رواية مداهنة عشق الفصل الواحد و العشرون 21 بقلم اسماء ايهاب

 


رواية مداهنة عشق الفصل الواحد و العشرون بقلم اسماء ايهاب



كان في انتظارها بالخارج ، يجلس بسيارته يراقب خروجها . رغم غضبه من صفعتها القاسية ، إلا أنه يلتمس لها ألف عذر . زفر بقوة ، يتطلع علي ساعة يده يري كم مر من الوقت . حين رفع رأسه ، وجدها تخرج من المكان تتبختر بخطواتها الواثقة ، و إلي جوارها شاب أشقر يحادثها مبتسماً ، و يبدو أنها تمازحه أيضاً . احتدت عضلات فكه ، اشتعلت نظراته الحادة عليها ، و احتلت قلبه نيران الغيرة . و ازداد الأمر سوءاً حين وضعت يدها علي ذراعها تربت عليه برفق .
خرج من السيارة ، مغلقاً بابها بعنق ، ثم توجه نحو آسيا التي كانت قد وصلت إلي سيارتها . كبح جماح غضبه حتي لا يتهور بتصرفاته و يزداد غضبها و عنادها . قبض علي كف يده بقوة و هتف بهدوء منادياً :
_ آسيا 

اغمضت عينها بقوة حين سمعت صوته ، ارتجفت أوصالها بغيظ شديد ، التفتت برأسها اليه ، ثم عادت تنظر إلي ذاك الشاب تمد يدها لمصافحته قائلة :
_ ميرسي يا "راوي" بجد ، هبقي أكلمك 

صافحها "راوي" و غادر إلي وجهته . التفتت هي إليه تنظر إليه بحنق ، فتحت باب سيارتها ، و كادت أن تصعد سيارتها حتي اوقفها متسائلاً بصوت حاد ، لم يقدر علي التحكم به :
_ مين الاستاذ و كان عايز اية ؟

ابتسمت و هي تغلق باب سيارتها من جديد قائلاً بسخرية :
_ كان بيعزيني في خطيبي . 

_ آسيا 

حذرها بصوت حاد ، أشارت نحو الطريق المعاكس متحدثة بحدة مماثلة :
_ الحق القسم يا حضرة الظابط ، يمكن تاخد ترقية او ربنا ياخدك لحتة احسن من هنا

حدجها بنظرة غاضبة ، ارتسمت ابتسامة منتصرة علي ثغرها لوصلها إلي غضبه ثم قالت مصححة :
قصدي تتنقل اسوان يعني ، المكان هناك رايق موت دلوقتي 

فتحت باب السيارة ، و همت بالجلوس بمقعد السائق ، وصل صوته الهادئ إليها معتذراً :
_ أنا آسف 

استقرت بمقعدها ، لازال الباب مفتوح و هي تنظر إليه بلا مبالاة متسائلة :
_ علي اية ؟ مثلاً عشان انتقمت مني لاخوك اللي عمري ما شوفته و لا اعرفه ؟

استند علي سطح السيارة ، و انحني بجسده نحوها متحدثاً بصدق ، يحاول بث أسفه إليها :
_ أنا عارف اللي عملته صعب تسامحيني عليه و ...

رفعت عيناها نحوه بعتاب واضح ثم هتفت بهدوء :
_ اللي عمل بالنسبة لي مش انت خالص ، انا معرفش انت مين اصلاً ، بالنسبة لي اللي عمل فيا كدا واحد اسمه زيدان و مات يوم كتب كتابنا 

نظرت أمامها عبر زجاج السيارة الأمامي ، تنهدت بقوة ثم قالت :
_ انت ملكش وجود في حياتي ، روح الحق قضاياك قبل ما حد يسبقك في الترقيه 

في نهاية جملتها ، أشارت إلي الطريق التي تنظر إليه ، انحني اكثر بجسده نحوها، و همس إليها :
_ آسيا انا بحبك 

ضحكت ساخرة ، ثم مدت يدها إلي مقبض الباب قائلاً بتهكم :
_ عيب لما تبقي راجل كبير كدا و كداب 

جذبت الباب لتغلقه ، حينها اضطر أن يبتعد إلي الخلف . نظرت إليه من نافذة الباب المفتوحة قائلة بحدة :
_ أقسم بالله لو شوفتك في أي مكان تاني هفتح دماغك بكعب جزمتي 

انطلقت بالسيارة بعد ان انتهت جملتها ، تلوح بيدها بالوداع له من نافذة السيارة ، و ضحكتها الشامتة تتعالي اكثر كلما ابتعدت عنه . 

