رواية احتلال محرم الفصل الثالث عشر بقلم مريم نصار
الساعه 7:00 الصبح أنجي راجعه من حفله مهمه وكانت لوحدها من غير مروان ومعاها الجارد، نزلت من العربيه متعصبه وماشيه بسرعه وأول ما دخلت الفيلا سألت الحارس بجمود:- هو فين؟
وكانت طبعاً تقصد مروان اللى بتصرفاته دي كده بيعلن أحتجاجه عليها،الحارس رد عليها بإحترام:- مروان بيه طلعناه على اوضته يا هانم.
سألته بأمر:- إيه اللي حصل في ال ?nightclub (ملهى ليلي)
رد عليها:- احنا كنا منتظرين سعادته يخرج من المصنع علشان نوصله لحضرتك زي ما أمرتي، لكن مروان بيه ركب العربيه وما ردش على حد فينا، ساق بسرعه كبيره و احنا مشينا وراه لحد ما وصل على الملهى، ودخلنا وراه وشفناه كان بيشرب كتير على غير العاده، حاولت اتكلم معاه، زعقلي وقالي أطلع بره، ولما أصريت أنه يخرج معانا لأن دي أوامر من حضرتك! كان متنرفز جداً ،ودلق الكاس في وشي وطردني، انا طلعت وقفت بره واستنيته لحد ما يخرج لكن ما خرجش،فضلنا واقفين، بعد شويه سمعنا تكسير وضرب جوه دخلنا تاني بسرعه لقينا مروان بيه سكران وبيضرب في الجرسون واتنين من الموظفين،بيضربهم وكان هيمو.توا في أيديه، خلصنا الاشتباك ودفعنا تمن الخساير لمدير المكان وجينا بمروان بيه من ساعه تقريباً يا هانم.
أنجي بتفهم:- تمام روح أنت على شغلك.
الحارس بإنصياع:- تحت امرك ياهانم.
طلعت على السلم بنرفزه ودخلت عليه الأوضه ولسه هتزعق! لكن كان نايم على السرير بهدومه قربت منه و وقفت جمب السرير وشكله كان ضايع خالص ومتدمر، أنجي بصتله بتقزز وكانت متضايقه من تصرفاته وافعاله واتكلمت من بين أسنانها:- طول عمرك غاوي رمرمه وفعلاً هي تليق عليك وتليق بمستواك؛ أنا عملت منك بني آدم يا مروان؛ وتعبت فيك لما خليتك رجل أعمال؛وصلتك لمكانه بعيده عليك بُعد الشمس من الأرض، وإن كان عليا! ارميك بره من وقت ما اتجرأت إنك تلعب بديلك،وفكرت تخون أنجي الورداني، لكن أبقى غبيه لو عملتها؛ أنا ما عنديش استعداد للخساره.
خلصت كلامها وقعدت على طرف السرير وفتشت في جيوبه طلعت المحفظه وفتحتها ولقت فيها ورقه،قرأت اللي مكتوب فيها،رفعت حاجبها بتعجب وبصت قدامها وقالت بتفكير:- بقى كده!!
العم محمود كان مريح في سريره لكن صاحي، سيد دخل عنده وقال:- صباح الخير يا عم محمود.
محمود بيكح وكان تعبان شويه:-صباح الخير يا سيد يابني.
سيد:- عامل ايه انهردا؟
محمود برضا:- نحمد الله على كل حال.
سيد:- يدوم الحمد يارب، معلش انا هستأذنك أنزل اروح للجماعه كده، أنت عارف بقى النهارده الجمعه هفطر مع العيال ونلبس الجلابيه البيضا ونصلي الجمعه إن شاء الله.
محمود هز راسه ليه:-روح يابني و ربنا معاك ويتقبل منك.
سيد خرج ومحمود لسه مكانه وشاف السبحه على الكوميدينو جمبه واخدها وفضل يسبح ويذكر ربه، لحظات والباب خبط وما كانش قادر يقوم وقال بو وهن:- دي تلاقيها سعاد ما هي معاها المفتاح؛ والله ما قادر اقوم؛ معلش يا محمود اتجبر على نفسك وقوم تلاقيها نسيت المفتاح ولا حاجه.
حاول يقوم بصعوبه وراح فتح الباب لكن اتفاجئ بفتحي اللي واقف قدامه ونظراته كلها شماته وخبث وقال:- صباح الفل.
محمود بتعجب:- فتحي!!
فتحي بإبتسامة بارده:- اه فتحي يا حمايا السابق، إيه أوعى تكون نسيتني.؟
محمود قلبه اتقبض وخاف أن فتحي يسأل عن ليله أو يجيب سيرتها، هو خلاص بيحاول يتأقلم على الوضع اللي هو فيه، بلع ريقه وأتكلم:- لا يا بني ما نسيتكش؛ انا بس مستغرب علشان مش بالعاده تجيلي لحد باب بيتي.
فتحي سند دراعه على الباب وأتكلم بسخريه وتريقه:- لا يا حمايه السابق؛ اجيلك فين بس؟ انت من آخر مرة طردتني فيها؟ قلت خلاص ياواد يا توحه، عمك محمود راجل حر مش عايز أي حد غريب يدخل بيته، بس اللي عرفته بعد كده بقى غير نظرتي فيك.
محمود ضغط على السبحه وقلبه دق بخوف ورد بتوجس:- قصدك إيه؟ انا مش فاهم أنت بتتكلم عن ايه؟
فتحي هرش في خده ومثل أنه بيدور على ليله بعينيه في الشقه وقال:- ألا هو عدم اللامؤاخذه! فين ليله يا حاج محمود؟
ارتبك ومعرفش يرد، وفتحي كمل بخبث:- أنا بسأل بس علشان بقالها مده يعني مش باينه في الحاره، ده انا حتى لما سمعت إنك بعافيه شوية؟ قولت بس! تلاقي ليله مريحه أبوها وهي اللي شايله الشيله لوحدها، ومن المحل للبيت ومن البيت للمحل، ده انا حتى روحتلها مكان شغلها، بس لقيت المحل مسكر بالضبه والمفتاح، قومت سألت نفسي؛ اللاه وبعدهالك يا فتحي أنت هتفضل تدور كده عليها كتير ومالهاش أثر في الحاره؟ ما تروح يا عم تسأل أبوها هو اكتر واحد عارف بنته راحت فين؟ قولي بقى يا حمايه السابق هي المحروسه ليله فين؟
محمود جسمه رجف وحس بتعب وأتكلم بصعوبه:- اتكل على الله يا فتحي؛ و ليله ماتخصكش علشان تسأل عليها، وأنت عارف انها مسافره عند ناس قرايبها.
فتحي ضحك بصوته كله وقال:- قرايبها!!! ده على أساس اني ما كنتش جوزها في يوم من الأيام وعارف البير وغطاه؟وعارف قرايبها فين وهما مين ومقاطعينكم من كم سنه؟ يقوم سبحان الله حبل الود وصل بينكم دلوقتي؟ قول كلام غير ده يا عم محمود،هو أنت ما تعرفش إن الحاره والمنطقه كلها ما فيش على لسانها غير ليله بنت محمود صابر؟
وسكت لحظات وبيمسك السِجاره من خلف ودنه، وسأله بشك:- هي صحيح ليله طفشت مع واحد ابن ذوات؟! ولا ماعجبهاش عيشة الفقر! قامت هربت من البيت وقالت تقضيها مع أي حد والسلام؟!
