رواية شهد مسموم الفصل العشرون
قال يوسف باستغراب: ماذا تقولين شهد هذا أبي؟
لتردف بعصبية: اختار يوسف تذهب خلف ابيك أو أغادر المنزل.
ضغط على ذراعها بقوة و تحدث بغضب : أنا لا أصدق هذا الحديث، ماذا تظنين شهد؟ أن أترك أبي فهذا الوقت ، مهما كان يفعل ، هو يظل أبي ، و إذا لم ينال اعجابك الحديث ، ارحلي من المنزل.
لم تصدق هذا الحديث ، كيف يتخلي عنها بهذه السهولة ، لتردف بصدمة: يوسف.
أجاب و هو يرحل: هو أبي.
و غادر يوسف ، كانت تنظر له و هو يرحل بغضب، و سألت نفسها ، هل فقدت السيطرة عليه ؟ لم أسمح بذلك يوسف.
أخذت نفس و صعدت إلى منزل عفاف و تظاهرت بالحزن ، لتردف بدموع: ماذا حدث ماما؟
لتردف بهدوء: هذا أمر طبيعي بسبب ما يفعله.
لتردف بهدوء: ماما أريد الحديث معكِ في أمر هام .
أومات لها بالموافقة.
جلست بجوارها و قالت بهدوء: يكفي خصام بينك أنتِ و ماما سعاد ، حتي ملك لا تغادر منزلها ، يكفي ماما ، لم تحزني بسبب تفرقة العائلة.
أنهرت من البكاء ، قالت بدموع: هل أنا سعيدة بذلك؟ أنا أصبحت وحيدة لم أرى ابنائي و زوجاتهم ، إشتقت لها فهي أختي ، و أحمد لم يزوني و للمرة واحدة.
لتردف بابتسامة: إذا سوف أصعد الآن أجلب ماما سعاد و أحمد و ملك ، و نتجمع مرة أخرى.
وضعت عفاف قبلة على جبينها و قالت بحب: لا أعلم لماذا حسين يرى أنك مذنبة ؟ و أنتِ تفعلين كل شيء حتي نجتمع.
نهضت و قالت بحماس : سوف يعود يوسف و يري أننا عودنا مثل السابق، لعل يسامحني.
سألت بهدوء: ماذا حدث ؟
لتردف بحزن: أنا أخطأت و طلبت من يوسف عدم الذهاب الى بابا حسين خوفاً على سمعته، أعلم أني مخطئ و لا يجب قول ذلك.
قالت بهدوء : حبيبتي هذا من حقك ، حتي أنا أخشي عليه، لكن هو أبن بار بعائلته.
صعدت شهد إلى سعاد ، دقت الباب ، و قالت بابتسامة: ممكن نتحدث ماما.
لتردف بابتسامة: بالتاكيد تفضلي شهد.
احتضن يديها و قالت بحب صادق: ماما أنتِ شخصية جميلة جداً و لا تعوض ، و قلبك الصافي سوف ينسي ما حدث ، أنا أعتذر أطلب منك السماح ، لكن هي نعود مثل السابق.
تجمعت الدموع في عيونها و قالت بدموع: لماذا الاعتذار شهد أنتِ لم تفعل شيء ؟
أبتسمت بحزن و قالت: ليس مهم من أخطأ ، الاهم نعود عائلة ماما عفاف حزينة و وحيدة.
انفجرت من البكاء و قالت: هل أنا سعيدة؟
لتردف بابتسامة: إذا ماذا نفعل؟
سألت و هي تزيل دموعها: ماذا؟
جاء أحمد من الخلف و صرخ بسعادة : نعود مثل السابق.
و قالت شهد معه بصوت عالي: عائلة.
و جلست لمستواه و قالت بندم: مرحبا ايها الوسيم.
يبعد شعره إلى الخلف بغرور: أعلم أني وسيم.
لتردف بحزن: أطلب منك السماح ايها الوسيم.
قال و هو لم يفهم شيء: حسنا.
و ركض إلى عفاف فهي بمثابة أم له ، و كل هذه الفترة، منعته سعاد من الحديث معها.
قالت بهدوء: سوف أصعد إلى ملك ، و أنت اذهبي الى ماما.
أومأت رأسها بالموافقة ، و هبطت سريعاً فهي مشتاقة الى عفاف .
