رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الثامن عشر بقلم جميلة القحطانى
تعلم أنه يتعرض للإهمال من المربّيات، لكن لا حيلة لها. يجب أن تعمل، يجب أن تُطعم ابنها.
ارتدت ملابسها البسيطة بسرعة، لفت الطرحة على عجل، وحملت حقيبتها وابنها معًا كأنها تحمل العالم فوق كتفيها.
في الطريق، كانت تنظر للأرض. لا تحب نظرات الرجال، ولا نظرات النساء. الأولى مشتهية، والثانية مشككة.
كلهم يرون فيها المطلقة، لا الأم.
في العمل، كانت تبذل جهدًا مضاعفًا لتُثبت أنها محترمة وملتزمة، رغم أن لا أحد سألها إن كانت منهكة.
لكن في ذلك اليوم، جاءها اتصال.
صوت المربّية مرتبك:ابنك سليم بيعيط من الصبح ومش راضي يهدى… لازم تيجي تاخديه.
اعتذرت من مديرتها، لكن الأخيرة رمقتها بجمود:مش أول مرة يا ندى. إحنا شركة مش حضانة.
عادت ندى تحمل طفلها وهي تكتم دموعًا حارقة. جلست به على الرصيف، لا تدري إلى أين تذهب.
أخذت نفسًا عميقًا، وقالت لسليم:خلاص يا حبيبي… ماما هتلاقي حل. لازم نلاقي.
فاجأها برده:أنا هكبر واشتغل علشانك يا ماما.
انهارت الدموع من عينيها، لكنها ضحكت بين دموعها، وضمّته بقوة:إنت سندي… إنت اللى مخليني أقف على رجلي.
في المساء، عادت للبيت، جلست تكتب إعلانًا على ورقة:
مربية أطفال موثوقة، وأم.
ستبدأ من جديد… من البيت… بقوة الأم، وصبر الأنثى، وعزيمة من لا يملك خيارًا آخر.
بعد أن أغلقت الباب، شعرت أن الزمن انقلب.
الفوضى تملأ المكان، ملابس رجالية مرمية على السرير، عطر غريب يعبّق الأجواء، وحرارة تخرج من الحمّام وكأن أحدهم يستحمّ للتو.
خطت خطوة للخلف، تنوي الانسحاب، لكن قبل أن تُدير ظهرها، فُتح باب الحمّام… وخرج شاب عاري الصدر، يلف منشفة على خصره، يقطر الماء من شعره، وعيناه تلتقي بعينيها بدهشة.
هي تجمّدت.
هو تفاجأ.
لكنها، بعين ممتلئة بالدموع، صرخت:إنت مين؟! دي غرفتي! أنت بتعمل إيه هنا؟!
رد ببرود غير متوقع:أنا أسكن هنا من فترة. خالك هو اللي قال لي أستخدم الغرفة مؤقتًا.
الغضب تملّكها، شعرت أن كرامتها دُعِسَت، أن غربتها في هذا البيت ما زالت مستمرة، حتى غرفتها لم تعد مكانًا آمنًا.
صوتها علا:أنا ساكنة هنا من قبل ما أنت تفكّر تدخل البيت! ومين سمحلك تتصرف كده؟!
دخل فهد على الصوت، وكان وجهه عابسًا كعادته، نظر إليها بنظرة حادة ثم قال:لو مو عاجبك، الباب مفتوح يا سهير.
عيناها احمرّتا، ليس فقط من الغضب، بل من الخذلان.
هي لم تطلب الكثير… فقط زاوية في بيت