![]() |
رواية غراب الياقوت الفصل الاول بقلم رحمة أيمن
الساعة 8:30 صباحاً
لَما الحياة ترميلك فرصة تحت رجلك وتكون عارف انها ممكن تغّير مخططات كتير بتفكر فيها وقتها لتجازف وتغتنمها لضيع منك وتندم وصدقني مجازفة مع تحديات احسن بكتير من ركود مع ندم
تتوقع إيه الفرصة اللي بتكلم عنها ؟ جه في بالك بني ادم مشاكس مطّلع عين اللي جبنا؟! اكيد لأ
فتعالى اقولك إيه الفرصة الغريبة دي!
أنا ياقوت الريداني.. ودي قصتي.
دخلت الشركة بكعبي العالي وصوته اللي برن علي الارضيه الزجاجيه، لَبسه حجابي الشرعي علي هدومي الفضفاضه وسمّاعه تحته رادف صوتها في ودنيي صوت عالي وخناقه اكدب لو أقول انها جديدة أو غريبة علينا
هو ينفع نسال السؤال ده وموجود البشمهندس يزن معانا في مكان واحد ده حته عيب في حقه يخي!
دخلت بهيبتي المعتادة لكن الفرق مكانش تجاهلي المعتاد
قربت من المكان اكتر
قربت من مصدر الصوت اكتر واكتر
قربت من البني أدم المرمي علي الارض ووشه متشوه حرفياً أكتر وأكتر
نزلت قدامه بفستاني الاسود الواسع علي ركبه ونص قدامهم كلهم!
المكان هدى حوّليا، عيون متسلطه عليا بزيادة عكس كل مرة ، كل جوز منهم بتقول حكاية شكل وعندهم توقعات مختلفة وبكذا فكر لكن الاكيد انه الدهشة واحدة علي وجه الكل بلا منازع
ابتسمت بهدوء لجوز العيون البستانيه اللي قدامي وبتبُصّلي بسقيع وعدم إهتمام روِشني وده المعتاد من اكتر مُسبب لصداع والمشاكل والحوارات في شركتنا.. يزن السباعي.
قدمت لي قزازة الماية اللي كانت في ايدي اليمين مع علبة مناديل صُغيرة جنبها وانا بقول بهدوء وصوت عالي نسياً عشان الكل يسمع
" طبعاً بمشكلة النهاردة هتتحول لقسم تاني غير اللي انت فيه حالياً وانا بعرض عليك قدام كل الاقسام والفرق والزمايل المحترمين بأنك تدخل فريقي وتكون جزء منه وطبعاً هيكون شرف ليك قبل ما يكون شرف لينا بوجودك فيه ومنتظره ردك علي عرضي.. بشمهندس يزن»
سمعت صوت موسيقى قوية في الباك روند عندي لزوم السسبنس مع دقات قلبي العالية من التصدي لعيونه وصدمتها عكس طبعي بغض بصري لكن حركت عيوني بعد كلامي بثقه عنه وانا بقوم من جلستي وبسمع الاصوات حواليا بصخب طبيعي بعد القنبلة الموقوته اللي دلقتها قدامهم وتحركت بهدوء ولا كأنى قولتله صباح الخير وتحركت بدون حتى ما اوضح او حد يعترض طريقي..
وده ليه؟ عشان انا مش اي حد في الشركة انا ليا وضعي هنا، آه معلش مش حتت واحد بعيون خضره هيدمرهولي وحتى لو كان القرار ده هيدمره كده كده..
~~~~~~~~~~~
« انتي عايزة تجلطيني صح؟! يبنتي مابصعبش عليكي ارحمممي أمي! »
« سيف! بتبقي مُعصب أوي لما بتأفور كده! مش فهمه انت مُعصب ليه بجد؟ »
« وحياة خالتك! أن... أنا... يا ربببب! يا رببب الصبر من عندك يا ررررب! »
حطيت كف إيدي علي حجابي البرغندي وانا بنفخ بضجر منتظره يخلص خناق مع دبان وشه عشان ارد عليه
شحال مكنتش رئيسته في الشغل ومفروض يقولي يا رئيسة ياقوت قليل الرباية!
