رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل العشرون 20 بقلم نورهان ال عشري



 رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل العشرون بقلم نورهان ال عشري


الإثم العشرون ❤️‍🩹 بعنوان ” ضراوة عشق ”

يبقى القلب عاشقًا ولو اكتد الحبيب باللقاء .

و تبقى الروح للوصال مُتلهِفة ولو أبى كبرياءها الاستجداء.

و يدور السؤال في الخُلدِ حائرًا متى يحين تآلف الأحباء ؟

رحمةً بقلب لم يعتد علي الشكوى يومًا و لم يعرف طريق الإنحناء.

فالهجر بات لا يُحتمل ولم يعد للقلب طاقة لاحتمال طقوسه السوداء.

و الروح أضحت مُشجبة و في العين يقبع الف بكاء و بكاء .

فبالله عليك يا حبيب ما أرداني سواه. عن قلب مثل قلبي كيف يمكنك الاستغناء ؟

نورهان العشري ✍🏻

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

تحولت عينيه إلى جمرتين مشتعلتين من فرط احتراقهم حين رأى ذلك الشاب يقف بجانبها وهو يمسك بيديها التي تتساقط منها قطرات الدماء يحاول ايقافها، فتحول غضبه إلى قلق تجلى في نبرته الخشنة حين قال

ـ آسيا.

التفتت كُلًا من آسيا و وائل إلى كمال الذي اقترب منهما وهو يقول بنبرة قلقة لا تخلو من الغضب

ـ مالها ايدك ؟

آسيا بخفوت و عينين احتلهم الجمود

ـ ايدي اتجرحت.

ارتفعت عينيها تناظر وائل بإمتنان تجلى في نبرتها الرقيقة حين قالت

ـ ميرسي يا وائل. تعبتك معايا.

تفاجئت بكمال يجذب بيدها بعُنف وهو يتفحص جرحها بغضب تجلى في نبرته حين قال

ـ على مكتبك يا وائل و بعد كدا متتعبش نفسك في الفاضي.

شعر وائل بالحرج الذي تجلى في نبرته حين قال

ـ مفيش تعب ولا حاجه. أسيا زميلتي و غالية عليا وهي عارفة كدا.

جذبت يدها من بين يدي كمال بقوة دون أن تلقي عليه ولو نظرة واحدة إنما كانت انظارها تشمل وائل بنظرات مُمتنة وهي تقول برقة

ـ مش عارفة أشكرك ازاي بجد.

اشتعلت نظرات كمال أكثر مما جعل وائل يُجيبها بارتباك قبل أن يبادر بالرحيل

ـ مفيش اي شكر ولا حاجه. عن اذنكوا.

أرادت سكب الوقود فوق نيرانه المُستعِرة لتُلقنه درسًا قاسيًا لألا يفكر باللهو معها مرة اخرى، فرفعت عينيها تراقب رحيل وائل بنظرات تبدو عاشقة ليحتل الجنون نظراته و نبرته حين قال

ـ قُدامي عالمكتب.

لم يروق لها أسلوبه في الحديث معها فهتفت بنبرة مُستفزة

ـ نعم!

ـ اللي سمعتيه.

هكذا أجابها بحدة أفزعتها فأطاعته دون حديث، ولكن داخلها كان يغلي من الغضب، و ما أن أغلق باب المكتب خلفه حتى التفتت تناظره بحنق تجلى في نبرتها حين قالت

ـ مستر كمال لو سمحت مينفعش تكلمني كدا. أنا أه بشتغل في شركة حضرتك لكن…

ـ لكن حضرتي نفسه يكسر دماغ حضرتك.

هكذا قاطعها بنبرة جليدية تتنافى مع نظراته المُشتعِلة مما جعلها تقول باستفهام

ـ اقدر اعرف ايه السبب؟

اشتاقت عينيه إلى الإبحار فوق ملامحها الساحرة كثيرًا، و التي بنظرة واحدة أطفأت حرائقه، فمرت لحظات من السكون الذي اكتنف كليهمَ قبل أن يقول بنبرة خشنة

ـ مزاجي كدا.

نظراته جعلت موجه من الخجل تغمرها و شيء آخر جعل دقات قلبها تتسارع، ولكنها كانت تجاهد كل أنواع المشاعر التي اكتنفتها الآن لتحاول الحديث ولكنه قاطعها قائلًا بنبرة حازمة

ـ ولا كلمة. وريني ايدك.

لا إراديًا وضعت يديها خلف ظهرها و التمع بريق عينيها بالعناد الذي جعل بسمة رائعة ترتسم فوق ثغره قبل أن يقول بتسلية

ـ غريبة! اللي يشوف حركات العيال الصغيرة اللي بتعمليها دلوقتي ميشوفكيش وأنتِ بتتعاملي من طرطوفة مناخيرك و كأن محدش مالي عينك في الدنيا.

احتلت الصدمة ملامحها من حديثه لتُشير إلى نفسها وهي تقول

ـ أنا بعامل الناس من طرطوفة مناخيري؟

كمال بجدية زائفة

ـ دي حقيقة. دا كمان غير أن دمك تقيل مع الناس كلها، و دا على فكرة مش كلامي.

آسيا بذهول

ـ أنا دمي تقيل!

ـ و سخيفة.

ـ كمان!

ـ و محدش بيطيقك!

شهقت بذهول تجلى في نبرتها حين قالت

ـ أنا محدش بيطيقني ؟!

باغتها حين قال بنبرة خشنة

ـ غيري.

أصابتها كلمته حد التراجع خطوتين للخلف وهي تقول بارتباك بعد أن تفشى الخجل في وجنتيها فبدت شهية للغاية

ـ آية؟ يعني ايه دا؟

راق له خجلها و ارتباكها كثيرًا حتى أنه ود لو يقطف ثمار التوت المنتشر بإغواء فوق خديها، ولكنه يعلم بأن الطريق مازال طويل بينهم لذا لون الخُبث نظراته ونبرته حين قال

ـ يعني أنا ضحيت بنفسي و خليتك مديرة مكتبي رأفةً بالموظفين بتوعي اللي كلهم أجمعوا انك متتعاشريش.

من فرط الغضب كادت أن تضربة بالمزهرية الموضوعة فوق الطاولة بجانبها، ولكنها كبحت جماح غضبها بشق الأنفُس وهي تقول بغل

ـ على فكرة بقى اللي مش عاجبه اسلوبي ميتعاملش معايا.

تجاهل حديثها و اقترب يزيل المنديل الورقي من فوق جرحها ليقول باستنكار

ـ ايه دا دمك تقيل اوي كدا ليه!

ذلك الوغد يُصيبها بالجنون بحديثه لذا أرادت إغضابه حين قالت ساخرة

ـ و على فكرة بقى انا دمي مش تقيل بس بهزر مع الناس القريبة مني. يعني مش كل هب و دب اقعد اضحك معاه

تفاجئت حين قال بجدية

ـ كدا تمام التمام اوي، وانا موافق عالموضوع دا.

ماباله اليوم يتلاعب بها بهذه الطريقة التي كانت تُثير غضبها بشكل لم تعهده مُسبقًا، ولكنها حاولت اللهو به قليلًا حين قالت بخُبث

ـ يعني مثلا انا ممكن اهزر مع وائل. اقصد مستر وائل لكن مهزرش مع حضرتك.