***********************************
دلفت السيدة سوزان إلي المطبخ ، حيث كانت رُقية و منى تقفان معاً تُعدان الطعام . تأففت بضيق حين رأتهما تتحدثان بزاوية المطبخ ، تاركتين العمل و كل ما سواه ، رغم ان الوقت يداهمهما لم متبقى سوى القليل ، اذ أن الشاب المتقدم لخطبة رُقية اوشك علي الوصول ، و هما لم ينتهيا من شئ بعد . وضعت قطعة القماش التي كانت بيدها علي الطاولة ، و هتفت موبخة :
_ يلا يا بنات ، خف ايديكم شوية ، مباخدش منكم غير كلام و بس !

غمر الحزن عيني رُقية ، و نظرت إلي عمتها مشيرة إلي الطنجرة على النار قائلة بهدوء :
_ خلصنا الأكل يا عمتو مفيش غير حاجات بسيطة هتتظبط برا 

نظرت منى إلي ملامح رُقية الحزينة ، عينيها الغائمتين و كأنها علي وشك البكاء ، شاعرة بالشفقة اتجاهها . ابتعدت عنها بهدوء دون النطق بحرف ، توجهت نحو والدتها تخبرها بخفوت :
_ ماما ، هكلم جوزي من تليفونك 

اومأت إليها والدتها بصمت ، فخرجت منى إلي الردهة . اخذت الهاتف عن الطاولة ، و اسرعت نحو غرفة رُقية غالقة الباب خلفها بأحكام . تنهدت بقوة و هي تشجع نفسها علي اتخاذ هذا القرار ، ثم اجرت المكالمة التي تريدها . ثواني قليلة ، و جاء صوت آدم من الطرف الآخر ، حمحمت تجلي حلقها ثم هتفت بهدوء :
_ الو آدم ؟ .. انا منى بنت عمة رقية 

جاء صوت المتلهف من جديد قائلاً :
_ ازيك يا منى عاملة اية ، هي رقية كويسة ؟

تجاهلت سؤاله ، جلست علي الفراش ، تنظر إلي ساعة الحائط التي تدق بأنتهاء ساعة أخري ، ثم تحدثت بتردد :
_ هسألك حاجة .. انت لسة بتحب رقية و عايزها ؟ هتقدر تقف قدام مامتك عشانها ؟

خرجت تنهيدة حارة من آدم قبل أن يجيب بلوعة :
_ أنا عمري ما بطلت أحبها ، و مستعد أقف قصاد الدنيا كلها عشانها 

حديثه دفعها لتكمل ما أرادت فعله ، فخرج الحديث منها دون تردد :
_ رقية جايلها عريس النهاردة 

اقتحم الصمت توتر الأجواء ، حتي ظنت أنه اصابه مكروه . ارتبكت منى من صمته الطويل ، كادت أن تتحدث لتطمئن عليه ، و إذ وصلها صوته قائلاً بحسرة :
_ تاني يا رقية !

زفرت بارتياح شديد ، واضعة يدها علي قلبها ، ثم تحدثت بتفهم مبتلعة ريقها بتوتر :
_ هي مش مبسوطة خالص .. لو عايزها بجد وقف اللي هي ناوية تعمله في نفسها دا !

