رواية احتلال محرم الفصل السادس عشر 16 بقلم مريم نصار

 


 رواية احتلال محرم الفصل السادس عشر بقلم مريم نصار



في النادي الساعه 2:00 الضهر أنجي قاعده على ترابيزه ولابسه بنطلون أبيض وبلوزه بيضا و ايشارب ونضارة شمس كبيرة علشان محدش يعرفها ولا يشوفها مع حد يثير الجدل حواليها ،والجارد واقفين وراها ومستنيه جمال، كانت حاطه رجل على رجل وبصت في الساعه بنفور لأنه لسه مجاش وهى أكتر حاجه بتكرها الإنتظار، سمعت صوته وهو بيقولها:-جيت في معادي بالظبط!
 أنجي بصتله ونفخت بحنق و ماعلقتش وكلمته بإستفسار:- حد لاحظ حاجه أو شك فيك وأنت خارج من الشركه؟!
 جمال سحب الكرسي وقعد قصادها وقال بضحكه بلهاء:- ودي تيجي برده يا هانم! انا اتفقت مع واحد زميلي يتصل بيا قدام أمير ويقولي إن مراتي تعبت فاجأه وطبعاً أمير قلبه كبير، واداني الأذن بنفسه اروح أشوفها واطمن عليها وأرجع لو في وقت.
 أنجي ضحكت بسخريه واتريقت على أمير وقالت:- اممم؛ قلبه كبير قوي؛ المهم من غير مماطلة! أنت قولتلي مش هتعرف تتكلم وأنت هناك وعلشان كده فكرت وطلبتك نتقابل هنا، أدخل في التفاصيل وقولي إيه هي الصفقه اللي بالمبلغ ده! وازاي أمير وافق عليها وهو مامعهوش السيوله دي كلها؟!
جمال هيشرح ليها كل حاجه سمعها وفهمها واتكلم وقال:- بعد ما حازم دخل عند أمير وكان مبسوط ومتحمس؟بصراحه شكيت في أمره، وأول ما قفل الباب رحت واقف وقربت وسمعت كل حاجه،الموضوع وما فيه يا انجي هانم عبارة عن صفقة دهب كبيره جداً وصاحبها هيبيعها بنص التمن.
 أنجي كشرت عينيها:- إزاي مش فاهمه!
جمال بتوضيح:- رجل أعمال عايش في سويسرا،عنده مصنع مخصص لتصنيع الدهب، ومصانع تانيه فى مجالات مختلفة، الراجل ده أتعرض لضائقه ماليه مهوله لأنه اتنصب عليه من شريك، وعليه ديون كتير قوي للبنك ولازم يسدد قبل المده المحدده ما تنتهى، وإلا البنك هيرفع عليه قضايا بالمبلغ،وساعتها هيخسر المصنع وجميع ممتلكاته، هو دلوقتي مضطر يبيع الدهب المدخر عنده علشان يسدد اللي عليه، ومستناش البورصه لأنه عايز يبيع المخزون عنده وعرض وزن الدهب ونوعه على رجال أعمال كتير ومن ضمنهم حازم.

أنجي قلقت من كلام جمال ومصدقتهوش وحاسه أنه فخ ليها وسألته بغموض:- هو كلام منطقي بس محير ؛ أنت تعرف الكمية دي قد ايه؟
جمال:- 300
أنجي بسخريه:- كل الشو ده على 300جرام دهب؟
جمال بتصحيح:-300كيلو دهب مش جرام، وعيار ٢٤ يا هانم.
أنجي بصدمه:- أنت بتقول إيه؟300 كيلو؟ أنت عارف دول يعملو كام دلوقتي وبالمصري؟ دول يعدوا ال500مليون.
جمال أبتسم:- أنا جبتلك كل التفاصيل وسمعت أمير وهو بيحسبها لحازم،300 كيلو دهب لو هتحسبي الجرام ب ألف ونص مصري مثلاً، يعني الكيلو هيعمل مليون ونص، في 300؟يعني الحسبه كلها ب450 مليون! هتشيلي منهم ال80 مليون تمن الصفقه! هيبقى المكسب بس قبل البيع 370 مليون، مابالك بقى لما يتباع!!! وشوفي دلوقتي السعر الحالي والبورصة كل يوم في الطالع مش بتنزل، يعني لو بعتي بضعف التمن أصلا ؟شوفي هتكسبي ملايين قد إيه؟ فعلاً صفقة العمر زي ما قالوا.
أنجي اتحمست جداً وجواها قالت إنها صفقه ذهبية، بس زادت حيرتها وقالت:- طيب وايه اللي يخليني أصدق إن كلامهم ده حقيقي؟ مش يمكن فخ من أمير وشك فيك؟ أنت ناسي أنه قالي أنه هيفاجأني؟
جمال بإستنكار:- يا أنجي هانم لو أمير بيه شاكك فيا؟ مكانش هيأمني على أسرار تخص شغله، وكمان جاب سكرتيرة جديده وأنا اتحججت إني حابب أكون عنده في السكرتارية، واللي خلاني متأكد أنه مش شاكك فيا؟ الباب كان مقفول والكلام بينهم مفيش تالت، يعني لو فخ كانوا مثلاً اتكلموا قدامي علشان أعرف كل التفاصيل وقتها، أو أقل حاجه يسيبوا الباب موارب حتى؛ وحكاية أمير يقولك هفاجأك دي؟ فات عليها أكتر من خمس شهور يعني لو كان عايز يعمل حاجه كان عملها من زمان، أكيد كان مجرد كلمتين قالهم وقت عصبيه وخلاص. 
أنجي رغم أنها مقتنعه بكلام جمال لكن قالت:- لأ أنا مش هصدق الكلام ده.
جمال بتفهم:- خلاص ياهانم اللي حضرتك تشوفيه صح نعمله، نكنسل الصفقه دي وتنستنى صفقه غيرها.
أنجي هزت راسها بإقتناع، لكن جواها هتتجنن على الصفقه دي، ولو هى حقيقيه! هتكسب مبالغ مهوله وتنقلها ناقله تانيه، وعندها فضول تعرف أمير وافق ولا لأ ،وكشرت عينيها وسألته:- قولي ياجمال! أمير كان رد فعله إيه لما عرف تفاصيل الصفقة؟
جمال بوضوح:- مكنش مصدق زي حضرتك كده بالظبط، ولا أقتنع بالكلام اللي سمعه، وقال مفيش حد بالغباء ده يضحي بكمية الدهب دي بسعر قليل زي ده،الا لو كان الدهب ده فالصوا مش حقيقي وحد عايز ينصب عليه،وفضل يقرر في حازم ويسأله عن كل حاجه حتى إسم المصنع وعنوانه في سويسرا واظن أنه عمل عليه سيرش على جوجل علشان يستعلم أكتر عن المصنع وسمعته.
وافقت أمير في كل الأسئلة اللي قال عليها لأنها منطقية، وقلقت من أنه يسبقها بخطوه وهى تخسر ، مجرد فكرة انتصاره عليها بتنرفزها،عايزه تعرف هو عنده سيوله وفلوس تحت أيديه يقدر يشتري ولا لأ؟ لأن ده هيفرق معاها جداً وسألته تاني:- طيب لو أقتنع بصحة الصفقه و وافق عليها! هيجيب المبلغ ده كله إزاي؟
جمال بصوت واطي:- أنا سمعت أمير بيقول لو الصفقه دي حقيقية! هتبقى فرصة ذهبية ليهم، وهتخليهم يوصلوا للعالميه، وهيعمل قرض بالمبلغ بضمان شركة أو أرض المهم أنه هياخدها.
أنجي بحقد: عايزه اعرف أكتر عن الصفقه دي يا جمال؟
جمال بإنصياع:-باقي التفاصيل في الملف ياهانم.
أنجي بحماس:- طيب وفين الملف ده؟ جبته معاك؟
جمال بتعجب:- اجيبه ازاي يا مدام أنجي والملف قدام أمير على مكتبه؟
أنجي بغيظ:- أنا عايزه الملف ده بأي طريقة فاهم؟
جمال بعدم فهم:- تحت امرك، بس هو مش حضرتك صرفتي نظر عن الصفقه دي؟
أنجي بصت قدامها وقالت بغموض:- عايزه إسم المصنع والعنوان وإسم صاحب المصنع، ولو الكلام ده مظبوط؟ أقسم بأن الصفقه دي ما هتفلت من تحت أيدي المرادي.
جمال بحماس وفرحه لأنه هيكسب من وراها ملايين وقال:- خلاص يا هانم أي جديد هبلغكم بيه.
أنجي بأمر:- تصورلي الملف أول ما تجيلك فرصه مفهوم؟.
جمال هرش في قفاه وسألها بإستفسار:- اعتبريه حصل، بس أنا عايز أعرف نصيبي؛ هيكون قد إيه؟
أنجي بطمع:- لو الصفقه دي رسيت عليا! ليك لوحدك نص كيلو دهب كادو من عندي.
جمال فتح عينيه بصدمه ورد عليها بإعتراض:- نص كيلو؟ قليل جداً يا هانم، انتي شايفه أنا بعمل إيه علشان حضرتك وبحاول أبلغك بكل حاجه ،ده غير أني بخاطر بمستقبلي وكمان اتنازلت عن مهنتي الأساسية وشغال سكرتير؛ وفي الآخر نصيبي من صفقه تساوي ملايين أخد منها قطمه صغيره؟ لأ كده ما ينفعش وفيها كلام تاني.
أنجي شافت الطمع في عينيه ومحبتش تخسره دلوقتي لأنها محتجاه وقالت بوجوم:- اوكيه ليك عشره مليون، هتاخد خمسه قبل، و خمسه بعد تمام الصفقه وده آخر كلام عندي، ولو مش عاجبك انسحب فوراً وأنا ليا طُرقي الخاصة اللي هجيب بيها كل معلومه عايزاها.
جمال أبتسم وقال:- وعلى إيه الطيب أحسن، وعلشان خاطر سيادتك بس أنا هوافق على الفتافيت الصغيرة دي.
أنجي بصتله بتقزز وقامت بكبرياء وعظمه وقالت:- يومين بالكتير نسخه من الصفقه تكون عندي،وبكل التفاصيل مفيش بند واحد يكون ناقص.
خلصت كلامها وسابته ومشيت. 