نجحت في استفزازه ولكن لم يتخطى الأمر حدود نظراته الغاضبة على عكس كلماته الجادة حين قال

ـ طبعا المقامات محفوظة. بس خلي بالك لا تيجي في يوم تلاقي مستر وائل قاعد في الباركينج بيمسح العربيات.

آسيا باستهجان

ـ دا ليه كدا؟

كمال بجفاء

ـ مزاجي.

انهى وضع اللاصقة الطبية فوق جرحها تزامنًا مع حديثها الجاد حين قالت

ـ تقريبا ضاع نص ساعة من وقت حضرتك في كلام فاضي، وانت وراك مواعيد كتير النهاردة.

كان استفزازها أمرًا رائعًا بالنسبة إليه خاصةً أنها ولأول مرة تكُن على طبيعتها معه تغضب و تثور و تنفعل بدلاً من ذلك الجمود اللعين الذي تتعامل به لذا قال باستنكار قاصدًا إستفزازها أكثر

ـ يااااه نص ساعة بس! دانا قولت الضهر هيأذن كمان شويه. الوقت معاكي بيعدي طويل اوي على فكرة.

تمقته بشدة ولكنها لم تخسر أمامه لذا قالت بسخرية

ـ معلش ابقى ركبله عجلتين عشان يجري بسرعة.

كمال بجمود

ـ مفروض اضحك!

زفرت بتعب قبل أن تقول بجفاء

ـ أنا اللي مفروض أخرج. عن اذنك.

توجهت إلى الخارج وخطاها كاللهب من فرط غضبها الذي جعلها تهت بحنق ما أن غادرت مكتبه

ـ ياربي ايه الراجل دا انا هتحمله ازاي! دا هيشلني.

ـ بعد الشر عنك.

انتفضت بفزع ما أن سمعت صوته العابث من خلفها ليُكمل بسخرية وهو يتوجه إليها

ـ بس ياريت لو نويتي يعني. تعرفيني قبلها عشان اشوفلي سكرتيرة تانية مانا مش هعطل اعمالي و مشاريعي بسببك.

حاولت استجماع جأشها قبل أن تقول بنفاذ صبر

ـ حضرتك عايز حاجه يا مستر كمال؟

ابتسم بهدوء قبل أن يقول بنبرة صوته العذبة

ـ عايز قهوة من ايدك.

تفاجئت كثيرًا من تقلبه بهذه الطريقة، ولكنه باغتها حين قال بتحذير

ـ و ياريت بلاش الوش الخشب دا عشان القهوة تطلع طعمها حلو.

هذا الرجل بات يُخيفها و خاصةً أن هناك شيء داخلها يبتسم على استحياء من أفعاله، و هذا أغضبها كثيرًا لذا حادثته بجفاء قائلة

ـ حاجه تانية.

ـ ايوا

ـ نعم؟

كمال بنبرة عذبة و ابتسامة عاشقة

ـ تضحكي وأنتِ جيبهالي عشان تبقى تمام التمام .

لم تستطع قمع ضحكاتها على حديثه، فبدت فاتنة بهذه الضحكة العفوية و الملامح الصافية، فانتشرت عينيه بالنظر إليها و هتف يغازلها

ـ اهو دا التمام اللي بحق و حقيقي.

غافلتها الكلمات وخرجت من بين شفتيها حين قالت

ـ هو حضرتك بتعمل كدا ليه؟

احتار بماذا يُجيبها ولكنه اختار أن يكون صريحًا معها حين قال

ـ مش عارف.

غمرها الخجل أمام أسر عينيه التي استأثرت بخاصتها فهمست بخفوت

ـ يعني ايه؟

جرفته مشاعره و ترجمتها شفتاه حين قال بصوتًا أجش

ـ خليكي كدا على طول..

ـ ازاي؟

ـ على طبيعتك.

أيقظت جملته عقلها من سباته، فتبدلت نظراتها في الحال إلى الجمود و تبددت هذه اللحظة الرائعة لتقول بجمود

ـ هروح اعمل لحضرتك القهوة. عن اذنك.

اندهش من تبدلها حتى نظراتها التي بدت وكأنها اسدلت ستارًا من الزجاج العاكس عليها، فحرمته لذة الإبحار داخلها، و لأول مرة في حياته يشعر بالخوف من شيء وهو مشاعره تجاه هذه المرأة.

اللهم اغفر لي ذنوبي ، و خطيئتي و اخرجني من الدنيا كما دخلتها بلا ذنوب ولا عيوب . ربي إن كان هذا آخر عهدي بالدنيا فأجعلني من التائبين ، اللهم اكتب لي لقائك و انا بدون ذنب و اجعل جنتك لي هي المأوي . اللهم اغفر لي ذنبي و خطيئتي و لا تتوفني إلا و قد غفرت لي كل ذنوبي.♥️

★★★★★★★★★★

رفعت أشجان نظراتها لتصطدم بعينين يشبهان الشمس في توهجهما و هذا الدفء المنبعث منهمَ يزينان وجه أبيض مُستدير تزينه خطوط العمر التي زادته جمالًا و أعطته رونقًا خاصةً بهذه الإبتسامة الرائعة التي استكان لها قلب أشجان لترتسم ابتسامة هادئة على ملامحها قبل أن تمتد يدها و تمحي عبراتها وهي تقول بحرج

ـ أنا أسفة. كنت بعيط بصوت وانا مش حاسة.

التفت المرأة وهي تقول بذوق

ـ تسمحيلي ؟

أشجان بلهفة

ـ طبعًا. اتفضلي.

جلست في المقعد المقابل لها وهي تقول بحنو

ـ أولاً أنتِ مكنتيش بتعيطي بصوت عالي ولا حاجه. اللي مسموع بجد هو صوت وجعك.

عند جملتها الأخيرة تدحرجت العبرات من عيني أشجان التي لم تجروء الكلمات على المرور من بين شفتيها، ولكنها كانت ممتنه لكون هناك شخص واحد في هذه الحياة شعر بألمها الدامي لتمتد يد سوزان وتربت فوق يدها بحنو تجلى في نبرتها حين قالت

ـ عيطي لحد ما ترتاحي، ولو عايزة امشيلك الناس كلها و تصرخي معنديش مشكلة.

ابتسامة هادئة غافلت جراحها و ارتسمت فوق شفتيها فهتفت هذه المرأة الستينية بإعجاب

ـ يا خسارة ضحكتك حلوة اوي.

شعرت بخيط من الراحة يتسلل إلى قلبها تجاة هذه السيدة فبدأت بالحديث عن بعض من معاناتها حين قالت بأسى

ـ تعرفي انا بقالي كتير اوي مضحكتش؟ مش فاكرة اخر مرة ضحكت فيها كانت امتى!

سوزان بتعاطف

ـ عشان كدا بقولك خسارة. خسارة الضحكة الحلوة دي تستخبى ورا الحزن دا كله.

أشجان بلوعة

ـ عارفة المشكلة في ايه؟ أن كل الناس فكراني نكدية، و بختار اني اعيط بمزاجي. بس انا مفيش حاجه واحدة بتحصلي تخليني اضحك.

تعالت شهقاتها وهي تقول بنبرة تحترق من فرط القهر

ـ أنا نفسي افرح اوي. نفسي اضحك مرة من قلبي. محدش عارف كدا.

امتدت يد سوزان تربت فوق يديها بحنو تجلى في نبرتها حين قالت

ـ أنا عارفة دا. اطمني. في حد شايفك دلوقتي كم الوجع اللي جواكي.

