رواية مابين الحب و الحرمان الفصل الثامن عشر 18 بقلم ولاء رفعت على

  

 رواية مابين الحب و الحرمان الفصل الثامن عشر بقلم ولاء رفعت على



فتحت الباب فـ تفاجأت برجال الشرطة أمامها، شدت من طرفي مأزرها و تناولت وشاحها الموضوع أعلي منضدة بجوار باب المنزل، أرتدت الوشاح علي رأسها بعشوائية و الضابط يسألها: 
- أنتِ ليلة محمد نصار؟ 

ابتلعت ريقها بخوف و رهبة ثم أجابت: 
- ايوه أنا. 

رفع أمام بصرها ورقة قائلاً: 
- معانا أمر بالنيابة بالقبض عليكِ. 

حاولت إستيعاب ما قيل لها للتو و قبل أن تسأل لما فسبقها زوجها الذي صعد للتو و خلفه كلا من والدته و عايدة،يسأله بعد أن أمسك زوجته و جعلها تقف خلفه بسبب ما ترتديه من ثياب لا يجب أن يراها بها سوي زوجها رغماً من أنها ترتدي معطف حريري محتشم : 
- القبض عليها بتهمة إيه حضرتك؟ 

أجاب الضابط بنبرة حادة: 
- أسأل المدام و هي هتقولك. 
و أشار إلي الرجال قائلاً: 
- أدخلوا فتشوا. 

ولج الرجال و سرعان أنتشروا في جميع أرجاء المنزل، لم يتحمل معتصم ما يسمعه أو يراه فسأل الضابط مرة أخري: 
- لو سمحت ممكن حضرتك تفهمنا، دلوقتي بتقولي معاك أمر من النيابة بالقبض علي مراتي و المفروض هتاخدوها علي القسم أنا بقي من حقي أعرف تهمتها إيه؟ 

كانت ليلة ترتجف خوفاً لا تصدق ما يحدث، و ما تلك الجريمة التي أرتكبتها؟ 
- لاقينا دي يا باشا في المطبخ. 

و أعطاه الكيس البلاستيكي و به السكين الملفوف، أخذه الضابط و نظر إلي ليلة يسألها بتهكم: 
- واضح إن مدام ليلة ملحقتش تتخلص من السكينة. 

تنظر الأخري بعينين جاحظتين من هول ما تري، فأخذت تردد بنفي: 
- أنا معرفش عنها حاجة و الله. 

و رمقت زوجها و تتشبث بذراعه: 
- معتصم ألحقني.... 

- هاتوها علي البوكس. 
كان أمر الضابط و قبل أن يقترب منها أحدهم فقال معتصم: 
- لو سمحت ممكن تغير هدومها ما ينفعش تروح بالمنظر ده سعادتك. 
※ ــــــــــــــــــــــ ※
شهقة فزع قوية أنطلقت من فاه هدي الجالسة علي كرسي خشبي قديم مُقيدة اليدين و القدمين و هذا بعدما ألقي زوجها علي رأسها دلو من الماء المثلج 
، يرمقها بشر بعدما افرغ كل الحقائب رأساً علي عقب و لم يجد سوي ملابس أولاده و زوجته. 

- إيه كنت فاكرة هاصحيكي بالورد و الأحضان، ده أنا لسه هوريكي النجوم في عز الضهر يا حرامية. 

أنقض علي تلابيب عبائتها و هدر بها: 
- فلوسي فين يا بنت الـ...، خبتيهم عند خالتك و لا أمك؟ 

أخذت تلتقط أنفاسها من إثر ما أقترفه للتو ثم قالت و ترمقه بإزدراء : 
- ريح نفسك أنا شيلتهم بإسم عيالك و أنا الواصية عليهم عشان ده حقهم اللي حرمتهم منهم طول السنين اللي فاتت. 

أطلق قهقهة ساخرة ثم قبض علي خصلاتها و صاح بصوت فزع صغاره داخل الغرفة حيث أوصد عليهما الباب من الخارج: 
- فاكراني أهبل يا بت عشان أصدق الحوار اللي ما يدخلش علي عقل عيل صغير، فوقي يا روح خالتك ده أنا حبشي نصار اللي يصيع علي بلد بحالها. 

- اللي عندي قولته يا حبشي، عايز تصدق و لا ما تصدقش دي حاجة ترجع لك، و أنت عارفني ما بكذبش. 

صفعها بقوة قائلاً: 
- ما بتكذبيش اه لكن تسرقي، فلوسي فين يا مره. 

صاح الصغيران بطرق عنيف علي الباب: 
- ماما، ماما. 

