![]() |
رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل الثالث العشرون بقلم نورهان ال عشري
بعمري لم أكُن شخصًا سهل المنال، ولا تلفت أنظاري الأشياء المُباحة للجميع. اهوى التميز و أعشق الإختلاف. أعطي كل شخصًا حقه، ولكني لا أبالغ في الثناء. لا أحب الانفاق في الكلمات ولا المشاعر و أفضل الإختصار كثيرًا لإن به لذة يجهلها الثرثارين. اعترف بقسوتي ولا أتبرأ منها، فهي ليست تجُبر مني بل نقطة انتهاء لجميع الفُرص التي لم يُحسِن البعض استخدامها، ولكن هذا الذي حدث معك لم يكِن يُشبهني أبدًا أو يتلائم مع طبيعتي التي لم أعُد أعرفها. حجم الشعور الذي يجتاح قلبي تجاهك ضاربًا بعرض الحائط جميع قناعاتي و مبادئي يجعلني في حيرة من أمري و يزج بي في صراع غاشم بيني وبين عقلي الذي يستنكر سطوتك الضارية على قلبًا صام عن العشق وظن أنه ضل طريق الهوى إلى أن قابلته عيناكِ، و على الرغم من أن الطريق إليكِ لن يكون ممهدًا ولكني سرت فيه بكامل إرادتي و أعدك ألا أعود خائبًا أبدًا.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
ـ كمال الحقني .
عدة حروف بسيطة جعلت الدماء تفور في عروقه التي برزت من فرط الغضب فبدا مظهره و كأنه أحد شياطين الجحيم وكذلك خالد الذي صرخ بصوت كالرعد
ـ يا حقير.
انطلق كالريح و خلفه شقيقه ليصطدم بياسر الذي هتف باستفهام
ـ في ايه ؟ رايحين على فين؟
ازاحه خالد من طريقه بعنُف وهو يزأر بوحشية:
ـ تعالى ورايا
و أخذ يعدو و خلفه كمال الذي هتف بصُراخ
ـ هقتله الحيوان دا.
لم يجد أمامه مفر من اللحاق بهم، و كذلك فعل كُلًا من رحيم و يزيد و عمر الذي قال بلهفة:
ـ ايه يا رجاله في ايه؟
أجابه يزيد بحنق:
ـ اقعد أسأل و اتمرقع لحد ما يمشوا و منعرفش رايحين فين ؟
هرول عمر خلفهم مُرغمًا ليصل إلى مسامعهم صوت أشجان المُستغيث، فتقدمهم ياسر الذي كان قشة النجاة أمام كل هذه الأعيُن الفضولية التي تناظرهم وهم يهرولون كالوحوش البرية ليصل إلى مسامعهم صُراخ آسيا التي قامت بالتقاط المزهرية الموضوعة فوق الطاولة لتلقي بها في وجهه، وقد أصابت جانبه الأيسر، فقد كان تأثير المخدرات واضحاً عليه مما جعله في حالة من التوهان التي جعلته يتراجع إلى الخلف و يرتطم بالخزانة ليتفشى الغل في أوردته و يكز على أسنانه بعُنف تجلى في نبرته حين قال:
ـ بقى بتضربيني يا بنت الخدامة! طب انا هوريكي.
لسوء حظه فقد اصطدم بالخصم الخطأ، فهي لم تكُن تخشاه أبدًا، و ترى كم هو مُشتت من تأثير هذا السُم الذي يتعاطاه بالإضافة إلى كونها تحمل له كل هذا الكم من الكره لما يفعله بشقيقتها لذا ما أن هم بالتوجه نحوها حتى جذبت كشاف الإضاءة الموضوع بجانب السرير و ضربته بعُنف ليُصيب منطقة حساسة في جسده فصرُخ مُتألمًا بينما هي تصيح بغل
ـ فاكرني هخاف منك يا حيوان!
كان منحني الجسد من فرط الوجع لترفع الكشاف و تهوى فوق ظهره ليسقط على الأرض وهو يصرُخ من قوة الألم الذي ألم به، فجاءه صوت مديحة من الخارج وهي تصرخ بذُعر:
ـ أفتح يا أمين بتعمل ايه؟ هتضيع نفسك.
ظلت تصرُخ كالمجنونة تحسه على فتح الباب ولا تعلم أي مصير سيء ألم به لينتفض جسدها و يتراجع إلى الخلف حين شاهدت هؤلاء الرجال يهيئتهم الضخمة التي تشبه المصارعين لتشهق بصدمة:
ـ يا مُري. مين دول؟
اندفع ياسر إلى الأمام وهو يقول بانفعال:
ـ مفتاح المخروبة دي فين؟
مديحة بذُعر:
ـ والمصحف ما معايا.
خالد بانفعال:
ـ أنت لسه هتسأل؟
قام بدفع الباب بكتفه فلم يستطِع خلعه ليهتف كمال بقسوة:
ـ عنك انت الطلعة دي.
جذب خالد إلى الخلف ليندفع بكتفه كالدبابة الحربية التي جعلت قفل الباب يتزحزح من مكانه ليأتي عمر من الخلف يؤازر كمال في خلع باب الشقة وهو يقول خشونة:
ـ أدائك مش عاجبني يا خال.
صدمة واحدة من هذين الرجلين جعلت الباب ينخلع من مكانه ليتوجه الرجال جميعهم إلى الداخل ليصطدموا بهذا المشهد المُذهل لآسيا التي تُمسِك أحد شماعات الملابس و تهوى بها فوق رأس أمين الذي يفترش الأرض و هو غارقًا في دمائه بينما أشجان تحاول جعلها تتراجع وهي تقول بوهن:
ـ خلاص يا آسيا ابعدي عنه ليأذيكي.
جذبت آسيا يدها من بيد يد أشجان وهي تقول بعُنف
ـ اوعي سبيني اعلمه الأدب الحقير دا.
جحظت العيون وهي تناظر هذه المرأة الشرسة التي تكاد تفتك بالرجل القابع أسفل قدميها ليهتف رحيم بصدمة:
ـ يابوي أيه الحُرمة دي!
وكذلك ياسر الذي قال بصدمة:
ـ دي آسيا!
هتف عمر باندفاع :
ـ انا قولت من الأول دي جاحدة.
و كذلك يزيد الذي قال بصدمة من المشهد:
ـ البت دي معندهاش اخوات ولاد!
في البداية أثار صدمته هذا المشهد، ولكن و دون أن يشعُر تباين شعوره تجاه هذه الأنثى الشرسة التي لا يهزمها أي شيء. ثم انصب جميع شعوره في بوتقة الغير الشديدة حين رأى نظرات أولاد عمومته إليها ليتدخل بعُنف يجذب أمين من أسفل قدميها وهو يقول بشراسة:
ـ بتتشطر على الستات يا كلب.