مروان قاعد في البيت لا حول له ولا قوة، الصبح أول ما صحى سمع أنجي وهي بتقول للحارس انها هتروح على الشركه وأنه ميرجعش ياخدها علشان هتطلع على حفله وهترجع وش الفجر، في الوقت ده مروان شافها فرصه أنه يسافر اسكندريه، على الأقل يروح الشقه اللي كان عايش فيها هو وليله، يسترجع زكرياته معاها، وعنده إحساس ومتأكد أنه لما يروح هيلاقي ليله هناك مستنياه عند الباب زي زمان ما مشيتش،استنى الوقت المناسب وبص في الساعه وكانت واحده الضهر ولبس ونزل لكن شاف الجارد واقف قدام باب الفيلا الداخلي، ولو خرج قدامهم؟ هيبلغوها، فكر بسرعه ورجع على الجناح بتاعه وبص من التراس ونط منه على الشجره ومن الشجره على السور؛ ونط بره الفيلا وكان حذر جداً إن ما حدش يلمحه ولا يكشفه، ومشي بخطوه سريعه لحد ما بعد عن الفيلا، أول تاكسي قابله شاورله وركب وقال:- أطلع على اسكندريه بسرعه لو سمحت.
السواق أتفق معاه على سعر معين لأنه سفر مخصوص، مروان وافق وفي الطريق طلع الموبايل وعايز يتصل عليها لكن أتراجع كالعاده، هيتصل عليها يقولها إيه؟! وخصوصاً بعد كل الفترة دي! ونزل التليفون لانه مش قادر أنه يكلمها ولا يواجهها، هو قتـ.ـلها بسـ.ـكينه بارده مسماش عليها، نفخ بخنقه ومسح وشه بأيديه وطول الطريق بيفكر فيها، بعد فتره وصل قدام البيت ونزل بسرعه وحاسب السواق،دخل من بوابة البيت الرئيسيه، وطلع أول كام سلّمه لكن شاف باب الشقه عليه أثر تراب وكمان خيط عنكبوت في أركان الباب والحيط، وإن الباب شكله ما اتفتحش من يومها،بلع ريقه بغصه وافتكر لما كانوا بيرجعوا مع بعض بعد خروجه حلوه بينهم ويشيلها بين أيديه ويدخل بيها لحد اوضة نومهم، اتنهد بعمق و طلع مفتاح صغير من جيبه وفتح الشقه، حط رجله جواها في أول خطوة كأنه ماشي على منحدر وخايف يقع، دخلها ببطء ولف حواليه شاف كل حاجه زي ما هي، حتى الورق اللي هي ماضيه عليه مكانه؛ افتكر لما دخل عليها آخر مرة علشان ينهي حياتها وجريت تمضي علشان يرحمهما، قرب من السفره كام خطوه ومسك الورق وافتكر وهي بتمسكه من قميصه وبتترجاه انها مش عايزه فلوس،عايزاه هو وبس، شفايفه رجفت ودموعه غلبته، ساب الورق مكانه لف حواليه وعينيه بتدور على ليلته في كل مكان، ودلوقتي بقى واثق انها مستحيل تفضل هنا بعد ما أهانها وباعها بالرخيص، دخل اوضة النوم وعينيه بصت على كل ركن فيها، وافتكر الأيام الحلوه اللي عاشها بكامل إرادته وراحته النفسيه كانت معاها في حضنها وبس،قعد على السرير بتهالك شريط ذكرياته هو وليله بيمر قدامه شافها وهي بتضحك هنا،وبتجري هناك، شافها وهي خارجه من المطبخ وبتقوله عملتلك اكل هيعجبك قوي، شافها وهي بتجهز ترابيزة العشا وبتولع الشمع علشان يسهروا سهره حلوه مع بعض، شافها وهي خارجه من الحمام وشعرها مبلول ومكسوفه وبتهرب وتجري من قدامه، شافها وهي بين أحضانه ونايمه جمبه،شافها في صور كتيره جداً كان محروم منها، لف راسه بص على المخده اللي كانت بتنام عليها، شالها بين أيديه وباس المخده وضمها لحضنه بقوة اشتياقه ليها بيشم ريحتها بعمق العشق اللي جواه،واطلق لنفسه العنان وبكى،عيط كتير بحرقه ونده عليها بصوته كله،لكن ما فيش استجابه صوت كله احتياج لكن متربط مكانه، ورط نفسه مع شخصيه سايكوباتيه مريضه بداء العظمه اللي مستحيل تخسر! تحب تاخد متديش مفيش في قاموسها حاجه إسمها خساره! لسه قاعد مكانه بيفكر من الوهن والارهاق أكتر من ساعه مش قادر يقوم، مش عايز يتحرك حاسس أنه مشلول الحركه، محبط ويأس من الحياه، عايز ليله وعايز الفلوس وشايف إنهم مقارنه صعبه مش عارف يختار ما بينهم، طب أنجي مرفوضه بالنسباله رفض قاطع، لكن برده تفكيره ده منتهى الانانيه أنه يفضل الفلوس والسلطه على الشخص اللي قلبه بيرتاح معاه، مروان لو كان جرب العيشه البسيطه متسوطة الحال بس مع البنت اللي حبها من قلبه! كان هيعيش معاها مبسوط حتى لو بنسبة 70% على الاقل كان هيحس أنه ليه قيمه وعايش وفي حياة عارف يعيشها وفي سعادة داخليه جوه روحه لامسها وهيحسها، لكن بالمنظر اللي هو عايش بيه ده؟ إنسان سلبي و أناني واستغلالي واعتمادي وعباره عن جسد ما فيهوش أي روح، أوقات بشكك في حبك ليها يامروان! فاق من كل أفكاره المجروحه، ومسح وشه بأيديه ونزل راسه في الأرض بحزن وإنكسار، لكن لمح ورقه تحت رجله ومكتوب عليها معمل تحاليل،ضم حواجبه ومسح دموعه ونزل جاب الورقه وفتحها، وهنا كانت الصدمه، صدمة عمره كله، ضربه قويه أخترقت قلبه، لو حد قسم قلبه نصين كان أهون من صدمتة دي،نتيجة التحليل إن ليله حامل، نطقها ببطء من بين شفايفه بدون وعي ولا إدارك للكلمه نفسها،(حـ.ا.مـ.ل) قلبة اتهز فتح عينيه بصدمه كبيره وتايهه يمين وشمال والدموع متحجره فيها ومش عارف يدي أي ردة فعل،بيهمس بنفس الحروف وهو بينهج كأنه بيجري طريق طويل كان بيتنفس بسرعه وكلم نفسه بتيه وصدمه ومش مستوعب، لحد دلوقتي مش مستوعب:- حامل!! ليله! ليله حامل؟ مستحيل، مش معقول.
 رفع راسه لقدام بنفس الصدمه ورجع بتفكيره ليوم الفراق، افتكر فرحتها قبل ما يقولها أنه هيطلقها، وانها كانت عايزه تقوله حاجه هتغير مجرى حياته كلها، افتكر لما اترمت في حضنه وهى بتقوله أنا مبسوطه قوي يا مروان! فاق واستوعب كل حاجه وحجم المصيبه اللي وقعت على كتافه، أنت خسرت كل حاجه يامروان! خسرت حبيبتك و إبنك وعمرك اللي جاي،حس بالندم قبض على أيديه بحسره وقهر، و هو دلوقتي اللي اتقهر بجد، وهو اللي دلوقتي داق طعم الحسره اللي بجد، والضربه اخدها في مقـ.ـتل فعلاً، غمض عينيه بقوه وبيفكر هيعمل إيه، وفاجأة بص للفراغ قدامه وحاول يبتسم وكلم نفسه بأمل:- أنا جايلك يا ليله، ومن دلوقتي مش هفترق عنك لحظه واحده.
بص لورقة التحليل تاني بفرحه وضحك بسعاده وقال لنفسه:- ليله حامل يا مروان، هتبقى أب.
 اخد فونه وخرج بسرعه، ومن غير تردد فتح الفون واتصل عليها، لكن الرقم مابيجمعش وأحيانا مقفول، شاف أنه من الأصلح يروحلها واكيد هى في الكشك مع باباها، ركب تاكسي وقاله على العنوان،وطول الوقت كان مراقب الطريق ويبص في الساعه، وقرر أنه يصالح ليله بأي طريقة، دي خلاص حامل، وهى الوحيدة اللي لقى معاها الحب والراحه والسعاده والولد، قرب يوصل من المحل وكان مفتوح وقال للسواق يقف على جمب، التاكسي وقف ومروان حاسبه ونزل ومشي بسرعه، وعايز يصالحها وعارف أنه مش هايهون عليها وهتسامحه زي الأول، قرب من المحل لكن شاف واحده غير ليله خالص ومعاها ولادها وكشر عينيه وسألها بتوجس:- لو سمحتي فين أصحاب الكشك ده؟
ردت الست وقالت:- إحنا يابيه أصحاب الكشك؛ مأجرينه من يجي عشر شهور في حاجه يابيه؟ 
قلبه دق بقلق وسألها بإستفسار:- طيب والناس اللي كانت مأجراه قبلك هنا، متعرفيش راحوا فين؟
الست:- لا والله يابيه جوزي اتأجروا من صاحب الكشك نفسه غير كده مانعرفش حاجه.
مروان هز راسه ليها وشكرها، و وقف على الطريق يفكر وقال:- أكيد ليله مقدرتش تنزل تشتغل آه ما هى حامل، وأكيد هى في البيت وفرصه كويسه علشان أصلح اللي عملته معاها، وأنا واثق انها هترجعلي.
ركب تاكسي تاني وقاله على عنوان الحاره، وأول مرة يكون متوتر بشكل مختلف.