و تقف شهد بتوتر ، فهي المهمة الاصعب ، بالتاكيد سوف تسأل أسئلة كثيرة ، لماذا يوسف قال ذلك؟ ماذا فعل يونس معها؟
تشجعت و دقت الباب ، فتحت ملك و نظرت لها بتعجب لتردف : ماذا تفعلين هنا؟
كانت شاحبة الوجه ، ليست ملك التي دائما تبتسم و تمزح مع الجميع ، كانت عيونها بيها حزن كبير، فهذا طبيعي ما حدث لها ليس سهل؟
كانت تشعر بالندم الشديد على ما فعلتها فهؤلاء، ليس لهم ذنب ، لماذا فعلت ذلك؟ لكن لا ينفع ندم الان، سوف تنقذ ما يمكن إنقاذه ، بعد كل ما فعلت شعرت براحة بعض الشيء ، قررت تصحيح الأخطاء ، لكن هل تسير الأمور كالعادة مثل ما تريد أو للقدر كلمة اخره؟
انتبهت عندما قالت : شهد.
نظرت لها بحزن و قالت بهدوء: حان الآن توحيد العائلة و هذا لا يحدث إلا إذا كنت أنا و أنتِ يد واحدة .
دلفت إلى الداخل ، و جلست على المقعد و قالت بدموع: افعلي أنتِ شهد، أنا لا أتحدث مع أحد من هنا ، يكفي ما حدث ، أنا أصبحت أعشق أخو زوجي، و زوجي يعشق زوجة اخوه، هل تعلمين منذ ما فعل معك يونس و هو لا يعود إلى المنزل.
جلست أمامها و سألت: أين يذهب ؟
أجابت بهدوء: في المسجد، هو أقتنع بالتوبة لكن من الواضح كان يكذب عليا.
و انفجرت من البكاء بصوت عالي تكاد تكون صرخات.
نهضت و ذهبت إليها و ضمتها إلى حضنها و قالت بدموع: اعتذر ، اعتذر .
نظرت لها و قالت: لماذا الاعتذار ؟
أبتعد عنها و تردف بهدوء و هي تزيل دموعها: ملك ما حدث لم يكن بإرادة يونس.
نظرت لها بتعجب و سألت: لم أفهم.
هي تريد تخبرها أن يونس برئ ، لكن دون أن تدين نفسها ، لذا قالت بهدوء: أنتِ تقولين أنه يريد التوبة ،إذا هؤلاء من العالم الآخر يريدون أنه يظل دائما مجند لخدمتهم.
تغيرات ملامح ملك إلى النقيض من الحزن إلى السعادة من الدموع الي الابتسامة ، لتردف بسعادة: كنت متأكدة أن يونس لا يفعل هذا الأمر البشع.
قالت بهدوء: الاهم ظلي خلف يونس حتي يتوب و لا تتحدثين معه في الماضي ، ابدوا حياة جديدة.
نهضت بحماس و عناقتها بحب و سعادة ، و قالت : اشكرك شهد ، اشكرك.
في منزل عفاف
عادت الحياة مرة أخرى
كانت عفاف تلعب مع أحمد
و سعاد و ملك و شهد في المطبخ يحضرون الطعام.
و بعد وقت ، و صل حسين مع يونس و يوسف ، كانت الصدمة من هذا التجمع.
ليردف حسين باستغراب: ماذا حدث حتي تعود الأمور مثل السابق ؟
قال الجميع بصوت واحد: شهد هي من فعلت.
نظر يوسف لها بإعجاب ، أما يونس كان ينظر إلى الأسفل ، و حسين نظر لها بخبث، و قال أنها تخطط لشئ جديد.
لتسأل عفاف : ماذا حدث معك حسين؟
جلس على المقعد وضع قدم على قدم و قال بغرور : لم يحدث شيء ، الأشخاص الذين طالما ساعدتهم ، ساعدوني اليوم.
و نظر إلى شهد و قال: أنا على صداقة قوية مع أشخاص ذو شأن في المجتمع.
لتردف بابتسامة: جيد جداً بابا، هيا العشاء جاهز.
ليردف يونس بإحراج: لا أريد.
و غادر و ركضت ملك خلفه، و قالت بدموع : يونس.
التفت له و هو ينظر إلى الأسفل: ماذا؟
ألقت نفسها في حضنه و قالت بدموع: لا تذهب ، أعلم أن المكوث في المسجد شئ مريح جدا ، لكن يجب نسيان الماضي بكل ما حدث، يجب عليك البحث عن وظيفة ، أنت خريج كلية الهندسة ، لا تلتفت إلى الماضي سوف نبدا حياة جديدة.
ضمها بشدة و بكي بقهر مثل الطفل، يبكي بسبب ذنوبه، يبكي بسبب ظلم شهد له، يبكي لأن يوسف لم يتحدث معه ، و ينظر له على أنه خائن.
جاءت شهد و معه يوسف حتي يرى حالة يونس.
قال ببكاء هستيريا : أنا خائف ، خائف من عقاب الله، خائف أن يظل يوسف لا يتحدث معي، خائف أن يظل أبي يسير في هذا الطريق ، خائف أن تبتعدي عني.