أنهى كمال جملته وهو يعطي أمين لكمة عنيفه في منتصف رأسه و حين أوشك على إعطاءه الثانية قام ياسر بإيقافه وهو يقول بحدة:
ـ خلاص يا كمال مبقاش في نفس.
كان الجميع بواد وهو بآخر، فقد كانت عينيه مُعلقه بهيئتها المُذرية و ملامحها المتورمة بفعل ضربات هذا الحقير الذي لحسن حظه خلصه ياسر من بين براثن هؤلاء الوحوش ليتوجه به إلى الخارج و خلفه كُلًا من رحيم و عمر و يزيد ليتثنى له الحديث حين قال بجفاء من فرط غضبه:
ـ اسنديها عشان نوديها المستشفى.
حاوطت آسيا كتف شقيقتها التي هتفت بشفاة مُرتجفة:
ـ ولادي.
توجه كمال لا إراديًا لحمل الطفلين وهو يوجه حديثه لآسيا:
ـ هجيب العربية تحت عشان ننقلها المستشفى.
اومأت آسيا بلهفة لتستند جسد شقيقتها المُحطم برفق وهي تسير بها بخطوات سُلحفية فلم تكُن قادرة على الحركة بسبب آلامها المُتفرقة لتخونها قدمها و ترتخي من شدة الوهن و إذا به يندفع بلهفة يُمسِك برسغها بقوة منعتها من الوقوع لتلتفت ناظره إليه بعينين تباين بهم الشعور من ألم للوعة لخجل من رؤيته ما حدث لها، فهتفت بنبرة مُرتجفة:
ـ سيبني.
لا إراديًا خرج صوته خشنًا غاضبًا و عاشقًا:
ـ مش هسيبك تقعي أبدًا.
فجأة ضرب خياله صورتها المُعذبة وهي تقول ذلك اليوم
ـ محتاجه مُعجزة.
قاومت يديه المُتشبسه بخاصتها بوهن تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ أرجوك.
تجاهل أنينها، و قال بهسيس خشن:
ـ المعجزة اتحققت خلاص.
اخترق أسماعهم صوت رضا التي جاءت وهي تصرُخ حين أخبرها الجيران أن زوج ابنتها يقوم بضربها ليتراجع خالد إلى الخلف تزامنًا من دخولها إلى الشقة لتقع عينيها على حُطام ابنتها الذي تبقى من هذه المعركة الدامية التي كانت هي ضحيتها لتصرُخ بصوت هز أرجاء المكان :
ـ بنتي.
لم تمر ثوان حتى سمعوا صوت سيارة الشرطة التي جاءت لأخذ أمين بعد توصية قوية من خالد لأحد أصدقاءه ذات النفوذ الكبير وسط تساؤلات عديدة من الجيران ليهتف ياسر في وسط الشارع بصوت جهوري:
ـ أنا اللي بلغت البوليس علشان يكون عبرة لكل واحد يفكر يمد أيده على مراته، و كل واحد يتجبر على ضعيف.
أخذت مديحه تولول حين شاهدت الشرطة تلقي القبض على ولدها وهو بهذه الهيئة فتجاهلها الجميع لتذهب وحدها خلفه ويستقل كمال السيارة بجانب خالد الذي كان يقود بأقصى سرعته وهو يستمع لأنينها في الخلف بعد أن استقلت السيارة بصعوبة وهي لا تنفك تنادي على أطفالها الذي أخذهم ياسر إلى بيته ليتركهم مع هيام التي شاهدت هي الأخرى ما حدث ويتوجه هو و الباقي إلى مركز الشرطة.
بعد وقت وجيز وصلوا إلى المشفى ليصرُخ كمال في العاملين
ـ محتاجين تروللي بسرعة هنا.
هرول الجميع و جلبوا السرير المتنقل لنقل أشجان التي غابت عن الوعي و بجانبها رضا التي أخذت تنوح و تبكي خوفًا على ابنتها و آسيا التي كانت تبكي في صمت ليتوقف الجميع أمام باب الغرفة ينتظرون خروج أحد الأطباء و طمأنتهم على حالتها.
ـ احكيلي يا آسيا حصل ايه؟
هكذا هتفت رضا وهي تبكي لتُجيبها آسيا بغضب:
ـ الحيوان روحت لقيته ضاربها و مبهدلها و الولاد ملمومين حواليها عمالين يعيطوا.
رضا بعويل:
ـ الكلب. الهي تتقطع ايده.
لم تُبالي لوجود اي شخص حولها كل ما كانت تراه هو شقيقتها التي كادت أن تهلك بين يدي هذا الحقير لذا هتفت بغل:
ـ قولتلك مترجعيهاش له تاني. هي نفسها اتحايلت عليكي كان ناقص تبوس ايدك عشان مترجعلوش بس أنتِ عندك مرض اسمه مخربش بيت بنتي اللي هو أصلًا مخروب.
كانت تعلم بأن ابنتها مُحقة، ولكن هذه عقيدتها التي ترسخت في عقلها منذ الصِغر لذا هتفت بندم:
ـ أنا كنت أعرف أنه هيعمل كدا؟ انت خايفة عليها و على بيتها وعلى ولادها. يعني اخرب بيت بنتي بإيدي؟
آسيا بقسوة:
ـ عندك حق. حافظي على بيتها لحد ما تطلعلك منه جثة زي ما شوفتي كدا.
برقت عيني رضا و رغمًا عنها ارتفع كفها ليهوى فوق خد آسيا بقسوة انشق لها قلب كمال الذي اقترب يجذبها خلفه وهو يقول بحدة:
ـ ايه يا دادا رضا مش كدا.
رضا بنبرة تحمل القهر و الندم معًا:
ـ سبني اربيها. دي مشالتش هم حاجه أبدًا. دلعتها لحد ما بقى مفيش بني أدم مالي عينها. لما اختك تطلق و بيتها يتخرب مين هيشيل ولادها؟ مين هيخلي باله منهم و هيحميهم من شره؟ هتقعدلهم العمر كله يا ست آسيا؟ ولا أبوكي اللي بياخد نفسه بالعافية هيقدر على تربية عيلين و مصاريفهم!
صرخت بقهر من خلف كمال:
ـ أنا هصرف عليهم و هخلي بالي منهم، وملعون ابو الرجالة والجواز اللي زي النطع اللي اسمه أمين.