شعرت بأنها تجاوزت الحد المسموح به بين غرباء لم يتقابلوا سوى منذ دقائق لذا سحبت يدها من يد سوزان وهي تقول بنبرة متحشرجة

ـ أنا معرفكيش ولا أنتِ تعرفيني أصلًا.

ابتسمت سوزان على فعلتها وقالت بهدوء

ـ و هو دا المطلوب.

أشجان بعدم فهم

ـ ازاي ؟

عبأت سوزان صدرها بالهواء النقي قبل أن تقول بشجن

ـ كتير اوي بيكون نفسنا في حد غريب لا نعرفه ولا يعرفنا نقوله كل اللي في قلبنا من غير ما نجمل حاجه ولا نخبي. علشان عارفين اننا يمكن منقابلوش تاني. زي كدا ما تكتبي همومك في ورقة و ترميها في البحر، وأنتِ متأكدة أن عمره ما هيشوفها غيره.

ـ تفتكري لو عملت كدا هرتاح؟

سوزان بحنو

ـ جربي. في يوم من الأيام كان في حد قاعد مكانك كدا. رمته الدنيا على هنا. بس يمكن كان حاله اصعب من حالك شويه عشان هو مبيعرفش يبكي، و قعدنا سوى زي مانا قاعدة معاكي كدا، و حكى على أمل أنه مش هيشوفني تاني.

صمتت لثوان فاستفهمت أشجان بلهفة

ـ و ارتاح؟

سوزان بمرح

ـ و بقينا أصحاب كمان، و أنا اللي تعبت عشان مبقاش بيعرف يحكي مع حد غيري. بقوله انت بتحوش الكلام اللي مفروض تقولوا للناس كلها و تيجي تقولهولي؟ يقولي حد قالك قوليلي اتكلم؟

ابتسمت أشجان على حديث المرأة التي كان الحنان يتبلور في عينيها و لهجتها مما جعل داخلها يهدأ قليلًا لتقول بنبرة متحشرجة

ـ طب مش خايفة لانا كمان اتعبك بعد كدا ؟

سوزان بابتسامة هادئة

ـ جبر الخواطر على الله يا بنتي، و إدخال السرور على قلب مسلم دا من افضل العبادات. حد طايل يبقى سبب راحة لإنسان مهموم.

أشجان باندهاش

ـ هو لسه في ناس كويسة كدا؟

سوزان بهدوء

ـ طول ما احنا عايشين في الخير و في الشر.

أشجان بأسى

ـ بس أنا مشوفتش غير الشر. مشوفتش غير ناس متعرفش ربنا. بتكذب و تخدع و تخون و تجرح من غير اي ذرة تأنيب ضمير، و ناس تانية بتسقفلهم و كأنهم عاملين إنجاز، و ناس تالته خالص عاملة نفسها مش شايفة الظلم ولا التجبر و لا القهر. دول حسابهم ايه عند ربنا؟

سوزان بتأثر

ـ أنتِ بتصلي ؟

أشجان بلهفة

ـ طبعًا الحمد لله.

ـ الحمد لله. طيب بتقرأي قرآن ؟

أشجان بحرج

ـ مش دايمًا.

اومأت سوزان برأسها و زمت شفتيها قبل أن تقول بتقريع

ـ عشان كدا معندكيش صبر ولا جهد. لو كنتي واصلة الخيط بينك وبين ربنا و بتقري أياته كنتي هتعرفي أن الظلم دا مبيعديش كدا. لا على الظالم و لا على المظلوم ربنا قال في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم “وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا” *سورة الفرقان *صدق الله العظيم و بيقول للمظلوم بسم الله الرحمن الرحيم ” وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ” *سورة إبراهيم* و في حديث قدسي قال ” وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. ” ربنا بنفسه بيحلف أنه هينصر المظلوم عايزة ايه تاني بقى؟

ـ ونعم بالله. انا عارفة والله إن ربنا مبيضيعش حق حد. بس انا بشر و كتير بحس اني مش قادرة اكمل، واني عايزة أصرخ وأقول كفاية.

سوزان بلهفة

ـ اعملي كدا. صرخي و زعقي وقولي كفاية. بصي يا بنتي. محدش أبدًا هيدافع عن حقك احسن منك، ولا في حد هيحس بيكي طول ما أنتِ كاتمة جواكي.

أشجان بنبرة فاقدة لكل معاني الحياة

ـ تفتكري في حاجة هتتغير؟

ـ حتى لو مفيش حاجة اتغيرت. بس اهو اسمك فضيتي الشحنة اللي جواكي و ارتاحتي.

أشجان بابتسامة بلهاء

ـ تصدقي صح. انا النهاردة و لأول مرة في حياتي أخرج عن صمتي و ازعق واقول كل اللي في قلبي من غير ما افكر، ومن حسن حظي أو سوأ يعني مش هتفرق بس طلعت في اكتر اتنين مش طيقاهم في حياتي.

قهقهت سوزان بمرح تجلى في نبرتها حين قالت

ـ أنتِ كدا ميه ميه. هيحصل ايه يعني اكتر من اللي حصل.

أشجان بمرح

ـ ايوا صح عندك حق. بس لحظة واحدة. هو أنتِ عرفتي اللي حصل منين؟

سوزان بابتسامة عريضة

ـ من شكلك يا بنتي. اللي كان يشوفك من شويه يقول دايس عليكي قطر.

ابتسمت أشجان بل علت ابتسامتها التي جعلته يتجمد في مكانه وهو يقف على أعتاب ذلك المكان الذي يعتبره ملجأه السري و ركنه الآمن في وسط ضجيج هذه الحياة، ولكم تفاجيء حين وجدها تجلس مع هذه المرأة التي يعتبرها صديقته الوحيدة في هذه الحياة.

ـ بجد مش عارفة أشكرك ازاي؟ انا بجد بقالي كتير محستش اني مرتاحة كدا.

كانت سوزان تتابع حديثها بسعادة أنها استطاعت رسم البسمة على شفاه هذه الفتاة الجميلة، ولكنها لاحظت شخص يُشير إليها من الخلف مما جعلها تقول بلهفة

ـ بقولك ايه بدل جيتي هنا يبقى لازم تدوقي المعجنات اللي انا بعملها، و دا اجباري عشان تجيلي تاني خليكي هنا خمسة و رجعالك.

لم تمهل لأشجان الوقت بالحديث بل قامت و دلفت إلى داخل المقهى لتجد خالد يقف في الداخل وحين رآها قال بلهفة

ـ أنتِ تعرفيها منين؟

سوزان بتهكم

ـ من مكان ما عرفتك بالظبط.

التمعت عينيه بوميض الذكرى السوداء التي جذبته إلى هذا المكان ليُصبح فيما بعد أحب الأماكن إلى قلبه.

ـ اااه. احنا بنسرح! لا دا الحكاية كبيرة و شكلك هتاخد مخالفة عشان تخبي عليا حلو!

ابتسم خالد بحنو لهذه المرأة التي يعتبرها مثل والدته ليقول بمرح لا يظهر إلا معها

ـ اخبي ايه بس أنتِ طيبة. دي خزان أحزان ماشي على الأرض. الحكاية غير ما وصلتلك خالص.

سوزان بمكر

ـ يعني في حكاية!

