رواية هجوم عاطفي الفصل الثانى عشر 12 بقلم هاجر عبد الحليم


رواية هجوم عاطفي الفصل الثانى عشر بقلم هاجر عبد الحليم


الركض مستمر...
استمروا في الجري، لكن فجأة، رودينا سقطت على الأرض. شعرت بألم حاد في قدمها وكأن عظامها تحطمت. حاولت النهوض، لكنها لم تستطع، وكان وجهها يكتسي بالمعاناة.
مالك اقترب منها، شعر بشيء غير طبيعي في قدمها. كانت نبرة صوته مشدودة، وأعينه متسائلة.
مالك: "إنتِ تمام؟" سأل وهو يقترب منها، وكان صوته يحمل قلقًا واضحًا.
رودينا: قالت بابتسامة مرهقة، رغم الألم الذي يعتصر قلبها: "أنت طلعت بطل بجد، يا مالك."
مالك مسح العرق الذي تجمع حول جبينها بنعومة، وكأن تلك اللمسة محاولة لتهدئتها.
مالك: "وأنتِ أكتر واحدة شجاعة شوفتها في حياتي."
رودينا كانت تكاد لا تقدر على الحركة، لكن صوتها كان لا يزال صلبًا رغم الألم الذي يشتعل في رجليها.
رودينا: "مش قادرة اتحرك، حاسة بكسر رهيب في رجلي."
مالك، الذي كان يراقبها بتركيز، لم يتردد لحظة. حملها بين ذراعيه بحذر، وبصوت هادئ، لكنه مليء بالقلق قال:
مالك: "تحبي أوديكي فين؟"
رودينا: قالت بنبرة غاضبة متسائلة: "إنت مش سامعني ولا إيه؟"
مالك: بدا متفاجئًا، محاولًا التأكد: "هنروح فين؟"
رودينا: نطقت بصوت قوي رغم الألم: "القسم يا مالك."
مالك: عبّرت نبرته عن القلق: "بحالتك دي، مش هينفع."
رودينا: "لا، ودينا هناك، هيتصرفوا. بس نزّلني، أنا هتصل بحد ييجي ياخدنا."
مالك نزلها ببطء، ورغم ذلك، كانت عيونه تتابعها بقلق مستمر.
رودينا ابتعدت قليلاً وأخرجت هاتفها، وعندما تأخرت في الرد، عاد مالك بنبرة غريبة، يشعر بالغيرة ويكتمها بصعوبة:
مالك بغيرة: "كل دا؟"
رودينا: كانت نبرتها هادئة، لكن بإصرار: "كنت بشرح له الوضع."
مالك: أطلق نفسًا متوترًا وقال بحيرة: "وهو مش فاهم يعني؟"
رودينا: حاولت أن تكون متفهمة: "هيعرف منين، بس أنا كنت بوصله الأخبار."
وبنبرة ملؤها السخرية، قال مالك:
مالك: "خلاص، خلصنا يا ستي."
رودينا: ردت بطريقة غير مألوفة، بها تحدٍ واضح: "غيران عليّ؟"
مالك: نطقها بحيرة، ثم أضاف: "وعشان إيه؟"
رودينا: تحدثت بثقة وكأنها تستفزه: "قول لنفسك."
مالك: ارتفع صوته قليلاً وهو يرد بقسوة: "لا، إنتِ بس واخدة مقلب في روحك."
رودينا: عادت لتغمره بالثقة، ثم قالت بابتسامة ساخرة: "لا، أنا مرغوبة، وألف واحد يتمنوا نظرة مني."
مالك: الرد كان سريعًا، لكن بدا كأنه يحاول كبح مشاعر الغيرة: "وأنا بقى مش منهم. أتمنى القضية دي تخلص، ومشوفش وشك ده تاني."
رودينا: كان وجهها مليئًا بالتهكم عندما قالت: "على أساس إني دايبة في هواك."
مالك فغر فمه بنظرة غاضبة وقال بنبرة تهديد:
مالك: "كلمة كمان وهكسر رجلك التانية."