في القاهره

ليله نازله من التوكتك وبتحاسبه،ساميه شافتها من المحل، ليله راحت عندها وقعدت بتعب وقالت:- مساء الخير يا خالتي.
 ساميه بإبتسامة:- يسعد مساكي يا ليله، ها طمنيني عملتي متابعة الحمل! و الدكتوره هناك وكشفتي ولا لأ؟
 ليله بتعب:- اه كشفت؛ ودخلت في الشهر السادس من خمس ايام ،وقالتلي عندك انيميا وكتبتلي علاج قد كده.
  ساميه بتأييد:- عندها حق والله، قلتلك قبل كده انك عندك انيميا، أنتي مش شايفه شكلك عامل إزاي؟
 ليله بتتنفس بتعب:-و انا هعمل ايه بس؟ مانا باكل وبشرب وباخد العلاج هعمل إيه تاني؟
 ساميه بجرأة:- تعملي إيه!! تبطلي تفكير في اللي ما يتسماش؛ هو يعني اللي خلقه ما خلقش غيره؟ انتي ساكنه هنا من مُده كبيره ومن يومها وأنتي كل يوم والتاني تعيطي على ميلة بختك، وده كله بياخد من صحتك، الواد اللي في بطنك بياخد من دمك وبيغذي نفسه مش هيأثر فيه في حاجه، الدور والباقي عليكي انتي.
 ليله تعبت من إن كل يوم والتاني من نفس السيناريو المتكرر واتنهدت بعمق:- انا هروح اجيب العلاج قبل ما الصيدليه تقفل.
ساميه مصمصت شفايفها وقالت:- شوفوا ياختي البت لما مايعجبهاش الكلام بتتهرب! ماشي روحي هاتي العلاج يكش يجي بفايده.
 ليله وقفت وحست بدوخه وقالت ليها بحرج:- مش بتهرب ولا حاجه، أنتي عارفه إن الدكتورة الصيدلانية بتقفل وقت العصر وعايزه الحقها،بس معلش يا خالتي أنا كنت عايزه أطلب منك طلب كده، لو ما فيهاش إحراج.
 ساميه ضمت حواجبها وقالت:- اطلبي يا بنتي.
 ليله بإحراج:- معلش كنت عايزه سلفه من مرتب الشهر الجديد علشان بس اكمل العلاج ومصاريف الأسبوع.
 ساميه فتحت ايديها بإشاره معناها أجيبلك منين وقالت بقسم:- والله كان على عيني؛ انتي عارفه البير وغطاه؛ مصاريف مرات أبني من يوم ما ولدت وهي شافطه فلوس البيت كلها؛ اشي دكتور واتنين وتلاته، يا ريت كان معايا وكنت اديتلك يا حبيبتي من غير ما تطلبي.
 ليله بحيره:- طيب والعمل يا خالتي؟! انا بعت التليفون وكل حاجه معايا بعتها.
ساميه بتفكير:- هو أنتي مش بتقولي معاكي سلسله دهب غير اللي بعتيها زمان وخاتم وغويشه؟ ماتبعيهم.
 ليله بحيره:- ايوه بس دول شايلاهم لمصاريف الولاده.
 ساميه:- ياختي اصرف مافي الجيب يأتيك ما في الغيب، انتي هتحوشيهم؟ ما تعرفيش بكره ايه اللي هيحصل، يمكن ربنا يكرمك وتولدي ولاده سهله وما تصرفيش فيها جنيه واحد.
 ليله مسكت السلسله اللي في رقبتها وغمضت عينيها وافتكرت مروان وهو بيلبسهالها على البحر في أسبوع العسل بتاعهم وبيوعدها أنه هيجبلها كل حاجه بتحلم بيها، بيوعدها أنه هيخليها أسعد ست في الدنيا، وعدها أنه مستحيل يخليها تزعل في يوم، طلبت منه وعد وميثاق أنه مايخذلهاش، بس مروان مخذلهاش فعلاً هو يدوبك كسرها ودمرها ومخلاهاش أنها تصدق إن في كلمة ثقه وأمان في قاموس العشق، وجعها بطريقة لا تغتفر، لكن الحنين تواق بيخليها تحن ليه في وقت ضعفها، وهى على طول ضعيفه وف احتياج ليه في كل دقيقه بتمر عليها في وسط ناس متعرفهاش، وبتحاول تعيش وبالذل والقهر عايشه يامروان، بس مش قادره تنساه ، ولا قادره تصدق لحد دلوقتي أنه أتخلى عنها بعد الحب اللي شافته في عينيه ليها، اااه يامروان حيلي اتهد ونفسي أرمي همومي كلها جوه حضنك، تعبت من الوحده وضيق الحال، تعبت من الكسرة والذل، تعبت يامروان تعبت؛دموعها نزلت بإنكسار واتكلمت بقهر:- دي الحاجه الوحيده اللي فضلالي منه،.
وأخدت نفس عميق وزفرته بتعب و وهن وكملت بحزن:-ما تشيليش هم يا خالتي أنا هتصرف.
ساميه صعبت عليها ليله:- وهتعملي ايه طيب يابنتي؟
 ليله بتنهيدة:-صاحبة الصيدليه عرفاني متابعه معاها وهتديني الدوا لحد ما تفرج.
 خلصت كلامها وحطت أيدها على بطنها وبصت على بطنها ودموعها نزلت، لان مروان السبب في جرحها وكسرة نفسها و كل المُر اللي حصل ليها وعايشه فيه.

عند ندى.