صمتت لثوان تحاول ردع ضعفها الذي جعل صدرها يعلو ويرتفع بقوة لتقول بقسوة :
ـ الضافر اللي أختي بتطيره بالدنيا بحالها، ولعلمك أشجان تقوم بالسلامة وهحكي لبابا على كل حاجة حصلت.
أنهت جملتها و تراجعت للخلف لتهرول إلى الخارج و كمال خلفها، فهذا اليوم الأول في حياته الذي يُصبِح مُسيرًا كالمجذوب خلفها جل ما يُريده هو مداواة قلبها الجريح، فلو كان في السابق أحبها اليوم تخطى حبه لها حدود العشق. قوتها و شموخها و حتى شراستها وكل شيء بها يجعله يتأكد بأن هذه المرأة خلقت له و منه.
في الداخل كانت الكلمات تسقط فوق رأسه كالرصاص وهو يتخيل كم عانت و كم خُذِلت من الجميع. أولًا هذا الغبي و ثانيًا والدتها التي لم تهتم لهذا الحزن الجلي المتعشعش في عينيها، فهو الذي لم يتعرف إليها إلا شهران هاله كم الأسى الذي يسكن قلبها و ملامحها، فكيف لوالدتها ألا تشعر به؟
اقترب من رضا قائلًا بجفاء:
ـ أنتِ فعلاً شايفة انك صح! في حد يعمل كدا في بنته؟
كانت تعلم مقدار خطأها، و لكنها ظنت بأنها تملك الحُجة التي جعلتها تقول بأسى:
ـ وانا يعني كنت أعرف أنه وحش اوي كدا؟ و بعدين كلنا اتبهدلنا في أول جوازنا، ولحد دلوقتي متبهدلين يا خالد بيه.
خالد بقسوة:
ـ ايوا بس دايمًا الإنسان بيحاول يجنب ولاده كل البهدله اللي شافها. بيسعى في الدنيا دي عشان يعملهم الأحسن، و اللي ميخليهمش يدوقوا المرارة اللي هو جربها.
أخفضت رأسها بحزن تجلى في نبرتها التي تخللتها المرارة حين قالت:
ـ كل اللي انت بتقوله دا صح. بس احنا غيركوا. انت شوفت المكان اللي احنا عايشين فيه، و شوفت عيون الناس عامله ازاي؟ و اللي بتطلق بينهشوا في لحمها من غير لا دين ولا ضمير. كنت خايفة عليها، وبقول يمكن ربنا يهديه. متخيلتش أنه يعمل كدا أبدًا.
في هذه اللحظة كان يود الصُراخ بوجهها فقد أعياه النقاش معها، واشتهى في هذه اللحظة لو يكّن هو الملجأ و الأمان لهذه الجميلة التي تكالبت عليها الذئاب دون النظر لضعفها أو برائتها.
في الخارج كانت تحتضن أكتافها بقوة وكأنها المنقذ الوحيد لنفسها والسند أيضًا بينما تزاحمت العبرات بمقلتيها وهي تستنكر هذا الوضع الذي لسوء حظها كان واقعها الأليم ليقترب هو منها بأعيُن تحمل من الحنان ما لو رأته لارتمت بأحضانه في الحال ولكنها كانت في عالم آخر انتشلها منه صوته الحاني حين قال:
ـ تعرفي أنك أجدع بنت في الدنيا.
رغمًا عنها تفشت حفنة من الوخزات في جسدها الذي ارتجف من فرط الحرج لكونه رأى الواقع الذي تنتمي إليه لذا أرادت الهرب قدر المستطاع فتمتمت بارتباك:
ـ أنا هطلع أشوف أشجان.
امتدت قبضته لتعانق معصمها بقوة اوقفتها في مكانها قبل أن يقول بخفوت:
ـ بتهربي مني ليه؟
ـ مبهربش ولا حاجه. لو سمحت سيبني.
ما أن أنهت جملتها حتى جذبها لتقف أمامه مُباشرةً وهو ينظر إلى داخل عينيها بقوة جعلت دقاتها تتخبط بعُنف داخل صدرها و أيضًا كلماته التي عرفت طريقها إلى منطقة منزوعة السلاح داخل قلبها:
ـ مش هسيبك.
آسيا بانفعال وهي تتململ بين يديه:
ـ أظن بعد اللي شفته النهاردة مفروض …
كمال بنبرة مُدججة بالمشاعر التي تجيش بصدره تجاهها:
ـ بعد اللي شفته النهاردة انا هتبت فيكي أكتر وأكتر.
جذبت نفسها بقوة من بين يديه وهي تقول بنبرة بنبرة غاضبة:
ـ لية ؟ اوعى تقولي انك عجبتك تجربة بنت الخدامة وعايز تعيش فيها يومين! انا…
قاطعها كمال بعُنف:
ـ أنتِ غبية، وانا مش هحاسبك دلوقتي عشان الموقف اللي أنتِ فيه. بس دا ميمنعش اني عمري ما هتراجع عن اللي جوايا ليكي.
تدحرجت العبرات فوق خديها فقد تأثرت بكلماته كثيرًا، فهي لم تشعر بهذا الأمان الذي يبُثها إياه طوال حياتها لذا خرجت الكلمات من بين شفاهها تحمل شيء من الأمل :
ـ ايه اللي جواك ليا؟
هدأ العالم من حولهم و اختفت جميع الأصوات المُحيطة بهم لتستحوذ هي باهتمام جميع حواسه الموقدة تجاهها ليقول بنبرة مُتهدجة:
ـ في سحر غريب بيشدني ليكي. لانا قادر أواجهه ولا عايز أتخلص منه.
آسيا بخفوت:
ـ سحر!
أومأ برأسه قبل أن يقول بخشونة :
ـ سحر. بيخليني مش قادر اشيل عنيا من عليكي. عايزك دايمًا حواليا. دايمًا جنبي. احساس فريد من نوعه اتسلط على قلبي خلاني عايز اقرب منك، اكون اقربلك حتى من النفس اللي بتتنفسيه.
كانت عينيه تُبحران فوق ملامحها بشغف جعل عظامها تذوب من فرط المشاعر التي يبثها إياها ليُتابع بترقُب :
ـ تفتكري دا اسمه ايه؟
اخذ صدرها يعلو و يهبط من فرط ما تشعر به في هذه اللحظة التي بقدر روعتها بقدر خوفها منها و الذي سكن عينيها و نبرتها حين قالت:
ـ دي مشاعرك. انت ادرى دا يتسمى ايه؟
كان كالتائه في الصحراء يتلهف لقطرة مياه تعده بالبقاء على قيد الحياة لذا استفهم بخفوت:
ـ طب أنتِ. احساسك ايه من ناحيتي؟
دق ناقوس الخطر بعقلها من هذه المشاعر التي يختلج بها صدرها لتقول بنبرة ترتجف خوفًا:
ـ عايزة امشي. سيبني.