رودينا: تحدته بابتسامة ساخرة: "اعملها، وأنا أقطع نسلك خالص بضربة مني."
استمروا في مشاكستهما كقط وفأر، وتبادلوا الكلمات اللاذعة حتى وصلت السيارة وأوقفوا التوتر لحظة الوصول.
....
مكتب اللواء في مبنى الأمن العام. يجلس اللواء وسط الأوراق المتناثرة على الطاولة. مالك ورودينا في مواجهة معه، وكل منهم يحمل في قلبه همًا ثقيلًا. كلاهما يحمل معلومات دقيقة حول الجريمة التي كان من الصعب الكشف عنها.
اللواء: (ينظر إلى الأوراق أمامه بصمت، ثم يرفع رأسه في اتجاه مالك ورودينا) "المعلومات اللي عندكم في الملفات دي... مش بسيطة ولا هينة ابدا"
مالك: (يتنهد بشدة ويقترب من الطاولة، ثم يلتقط الورقة الأولى):  كل اسم هنا هو جزء من شبكة كبيرة جدًا.، ده تلاعب بحياة ناس وارواح بنخسرها كل ثانية ."
رودينا: (تضع يدها على الورقة وتبدأ في تحريكها، قبل أن ترفع رأسها قائلة بصوت هادئ): "كل واحد من الأسماء هنا كان جزء من الجريمة... لكن مش بس كده، الورق ده بيكشف الطريقة اللي كانوا بيشتغلوا بيها. كانت عملياتهم مخفية جدًا، الطريقة اللي كانو بيجمعو الضحايا بيهم مريبة اوي."
اللواء: (يتنهد ثم ينظر للورق بتركيز) "اسامي الاطفال معظمه متشفر
مالك: (يعقد حاجبيه ويقلب الورقة) "ل كل عملية كانت بتتم عن طريق فرق معروفة. كان فيه شبكة طبية متكاملة، من جراحين لناس بتتلاعب في بيانات المرضى، وكل ده كان بيخدم أغراض الشبكة دي."
رودينا: (بصوت أكثر حدة): "كل الأوراق دي كانت مخفية عن الأنظار، بسبب الحماية من ناس تقال اوي . فيه أسماء كبيرة موجودة هنا... هما اللي خلصو اي اوراق رسمية كانت بتعرقل ظهور الحقيقة لينا"
مالك: (يعود لنظر في الأوراق بتركيز شديد، ثم يلتفت للواء) "إنت لازم تشوف دا بعينك التشفير دا كان بيتم عشان ميكونش في اي بلاغات او  اسامي اطفال مفقودة مخفيين عن وسايل الإعلام تماما."
اللواء: (مفاجأ، يفحص الورق بتمعن) "واي كمان؟"
رودينا: (تنظر للورقة في يديها، وعينها مليئة بالغضب، كمان وصلنا لمعلومات بتتكلم عن أماكن تخزين الأعضاء والأشخاص اللي كانوا بيشتغلوا معاهم واتضح انه مدير المستشفي هو المحرك الاساسي للشبكة هنا ف مصر"
مالك: (بجديه وحسم): "كله لازم بتحاسب."
اللواء: (يضع الورق بحذر على الطاولة، وعيناه تزداد توترًا): "ده عمل إجرامي ماشي يترتيب دولي لازم نتحرك فورا"
رودينا: (وهي تجلس، تبعد يدها عن الورقة، ثم تقول بصوت متألم): "لو ما كناش دخلنا مكناش هنعرف نوصل لحاجة بس سيبناها ع الله وجازفنا. وحالا القضية دي هتخلص يلا بينا"."
.....
في السيارة، يتبادل مالك واللواء نظرات من التوتر قبل أن يتحدث اللواء:
اللواء: (بصوت هادئ وموجه) "دلوقتي، روحي على المستشفى وامشي ناحية الباب اللي بيكون فيه العمليات. أول ما توصلي، اديني الإشارة."
رودينا: (بتأكيد وحزم) "حاضر يا فندم."
رودينا بدأت تمشي، لكن مالك مسك إيدها بشدة، كأنه مش قادر يسيبها تروح لوحدها. هي بصت له بحب، وطبطبت على إيده برقة.