 في المطبخ بتعمل الاكل لأن مامتها مش موجوده، وشمس بتذاكر لأنها دلوقتي في أولى جامعه،تليفون البيت رن وشمس ردت بطفوليه:- الو مين معايا؟
 مشيره واقفه في بلكونه بعيد عن الموجودين وردت برحابة صدر:- ايوه يا شمس؛ بتعملوا إيه ياحبيبتي؟
 شمس هزت كتافها:- انا بذاكر وندى في المطبخ؛ أنتي اتأخرتي كل ده ليه ياست ماما؟
 مشيره بابتسامة:- القاعده مع طنطك ناديه حلوه مايتشبعش منها، بس شوية كده وجاية.
شمس:- سلميلي عليها ياماما.
مشيره بحماس:- الله يسلمك يانور عين ماما، اديني أختك ندى كده، قوليلها كلمي ماما بسرعه.
 شمس بفضول:-طيب عايزاها في إيه؟ وصوتك مبسوط كده ليه يا ماما؟ قوليلي في إيه؟ ده انا بنتك برده!
مشيره بغيظ:- يا بت اخلصي خليني اكلم أختك! أنتي على طول رخمه كده؟ مابتزهقيش؟ ارحميني.
 شمس عوجت بقها وقالت بتهكم:- انا ما ليش إحترام في البيت ده؟! حاضر يا ماما حاضر، ولكن اعلموا بأن جميعكم ستندمون على هذه المعاملة التي تقلل من كوني أنثى استثنائية.
مشيرة ضحكت عليها، وشمس وندهت على أختها بتمثيل الجديه:- ندى؛ كلمي ماما على التليفون يا آنسه ندى.
 استغربت وقالت:- طيب ما اتصلتش على تليفوني ليه؟! ثواني جايه ياشموس.
 غسلت ايديها ونشفت بالفوطة وخرجت ردت عليها بإبتسامة:- ايوه يا ماما حضرتك جايه أمتي؟
 مشيره بسعادة:- أيوه يا ندى ياحبيبتي شوية وراجعه، خلصتي اللي وراكي؟
 ندى بعمليه:- ايوه يا ماما الأكل على النار، والبيت متروق زي ما طلبتي مني.
 مشيره:- طيب يا حبيبتي تسلم ايديكي.
وكملت بصوت واطي:- اسمعيني بقى وركزي كويس في اللي هقولهولك.
ندى بعدم فهم:- خير يا ماما؟! وحضرتك موطيه صوتك ليه؟
 مشيره بهمس:- علشان محدش يسمعني يا ندى، المهم اسمعيني، انا عايزاكي تاخدي أختك شمس وتنزلي البلد تشتري أحسن فستان علشان تكوني على سنجة عشرة.
ندى ضمت حواجبها باستغراب وقالت:- هو في ايه بالظبط يا ماما؟
مشيرة ردت بحيره:- بصي بقى من الآخر في عريس جاي يشوفك يوم الخميس الجاي.
ندى فتحت عينيها بصدمه وقالت:- إيه؟! عريس!!
 شمس واقفه جمبها وسمعت و شهقت وقالت بزهول:- إيه!! عريس! معقول انا هتجوز بالسرعه دي!! ياربي طيب والعمل إيه؟ مستقبلي ضاع.
مشيره بحنق:- عقلي الهبله اللي جمبك دي، قوليلها مستقبلها في مستشفى المجانين متستعجلش على رزقها.
ندى قعدت بوهن وخيبة أمل، عريس!! طيب وأمير ؟ حب عمري كله! حاولت أنساه مقدرتش! طيب هتعملي إيه ياندى؟ عمرك بيجري وبيعدي، واديكي شوفتي الحزن في عيون عيلتك اللي نفسهم يفرحوا بيكي ؛ هتفضلي لحد امتى تجري ورا سراب؟ غمضت عينيها واخدت نفس عميق بتنهيدة وجع وقالت:- ماما أنتي قولتي عريس جاي يشوفني؟
مشيره بتأكيد:- أيوه يا حبيبتي عريس،وانتي تعرفيه كويس كمان.
 ندى قلبها دق بقلق وقالت بإستفسار:- أعرفه؟! عريس مين يا ماما! ومين ده اللي أعرفه! 
 مشيره فهمت من صوت بنتها أنها هترفض وردت عليها بحده وصرامه:- ده مازن ابن طنطك ناديه جارتنا في البيت القديم وأنتي عارفاه لما كنتوا في ثانوي.
 ندى برعشة في قلبها وكل كيانها ردت برفض ودون وعي:- أعرفه أو معرفوش ياماما أنا مش موافقه.
 مشيره بتلميح:- فات الأوان يا حبيبتي على الكلام ده! وانا كلمتك في موضوع الجواز قبل كده وأنتي قلتي لو جالي عريس مناسب هوافق عليه؛ ومازن أنتي لو شفتيه دلوقتي مش هتعرفيه ماشاء الله عليه طول بعرض ومحامي قد الدنيا، و هتوافقي عليه وانتي مغمضه، وما فيش وقت للكلام ده طنط ناديه كلمتني واتفقت معايا على ميعاد الخميس، ولما يجي اتكلمي معاه وشوفيه وإن شاء الله هيكون عريس الهنا.
 وكملت بتمني واستعطاف:- نفسي افرح بيكي يا ندى ريحي قلب امك يا عين امك العمر بيجري زي الرهوان،حرام تضيعي شبابك في الإنتظار.
 ندى افتكرت أمير والعهد اللي خدته على نفسها، وتوسل مامتها،وكلامها صح، حتى لو يوجع ويدمر بس هو صح؛ ودمعتها سالت على خدها وقالت بوجع:- حاضر يا ماما انا هوافق فعلاً وانا مغمضه عينيا.
قفلت مع مامتها ولسه قاعده مكانها وجواها بيتكسر، كل يوم والتاني نياط في القلب بيتقطع من الحزن والزعل والتفكير على حاجه ضايعه منها وطايره في الهوا ومستحيل هتعرف تلمسها طول ما هى بعيدة عنها بُعد السما عن الأرض، طيب واخرتها!! شمس سمعت كل حاجه، وشافت كسرة أختها وقعدت جمبها وقالت بحزن علشانها:- متوافقيش.
ندى محستش بأختها وردت بدون وعي:- لازم أوافق.
شمس بدموع:- ليه؟
ندى بشرود:- علشان اكسر ضعفي واحتياجي.
شمس بوجع:- بس أنتي مش محتاجه تكسري جواكي أكتر من اللي اتكسر، أنتي مش ضعيفه ياندى علشان تثبتي لحد إنك مش فارق معاكي.
ابتسمت بهدوء وردت بسخرية على نفسها:- أنا أضعف من كومة قش، أنا بكسر نفسي طول ما أنا مستنيه و واقفه مكاني مفيش جديد، أنا بقيت شبه اللي واقفه في ساحة الإنتظار مستنيه دوري بس اكتشفت مؤخراً إن أسمي مش مكتوب في القايمة للأسف.
وكملت بصوت مبحوح:- وللأسف ليه؟ أنا الغبيه لأني عارفه من زمان إن أسمي مش موجود، بس قولت لنفسي يمكن في يوم يتكتب.
شمس مسحت دموعها وقالت:- انتي اللي محاولتيش ياندى، قولتلك روحي اشتغلي في الشركه لازم تثبتي نفسك قدامه، هو شاف فيكي الجانب الضعيف، بس ما شافش قد ايه انتي قويه وذكيه وأنك تقدري تتجاوزي اي حاجه صعبه في حياتك، أمير على طول يشوف فيكي البنت المكسوره، محاولتيش تبيني ليه إنك من عيلة مامته، من عيلة زهران اللي بتتحدى نفسها وتتفوق عليها، أنتي إرادتك قوية ولازم تحاربي علشان تثبتي ده.
ندى انتبهت وكلام أختها دخل دماغها وقامت وقفت مسحت دموعها وبصت قدامها وقالت بتحدي:- أنا ندى زهران ومش محتاجه اثبت لأي حد قوة تحملي وذكائي لحد فين، وإن كان على الشغل فده بمزاجي هروح في الوقت اللي يناسبني مش اللي يناسبه،بس أنا هخليه يشوف ويعرف إن محدش يستاهل اني ابكي في يوم عليه، وإن الدنيا يا أمير عمرها ما بتقف على حد.
شمس بلعت ريقها بتوتر وقالت بتوجس:- معنى كلامك ده إيه يا ندى؟ أوعى تقولي انك هتوافقي على العريس! 
ندى بتحدي لنفسها:- ودي أول خطوه ايجابيه في حياتي هعملها.