_ شكراً يا منى انك قولتيلي 

هتف بها علي عجل قبل أن يُنهي المكالمة الهاتفية ، تنهدت بقوة و هي تمحو رقمه عن قائمة أخر المكالمات ، حتي لا تراها والدتها فتوبخها . خرجت من الغرفة لتكمل مساعدة رُقية .. منتظرة ما يمكنه آدم فعله 

***********************************
كان قاسم في الطريق إلي منزل آسيا ، في محاولة آخر منه أن تستمع إليه . ارتسمت ابتسامة هادئة علي ثغره ، التفت برأسه يتطلع نحو المقعد المجاور الذي يستقر عليه باقة من الزهور البيضاء . 
رن هاتفه الجوال ، اخرجه من جيب سترته يجيب علي المتصل ، الذي كان ضابط شرطة زميل له :
_ عمر باشا ، اية أخبارك 

ضحك عمر و هو يجيبه بنبرة ذات مغزى :
_ الأخبار كلها تخصك أنت 

سأل قاسم مستفسراً عن تلك الاخبار ، فأجاب الآخر بحماس :
_ لقينا كاميرا في الأوضة المجهزة للعمليات في شقة ناجي .. و عليك فيها اية 

تأفف قاسم بضيق ، و قال متشوقاً :
_ ما تقول بقي يا بني ، اية جو الفوازير دا 

ضحك عمر علي حماس صديقه ، ثم تحدث بهدوء شارحاً الأمر :
_ لقيت فيديو ناجي بيكلم حبيبك صوت و صورة علي اللابتوب ، و بيتفق معاه علي أنه يبيع الفيديوهات بتاعت العمليات دي بملايين .

عقد قاسم ما بين حاجبيه بتعجب ، ثم تحدث متسائلاً :
_ حبيبي مين ، معلش دماغي مسحولة اليومين دول 

_ حبيبك اللي بدور وراه بملقاط عشان تسجنه .. طارق باشا 

توقف قاسم سريعاً قبل ان ينحرف عن الطريق ، ارتسمت السعادة و الظفر علي وجهه قائلاً :
_ أحلف ، أنا جايلك حالاً 

صدحت ضحكة عمر من جديد علي صوت صديقه الشامت ، ثم تحدث مازحاً :
_ بيتزا سي فود و انت جاي بقي يا غالي حلاوة الخبر 

اشعل قاسم محركات السيارة من جديد ، انطلق بسرعة كبيرة في طريقه نحو القسم ، ثم تحدث قائلاً :
_ عينيا ليك يا باشا

***********************************
وقفت رُقية أمام المرآة تعقد الحجاب حول رأسها لاستقبال ذاك الشاب و عائلته . حينها طرقت منى باب الغرفة تطلب إذن الدخول ، فتحت منى الباب بعد ان أذنت لها بالدخول . تنهدت بثقل و هي تري طلتها الرقيقة ، توجهت تجلس علي الفراش متسائلة بضيق :
_ اية اللي بتعمليه في نفسك دا يا رقية ؟

امسكت رُقية بأحمر الشفاه تنوي وضعه ، قائلة بهدوء :
_ دا احسن حل يا منى 

زفرت منى بحنق ، تصفع فخذيها بكفيها . التفتت إليها رُقية بعدما انتهت من وضع أحمر الشفاه ، تتحدث بصوت خافت تحاول بصعوبة لجم نفسها عن البكاء :
_ انا و آدم خلاص حكايتنا انتهت و مش هفضل في نفس المنطقة معاه ... بصي انا عايزاه هو كمان يشوف حياته و عشان دا ميوجعنيش لازم اكون بعيد 

وقفت منى عن الفراش ، اقتربت منها حتي وقفت أمامها تتحدث بضيق :
_ بس آدم لسة عايزك يا رقية ، و رغم انك كنتِ متجوزة بس رفض يتجوز 

تأففت شاعرة بالاختناق ، قبل ان تبعد منى عنها برفق ، قائلة :
_ منى ، انا فيا اللي مكفيني .. خلاص عشان خاطري خليني أخرج للعريس 