مالك: (بصوت منخفض وكأنه يتنهد) "لا إله إلا الله."
رودينا: (بتأكيد، كأنها تواسيه) "محمد رسول الله."
ثم نزلت رودينا لتبدأ تنفيذ خطتها، بينما مالك كان يتابع كل حركة منها بعينيه، قلبه مشغول.
اللواء: (ينظر إلى مالك، محاولًا تهدئته) "متخفش عليها."
مالك: (بصوت هادئ ومليء بالعاطفة) "بحبها."
اللواء: (يبتسم ابتسامة خفيفة) "وماله.. اتجوزها."
مالك: (بتنهيدة من القلب، بصوت حازم) "في دماغي والله يا فندم."
اللواء: (ينظر إليه باهتمام، يضيف بنبرة أكثر جدية) "بس أوعى تقولها اقعدي ف بيتها . دي زهرة نبتت في الصخر، ما نقدرش نعيش من غير نفسها."
مالك: (بتصميم، نظرته تزداد حدة) "ولا أنا هقدر أعيش من غيرها. دي بقت كل دنيتي. وهتكون مراتي قريب اوي بس احاسبها ع اللي هي عملته الأول"
.....
المستشفى تعج بالحركة، الأضواء الساطعة تسطع على جدران الممرات بينما يسير الحراس في خطى ثابتة، يحرسون كل مداخل المستشفى. الممرات مليئة بالزحام، والحركة مستمرة بين الأطباء والممرضات. الحراس يقفون في أماكنهم، يتبادلون النظرات الحادة، والعيون تراقب كل حركة.
رودينا: (تتوقف عند أحد الزوايا المظلمة للممرات، تراقب الموقف بدقة. تبتلع ريقها ثم تلتقط أنفاسها بسرعة. اليوم هو اليوم الذي ستكشف فيه أسرارًا خفية. تحركت بخطوات هادئة باتجاه أحد الممرات الرئيسية التي تقود إلى منطقة العمليات. كانت تعرف أن الحراس يمرون من هذه المنطقة بين الحين والآخر، ولكن كان عليها أن تجد اللحظة المناسبة.)
رودينا: (بينما تمشي في الممر الضيق، تتنقل بين الموظفين دون أن تلفت الانتباه. رأسها مرفوع، وحركاتها تبدو طبيعية تمامًا. في لحظة، ترى أحد الحراس يقترب منها من الاتجاه المعاكس. تتحرك خطوة للجانب في الوقت المناسب، وتظهر أمامها ممرضة في زي رسمي، مشغولة بتوثيق بعض المعلومات.)
رودينا: (سرعان ما تندفع نحو الممرضة بخفة، وتضربها بشكل مفاجئ في جانب رأسها باستخدام جزء من الأدوات التي كانت قد أعدتها مسبقًا. الممرضة تسقط على الأرض بصمت، بينما ينزل جسدها على الأرض بشكل سريع. رودينا تتنفس بسرعة، ثم تلتفت حولها بحذر شديد، للتأكد من عدم وجود أي شخص يراقبها.)
رودينا: (بسرعة، تلتقط ملابس الممرضة من حولها وتسرع بتغيير ملابسها. كل حركة تقوم بها محسوبة بدقة. تلبس زي الممرضة، وتسحب الحجاب الذي كان موضوعًا على رأسها، وتضعه بحذر. تُخفي شعرها، بينما تضع حقيبة الممرضة على كتفها، متأكدة أنها الآن تبدو كأي ممرضة أخرى في المستشفى.)
رودينا: (تسير بخطى ثابتة في الممرات وكأنها جزء من النظام. تتجنب النظر المباشر إلى الحراس، بينما تراقبهم من زاوية عينها. كلما اقتربت أكثر من منطقة العمليات، تزداد وتيرة قلبها. تلتفت وتجد أحد الحراس يقف بالقرب من الباب. لحسن الحظ، لا يلتفت إليها، فتستمر في سيرها بهدوء، بينما هي تبتسم داخل نفسها، متأكدة أن الخطة تسير كما هو مخطط لها.)
