رواية مداهنة عشق الفصل السادس عشر 16 بقلم اسماء ايهاب

 

 

رواية مداهنة عشق الفصل السادس عشر بقلم اسماء ايهاب



اقتحم قاسم غرفة مكتب طارق دون الالتفات الي "احمد" المساعد الخاص به يمنعه من اختراق قوانين الكونت طارق و اقتحام خصوصيته دون اذن منه و لكنه ازاحه بعنف عنه و وقف علي الباب ينظر الي طارق الذي ابتسم و اعاد ظهره الي الخلف ثم اشار بيده الي احمد ان يخرج من الغرفة و خطي قاسم الي الداخل في حين اغلق الاخر الباب خلفه ، اشار طارق الي المقعد المقابل له قائلاً بترحاب زائفة مليئ بالغضب :
_ اهلاً يا قاسم باشا نورتني و الله 

جلس قاسم باريحية علي المقعد الذي اشار اليه و فرد ذراعه علي سطح المكتب يطرق بانامله برتابة متسائلاً بهدوء :
_ فين السعيد يا طارق 

رتب طارق خصلات شعره الي الخلف متسائلاً :
_ السعيد مين ؟

التفت اليه قاسم و ابتسم باقتضاب قائلاً بجدية و صوت حاد :
_ مش عايز لف و دوران 

ابتسم طارق باتساع و قد وصل الي مراده ان يزعزع ثبات قاسم و يثير غضبه مستمتعاً برؤيته غاضباً و حينها اجابه بهدوء ماكر :
_ السعيد مجاش من يومين ياريت لو شوفته تقوله ان انا اهم حاجة عندي الالتزام كدا هضطر ارفده 

صك قاسم علي اسنانه بقوة محاولاً التماسك امام هدوئه الذي اثار حفيظته متسائلاً بحدة :
_ قتلته مش كدا 

رسم طارق علي وجهه الذهول متحدثاً :
_ قتلته اية بس يا باشا دا راجل من رجلتي

اومأ اليه بصمت و وقف عن مقعده يستند علي سطح المكتب قائلاً بابتسامة بسيطة تنب عن غضبه :
_ انا عارف انك عملتها يا طارق و اقسم بالله هوديك المكان اللي تستاهله 

اشار طارق الي الباب قائلاً ببرود :
_ شرفت يا قاسم باشا متبقاش تختفي عشان بتوحشني

انهي حديثه بابتسامة هادئة سرعان ما تلاشت حين رأي ضحكة قاسم الذي دني نحوه هامساً بمكر :
_ متقلقش مش هوحشك تاني 

رفع قاسم كف يده و قبض عليها بعنف قائلاً بحدة :
_ هتبقي بين ايديا و قريب اوي 

التفت ليرحل في هدوء و ما ان وصل الي الباب حتي التفت اليه من جديد يهتف بتساؤل :
_ اومال انت عملت اية في التحقيق ، بضاعة المينا حصل فيها اية يا طاطا

وقف طارق عن مقعده يهندم ملابسه ثم رفع يديه في الهواء قائلاً بهدوء : 
_ بضاعة اية يا قاسم انا في السليم البضاعة دي تبع واحد تاني لبسهالي و اهو هياخد جزاءه 

نظر إليه قاسم بغضب لم يستطع ان يكبحه و خرج غالقاً الباب خلفه بقوة في حين تغيرت ملامح طارق و اصبحت شيطانية و اخذ يطرق بيده علي المكتب يخرج ما بداخله من حقد اتجاه قاسم حتي صرخ بأسم مساعده الذي دلف سريعاً اليه ملبياً نداءه ليشير الي الخارج قائلاً بحدة :
_ خلي حد من الرجالة يبقي وراه 

حمحم احمد و هو يخبره بما علم به منذ قليل :
_ قاسم خرج عدي من المستشفى 

مرر طارق يده علي خصلات شعره و هو يشعر بالغضب يتفاقم داخل صدره قائلاً بغيظ :
_ لو مكلمش كورس البرشام هيخف و هيرجع زي الاول 

ارتمي علي المقعد من جديد و هو يشير بعنف الي الباب و صرخ بقوة و قد انفلتت اعصابه و قد حاول التماسك قدر الامكان :
_ بأي طريقة حد يدخل بيتهم و يفضل ياخد الدوا لحد ما الكورس يخلص 