ـ لحد امتى هتهربي؟
آسيا بتوسل قلما يظهر عليها:
ـ ارجوك سيبني.
للمرة التي لا يعرف عددها يُهزم أمام عينيها لذا تراجع عنها وهو يقول بنبرة حاول جعلها مرحة:
ـ اللي يشوفك و أنتِ بتقولي سيبني ميشوفكيش وأنتِ بتبرطمي من ورا ضهري. ياريت نعرف بس قدراتنا هاه و منشدش في العريض.
نجح في رسم ابتسامة خجلة فوق شفاهها فتمتمت بخفوت:
ـ وانا هبلة اشد قدام الدبابة!
كمال بصدمة:
ـ أيه أنا دبابة؟
آسيا ببراءة :
ـ مين قال كدا؟ انا مقولتش.
كمال بنبرة تهيم عشقًا بها:
ـ ولو قولتي أنا موافق.
كانت أمامه لأول مرة دون حواجز أو أقنعة لذا بدت جميلة بدرجة لا توصف. كذلك خجلها الذي راق له كثيرًا كل هذه الأشياء انطبعت فوق جدران قلبه الذي تضخم من فرط العشق، ولكنها كعادتها تأخذه إلى حيث تريد دون أدنى جهد منها و ذلك حين قالت بخفوت:
ـ هو انا ممكن اطلب منك طلب؟
اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي❤️
★★★★★★★★★
ـ يا نهار ازرق. هو في حد ممكن يتعامل مع مراته بالوحشية دي؟
هكذا هتف عمر باستنكار ليقول ياسر بحنق:
ـ لما يكون مريض نفسي ومتخلف تتوقع منه أي حاجه.
يزيد بسخرية:
ـ لا بس البت آسيا دي مية مية دي نجدت ودانه بالشماعة .
رحيم بمزاح:
ـ إيوا. ادته علقة مخدهاش حمار في مطلع.
كان ياسر في وادٍ آخر والظنون تعصف برأسه حيال اهتمام كُلًا من خالد و كمال لأمر هاتين الفتاتين، و خاصةً خالد فأشجان إمرأة متزوجة وإن صح ظنه فما يحدُث لا يجوز أبدًا لذا قرر أن يتحدث معه في أقرب وقت.
اللهم إني أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، ارحمني برحمتك. اللهم ارزقني الرضى وراحة البال، اللهم لا تكسر لي ظهرًا ولا تصعب لي حاجة ولا تعظم عليّ أمرًا، اللهم لا تحني لي قامة ولا تكشف لي سترًا.❤️
★★★★★★★★★★
ـ بتقولي ايه يا أشجان أنتِ اتجننتي؟ عايزة تفضلي في بيت الحيوان دا بعد كل اللي عمله؟
هكذا صرخت آسيا بحدة قابلتها أشجان بالهدوء حين قالت:
ـ اهدي شويه يا آسيا. أنتِ مش قولتي انك اشتكتيه وانا قولت اقوالي أكدت على كلامك، و كمال بيه أكدلك أنه هيطول في السجن. يبقى مفيش مشكلة اني افضل في شقتي لحد ما اشوف هعمل ايه؟
كادت أن تُجن من حديث شقيقتها لتهتف باستنكار:
ـ أشجان حبيبتي هو الكام يوم اللي قضتيهم في المستشفى أثروا على عقلك ؟ ماهو استحالة تكوني في كامل قواكي العقلية!
أشجان بنبرة تحمل الكثير من القهر :
ـ لا يا آسيا مأثروش على عقلي ولا حاجه. بس انا مش عايزة اكون هم على قلب حد. لازم اقف على رجلي و كفاية ضعف و قلة قيمة لحد كدا.
أشفقت عليها آسيا كثيرًا لذا قالت بنبرة أهدأ :
ـ يا أشجان يا حبيبتي. ماما و عرفت غلطها و شوفتيها كانت هتتجنن عليكي ازاي اليومين اللي فاتوا. بابا حالف ليطلقك من الحيوان دا. يبقى ليه العند ؟
خرجت عن شعورها لتهفت بانفعال:
ـ أنا مبعندش. أنا إنسانة بتحس بشر زيكوا لحم ودم. لحد امتى هفضل مرهونة للناس و لقرارتهم. بتقولي ماما فاقت وعرفت غلطها بعد ايه يا آسيا ؟ بعد ما خذلتني بدل المرة ألف! بعد ما باعتني بدل المرة مليون! بعد ما رمتني للنار بإيديها!
تعالت شهقاتها و دوى صداها في أرجاء الغرفة لتقول بأسى:
ـ كفاية بهدلة فيا بقى. لحد امتى هفضل اداس تحت الرجلين؟ عايزة احس اني بني آدمة، وعشان كدا لازم اتعود أسند نفسي بنفسي. عشان متعشمش في حد تاني ويتكسر قلبي تاني.
ـ طب و بابا ؟
أشجان بنبرة مُشجبة:
ـ اهو دا بقى اللي مش عايزاه يتجرح بسببي. عايزة افكر في حاجه اقولهاله متوجعوش أو تحسسه أنه مش قادر يحمينا.
ـ بس لو سمع كلامك دا هيزعل اوي. فكري عشان خاطره.
أشجان بتعب:
ـ مش هقدر. مش هقدر اتخطى الاحساس اللي حسيت بيه وماما بتقولي ارجعي بيت جوزك. كلامها قطم ضهري. افهميني. غصب عني. انا اتقهرت كتير اوي يا آسيا. مبقاش فيا حيل، والموت مش راضي يرحمني. ارحموني انتوا.
بكت آسيا بحرقة، وهي تشعر بمدى معاناة شقيقتها وهذا الحاجز التي تسببت به والدتها لذا اقتربت تعانقها وهي تقول بحنو:
ـ سلامتك يا روح قلبي من كل حاجه وحشة. طب وانا روحت فين ؟
أشجان بلهفة :
ـ لو عايزة تساعديني يبقى تسمعيني. انا لسه معايا دهب من بتاعي. أمين مباعهوش كله، والفلوس اللي ادتهالك من مرتبي. مع الشغل الإضافي اللي اداهولي خالد بيه هقدر ألم نفسي، وان شاء الله من بكرة هنزل الشغل تاني. مش عايزة اضيع وقت.
شردت إلى البعيد و عينيها تذرفان الألم بغزارة لتقول بنبرة تواقه إلى الراحة:
ـ نفسي اعمل حاجة مرة واحدة في حياتي. مرة واحدة أكون مسنودة على نفسي، و مش محتاجة لحد.