خالد بخشونة

ـ بعدين نتكلم. المهم دلوقتي هطلب منك طلب تنفذيه عشان خاطري ممكن؟

سوزان بدُعابة

ـ هتستغل حبي ليك يعني ؟ انا موافقة.

ابتسم خالد بحُب قبل أن يقول

ـ ربنا يخليكي ليا. اسمعيني بقى.

أخذت أشجان تتلفت حولها تارة و تارة تنظر في ساعتها إلى أن وصل إلى أنفها رائحة رائعة جعلت رأسها يستدير لتجد سوزان تتقدم بعكازها وهي تحمل طبق من المخبوزات الشهية التي وضعتها امامها وهي تقول بنبرة ودودة

ـ دوقي بقى عمايل ايديا وقوليلي رأيك بصراحة.

أشجان بحرج

ـ أنا تعبت حضرتك معايا ووو

قاطعتها سوزان بحدة

ـ ولا كلمة يا بنت. يالا كلي وقوليلي رأيك وأياك ميعجبنيش!

ابتسمت أشجان قبل أن تقوم بتناول المخبوزات الشهية التي لم تتذوق أشهى منها في حياتها لتقول بصدق

ـ حلوة اوي بجد. انا مدوقتش أحلى من كدا في حياتي.

سوزان بمرح

ـ شوفي يا اسمك ايه ؟ انا من أول ما شوفتك قلبي انشرحلك.

أشجان بمرح

ـ اسمي أشجان، وعلى فكرة أنا حسيت تجاهك كدا بجد.

سوزان بحبور

ـ طب قوليلي بقى أني هشوفك تاني كتير .

أشجان بحزن

ـ كان نفسي اقولك كدا. لكن للأسف انا كنت بشتغل في مكان قريب من هنا. بس استقالت النهاردة.

سوزان باستفهام

ـ عشان كدا كنتي جاية تعيطي بالشكل دا؟

أشجان بحزن

ـ كنت بعيط عشان حاجات كتير اوي، و دا من ضمنهم. الشغل دا كان هيتوقف عليه تحديد مصيري انا وولادي. بس للأسف خسرته.

شعرت سوزان بانقباضة في صدرها وقالت باستفهام

ـ أنتِ عندك ولاد قد ايه؟

ـ ولد وبنت الولد تسع سنين والبنت سبعة.

سوزان بجمود

ـ ربنا يخليهملك. مطلقة بقى ولا أرملة؟

أشجان بسخرية

ـ لا دي ولا دي! انا المفروض متجوزة بس الحقيقة اني محكوم عليا بالإعدام، و الشغل دا الحاجة الوحيدة اللي كانت هتساعدني اتخلص من حبل المشنقة قبل ما يلف على رقبتي.

لا إراديًا تعاطفت معها، وأيضًا تحول غضبها إلى شفقة لتقول بتعقُل

ـ ولو هو كدا سبتيه ليه؟

أشجان بحنق

ـ اتخانقت مع المدير بتاعي. راجل ظالم.

سوزان بهدوء

ـ طب معندكيش القدرة تتحمليه لحد ما توصلي للي أنتِ عايزاه. في النهاية هو مجرد وسيلة مش غاية.

وضعت رأسها بين راحتيها وهي تقول بضياع

ـ عندك حق. بس انا عكيت معاه اوي.

سوزان باستفهام

ـ هو قالك امشي؟

أشجان بنفي

ـ لا قالي روحي على مكتبك، وانا قولتله انا مستقيلة.

سوزان بنُصح

ـ قولتي لكن مقدمتيش ورق ولا غيره. روحي وشوفي الدنيا فيها ايه، يمكن يطلع راجل طيب بس أنتِ فهماه غلط.

أشجان بتهكم

ـ غلط ولا صح. اهو زيه زي كل الرجالة بيتجبروا على اللي أضعف منهم، و بيستلذوا بالموضوع دا اوي خصوصًا لو كانت اللي قدامهم ست.

سوزان يإلحاح

ـ مش هتخسري حاجه، وزي ما قولتلك هو وسيلة مش غاية صح ؟

أقنعها حديث سوزان لتقول بامتنان

ـ صح. انا حقيقي مش عارفة أشكرك ازاي على كل اللي عملتيه معايا دا.

قاطعتها سوزان وهي تضع يدها فوق كفوفها قائلة بحنو

ـ أنا معملتش حاجه عشان تشكريني. ربنا يفرح قلبك و يزيح همك وانا موجودة في أي وقت لو احتاجتيني.

ودعتها أشجان وهي تتوجه إلى الشركة مرة أخرى لتأخذ طريقها إلى المصعد و ما أن أوشكت بالضغط على ذر الهبوط حتى تفاجئت بأنامل خشنة تبدو قاسية جعلتها تلتفت إلى الخلف لتتفاجأ به. مرت لحظات سكون متبادل من جهتهم، لكن كانت مشحونة بحديث صامت يجهل كليهما تفاصيله إلى أن وصل المصعد فتراجعت إلى الخلف لتُفسِح له المجال ليصعد، ولكنه أشار لها بيده وهو يقول بجفاء

ـ اتفضلي.

أجابته بنبرة مُتحشرجة

ـ اتفضل حضرتك.

خالد بنفاذ صبر

ـ قولتلك اتفضلي.

أشجان بعناد

ـ وانا قولت لحضرتك اتفضل. انا هاخد الأسانسير التاني.

خالد بتهكم

ـ على أساس أننا متخاصمين ولا أفسر اللي بتعمليه دا بأيه ؟

أشجان بنبرة ثابتة

ـ تفسره بأني مينفعش اركب الأسانسير مع راجل غريب. سواء حضرتك أو اي راجل تاني مكنتش هركب.

لم يتخيل إجابتها أبدًا، ولكنه اسعدته سعادة غامرة لا يعلم سببها لذا لانت لهجته كثيرًا حين قال

ـ اللي تشوفيه. تعالي ورايا عالمكتب.

لم يُزيد على حديثه انما استقل المصعد و تركها خلفه مندهشه من طلبه كثيرًا، لكنها لم تُرهق نفسها بالتفكير انما نفذت ما طلبه منها لتتوجه إلى الأعلى و منه إلى مكتبه لتجده يقف أمام النافذة يُعطيها ظهره فتحمحمت بخفوت قبل أن تقول

ـ مستر خالد.

منذ أن رأى ضحكاتها في المقهى وهو يشعر بشيء غريب بدأ بالترعرع داخل قلبه ليُثير ذوبعة من المشاعر الغريبة التي جعلت دقاته تتناحر بقوة داخله ما أن سمع اسمه من بين شفتيها، ولكنه سرعان ما نهر نفسه بقوة من تفكيره الشاذ عن القواعد لذا التفت يناظرها بجمود تجلى في نبرته حين قال

ـ من النهارده هتاخدي شغلك الإضافي من سلمى تخلصيه و تجيبيه تاني يوم تسلميهولها.

أشجان بخفوت

ـ حاضر.

لم يكتفي من املاء أوامره أو لم يكتفي من النظر إليها لذا قال بجفاء

ـ وبعد كدا لما يحصل عندك مشكل و تضطري تمشي لازم تستأذني الأول دي قوانين العمل هنا.

أشجان بهدوء

ـ حاضر.