************************************
وضعت الحجاب علي رأسها باهمال و تقدمت من باب الشقة حين استمعت الي طرقات الباب المتتالية و ما ان فتحت الباب حتي ظهرت الدهشة علي معالم وجهها و فغر فاها و هي تجد طليقها امام الباب رمشت باهدابها عدة مرات تستوعب وجود بعد تلك المدة بعد ان القاها دون ان يلتفت خلفه حتي دون ان يستمع اليها صدق ما يريد تصديقه و انتهي الامر ، غصت و هي تحاول الثبات و عدم الصراخ بوجهه او صفعه علي ما فعله بها لتتحدث بجمود واقفة بصدد الباب :
_ خير يا كريم ! خالي اللي قالك علي مكاني 

حمحم بحرج و هو يري نظراتها القاتلة له و جمودها في الحديث معه و كأنها تخبره بأي جراءة تأتي الي من جديد ليتحدث بهدوء و هو يقترب خطوة الي الامام :
_ انا جاي اعتذرلك و اقولك اني عرفت كل حاجة 

_ ميهمنيش 

نطقت بها سريعاً مقاطعة استرسال حديثه الذي لم يعد يعني لها الآن لقد عانت ما كانت تخافه و انتهي كل شئ ، ضم شفتيه بأسف متفهم ما تشعر به ثم تحدث من جديد :
_ رقية لازم تسمعيني انا عرفت ان مش انتي اللي حطيتي السحر في اوضتنا 

ارتسمت السخرية علي وجهها و هي تعدل من وضع حجابها لكي لا يسقط قائلة : 
_ مانا قولتلك كدا و مصدقتش ، دا انت حتي مهانش عليك تسمعني بس دلوقتي معدش مهم عندي انك تسمعني و لا اني اسمعك 

ما كادت ان تغلق الباب بوجهه تُنهي هذه المهزلة الا انه منعها بكف يده الذي منع الباب من الانغلاق يدفعه برفق و اسرع يتحدث بلهفة :
_ بس انا لسة شاريكي يا رقية و الله

نظرت الي يده التي علي الباب ثم الي وجهه الذي يرتسم عليه الحزن و الندم لترتفع شفتيها في ابتسامة متهكمة و قد كانت تتوسل له ان يسمعها و الا يعيدها الي منزل خالها و لكنه كان اصم لا يسمع سوا صوت والدته التي كانت تشعل الأجواء وقتها اكثر و اكثر حتي اصابة العمي أيضاً عن حقيقة زوجته لتتحدث ساخرة :
_ هصدقك حاضر ، روح لمامتك و فرحها و قولها مش هتقبل ترجعلي مهما عملت 

_ هطلعك من بيت العيلة و هناخد شقة برا 

قالها سريعاً ليكون عرضاً سخياً حتي تفكر في العودة اليه من جديد لتطلق هي ضحكة عالية لم تكن تقصدها هذه المرة إنما داهمها الضحك فجأة حين تذكرت كم توسلت له حتي تبتعد عن منزل عائلته بعد ان رأت معاملة والدته و زوجة شقيقه لها و لكنه لم يقبل مرة واحدة الاستماع لها ، انتهت من ضحكتها معتذرة له ثم أشارت الي السُلم هاتفة بابتسامة هادئة :
_ شرفت ، ياريت متعيدش الزيارة دي تاني 

نطقت جملتها بارتياح شديد داهم قلبها و ما كادت ان تدلف الي الداخل غالقة الباب خلفها حتي استمعت الي صوت آدم ينادي بأسم عمتها اضطربت دقات قلبها تلقائياً حين سمعت صوته لتفتح الباب من جديد ينظر اليه قائلة بهدوء :
_ ايوة يا آدم في حاجة عمتي في السوق 

اكمل صعود الدرج و عينه مثبتة علي طليقها الذي لم يكن يعلم هويته بعد بل شعر بالغضب حين وجد شاب غريب يقف معها أمام الباب في غياب عمتها ، نظر لها بحدة و هو يمد يده بحقيبة بلاستيكية متوسطة الحجم قائلة بضيق :
_ و لما عمتك مش هنا بتفتحي الباب لناس غريبة لية