محمود كان هيقع ومسك في الباب وقال برعشه:- منك لله، منك لله أمشي يا فتحي؛ أمشي وغور من هنا وما اشوفش وشك تاني.
فتحي أبتسم بسخريه وقال بتهكم:-بشوقك، أنا همشي بس علشان شايفك مش مستحمل؛ ما أنت برده كان الله في عونك؛ راجل كبير وبنتك سابتك ويعالم راحت فين؟ سلام.
سابه ونزل وهو بيولع السِجاره، محمود قفل الباب بصدمه وماشي ببطء،عينيه تايهه في كل مكان وحاسس بضياع، الوخز في قلبه رجعله تاني بس أشد من قبل، حط أيده على قلبه ووقع على الارض مش قادر ياخد نفسه، مفتح عينيه على الآخر وبيحاول يتنفس لكن مش قادر، سعاد فتحت الباب وداخله بإبتسامة، لكن ابتسامتها اتحولت لصدمه وشهقت:- عم محمود؟!!!
جريت عليه وقعدت جمبه على الارض وبترفع راسه واتكلمت برجفه:- عم محمود! مالك يا عم محمود؟!
باصص للسما ومش عارف يرد عليها بيحاول يتكلم لكن صعب، سعاد بتهز فيه وعيطت:- عم محمود رد عليا الله يخليك؛ رد عليا قولي مالك؟
محمود بيحاول يقولها حاجه لكن مش عارفه تفهمه وقالت بدموع:- طيب ما تتكلمش خالص دلوقتي، ارتاح وانا هقوم أشوف تاكسي نوديك المستشفى.
جت تتحرك لكن مسك أيدها برجفة وهمس بصوت واطي:-لـــ، لـيــله، لــيلـه بنتي.
سعاد حطت أيدها على بقها وعيطت وردت بحزن:- مسيرها ترجع؛ إن شاء الله هترجعلك.
الوخز شد عليه بطريقة مش قادر يقاومها وهمس:- خلاص خلصت الحكايه؛ كل حاجه انتهت.
سعاد مش عايزاه يتكلم كتير وقالت:- طيب ما تقولش حاجه علشان ما تتعبش أكتر؛ انا هروح أجيبلك العلاج.
قامت تجري ودخلت اوضته وهي بترتعش، فتحت شنطه العلاج وبتدور في الادويه، خرجت بسرعه وقالت:- أهو، الدوا أهو يا عم محمود.
محمود عينيه مفتوحه لفوق،ما بيردش، كل حاجه فيه كانت ساكنه، سعاد بلعت ريقها بخوف وقلبها دق وندهت عليه بصوت مهزوز:- عم محمود؟
مردش عليها، قربت منه وحاولت تمسك أيده لكن وقعت جمب منه مستسلمة لأمر الله، بصتله كتير وهزت راسها بالرفض وعيطت وصرخت بصوت من نار:- عــــــم محمــــــــــــود.
لحظات والناس اتلمت على صريخها، نقلوه في اوضته وفرغلي قاس النبض ليه،و أخد نفس عميق وقال ليهم بحزن:- إن لله وإن إليه راجعون، البقاء لله.
صرخة سعاد أول ما عرفت لانها ما كانتش عايزه دي تكون النهايه، لازم يسامح ليله، لازم يشوفها ويتكلم معاها، لازم يمـ.ـوت وهو مرتاح، حطت وشها بين أيديها وفضلت تعيط،في ثانيه الخبر وصل لكل أهل الحاره والناس اتلمت وفتحي سمع الخبر واتصدم، لأنه كان لسه عنده، زعل من نفسه لانه فاكر أنه مايقصدش يشمت فيه أو يتعبه، هو رايح يوصله رساله معناها إن ليله بنتك معايا كانت قصاد عينك، ولما بعدت عني ماحدش بقى عارف ليها طريق، أخوات سعاد جم وأهل الحاره، وتم عمل اللازم، مختار عرف باللي حصل وراح بسرعه يعمل الواجب علشان خاطر عمه فرغلي، وتمت صلاة الجنازة على العم محمود بعد صلاة الجمعه، واتجهوا بيه على المقابر ورجعوا، خلاص كده العم محمود انتهى، انتهى بسبب غلطه، هي يمكن غلطه غير مقصوده بس عواقبها كانت وخيمه لو ليله ما كانتش صدقت مروان في كل كلمه قالها!! لو ليله رفضت تركب معاه العربيه من البدايه! ولو رفضت تبدأ معاه علاقه محرمه! ما كانش حصل كل ده، ما كانش أبوها هيـ.ـموت ويا عالم كان غضبان عليها ولا لأ؟ وهي كمان مكانتش اتدمرت وانتهت حياتها بالشكل ده، سعاد كان قلبها مفتور من العياط وكأنها هى بنته وحزينه جداً عليه،عاشت مع عمها محمود ست شهور بتراعيه وبتخدمه وكان أبوها التاني، الستات كانت بتواسيها كأنه أبوها، وفرغلي وفتحي وسيد واحمد هما اللي بياخدوا العزاء،ليله خافت من الصوان اللي منصوب تحت بيتهم، وبترفض الفكرة نفسها، وبصت على البيت ومشيت خطوتين لكن ست من بعيد شافتها، وجت لحد عندها وقالتلها بحزن:-ليله! أنتي رجعتي يابنتي! قلبي عندك يا ليله،البقيه في حياتك ياحبيبتي، الله يرحمه كان راجل طيب.
انتفضت مكانها وكأن الكلمه كهربت قلبها وبصت للست دي بزهول كبير وسألتها بتوجس:- مين اللي مات؟!
الست قدرت موقفها وقالت:- لا حول ولا قوة إلا بالله، انا عارفه يا بنتي الصدمه شديده عليكي، بس هنقول إيه! قدر ربنا،و الحاج محمود كان ونعم الناس الطيبين، دي الناس بتحلف بمشهده الله يرحمه ما.ت في يوم مفترج.
الأرض وقفت عن الدوران، حركت راسها بالرفض ودموعها نازله وكانت بتتنفس بسرعه،وبتقول لنفسها بصدمه:- بابا؟!! أبويا ما.ت؟! أبويا ما.ت؟
حست بضخ الدم بيجري في وشها ودماغها،الأرض بتلف بيها، مسكت راسها ورافضه تصدق لكن صرخت بصوت من نار أنتبه ليه كل الموجودين، صوت ظلم نفسه واتظلم، صرخة خرجت منها بطعم الحسرة والندم وفوات الاوان، داقت طعم المرارة، عيطت بحرقه وصوت منحور، شافت ضباب قدامها ودقات قلبها بتدق ببطء، غمضت عينيها و وقعت مكانها مغمى عليها، والكل اتلم حواليها، وسعاد واقفه مكانها متحركتش.
