هنا 

   _ قالها وهو يشير نحو صدغيهِ الأيمن والأيسر ، ثم تابع بحزن مصطنع  :

- مش لازم كُل مرة أفكرك إني يتيم ومفتقد حنان الأم
كارمن وهي تضحك من مداعبتهُ الشقية لها : بس كدا ! 

    _ وبكفيها الأملسين لثمت وجههُ  ، لتطبع قبلتين صغيرتين على جانبي الوجه .. ونطقت وهي تداعب بشرتهُ الحنطية  :

- ربنا يخليك ليا ياحياتي 
ريان وقد علقت عينيه على حدقتيها المتلونتين : كارمن ، متسيبيش فرصة لحد يبعدك عني .. أنا مسكت نفسي عشانك وعشان الموجودين

   _ تحسست موضع غمازتيهِ ، ثم تابعت بصوت رقيق وهي تشير نحوهما  :

- صدقني محدش يقدر ، أطمن .. هتلاقيني دايمًا ، زي ضحكة مبتفرقكش أبدًا

   _ راق له تشبيهها كثيرًا ، فأنفرج محياه بسعادة وهو ينطق بـ :
- يبقى مش هبطل أضحك
- ده اللي انا عيزاه أساسًا
- طب غمضي عينك 

   _ أطبقت جفنيها دون تفكير ، فـ استدار حولها ليكون بالخلف .. ثم أخرج من جيبهُ عُلبة مخملية تحمل قلادة رقيقة ، ذات فص ماسي بالمنتصف .. 
حاوط عنقها بذراعيهِ ليتمكن من تلبيسها إياها ، أزاح خصلات شعرها للخلف وبدون قصد لمس مؤخرة رقبتها .. فأصابها بقشعريرة لذيذة جعلتها تهز كتفيها ، فقهقه بصوت مسموع وهو يردد : 

- انا لسه مجيتش جمبك ياكوكي

   _ تمكن من إغلاقها بسهولة ، فقال بنبرة متحمسة  :

- ها ، فتحي وقوليلي رأيك

   _ فتحت عينيها ولكنها لم تتمكن من رؤيتها ، حيث كانت تطوق نحرها غير متدلية .. 
ولكنها تلمستها وتخيلت شكلها بمخيلتها ، فـ أبتسمت بسعادة وهي تقول  :

- اللّه ، شكلها حلو أوي 
ريان وهو يتأمل هيئتها بتمعن، ثم همس بشوق : أحلى واحدة في البنات 

    _ أخرج هاتفهُ من جيب بنطالهُ ، ثم فتح تطبيق الكاميرا ليقوم بتصويرها عدة صور بأوضاع مختلفة .. فتمايلت ولونت وقفتها لتبدو أجمل ، وعقب أن أنتهى سحبها برفق ليجلسها أولًا ثم جلس قبالتها .. أشار لأحدهم ، فوجدت عازف آلة الـجيتار يقترب منهم ليأخذ محلهُ ويبدأ في عزف أحد المقطوعات الموسيقية .. 
قام بإشعال الشموع ، فأطفئتها النسمات الليلية اللطيفة .. فضحك وهو يردد :

- مفكرتش في حكاية الهوا دي ! 
- مش لازم ، أنا كدا مبسوطة 
ريان وهو يشير نحو نحرها : السلسلة دي مينفعش تتقلع ، ممنوع
كارمن وهي تتحسسها بسعادة : أبدًا مش هتفارقني

   _ بدأ هو في تقطيع قالب الحلوى لتفسد صورتها المطبوعة عليه ، فـ مازحها وهو يقول  : 

- معلش بقا هشلفطلك وشك

    _ وقعت عينيها على هذا الخاتم التي وُضع بأصبعها رغمًا عنها ، فتبدلت ملامحها .. ولكنها أجتهدت لتواري ذلك وراحت تشاركهُ الضحك ، وأثناء تقطيعهُ للقالب .. وارت يديها أسفل الطاولة لتنزع هذا الخاتم من يديها ، فوجدت صعوبة في ذلك وكأنه لا يرغب بمفارقتها گـصاحبهُ .. 
أمتعضت ملامحها وهي تحاول أن تنتزعهُ بعنف ، حتى تأذى جلدها ولكنها لم تهتم.. ولم يهمد ذهنها قبل أن تتخلص منه ، حيث ألقته ونثرت فوقه حبات الرمال ليندفن أسفلها ، وهنا فقط أستطاعت أن تتنفس بحرية ، وكأن قيدها قد حُلّ . 

............................................................... 