رودينا: (أخيرًا، تصل إلى الباب المؤدي إلى غرفة العمليات. قبل أن تفتح الباب، تنظر خلفها لتتأكد أن الحراس لا يراقبون. تفتح الباب ببطء شديد وتدخل، بينما قلبها ينبض بقوة. الآن هي في قلب المكان الذي يجب أن تكون فيه. ولكن خطر الاكتشاف ما زال يطاردها، إذ يجب عليها أن تتحرك بسرعة وأن تبقى متأهبة في كل لحظة.)
....
رودينا، بعد لحظات من التأمل والتخطيط، تصل إلى الباب المغلق لغرفة العمليات. تدفع الباب بهدوء، ولكنها تفاجأ بأنه مغلق. شعرت بشيء من الإحباط يتسرب إليها، فكل شيء كان يعتمد على هذه اللحظة. لكن نظراتها الحادة استقرت على الحارس الذي كان يقف على مقربة من الباب، مشغولًا في محادثة عبر جهاز اللاسلكي.
رودينا: (بصوت خافت داخل نفسها) " عمال يتكلم ف التليفون واكيد المفتاح معاه يلة يارودينا دي فرصتك."
نظرًا للوضع المحفوف بالمخاطر، كانت رودينا تعرف أن الوقت لا يسمح لها بالانتظار أو التراجع. استدارت ببطء، وعيناها تركزان على الحارس. في لحظة خاطفة، ابتسمت لنفسها، بينما كانت تدس يديها في حقيبتها، تخرج منها قنينة صغيرة تحتوي على مخدر قوي، كانت قد أخذتها من المستشفى سابقًا.
رودينا: (تتحدث إلى نفسها بهدوء) "واحد اتنين تلاتة."
قربت نفسها من الحارس بخطوات واثقة، ولم تترك مجالًا لأي شك. عندما اقتربت منه بشكل كافٍ، رشه المخدر بسرعة على وجهه. هز الحارس رأسه قليلاً، ثم بدأ يشعر بالدوار، قبل أن يسقط على الأرض في غيبوبة قصيرة. رودينا تأكدت أنه غير قادر على الحراك، ثم سحبت منه المفتاح الكبير الذي كان معلقًا في جيبه.
رودينا: (همست) "قويني يارب"
بيدين مرتجفتين قليلاً من التوتر، فتحت الباب بهدوء، وتسللت إلى داخل غرفة العمليات. كانت الإضاءة في الغرفة ساطعة، والجو مشبع برائحة مطهرات طبية حادة. الحوائط كانت مغطاة بألواح معدنية لامعة، تعكس الأضواء بشكل قاسي، وكأن الغرفة نفسها تنبض بالبرودة والتعقيم.
رودينا: (تنظر حولها بسرعة)  كل واحد دخل هنا مكنش ليه الفرصة انه يطلع حي
غرفة العمليات كانت مليئة بالأجهزة الطبية المتطورة. على الطاولة المركزية، كان هناك جهاز تنفس صناعي كبير، وهو يهمس بصوت متقطع، مع أنابيب ومعدات متصلة به. الجدران مغطاة بأنابيب وأجهزة مرقمة، بينما كان هناك طاولة جانبية مغطاة بقطع قماش معقمة، تحتوي على عدة أدوات طبية حادة، كالسكاكين والمباضع، التي يمكن استخدامها في أي لحظة.
على أحد الجدران، كانت توجد شاشة ضخمة تعرض معلومات حول المرضى، مع رسومات بيانية للعلامات الحيوية، وهو ما جعل الغرفة أكثر قسوة على الروح. بعيدًا عن هذه الأجهزة، كان يوجد جهاز تعقيم ضخم في الزاوية، يحمل أدوات جراحية نظيفة لا تزال في أكياس معقمة.
رودينا: (تنظر حولها، يدها تتشبث بالمفتاح، عيناها تلمعان بغضب) "هنا بتتغير مصير الناس. هنا بيتاجروا في الأرواح."