اخذت منه الحقيبة بتوتر من نظراته و غضب الذي يظهر جلياً موجهاً لها هي لتشير بيدها الاخري الي كريم الذي يقف يتابع الحوار بينهما بصمت قبل ان تهتف بتبرير دون قصد منها :
_ انا مدخلتش حد الشقة و انا لوحدي و هو اصلا ماشي 

اقترب طليقها منهما و هو يبتسم بسخرية متذكراً ذلك الشاب تماماً فهو خطيبها السابق و التي رفضته عدة مرات قبل خطبتهما من اجله و اليوم ترفض العودة الي عصمته من اجله أيضاً بالتأكيد ليتحدث بغيظ و غضب يظهر بعينه التي ضاقت عليهما قائلاً :
_ اه الحب القديم بقي عشان كدا مش عايزة ترجعيلي مصدقتي طبعاً و عاملة فيها زعلانة اوي من اللي حصل و انتي مصدقتي انه يحصل عشان تروحي تترمي في حضنه من تاني 

اتسعت اعين رقية بصدمة و سقطت الحقيبة علي الارض قائلاً بذهول :
_ نعم !! انت ازاي تقول كدا 

افطن آدم ان هذا الشاب هو طليق رُقية ليصك علي اسنانه بغضب غير متقبل فكرة اهانتها امامه و نظرة الاتهام بأعين هذا الشاب اثارت جنونه ليهجم عليه و قد حركه الحقد المتراكم داخله من وجود رجل اخر بحياتها و هذا الرجل قد فاز بها رغماً عن انفه امسك بتلابيب ملابسه بقوة و هو يصيح به بغضب :
_ ما تلم لسانك دا بدل ما اقطعهولك 

ابتلعت ريقها الذي جف من هول الموقف و صوته الذي كان يعلو و بالتأكيد قد سمع كل من يسكن البناية و من مظهر آدم الذي بدا شرس يحمل في قلبه الغضب منذ فترة و هي تعلم ان اخرج غضبه المتراكم سيكون العواقب وخيمة عليها وحدها ، تسارعت انفاسها حين وجدت ان بدأ الشجار بينهما و بدأ كريم بالمدافعة عن نفسه و صد لكمات آدم العنيفة لتتقدم نحوهما تتدخل بينهما لتقف بالمنتصف و قد نالت من ايديهما بعض اللطمات حتي توقفا ، دفعت آدم بقوة من امامها و هي تحاول السيطرة علي الموقف قبل ان يضخم الامر اكثر و تكون و للمرة الثانية مشاهدة لطيفة لاهل البناية و الشارع كله :
_ آدم خلاص انزل انت 

نظر اليها بضيق تدفعه هو و تطلب منه الذهاب بدلاً من ان تنهر الاخر ليندفع نحوها من جديد يمد يده حتي تطل كريم صارخاً بحدة :
_ و ربي ما هسيبه 

دفعته من جديد حتي يبتعد قائلاً بجمود :
_ آدم خلاص قولت ، انت كنت جاي لعمتي و هي مش موجودة 

ثبت عينه بعنيها ليبوح لها بكلمات عجز عن التفوه بها الآن بلسانه و قد فهمت هي حديثه عينه التي تلومها و لكن لم تتغير تعابير وجهها الجامد بل اصبح اكثر جموداً و قسوة و هي تستأنف حديثها من جديد :
_ و بعد كدا لو عايز عمتي كلمها و قابلها تحت متطلعش هنا تاني مهما كانت الأسباب مفيش كلام ما بنا 

التفتت الي كريم ترمقه بسخط قبل ان تنهي حديثها قائلة :
_ عشان مفيش حد يسمعني الكلمتين دول تاني ، انزل 

رغم ما شعر به من خذلان انها نصرت طليقها عليه الا ان حديثها لا يشوبه شائبة الجميع هنا يعلم أنها كانت خطيبته بعد قصة حب شهدها الجميع ، هز رأسه بايجاب و تحدث دون النظر اليها انما عينه كانت علي من يزهر بانتصار خلفها مبتسماً له باستهزاء قائلاً :
_ تمام يا رقية مش هطلع هنا تاني مهما كانت الاسباب عشان مفيش كلب يجي يسمعك كلام ملوش لازمة عندك حق