 سعاد هي اللي موجوده و ولادها ومعاها فوزي،مختار خرج وسابهم من بدري، كانت بتلمع المكتب، يوسف وايمان قاعدين قصادها وبيشدوا اللعبه من بعض وبيتخانقوا، سعاد اتضايقت منهم وقالت بنرفزه:؛ يوسف!! إيمان!! في ايه أنت وهي؟
 ايمان بعياط:- يا ماما اللعبه دي بتاعتي ويوسف عايز ياخدها مني.
 يوسف بغيظ:- يا ماما هي كسرت القطر بتاعي الصبح وقالتلي خد العربيه اللعبه بتاعتي؛ ودلوقتي بقولها هاتيها مش عايزه تديهالي.
 إيمان بدموع:؛ انا ما كنتش اقصد اكسر القطر؛ أنا وقعت عليه وأيدي كانت هتتكسر وخفت منك تقول لماما علشان كده قلتلك خد العربيه.
 يوسف بعناد:- انا ما ليش دعوه انا عايز العربيه انتي كسرتي القطر.
 سعاد من بين اسنانها:: لما اروح البيت ليك أنت وهي؛ انا هربيكم وكل واحد فيكم هياخد علقه علشان تحترموا نفسكم وانتوا بره البيت.
 يوسف بضيق:- وانا عملت إيه يا ماما؟! ما هي اللي كسرت اللعبه إللي بحبها.
 سعاد بحده:- رد عليا كويس يايوسف رد، هو انا عرفت اربيك؟ بس لما اروحلك أنت وهى، هتشوفوا هعمل فيكوا إيه؟ 
 مختار داخل ومعاه شنط وقال بإبتسامه:- السلام عليكم.
 كلهم ردوا عليه، وسعاد ردت بشكل عابس من تصرفات ولادها، مختار حط الاكياس على المكتب قدام سعاد وقالها:- اتفضلي بقى يا أستاذه سعاد ظبطيلنا الاكله الحلوه دي.
 سعاد ضمت حواجبها،وفتحت الشنط وكانت وجبات من مطعم وسألته:- ايه الأكل ده يا استاذ مختار؟!
 مختار بيمسد على شعر يوسف وقال:- انا يا ستي عازم يوسف وإيمان على الغدا؛ وعم فوزي وأكيد انتي مش هتتفرجي علينا! ولا أنتي شايفه إيه؟
 سعاد اتنهدت وقالت بحنق:- مش هينفع يا استاذ مختار والولاد متعاقبين ومش هياكلوا حاجه لحد ما نرجع البيت 
 يوسف نزل راسه في الارض وإيمان بتمسح في دموعها بكل براءه، مختار كشر عينيه وسألها:- متعاقبين!! ليه يا أستاذه سعاد إيه اللي حصل! ويستاهل إنك تعاقبي صحابي الحلوين العقاب القاسي ده؟
 سعاد كأنها ما صدقت حد يسألها وكانت مخنوقه فعلاً وردت بخنقه:- اللي حصل اني ما عرفتش أربي؛ واحده تفضل تعيط وتزن؛ والتاني بيعامل اخته كأنها مش اخته خالص، دول ولا كأنهم أخوات أبدا، دول عايزين يتعاد تربيتهم من أول وجديد.
 مختار أتعجب لرد فعلها وشافها فعلاً متضايقه وقال بحنان:- طيب اهدي ما فيش حاجه في الدنيا تستاهل انك تزعلي كده.
 وبعدها انتبه للكلمه وحمحم ونزل قصاد إيمان وسألها:- في ايه يا إيمان ايه اللي مزعلك يا حبيبتي! وليه مزعله ماما؟
 ايمان حكتله اللي حصل وبعدها سأل يوسف:- وأنت يا يوسف عايز اسمع منك؟!
 يوسف هو كمان حكاله اللي حصل، مختار رد عليه بإبتسامة:- الغلط عندك أنت يا يوسف.
 يوسف نزل راسه في الارض تاني وقال:- انا عارف انك هتقولي كده.
 مختار بتصميم:- أيوه؛ و كويس جداً إنك عارف نقطه مهمه زي دي! لان أنت أخوها الكبير ودي أختك الصغيره يعني هي مسؤوله منك، ولو هى كسرت حاجه أنت تصلحها، ولو زعلت منك أنت تصالحها و تخليها مبسوطه،لما انت تاخد حاجة أختك منها؟ الغريب هيعمل إيه؟ المفروض ان أنت تحميها من نفسك قبل ما تحميها من اي حد يضايقها، وبعدين انت الكبير وانا اتكلمت معاك في الموضوع ده قبل كده، وان البنت ليها معامله خاصه مش كده ولا ايه يا استاذ يوسف؟
يوسف برر لنفسه وقال:- بس انا بحب القطر وكنت بلعب بيه ومبسوط واتكسر بسببها؛ وانا ما كنتش عايز العربيه هي اللي قالت خدها.
مختار بإحتواء:-اللي صنع لعبة القطر! صنع غيره ونقدر نشتري واحد تاني لأن ببساطه الفلوس تتعوض، انما الحزن اللي هيبقى جوه اختك بسببك مش هنقدر ان إحنا نضمده ونداويه، انت مثال لأختك خليها دايما رافعه راسها بيك، لما تكبر خليها دايما تقول اخويا بيضحي علشاني، اوعى تحاول في يوم من الأيام بتصرفاتك! تسمع منها كلمة انك أناني؛ فاهم يا يوسف!؟
 يوسف بإعتذار:- انا اسف مش هعمل كده تاني؛ وانا بحب ايمان وعمري ما هاخد منها حاجه بتاعتها تاني.
 إيمان نزلت من على الكرسي وباست اخوها من خده وقالت:- انا والله مش قصدي اكسر القطر متزعلش يا يوسف انا هحوش مصروفي وهجيبلك قطر كبير.
 يوسف بحنان:- لا خلاص مش عايز قطر ومش عايزك تزعلي ولا ماما تزعل مني.
 مختار أبتسم وقال:- خلاص بما انكم اتصالحتوا بقى يلا بينا نتغدى.
 خلص كلامه وقام وقف ورفع راسه بالصدفه شاف سعاد بتبصله نظره عميقه وطويله كأنها بتقوله أنت ازاي كده؟ انت إزاي فيك حنان يكفي الدنيا كلها! انت ازاي جواك ملاك! قدرت في ثانيه تصلح وتبني اللي انا سنين مش عارفه ابنيه من وقت ما ابوهم اتخلى عنهم؛ وفاجأة قلبها دق حطت أيدها على قلبها وفتحت عينيها بدهشه، وبصت تاني لمختار اللي واقف باصص ليها نظرة عاشق متيم وكأنه بيقولها ربنا رزقني حبك، يا ريت أنتي كمان تحبيني،فاقوا الاتنين على صوت صريخ في الشارع وستات بتصوت كتير سعاد قالت بقلق:- يا ستير يا رب، إيه صوت الصريخ ده؟ زي ما يكون خناقة دي ولا إيه؟
 مختار بتروي:- اهدي ما تقلقيش انا طالع اشوف في إيه، خلي بالك من يوسف وايمان وما تخرجوش بره الصيدليه.
 جه يخرج سعاد بقلق وخوف عليه لا إرادي:- ما تخرجش يا أستاذ مختار يمكن خناقة شباب ومعاهم اسلـ.ـحه ولا حاجه أنت عارف خناقات المناطق الشعبيه بتبقى عامله ازاي؟
 مختار أبتسم ليها وقال:- ما تخافيش عليا انا افوت في الحديد برده ما يغركيش.
 فتح باب الصيدليه وقفل وراه وواقف بيتفرج وشاف ستات بتضرب راجل،سعاد قربت من الإزاز وبتتفرج على الخناقه وكشرت عينيها لأنها شافت عبد الستار بيجري وستات بتجري وراه تضربه، فتحت الباب بسرعه وراحت وقفت جمب مختار، بصلها وقال:- انا قلتلك ما تخرجيش خليكي مع الولاد.
 سعاد ببلاها واندهاش:- ده عبد الستار! الستات بتضربه.
 مختار أبتسم:- بعيداً عن إني معرفوش، بس مش غريبه ستات تضرب راجل بالشكل المهين يا ترى في إيه؟
 سعاد ضحكت بشماته وتشفي وقالت:- والله يستاهل اكيد عمل عامله سودا.
ولد صغير جارهم بيجري وسعاد شاورتله وقالت:- خد يا هاني خد يا حبيبي قولي إيه اللي حصل وبيضربوا اللي اسمه عبد الستار ده ليه؟
 هاني بينهج وقال:- انتي ما تعرفيش يا خالتي سعاد؟ عبد الستار كان بيعاكس ست من الشغالين عنده في المشغل وهي قامت ضربته وستات المشغل كلهم قاموا يضربوه، ومراته الاولانيه جت وخاف منها وجري، وهما كلهم بيجروا وراه، سلام انا هروح اشوف عبد الستار علشان أنا وعيال الحاره نحدفه بالطوب.
سعاد كتمت الضحكه بالعافية،مختار كشر عينيه ومستغرب انبساطها بالشكل ده وسألها:- انتي تعرفيه؟! وليه فرحانه فيه قوي كده!!
 سعاد اتحرجت وحاولت تكتم الضحكه لكن ما قدرتش، شافت ست كعبلت عبد الستار و وقع على وشه، انفجرت في الضحك من قلبها، مختار فتح عينيه بصدمه من ضحكتها وبص حواليه علشان الناس اللي واقفه وشاورلها وقال بغيره:-ممكن تدخلي الصيدليه ما ينفعش تضحكي كده في الشارع؛ الناس هتاخد بالها.
 سعاد دخلت بسرعه وكان قلبها بيرقص ان ربنا رد لها حقها وفضح عبد الستار في الحاره، مختار بص لها تاني وتعجبه زاد:-انتي لسه برده بتضحكي؟ ممكن اعرف في ايه؟
 سعاد حركت كتافها وقالت بتمثيل:- أبدا ما فيش حاجه بس اللي اسمه عبد الستار ده ابن حلال مصفي ويستاهل.
 مختار رفع حاجبه وقال بتلميح:- واضح انك بتعزيه قوي؟!
 سعاد بإبتسامة هاديه:- أبدا ولا بعزه ولا حاجه بس هو فعلاً انسان مش كويس ويستاهل اللي حصله ده وزياده كمان.
 مختار قرب منها ووقف قصادها وسألها بغيره واهتمام:- هو كلمك! ضايقك في اي وقت!! قوليلي بجد لو ضايقك او داسلك على طرف بس ولا رفع عينيه فيكي!! والله ما هسيبه.
 سعاد فاجأه قلبها دق تاني من كلامه واهتمامه والخوف عليها اللي نابع من قلبه، محستش الأمان ده من زمان، ملامحه مستنيه اجابه منها بفارغ الصبر، وحطت أيدها على قلبها وهزت راسها وردت بتوتر:- لأ ما ضايقنيش ولا حاجه، بس هو معروف في المنطقه مش اكتر.
مختار لاحظ ملامحها وكانت مكسوفه، ووشها الأحمر زاد من جمالها، هرش في قفاه بإحراج هو كمان وغير الموضوع وحمحم:- طيب الولاد زمانها جاعت وانا كمان جعان مش هنتغدى؟
  ابتسمت بحرج وقالت:- ماشي اتغدوا آنتوا وانا هكمل شغلي.
 مختار بص في عينيها وقال بترجي محسوس:- ممكن تاكلي معانا وارجوكي ما ترفضيش، يوسف وإيمان يهمني فرحتهم بلمتنا دي.
 يوسف مسك أيدها وإيمان واتحايلوا عليها بطفوليه بريئه، حتى مختار اتحايل عليها زيهم زي الأطفال وضحكت وردت عليهم:- خلاص، خلاص زي ما تحبه، نتغدى مع بعض.
 مختار بفرحه:- خلاص ياولاد ماما وافقت أخيراً، ادخلي اغسلي ايديكي وانا بنفسي اللي هرص الاكل وانت يا عم فوزي يلا سيب اللي في ايدك وأدخل اغسل ايديك أنت كمان وتعالى.
 سعاد دخلت المعمل وبتغسل أيديها وقلبها بيدق بقوه وخدودها حمرا زي الورد، بصت في المرايه وابتسمت على نفسها وعلى تفكيرها ومش عارفه الدنيا واخداها على فين؟!! أما مختار حس بإحساس جديد وشعور غريب، وحاسس انه بنى عيله صغيره وهاديه وجميله، والاهم من حبه ل سعاد اللي اتأكد منه!! إن مختار حب ولادها قبل منها، كان بيرص الاكل وبيناول يوسف وإيمان علشان يساعدوه وبيتكلم معاهم بحماس كأنهم صحابه فعلاً، سعاد خرجت وشافتهم وحبت علاقته الحنونه مع ولادها وكلمته بحرج:- تحب اساعدك في حاجه؟!
 مختار بدقة قلب:- عايزك تقعدي بس قدامي.
 سعاد نزلت وشها في الارض بحرج وقعدت قصاده من سُكات،مختار حط قدامها وجبة الغدا،و قعد وشال إيمان على حجره وبدأ يأكلها، ويوسف قعد قصاد سعاد وبتأكلوا، لكن غصب عنهم عينيهم بتتقابل في نص الطريق، والإبتسامة بالإحراج ده ليها طعم وإحساس مختلف،فوزي جه وقعد معاهم وكان جو اسري جميل، ومختار وسعاد حاسين أن السعاده بدأت تدق بابهم.