صاح بهما: 
- أخرسوا بدل و عليا الطلاق من أمكم أجي أعلقكم بدالها. 

أجهشت الأخري في البكاء فأخبرته بتوسل: 
- خرج العيال و وديهم لخالتي يا حبشي، دول ملهمش ذنب. 

- ذنبهم هو أن أمهم حرامية، خليهم محبوسين كده من غير ميه و لا أكل و أنتِ شرحه لحد ما تقولي علي مكان الفلوس. 

ما زالت تبكي و قالت: 
- يا خسارة يا حبشي، يا خسارة حبي ليك و أستحملت قسوتك و بخلك و أي حاجة عشان بحبك، عمري ما كنت أتوقع تعمل معايا كده، روح يا شيخ منك لله. 

أخرج سيجاره من العلبة و قام بإشعالها ثم نفث الدخان من فمه: 
- و النبي بلاش جو الصعبنيات ده يا ختي عشان أنتِ عرفاني كويس ما بياكلش معايا خالص، أنا كل اللي عايزه منك ترجعي لي فلوسي و أوعدك هخلصك من الشرير القاسي البخيل و أبقي روحي أتجوزي إبن خالتك السيس أهو ده مقامك. 

رمقته بكل نظرات الكراهية التي تشعرها حياله الآن إلي هذا الحد عاشت معه في وهم كانت تدعوه الحب! 
تذكرت حديث إبن خالتها الآن و شعرت بالفرق الشاسع بينهما، لكن ما الفائدة من الندم. 
هيهات و أجفلها بدفن سيجارته المشتعلة في يدها المقيدة في المسند الجانبي للكرسي، فأطلقت صرخة ألم دوي صداها في كل الأرجاء. 

صاح الصغار بذعر و خوف بمناداة والدتهما، لكن طغي صوت هذا الطاغي: 
- قدامك دقيقة لو مقولتيش علي مكان الفلوس لهدخل للعيال دلوقت و هانزل عليهم ضرب بالحزام و خلي دماغك اللي أنشف من الحجر تنفعك. 

رفع إحدي حاجبيه بكبرياء مُنتظراً إجابتها، أشتد بكائها أكثر: 
- حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا ظالم، منك لله. 

وضع يده علي حزامه و شرع بفكه و بدأ العد: 
- شكلك هاتضيعي الدقيقة في النواح، و فاكراني بهدد، طب إيه رأيك لأقطعه عليكِ قبل منهم. 

و بالأسفل وصلت سيارة شرطة ترجل منها شريف و الضابط: 
- أنت متأكد يا شريف إنه خدهم علي هنا؟ 

أجاب الأخر و يهرول إلي داخل البناء: 
- قولت لك بعد ما نزلت بشوية قلقت عليها نزلت أشوفها لاقيتها راكبه تاكسي مع سواق شكله غريب متأكد إنه هو جوزها. 

رمقه الضابط بإمتعاض و قال: 
- يارب يطلع ظنك غلط، ربنا يستر و ما يكنش عمل فيها حاجة. 

و بالأعلي تصرخ و تبكي في آن واحد بعدما أنهال عليها بحزامه مرتان،يصيح بصوت مُخيف : 
- فلوسي فين يا وليه؟ 

و كاد يهوي عليها بالضربة الثالثة فأوقفه كسر باب الشقة و ولج الضابط و رجاله و كذلك شريف، فصاح الأول في رجاله : 
- خدوا الحيوان ده علي البوكس. 

زمجر حبشي كالمجنون: 
- أبعدوا عني، أنا عايز فلوسي، فلوسي يا بنت الـ.... 

ركض شريف إليها و ينظر لها بحزن و خوف عليها،بدأ بفك قيودها: 
- إهدي ما تخافيش هم خدوه خلاص، و أوعدك هاخدلك حقك منه و أدفعه تمن اللي عمله فيكِ. 

أنتبه إلي صراخ و بكاء الأطفال، نهضت و ركضت إلي الغرفة: 
- العيال حابسهم جوه و قافل عليهم بالمفتاح. 

أشار لها بالإبتعاد قائلاً: 
- أوقفي أنتِ بعيد. 

ثم أمر الصغيرين بصوت جلي: 
- محمد، بسنت، أبعدوا عن الباب يا حبايبي عشان هاكسروا. 

و بالفعل بعدما نفذ الصغيران أمره، أخذ يدفع الباب بجسده بقوة حتي نجح في فتحه علي مصرعه، ركضت هدي نحو صغيريها و أحتضنتهما و بادلها العناق، قالت الصغيرة و تتفحص آثار الضرب علي وجهه والدتها: 
- بابا ده وحش، أنا مش بحبه عشان سمعته بيزعق لك و بيضربك. 