استسلامها كان غريب بالنسبة للنساء اللائي قابلهن في حياته، ولكنه يولد بداخله رغبة قوية باكتشافها و الحديث معها أكثر. لا يعلم ما الذي يجعله يقف أمامها الآن ينظر إليها فقط، و أيضًا بعد أن غادرت بهذه الطريقة شعر بأنه غاضب حد الألم كلما تذكر حديثها و حالتها حتى أنه لم يستطِع البقاء أكثر في الشركة و غادر إلى ملجأه السري ليتفاجىء بها سبقته إلى هناك و الأدهى من ذلك تجلس مع صديقته الوحيدة، و التي استطاع كشف الستار عن بعض من ما يعتريه أمامها حين طلب منها إقناعها بالعودة إلى العمل.

ـ أي أوامر تاني ؟

هكذا قالت وهي تناظره بهدوء، فاحتار بماذا يُجيبها ليجد نفسه يقول بجمود

ـ بقيتي أحسن؟

اومأت برأسها وهي تقول بخفوت

ـ الحمد لله.

ـ علي صوتك.

هكذا تحدث بنبرة اقرب إلى الحدة حين انخفض رأسها، وقد صار مولع بالنظر إلى ملامحها لترفع رأسها بلهفة تجلت بنبرتها وهي تُجيبه قائلة

ـ الحمد لله.

مرت لمحه من الحزن بعينيها لم تخفي عليه ليجد نفسه يقول بخشونة

ـ أتعلمي تسيطري على انفعالاتك شوية. مش كل حاجه الإنسان ياخدها على أعصابه.

شعرت بالحرج من حديثه، ولكنه كان مُحق لذا قالت بهدوء

ـ فعلًا حضرتك عندك حق.

لم يجد من الكلمات ما يُسعفه ليُطيل الحديث أكثر معها، و كأن السماء استجابت لنداء صامت داخل قلبه لتقول هي بصدق

ـ أنا بعتذر لحضرتك عاللي حصل مني بس انا. يعني. كنت مخنوقة شوية، و خصوصًا…

تلعثمت الحروف فوق شفاهها ليُكمل هو قائلًا

ـ خصوصًا انك محتاجة الشغل صح؟

اومأت برأسها وهي تقول

ـ فعلًا.

ضيق عينيه وهو يناظرها قبل أن يقول بوعيد

ـ ماشي هعديهالك المرة دي. بس دا ميمنعش انك مفروض تتعاقبي.

برقت عينيها و ارتجفت الحروف فوق شفاهها حين قالت

ـ يعني ايه ؟

لأول مرة في حياته تغافله الكلمات و تخرج دون أن تمُر على عقله ليجد نفسه يقول

ـ في بنت من تيم السكرتارية اللي بره والدتها مريضة و خدت إجازة و محتاجين حد يشيل شغلها، و انا قررت أن الحد دا انتِ.

أشجان بصدمة

ـ نعم!

خالد بجمود

ـ اللي سمعتيه. شغل الأرشيف مش كتير، و شغلك البرايفت هتعمليه في البيت. يبقى تشيلي أنتِ شغل البنت اللي خدت أجازة. أعتقد أنه مش عقاب اوي بس هيخليكي بعد كدا تمسكي لسانك حلو و تفكري قبل ما تتكلمي.

أشجان بسخرية

ـ تعتقد أنه مش عقاب ! هو في أسوأ من اني ابقى من تيم السكرتارية بتاع حضرتك!

كانت كلماتها عفوية ولكنها أصابته بلعنة الغضب الذي جعله يقول بحدة

ـ شغلك معايا أسوأ عقاب! ليه هو انا بعض ولا حاجه؟

تداركت الموقف، وهتفت بلهفة تنفي حديثه

ـ لا طبعًا مقصدش. بس انا خايفة اقصر في شغلي و حضرتك يعني.

خالد باستفهام

ـ حضرتي ايه؟

أشجان بحنق

ـ حضرتك في الشغل مبتتفاهمش.

خرجت الكلمات من بين شفتيه دون القدرة على ردعها

ـ اوعدك هتفاهم بعد كدا.

أشجان بعدم فهم

ـ نعم!

تدارك الأمر سريعًا قبل أن يقول بخشونة

ـ لا ولا حاجه. أنتِ هتبقي ضمن تيم، والبنات بره متعاونين. متقلقيش. يالا متضيعيش وقت. اتفضلي على شغلك.

تمتمت أشجان بحنق

ـ يالا هي موته ولا أكتر!

سمع حديثها جيدًا وقد أوشكت ابتسامة بالظهور على شفتيه ولكنه قمعها وهو يقول باستفهام

ـ بتقولي حاجه؟

أشجان بلهفة

ـ لا بقول لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله

لم ينجح في محو بسمة جذابة ارتسمت فوق ثغره وهو يناظرها ببرائتها وعفويتها و جمالها ليُدرك أنه في مأزق الآن وعليه مقاومة الوقوع به، ولكنها كانت أسرع منه فقد غمرها الخجل حين ابتسم بهذه الطريقة، فتمتمت بارتباك

ـ طيب . همشي. عن اذنك. هروح اشوف شغلي.

لم تُتيح له الفرصة للحديث إذ خرجت على الفور و حمد هو ربه على ذلك، فقد وجد نفسه وجهًا لوجه مع مشاعر غريبة بدأت بالظهور داخله، ويجب عليه قمعها على الفور.

اللهم إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرّجال. – اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كلّه، لا إله إلا أنت. – يا فارج الغم، اجعل لي من أمري فرجًا ومخرجًا، يا سامع كل شكوى، وكاشف كل كرب♥️

★★★★★★★★★★

ـ يزيد ! انت عامل كدا ليه؟

يزيد بحنق

ـ معلش اصلي صاحي من النوم على ملا وشي.

غنى باستفهام

ـ ليه حصل اي؟

يزيد بتهكم

ـ شوف ياخي البراءة اللي بتنط من عينيها!

ـ بتقول ايه يا واد انت مش فاهمة منك حاجه!

يزيد بملل و هو يتقدم لينظر من النافذة فإذا به يرى مكان عمل أخيه الذي يظهر بوضوح من النافذة ليقول بتهكم

ـ موقع ممتاز لاختلاس النظرات والهمسات و الذي منه.

شعرت غنى بالحرج ولكنها تجاهلته حين قالت بانفعال

ـ ما تسمعني يا ابني بتقول ايه؟ و ايه اللي جابك؟

يزيد بحنق

ـ اللي جابني بختي المنيل. أبدًا يا ستي جاي ازور واحد صاحبي طالب عندك في الحضانة!

غنى باندهاش

ـ واحد صاحبك ياللي في سنة سادسة طب عندي أنا في الحضانة!

يزيد بتهكم

ـ ايه النباهه دي كلها! جاي اشوف الحضانة اللي عامله قلق دي. اصلي بفكر أقدم للواد حمادة فيها، ماهو هيقعد في أرابيزي بعد ما هيام اختي تتشل بسببكوا.

غنى بلهفة

ـ مالها أبلة هيام ؟

يزيد باقتضاب

ـ على اعتبار ما سوف يكون يعني.

غنى بغضب

ـ بطل لسانك الطويل دا.

يزيد بملل

ـ قصره. بتهببي ايه؟ اقصد وراكي حصص ولا نقعد نحكي شويه. انا فاضي و زهقان!

غنى بعفوية

ـ لا انا كمان مش ورايا حصص. الولاد بيلعبوا في البريك.