مروان وصل الحاره وحاول يوصل للبيت وأخيرا شاف العماره وبص يمين وشمال وطلع فوق وقبل ما يرن الجرس شاف القفل على الباب، قلبه دق بقوه، مسك القفل ومش قادر يستوعب انها ممكن ما تكونش موجوده، ومن غير ادراك منه رن الجرس بس ما فيش صوت للجرس، خبط على الباب، خبط مره واتنين وتلاته وندى عليها وقال بهستريا:- ليله افتحي يا ليله؛ عم محمود أفتح.
 وخبط لحد ما ست كبيره من الجيران فتحت الباب وشافته وسألته:- خير يابني انت بتخبط على الباب كده ليه؟! هو انت مش شايف القفل!!
 مروان راحلها بلهفه وقال بلخبطه:؛ أيوه؛ لأ اه أنا شفته بس قوليلي يا حاجه هي ليله مش موجوده؟! وعم محمود فين!! انا رحت الكشك بتاعهم وكان هناك ناس تانيه متأجراه،ودلوقتي الباب مقفول بالقفل؟ هما راحوا فين؟
 الست شهقت بدهشه وقالت:- لا حول ولا قوة إلا بالله، ده مجنون ده ولا إيه؟
 مروان باستعجال ولهفه:- ردي عليا الله يخليكي قوليلي هما فين، انا محتاجهم في أمر ضروري.
 الست بصتله من فوق لتحت وقالت بتعجب:- ده باين عليه انه غني بس هيعوزهم في إيه؟! يلا وانا مالي وقالتله:- بص ياسي الأستاذ، هو انت ما تعرفش ان عمك محمود الله يرحمه ما.ت؟
 مروان رجع بضهره ورد بصدمه:- إيه! ما.ت!!!
  الست بتأكيد:؛ ايوه ياخويا يجي من ست شهور كده؛ الله يرحمه ما.ت في يوم مفترج كان يوم جمعه انا فاكره آه.
 مروان قرب منها بلهفه أكبر وسألها:- طيب؛ طيب وليله، ليله فين؟
الست مصمصت شفايفها وقالت:- احنا عندنا ولايه ومنحبش نتكلم على حد، وماعرفش هي راحت فين؛ ربنا يسترها علينا وعليها.
 مروان بغيظ:- ماتتكلمي كويس يا ست انتي وقوليلي ليله راحت فين؟
 الست شهقت ونهرته:- يـوه! انت بتزعقلي ليه يا جدع أنت؟ أنت عبيط في دماغك ولا إيه!! ما قلنالك غارت في داهيه ما نعرفش راحت فين!! أنتوا بتتحدفوا علينا منين جاتك نيله وانت شبه المفتاح الانجليزي كده.
  خلصت كلامها ودخلت وقفلت الباب في وشه،مروان معلقش على تصرفها ولا رد فعلها ولا كلامها لكن رجع بضهره وسند على الحيط ومسك راسه بأيديه وحاسس بحجم المصيبه والخساره اللي خسرها وقال بضياع:- رحتي فين يا ليله!!! رحت فين ولمين!!
واقف يفكر يدور عليها فين! ويروح لمين! وافتكر سعاد صاحبتها وقال بأمل:- ممكن تكون عندها ايوه بس هعرف عنوانها منين؟! انا ما اعرفش لا بيتها ولا مكانها ولا اعرف اسمها سعاد إيه كمان!!
 وحك دقنه بتفكير وخبط على الست دي تاني يسألها يمكن تعرفها وفتحت الباب وقالت بحنق:- خير يسي الأستاذ؟ انت حكايتك ايه بالظبط؟
 مروان بإعتذار:- انا اسف جداً يا حاجه بس هو سؤال واحد بس وهقولك كتر خيرك لو جاوبتيني عليه وهمشي على طول.
 خبطت أيد على ايد وقالت بنفاذ صبر:- اتفضل أسأل ياخويا لما نشوف البرنامج ده هيخلص امتى؟
 مروان حاول يألف حوار وسألها بقلق مبه‍م:-بصي انا كنت عايز ليله في أمر مهم لأن والدها كان ليه أمانه عندي، وعايز اردهاله فأنا لازم أوصل لليله ما تعرفيش بجد هي راحت فين؟
 الست ردت بهجوم:- ورحمةابويا ياخويا ما اعرف ها صدقت كده ولا لسه؟ وانا لو اعرف مش هقولك ليه؟ سارق غسيلي ولا سارق غسيلي؟ عشان مقولكش؟
 مروان بتوتر:- مصدقك؛ مصدقك والله يا حاجه بس معلش انتي عارفه دي أمانه ولازم ترجع لأصحابها، طيب انا افتكر إن ليله كان ليها واحده صاحبتها وعلى ما اظن اسمها سعاد، أيوه سعاد ممكن يا حاجه تقوليلي سعاد دي ساكنه فين؟
 الست شكت في مروان وبصتله بتفحص وقالت بشك:- أيوه أنا فهمت الفوله دلوقتي، أنت شغال في البوليس صح؟
مروان بقسم:- والله ابدا يا حاجه انا مش بوليس خالص.
 سألته تاني:- يبقى من الضرايب!! هو انت شكلك من بتوع الضرايب وما يجيش من وراهم خير أبدا، انت هتمشي من هنا يا جدع أنت؟ ولا أصوت والم عليك الناس؟
 مروان بترجي:- يا حاجه بس اسمعيني!
 الست ردت:- بلا اسمعيني بلا أهلي، أنت لو ما مشيتش من هنا انا هنادي الجيران كلها عليك، وهيعملولك زفه بطبلة وطار، يلا ياخويا من هنا، انت جاي من انهي داهيه محدوف علينا، قال يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين، اوعى تخبط تاني انا عايزه انام شويه كاتك الهم.
 وقفلت في وشه الباب، مروان نزل على السلم بتهالك وضياع ومش عارف يعمل ايه؟ يوصل لسعاد إزاي! يسأل عليها مين! مش عارف حد هنا غير ليلته وبس؛ ماشي في الحاره على قد ما مشي؛ هو لا عارف اسم سعاد بالكامل! ولا فاكر شكلها؛ بيوقف ناس في الشارع ويسألهم وفي اللي بيقولوله ما نعرفش حد بإسم ليله! وفيه اللي بيقوله دي سافرت؛ وفي اللي بيقوله هربت، الشمس قربت تغيب ودور عليها على قد ما يعرف لكن كل ده بدون جدوى، كان متغاظ جداً من نفسه ومن غباؤه اللي وصله لطريق مسدود، ومن ليله انها بعدت ومحت كل أثر ليها، رجع شقه اسكندريه ندمان ومقهور،حس بقلبه بينقسم لميت حته، ونام على السرير مكان ليله وحضن مخدتها ومن كتر تفكيره فيها دموعه غلبته وبيتمنى انه يحلم بيها ومن تعبه غمض عينيه ونام.