قالت بدموع شديدة: لا أبتعد عنك ، أنا أحبك.
ذهب يوسف إليه و قال بدموع: و أنا أيضا معك اخي ، و لا أبتعد عنك و الله يغفر لك كل الذنوب.
خرج من حضن ملك إلى حضن أخيه.
كانت تنظر لهم و هي لا تستطيع السيطرة على دموعها ، كيف كانت بهذه الكراهية ؟ كيف أستطعت فعل كل ذلك؟
جاء حسين و قال بهمس: ما الخطة الجديدة؟
نظرت لها بعيون ممتلئة بالدموعِ و قالت: هل تصدق أن لا يوجد خطة جديدة ؟ و أن ما حدث اليوم كان آخر فصل في الانتقام ، و الآن سوف يبدا فصل جديد.
نظر لها بكراهية و قال بهمس حتي لا يسمع أحد: لا أصدق حديثك ، و أخبرني ما الفصل الجديد؟
نظرت ليوسف بحب شديد، و قالت : فصل الحب، سوف تبدأ قصة حب يوسف و شهد.
أبتسم باستهزاء و قال: هل تظنين أن كل شيء يسير مثل ما تريدين؟ هذا رأيك انتهي الانتقام و الآن فصل الحب ، لا تحلمي بالسعادة طالما أنا على قيد الحياة.
نظرت لها و قالت بشر : إذا سوف ترحل من هذه الحياة لا تستبعد القتل عن فتاة قامت بكل هذه الأمور.
و تركته و دلفت إلى الداخل.
في غرفة الطعام
كان يتناولون الطعام وسط مزح و سعادة و ضحكات كالعادة.
كلما حاولت شهد التحدث إلى يوسف ، لم يجيب عليها و ينظر لها بغضب.
كانت شهد تحضر القهوة ، جاء يونس و قال : شهد.
أجابت بهدوء: نعم.
قال بحزن و ندم شديد: أنا آسف.
أجابت هي الأخرى بندم و حزن: حتي أنا أعتذر عن ما بادر مني ، بالنسبة لحديث يوسف عن ملك، كانت خدعة مني ، حتي أنتقم ، كنت لا أرى شئ إلا الانتقام، أنت لا تنكر أني كنت مظلومة بسببك أنت و أبيك ، لا تنسي أني تعذبت لكن أنا الآن قررت بداية حياة جديدة لذلك اطلب منك السماح.
قال بابتسامة ممزوج بدموع: أنتِ على حق شهد، أنا و ابي نستحق الجحيم بسب أفعالنا ، لذا أنا ليس غاضب منك و أطلب منك السماح.
لتردف بهدوء: أشهد الله اني اسامحك.
أبتسم و غادر المطبخ
كان يوسف يصعد الدرج و هي خلفها ، تتحدث معه و أيضا لا يجيب.
لتردف بعصبية: ايها الصامت أنا أتحدث معك.
لم يجيب أيضا و فتح الباب و دلف إلى غرفته فورا ، دلفت خلفه باستغراب و قالت: أنا غاضبة منك ، ليس أنت الغاضب ايها الطبيب ، جمعت العائلة لأجلك، اعتذرت لك و ماما عفاف قالت لك أني لم أقصد و فقط كنت أشعر بالخوف عليك، و أيضا لم تتحدث معي، ماذا أفعل يوسف؟
لم يجيب و فتح الخزانة و أخذ ثياب و دلف إلى الحمام ، قالت بصوت عالي: حسنا أيها الطبيب سوف أرحل.
و غادرت الغرفة و هي غاضبة.
كانت في غرفتها و ظنت أن يوسف يأتي لها، لكن لم يأتي.
خبطت على الأرض بقدمها بغضب و ذهبت الى الفراش حتي تستعد للنوم ، لكن ظهر أمامها شاهر ، كان يقف أمام المرآة بهيئة مخيفة جداً ، و يكتب كلمات غير مفهومة على المرآه بالدم.
لن تنكر أنها شعرت بالخوف ، لكن ظهرت القوة و سألت: ماذا تفعل هنا؟
أجاب بصوت مخيف، و هو مازال يكتب على المرآه حتي أصبحت ممتلئة بالدماء : حتي أخذك معي ، تذكري وعدك لي ، أنك بعد الانتقام تأتين الي عالمي.
نهضت من على الفراش بتوتر و قالت: لكن أنا.
لم يسمح لها بالحديث ، اقترب منها و صرخ بصوت عالي جدا: لم أنتظر بعد ، انتظرت وقت طويل ، حان الآن أخذك الى عالمي.
وضع يديه على فمها ،وسقطت فاقدة الوعي بين أحضانه.