عقب شقيقها: 
- ماما خلينا قاعدين عند خالتو و عمو شريف، مش عايزين نرجع لبابا تاني، أنا خايف منه. 

عجز لسانها عن الرد، عانقتهما مرة أخري و تعتصر عينيها بألم، فكان ألم قلبها أقوي و أشد من ألم جسدها. 

※ ـــــــــــــــــــــ ※
و داخل قسم الشرطة تقف ليلة و تبكي عندما قال لها الضابط: 
- العياط مش هايفيدك بحاجة، أنتِ دلوقتي متهمة في قضية قتل عمار إبراهيم عبدالوهاب، أداة الجريمة لاقيناها عندك و رسالة من تليفونك اللي واضح جداً أنك كنتِ علي علاقة بالمجني عليه، و شكله كان بيهددك فقولتي تخلصي منه. 

صاحت ببكاء و نفي: 
- و الله ما قتلته، أنا فعلاً كنت أعرفه بس قبل ما أتجوز و هو كان بيطاردني بعد ما أتجوزت، و أخر مكالمة كان عايز مني 100ألف جنيه، شكله كان متورط في فلوس مع حد. 

كان الضابط مُنصت لها جيداً فسألها: 
- مين الحد ده؟ 

أخذت تجفف عبراتها بالمحرمة الورقية و أجابت: 
- معرفش، كل اللي أعرفه قولته لحضرتك، بس و الله العظيم ما أقتلته و لا أعرف حاجة عن السكينة و معرفش مين اللي حطها عندي! 

هز الأخر رأسه و قبل أن يتحدث قاطعه طرق إحدي العساكر: 
- محامي المتهمة وصل يا فندم. 

أشار له الضابط قائلاً: 
- خليه يدخل. 

ولج رجل في الأربعينات يبدو عليه الوقار و كان خلفه معتصم التي وقعت عيناه علي ليلة يرمقها بصدمة،لم يستوعب ما يحدث حتي الآن. 

أعطي المحامي للضابط بطاقات الهوية الخاصة بهما: 
- السلام عليكم، مع حضرتك مدحت وفيق المحامي يا فندم. 

و تحدث الأخر: 
- و أنا معتصم جوز مدام ليلة. 

- أتفضلوا. 

جلس الأخر أمام المكتب و قال: 
- لو سمحت ممكن تسمح لي أقعد مع موكلتي عشر دقايق أفهم منها كل حاجة؟ 

خرج الضابط و من معه تاركاً ثلاثتهم، أنتفضت ليلة بعد غلق الباب لا سيما عندما رمقها معتصم بنظرة تحمل مئات من الأسئلة علي رأسها مَنْ هو عمار و ما العلاقة التي بينها و بينه؟

- مدام ليلة عايز حضرتك تحكي لي كل حاجة بالتفاصيل عشان أقدر أساعدك، الموضوع مش سهل دي جريمة قتل و أداة الجريمة علي حسب اللي عرفتوا من أستاذ معتصم طلعوها من مطبخك و ده لو دل يدل أن فيه حد واضح أنه مبلغهم عن التفاصيل دي، أنتِ كنتِ علي معرفة بالمجني عليه؟ 

أبتلعت لعابها بتوجس و توتر ثم أجابت: 
- أيوه أعرفه. 

و هنا كانت الصدمة لدي معتصم الذي لم يسمعها بأذنيه فقط بل كل حواسه أجمعها صاغية إليها و هي تسرد كل شىء منذ بداية علاقتها بـ عمار حتي وقت القبض عليها. 

- أفهم من كده إنهم أتهموكِ بناءً علي الرسالة اللي لاقوها علي موبايل القتيل، و كمان السكينة اللي لاقوها دي صعبت موقفك خالص. 

أخبرته بنبرة أوشكت علي البكاء مرة أخري: 
- أنا ما قتلتهوش. 

ثم نظرت إلي معتصم الذي أثر الصمت و أردفت: 
- معتصم أنا و الله بحبك أنت هو كان مجرد علاقة و راحت لحالها قبل ما نتجوز، أنا خبيت عليك عشان خوفت تروح تتخانق معاه و يحصلك حاجة لا قدر الله،عمار مكنش ليه أمان و كان كل همي أنت. 