تمتم يزيد بتهكم

ـ انا قولت دي حركه صياعة منك. محدش صدقني. طب بقولك ايه؟ الكاتل دا لو شغال اعمليلي كوباية شاي من شايك اللي ميتشربش دا.

غنى بسخرية

ـ والله لو مش بعزك كنت طردتك من زمان.

يزيد بتخابُث

ـ قصدك لو مش من ريحة الحبايب.

لم تُجيبه أنما توجهت إلى ركن المشروبات لعمل كوب من الشاي بينما يزيد قام بالضغط على ذر إرسال رسالة صوتيه وهو يقول بتهكم

ـ المكان آمن و خال من الرجال. حول.

ما أن وصلت إلى ياسر رسالة يزيد حتى فتحها بلهفة سرعان ما تحولت لغضب من طريقة يزيد ليُجيبه برسالة صوتية أخرى

ـ اتكلم عدل ياد انت. متأكد أن مفيش حد!

يزيد بملل وهو يُجيبه برسالة صوتية أخرى

ـ ايوا والمصحف. قاعدة زي قرد قطع لوحدها.

ـ قاعدة بتعمل ايه؟

هكذا وصلته رسالة من ياسر ليُجيب بملل

ـ بتعملي كوباية شاي. ملحقتش أفطر حتى ربنا عالظالم.

شعر بالغيرة و الغضب والاستياء من نفسه ومنها و من شقيقه و من كل شيء ليقول بجفاء

ـ قوم روح مفيش شاي.

يزيد بحنق

ـ ليه ان شاء الله هتعملهولي بماء الذهب! دا شاي كوشري يعني.

ياسر مُبررًا حديثه

ـ شايها ميتشربش أصلًا. يالا اعملك قفلة و قوم روح.

ـ طيب.

اغلق يزيد تطبيق ارسال الرسائل، و هتف بصوتًا عال

ـ بقولك ايه جالي مشوار مفاجيء ولازمن امشي نبقى نشرب الشاي في عزا عمي مرزوق أن شاء الله. اقصد وهو راجع من الحج كدا.

هتفت غنى بحنق

ـ اترزع عندك و بطل طولة لسان. هتشرب الشاي غصب عنك يعني هتشربه غصب عنك.

لم تُعطيه الفرصة للحديث لذا استسلم و جلس أمامها لتُبادره الحديث قائلة بارتباك

ـ هو . هو انت ليه مروحتش عزا أم روضة اللي ماتت دي؟ مش بردو تبقى أم خطيبة اخوك!

يزيد بملل

ـ والله لو خطيبة اخويا بنفسها اللي كانت اتكلت مش رايح.

غنى بصدمة

ـ أنت مابتحبش روضة ولا ايه؟

يزيد بصدق

ـ بالعكس بحبها.

ـ اومال ليه بتقول كدا؟

يزيد بجمود

ـ مابحبش الإنسان اللي يضحك على نفسه، و روضة اكتر حد بيعمل كدا.

خربش الفضول قلبها لذا قالت باستفهام

ـ لية بتقول كدا؟

ناظرها يزيد قليلًا قبل أن يقول

ـ أنا عارف أنتِ عايزة توصلي لأيه، و هقولك عشان ماليش خلق اناقر في حد دلوقتي.

غنى بتهكم

ـ دا من حظي و نصيبي.

ابتسم يزيد قبل أن يقول بجمود

ـ روضة عندها ظروف خاصة شوية. ابوها اتوفى وهي صغيرة، وامها كانت ست صعبة و جشعة اوي، وكل همها الفلوس. مكنتش عايزة حد يورث مع بنتها، و اصلا الحاج جابر واخته روحيه مكنوش محتاجين بس صمموا يورثوا عشان يشيلوا نصيبهم لروضة لانهم عارفين انها مش هتطول من امها حاجة.

شعرت بالأسى على روضة، فأكمل يزيد حديثه بهدوء

ـ طبعا معجبهاش الكلام، فخدت موقف منهم، واتربت روضة بعيد عنهم لحد من سنة أمها كانت صرفت فلوسهم كلها على الرجالة. كل شويه تتجوز واحد يقلبها ويمشي. لحد ما فلوسها و فلوس بنتها خلصت. قامت سلطت روضة انها تطلب من الحاج جابر فلوس و من عمتها روحية روضة مرديتش ضربتها و بهدلتها، و اصرت تجوزها لراجل قد أبوها عشان هيدفعلها مهر كبير

غنى بشفقة

ـ يا ساتر. طب وبعدين ؟

ـ البت رفضت و هربت على الحاج جابر و هو اللي وقف لأمها، و عشان روضة هبلة زي ما قولتلك امها فضلت تتوددلها و تقولها بشحت و ماليش غيرك والهبلة صدقتها و طلبت من الحاج جابر أنه يدي الفلوس اللي شايلهالها لأمها و قالته دي اتغيرت و عقلت و الكلام دا، والحقيقة أن دا كله كذب وهي اول اللي عارف كدا بس كانت بتضحك على نفسها عشان تكون صورة حلوة لامها جواها.

شعرت بالشفقة عليها ولكنها لم تصل إلى النقطة التي تريدها لذا قالت بتلعثُم

ـ طب، و ياسر. يعني . هو زعلان عشانها زيك ولا..

قاطعها يزيد بملل

ـ زيي واكتر مني. خصوصًا أن هو اللي كان متولي كل حاجه تخص أمها و كان بيتعامل معاها لأنه ماسك كل شغل و فلوس الحاج جابر، و هو اللي هدد الراجل اللي كان متقدملها لانه يعرف رجالة تقال في السوق و الراجل دا له شغل معاهم ولولا ياسر مكنش بعد عنها، و عشان كدا هو بالنسبة لروضة البطل اللي أنقذها من مصير سيء، بالإضافة لأنه كان حنين عليها جدًا. أظن كدا عرفتي اللي عايزة تعرفيه.

غنى بنفي

ـ لا . انت قولت انك مابتحبش اللي يضحك على نفسه. معقول تقصد روضة عشان موقف امها بس؟

يزيد بجمود

ـ لا. روضة بتحب ياسر، و متخيلة أنه عشان حنين عليها يبقى بيحبها، ولو عايزة رأيي. هي تستحقه. حتى لو كان مابيحبهاش.

غافلها الدمع و هبط من مقلتيها وهي تقول بأسى

ـ بس أنا مستحقوش صح؟

يزيد بجفاء

ـ من غير زعل لا.

شعرت بالألم يتفشى في جميع جسدها ليُشفق عليها يزيد كثيرًا لذا ولكنه قال بصراحة

ـ يمكن تكوني بتحبيه اكتر منها. بس مشوارك طويل معاه. لو عايزة رأيي اتعافي من اللي مريتي بيه الأول، و سبيله الفرصة هو كمان يختار من غير أي ضغط عشان لو ليكوا مستقبل قدام يكون مبني على أساس و مفهوش اي ذرة ندم.

بقدر ما كان حديثه مؤلمًا بقدر ما كان صحيحًا لذا اومأت بامتنان تجلى في نبرتها حين قالت

ـ أنت عندك حق. أنا محتاجة اقف على رجلي، وهو محتاج يفكر و يختار براحته. لانا ولا هو حمل وجع تاني.

يزيد بنبرة درامية

ـ بارك الله فيكي يا أخت غنى. السلام عليكم.