بعد شوية كانت في اوضتها نايمه في سريرها سعاد بتفوقها، بدأت ليله تفوق، وعبير اتكلمت بترقب:- اهي بتفوق أهي ياسعاد.
سعاد مسحت دموعها وهزت راسها وقالت بصوت حزين:- سبينا لوحدنا يا عبير، انزلي واقفلي الباب وراكي.
عبير وافقتها وخرجت ومبقاش في الشقه غيرهم هما الاتنين، سعاد وقفت بعيد وربعت أيديها وبتابع ليله وشافت وشها البهتان،جواها أكتر من سؤال بيدور في عقلها،ليه رجعت دلوقتي؟ مرجعتش من زمان ليه؟ وليه راجعه في نفس الوقت اللي أبوها فيه راح وقابل رب كريم، ليه مرجعتش من شهر أو إتنين، أو حتى امبارح ليه دلوقتي بعد فوات الاوان؟ ليله بتفوق وبتحرك راسها يمين وشمال بتطرد أفكار بشعه بتروادها،بتنهج بسرعه، صوت الست وهى بتقولها أبوكي ما.ت اتكرر تاني في عقلها، فتحت عينيها بسرعه واتعدلت وهى بتصرخ:-باااااابااااا.
وكملت بجنون وهى بتنهج:-لا بابا ما.ماتش، علشان ما ينفعش يمـ.ـوت كده، أبويا ما يمـ.ـوتش وهو زعلان مني، لا يا ليله لأ متصدقيش اللي حصل ده، اللي حصل ده كله كدب في كدب.
سعاد من وراها نفت كلامها وردت بجمود:-لا مش كدب يا ليله، وابوكي ما.ت وخلاص كل حاجه خلصت يا بنت عم محمود.
ليله لفت ليها وجسمها كله بيرتجف ومش مصدقه اللي بتسمعه، نزلت من السرير و وقفت قدام سعاد، ومش عايزه تصدقها،بس أكتر واحده هتقول الحقيقه هى سعاد، وسعاد لابسه أسود ف أسود يبقى صح بابا خلاص ما.ت، دموعها نازله زي الشلال واتكلمت بضياع وترجي:- لا يا سعاد لأ، بابا ما. ماتش، أنا.! أنا جيتله،رجعلته يا سعاد رجعتله علشان أصالحه،جيت علشان أقوله إني غلطانه،وعرفت غلطي وندمت عليه، قولي يا سعاد انكوا بتضحكوا عليا، بتعملوا فيا كده علشان اللي عملته فيكوا.
وسكتت للحظات وكأنها بتفكر وبصت لسعاد وقالت بأمل:- أيوه؛ أنا عرفت كل حاجه دلوقتي؛ وليه عملتوا كل ده، بابا زعلان مني صح؟ وعلشان كده هو مش عايز يقابلني، مش عايز يشوف وشي، أنا عارفه، انا حافظه بابا أكتر من نفسي، هو لما بيزعل وبياخد على خاطره بيحبس نفسه في أوضته، ايوه بابا قاعد في اوضته ياسعاد دلوقتي وهتشوفي بعينيك، بس أنتي مش مصدقاني صح؟ بس أنا بقى هثبتلك، ولما اترمي تحت رجليه أنتي هتخليه يصالحني.
خلصت كلامها وخرجت تجري على أوضته، سعاد غمضت عينيها وقلبها اتوجع على شكلها، ليله فتحت الباب بسرعه وهي بتتكلم:- بابا انا جيتلك برجليا علش.....!
سكتت ما كملتش كلامها، شافت الأوضه زي ما هي،لكن فاضيه، ريحته بس اللي ماليه المكان، ومش باقي منه غير هدومه، جلابيه هناك متعلقه ع الشماعه،وزيها على السرير،ساعته على الكومودينو، وسبحته مش في أيديه! حست إن رجليها مش شايلاها، دخلت بصعوبه عينيها بتدور عليه في كل ركن فيها، سعاد داخله وراها،و ليله عينيها على ساعته اللي كانت ديما مزينه أيده، مسكت الساعه وشمت ريحته ووقتها صدقت ان خلاص أبوكي انتهى ما.ت يا ليله، ما.ت وهو غضبان عليكي، ااااه يا ليله اااه على اللي حصل واللي بيحصل واللي لسه هيحصل، سندك في الدنيا راح، امانك وقوتك راح، هي دي قطمة الضهر اللي بجد يا ليله، ابوكي ما.ت ويا ريته كان راضي عنك، أبوكي ما.ت مكسور مقهور بسببك يا ليله، انتي السبب في مـ.ـوت أبوكي، أنتي السبب في كل حاجه حصلت، فضحتيه وقهرتيه، بس هو دلوقتي أرتاح، قابل وجه كريم، لكن الدور عليكي انتي، انتي اللي هتفضلي في وش المدفع، أنتي اللي هتتعاملي مع البشر، والبشر ما بترحمش، قعدت على سريره مشت أيدها وبتحسس مكانه،عيطت بوجع وعيطت بذل وانكسار، عيطت وكانت متغاظه من نفسها بتعض على صوابعها من الندم،ندهت عليه بصوت منحور وقالت:- بابا رحت وسبتني لمين يا بابا؟ رحت وسبتني ليه؟ مشيت من غير ما تسامحني ليه؟ هعيش ازاي وأنت مش مسامحني،انا كنت عايزه اجيلك والله العظيم،كنت عايزه اجيلك من زمان بس كنت خايفه،حقك عليا يا بابا،حقك عليا طيب انا دلوقتي ليا من غيرك؟ سبتني لمين هااا؟ الناس طلعت وحشه قوي يا بابا كان نفسي تسمعني وتسمع مني عايزه أقولك ندمانه اني ما سمعتش كلامك، كل كلامك كان صح،عايزه اقولك إني غلطانه ارجع يا بابا والنبي ارجع وسامحني وهعملك اللي أنت عايزه، ارجع وخليك أنت، خد من عمري وارجع يا بابا.
سعاد كان قلبها مفتور عليها،لكن غلطها لا يغتفر، مسحت دموعها واتكلمت بجديه:- خلاص يا ليله بكفاياكي وبطلي تمثيل؛ انتي زعلانه ليه؟ أنتي دلوقتي بقيتي حره مع إنك كنتي حره من زمان، ومبتفكريش غير في نفسك وبس، يعني دلوقتي تغلطي برحتك ومش هتلاقي حد يعتب عليكي.
ليله بصتلها بدهشة وقالت بلوم:؛ ما تقسيش عليا يا سعاد؛ ما تظلمنيش.
سعاد انفجرت فيها:- ما اظلمكيش؟!! طيب وانتي ما ظلمتيناش؟ ما ظلمتيش أبوكي الراجل الغلبان اللي كسرتيه وعرتيه قدامنا كلنا؟ الراجل اللي خلتيه مش عارف يرفع عينه في وش الناس؟وازاي مش عايزاني اقسى عليكي! وأنتي كنتي اكتر الناس قساوه علينا، كنتي اكتر الناس انانيه، كنتي اكتر حد بتكرهينا؛ لأنك لو كنتي بتحبينا نص حبنا ليكي؟ كنتي مستحيل تعملي كل اللي أنتي عملتيه ده، لو كنتي بتخافي على شرف أبوكي ما كنتيش كسرتيه وخذلتيه فيكي! لو كنتي بتخافي على سمعته وكبريائه؟ ما كنتيش فضحتيه.