بينما كانت تتقدم خطوة خطوة، كانت ملامح وجهها تبدو أكثر جدية. بدأت تنظر إلى الطاولة التي كانت فارغة إلا من بعض الأدوات الملقاة على جنبيها. لم تجد أي علامات تشير إلى أن هناك عمليات جارية الآن، لكن المكان يظل مرعبًا بكل تفاصيله. كانت الغرفة نفسها لا تحمل أي نوافذ، وكأنها صممت لعزل العالم الخارجي تمامًا. هو مكان لا يرحم.
أثناء تفحصها الغرفة، رأت بابًا آخر يؤدي إلى غرفة تحكم داخلية. "لازم أكتشف أكثر"، همست في نفسها بينما تتجه بخطوات واثقة نحو الباب، عازمة على الوصول إلى أعماق الأسرار المخفية
على الطاولة المركزية، كان هناك مريض مغطى بالكامل بالملاءة البيضاء، على وجهه قناع الأوكسجين، وعليه خطوط رفيعة تظهر على جهاز مراقبة الحياة. كانت الآلات من حوله موصلة بشكل دقيق إلى جسده، تتنفس معه، وتراقب كل نبضة، وكأنها لا تكتفي بحياة واحدة، بل تراقب لحظة بلحظة.
كانت الآلات الإلكترونية على الحائط تواصل عملها، أما الأجهزة الجراحية فأشبه بمخلوقات حادة بلا روح، تتناثر على الطاولة الجانبية، حيث المباضع والسكاكين، التي برقت بفعل الضوء الساطع. الأجواء كانت معقمة، جافة، تُشعرك أنك تدخل إلى مكان مخصص للفناء. الأواني المملوءة بالدماء المتجلطة كانت تغطي بعضها البعض بشكل فوضوي، وقد تركت آثارًا من الرعب على كل ما حولها.
وفي الزاوية البعيدة، كانت شاشة كبيرة تعرض أرقامًا متقلبة، وبجانبها حاسوب يتابع العملية الجراحية بشكل مستمر، مع رسم بياني يوضح حالة المريض، وكأن حياته تتناقص أمام عينيه، وكل نبضة قلب تذهب في اتجاه مجهول.
رودينا، بكل قسوة، نظرت إلى الأدوات الجراحية الموضوعة بجانبها. كانت تعرف أن هذه الأدوات لم تُستخدم فقط في العمليات الطبيعية، بل كانت تلامس جسد ضحايا هذه الشبكة المجرمة. نظرت بحقد إلى الأدوات التي كانت تُستخدم في سرقة الأعضاء، في تجارب مرفوضة على أجساد بشرية لا تمت لهم بصلة. أيديها ارتجفت، لكن عيناها كانت أكثر قسوة من أي وقت مضى.
ثم استدارت لتكتشف رفًا جانبيًا آخر مغطى بآلات معقمة وأسطوانات ضخمة مملوءة بغازات ومخدرات. تلامس أصابعها جزءًا من الأسطوانة، ثم تحركت نحو طاولة العمليات الرئيسية. هنا كان الوضع أكثر كارثية، فالصمت كان قاتلًا، ولم يكن هناك أي صوت سوى دقات قلبها التي تزداد سرعة في كل لحظة.
شعرت ببرودة المكان تتغلغل إلى أعماق قلبها. كانت الغرفة تقف على حافة الهاوية، كل زاوية فيها تحمل مشاهد مرعبة، ولا تترك سوى علامات الصمت والانتظار المميت. ركضت أفكارها بين تفاصيل الحياة المفقودة في هذه الغرفة، ومع كل خطوة كانت تشعر بثقل الحزن واليأس يتركان أثرًا في روحها.
كانت هذه غرفة مخصصة لإنهاء الحياة، وحياتهم كانت مجرد أرقام في قوائم لا تنتهي. أسفل الطاولة، كانت هناك أوراق مشوشة، ملفوفة بشكل سريع، بعضها ممزق والآخر يحمل توقيعات وهمية، كأنها دلائل على قسوة أكبر من مجرد السرقة.