زفرت آسيا بتعب قبل أن تقول بجمود:
ـ اللي تشوفيه. بس انا هساعدك سواء قبلتي ولا رفضتي. أنا قولتلك اهو.
ابتسمت أشجان بامتنان و اراحت رأسها على صدر شقيقتها لينفتح باب الغرفة و تدخل رضا التي كان الندم يُسيطر على ملامحها و نبرتها حين قالت:
ـ عاملة ايه يا حبيبتي دلوقتي ؟
أشجان باختصار:
ـ الحمد لله.
ـ طب مش يالا عشان نروح. رؤوف مستنينا برة عشان يروحنا و أبوكي معاه.
هكذا تحدثت رضا لتقف أشجان في مواجهتها وهي تقول بجفاء :
ـ روحي انتِي يا ماما. انا هرجع على بيتي.
رضا بصدمة:
ـ نعم. بيت ايه اللي ترجعيله؟
أشجان بتهكم:
ـ البيت اللي كنتي عيزاني احافظ عليه و مش مهم لو مت وانا بعمل دا. المهم مطلقش. انا هرجع البيت دا تاني.
رضا باندهاش:
ـ أنتِ بتقولي ايه يا بنتي؟
أشجان بجمود:
ـ بقول اللي سمعتيه. هرجع هناك تاني لحد ما اعمل لنفسي بيت بتاعي انا و ولادي. منكونش فيه هم على قلب حد.
انغرزت كلمات أشجان في قلب رضا التي بكت بألم تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ بقى كدا يا أشجان؟ بتعاقبيني. بتعلميني الأدب! دا جزاتي اني كنت خايفة عليكي وعلى بيتك؟
أشجان بجمود :
ـ لا يا ماما. انا لا بعاقبك ولا حاجه. لكن انا من حقي اني اعيش مرتاحة مع ولادي من غير أي ضغط، وبعد اللي قولتيهولي آخر مرة عمري ما هقدر ادخل بيتك تاني. أموت ولا ارجعله. ياريت تفهميني مرة واحدة في حياتك.
تعلم كم هي مذنبة ولكنها لا تعي مقدار الأسى بصدر ابنتها لذا حاولت بصورة أخرى حين قالت:
ـ طب و أبوكي هتقوليله ايه؟
هنا دلف عزام إلى داخل الغرفة ليقول باستفهام:
ـ تقولي ايه؟
التفتت أشجان تناظر والدها بصدمة سرعان ما تحولت لارتباك، فتدخلت آسيا قائلة :
ـ طب يالا يا ماما نستنى احنا بره و نشوف رؤوف بيعمل ايه ؟
وافقتها رضا على مضض لتخرج تاركه الجو مشحون خلفها ولكن أشجان اقتربت لتحتضن والدها بتعب تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ احضني اوي يا بابا.
احتضنها عزام بقوة وهو يقول بحنو:
ـ ليه كدا يا بنتي؟ ليه مشيتي ؟ ليه رجعتي للحيوان دا تاني؟ هتعذبيني قد ايه قبل ما تردي على سؤالي ؟
عبأت صدرها بالهواء النقي عله يُطفيء الحرائق المندلعة بجوفها ليُتابع عزام باستفهام قاتل:
ـ أنا قصرت في حقك أنتِ و ولادك؟
تراجعت للخلف وهي تهتف بلهفة :
ـ لا طبعًا يا بابا ايه اللي بتقوله دا؟
ـ أومال ايه يا بنتي؟
اخفضت رأسها قبل أن تختار الزج بنفسها في بؤرة الذنب لتقول بخفوت:
ـ أنا غلطت في حق أمين و روحت اشتغلت في الشركة من وراه وهو عرف و اتجنن ازاي اعمل كدا من غير ما أقوله، و عشان كدا رجعت البيت، ولما روحت اتخانقنا من تاني، و لما زعقلي عايرته أن انا اللي بصرف عليه، و عشان كدا اتجنن و ضربني زي ما شوفت.
صُدِم عزام من حديث ابنته و هتف باستنكار:
ـ أنتِ تعملي كدا يا أشجان؟
بكل أسف اومأت برأسها وهي تقول :
ـ ايوا عملت كدا، و عشان كدا بستأذنك اني ارجع من هنا على بيتي، لحد ما أشوف هعمل ايه بعد كدا؟
عزام بعدم تصديق:
ـ ترجعي بيتك! أنتِ اكيد اتجننتي؟ انا مصدوم أنتِ أشجان بنتي اللي انا اعرفها؟
أشجان بتوسل:
ـ أرجوك يا بابا. اديني فرصة أرتب حياتي بنفسي، وأشوف انا عايزة اعمل ايه؟
عزام بغضب امتزج مع خيبة الأمل :
ـ حاضر. هسيبك عارفة ليه؟ عشان لو أنتِ اختارتي ترخصي نفسك. محدش هيغليكي. ارجعي بيتك لو شايفة أنه ينفع ترجعيه تاني. أو حتى شايفة انه بيت من أساسه مش وكر تعابين. خيبتي أملي فيكي.
قال جملته الأخيرة بأسف كان كالبارود تفجر في قلبها الذي لا يعرف كيف يصد هذه الهجمات التي تأتيه من جميع الجهات لذا سقطت جالسة على الفراش خلفها فلم تعُد تملك طاقة لفعل أي شيء.
استرعى انتباهها طرق قوي على باب الغرفة فظنته أحد الممرضات لتنهض وهي تتوجه المقعد الذي وضعت فوقه حقيبتها وهي تقول :
ـ ادخل.
أخذت تلملم أشيائها وهي تقول بتعب:
ـ ثواني هقفل الشنطة و نمشي.
ـ ممكن اعرف بتعملي في نفسك كدا ليه؟
هكذا تحدث خالد بغضب من خلفها لتشهق بصدمة وهي تلتفت إلى الخلف قائلة :
ـ مستر خالد.
خالد بجفاء:
ـ ردي عليا.
تحمحمت بخفوت قبل أن تحاول استجماع ثباتها الواهية لتقول بجمود:
ـ أنا ادرى باللي يناسبني!
خالد بتهكم يخفي الكثير من الغضب الهائل الذي اجتاح صدره منذ أن أعلمته آسيا بنيتها العودة إلى ذلك البيت مرة أخرى
ـ ودا اللي يناسبك! انك تفضلي مع شخص زي ده شيء مناسب ليكي!
أشجان بقوة واهية:
ـ ما هو مبقاش موجود هو مش حضرتك حبسته؟
خالد بقسوة:
ـ ولو طولت كنت قتلته.