وكملت بحيره:- أنا، أنا مش عارفه أقولك إيه؟ أقولك البقيه في حياتك؟ولا أقولك اشربي يا ليله؟! اقولك قلبي عندك؟ ولا ادفعي يا ليله تمن غلطك؟ اقولك حمدلله على سلامتك؟ ولا روحي مطرح ما كنتي يا ليله؟ أقولك إيه وأعيد إيه؟
سكتت للحظات واخدت نفس عميق وكملت بإستفسار:- كنتي فين كل ده يا ليله؟ كنتي فين طول الست شهور اللي فاتوا؟ ست شهور سايبه أبوكي وما سألتيش عنه لحظه واحده؟ وجايه دلوقتي تقولي ندمانه!! ست شهور أبوكي من المستشفى للبيت وعلاج وذل وندم وكسره وقهره، وجايه دلوقتي تقولي ندمانه؟ أنتي يا بنتي واعيه للي أنتي فيه؟ يعني أنتي فاكره الموضوع بالساهل عندك كده؟ راجعه ليه يا ليله؟وليه جايه دلوقتي! الراجل ما.ت وما فاضلش ليه غير السيره الحسنه، أنتي راجعه تشوهي صورته بعد ما ما.ت؟ لا انا مش هسمحلك أبدا.
ليله بتسمعها وبتحرك راسها بالرفض، هي ما تقصدش كل ده، هي ما فكرتش في كل ده، كل ذنبها الوحيد أنها حبت بس حبت الشخص الغلط، كل ذنبها الوحيد انها وثقت فيه مشت ورا غريزتها وطموحها، كانت عايزه تفرح، كانت عايزه مستقبل مضمون بس هي ما تقصدش كل ده يا سعاد ما تقصدش،ليله مسحت دموعها واتكلمت بيأس وقالت:- أنتي عندك حق يا سعاد أنا مابحبكمش، أنا ما بحبش بابا لأني فعلاً لو بحبه ما كنتش عملت كده، وعندك حق بس انا ما رجعتش لبابا وقتها لاني كنت خايفه، كنت مستنيه الوقت المناسب علشان.
وسكتت لحظه وافتكرت غدر مروان ليها وكملت بحزن:- علشان ارجعله وانا رافعه راسه بس اكتشفت ان مش كل اللي بنتمناه بيتحقق يا سعاد، انا دلوقتي مش طالبه منك غير طلب واحد! إنك ترحميني وما تجلديش فيا، انا طلعت من صدمه دخلت في دوامة انهيار، أنتي ما تعرفيش ايه اللي حصلي، وما تعرفيش انا مريت بأيه! طبطبي عليا يا سعاد طبطبي عليا وخديني في حضنك،انا خاطري مكسور.
سعاد عيطت من كلامها وصعب عليها حال صحبتها وشافت كمية الذل واليأس اللي هي فيه، قربت منها وقالت بعياط:- وحشتيني ياليله.
ليله ماصدقت واترمت في حضنها واتنهدت تنهيدة توجع القلب وعيطت، فضلت تعيط وكلبشت بإيديها في هدوم سعاد كأنها خايفه تخرج من حضنها، خايفه تخرج للعالم اللي بره، للعالم اللي مستنيها علشان يأذيها أكتر، سعاد طبطبت عليها واتوجعت لوجعها وقالت باحتواء:- كفايه يا ليله كفايه.
صرخت ليله في حضنها وقالت:- انا تعبانه يا سعاد؛ تعبانه انا ظَلمت واتظلمت، انا جَانيت واتجنى عليا، انا قـ.ـتلت واتقـ.ـتلت، أبويا راح وسابني، سابني من غير ماقوله حقك عليا وابوس التراب اللي بيمشي عليه، اجيبه منين يا سعاد علشان اقوله سامحني، هاجيبه منين خلاص كل حاجه في حياتي انتهت، ليله ضاعت ليله اتدمرت خلاص.
فضلت في حضنها شويه، ولما طلعت من حضنها! طلبت من سعاد تخرجها من الاوضه علشان مخنوقه، سعاد سندتها وخدتها على اوضتها، ليله قعدت على السرير وكانت دايخه وتعبانه ووشها أحمر جداً، سعاد سابتها وراحت جابتلها كوباية عصير وبعد معاناه ليله شربتها غصب عنها، سعاد كانت لسه هتتكلم معاها وتسألها أي اللي جرالها بعد ما مشيت، لكن ستات الحاره طلعوا يقعدوا معاهم، ليله مسكت أيد سعاد بترجي:- مش هقدر اقعد مع حد يا سعاد؛ انا تعبانه مش هقدر أشوف نظراتهم ليا؛ أبوس ايدك اتصرفي انا مش هقدر؛ حقيقي مش هقدر.
سعاد تفهمت الأمر وطبطبت على أيدها وقالت:- خلاص يا ليله ما تحمليش هم أنا موجوده،هطلع أخد العزاء واقعد مع الستات وأنتي ارتاحي شويه، شكلك هيغمى عليكي، ارتاحي وانا هقولهم إنك نايمه تعبانه.
عند ندى زهران
قاعدين بيتغدوا كلهم مع بعض،ندى قاعده وجمبها شمس ومشيره قاعده وجمبها جوزها، مشيره سألت جوزها:- قولت ايه يا فهمي في الموضوع اللي قلتلك عليه؟
فهمي كشر عينيه وسألها:- موضوع ايه يا مشيره؟
مشيره بعصبيه:- يوه هو أنت لحقت تنسى؟! ده انا قايله ليك الصبح قبل صلاة الجمعه.
فهمي بص في الساعه وقال:- والساعه دلوقتي 6:00 المغرب يا مشيره، يعني عدى نص يوم، وده مبرر قوي إني اكون نسيت، قوليلي بقى يا ستي ايه الموضوع؟
ندى ضحكت هي وشمس، ومشيره زفرت بقوه وقالت بنزق:- انا عارفه حظي من يوم ما اتجوزتك وأنت بتنسى يا فهمي؛الحمد لله إنك بتخرج من البيت وبترجع على هنا تاني.
فهمي بهزار:- لا ما انا كاتب العنوان في ورقه ما تخافيش عليا؛ يا ستي قولي ولا أنتي قصدك على موضوع شغل ندى؟
ندى وشمس بصوا لبعض بتعجب ومشيره شهقت بفرحه وقالت:- ياما انت كريم يا رب طلع ما بينساش أهو، أيوه ياخويا انا قصدي على موضوع ندى بنتك، قلت ايه؟
فهمي:- والله يا مشيره القرار ده يرجع لندى؛ وافقت تشتغل! هيكون على حبة عيني ما وافقتش انا هفرح وبنتي قاعده قدامي هكون مستريح علشان مطمن عليها.
