رواية أنثوفيليا (كامله جميع الفصول) بقلم يارا حسين



رواية أنثوفيليا الفصل الاول بقلم يارا حسين 




___________________________♡♡♡
كان الشيخ سمير مصطفى في عقيدة القضاء والقدر بيقول أنه في زاوية في القدر مُظلمة مكتوب على بابها لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون.. 

خدي بالك منها والزمي حدك علشان أنت (عبد) شهدت لله بالعلم التام والحكمة التامة.. 

أشهد يا رب أنّك أعطيتني أكثر مما طلبت، وأي حرمان ما هو إلا بسبب ذنبي..

سبحانك الحكيم، العليم، الواسع! 
تعلم ولا أعلم وأنت علّام الغيوب.) 
____________________________♡♡♡

في حي مدينة نصر حيث تعيش بعض من الطبقه المتوسطه وحيث الهدوء والاشجار والبشر الهادئين 
وبكل فرد يسير في الشارع ومعه متلازمه او تروما او تعقيد من امر ما،وبعقار ليس بحديث البناء وبشقة عاديه وعلي مائدة الافطار تحضر الام "أمنية" الطعام لأبنائها فخرجت الابنه الاولى لها وتُدعى"خلود" فتاة بنهاية العقد الثاني تعمل مُرشده سياحيه ورغم صغر عُمرها إلا انها تستطيع التحدث بعشر لُغات، تمتلك جمالًا عاديًا وشعر ليس بطويل ولا بقصير مجعد بعض الشيء بالاضافة الي بشرتها البيضاء بجانب تلك الهالات السوداء اسفل عيناها البُنيه ولكن برغم كل هذا فهي تمتلك قبول مذهل 

أما عن الام التي قاربت أن تنهي العقد الخامس لها فهي بعدما مات والدهم قامت هي بتربية الابناء 
فـ "خلود" تمتلك اخًا اخر وهو يُدعى "كريم" او الفتى المدلل لوالدته في بداية العقد الثاني، وهو في الفرقة الثالثه بكلية الطب طويل قليلًا ولكنه نحيف بعض الشيء يمتلك نفس عيون شقيقته 

بعدما وضعت الام الاطباق ذهبت إلى غرفة "كريم" لكي يقوم من النوم فهمست "خلود" بضيق وتعصب وهي تضع اللقمه الاولى بفمها: 

_هتروح تصحى حبيب ماما، بجد الواحد اتخنق من البيت بالي فيه، مش عارفه ليه بتحسسني انه طفل صُغير ومش هيقدر يقوم لوحده، دلع علي الفاضي

وبعد مدة قصيره خرج "كريم" وبجانبه والدته التي كانت مبتسمه ثم جلسوا علي المائده والصمت يعوم المكان فبداءت الام بالحديث قائله: 
_قولي يا "كريم" يا حبيبي تحب اعمل اكل ايه علي الغد انهارده؟! 

رفع هو نظره وبداء بتفكير قليلًا ثم قال: 
_رز وبسله بالحمه، وكمان شوية سلطة ويبقا كدا حلو اوي

ابتسمت الام بأهتمام وكادت ان تتكلم ولكن قاطعتها "خلود" بضيق وغضب لأنها لم تسألها ما تريد فقالت: 

_بس انا مش بحب البسله ولا اللحمه، ممكن تعمليلي ملوخيه، انا كمان! 

_بس اخوكِ بيحب البسله إنتِ مش بتحبيها فـ مش مهم، ابقي كُلي رز وسلطه وخلاص، انا مش هعمل مية صنف عشانك يعني. 

أحمر وجهه من الغضب ولكنها هدأت قليلًا وشعرت ان هذا الموقف مرا عليها من قبل فاضافة الام بعدم أهتمام قائله: 

_وصحيح اوعي تنسى تزودي مصروف اخوكِ الولد كبر علي الكام الف اللي بترميهم ليه كل شهر 

قهر ألم خذلان اشياء كثيره بقلبها فقالت بحنقه قبل ان تقون من مقعدها: 

_واللهِ لو عاوز مصروف زياده يشتغل ويصرف علي نفسه، لأني تعبت انا بشتغل شغلانتين عشان خاطر البيه ميكونش نقصه حاجه، كمان هزود انا مش بلاقي الفلوس في الشارع. 