و ما ان همت بالخروج ، حتي فتحت عمتها باب الغرفة ، تستعجل خروجهما قائلة :
_ يلا يا بنات ، هاتوا الحاجة من المطبخ قدموها للناس برا

اقتربت السيدة سوزان من رُقية ترتب هيئتها حتي تصبح بأحسن صورة ، ثم قالت مبتسمة :
_ الواد قمر يا بت يا رقية هتبقوا لايقين علي بعض اوي 

كتمت غصتها ، و ابتسمت رغماً عنها ، تخرج مع منى نحو المطبخ . اخذت المشروبات لتقدمها إلي الضيوف . كلما خطت خطوة نحو الردهة كلما زاد اختناقها و ضيقها من الأمر ؛ قلبها ينفر من أي شخص سواه ، و لا يريد إلا هو . 
هتفت بهدوء و هي تدلف إلي الردهة :
_ مساء الخير 

وضعت ما بيدها علي الطاولة ، و مدت يدها لتحيي والدة الشاب ، التي تحدثت بلهجة مفعمة بالإعجاب :
_ ما شاء الله زي القمر يا رقية 

ابتسمت رُقية بمجاملة ، و مدت يدها تصافح ذاك الشاب الأسمر ، الاصلع ، و الطول الفارع ، الذي تحدث بترحاب مبتسماً :
_ ازيك يا رقية عاملة اية 

سحبت يدها ببطئ من يده ، و اتجهت تجلس جوار عمتها التي اخذت ترحب بهما بحفاوة . بعد قليل من الحديث العام ، طلبت والدته أن يجلسا بمفردهما حتي يتعرفا علي بعضهما البعض .
اضطربت ، و ازدادت وتيرة دقات قلبها بتوتر ، تكاد تصرخ في عمتها الا تتركها بمفردها معه .
اقترب يجلس في المقعد القريب منها ، ابتسم لها و هو يتحدث متسائلاً :
_ بتشتغلي يا رقية و لا قاعدة في البيت ؟

رفعت رأسها التي كادت تدفنها بالأرض ، و ابتلعت ريقها بصعوبة ، مجيبة بارتباك :
_ لا ، قاعدة في البيت 

اومأ إليها ، ثم سأل من جديد يحاول اقتحام سكونها :
_ انتي خريجة اية بقي ؟

حمحمت تحاول إخراج صوتها طبيعياً ، ثم اجابته بهدوء :
_ انا تعليم متوسط ، دبلوم صناعة 

سأل من جديد ، يبتسم علي وضعها الذي يظنه خجلاً :
_ طب انتي تعرفي عني حاجة 

نفت برأسها كإجابة صامتة ، رغم معرفتها بعض الأشياء عنه ، لكنها لم تكن لديها طاقة لتعد له ما عرفته .
مرر يده بذقنه النامية التي تميل إلي اللون البني ، و هتف بهدوء :
_ طب انا اسمي فؤاد عندي ٣٦ سنة ، أرمل من سنتين و معنديش اولاد ، خريج هندسة بس بشتغل في معرض الموبيليا بتاع والدي 

تعلم أنه شاب مناسب لها تماماً ، لكن ذاك النفور الذي داهمها عندما تقدم كريم لخطبتها يتكرر مجدداً . ليس بيدها ، فالممنوع دائماً مرغوب . 
فاقت من شرودها علي صوته يسألها إن كان لديها له سؤال ، يتبعه صوت جرس الباب بشكل مزعج .

التفتت نحو الباب الذي توجهت منى لفتحه ، فارتجفت أوصالها حين لمحت آدم يدلف ، و علي وجهه أمارات الغضب . 
ألقي عليها نظرة ساخطة ، و تقدم نحوها بخطى سريعة . انتفضت واقفة من مكانها ، تقبض على ثوبها الفضفاض الوردي ، تخفي ارتجافة يدها .
وقف أمامها ، تتحدث عيناه بحديث لم ينطق به اللسان ، التفتت تنظر إلي فؤاد ، الذي يحدق بهما  باستفهام . أمسك بذقنها يبعد بصرها عن فؤاد بعنف ، ثم التفت إليه قائلاً بحدة :
_ يلا يا حبيبي مع السلامة من غير مطرود ، مفيش بنات هنا للجواز 