مشيره متغاظه علشان نفسها بنتها تتجوز وعايزاها تطلع تشتغل يمكن تنسى أمير واتكلمت بغيظ:- هي يعني هتتخطف يا فهمي؟ وبعدين الشغل هيبقى مضمون في شركه استاذ وليد جوز أختك.
وكملت بتحذير:- بس الفرع اللي هيكون فيه حازم.
وكانت قاصده تقول كده علشان مش عايزه ندى تروح عند أمير، فهمي حرك كتافه وقال:- والله ندى بنتك عندك اهي،وهي حره بقى.
ندى فهمت الموضوع واتكلمت بضجر:- ايه يا ماما هو احنا مش هنخلص من الموضوع ده؟ انا مش حابه أشتغل.
مشيره بمكر:- يابنتي هو انا حباكي يعني تتمرمطي، بس الشغل المرادي جاي على هوايا بصراحه، يعني لا هتتعبي ولا تتبهدلي في المواصلات، هتبقي في شركة جوز عمتك يا قلب و نور عين ماما، فيها حاجه دي؟
ندى رفعت حاجبها وقالت:- ماما ممكن تشرحيلي ايه اللي حصل؟! لأن الموضوع ده بينا منتهي من فترة كبيره، ايه بقى اللي جد الفتره دي علشان تفتحي الموضوع ده تاني؟
مشيره حطت جزء من الفراخ قدام ندى وشمس وردت عليها:- والله يا حبيبتي عمتك اللي كلمتني امبارح في التليفون؛ وطلبت مني ونفسها ومنى عينها إنك تروحي الشركه وتشتغلي فيها، انتي اولى من الغريب وهتكوني في وسط عيلتك هناك، وانا هكون برده مطمنه عليكي، وقلتلها هشوف وارد عليكي.
ندى اخدت نفس عميق وردت بإقتضاب:-ماما موضوع الشغل بالنسبالي ده منتهي، انا مش هشتغل انا قاعده هنا معاكي ولا حضرتك متضايقه من وجودي؟ لو كده الوضع يختلف.
مشيره شهقت وقالت بعتاب:- متضايقه ايه يا ندى؟ إيه الكلام اللي بتقوليه ده يا بنتي؟ انا عايزاكي تشتغلي علشان تخرجي وتفكي عن نفسك شويه، بس لو مش عايزه خلاص أنتي حره.
ندى ابتسمت ببرود وقالت:- ميرسي جداً يا ماما لتفهمك؛ انا يا حبيبتي فعلاً مش عايزه اشتغل.
مشيره بصت لجوزها اللي بياكل ومش مهتم وصكت على أسنانها بغيظ:- وماله يابنت أبوكي.
شمس بصت قدامها للفراغ وبعد كده رفعت حاجبها وابتسمت بمكر.
مروان فاق من النوم أخيراً، لكن ماكانش قادر يفتح عينيه من الصداع اللي عنده، اتعدل بتعب واتكلم بعفويه وقال:-سايباني كل ده نايم يا ليله؟
ملقاش رد فتح عينيه ببطء من الصداع وبص حواليه وشاف نفسه في الجناح بتاعه، نفخ بخنقه وبيدور على تليفونه علشان يتصل على ليله، بص على الكومودينو شاف كوباية مياه وبرشامه مسكنه اخد المسكن،ومسك الموبايل وجه يتصل عليها لكن افتكر، افتكر انه خلاص طلقها،مبقاش ليه حق عليها، خلاص دمرها، بص قدامه وبلع ريقه بغصة وجع، غمض عينيه وشافها وهي بتترجاه علشان ما يتخلاش عنها، ما يخذلهاش ما يدمرهاش، غمض عينيه بقوه وضغط على تليفونه جامد من قلة حيلته، ماقدرش يتحمل أكتر من كده، حدف التليفون بكل قوته في المرايه واتكسرت مسك راسه وضغط عليها كتير حاسس ان دماغه هتنفجر، وافتكر بعد ما خرج من عندها ما كانش عارف يروح فين،عايز ينسى وشاف ان الحل الوحيد علشان ينسى؟ انه يشرب ويسكر ويدمر نفسه أكتر يمكن يرتاح،وطلع على الملهى الليلي، لكن مش عارف وصل للبيت هنا إزاي، وأكيد هما الحرس اللي معيناهم أنجي في كل حته، بص قدامه بندم وشاف ليله وضحكتها وافتكرها في اول لقاء بينهم وهي بتقوله الدره المشوي، هتاخد كام واحده يا بيه؟ إيه اتنين بس؟!! عينيه اتملت بالدموع وكان نفسه يبكي يمكن يستريح من عذاب الضمير؛واتكلم بتوسل:- سامحيني يا ليله غصب عني فراقك، غصب عني ياحبيبتي.
سمع خطوة أنجي قدام الباب وفتحت ودخلت عليه وهي مبتسمه وكأنها حاصله على جايزه، دخلت وقالت بفرحه:- بونسوار؛ أخيراً صحيت يابيبي؟ الساعه تسعه أنت نومك تقيل قوي.
مروان مردش عليها وهي ما اهتمتش وبصت على المرايه شافتها لكن شهقت بتمثيل وقالت ببرود:- إيه ده؟! مروان ايه اللي كسر المرايه كده؟! تؤ تؤ اكيد اللي حصل ده بالغلط، لانه ما يحصلش غير كده؛و لانها ما تجيش غير كده، اوكي مش موضوعنا، يلا بقى قوم غير اللي انت لابسه ده وخد شاور دافي والاستايلست بتاعي هيطلع ليك ويساعدك في اللبس علشان عندنا فرح مهم جداً.
مروان اتكلم بصوت مهزوز ويأس:- مش قادر أخرج في اي مكان.
أنجي ضحكت بتهكم:- لا يا بيبي هتقدر؛ وبعدين ده فرح مهم جداً؛ زفاف بنت اكبر رجل أعمال توفيق العمري،انت عارفه، يلا يلا قوم بطل كسل نص ساعه وتكون جاهز اوكيه؟ يلا باي
خلصت كلامها وخرجت وهي مبتسمه، اما مروان حط وشه بين ايديه وهموم الدنيا كلها متكتله فوق كتافه.
عدا الوقت وليله كل ده كانت نايمه من التعب أو بمعنى اصح كانت بتهرب من العالم اللي بره في النوم، وانها ما تقابلش حد ولا تشوف حد كانت نايمه لكن عقلها شغال ما بين افكار متضاربه بين الماضي والحاضر،بين أبوها وهو بيطردها ولما رجعتله وما لقتوش، كانت بتحلم انها بتجري، بتجري في طريق كله شوك وبتنادي:- بابا؛ مروان! مروان أنت فين؟!
فتحت عينيها بسرعه وبصت حواليها شافت نفسها في اوضتها اخدت نفس عميق وحاولت تتعدل أتنهدت بوجع، مسكت صورة باباها اللي جمبها على الكومودينو وكانت بتتأمله بندم، ودموعها نزلت وباسته وضمته لحضنها ،في الوقت ده دخلت عليها سعاد وشافتها، وقالت:؛ صحيتي امتى يا ليله؟!