         _ لو كان الأمر بإستطاعتها ما تركتهُ هذه الليلة ، فقد كان عيد مولد مميزًا لها رغم ما حدث فيه من مُشادات .. 
ولجت من بوابة الفندق وعلى وجهها رُسمت السعادة ، فوجدت شقيقها في انتظارها بالبهو الفسيح .. 
تقلصت عضلات وجهها وهي تتجه نحوه ، وقبيل أن تسبقهُ بالحديث قال هو  :

- أنا عايزك في موضوع مهم ، جـدًا
كارمن وقد أستطاعت التخمين : موضوع إيه ؟ 
كريم : ريـان 
كارمن وهي تعض على شفتيها بحرج : كريـم أنـ.... 
كريم : أنا عرفت كل حاجة ، ومش جاي ألومك ولا احاسبك .. عارف إن بابا مانعني أتدخل في حاجة تخصك ، لكـن ! 
كارمن بنبرة معترضة  : كريم ! إنت أخويا .. وانا مش مضايقة إنك تتدخل ، بالعكس كنت عايزة أحكيلك بس استنيت الوقت المناسب
كريم بضيق بيّن : وانا كان نفسي تيجي منك ومعرفش من بره 

   _ جذبها نحو الأرائك المخملية وهو يردد :
- تعالي نقعد هنا في الرسيبشن ( الإستقبال) شوية

    _ سارت معهُ حتى جلسا ، فـ بادرت هي بالحديث حتى تقطع شكوك أخيها و ....  :
- كريم ، ريان عمرهُ ما كان مصدر للشك بالنسبالي ، أنا متأكدة إنك هتحبهُ جدًا لما تعرفه ، هو راجل أوي ومن ساعة ما عرفتهُ مشوفتش منهُ غير كل حاجة حلوة
كريم : وبعدين ! 
كارمن وهي تضغط على شفتيها بحرج شديد : هو بيحبني وعايز يـ ... يعني .... 
كريم محاولًا تقليص المسافات : يتـجـوزك ؟ 
كارمن وهي تهز رأسها بالإيجاب : آه ، بس انا اللي بتحجج عشان أطول فترة تعارفنا لحد ما اخلص الماچيستير
كريم بملامح أصابها الإستغراب : وتتحججي ليه ! ؟ إنتي مش بتحبيه ! 
كارمن بنبرة متلهفة : لالا ، بحبه ، بس ! 
فكرة الجواز ومسؤليته بالنسبالي فكرة مُخيفة ، عايزاه دايمًا جمبي ، بس خايفة نتغير لما نتجوز 
كريم بعد فهم  : يـعني ! ؟
كارمن بفارغ صبر : يعني ولا حاجة ، أنا أصلًا مش فهماني عشان أفهمك .. بس كل اللي لازم تعرفه إني مقدرش أستغنى عن وجودهُ في حياتي ، ده النعمة اللي أترزقت بيها
كريم وكأنه يدفعها للقدوم على الأمر  : اللي بيحب مبيتغيرش ياكارمن ، طول ماانتي واثقة فيه وفي شخصيته خلاص ، الطبع مش قابل للتطبع .. يعني اللي شيفاه وعايشة معاه قصة حب دلوقتي هو اللي هتشاركي معاه حياتك بعد الجواز 

    _ ما هذه الراحة التي أستشعرتها! 
كان حديث شقيقها دعم مُكثف لها ، جعلها تتحمس بشدة لتتويج علاقتهم ومنحها الشكل الرسمي والمُعلن .. أطمئنت أكثر وقررت عدم ترك الأيام تمر من بين أصابعهم ، كفاهم ما مضى . 

.............................................................. 

      (( عودة للوقت الحالي )) 

    _ كانت أيامًا غاية في الصعوبة ، سعى فيها بكل طاقتهُ ومجهودهُ لإستعادة مجد شركاتهُ وشركات والدهُ ، جلس ريـان خلف مكتبهُ وقد أكتظ سطح المكتب بالمستندات الورقية العديدة .. كان يبحث عن أصغر الثغرات التي سـ تُعينهُ من أجل الحصول على هذه القروض الضخمة من البنوك لتغطية ديون الشركة والنهوض بمشروعاتها من جديد .. خاصًة وإنه قرر عدم اللجوء لشركاء الشركة من الأجانب والمستثمرين .. 
يُقلب صفحات الملف وينتقل من ملف لآخر بتركيز شديد ، ويقوم بتدوين بعض الملاحظات في ورقة خارجية .. 
قطع تركيزهُ قرعات خافتة على باب الحجرة ، فرفع بصرهُ منتظرًا دخول الطارق عقب أن سمح بالدخول ، ليجد السكرتيرة الخاصة به تتقدم نحو مكتبهُ .. 
أمسك قدح قهوتهُ وبدأ يرتشف منها ، ثم ردد بصوت خشن :

- خير ! 
السكرتيرة بثبات رسمي  : كارمن هانم برا وعايزة تقابل حضرتك  

    _ سقط قدح القهوة خاصتهُ من بين يديه على سطح مكتبهُ .. ونهض من أعلى مقعدهُ بإرتباك شديد ، حاول أن ينقذ ما يستطيع إنقاذهُ ولكن فسدت الكثير من الملفات .. بدت أنفاسهُ سريعة وهو يرفع بصرهُ نحوها وينطق بتوتر شديد  :

- مـين ! بتـ بقولي مين  ؟
السكرتيرة وقد أصابها الإرتباك أيضًا  : كارمن ، كارمن هانم
ريان وهو يبتلع ريقهُ بقلق شديد : كـارمن ! طب ليه ؟....... 
......................................................... 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1