التفت عقب جملته ينزل الدرج و الغيرة تتأجج داخله تكاد تلتهمه حياً تركها خلفه معه رغماً عنه مرة اخري لم يعد لديه الحق بها حتي بعد طلاقها من هذا الحقير الذي عاش أحلامه معها وقف بمدخل البناية يمرر يده علي وجهه بعنف حتي احمر وجهه بشدة ثم التفت يضرب بقبضة يده علي الحائط ليخرج بها صرخاته المكتومة حبيسه قلبه المكلوم ...

انتظرت حتي خرج آدم من البناية و قد رأته من النافذة الكبيرة المطلة علي الشارع يخرج من البناية متجهاً الي بنايته و التفتت الي كريم تشير الي الدرج قائلة بغضب و صوت خافت :
_ امشي من هنا و مش عايزة اشوفك تاني يا عديم الضمير انا تتكلم عليا بالشكل دا انت ازبل مما كنت اتخيل يا كريم

ابتلع ريقه بارتباك و تقدم نحوها يحاول ان يبرر حديثه السابق النابع من غيرته قائلاً :
_ رقية انا كنت غي...

بترت جملته رافعة يدها امام وجهه حتي يصمت قائلة بحدة توجه اليه نظرات مشمئزة نافرة :
_ مش عايزة اسمع حاجة كفاية اللي سمعته لو كنت عايزة ارجعله و ارتمي في حضنه يا محترم مكنتش اتجوزتك و لا كنت طولت ضفري 

تركته و دلفت الي الشقة غالقة الباب في وجهه بقوة تاركة اياه يجذب خصلات شعره نادماً علي تسرعه و تحديثه الذي القاه دون تفكير في عواقبه 

***********************************
اتسعت عينه بصدمة حين اتاه خبر مقتل السائق و اختطاف زوجته و هي في طريقها الي المطار كان يشعر بذلك قلبه كان يخبره انها ليست بخير بمنذ البارحة و الا لما لم تهاتفه تخبره انها وصلت دبي في امان ، دارت الدنيا من حوله و كأنه تائه في بلاد العجائب لا يجد ما يدله علي الطريق وضع يده علي صدره و قد نغزه قلبه بعنف و شعور الفقدان يتسلل اليه بخبث سقط بثقل جسده علي الاريكة المخملية السوداء خلفه واضعاً رأسه بين راحتي يده شاعراً بقبضة من فولاذ تقبض علي عنقه تحاول خنقه و انقذه من الانهيار الآن صوت ذلك الرجل الماثل امامه و من ابلغه بالخبر يسأل بجدية :
_ تؤمرني بأية يا فارس بيه 

رفع رأسه ينظر اليه بتيه و كأنه فقد تركيزه تماماً و حين كرر الرجل جملته هب واقفاً و اشار الي الباب قائلاً بحدة و انفعال :
_ دوره عليها في كل مكان اقلب الدنيا و طلع اسيل منها سليمة

جذب خصلات شعره و اخذ يدور حول نفسه بلا هوادة حتي تهادي فكره الي "امير" من يمكن ان يفعلها غيره ، اخرج الهاتف و بحث عن رقمه بالهاتف حتي اتي به و اجري اتصال به منتظراً اجابته و ما ان استمع الي صوته حتي صرخ بغضب شديد :
_ اقسم بالله لو انت اللي عملتها هموتك بايدي يا امير 

اشغل غضبه اكثر صوت ضحكات الاخر العالية قبل ان يهتف ببرود :
_ اهدي كدا يا ابو الفوارس دا احنا لسة في رايحين نبدأ اول جولة 

صاح فارس بحدة و هو يسير نحو الباب ليخرج من المنزل :
_ يعني انت يا زبالة يا *** 

توقف يأخذ مفاتيحه المعلقة جوار الباب قائلاً :
_ عايز منها اية تاني مانا خليتها تمضي علي الورق 

جاء صوت امير من الطرف الاخر من بين اسنانه المتلاحمة بغضب يحاول كبحه قدر الإمكان قائلاً :
_ انت بتضحك علي مين يا روح امك الورق اللي مضيته مكنش هو اللي ادهولك انت عايز تستعبط عليا انا 