ليله كانت محرجه منها وقالت بصوت خافت:- لسه صاحيه.
قعدت جمبها وقالت:- امسكي يا ليله دي محفظة عمي محمود ودي السبحه اللي كانت في ايده قبل ما يمـ.ـوت، وكل حاجه في البيت زي ما هي.
ليله حطت الصوره مكانها وماسكه المحفظه والسبحه وعينيها تايهه بينهم،انفجرت في العياط وقالت بصوت موجوع:-الله يرحمك يا بابا؛ الله يرحمك.
طبطبت على رجلها وحبت تواسيها:- خلاص يا ليله كفاياكي عياط انتي من بدري على الحال ده؛ وكمان دخلت عليكي بعد المغرب لقيتك بتنازعي وانتي نايمه ودموعك نازله، خلاص كفايه العياط مش هيرجع اللي فات.
ردت عليها بتعب ولامت نفسها وقالت:- ما عيطش ازاي بس يا سعاد! مش كفايه إن ابويا ما.ت غضبان عليا؛ انا خلاص ما بقاليش حد.
سعاد بإحتواء:- ما تقوليش كده كلنا حواليكي أهو، بس يا ليله انا عايزه اتكلم معاكي شويه، عايزه اعرف رحتي فين المده دي كلها؟ وليه اختفيتي كل ده؟ ورجعتي في التوقيت ده بالذات ليه؟ ما رجعتيش لأهلك وبيتك من بدري ليه؟
ليله مسحت دموعها وقالت:- الامور دايما ما بتمشيش زي ما انتي عايزه يا سعاد، انا لو كنت رجعت وقتها كنت اتفضحت اكتر، وكمان بابا مش هيستحمل وجودي ولا هيبص في وشي، إذا كان انا ما كنتش مستحمله وكنت حزينه على اللي حصلي مع انه بأيدي، بس والله العظيم ما كنت أعرف إن كل ده هيحصل،بس خلاص انا عرفت حظي ونصيبي مش مكتوبلي أفرح، مش مكتوبلي أعيش.
سعاد زعلت علشانها لكن ردت وقالت بعتاب:- كان ممكن تفرحي؛ وكان ممكن تعيشي لو سمعتي كلامي يا ليله، قلتلك ما تصدقيش اي حد يجري عليكي ويقولك بحبك وكلمتين خايبين بنسمعهم في الأفلام والأغاني، ياما نصحتك وكنت بخاف عليكي من تسرعك وقراراتك اللي بتاخديها من غير وعي، لكن خلاص فات الاوان، أنتي خسرتي يا ليله خسرتي كتير قوي، وانا بجد حزينه عليكي، قلبي موجوع علشانك، ليه تعملي كل ده؟ معقول أنتي تعيشي مع واحد في الحرام؟ويا عالم خرجتي من هنا روحتيله ولا رحتي فين بالظبط؟
الكلام كان بيشرخ في قلبها كل كلمه بتقولها سعاد زي الخنجر المسموم بينخر في الجرح ويسيب علامة، وحبت تصحح الغلط وقالت:- انا غلطت، بس صلحت غلطتي، مروان اتجوزني يا سعاد كتب عليا ،كتب عليا تاني يوم ما مشيت من هنا.
سعاد بصدمه:- ايه اتجوزك؟ طيب لما اتجوزك ما رجعتيش ليه يا ليله؟
ليله بحزن - كنت مغفله كنت مفكره انه فعلاً بيحبني بس طلع بيكدب عليا يا سعاد طلع كذبه كبيره.
سعاد كشرت عينيها بتساؤل منين صلحت غلطتها؟ ومنين طلع كذبه وقالت:- انا مش فاهمه حاجه.
ليله بوجع وحسره:- بعد ما صلحنا غلطتنا، مروان طلقني، طلقني ورماني في الشارع؛ طلقني من غير ما يتهز ليه رمش، كل حاجه كانت كدب في كدب، كل الأحلام اللي رسمهالي كانت كذبه، انا طلعت مؤقت في حياته،كنت فتره صغيره، انا نزوه يا سعاد، انا كنت نزوه في حياة راجل ما يعرفش يعني إيه حب، ولا يعني ايه رحمه، قتـ.ـلني ودبـ.ـحني وساب فيا عرق بينزف، وطلوع الروح بقى صعب، سابني كل دقيقه امـ.ـوت بس ما بموتش، مروان ضحك عليا يا سعاد، ضحك عليا.
حطت وشها بين أيديها وانفجرت في العياط، سعاد شافت قهرتها في الكلام ونبره صوتها تحرك الحجر، استنت لما تهدا وسألتها:- احكيلي يا ليله ايه اللي حصل معاكي بالظبط؟
ليله بصتلها وخافت تتكلم علشان مانتقدهاش أو تعيب فيها، وف نفس الوقت نفسها تتكلم وتطلع كل اللي جواها،مسكت أيدها وقالت:- انا هحكيلك بس مش علشان اسمع نصيحه؛ انا هحكيلك لاني حاسه أنه في جبل على قلبي، ولأن وقت النصيحه فات خلاص ومبقاش ينفع فيه كلام:- انا اتدمرت يا سعاد مروان كدب عليا في كل كلمه قالهالي،مروان متجوز، ومايملكش اي حاجه، ولاني كنت مجبره ؟رضيت بيه وبكل ظروفه، ورضيت أكون زوجه تانيه، عشت معاه اجمل ست شهور في حياتي، وأتاريه كان بيضحك عليا، لقيته امبارح داخل عليا وبيقولي احنا لازم نتطلق، وطلقني في غمضة عين، رماني بسهوله وكل حاجه في حيات ليله خلصت.
سكتت للحظات وسعاد مستنياها تحكي بالتفصيل، ليله بصت قدامها للفراغ وكأنها بتحكي قصة روايه حزينه وحكتلها كل حاجه من وقت ما خرجت من البيت لحد ما وصلت الحاره،سعاد كانت بتحرك راسها بالرفض ومش مصدقه اللي حصل، مش مصدقه إزاي ليله بالغباء ده؟وازاي نهت حياتها قبل ما تبدأ؟ وازاي تصدق واحد ما تعرفش عنه اي حاجه؟ ازاي يا ليله إزاي وافقتي على تدميرك، ازاي وافقتي على هلاكك؟ بس انا مش مستغربه اللي حصل يا ليله لان ما بني على باطل فهو باطل.