حدق به فؤاد بذهول ، و هو يقف عن المقعد ، يهتف متعجباً :
_ هو في اية يا رقية ؟

اشتد غيظ آدم ، حين وجه حديثه إلي رُقية ، فوقف أمامها يخفيها خلف ظهره ، ثم صاح بغضب :
_ انا اللي بكلمك يا استاذ 

خرج علي اثر صوته العالي ، والدة فؤاد ، و عمة رُقية التي هتفت بتعجب من وجود آدم :
_ في اية يا آدم ، بتعمل اية هنا ؟

صر علي أسنانه بقوة ، يكبح حديث لاذع قد يخرج منه ، في حين تحدث فؤاد مشيراً إليه قائلاً :
_ الاستاذ داخل من الباب يطردني و بيقولي مش بنات للجواز 

اقتربت السيدة سوزان تحاول تهدئته ، و تلقي نظرات متوعدة نحو رُقية التي نفت برأسها ما تتهمها به عمتها . اقترب والدة فؤاد منهم ، تقف جوار ولدها ، تتحدث بهدوء :
_ دا انا عارفة انك هادي و عاقل ، في اية يا دكتور آدم 

ضرب آدم كف بالآخر ، و هو يصرخ بحدة :
_ لا يا ست الكل انا لا هادي و لا عاقل و عند رقية هبقي سوابق مش دكتور 

أشار نحو فؤاد بيمناه ثم إلي الباب قائلاً :
_ خدي ابنك و اتفضلي من هنا 

_ آدم !!

هتفت بها رُقية بضيق ، ليرمقها بنظرة حادة جعلتها تصمت بالحال ، في حين اخذ فؤاد يد والدته، و توجه نحو الباب قاصداً الخروج ، و السيد سوزان تحاول الاعتذار منهما شاعرة بالاحراج .
اغلقت الباب خلفهما ، و تحركت صوب آدم ، تهتف موبخة :
_ انت ازاي تعمل حاجة زي دي .. فضحتنا 

_ مش من حقك تعمل كدا علي فكرة 

قالتها رُقية ، و هي تخرج من خلف ظهره لتقف أمامه ، غاضبة من تصرفه المتهور ، و ازداد غضبها حين نظر إلي عمتها قائلاً :
_ بدل ما تعقلي المجنونة دي يا طنط جايبلها عريس !!

نظرت نحو عمتها نظرة خاطفة ، قبل ان تلتفت لآدم متحدثة بانفعال :
_ انت عايز اية تاني يا آدم ؟ مش مشيت الناس اتفضل روح 

ازاحها من طريقه بحدة ، و تقدم من السيدة سوزان ، يتحدث بهدوء :
_ انا طالب من حضرتك ايد رقية رسمي 

رفضت رُقية سريعاً تصرخ بـ "لا" في غضب ، ليتجاهلها تماماً يستأنف حديثه مع السيدة سوزان :
_ قولتي اية يا ست الكل 

تنهد السيدة سوزان بقوة ، و جلس علي المقعد القريب منها ، تنظر بينه و بين رُقية في تفكير ، ثم قالت بهدوء :
_ انا موافقة يا آدم .. بس امك تيجي لحد عندها تخطبها مني غير كدا انسي رقية و سيبها تعيش حياتها 

***********************************
في هدوء الليل ، و ظلامه الذي أحاط بالغرفة المتواجد بها فارس و أسيل . كان فارس قد خطط إلي الخروج من هذا المأزق ، وقف خلف الباب الحديدي المغلق يردد تفاصيل الخطة من جديد ، يحاول تقليد الأفلام الأجنبية . مرر يده علي رأسها برفق قائلاً بتشجيع :
_ نادي انتِ عليه و متخافيش 