أشجان باستفهام:
ـ ليه؟
أصابها استفهامه في مقتل ليتراجع عن انفعاله ويقول بنبرة جافة:
ـ عشان اللي يتجبر على واحدة ست بالشكل دا يبقى عايز الحرق بالنار مش الحبس بس.
فجأة ضرب عقله هاجس قوي كالإعصار ليقول بحنق:
ـ و بعدين تعالي هنا. متقوليش أنك زعلانه اني حبسته!
أشجان بحزن:
ـ مش زعلانه عشانه زعلانه عشان ولادي. زعلانه عشان جنيت عليهم واختارتلهم أب زيه.
شعر بالأسى عليها و على مدى طيبتها، فهي بالرغم من كل شيء لا تفكر سوى بأطفالها لذا قال بنبرة أهدأ :
ـ متحمليش نفسك فوق طاقتها. محدش معصوم من الخطأ، و في الأول و في الآخر دا نصيب.
أشجان بخفوت:
ـ الحمد لله على كل شيء.
لم يستطِع إيقاف الكلمات التي خرجت كالسيل من بين شفتيه
ـ راجعي نفسك. بلاش تعملي فيها كدا. مينفعش ترجعي البيت دا تاني.
أخذ الأمر مُنحنى آخر أخافها كثيرًا، فحديثه و نبرته و نظراته بالإضافة إلى مشاعرها الغريبة تجاه ما يحدُث كل هذه الأشياء يستنكرها عقلها الذي أمرها بوضع حد فاصل يحميها من إثم لا تستطِع حمل وزره.
ـ انا شاكرة أفضال حضرتك عليا. بس الموضوع دا شخصي و مينفعش أبدًا انك تدخل فيه.
كلماتها أصابت وترًا حساسًا داخله. يمكنه هدم الأخضر و اليابس لأجله أنه كبرياءه الذي لا يتهاون في المساس به لذا هتف بنبرة قاسية:
ـ عندك حق. انا غلطت من الأول اني اتدخلت بس معلش ملحوقة. لو عايزة تتنازلي عن المحضر روحي، و زي ما وصيت عليه و حبسته سهل اوي اخليه يخرج.
ـ أرجوك لا.
ارتعبت من كلماته فخرجت الكلمات من فمها متلهفة ممزوجه بعبرات حارقة جعلته يعلم أي ألم هي خاضعة لسطوته ليقول باندهاش:
ـ انا مبقتش فاهمك. لما أنتِ خايفة منه كدا راجعه بيته تاني ليه؟
هل يُمكن على الإنسان الإفصاح بكونه شخص غير مرغوب به في مكان من المفترض أن يكون وطناً له!
اخفضت رأسها تحاول حجب عينيها عن خاصته خوفًا من الوقوع في الخطأ الذي لن تغفره لنفسها أبدًا، وقد كان صراعها هذا يرهقه، و يؤلمه بل يعذبه. لذا قال باستفهام
ـ طيب قوليلي اساعدك ازاي؟
ـ تبعد عني إذا سمحت؟
كانت إجابة كالرصاص شقت صدره إلى نصفين ليجتاحه ألم هائل جعله لا يقوى على الصمود أمامها دون ارتكاب إثم قد يُكلفه ثمنًا باهظًا لذا هتف بجفاء:
ـ حاضر.
خرج من الغرفة كالإعصار فلم يلحظ آسيا التي سقط قلبها بين قدميها من فرط الرُعب وهي تتخيل أن يكُن أحد والديها بالرواق و يشاهده وهو يخرج من غرفة شقيقتها فتنفست الصعداء و توجهت إليها على الفور، فما أن رأتها أشجان حتى ارتمت بداخل أحضانها تنتفض كالعصفور الصغير.
اللهم ارزقني رزقًا واسعًا حلالًا طيبًا، واستجب دعائي من غير رد، وأعوذ بك من الفضيحتين؛ الفقر والدين، اللهم يا رازق السائلين، ويا راحم المساكين، يا ذا القوة المتين، ويا ولي المؤمنين، ويا خير الناصرين، يا غياث المستغيثين، ارزقني يا أرحم الراحمين❤️
★★★★★★★★★★
ـ شكرًا أوي يا استاذ رؤوف. هو دا اللي طلبته منك ؟
هكذا تحدث آسيا تُعاتب رؤوف الذي قال بتبرير
ـ منوقعتش ان ممتك هتعمل كدا، و بعدين انا فهمتها أن أنا اللي جبتلها الشغل بدل الشغل في المكتب دا.
آسيا بغضب
ـ طب كنت كلمني قولي. عرفني عشان اعرف اتصرف.
رؤوف بحدة
ـ آسيا مش ملاحظة انك منفعله. في حين انك غلط و أشجان كمان غلط. يعني ايه تشتغل في مكان من غير ما تقول لجوزها ؟
آسيا بغضب
ـ هو دا راجل أصلًا ولا ينفع تعتبره جوزها!
رؤوف باستفهام
ـ قوليلي يا آسيا أنتِ لسه رايحه الشركة مبقالكيش خمس شهور. قدرتي تجيبي شغل لأشجان بالسرعة دي كدا ازاي!
ارتبكت آسيا لثوان قبل أن تقول بجفاء
ـ قصدك أيه؟
رؤوف بخيبة أمل
ـ مش غريبة الناس اللي كنتي بتكرهيهم و ناقمة عليهم فجأة بالسرعة دي بقوا حبايبك! مع العلم اني شوفت ميرهان هناك في الشركة متقوليش انكوا بقيتوا أصحاب!
آسيا بصدمة
ـ ايه ! شفت ميرهان امتى ؟
عاد بالزمن إلى ما قبل عدة أيام حين ذهب إلى الشركة لأخذ أشجان، فقد كان يهرول حتى يصل إليهم بسرعة البرق فإذا به يصطدم بفتاة جميلة بل رائعة الجمال ولكنها سليطة اللسان للحد الذي جعلها تدفعه بقوة وهي تقول بوقاحة
ـ أنت غبي! مش تفتح؟
عرف هويتها على الفور لذا أجابها باحتقار
ـ أنا اللي افتح ولا أنتِ اللي تبصي قدامك وأنتِ ماشية؟
انت تعرفه ولكنها لا تتذكر هويته، ولكن جذبتها وسامته إلى حد كبير جعلها تقول بتلعثُم
ـ والله دي شركتي ابص قدامي ولا ورايا أنا حرة.