اللهم ارحنا بعد التعب وأسعدنا بعد الحزن وكافئنا بعد الصبر، اللهم إنا نعوذ بك من وحشة الدنيا وكدرها اللهم أزح من قلوبنا كل خوف يسكننا وكل ضعف يكسرنا وكل أمر يبكينا وقوينا بك يا الله ولا تعسر أمرنا وافتح لنا الأبواب المغلقة” آمين♥️

★★★★★★★★★★★

كان توجه إلى الأسفل حين رن هاتفه برقم غريب فضغط على زر القبول ليتفاجئ بنبرة صوت جافة مُحذرة

ـ جولت اجصر عليك الطريج، وبدال ما انت عمال تدور عليا اكلمك اني.

اندهش رحيم من هذا الحديث فقال باستفهام

ـ مين معاي؟

بدرية باختصار

ـ بدرية.

رحيم بصدمة

ـ بدرية!

ـ ايوا بدرية، متستغرِبش اني بكلمك. بس اني عارفة انت بتدور على ايه، واللي بتدور عليه عِندي، ولو عايزة يبجى نتفج!

رحيم بريبة

ـ و أضمن منين أن ده مش كمين!

بدرية بجفاء

ـ لاه مش كمين. اطمن. لما تسمع اللي عِندي هتتوكد، وعشان اطمنك اكتر. اني هعرِفك ايه اللي حوصول للبنته اللي انخطفوا، و ايه حكاية الوشم اللي في رچليهم، و الوكر!

رحيم بصدمة

ـ الوكر!

ـ ايوا الوكر. بس كله بحسابه، واني مش هجول كلمة واحدة غير لما تنفذ لي طلبي.

رحيم باستفهام

ـ و أيه هو طلبك؟

بدرية باختصار

ـ تتچوز بتي!

رحيم بصدمة سرعان ما تحولت لغضب

ـ كنك اچنيتي يا ولية أنتِ! بت مين اللي أتچوزها!

ـ نچاة. اللي كانت هتروح فطيس بسببك انت و الكلب شعبان! مش دا راچلك بردك!

تجمدت الكلمات فوق شفتيه حين سمع حديثها، فلم تُمهله الوقت للتفكير إذ قالت بتحذير

ـ أنا واثجة فيك، وعشان أكده هجولك حاچتين و أسيبك تفكر على مهلك. أول حاچة اوعاك توثج في أهل دارك. الحية اللي ماتت مش هي الحية الوحيدة اللي في دار الوتايدة، متستغربش. اني عارفة كيف ماتت مرتك!

تفشى الغضب في أوردته و أسودت معالمه و احترقت غابات عينيه ليقول بشراسة

ـ لو حد سمع حرف من اللي بتجوليه ده هدفنك حية.

بدرية بثبات

ـ اني أكده ولا أكده هموت، اسمعني و متجاطعنيش. لو متچوزتش نچاة هتكون من نصيب رماح، واول ما يزهج منها هيرميها للكلاب اللي في الوكر ينهشوها و يرموها بعد أكده كيف ما رموا غيرها.

كانت الكلمات تتراشق في صدره كالرصاص، فهذه المرأة اخطر مما توقع لذا هتف بجفاء

ـ اني لازمن أجابلك.

ـ هتجابلني. بس وانت معاك المأذون. تكتب على بتي، و اطمن عليها، وهجولك على كل حاچة، اني اعرِف حاچات ميتخيلهاش عجلك.

تسارعت أنفاسه قبل أن يقول بحدة

ـ رماح هو اللي عِمل اكده في عمتي صافية مش عمي ربيع صوح!

باغتته بدرية حين قالت

ـ عمتك صافية محدش جرب منيها واصل. لساتها بنت بنوت لحد دلوق.

للوهلة الأولى لم يتنبه لحديثها، ولكن فجأة استقرت جملتها الأخيرة في عقله ليقول بعدم فهم

ـ تجصدي ايه لحد دلوق!

بدرية بتخابُث

ـ جدامك سبوع تفكِر، و اني هكلمك و اعرف ايه جولك، ومش محتاچة اجولك محدش يعرِف بالحديت ده حتى ضلك.

أنهت حديثها وقامت بإغلاق الهاتف ليجن جنون رحيم الذي أخذ يصرخ بعُنف اهتزت له جدران القصر.

حسبي الله ونعم الوكيل فيمن أذاني اللهم بحق جاهك وجلالك وعزتك وعظمتك التي يهتز لها الكون اسألك بعزتك التي يهتز لها العرش ومن حوله اللهم انصرني على من ظلمني اللهم أنك لا ترضى الظلم لعبادك اللهم أنك وعدتنا ألا ترد للمظلوم فأنت العدل والعدل قد سميت به نفسك اللهم انصرني على من ظلمني♥️

★★★★★★★★★

مر يومين دون أحداث إلى ان رن هاتف آسيا و التي ما أن رأته حتى تركت ما في يدها و أجابت بلهفة

ـ ضي.

ـ ألو. ايوا يا أسيا.

آسيا بلهفة

ـ ضي! أنتِ كويسة؟ طمنيني عليكي ؟

ضي بلهفة

ـ مش كويسة. انا خايفة اوي يا أسيا. معرفش في ايه بيچرى حواليا. كل شويه ننجل من مكان لمكان، و ناس غريبة بتيچي و تمشي، واني معرفاش اعمل اي؟

أسيا بذعر

ـ طب اوصفيلي المكان اللي أنتِ فيه دلوقتي. انا هبلغ البوليس.

ضي بلهفة

ـ معرِفش اني فين. بس اني خايفة جوي. سمعتهم بيتكلموا من يامين بيجولوا أن في راچل عايز يتچوزني، والراچل ده شكله واعر چوي. اني مرعوبة يا أسيا.

تناثرت عبرات آسيا من فرط الخوف فهتفت بلهفة

ـ طب بصي خلي الموبايل دا مفتوح اوعي تقفليه وانا هحاول اتصرف.

ضي بتوسل

ـ اوعي تتخلي عني يا آسيا. اني هموت من الخوف، و ماليش غيركوا.

آسيا بلهفة

ـ بطلي هبل . أنتِ أختي لا يمكن اتخلى عنك.

أنهت مع ضي المكالمة و هاتفت غنى تخبرها بما حدث لترتعب الأخيرة قائلة

ـ يا نهار اسود يجوزوها ايه و يجوزوها لمين ؟ آسيا انا مرعوبة انا شايفة حلم وحش اوي من يومين و قلبي مقبوض.

ـ مقدمناش حل غير ياسر قوليله يمكن يكون عارف حاجه و يساعدها زي ما قال..

غنى بلهفة

ـ أيوا صح. انا هكلمه حالًا. اقفلي.

حاولت أن تهاتفه ولكن وجدت هاتفه مغلق، فالتفتت تنظر من النافذة، فإذا بها تلمحه في مقر عمله، فتركت ما بيدها و هرولت إليه تسبقها عبراتها و داخلها يرتعب من أن يحدُث لها شيء، و دون أن تدري كان مظرها مُذريًا وهي تقتحم المكان باحثه عنه إلى أن وجدته يجلس خلف مكتبه وما أن رآها حتى هب من مكانه يقابلها بلهفة و قلب يرتعب من أن يُصيبها مكروه

ـ مالك ؟ حصل اي؟

ـ ياسر!