في شركه الورداني انجي بتفتح باب الاسانسير وتليفونها رن وكان جمال، ركبت الاسانسير وردت عليه بتعجرف:- خير بتتصل عندك جديد!!
 جمال كان رايح في طريقه لدورة المياه ورد بصوت واطي:- ايوه يا انجي هانم لسه عارف اخبار طازه دلوقتي.
 انجي استغربت صوته وسألته:- أنت فين؟!
 جمال:-انا في شركة برهامي، بس أول ما عرفت الخبر عملت نفسي رايح الحمام وقلت اقولك على اللي سمعته.
انجي بغيظ:-أنت غبي!! مش قادر تصبر لما تخرج من الشركه ممكن حد يكشفك بسهوله وتضيع اللي احنا بنعمله.
 جمال بتروي:- ما تقلقيش يا هانم انا واخد بالي كويس؛ أمير وحازم في إجتماع دلوقتي مع وليد بيه، وانا انتهزت الفرصه وقلت أبلغك.
 أنجي أخدت نفس عميق وزفرته بحنق:- أخلص وقول اللي عندك!
جمال قفل عليه باب التويلت وجاوبها بهمس:- رجل الاعمال السويسري، اسمه مستر "مارتن روجر" وجاي على مصر يوم الخميس في فندق إسمه (...) وأمير وحازم حددوا معاه مقابله ف عشاء عمل علشان يتفقوا لأن أمير شكله مستعجل.
انجي خرجت من الاسانسير وسألته بكل تركيز:- المقابله امتى ياجمال؟
 جمال:- مارتن هيقضي أربع ايام في مصر منها جاي زيارة سائح يعني وكمان بيزنس، لكن المقابله هتكون يوم السبت الساعه 9:00 مساء بالدقيقه في نفس الفندق.
 انجي بصت في الساعه وقالت بأمر:- اتصرف يا جمال ومن تحت الارض تبعتلي الملف حالا، أنا عايزه عنوان مارتن روجر دلوقتي فاهم؟
 جمال بتفكير:- انا هحاول ادخل مكتب أمير، وانا فاكر كويس شكل الملف ولو موجود هصوره لحضرتك.
 أنجي بتهديد:- ما فيش لو موجود ده!! أنت تتصرف وتجيبلي المعلومات النهارده قبل بكره، أنا عايزه العنوان بالتفصيل، عملت سيرش في جوجل ولقيت إسم المصنع في اكتر من عنوان مختلف، أنا عايزاك تجيبلي العنوان المظبوط فاهم ياجمال؟
 حرك راسه بالموافقه وقال:- حاضر يا هانم؛ انا هبذل قصارى جهدي لحد ما الصفقه دي ترسي لصالحك.
 انجي بتنبيه:-وما تتصلش تاني وأنت موجود في شركة أمير، انا عارفاه كويس ده تعبان بس مايبانش عليه.
 قفلت المكالمه وخارجه من الشركه متضايقه وقبل ما تركب العربيه الحارس الشخصي جه عندها و قال:- أنجي هانم.
 نفخت بخنقه وقالت بغيظ:- خير أنت كمان في إيه؟!
 الحارس بإحترام:- عرفنا نوصل لمكان مروان بيه. 

في شركة برهامي تحديداً في غرفة مكتب خاصة؛ إجتماع وليد برهامي مع أولاده بيعرف آخر التطورات، أمير وحازم شرحوا ليه تفاصيل الصفقه،بيسمعهم بكل تركيز ومقتنعش زي أمير في البدايه، وبعد تفكير رد عليهم بعدم موافقة:- أنا لايمكن اجازف في حاجه غريبه زي دي.
أمير قاعد وباصص لابوه ومردش، حازم ابتدا الكلام وقال بعقلانية:- من حق حضرتك القبول والرفض، بس يابابا عايز منك تفكر شوية إن الصفقه دي بجد فرصة كبيرة، وخساره لو مرسيتش علينا.
وليد أخد نفس عميق ورد بهدوء:- مش قادر أتقبل ياحازم يا ابني إن في شخص يخسر خساره كبيره زي دي علشان عليه ديون! طيب ما هو في أيديه يبعها بالسعر الحالي؛ ليه يبعها بأقل من سعرها الحقيقي بأضعاف! وخصوصاً الدهب ليه بورصه وسعره محدش بيختلف عليه!! هنا بقى النقطه اللي لازم تفكروا فيها كويس.
وبص لأمير وقاله:- ولا إيه يا أمير؟ شايفك ساكت؟
أمير اتنهد بعمق وأتكلم بهدوء مماثل لهدوء باباه:- مع حضرتك يابابا ، بس إحنا أكيد مش هنشتري سمك في ماية؛ لأ إحنا هنجيب خبير يكشفلنا صحة الدهب إن كان حقيقي ولا لأ! وبناءا عليه هنتصرف.
وليد بعدم أقتناع:- برده مش معقول يتصدق الكلام ده حتى لو جبتو خبير وعشره غيره، أنا مش داخله دماغي الصفقه دي، ولا إيه رأيك؟
أمير:- مع حضرتك في كل كلمة قولتها، وأنا كمان مكنتش مقتنع ومش مصدق،بس رجعت فكرت تاني، أحياناً الشخص بيتحط في مواقف بتخليه يوصل للغرق، و أول ميلاقي قشايه بيتعلق بيها ويتبت فيها، وأحنا نفسنا وقعنا في مطبات وعسرات كتير، خصوصاً في مجال البيزنس، وأحياناً بنضطر نضحي بجوانب إحنا بس اللي شايفنها صح، بمعنى مستر مارتن روجر بص لنص الكوباية المليان أنه يخسر كام مليون ويقدر يعوضهم في أي صفقه تانيه، أحسن ما يخسر كل حاجه حواليه، ولو خسر!! و وقتها هايحصله حاجتين مالهمش تالت، الأولي أنه يكمل ويقف ويبدأ من جديد وده هياخد من عمره سنين طويلة لما يوصل من تاني ويكون إسم ليه بريق وشهره، والتاني أنه هينهار ويدمر نفسه تدمير كامل وينتهى وتنتهي معاه مسيرته المهنية في كل أعماله.
سكت لحظه وبص لباباه وكمل بترجي ملموس:- خليك واثق فينا يا بابا، ومستحيل نخذلك.
وليد بدفاع عن تفكير إبنه ورد عليه بجديه:- أنا واثق فيكوا بعمري كله، بس مستحيل أثق في العالم اللي برة، وبعدين يا أمير دول برده 80 مليون! أنت وحازم عارفين إن فلوسنا كلها في السوق، وعلى جثتي لو فكرت أخد قروض تاني، كفايه اللي حصلنا أيام صلاح الورداني من تحت راس القروض، دي خراب للبيوت وحرام، وكمان متنساش إن في مرتبات الموظفين والعمال، والصيانة والتشغيل وفواتير تانيه كتير ومسؤوليات اكبر و أهم عندي من أني أرمي فلوسي في حاجه مش مضمونه.
حازم بتوسل:- أرجوك يابابا الصفقه دي مضمونه مليون الميه، خلينا نكمل فيها.
وليد بتصميم:- أنا قولت لأ، ودلوقتي كل واحد فيكوا يتفضل على شغله.
أمير وحازم خرجوا من الغرفه وكان واضح على حازم الضيق وسأل أمير:- وبعدين يا أمير؟ هنعمل ايه؟
أمير بص قدامه وقال بثقه:- هنعمل اللي لازم يتعمل يا حازم!
حازم:- أيوه اللي هو إيه؟ هنتفق على الصفقه ولا خلاص صرفنا نظر عنها من دلوقتي؟ ماهو مش معقول نكسر كلمة بابا!
أمير بتحدي:- الصفقه دي ملكنا من دلوقتي يا حازم يابرهامي. 