رؤوف بتهكم
ـ اهو دا بقى الغباء بعينه. لما صاحبة الشركة تمشي زي التايهة كدا يبقى الشركة دي قريب اوي هتتهد فوق دماغ الغلابة اللي بيشتغلوا فيها.
ميرهان بصدمة من حديثه المُهين و خاصةً أنها رأت بعض الأنظار الشامتة حولها لتهتف بانفعال
ـ أنت ازاي ؟؟
قاطعها رؤوف بحدة
ـ أنا مش فاضي للرغي بتاعك. روحي شوفي بتعملي ايه يا شاطرة، و إلا أنا واثق أن صاحب الشركة نفسه مش هيعجبه عمايلك دي.
عودة للوقت الحالي
ـ متشغليش بالك. بس خليكي فاكرة انك اتغيرتي، و أن انا مش مرتاح للتغيير دا. يالا اطلعي شوفي أشجان عشان نمشي.
اللهمّ أعنّي ولا تعن عليّ، وأنصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر بي، واهدني ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ، رب اجعلني لك شكّارًا، لك ذكّارًا، لك رهّابًا، لك مطواعًا، لك مخبتًا، لك أواهًا منيبًا، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبّت حجتي واهدِ قلبي وسدّد لساني❤️
★★★★★★★★★
ـ غنى يا حبيبتي. عايزة اتكلم معاكي شويه.
هكذا تحدثت صابرين مع غنى التي كانت تحضر بعض الدروس لتذهب الى عملها، فالتفتت تناظرها وهي تقول :
ـ خير يا ماما. في ايه؟
تقدمت صابرين إلى داخل الغرفة وهي تقول بتودد:
ـ طبعًا يا غنى يا حبيبتي انتِ عدتك خلصت بقالها اسبوع، و زيادة و أنتِ ما شاء الله عليكي حلوة و زي القمر، و الف مين يتمناكي، و بصراحة ابوكي مش ملاحق على العرسان.
تجمدت الدماء بأوردتها من حديث والدتها لتلتفت ناظره إليها بأعيُن تبرق من شدة الغضب الذي تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ ماما. أنتِ عايزة تشليني! عرسان ايه و زفت ايه؟
صابرين بلهفة :
ـ يا بت اسمعي. خلي نفسك طويل بدل ما أنتِ ملبوعة كدا. هي امك هتختارلك اي حد بردو ؟
غنى بتهكم:
ـ أنتِ هتقوليلي على اختياراتك! و ياترى المرة دي مشلول ولا محروق، ولا بايظ من انهي ناحية؟
صابرين بلهفة :
ـ فشر. دا جدع طول بعرض. بيتهزله شنبات، و معا عيلين يعني مضمون.
غنى بصدمة:
ـ معاه عيلين و مضمون! طب و ياترى جاي بكرتونته ولا وارد الخارج!
قالت جملتها الأخيرة بتهكم قابلته صابرين بالغضب حين قالت:
ـ بت أنتِ بزيداكي تريقة. الناس كلمت ابوكي مرة واتنين و هو اداهم معاد النهاردة. جهزي نفسك على بالليل هييجوا يطلبوكي.
شعرت بالأرض تميد بها لثوان قبل أن تتغلب على ضعفها وتهتف بانفعال:
ـ مش هيحصل. حرام عليكي. أنتِ عايزة تعملي فيا ايه اكتر من كدا؟
صابرين بسلاسة إصابتها بالجنون :
ـ عايزة افرح بيكي، و خلي بالك شغل الجنان دا مش هينفع، و إلا هتصغري ابوكي قدام الناس. انا مقولتش اتجوزي قولت شوفي العريس يمكن يعجبك. محدش عارف النصيب مخبي ايه!
غنى بألم:
ـ حرام عليكي يا ماما أموت نفسي عشان ترتاحي!
صابرين بلهجة آمرة:
ـ لا جهزي نفسك عشان العريس جاي هو و أبوه بالليل.
أنهت جملتها و خرجت من الغرفة ثم ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيها وهي تقول:
ـ أما جبتك على ملا وشك يا ابن الوتايدة مبقاش أنا صابرين.
لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم ❤️
★★★★★★★★★★
ـ صباح النور.
هكذا تحدثت شروق بلُطف قابله عمر بالمرح حين قال:
ـ صباح الحلويات. ايه الحلاوة دي بس على الصبح؟
شروق بغرور لاق بها كثيرًا:
ـ أنا حلوة على طول.
ينتابه شعور قوي بجذب انتباهها و رؤيه تأثيره عليها لا يعرف لماذا ولكن داخله رغبة مُلحة في تحقيق هذا الإنجاز لذا قال بغزل:
ـ دي حقيقة. اومال أما اتجوزتك ليه؟
تعلم جيداً أن غروره لا يرتضي بتجاهلها له لذا قالت بتهكم:
ـ لا معلش انا اللي اختارت اتجوزك عشان عندي نوايا خبيثة على رأي الليدي نبيلة الوتيدي.
ضيق عينيه وهو يناظرها وهو يعُض على شفتيه ليقول بتخابُث:
ـ يعني مش عشان تبقي حرم الدكتور عمر الوتيدي مثلًا.
شروق بسخرية :
ـ أه بأمارة أن انا و أربعة خمسة بس اللي عارفين الموضوع دا.
ـ ايه علاقة دا بأن بعدد الناس اللي عارفة بجوازنا
باغتته صاعقة إجابتها حين قالت:
ـ ماهو الامتياز الوحيد اللي في الموضوع. على اعتبار اني هتسيط بقى و اجيب اصحابي يكشفوا عندك ببلاش.
عمر بسخط من اجابتها:
ـ والله! ايه الخفة دي؟
ضحكة عالية خرجت من بين شفاهها قبل أن تقول بمرح:
ـ طب قولي أنت ايه الامتيازات اللي من جوازي منك؟
اغتاظ منها للحد الذي جعل ملامحه تنكمش بغضب قبل أن يقول بجفاء:
ـ اللي ميشوفش من الغربال يبقى أعمى.
شروق بتهكم:
ـ لو الليدي نبيلة سمعت المثل دا هتتبرى منك انا متأكدة من دا.
عمر بسخط:
ـ دمك تقيل.
ـ أهو أنت.
لا يعلم لما يشعر بالغضب منها و من تجاهلها لجميع امتيازاته و عدم تأثرها بمقوماته كرجل و كطبيب لامع و كفرد من اغنى و أعرق العائلات لذا هتف بجفاء:
ـ على فكرة مبهزرش.
شروق بجدية مُفتعلة:
ـ عمر انت زعلت بجد؟
جاءت نبرته حادة و كلماته مؤلمة حين قال:
ـ مش حوار زعلت. بس مابحبش اني أكون محط سخرية من حد. مش معنى أني بهزر و بضحك دا يخلي أي حد يتجاوز معايا.