وفي هذه الأجواء المشحونة، تمكنت رودينا من التقاط مفتاح إضافي كان في الجيب الأمامي لشخص كانت تظن أنه أحد أعضاء الشبكة. استدارت نحو الباب الذي كان يؤدي إلى غرفة أعمق في هذه الشبكة المظلمة. همست في نفسها وهي تفتح الباب بهدوء: "لازم اوقف لازم."
وما إن دخلت الغرفة الأخرى، حتى أُضيئت شاشة أخرى بها رسومات بيانية تحلل أعضاء بشرية. كانت هناك صور لضحايا فقدوا حياتهم في عمليات تجارة الأعضاء، وصور أخرى تظهر كيف تم زرع الأعضاء في أجساد بشرية جديدة، لتُستغل وتُباع بثمن بخس.
......
بعد لحظات من الترقب، بدأت رودينا تتنفس ببطء وهي تقف عند الباب، تحمل المفتاح بين يديها، عيونها لا تترك أي زاوية من الغرفة. مع كل خطوة، كانت تزداد ثقتها في نفسها، لكن أيضًا كانت أدركت تمامًا حجم الخطر الذي يحيط بها. نظرت إلى الساعة، ثم رفعت يدها وأعطت الإشارة المقررة.
فور أن أعطت الإشارة، اشتعلت الحركة في المكان. اللواء وزملاؤه، الذين كانوا في الخارج، دخلوا من أبواب متعددة واندفعوا نحو الهدف المحدد. الصوت الذي كان يعم المكان كان صوت خطوات متسارعة، وصوت الأنفاس المتسارعة التي كانت تُكتم وسط جدران المستشفى الباردة.
في نفس اللحظة، دوت أصوات تصادمٍ وصرخات في الغرف المجاورة. رجال الأمن اقتحموا الممرات، وفتحوا الأبواب بحركة منسقة، بينما كانت رودينا تراقب بتركيز شديد كل ما يحدث من حولها. كانت تتابع الهجوم الذي خططوا له بكل حذر، وعينيها تراقب خطوات الجنود وهم يدخلون الغرف بشكل مفاجئ.
داخل غرفة العمليات، كان الوضع قد بدأ يشتد. الحراس داخل المكان حاولوا مقاومة الهجوم، لكنهم كانوا يواجهون قوة كبيرة من الشرطة وأفراد الأمن المدربين. الهجوم كان سريعًا ومنظمًا، وسرعان ما وجد رجال الأمن أنفسهم يسيطرون على الوضع.
ثم جاء الصوت الذي طالما انتظرته، الصوت الذي يشير إلى النجاح: "تم القبض عليهم!".
مع إعلان النجاح، سكنت رودينا لبضع لحظات، ثم أخذت نفسًا عميقًا، وأعينها تلمع بالارتياح. كان من الصعب تصديق أن كل شيء قد انتهى في لحظة واحدة. جريمة تجارة الأعضاء التي استمرت لفترة طويلة، والتي دمرت حياة العديد من الأبرياء، تم كشفها في لحظة.
ركض مالك نحوها، وأخذ يلتفت يمينًا ويسارًا، يتأكد من أن كل شيء قد تم السيطرة عليه. ثم اقترب منها قائلاً، بصوت هادئ، لكنه مليء بالطمأنينة:
"الحمد لله... انتي كويسة ياحبيتي طمنيني عليكي "
رودينا ابتسمت بحزن، فبينما كانت تشعر بالراحة لنجاحهم، كان هناك شيء عميق في قلبها يظل غير مرتاح. نعم، تم القبض على الجناة، ولكن كم من الأرواح قد فقدت؟ كم من الناس تأذوا قبل أن يتم إيقافهم؟
"المعركة انتهت، وانا بخير بس لازم نعرف مين كان وراء كل ده."
أومأ مالك برأسه، وعيناه تتسعان شيئًا فشيئًا. كان يدرك تمامًا أن هذا ليس سوى بداية رحلة طويلة نحو الكشف عن كل الحقائق المظلمة التي لا تزال تخفى عن الجميع
....