أومأ لها قائلاً: 
- ايوه ما أنا عارف بأمارة لما جالك في شقتنا و أنا مش موجود ، و لما نزلتِ السوق كان مستنيكِ يشوفكِ، و لما رجعتِ شوفتيني في وشك أتخضيتِ، و لا عايدة اللي شافته نازل من عندك و في مرة راحت وراكِ و لما شوفتيها هددتيها إن لو مابعدتش عنك و لو اتكلمت بحرف هتخلي اللي عشيقك يدلق علي وشها مية نار، و عشان يكمل جميله راح أغتصبها
و صورها فيديو بكده و هددها لو أتكلمت هينشر الفيديوهات دي علي النت، فأنتِ روحتي لها بعدها بيومين بعد ما عرفتِ اللي حصلها من عشيقك فضلتي تشتمِ و تزعقِ إنه إزاي عمل معاها كده،و الله أعلم يمكن ده اللي خلاكِ قتلتيه! 

صاحت بدفاع و قلب محترق من تلك الإتهامات التي ألقاها عليها كوابل من الرصاص: 
- كدب، كل ده كدب و الله ما حصل، كل اللي حصل يوم ما روحت السوق شوفته و مرة جالي فعلاً بس هددته لو ما بعدش هقول لأخويا و أنت عليه، و بعدها فضل يبعت ليا في رسايل و يتصل و أنا مكنتش بعبره، و لما أنت غيرت لي الخط قولت الحمدلله أرتحت منه لاقيته أتصل عليا علي الرقم الجديد و كنت هاتجنن عرفه إزاي!، و لما كلمني و طلب مني الفلوس ما أنكرش إنه صِعب عليا لما حسيت إنه في خطر بس قررت أقطع أي خيط ما بينا فبعت له الرسالة اللي لاقوها علي التليفون بتاعه، يعني لو كان كلامك حقيقي و قتلته زي ما بتقول مكنتش بعت له رسالة أدين بيها نفسي، و الله العظيم ما بكذب أنا قولت كل الحقيقة. 

نهض و وقف بكل هدوء جعلها تشعر و كأنها علي حافة هاوية جبل شاهق، تفرقت شفتيه قائلاً: 
- من غير ما تحلفي مصدقك، و أنا إبن أصول و هاقف معاكِ لحد ما نشوف إن كان كلامك صادق و لا كذب،و بعدها كل واحد فينا هايروح لحاله. 

أتسعت عيناها و تجمدت أوصالها، و قبل أن تتفوه بكلمة دلف الضابط و قال: 
- الوقت خلص يا حضرات. 

سأله المحامي: 
-طب وضع موكلتي كده هايكون إيه سعادتك؟ 

أجاب الأخر: 
- هاتتحبس 4 أيام علي ذمة التحقيق و هاتترحل علي النيابة لحد ما يخلص تقرير المعمل الجنائي و تفريغ الكاميرات الموجودة قدام بيت المجني عليه. 
※ ــــــــــــــــــــــــــ ※
عاد إلي المنزل و داخله صراع ما بين قلبه و عقله، كلما يتذكر إعترافها و كيف كانت تخدعه عندما رأي رسائل المرسلة إليها قبل ذلك و عندما سألها أنكرت عدم معرفتها به، و ما زاد شكوكه ما أخبرته به تلك الأفعي عايدة التي بخت سُمها في أذنه و لم يلبث دقيقة للتفكير في صحة أو كذب حديثها حتي تفاجئ بالقبض علي زوجته. 
يشعر بالإختناق من فرط التفكير و الوقوع بين شقي الرُحا ود لو أن يطلق صرخة ليث مجروح علها تخفف وطأ الضغط عليه. 

صعد الدرج فوجد والدته تنتظره: 
- ليلة فين يا بني؟، و مين اللي قتلته؟ 

تركها و صعد إلي الأعلي و كأنه لا يسمع أو يري و أكمل صعوده حتي ولج إلي داخل منزله و صفق الباب بقوة لينفرد بـ ذاته و قلبه الجريح. 

عادت نفيسة إلي داخل منزلها و تقول: 
- يا عيني عليك يا بني، كان مستخبي لك فين كل ده. 

بينما عايدة كانت تراقب ما يحدث و تنتظر وصوله علي أحر من الجمر لتعلم ما حدث مع ليلة، حدسها يخبرها أن الساحة أصبحت شاغرة أمامها و عليها أن تستغل تلك الفرصة و تكن بجوار معتصم حتي تستحوذ علي عقله و قلبه، هكذا صور لها شيطانها الفاجر. 

ظلت تنتظر حتي غفت نفيسة في غرفتها، فقامت و أبدلت عبائتها السوداء بأخري ملونة و ملتصقة بجسدها حيث تظهر كل منحنيات جسدها، وضعت بعض مساحيق التجميل و تركت خصلات شعرها تنسدل بـ حرية علي طول ظهرها، أتممت هندامها بنثر قليل من العطر الفواح. 