في اسكندريه.

مروان بيحلم بليله ونفسه أنها تكون قدامه حقيقي؛ فاق من النوم واتعدل بتعب؛ لكن اتخض لما شاف انجي والجارد واقفين قدامه في الاوضه وبص حواليه يشوف هو فين،بلع ريقه بقلق وسألها بتوجس:- أنجي؟ أحم بتعملي ايه هنا؟
انجي دارت غيظها وغضبها منه، وابتسمت بتهكم وبصتله من فوق لتحت وأمرت الجارد وهي خارجه:- خلوه يحصلني على العربيه.
 الحارس شاور لمروان وقاله:- اتفضل حضرتك يا مروان بيه؟
 مروان اتغاظ وصك على أسنانه بغيظ مكبت وسأله:- انتوا هنا من امتى؟ وعرفتوا مكاني إزاي؟
 الحارس بإنصياع:- احنا هنا من ساعه يا فندم؛ وحد من الحراس شاف حضرتك وأنت بتركب تاكسي وبلغ الهانم، وكمان لما وصلنا أنجي هانم لغت مع صاحب البيت عقد إيجار الشقه المدفوع لمدة سنة كاملة يا فندم.
 مروان وقف بصدمه وقاله:- يعني إيه؟!
 الحارس بإحترام:- انا بنفذ الأوامر يامروان بيه، ودلوقتي ياريت حضرتك تتفضل.
 مروان نفخ بخنقه وخرج معمي وفتح باب العربيه وسألها بغيظ:-انتي لغيتي عقد الإيجار ليه يا أنجي؟
 بصتله ورفعت حاجبها وقالت بغرور:- ما عنديش وقت اضيعه في التفاهات بتاعتك دي يا مروان؛ واركب علشان عندي شغل أهم منك بكتير.
 مروان مسك راسه بإيديه وبيحاول يمتص غضبه وفتح باب العربيه يركب جمبها، انجي وقفته بأمر:- اركب مع الحرس يا مروان،مكانك بعد كده ورايا مش جمبي.
 بصلها بتعجب:- أركب مع الحرس ؟يعني ايه الكلام ده يا انجي؟
 انجي نزلت راسها على كتفها وقالت بابتسامه بارده:- طول الوقت بحاول ارفعك لفوق وأخليك بني ادم، وطول الوقت برده ماشيه معاك بكارير ونظام معين إنك عمرك!!! عمرك في يوم هتقدر تسبقني خطوه واحده؛ واتنازلت وتواضعت وخليتك تمشي جمبي، بس أنت اللي رمرام، مصمم تبص للزباله وتعيش على زكرياتهم، ومصمم تبقى ورايا وانا ما عنديش مانع أبدا إنك تكون ورايا، وده من دواعي سروري،ومن دلوقتي مكانك في عربيه الجارد، مش عربية انجي الورداني مفهوم!!!
 خلصت كلامها وقفلت إزاز العربيه، مروان طبعاً واقف مصدوم و لا حول له ولا قوة،ركب في العربيه اللي وراها ورجعوا في طريقهم على القاهره.

يوم الخميس الساعه 9:30 مساء عند ندى، مازن ووالدته ووالده قاعدين مع فهمي ومشيره ورامز بيتكلموا في امور عاديه عائليه، ندى واقفه في المطبخ ولابسه فستان كحلي غامق و بتصب العصير في الكاس وسرحانه الكاس اتملى للآخر والعصير بيقع في الصينيه، شمس دخلت وشافتها وشهقت بصوت مسموع، وندى انتبهت ورجعت خطوه لورا وقالت بدهشه:-يا خبر!!
 شمس حطت أيديها في جمبها وردت بتريقه:-يا خبر!!! هي دي الخطوه الايجابيه اللي أنتي هتاخديها؟
سكتت لحظه وحطت ايدها على خدها وكملت بتمثيل وتنهيده:- انا محاطة بشلة اغبيا.
 ندى ما علقتش على كلامها لانها بتفكر ازاي هتاخد الخطوه دي وهي مش جاهزه ليها! شالت الكاسات وبتظبطهم وجابت صينيه تانيه وقالت بلطف مصطنع:-روحي يا شمس قولي لماما ثواني وهخرج بالعصير.
 شمس بزعل:- أنا مش جايه علشان استعجلك انا بس جايه أسألك، انتي مقتنعه باللي أنتي بتعمليه؟
 ندى أخدت نفس عميق جداً، وبلعت ريقها بغصه وقالت بعند:- كل حاجه هعملها من دلوقتي انا مقتنعه بيها يا شمس؛ ويا ريت ما تتكلميش في موضوع أمير تاني لأنه موضوع من طرف واحد يعني موضوع نهايتة الفشل، و أمير من النهارده مش مسموح اني أتكلم عنه.
 شمس هزت راسها بإحباط وتنهيدة وخرجت، ندى خرجت وراها بصينية العصير وقدمته وكانت ملامحها عابسه جداً وبتحاول على قد ما تقدر ولو حتى شويه صغيرين تبتسم وسلمت عليهم كلهم حتى مازن لكن مرفعتش عينيها ليه ولا تعرف شكله دلوقتي بقى عامل إزاي؟ مشيره بإبتسامة وفرحه:- ندى يا حبيبتي مازن استأذن بابا،و عايز يقعد يتكلم معاكي شويه عندك مانع؟
 ندى برعشة حزن في صوتها:- لا أبدا يا ماما ما فيش مانع.
 مشيره بفرحه:- طيب يا حبيبتي اقعدوا في الصالون هنا قدامنا؛ اتفضل يا مازن يا حبيبي البيت بيتك.
 مازن قام واستأذن فهمي تاني واذنله،وشاور لندى بوقار انها تمشي قدامه كنوع من البروتوكول،ندى هزت راسها ومشيت كام خطوه وقعدت على كرسي الصالون، ومازن قعد في الكرسي اللي جمبها، كانت مخنوقه بالعياط وباصه في الارض وهو مفكر انها محرجه منه، ما يعرفش انها مجروحه وبتعيد حساباتها وبتسأل نفسها يا ترى هي غلط ولا صح؟ يا ترى الخطوه دي فعلا هتخلي حياتها ايجابيه ولا بقرارها ده بتقضي على الباقي منها!!
 مازن أبتسم بهدوء:- ازيك يا ندى؟! كبرتي من آخر مرة شوفتك فيها.
 غمضت عينيها وصوته مش راضي يبقى مألوف بالنسبه ليها،مش عايزه الصوت ده، مش هو ده اللي عايزاه يبقى جمبي أنا عايزه أمير، أمير وبس.
 تليفون البيت رن وشمس قامت ردت بصوت حزين وقالت:- الو.
 أمير بإبتسامة:- ازيك يا شموس عامله إيه؟!
 شمس متغاظه منه وردت برسميه:- انا كويسه.
 امير سمع صوت ناس بتتكلم جمبها وده كان صوت العيله وسألها بعفوية:- إيه يا شموسه صوت الضحك ده! انتوا عازمين حد ولا إيه؟
 شمس من بين أسنانها:- لا مش عازمين؛ بس دي عيلة العريس، قاعدين مع ماما وبابا، وندى قاعده مع عريسها ---------

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1