رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة و الرابع عشر 114 بقلم اسماء حميدة

         



 رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة و الرابع عشر


تناولت لارا هاتف دينا ببطء محسوب كأنما تخشى أن تحترق أصابعها من حرارة الأسرار المتراكمة فيه
نظرت إليها بعينين تشتعلان بالفضول الممزوج بالحذر ثم همست
"ماذا قالت لك يا دينا"
رفعت دينا بصرها وفي عينيها مشاعر مختلطة من الڠضب والدهشة والقلق تتمتم بسخط
"تريد مني أن أركع عند أقدام كوثر أعتذر وأعترف على الملأ بسړقة فنية "
تقلصت ملامح لارا كما ينكمش وجه الأرض عند اقتراب العاصفة تقول بصوت يشوبه الضغينة تجاه صاحبة الحق وكأن ما فعلته دينا شيء عادي
"هذا جنون إن فعلت ذلك ستخسرين كل ما بنيته ستتحولين إلى قصة تحذيرية تتداولها الصحف أليس كذلك"
صمتت دينا لكن في داخلها كانت الأفكار تتصارع كالخيول الجامحة في مضمار وعر لم يكن في نيتها أن تذعن لا ل ساسو ولا لأي شبح يلوح بماض مدفون
كانت تعرف تماما قواعد اللعبة في هذا العالم من لا يدفع يدفن
"سأتركها تنتظر "
قالتها دينا ببرود كالجليد وكأنها تحكم قفل تابوت على ضمير يلفظ أنفاسه الأخيرة ومن ثم استكملت
"لن تقاضي لا أحد يضيع وقته في دعاوى دولية لمجرد إثبات سړقة لحن خاصة إن عرض عليه المال "
في أعماقها لم تكن دينا تهتم ب "شظية من نور" ولا ب أي مقطوعة موسيقية تهدد حلمها الأكبر وهو الزواج من ظافر
في قرارة نفسها تدرك تماما أن الوقت كعدو إن لم تسكته سيفضحها لذا اختارت أن تسكنه بالمال فأضافت وهي تتفقد طلاء أظافرها بعنجهية من امتلكت مقاليد اللعبة بقبضتها
"لدينا حفل الذكرى السنوية الليلة لذا لا وقت لهذا الهراء سنشتري الصمت كما اشترينا كل شيء من قبل دعينا نغرق الإنترنت بضجيج آخر فقط إلى أن أرتدي ثوب الزفاف "
لكنها رغم صلابتها الظاهرة كانت تعرف أن الحقيقة لا ټموت فقط تخدر
وفي الطابق الأعلى من نفس المبنى الذي يستظل به ظافر جلست سيرين خلف مكتبها حين اخترق رنين الهاتف سكون المكان
كانت كوثر على الخط تقول بنبرة طفولية ساخطة
"سيرين أنت في رحلة تخييم أم ماذا"
ضحكت سيرين بخفة لكن بداخلها كانت تغوص في قاع عكر من التوتر بينما أردفت كوثر تقول بود
"هل ستأتين الليلة لنقيم لقاء صغيرا فنهاية الأسبوع تحتاج إلى لمسة حياة "
ترددت سيرين ثم قالت بصوت مائل للحذر
"لا ظافر يراقبني بدقة لقد اكتشف أمر نوح بالفعل لكن إن عرف بوجود زكريا فلن تكون العواقب رحيمة دعينا نؤجل اللقاء لبضعة أيام فقط "
ساد الصمت لثوان ثم جاء صوت كوثر مبللا بالواقعية
"فهمت منطقي ما تقولين حظا موفقا في اللعب مع الذئاب نأمل أن نعود إلى أثينا قريبا "
تمتمت سيرين بتضرع
"آمين "
وما إن أغلق الخط حتى مدت سيرين يدها لتلامس بطنها لا إراديا
لم تكن تعلم لماذا فعلت ذلك لكنه أشبه بنداء جسدي صامت
كان في قلبها شعور بأن هذا الحمل إذا حدث كما تخطط له سيكون صراعا لا مجرد حياة تنمو بصمت