توقفت اقدام فارس متعجباً من حديثه هو اخذ الاوراق منه و جعلها توقع عليهم بنفسه ثم اعادها الي السائق و كأن متأكد انها الاوراق نفسها كاد ان يخبره عن ذلك الا ان قطعه صوت امير من جديد قائلاً بعد تنهيدة عميقة :
_ علي العموم انا هخليها تمضي بنفسي متقلقش 

صرخ به فارس بجنون محذراً :
_ اقسم بالله لو قربت منها يا امير لاجيب خبرك 

_ طول عمرها اسيل عايز واحد حنين زيك كدا يا فارس ، كانت دايما بتقول عليا قاسي هنوريها اية اللي بيكسب في الاخر الحنية و لا القسوة 

ازدادت وتيرة انفاس فارس عقب حديثه ذات مغزي مخيف في نفسه ، مرر يده علي وجهه بقوة و هو يستمع الي اخر جملة خرجت من امير قبل ان يغلق الهاتف :
_ تك تك بدأت الجولة يا ابو الفوارس 

***********************************
_ زوغت منهم و جيت علي الحارة 

هتف بها قاسم و هو في طريقه الي البناية التي يقطن بها لصديقه آدم عبر الهاتف بعد ان اخبره ان رجال طارق يتعقبونه طوال الطريق و أخيراً تمكن من تظليل طريقهم عنه استمع الي صوت صديقه يحذره و يبلغه ان يكون منتبهاً الي تحركاته هذه الفترة ليتنهد قائلاً بهدوء :
_ عايزك بس زي ما قولتلك تاخد بالك من عدي علي ما اخلص اللي ورايا خلاص كلها كام يوم و كل حاجة تنتهي 

اكد عليه بجملته بعد ان اخبره انه ارسل عُدي الي المنزل و يرجو منه الاعتناء به تلك الفترة حتي يعود اليه من جديد و اكد الاخر علي ذلك مطمئناً صديقه قبل ان يغلق الهاتف ، دلف قاسم الي البناية و ما كاد ان يصعد الدرج حتي استمع الى صوت كامل يأتي بخفوت من خلفه و هو يدلف من البوابة :
_ قاسم باشا

التفت إليه سريعاً و اسرع يتوجه نحوه قائلاً بصوت خافت بضيق :
_ يا كامل قولتلك هنا تقولي زيدان هتودينا في داهية 

وضع كامل يده علي رأسه و تحدث بأسف :
_ حقك عليا يا باشا بس انا جيت اشوف عايز اي حاجة مني دلوقتي

تنهد قاسم واضعاً يده اليمني بخصره قائلاً بجدية :
_ ايوة كويس انك جيت خلاص قررت ادخل لهم برجلي 

ظهر القلق علي معالم وجه كامل و تحدث باستفهام :
_ ازاي بس يا باشا دا خطر عليك 

رفع قاسم سبابته امام وجه كامل بتحذير من ان يخطأ :
_ عشان كدا خليك مفتح عينك كويس معايا اليومين دول تمام 

ابتسم كامل و اومأ برأسه قائلاً :
_ اللي تؤمر بيه يا باشا تحت النظر و في الخدمة 

ربت قاسم علي كتفه قائلاً بامتنان :
_ تسلم يا كامل خلي عينك عليهم 

خرج كامل من البناية بعد ان انتهت مقابلته مع قاسم و حينها كانت تتوجه آسيا الي البناية بعد يوم تصوير شاق و لمحت كامل يخرج من البناية و شعرت بالغضب منه لازال وقعة طعنه لزيدان و ما مر بها ذلك اليوم محفور في خاطرها لتسرع بخطواتها حتي وصلت الي قاسم الذي يسعد للصعود الي الاعلي و اوقفته بجملتها المدفعة و المنفعلة من تواجد كامل معه :
_ في اية يا زيدان الراجل دا عايز منك اية تاني مش كفاية اللي عمله قبل كدا 