ثم تركتهم واخذت حقيبتها وغادرت المنزل تضايقت الام من ردة فعل ابنتها فقالت لـ "كريم" بحنوٍ: 

_انا هديك ست تلاف فوق الفلوس اللي هي بتديها ليك ولا تزعل نفسك خالص يا حبيب ماما

ابتسم "كريم" بمكر وهو يُقبل رأس والدته 

__________________________♡♡♡

بالشقه المجاوره لـ "خلود" عائلة بسيطه يميزها الحنان والأهتمام يجلس الدكتور "سديم محمد" امام والده وهو يقنعه بأنه يُريد الزواج فـ "سديم" شاب بمنتصف العقد الثالث من عمره طويل القامه وعريض البنِيه يمتلك بشره بيضاء التي تميزها اللحيه الخفيفه والابتسامه الدائمه والعيون العسلي الرائعه فهو شاب ذو خلق ودين يُحب أبنة الجيران كما يقولون وهي "خلود" ولكنها لا تعلم مشاعره فهي تكره الرجال بشده 

_يا بابا انا والله عندي خمسه وتلاتين سنه، يعني كبير بما يكفي اني اتجوز، واكون اسرة وارببي عيال سويين نفسيًا، وبعدين انت شايف البنت كل شويه يجلها عريس ومن حسن حظي انها بترفض

قالها "سديم" بتعاطف وهو يُحاول ان يُقنع والده بأن يوافق فرد السيد "محمد" بحكمه وهو يقول: 

_بص يا حبيبي انا عارف وواثق ان ابني يقدر يتحمل مسئوليه، بس طالما البنت بترفض يبقا مستنيه واحد معين، او ممكن تكون مش بتفكر في الجواز اصلًا فـ قبل ما تروح وتتقدم لازم تخلي مامتك او اختك يسألو البنت بدل ما تسبب إحراج لنفسك

اخذ "سديم" نفسًا عميقًا وقال: 

_حاضر يا بابا هخلي "روان" تسألها، واكيد هتجاوب عليها لأنهم صُحاب ولو مفيش حد اتقدم واللي فيه الخير يقدمه ربنا. 

حتى دخلت عليهم "روان" وهي تلقي عليهم السلام قبل ان تذهب إلى عملها فنظر "سديم" لها وهو يقول: 

_بقولك ايه يا "رواني" ممكن طلب

_طالما جمعت "رواني" مع طلب في جمله واحده يبقا عاوز حاجه مهمه اوي، اتفضل يا دكتور محتاج إيه  

ابتسم "سديم" علي مشاغبتها فقال: 

_انا قررت ونوية والنيه لله اني اتزوج واكمل نص ديني

ابتسمت "روان" بفرح ولكنها لما ادركت الامر فقالت بتوتر وتوجس: 
_إحم مُبارك يا ابيه، بس مين يعني سعيدة الحظ دي

_إنتِ تعريفها كويس هي تبقا "خلود" جارتنا، يعني بصراحه من معجب بيها بقالي فتره طويل رغم اني والله بغض بصري علي اقد ما اقدر بس طريقة كلامها شدتني والكلام دا من خمس سنين تقربيًا ومن مدة اكتشفت انه مش مجرد إعجاب، فقررت اني ادخل البيت من بابه، فعاوزك تعرفي هي في قلبها حد ولا منتظره احد، ولو مش مفيش حاجه قوليلي عشان اخلي ماما تكلم مامتها ونروح نتقدم ليها

تارة تبسم وتارة تحزن لا تعلم ماذا تقول له او ماذا تفعل ولكنها ردت بهدوء قائله: 

_حاضر يا ابيه، هروح الشغل وفي وقت الـ break هكلمها واسألها

ابتسم لها بفرح ومعالم السعاده تملئ وجهه ثم غادرت إلى العمل وهي في حيره كبيره

_____________________________♡♡♡

في شركة سكيبر نرافيل SCAPER TRAVEL للسياحه

كانت "خلود" تجلس وهي تتُابع عملها فهي لم تتلقى اي طلب بحضورها حتى أتت "روان" وجلست بجوارها وهي تتُابع عملها هي ايضًا وما ان مر الوقت حتى جاء وقت الـ break فجلست الاثنين بعدما طلبوا الطعام لأجل الغداء فبدات "روان" بالحديث وهي تقول

_مالك يا "خوخه" وشك مقلوب كدا ليه ومش طايقه حد

شعرت "خلود" أنها سمعت تلك الجمله من قبل فرأسها مليئ بالافكار حتى ردت بحزن وقهر: 

_كالعادة خناقه مع ماما بسبب استاذ "كريم" انا تعبت والله قسوتها عليا دي مش عارفه ايه سببها، هي عارفه اني مش بحب البسله وهتعملها عشانه وبتقولي ازود له المصروف هي بجد مش واخده بالها ان كل دا كتير عليا. 