في مشهد مشحون بالتوتر، كانت الأنفاس تتسارع مع اقترابهم من الهدف الأخير. رجال الأمن والشرطة كانوا يتنقلون بهدوء عبر الممرات المظلمة للمستشفى، وهو يسيرون بسرعة وحذر في آن واحد، على أمل أن لا يشعر بهم أحد. كانت الساعة قد قاربت على منتصف الليل، وكانت جميع الأنوار في المكان خافتة، باستثناء الأضواء الساطعة التي تومض في زوايا غرف العمليات.
رودينا ومالك كانا يقفان على بُعد خطوات من الباب الذي يؤدي إلى غرفة الزعيم الكبير، الرجل الذي كان يقف وراء شبكة تجارة الأعضاء. كانت عيون رودينا تتلألأ بالتركيز، بينما كانت يدها تلامس مسدسها، عازمة على إنجاز المهمة مهما كانت الصعوبات. مالك كان يقف إلى جانبها، عينيه تتبعان كل حركة، مستعدًا لأي شيء قد يحدث في أي لحظة.
اللواء كان في القيادة، هو وزملاؤه، يتابعون خطط الهجوم الأخيرة. كانت اللحظات التي تسبق الهجوم كالسكون الذي يسبق العاصفة.
اللواء: (يهمس في جهاز الاتصال) "الهدف على بعد خطوات. تأكدوا من إغلاق كل الطرق."
كان الصوت داخل غرفة الزعيم يتعالى مع كل لحظة، وقد بدا أن هناك اجتماعًا مشبوهًا يجري داخل الغرفة. رودينا ومعها مالك كانا يعرفان أن هذا الاجتماع هو اللحظة الحاسمة، وأن أي خطأ قد يؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر.
رودينا: (تلتفت لمالك بنظرة حادة، بصوت منخفض) "الأنسان دا شرس جدا اتمني تكون حذر."
مالك: (بصوت جاد، وهو يضغط على قبضته) "طاري وطار كل واحد قلبه اتحرق ع حبيبه انا اللي هاخده."
عندما أعطى اللواء الإشارة، انطلقت الهجمة. رجال الأمن اقتحموا الغرفة دفعة واحدة، وفتحوا الباب بقوة، مما جعل صوت الخشب يتصدع في أرجاء المكان. الزعيم الكبير كان يجلس في منتصف الغرفة، محاطًا بعدد من رجاله المخلصين، ولكنه كان يبدو متفاجئًا للغاية.
الزعيم: (ينظر بحذر، ثم يحاول السيطرة على الموقف) "أنتو مين؟!"
لكن قبل أن يستطيع الهروب، كان رجال الأمن قد أغلقوا جميع المداخل. فُجأة، شعر بالتهديد المحيط به، وعيناه تتسارعان بين رجال الأمن ورودينا التي كانت تقف بثبات، عيناها تُحدقان فيه بشدة.
رودينا: (بصوت حازم) "خلصت ياباشا 
الزعيم: (محاولًا تهديدهم) "أنتم مش عارفين مين اللي بتقفوا قدامه لو حبين تعيشو امشو من هنا وانسوني"
لكن الوقت كان قد فات. رجال الأمن أحاطوا به من كل اتجاه، وتم تقييده بسرعة. الزعيم حاول أن يقاوم، ولكن قبضتهم كانت أقوى. الآن، بعد كل هذا العناء والمخاطرة، كان الزعيم الكبير في قبضة العدالة.
مالَك: (يمسك بذراع الزعيم، وهو يبتسم بقوة) متتصورش تعبنا اد اي عشان نوصلك حاولت تخلص مننا كتير والحمد الله كشفتكم والا كنت هتهم بالباطل واحصلك ف السجن
رودينا: (تنظر إليه ببرود، لكنها قلبها كان يخفق بشدة من الداخل) " المسلسل خلاص خلص ياباشا."
وبينما كان الزعيم الكبير يُسحب بعيدًا، كانت رودينا ومالك يقفان معًا، يدركان أن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن الطريق طويل للانتقام لكل الأرواح التي أُهدرت. ولكن، في تلك اللحظة، كان ما يعترفون به هو الحقيقة الوحيدة التي كانت في أذهانهم: العدالة قد بدأت أخيرًا.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1