نبض قلبه بحسرة حين استمع الي صوتها المميز الذي كان يسعد حين يستمع اليه و الآن هو موضع حسرة في قلبه التفت اليها و تحدث بهدوء ناظراً الي وجهها الممتلئ بمستحضرات التجميل و لكنها تليق بها كثيراً :
_ مفيش حاجة يا آسيا احنا صافين و كان جاي يسأل عليا

اقترب منه تضع يدها علي وجهه الذي يظهر عليه الارهاق بشدة و تحدثت بقلق :
_ انت كويس شكلك مرهق اوي

رفع يده الي يدها يحتويها برفق يبعدها عن وجهه قائلاً بهدوء :
_ مفيش منمتش امبارح 

رفعت حاجبها الايسر و هو تسأل بحدة مازحة :
_ لية ، اية اللي شاغل تفكيرك غيري 

تنهد بقوة و هو ينظر الي عينها هاتفاً بصدق :
_ صدقيني مفيش حاجة شاغلة تفكيري غيرك يا آسيا 

هو بالفعل لا يشغل تفكير الآن سوا قصتهما العجيبة و صدمته بها التي لن يتخطاها مدي الحياة ، ابتسمت بسعادة و هي تقرأ الصدق في عينه و عاطفية جملته :
_ صدقك باين في عينك علي فكرة 

تهرب بعينه بعيداً عنها و كأنها من الممكن ان تقرأ ما بداخله و خاف ان تري بداخلهما ما يرتبه لها بعد أيام و تهرب أيضاً من الحديث متسائلاً :
_ هننزل نشوف قاعة كتب الكتاب و الفستان و كل اللي انتي عايزاه دا امتي 

اخرجت هاتفها من حقيبة يدها تري مواعيد اعمالها ثم نظرت اليه قائلة بجدية :
_ بص انا عندي سيشن تصوير بكرا و هخلص و اكلمك تيجي تاخدني و نروح نشوف كل الحاجات دي 

_ خلاص ماشي ابقي ابعتيلي اللوكيشن 

اومأت اليه بهدوء قبل ان تنظر في الهاتف من جديد حيث الرسالة التي لم تصل الي أسيل الي الآن متنهدة بقلق و حين لاحظ هو توترها و ضيقها سألها بهدوء متفحصاً ملامحها :
_ مالك في حاجة مضايقاكِ

تنفست بقوة و هي تحاول ان تزيح اي تخيلات شيطانية تؤثر عليها بالسلب عن تعرض شقيقتها لاي مكروة ثم وضعت الهاتف بالحقيبة من جديد قائلة :
_ اسيل سافرت امبارح دبي و لحد دلوقتي مفتحتش الفون و لا كلمتني انا قلقانة عليها اوي 

حاول ان يطمئن قلقها و خوفها علي شقيقتها قائلاً بهدوء :
_ متقلقيش هي ممكن تكون مشغولة و مش فايقة للفون 

تنهدت واضعة يدها علي قلبها كأنها تطمئن نفسها هامسة بخفوت :
_ ربنا يستر 

_ طب تيجي ناكل ايس كريم علي السطح 

لا يعلم اهي من تحتاج الي بعض الوقت حتي يهدئ قلقها ام هو من يحتاج هذا الوقت برفقتها لكنها فكرة جيدة و قد سعدت بها حيث ابتسمت و هي تجيبه بحماس :
_ موافقة طبعاً 

يده تحركت دون امر منه و مررها علي خصلات شعرها المنسدلة خلفها قائلاً بلطف نابع من داخله لمن تسللت الي قلبه دون انذار :
_ طيب هروح اشتري ايس كريم فانيليا اللي بتحبيه و اجيلك 

قبلت سبابتها و وضعتها علي وجنته قبل ان تميل نحو اليمين بدلال قائلة :
_ هستناك فوق متتأخرش عليا 

صعدت سريعاً الدرج في حماس طفولي جعل حزنه يتفاقم داخل صدره ليزفر باختناق و توجه نحو الخارج لشراء المثلجات يريد ان تكون تلك الايام القليلة المتبقية بينهما هادئة يرغب في عيشها كما كان يخطط قبل معرفته الحقيقة ان يكون مع حبيبته و ليست الفتاة التي خدعت اخاه و جعلته ملقي علي فراش في مشفي الامراض النفسية لاشهر ، اخذ حقيبة مليئة بالحلوي و المثلجات من صاحب المحل و صعد سريعاً الي حيث تقبع هي وصل اليها و وجدها تجلس علي السور العريض علي حافة السطح و حين شعرت به التفتت اليه تمسد علي السور الي جوارها قائلة :
_ تعالي اقعد هنا 