لأ بصراحة بعد اللي قولته استحق يرميني من البلكونة عادي
اعرفكم ده سيف دراعي اليمين ولقبه« صقر » وانا اللي طلعته عليه لدقة ملاحظته وفطنته ورجاحة عقله
بحب كبريائه وعزة نفسه وانه عمره ما يجازف غير لما يتاكد اننا هنفوز او هننجح 100 في الميه
شبه الصقر اوي بجد عشان كده مستخصرتش فيه اللقب ده واخر حاجه خلتني اعمتده كلقب انه عيونه حاده زيه وانه غيور علينا اوي ومابحبش التطفل من بره وعلي طول جاد وكشري ومتعصب زي ما احنا شايفين كده..
عنده 28 سنة، هو اكبر مني حصل
انا اصغر منه و رئيسته في الشغل ومفروض يحترمني حصل برضه، لكن هنقول إيه برستيجي واقع قدام فريقي.
انا ياقوت الجارحي 25 سنة، رئيسة قسم الانشاء والتصميم في الشركة وهذا من فضل ربي ثم بابا ثم تعبي انا وفريقي بعد كده ..
« صقور! خلّص عشان الاجتماع هيبدأ ومستعجلين»
« يااقوت! ياقوت انا مابهزرش البني أدم ده بتاع مشاكل وهمجي ومابهموش حد وهيقرفنا وهيسبب سمعة زي الزفت لفريقنا واحنا معروف عننا انه احنا فريق ناجح وقوي وماصدقنا وضعنا استقر، ليه عايزة اتدمري الفريق بشكل ده وتزرعي وسطينا وهو اصلا مبتعاملش ولا بطيق بشر وهيفضحنا افهمي انتي بتغلطي بقرارك ده بتغلطي! »
تنهدت بقلة حيلة بعد ما شفت حالته والاحمرار اللي احتل بشرته الخمرية وعيونه البُندقيه المنتشر حواليها الاحمر زي السهام الحديدية فهنا قررت ادّخل ورديت عليه اريحه وافهمه وجهة نظري
« نسيت تقول برغم يا صقر ، برغم انه همجي ألا انه ذكى في شغلة بطريقة مفجعه!
برغم انه بتاع مشاكل الا انه لو هدي واستخدم عقله ولجم عصبيته ومفردش لسانه امه ده علي الناس هيكون في حته تانية هو مش مدركة اصلا
البني ادم ده لو بقى معانا يا صقر اقسم بالله لنكون في حته تانية وانا بأكدلك»
ضحك وبرق بستغراب واستهزاء فهماه وماقدرش الومه بصراحه
« شغل! شغل مين يام شغل انتي، انتي بتقولي نكته ولا إيه! مين ده اللي ذكي يا عديمه النظر والشفافيه! ده بقاله سنتين هنا مابعملش حاجه غير انه بيرازي في خلق الله ويفقده أعصابهم عليه ويضربه ويمشي بمنتهى البرود وهكذا وكأنه متبرمج علي استفزاز الخَلق!
ده وشه عمره ما صفيه يومين علي بعض من الضرب اللي بياخده!
ده مالمسش قلم يا شيخه من ساعة ما دخل الشركة دي ولا مسك مشروع واحد يوحد ربنا حتى هه وعايزة تقوليلي بعد ده كله شاطر في شغله؟!!»
تؤ، غلطان يا صقر!
ذكاء البني ادم ده غير عادي يا صقور
عبقرى ودماغة متكلفة وعنده دقة ومهارات لو حلفتلك من هنا لسنة الجاية انى مشفتهاش في مخلوق غيره طول مسيرتي كلها في الشغل ما هتصدق
اساساً مكانه مش هنا ولا انه يكون في المستوى القليل ده
لكن تعرفوا اللي مضيعه إيه؟
لسانه الطويل وردوده وقحه ووسامة ملامحه اللي مش عارفين نشوفها من كتر الضرب اللي بياخده فعلاً
اممم عرفت حقيقته منين.. فيكم تقولوا بحث سنين هو كان بطله!
« روحتي فين يا أستاذه؟! »
« احم هنا وياريت تفهم وتثق في كلامي يا صقر، البني ادم ده دماغه شغاله وشاطر وانا عارفه بقولك إيه»
تنهد وربع ايده بثقه ورد بإختصار فهماه فيه
« تمام يا بشمهندسة ياقوت زي ما تحبي لكن الاخلاق ساعات كتير بتكون اهم من الذكاء والشطارة!»
