رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الثالث عشر بقلم جميلة القحطانى
جلست سما، وجهها شاحب، وعيناها متورمتان من السهر.
والدتها تصرخ من المطبخ:عايزة مجموع كبير يا سما، إنتي أملنا!
تحاول سما أن تُجيب، لكن الكلمات تختنق في حلقها.
كم مرة حاولت أن تقول إنها منهكة؟
أن قلبها يخفق كأنها تلاحق قطارًا لا يصل؟
لكن لا أحد يسمع صوتًا لا يُنطق.
تغلق الكتاب، تنظر إلى السقف، وتفكر:هل لو فشلت، هيفضلوا يحبوني؟
في الطابق العلوي من بيت واسع،
يجلس الحاج سعيد، بيده مسبحة، وبعينه نظرة تشبه نافذة مغلقة.
في الأسفل، الضحكات عالية، التلفاز يعرض مباراة، الأولاد يصرخون، البنات يتحدثن عن المسلسلات.
ولا أحد صعد ليسأل:حاج سعيد... عايز حاجة؟
كان معلم رياضيات لثلاثين سنة.
خرّج أطباء ومهندسين.
والآن، لا يُسأل عن الساعة أو حتى "كيف حالك؟
يكتب في دفتره القديم، دون أن يُريه لأحد:أنا هنا... فقط لمن يهتم.
وفي المدينة ذاتها،
تُطوى الحياة مثل ورقة داخل جيب مهمل،
وتمضي الأيام كأن شيئًا لم يحدث...
حاتم بقى تايه. مريم مش بس مش بترن عليه، دي مسحاه من كل حتة، فيسبوك، واتساب، وحتى الإنستجرام اللي كانت بتبعتله عليه ريلز عن الجواز والمطبخ، بقى مقفول.
قعد مع صاحبه رامي في القهوة وقال له:أنا كنت بهزر… يعني هو كل واحد قال كلمة في لحظة يضيع كل حاجة؟
رامي ضحك وقال له:انت مش بتهزر يا صاحبي، انت مُدمن جُمل… بتحب تعيش دور العاشق في أي لحظة، حتى لو معاكي عروسة.
حاتم سكت، افتكر كل البنات اللي عدى عليهم بنفس الأسلوب:مرة قال لواحدة:ضحكتك دي فيها وجع، حسّيتها.
ومرة تانية لوحدة في الأسانسير:لو القدر قابلني بيكي بدري، كنت كتبتلك شعر.
ولما واحدة قالت له إنها مرتبطة، قال: "أنا كمان… بس الارتباط مش دايم، إنما الإحساس لا."
كل مرة كان بيقولها بنفس التون، بنظرة شبه حزينة، وكان بيقنع نفسه إنه مش خاين… ده مجرد لحظة إعجاب بريئة.