في السهره في فندق كبير فرح بنت المليونير توفيق العامري، موجود مجموعة كبيره من رجال الأعمال ومن ضمنهم وليد برهامي وأولاده أمير وحازم ومحجوز ليهم في اول ترابيزه، وده ضايق يق أنجي جداً،لانها على الترابيزه اللي وراهم، قاعده وعينيها بتبص لأمير بنظرات ناريه، أما أمير كان قاعد بيضحك ومبسوط جداً، واول مرة أنجي تشوفه مبسوط كده، يا ترى في ايه في دماغك يا أمير؟ مروان قاعد وسند أيده على الترابيزه ماسك الكاس لكن عقله في دنيا تانيه خالص، حاسس أنه وحيد ورجع للفراغ من تاني، في جبل على قلبه، في حمل تقيل جواه نفسه يتحرر منه، بس مش عارف، مكبل ما بين أنجي ونفوذها وسلطتها عليه، أنتبهوا على صوت كل الحضور بيصقفوا، العروسه والعريس بيقطعوا التورته، أنجي بتصقف ببرود وشافت مروان ساكن تماماً، و همست بنفاذ صبر:- مروان!! يا ريت تنتبه أكتر وتخلي تركيزك معايا؛ أنت عارف إن دي اكتر حاجه أنا بكرهها، إياك تبوظ شكلي قدام الناس وإلا أنت عارف هعمل فيك إيه؟
مروان غمض عينيها وقال من بين أسنانه:- سامعك يا أنجي ومركز كويس قوي.
ساب الكاس وصقف بتكليف وبص على أمير،وخايف أنه يقوله على الطلاق يثور عليه، أمير بيصقف بحفاوه وحازم بيضحك ومبسوطين جداً وحازم سأله وقال:؛ ممكن أعرف ايه كمية الانشكاح اللي انت فيها دي؟ وعمال تقولي أضحك أضحك؟ في ايه بالظبط؟
أمير عدل جاكيت البدله ومط شفايفه وحرك كتافه باللامبالاه وقال:- أبدا؛ ما فيش عايزك تضحك هو احنا مش معزومين في فرح؟ لازم نضحك ونفرفش ولا أنت إيه رأيك؟
حازم كشر عينيه وقال بمكر:- فرح برده ولا أنت بتضحك علشان الحيزبونه متلقحه في الترابيزه اللي ورانا؟
أمير بتشفي:- حلوه الترابيزه دي مش كده؟!انا اللي حاجزها ليها.
حازم فتح عينيه دهشه وقال:- أنت؟!! أنت اللي خليت انجي تقعد على الترابيزه دي؟
امير بكبرياء وثقه:- طبعاً لأن امير برهامي دائماً في القمه.
حازم بخبث:-يالئيم في القمه برده؟ولا عايزها تقعد وراك؟ وتكون قريبه منك؟
امير ضحك من قلبه وقال:- طول عمرك فهمك على قدك، بس الحقيقه هى مكانها دايما لازم يكون في الخلف، لأني كده كده انا اللي هسوق،يعني مش شايفها.
حازم بمكر:- طب ما في مرايه خلفيه ممكن تبص بصه.
أمير بضحكه عاليه:- هو أنا مقولتلكش؟ المرايه اتكسرت يا فقري.
حازم مثل انه بيرفع العصير علشان يشرب، ورفع طرف عينه بص على أنجي وحاسس انها هتفرقع وساب الكاس وهمس ليه:- الحق أنا حاسس ان في قنبله موقوته ورانا.
امير قعد بكبرياء وحط رجل على رجل وقال:- وحياتك يا حازم أنا أكتر واحد عارفها وفاهمها؛ وعارف دلوقتي إن فيه شعلة نار قايده في قلبها، تعرف؟ هي منتظره بس إني ابصلها، بس أنا لو بصتلها هخليها تثور أكتر.
حازم اختلس النظر ليها مرة تانيه وقال:- فعلاً انا شايف انها كل شويه تبص عليك يا أمير.
أمير بمكر:؛ طب استنى.
حازم بتعجب:- هتعمل ايه يامجنون؟
أمير:- هو إحنا مش في فرح وف مجال الأعمال زي بعض؟ يعني زُملا هرفع الكاس ليها واحييها، لازم أرحب بالزميلة بنت الورداني.
حازم بصله بشرز:- ده أنت مش سهل يابن برهامي.
أمير بغمزه:- بص وأتعلم.
مسك الكاس وهو حاطط رجل على رجل ومثل أنه بيبص وراه بالصدفه وشافها بتبصله بشرز وغيظ واضح، أبتسم ليها إبتسامة بارده، ورفع ليها الكاس بتحيه، أنجي اتضايقت جداً من التصرف ده ولعنته،ولانها في مكان عام لازم تعمل زيه مسكت الكاس هى كمان وابتسمت ببرود وبعتتله التحيه.
أمير بصلها من فوق لتحت وأبتسم بسخريه وبص قدامه، ساب الكاس وخبط حازم في كتفه بمزاح، حازم كان مزهول من برود أخوه في التعامل معاها، وفضلوا يضحكوا وده جنن أنجي جداً، اما مروان يعتبر مش موجود معاهم بالمرة ولا حاسس بأي فرحه.
تاني يوم.
سعاد كانت نايمه مع ليله في الشقه تونسها أول يومين وبعد كده ترجع لبيتها وشغلها، اتصل عليها مختار وردت عليه وهي في المطبخ بتعمل فطار:- صباح الخير يا أستاذ مختار.
مختار:-صباح الخير يا استاذه سعاد؛ أنا متأسف اني بتصل على الصبح كده.
سعاد بتفهم:- لا ولا يهمك، بس هو في حاجه؟!
مختار بوضوح:- انا بس جيت الصيدليه وما لقتش حضرتك موجوده، هو أنتي النهارده أجازه؟
سعاد خبطت على جبينها ونسيت خالص انها تقوله انها هتاخد أجازه، واتكلمت بأسف وإحراج:- أنا أسفه جداً يا أستاذ مختار، حضرتك عارف الظروف اللي مرينا بيها امبارح، والنهارده انا مش هعرف اجي وبكره كمان، بس والله فعلاً نسيت أبلغ حضرتك من الظروف اللي إحنا فيها ،أحم، هو أنا لو ماجيتش فيها حاجه؟
مختار أبتسم:- لا ابدا مافيش أي حاجه؛ وكلنا بنمر بظروف خارجه عن إرادتنا ،أنا بس كنت حابب اعرف لأن في طلبيه ادويه هتجيلي بعد الضهر، بس سهله أنا هتصرف.
سعاد أحرجت من ذوقه،وردت بتفكير:- طيب ممكن تسيب الطلبيه وبعد العصر أبقى اجي ارتبها؟
مختار بإبتسامة:- وليه كل ده؟! انا هتصرف ما تقلقيش.
سعاد شكرته وكانت ممنونه ليه وقفلت، وليله صحيت وما كانتش عايزه تفطر لكن سعاد أصرت عليها، سعاد مسكت طبق البيض وحطته قدام ليله وقالت بتصميم:-كلي يا ليله البيض ده انا ما بحبوش ما ليش فيه زي ما أنتي عارفه.
ليله مكانتش قادره تتحمل ريحته وجريت على الحمام وجابت كل اللي في بطنها، سعاد كشرت عينيها واستغربت ،ولما ليله خرجت سألتها:- ايه يا ليله مالك؟ أنتي عندك برد في معدتك ولا إيه؟
ليله قعدت بوهن ودموعها نزلت واتكلمت بخيبة أمل:- مش بقولك مش مكتوبلي أفرح يا سعاد؟ يوم ما الفرحه الكبيره دقت بابي، الحزن وقتها خد مني كل غالي، أنا حامل يا سعاد.