خرجت حروف اسمه من بين شفتيها بتوسل أطاح بعقله ليقول بانفعال

ـ حد ضايقك؟

اومأت برأسها بالنفي وهي تحاول استرداد أنفاسها الهاربة ليقول بلهفة

ـ طب اقعدي اشربي بق مية.

اجلسها على المقعد وهو يناولها كوب من المياة ارتشفت منه بضع قطرات قبل أن تقول بتوسل

ـ ضي يا ياسر. انت قولتلي انك هتقدر تساعدها، ولو عرفت اي حاجه عنها ابلغك.

كان قلبه يرتعب من رؤيتها هكذا فحاول طمأنتها قائلًا

ـ اهدي بس عشان تعرفي تحكي.

ازدادت عبراتها بالهطول عكس ما يريد وهي تقول بقهر

ـ ضي هيجوزوها غصب عنها، و مامتها خدتها في مكان محدش يعرفه و يا عالم ممكن يعملوا فيها ايه هناك ؟

كان لحزنها وقعًا ضاريًا على قلبه الذي خرجت الكلمات من أعماقه حين قال

ـ مفيش حاجة وحشة هتحصل بإذن الله. انا هتصرف.

لم تكن تملك أدنى طاقة تحمل فراق اخر لشخص عزيز على قلبها، فهتفت بتوسل

ـ الله يخليك يا ياسر ساعدها زي ما قولتلي. وحياة اغلى حاجه عندك اتصرف. انا عارفة اني ماليش عين اطلب منك حاجه. بس انت احسن مني و هتساعدها صح.

اخترقت كلماتها أعماق قلبه الذي نجح في قمع هتافات العقل جانبًا ليقول بخشونة

ـ مفيش حد أبدًا أحسن منك. متقوليش كدا تاني.

اهتاجت دقات قلبها و اشتبكت عينيها مع عينيه في حديث صامت قطعه استفهامها الخافت حين قالت

ـ يعني هتساعدها؟

غافلته الكلمات و خرجت مُحمله بأطنان من العشق الساكن بين ضلوعه و يتبلور بوضوح في عينيه

ـ من امتى طلبتي من ياسر حاجة و منفذهاش !

افصحت عينيها عن مقدار ما تحمله بقلبها من ندم تجلى في نبرتها حين قالت

ـ يمكن عشان دلوقتي ماليش حق اطلب!

خلع رداء الكبرياء للحظات يعلم أنه سيندم عليها طوال عمره ليقول بخشونة

ـ كل اللي حاسين بيه دلوقتي مش من حقنا بس منقدرش منحسش بيه.

لا تعلم كيف خرجت الكلمات من بين شفتيها حين قالت بألم احتل كل حرف تفوهت به

ـ أنت فعلًا خطبت روضة!

يرى مدى لوعتها بنظراتها ولكنه أراد المزيد حتى تهدأ نيرانه و تشتعل نيرانها لذا قال بنبرة مُتحشرجة

ـ غيرانه!

اخفضت رأسها فمد يده يرفع ذقنها لتناظره مرة أخرى وهو ينتظر اعترافها على أحر من الجمر لتقول بصدق

ـ بجملة المشاعر اللي مش من حقنا نحسها ايوا غيرانه واوي.

لازالت عينيه تقتنصها بطريقة جعلتها تخشى الرفرفة برموشها لكي لا تُفسِد هذه اللحظة لتُتابع بعد أن طال صمته

ـ عارفة انك عايز تقولي جربي النار اللي دوقتيهالي. صح!

امتدت أنامله تمحي عبراتها بحنو لامس قلبها كما فعلت كلماته حين قال بنبرة خشنة

ـ لا. عايز اقولك متدوقنيش من النار دي تاني. عشان المرة دي رد فعلي مش هتتحمليه.

تعلم أنه يعشقها، ويعلم كم تعشقه، ولكن رجل مثله لن يأخذ الفُتات ولن يقبل أن يمتلكها بعد أن كانت لغيره وقد كانت أكثر من راضية بل والأكثر من ذلك أنها في هذه اللحظة شعرت بالإمتنان لهذه الرجل الذي كان زوجها بأنه لم يلمسها، فلتحتفظ بكل شيء له و لذكراه فقط.

اومأت برأسها قبل أن تقول من بين عبراتها

ـ متقلقش. مش هيتكرر تاني.

يكفيه أن يتعذب كونها لن تكون له، فلن يحتمل ابدًا أن يراها مع غيره، فما خابره في العامين الماضيين كان افظع ما مر عليه طوال حياته لذا سحب نفسًا قويًا بداخله وقد شعرت بمدى الراحة التي احتلت صدره حين قالت جملتها ولكنها أرادت الهرب من أمامه لذا قالت باستفهام

ـ هتساعد ضي!

اومأ برأسه و أجاب دون أن تحيد عينيه عن خاصتها.

ـ مش هتجيلي في حاجة و أرُدك أبدًا.

تحشرجت نبرتها بالبكاء وهي تقول

ـ لو عرفت جديد هكلمك وانت كمان.

أومأ برأسه لتُتابع بخفوت

ـ أنا همشي.

أفصح عن جزءً من لوعته حين قال

ـ مش هقدر اقولك امشي ولا هينفع اقولك خليكي.

كلماته ماهي الا وقود يضاعف من نيران ذنبها العظيم الذي سيُنهيها يومًا لذا التفتت تغادره وهي تتمنى الموت على هذه العذاب الذي لم تعد قادرة على احتماله

مر أسبوع وقد عزم على الابتعاد عنها قدر المُستطاع حتى يُعيد بناء حياته و التفكير بروية فيما هو قادم، وقد ساعده على هذا ابتعادها عنه و كأنها تشاطره حتى تفكيره، و هاهو يخرج من غرفته متوجهًا إلى عمله ليجد هيام التي قابلته عند الدرج وهي تقول بحنو

ـ صباح الورد والفل والياسمين.

ـ صباح النور يا أم حمادة.

هيام بحُب

ـ الدنيا نورت لما شافت طلتك يا قلب أختك.

ياسر بمُزاح

ـ خلي بالك لا الحاج جابر يغير مني.

هيام بحزن

ـ لا الحاج جابر مش مركز غير مع روضة اليومين دول.

ياسر بتأثر

ـ لسه بردو حابسة نفسها في أوضتها؟

هيام بأسى

ـ يا حبة عيني لا راضية تاكل ولا تشرب، و مشيلة نفسها ذنب كبير هي ملهاش دخل فيه، وقال ايه بتقول انا اتخليت عنها و مشوفتهاش قبل ما تموت. البت دي قاست كتير وبالرغم من كدا قلبها ابيض زي اللبن الحليب.

أومأ ياسر بتأكيد

ـ فعلًا عندك حق.

شعرت وكأنها نبت لها أجنحة من فرط السعادة ولكنها تابعت على نفس المنوال إذ قالت بتأثر

ـ نفسها يا كبدي في حد يكون حنين عليها، و يحبها و يعوضها عن كل اللي شافته في دنيتها.

يعرف إلى ما تريد أن تصل بحديثها و من حسن حظها أنه وصل أخيرًا إلى قراره ليقول بنبرة خشنة

ـ كنتي قولتيلي افكر في موضوع ارتباطي بروضة؟

هيام بلهفة

ـ ايوا يا خويا حصل. قول وفرح قلبي.

دام الصمت لثوان قبل أن يِجيبها قائلًا…..


الفصل الواحد والعشرون من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1