عرفت انه لمَا قال بشمهندسة انه فترة الشغل بدأت وانه الاجتماع ابتدا من اللحظة دي ومابقتش ياقوت الاخت الكبيرة والصحبة الجدعة والقدوة الحَسنة
لكن بقيت...رئيسة قسم التصميم والانشاء والديكور البشمهندسة ياقوت.
واكتر حاجة اثبتت صحة كلامي دخول إبهار المشعنن
المسؤول عن « الألوان والديكور»
وعبد الرحمن.. الملقب بميسترو الحاسوب « برمجة »
أميرة أكبرنا سناً « ميزانيات»
كريم ومراته ملك « الاتصالات والاعمال الفرعية»
شمس « التصميم المصُغ، علي الحاسوب بكل اشكاله»
واخيرا سيف « إدارة»
ولو يزن دخل هيبقي « إدراة» معانا انا وصقر ده ممكن يقلب الموازين اكتر لكن هو ما يستحقش غير انه يكون في المكانة دي، هو بس يرضى ويوافق وانا هعلي، هخلي يحلم يطول النجوم، ولما يوصل هشجعه بالمجرات المجاورة
فهو لا حصر لمهاراته وانا لا حصر لثقتي فيها
حد هيكون لماح وهيقول شكلها واقع من الدور العاشر وهتفضحنا، هو الحقيقة آه
انا واقعة من الدور العاشر حصل وبحبه
لكن اطمنه مفضحتكوش.. لسه يعني محصلش
« بشمهندسة ياقوت، عرفنا بقرارك من برة قبل ما ندخل، حبّ توضحي لينا وجهة نظرك»
كان ده اكيد إبهار اللي لو مكانش وقت الاجتماع بدأ كان شردلي انا وسلالتي كلهم لكن فريقي بيعرف يفرق بين الشغل والحياة الشخصية زي ما علمته
والحمد لله الشغل جه لصلحي المرادي
رفعت القلم ارد علي سؤاله المتعلق
« طبعاً يا إبهار هوضحلك لكن حالياً هنبدأ في المشروع لاننا متاخرين جداً، الورق فين يا ميسترو يلا أجهز »
حرك راسه بمعني جاهز فابتسمت وانتهى الاجتماع في وقته المحدد ولحسن حظي جه عميل جديد في نص الاجتماع وطبعاً انتظرنا لما نخلص الاجتماع و قابلته والحمد لله إبهار منفردش بيا لحد دلوقتي وألا انا عارفة كويس هيحصلي إيه...
« طيب انا معاك لكن التكلفة هتكون عاليا جداً علي تصميم زي ده فانت موجود في ميزانيتك قد إيه عشان اقدر اوضحلك من خلاله»
ابتسم العميل براحة لسؤالي وكأنه كان منتظره ولسه هيرد حصل إقتحام عجيب لأوضة مكتبي علي غير العادة وده طبعاً ميعملوش أي حد
« انتي مين اداكي الحق انك تنقليني فريقك بدون أذني ولا موافقتي، انتي فاكرة نفسك فين يا استاذة في الشلتون؟! »
« انت ازاي تسمح لنفسك تدخل بشكل السوقي ده، في حاجه اسمها باب نخبط عليه!»
ضحك بإستهزاء وهو بقرب ناحيتي بجنان واحد هيرتكب جريمة ونطق بعصبية هزتني رغم ثباتي الدائم
« لتروحي تتنازلي عن قرارك الغبي ده في نقلي»
« غبي! »
« لاما وحيات أمي لكسر المكتب ده فوق نفوخك، مش علي اخر الزمن تترأسني واحدة ست!»
عصبني! وما ادراك ما عصبية ياقوت! يمكن اكون ابرد تلاجه هنا بعد البأف ده لكن خرجني عن شعوري بحجم عصبيته الطاغي ده واذا فاكر نفسه حاجة فانا هنزّل غروره ده الارض وبكره يعرف مين ياقوت الريداني..
اتقابلت العيون النارية لكن هنشوف مين هيفوز بحرب الكلمات، ابو عيون الزمُرد في حِدتها ولا عيون بنت الياقوت فى زُرقتها...