أخذت مفتاح منزله الخاص بحماتها ثم صعدت علي الفور لأعلي، قامت بفتح الباب و دلفت بهدوء تبحث عنه ببصرها في الأرجاء، أخترق أنفها رائحة دخان سيجارته، لكن رائحة تعلمها جيداً طالما كان جلال شقيقه يدخن هذا النوع من المخدر المسمي بـ (الحشيش). 

البسمة شقت ثغرها و أظهرت تفاحتي وجنتيها، لمع بريق عيناها عندما رأته يجلس علي الأرض داخل غرفة النوم و جواره إطار صورة تجمعه هو و زوجته، يستند بـ ظهره إلي جانب السرير و يُريح رأسه إلي الخلف علي الفراش، ينفث دخان سيجارته. 

أقتربت منه فأزاحت إطار الصورة بقدمها ثم نظرت إليه فوجدته مغمض العينين، هبطت علي عقبيها جواره، مدت يدها إلي ذقنه تتخلل بأناملها شعر لحيته، أنتفضت فجاءة و أبعدت يدها عندما فتح عينيه و رمقها بحدة يسألها: 
- أنتِ إيه اللي جابك هنا؟ 

أجابت بنبرة أنثوية ناعمة و ضعف يأسر لُب أقوي الرجال: 
- قلبي اللي جابني ليك، قالي أنك محتاج لحضن يحتويك في اللحظة دي. 

و كادت تمد يدها إلي صدره فقبض علي رسغها و أقترب منها للغاية فـ ظنت إنه سيقبلها لكنه أخبرها: 
- لو أنتِ أخر واحدة في الدنيا، فمن عاشر المستحيلات اللي في دماغك ده يحصل. 

أزدردت ريقها ثم أخبرته: 
- فوق بقي، أنا أول واحدة كانت في حياتك و هاكون الأخيرة. 

رمقها بإزدراء قائلاً: 
- جايبة الثقة دي منين،! شكلك غرقانة في الوهم، أبعدِ أحسن برضاكِ بدل ما أنا أخليكِ تبعدي غصب عنك. 

و إذا بها نهضت لتجلس أعلي فخذيه و تقبض علي تلابيب قميصه و تخبره بشفتيها التي تقترب من خاصته: 
- مش هابعد يا معتصم،و أنا فعلاً غرقانة بس مش في الوهم، غرقانة في حبك و نفسي أكون ليك، هاخليك تعيش أجمل أيام حياتك اللي جاية، هاكون خدامتك، مجرد إشارة من إيدك هاتلاقيني بين إيديك. 

تفوهت تلك الكلمات بدهاء أنثي تنخدع بها قلوب الرجال عند سماعها، لم تمهله فرصة للإجابة، باغتته بقُبلة كانت لها السيطرة بها عليه بل كانت هيمنة إبليس تسيطر عليه و جعلته أغمض عينيه و بدأ بالرضوخ لها و يبادلها تلك القبلة المُحرمة حتي صدح صوت النور داخل عقله الشبه واعي من تأثير المُخدر عليه، كان صوتها الذي كان يبكي و يتوسل له منذ ساعات و هي تتدافع عن نفسها، أكتمل الصوت بصورتها و عيناها تذرف عبراتها التي هبطت كالجمار علي قلبه فمزقته لأشلاء تريد نهشها تلك الأفعي التي ما زالت تقبله بل و بكل جرأة قامت بجذب تلابيب قميصه فتطايرت أزراره. 

تردد صوت نداء ليلته بإسمه داخل عقله و فؤاده، كان كافياً لجعله يفوق فجاءة، فتح عينيه و عاد إلي رشده، دفع تلك الحرباء عنه و نهض مُبتعداً عنها، أسندت يدها علي الفراش و نهضت تصيح به: 
- أنت بتزقني!، للدرجدي هي مسيطرة عليك رغم إنها خانتك و كمان قتلت عشيقها عشان خايفة ليفضحها قدامك و تفضل عايش معاها واخد علي قفاك! 

تملك منه غضبه فقام بصفعها علي وجهها قائلاً: 
- أقسم بالله لولا اللي في بطنك لكنت جايبك من شعرك و جرجرتك علي السلالم و أرميكِ بره البيت كله، و كلمة تاني تخص ليلة حتي لو من بعيد مش هاتردد لحظة هاقطع لسانك بنفسي و أرميه لكلاب الشارع اللي هم أنضف منك. 

دفعها من أمامه و ترك لها المنزل و غادر دون وجهة، خشية أن يأذيها أو يستسلم لكيدها طوال الوقت حتي توقعه في براثنها السامة. 

تعليقات



×