اخرج مدية من جيب سترته ، كان يخفيها لواجهة أي خطر قد يقع عليه . نادت أسيل بأسم أمير بصوت مرتفع عدة مرات ، و عينها مسلطة علي زوجها تبث لنفسها الشجاعة من عيناه . فُتح الباب بغتة و دلف من خلاله ، احد رجال أمير أسمر البشرة و ضخم الجثة بيده زجاجة من الماء ، ابتلعت ريقها بتوتر و هي تسأل مرتجفة : 
_ اومال فين أمير ؟

و قبل ان يجيب ذاك الرجل كان ينقض عليه فارس يحاول طعنه ، بشكل لا بسبب اذي كبير حتي يخرجا ، لكن لم يواكب ضخامة جسد الآخر الذي القاه علي الارض بقوة . تعالت صرخات أسيل الفزعة حين حاول الرجل غرز المدية بقلب زوجها ، بحثت بعينها عن أي شئ يمكنها الدفاع به عن فارس . 
دفع فارس الرجل بكل قوته ليبتعد عنه ، و وقف سريعاً عن الأرض ، اخذ يد زوجته و توجه نحو الخارج حتي يفر هارباً من هذا المكان .

قبل ان يخطو إلي الخارج خطوة ، كان قد أسرع إليه ذلك الرجل يضع يده علي كتفه قائلاً بغلظة :
_ تعالي هنا يا روح امك 

دفع أسيل عنه برفق حتي لا يصيبها مكروه ، و بدأ صراع قوي معه حاول به بكل قوته الانتصار . 
لكمة تليها أخري يتلقاها فارس رغم مقاومته الشديد ، حتي خارت قوته ، و سقط علي ركبتيه علي الأرض يتنفس بصعوبة . تقدمت أسيل منه تجلس إلي جواره تضمه إليها ، و هي تبكي قائلة بارتعاب :
_ سيبه .. سيبه بقي خلاص 

رفع يده بصعوبة يضمها إليه حتي يطمئنها ، في حين ضحك الآخر بتهكم ، و خطى نحو الخارج .
لم يكن هناك مجال لترك فرصة خروجهما من هنا الآن ، لذا توقف مستند علي الارض ، يبعدها عنه حتي تتركه . اشهر المدية و هو يتحرك نحوه بغضب شديد يتأجج بأوردته ، صرخت أسيل برعب و تحركت نحوه ، تمنعه من الاشتباك معه من جديد .
تدخلت بينهما في لحظة ، و باللحظة الأخري صرخت متألمة . انغرزت المدية بجانبها الايسر بقوة ، و انفجرت الدماء بقوة من جسدها .

_ أسيل !!!

همس بها بصدمة ، و هو يسحب المدية من جسدها  ينظر إلي الدماء عليها بخوف ، سقطت علي الأرض و دماء تسيل بغزارة . تشنج جسده ، و اتسعت عينه بذهول ، لم يصدق أنه هو من تسبب في اذي لها ، جثى على ركبتيه إلي جوارها يحمل جسدها لتستند علي جسده هامساً بارتجاف :
_ أسيل .. أسيل انا مكنتش قصدي و الله متغمضيش   عينيكِ 

انسحب الرجل ليهاتف أمير يخبره بما حدث . دقيقتين فقط ، و اغمضت أسيل عينيها ، و ارتخى جسدها بين يدي فارس . وضع فارس يده علي العرق النابض برقبتها ، لكن لم يجد لها نبض ، نفى برأسه غير مصدقاً أنه قد قتل زوجته بيده !
عاد يحاول رؤية تنفسها و نبضها ، و لكن بالفعل قد عادت روحها إلى بارئها . هنا و انهار تماماً يحتضنها بقوة إليه ، و اخذ يصرخ بأسمها معتذراً عما فعله .
اغلق ذاك الرجل الباب بإحكام ، تاركاً فارس الذي يصرخ بانهيار و أسيل التي وافتها المنية ، يهتف بهدوء متحدثاً بالهاتف :
_ تمام يا باشا قفلت عليهم و هبلغ عنه دلوقتي 



تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1