فظافر بدأ في العودة إلى حياتها تدريجيا لكن ظهرت له أنيابه الحادة وكأن شيئا فيه انكسر ثم عاد أشد صلابة وأكثر يقظة
في لحظة خرس فيها الزمن وامتلأ الصمت بأصداء الأنفاس المتسارعة دوى طرق خاڤت على الباب كأنه يد تستأذن المصير للدخول
التفتت سيرين بسرعة فرأت من خلف الزجاج الضبابي ظل ماهر واقفا هناك كتمثال يحمل بين يديه رسالة قدر ثقيلة
أغلقت الهاتف على عجل كأنها تطوي سطرا لا يجب أن يقرأ الآن ثم قالت بصوت يحمل بقايا التوتر
"هل يمكنني مساعدتك يا سيد ماهر"
دلف ماهر إلى الغرفة بخطى هادئة لكنه بدا كمن يحمل هما يثقل صدره ثم قال
"السيدة تهامي السيد ظافر يطلب رؤيتك في مكتبه "
انكمشت الملامح على وجهها كزهرة باغتها صقيع مفاجئ فهي لم تتوقع أن ظافر سيأتي اليوم ولا كانت تشتهي رؤيته لكنها تعلم تماما أن نوح لا زال بقبضته وذاك وحده كان كافيا ليجعلها تذهب ولو إلى الچحيم
قالت سيرين بصوت أقرب للهمس
"بالتأكيد "
وما إن نطقت بالموافقة حتى سار معها ماهر دون أن يسبقها أو يتأخر كأنه ظل مرسل بمهمة لا تعلم تفاصيلها
وفي طريقهما ووسط الصمت المتوتر قطع ماهر الخيط الواهن بينهما وقال
"سيدة تهامي هناك أمر أود قوله لك السيد ظافر لم يكف عن البحث عنك طوال تلك السنوات وإن كنت أجرؤ على القول فهو يهتم بك يهتم بك كثيرا "
توقفت سيرين عن السير فجأة كأنما تعثرت بذكرى والتفتت إليه ترمقه بحسرة من أعلى كتفها وفي عينيها ضوء باهت يشبه ابتسامة هجرت الشفاه لتسكن النظرات ثم قالت بهدوء يخفي وراءه رعدا مكتوما
"أترى حقا أنه يهتم بي"
ارتبك ماهر وتبعثر صوته قبل أن يخرج أما وجهه فكان كمن انكشف للتو على مسرح الحقيقة بلا قناع
قالت سيرين وعيناها تسافر في الماضي كما يسافر الشوق في جسد عاشقة أرهقها الغياب
"قل لي يا سيد ماهر أما زلت تذكر كيف كنتم تعاملونني كل مرة كنت أتصل به كنت أنت من يرد وفي الغالب كنت تخبرني أنه مشغول مشغول دوما بل أحيانا كنت تغلق الخط في وجهي بلا مقدمات هل ناديتني يوما ب(السيدة نصران) مجرد لقب صغير هل وجدته يوما مستحقا لي"
سكن الصمت بينهما لحظة كأن الهواء قد تجمد
أجاب ماهر أخيرا بصوت فيه ندم ورغبة خجولة في التبرير
"هذه كانت مني أنا وحدي لا علاقة لذلك بمشاعره "
نظرت إليه نظرة عميقة تخترق ما وراء الكلمات وقالت
"حقا الكلب الوفي لا يشرب إلا من نفس الوعاء الذي يشرب منه سيده لا أقول هذا إهانة بل لأذكرك فقط عندما كنت أقيم تحت سقف عائلة ظافر لم يكن أحد يعاملني بلطف فكيف بك"
احمر وجه ماهر وتراجع ببصره نحو الأرض كأن ما قالته قد أطلق في داخله قافلة من الندم لا يستطيع إيقافها لم ينطق لأنه لم يجد ما يدحض به كلماتها كانت الحقيقة كالسيف لا يجادل حده
في داخله شعر ماهر أن ثمة شيئا قد تغير ربما لأنه رأى الآن - بعد فوات الأوان - أن ظافر كان يعاملها بطريقة لم يكن يفهمها في الماضي طريقة لم تشبه أي شيء آخر ربما لأن سيده كان يضمن وجودها مهما أحدث بنفسها من تشوهات

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1