اخذتها "روان" بحضنها وحاولت ان تهون عليها فقالت: 
معلش ربنا هيعوضك عليكِ وهيرضيكِ كمان، وهيرزقك بأبن الحلال اللي يهون عليكِ ويخرجك من حزنك دا 

فردت الاخره بضيق وتشنج: 
_قولتلك اني مش هتجوز، واجيب عيال واخليهم مرضى نفسيين ولا اتجوز فـ يقتلني ولا يرميني من البلكونه ويمشي في جنازتي

_دول اسمهم اشباه رجال يا "خلود" لكن لما تختاري اختاري راجل يصونك ويكون هو الدواء ليكِ، وقولتلك كذا مرا متخليش متلازمة "جوسكا" تسيطر عليكِ

_بصي انا مش قادره اتكلم وكل ما تقولي كلمه احس اني سمعتها قبل كدا وكأني عِشت الموقف دا قبل كدا، وغير كدا انا واحده مش سويه نفسيًا ومعقده وعندي ترومات كتير غير المتلازمات وتقولي جواز ومش عارفه ايه اسكتي يا "روان" 

ترددت كثيرًا ان تسألها فقالت: 
_هو إنتِ بطلتي تحبي "سديم" اخويا ولا إيه

اتسعت عيناها من ذكره فهو كما يُقال حُب الطفوله وحب المراهقه وحب كُل شيء ولكنها تحاول نسيانه، لأنها دائمًا تقنع نفسها انه لن يكون لها 

_اهو "سديم" دا حاجه بعيده خالص، زي بُعد الشمس عننا غير ان "سديم" مش ليا هو يستحق واحده احسن مني واجمل مني وتكون سويه نفسيًا عشان تليق بيه 

حزنت "روان" من الحاله التي وصلت لها صديقتها فقالت بتلعثم: 

_يعني مثلًا لو "سديم" اتقدم ليكِ هتوافقي؟! 

_لأ طبعًا هرفض، انا لما بقعد. اتخيل حاجه زي كدا بالقي انها هتكون علاقة فشله، هو محترم وذو خلق ودكتور وناجح سوي نفسيًا، وانا واحده مختلفه تمامًا اخري اتعالج عنده مِش اتجوزه  

حل الصمت في المكان ومر الوقت بسرعه حتى عادت إلى المنزل في تمام الساعه التاسعه فوجدت والدتها نظفت المنزل وتحضر بعض العصائر ايضًا وما ان رأتها اردفت بحزم وشده: 

_في عريس متقدم ليكِ إنهارده، وتحذير ومش هكرر كتير يا "خلود" لو موافقتش علي الشاب دا يا ويلك مني ومن اللي هعمله فيكِ

انفجرت "خلود" من الغضب وقالت: 
_وأنا قولتلك مية مرا انا مش عاوزه اتجوز، افهميني بقا ولو لمرا واحده في حياتك خليني اعمل حاجه انا عاوزها

_ايه عاوزني استني لما تخشي علي التلاتين، إنتِ عندك تسعه وعشرين سنه يعني خلاص كلها سنه ويبقا عندك تلاتين يعني خلاص عانستِ ولا حد هيرضى بيكِ ولا هيتقبلك حتى، والعريس دا كويس ومحترم وابن ناس 

تضغط علي اسنانها بشده وتكتم بداخلها فاضافة الام بحزم وصارمه اكثر: 

_اقسم بالله لو ما وافقتِ عليه هطردك من البيت دا وهتبرى منك انا اصلًا زهقت منك وعاوزه اخلص بقا

اجتمعت الدموع في مقلتها وتوجهة إلى غرفتها وبعد ساعه فقط دق الباب ويبدو ان العريس قد ات امسكت الوسادة ووضعتها علي فمها وصرخت ولكنها لم تصدر صوت بداخلها اشياء كثيره لا يعلم عنها احد حتى دخلت عليها والدتها وقالت: 

_قومي حطي اي حاجه علي وشك يصغرك شويه ويلا عشان العريس جه ومستني برا هو واهله

لم تعمل بما قالت فاخذت حجبها ووضعته علي راسها وخرجت إلى المطبخ فأمرتها والدتها أن تخرج بصنيه المشروبات تِلك ففعلت "خلود" هذا وما ان خرجت إلى الصاله ورفعت نظرها حتى تقابلت بعين ذاك الجالس بجانب شقيقها اتسعت عيناها بشده فوضعت الصينه بسرعه وهي تشهق بفزع فكان العريس هو "سديم" 

لم يفهم الاخر تصرفها هذا حتى قامت والدة "سديم" واحتضنتها وقالت لها بهمس: 
_اقفلي بقك يا خربيت صدمتك دي الواد اتخض 

جلست بجانب السيده "لُبنى" والدة "سديم" وعلي الجهه الاخرى "سديم" الذي كان يفكر بما عرفه منها فبداء والد "سديم" بالحديث وقال: 

_طبعًا يا "ام كريم" إنتِ عارفه احنا جايين ليه، بس هقول كلامي تاني وحابب اني اعرف رايكم، انت طالب ايد الانسه "خلود" لأبني البكر "سديم" وإحنا جيران من فترة طويله وانتم اكيد عارفينا وان ابني طبيب نفسي وعنده عياده خاصه بيه غيره شغله في المستشفى والحمدلله هو متسير وعنده شقه خاصه بيه هو 

تعليقات



×