ابتسم و هو يتقدم ليجلس الي جوارها و دس يده بالحقيبة البلاستيكية يخرج منها المثلجات و يمدها لها قائلاً :
_ خدي الفانيليا اللي بتحبيها 

اخذتها منه شاكرة اياه بهدوء و هي تنزح الورق عن المثلجات :
_ شكراً 

همهمت باستمتاع ما ان تذوقت المثلجات المفضلة لديها قبل ان تنظر اليه متسائلة بفضول :
_ حبيت قبل كدا ؟

وضع الحقيبة الي جواره و هو ينزع الورق الملتف حول المثلجات خاصته قائلاً بتلقائية :
_ للاسف لا 

اتسعت عينها بغيظ و انزلت المثلجات عن فمها بعد ان كادت تلتهمها قائلة بحدة :
_ للاسف !! 

تدارك نفسه و نظر اليها و قد ظهر علي ملامحها الضيق منه ليبتسم و هو يجيبها بهدوء :
_ التجارب مهمة بردو عشان اوزع خلاصة تجاربي علي علاقتنا 

رفعت حاجبيها قائلة بتهكم :
_ لا و الله 

ضحك بخفة و هو يأخذ يمناها يقبلها بحب لتبتسم علي حركته اللطيفة و هي تنظر اليه قائلة :
_ اية اكتر حاجة نفسك فيها دلوقتي 

شرد في ابتسامتها العذبة التي تجعله يشعر انه سعيد و بخير و ان لا شئ يجري عكس رغبته كما يحدث بالواقع و اجابها بصدق و لازال يتمسك بيدها :
_ اني افضل في الايام اللي قبل كتب كتابنا دي 

يريد ان يظل هنا و يعلم ان بعد ذلك سيكون الفراق الحتمي بينهما لتنظر اليه متسائلة بحدة :
_ لية بقي ان شاء الله !

ضرب رأسها برأسه بمزاح قبل ان يجيبها بمرح :
_ قبل ما ادخل الزنزانة برجلي طبعاً 

اتسعت بسمتها و رفعت يدها المتواجد به سوار الكارتيية قائلة بنبرة ذات مغزي تذكره بحديثه عن اعتقاله له بذلك السوار و ان مفتاحها ستظل معه :
_ خد بالك بقي عشان الكلبشات عندي ملهاش مفتاح 

ضحك و هو يعدل من خصلات شعره التي عصف بها الهواء ثم تابعا اكل المثلجات و لكنه داخله يريد ان يتأكد داخله شئ يحثه علي سؤالها عن علاقتها بشقيقه داخله شئ يرجو ان يكون عُدي مخطأ لينحنح متسائلاً :
_ و انتي مكنش فيه حد في حياتك ؟

_ للاسف كان فيه من فترة كدا بس حاجة مبحبش افتكرها 

اجابتها جمدته لوهلة و حبست انفاسه داخل صدره ، ابتلع ريقه بصعوبة و التفت اليها قائلاً بخفوت :
_ بس انا عايز اعرف 

مسحت جانب شفتيها الملطخ بالمثلجات بابهامها و تحدثت تسرد ما حدث قائلة :
_ واحد حبني و كان بيجي العروض بتاعتي كلها و دايما بيدعمني في كل بوست بنزله و فضل ورايا لحد ما وافقت علي خطوبة بس انا انسحبت 

قبض علي كف يده بغضب شديد و هو يسأل بحدة :
_ ليـة ؟

نظرت اليه و توقعت ان حدته نابعة من غيرته عليها و اجابته ببساطة و هي تبتسم :
_ محستش ان هو دا البني ادم الصح اللي هقدر اكمل معاه حياتي 

صمت و هو يتنفس بقوة و كأن الحياة سلبت منه انفاسه و قبض علي كف يده بعنف اكثر حتي غرزت اظافره في لحم كفه و هو يهمس من بين اسنانه المتلاحمة بغضب :
_ عندك حق 

تعليقات



×