سعاد كانت بتشرب مية وشرقت وكحت وما كانتش مستوعبه الصدمه واتكلمت بزهول:- أنتي بتقولي ايه يا ليله؟ حامل!!!
هزت راسها بدموع وقالت:- أيوه حامل، شوفتي حظ حلو بقى أكتر من كده؟ كنت متجوزه ومعايا راجل وما كنتش بخلف باعني، ودلوقتي بقيت بخلف والراجل اللي معايا باعني برده.
سعاد حركت راسها بصدمه ومكانتش مستوعبه،بس مفيش مستحيل في قدرة الله وقالت:- طب وبعدين؟
ليله حركت راسها بإستسلام:- ولا قبلين؛بقولك حامل هعمل إيه يعني؟! يمكن دي الحاجه الوحيده اللي ممكن تنسيني مُر الأيام.
سعاد بصتلها بصدمه على عدم فهمها وتفكيرها المحدود وأنها رجعت الحاره وكمان حامل؟ ونهرتها وقالت:- أنتي مجنونه ياليله؟ أنتي هربتي م الحاره في نظر الناس،وراجعه ومحدش عارف عنك حاجه والمفروض إنك في نظر الكل مطلقه؛ لما يعدي شهر واتنين وتلاته وبطنك تكبر! الناس هتقول عليكي إيه؟إحنا لازم ندور على حل يخرس ألسنة الكل.
ليله بصت قدامها وقالت بتنهيدة وجع:- ما تخافيش انا رتبت لكل حاجه.
سعاد بإستفسار:- ورتبتي لايه بقى؟
ليله واخده قرارها وقالت:-أنا مش هستنى حد يلسن عليا،انا همشي من هنا.
سعاد بصدمه:؛ هتمشي؟!! هتمشي تروحي فين؟!
ليله:- أي مكان بعيد عن هنا؛ انا خلاص ما بقاليش حد.
سعاد فكرت وكانت محتاره وقالت:- ما ينفعش يا ليله أنتي اتولدتي واتربيتي وعشتي عمرك كله هنا، وأكيد في حل هنفكر وهنوصل لحل.
ليله بتعب:-ما فيش أي حل يا سعاد غير أني امشي من هنا.
سعاد بوجوم:- هتمشي تروحي فين يعني؟! انتي ما لكيش اي حد دلوقتي يا ليله غيرنا؛ يبقى تقعدي في وسطينا واكيد هنوصل لحل.
ليله بتصميم:- أنا قلت اللي عندي يا سعاد.
سعاد بصوت مسموع:- أنتي ليه مش قادره تفهمي؟ ليه مش عايزه تستوعبي انك لو مشيتي دلوقتي هتجيبي ليكي الكلام والناس برده هتتكلم عنك.
ليله ابتسمت بسخريه:- كده كده الناس بتتكلم فعادي يعني.
سعاد كشرت عينيها:-هو إيه اللي عادي يا ليله؟! انا معاكي ان الناس بتتكلم وعلى باطل اكتر من الحق بس أنتي غلطتي.
ليله زعقت فيها:- انا عارفه ان أنا غلطت هو أنتي كل شويه هتفكريني، خلاص بطلوا تجلدوا فيا.
سعاد ربعت أيديها وقالت:- انا مش هزعل منك على كلامك؛ ومش هعتب عليكي وكمان مش مستغربه ردك؛ واحده غيرك يا ليله كانت ندمت بجد؛ كانت طلبت مننا إننا نساعدها لكن أنتي طول عمرك بتستسهلي السهل وتمشي وراه.
ليله لفت ضهرها ليها وقالت:-يعني عايزاني أعمل إيه؟! عايزاني اقعد هنا وبعد تمن شهور اخلف عيل؟ وفكرك الناس مش هتتكلم؟
سعاد:- لأ إحنا مش هنسيب فرصه للناس تتكلم؛ احنا هنفكر وهنوصل لحل.
ليله بصتلها وربعت أيديها وقالت:-طيب إيه الحل اللي عندك؟!
سعاد بحيره:- هو ما فيش حل دلوقتي؛ بس لما نقعد ونفكر أكيد هنوصل لحل؛ ما فيش مشكله في الدنيا إلا لو كان ليها حل يا ليله.
ليله ضحكت بسخريه:- شوفتي! لسه هتفكري وعلى ما تفكري بقى أكون انا سبت المنطقه كلها ومشيت منها.
سعاد اتغاظت منها، لكن حاولت تمتص غضبها وقالت بإعتراض:- لأ يا ليله مش هتسيبي بيتك، على الاقل لو حصلك اي حاجه جيرانك جمبك، الناس اللي أنتي تعرفيهم جمبك، وانا كمان جمبك وهساعدك.
وسكتت للحظات تفكر وكملت بأمل:- إحنا ممكن نقول إنك اتجوزتي في البلد هناك، واحد مثلاً كان عايز واحده ما بتخلفش، وطلقك لما عرف إنك بتخلفي وبتهيألي ده حل حلو قوي.
ليله ضحكت وقالت:- أنتي طيبه قوي يا سعاد، وتفتكري الناس هتصدقك؟
سعاد:- مش مهم الناس تصدق ولا ما تصدقش؛ المهم إن اللي في بطنك ده إبن حلال غير كده خلاص ما يهمكيش حد.
ليله بعصبيه:- إزاي يعني ما يهمنيش حد؟! أنتي عايزاهم يقولوا على ابني ايه لما يكبر وما يلاقيش أب موجود؟ تفتكري الناس هتسيبه في حاله؟
سعاد زعقتلها:- ومين السبب في كل ده! مش إنتي؟ أنتي السبب في الورطه اللي انتي ورطتينا فيها دي.
ليله بغضب:- انا ما ورطكيش في حاجه يا سعاد! وانتي بره عن حياتي ما حدش قالك تزعلي عليا! وشكرا يا ستي لزعلك.
سعاد ابتسمت بتهكم وقالت:- مش هستغرب،طبعك ولا هتشتريه ياليله؟ ده أنتي حتى ما ندمتيش بجد، انا مش عارفه،حقيقي مش عارفه أنتي تركيبتك إزاي؟ ربنا يهديكي.
ليله بنرفزه:- أنتي عملتي اللي عليكي وزياده ياسعاد،و لو سمحتي انا عايزه اقعد لوحدي.
سعاد رفعت حاجبها وقالت:- بقى كده؟! ماشي يا ليله انا هسيبك تقعدي لوحدك؛ كده كده انا عندي شغل ورزقي ورزق عيالي اولى من أني اضيعه على حد ما يستاهلش.
سعاد خلصت كلامها واخدت شنطتها وسابتها ومشيت،ليله باصه على الباب وعينيها دمعت واخذت نفس عميق وما اتكلمتش.
في شركة برهامي.
جمال السكرتير بيسيڤ شغل في مكتبه وفجاءه أنجي دخلت عليه واتكلمت بعصبيه وأسلوب أمر:- أنت!! قول للي مشغلك، انجي الورداني عايزه تقابلك. ---------