لا تعلم لما شعرت بالغبطة من غضبه بعد أن نجحت في إطلاق رصاصة استخفافها في منتصف كبرياءه المريض لذا رققت لهجتها حين قالت:
ـ انا مقصدتش أتجاوز معاك أو اضايقك أو حتى أسخر منك. بس بصراحة كلامك عن نفسك بالنسبالي و عن مميزات جوازنا مينفعش غير اني اعتبره هزار. لإن انت عارف طبيعته، فعشان كدا فكرتك بتهزر و أنا كمان هزرت.
تُصيبه إجاباتها بالجنون الذي جعلت يقول بتهكم:
ـ أيه علاقة طبيعة جوازنا بمميزاتنا كأشخاص؟ يعني أنا مثلاً لو قولتيلي مميزات جوازتك مني ايه اقولك مفيش ؟
شروق باندفاع :
ـ لا طبعًا انا عمري ما اقولك كدا!
ـ ليه ان شاء الله ؟
شروق بنبرة فاحت منها رائحة الغرور
ـ عشان أنا مش محتاجة رأيك فيا. انا عارفة نفسي كويس، و عشان أنا مش معتبراك جوزي أصلًا يا عمر.
عمر بحنق:
ـ أنتِ تطولي أصلًا!
تابعت اللهو بثباته حين قالت بتسلية:
ـ اوعدك اتجوز واحد اطول منك واطلعلك لساني واقولك طولت اطول منك كمان..
شعور غريب و همجي تولد بداخله حين استمع الى كلماتها التي ما أن قالتها حتى التفتت تنوي المغادرة لتمتد قبضته تعتقل معصمها ليُديرها إليه حتى اصطدمت أنوفهم لتلفحها سخونة أنفاسه حين قال بشراسة:
ـ اياكي طول ما أنتِ على ذمتي تقولي الكلمتين دول تاني. فاهمة ولا لا؟
كانت تُمسِك بخيوط اللعبة جيدًا ولكن الآن رد فعله صدمها بقوة و خاصةً حين حاولت الابتعاد عنه وهي تقول بغضب:
ـ سيب ايدي يا عمر.
عمر بنبرة خطرة و هو يتراجع بها إلى الخلف حتى اصطدمت بالحائط خلفه فأصبحت أسيرة لجدارين من الفولاذ
ـ سمعتيني ولا لا؟
تهدجت أنفاسها و ارتجفت الحروف فوق شفتيها حين قالت:
ـ قولتلك ابعد عني.
ارتجافة شفتيها المغوية أمام ناظريه و اقترابهم بهذه الطريقة ألهب حواسه و غيب عقله لثوان ليهوى فوق ضفتي التوت خاصتها يقطف ثمارها بنهم افزعها للحظات توقف بها قلبها عن العمل، فقد كانت خاضعة لسطوته بطريقة لم تختبرها مُسبقًا و لكن لم يدُم الأمر لأكثر من خمسون ثانية قبل أن تدفعه بكل ما أوتيت من قوة جعلته يتراجع إلى الخلف غير مُصدق لما قام به ليجدها تهرول إلى الخارج وما هي إلا ثواني حتى سمع صراخها القوي الذي جعله يهرول إلى الخارج ليفزع حين رأى ..
اللهم يا مسهل الشديد ويا ملين الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا من هو كل يوم في أمر جديد، أخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق، بك أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، رب لا تحجب دعوتي، ولا ترد مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى حولي وقوتي❤️
★★★★★★★★★
جاء المساء وهي تجلس بغرفتها تبكي حظها العاثر ولا تعرف ما الذي عليها فعله لتدلف صابرين إلى الداخل وهي تقول بحنو:
ـ يالا يا غنى يا حبيبتي. الناس زمانهم على وصول.
غنى بانفعال :
ـ أنا مش هخرج اقابل حد.
صابرين بمكر غلفته بالحزن :
ـ و هتصغري ابوكي قدام الناس.
غنى بقهر:
ـ حرام عليكوا هتموتوني. مش عايزة اتجوز يا ناس. سيبوني في حالي بقى.
أشجان بمهادنة:
ـ طيب اطلعي شوفيه مش هتخسري حاجة. خلي الليلة دي تعدي على خير.
سقطت فوق السرير خلفها وهي تبكي لتقول صابرين بنُصح:
ـ أنا عارفة مصلحتك، واللي بتفكري فيه مش هيحصل. متفكريش أنه عشان ساعدك تطلقي و وقف جنبك قبل كدا أنه ممكن يعمل كده تاني. مفيش حد بيحب للدرجادي. قومي يالا البسي.
تقصدت ذكره أمامها و تذكيرها بما فعله من قبل لأجلها حتى تجعل تفكيرها مُنصبًا على هذا الفارس الذي لم يقف بجانبها احد سواه، فهبطت العبرات من عينيها بغزارة وهي تتذكر وعدها له بألا تجعله يتجرع عذاب انتمائها لغيره مرة اخرى، وبلحظة جنونية جذبت هاتفها تنوي الاتصال به ولكنها لم تستطِع فعلها فأخذت تبكي بلا حول ولا قوة. ليصل إلى سمعها صوت والدتها وهي تتحدث لأحدهم:
ـ زمانهم على وصول! يا ألف بركة. خلينا نفرح بقى.
أخذت تدور حول نفسها وهي تُمسِك بهاتفها تناظر الاحدى عشر رقمًا أمامها و كأن بهم إلهام سيجعلها تخرج من هذا المأذق. لتُقرر إرسال رسالة نصية لا تعرف ماذا تكتب، ولكنها أرادت أن تطلب منه السماح فهي مُرغمة. أخذت تدون الكلمات و تمحوها. عاجزة عن ترتيب حروفها ولكن في النهاية تلخص كل شيء في هذه الكلمة
ـ محتجالك.
لكم ودت أن تُرسلها إليه في الحال ولكن آلمها ضميرها الذي وبخها أيضًا لما تفعله بها و إقحامها له في جميع أزماتها، فهي لم تقدم له شيء سوى العذاب لذا ضغطت على الهاتف بقهر وهي ترتمي بثقلها فوق مخدعها قائلة بأسى:
ـ كفاية بقى تعذيب فيه. كفاية. شيلي شيلتك لوحدك يا غنى.
فجأة سمعت صوت خافت وقد كان إشعار بأنه تسلم الرسالة التي ارسلتها بالخطأ حين ضغطت على الهاتف بين يديها. ليتوقف النبض بداخل صدرها وهي تنظر إلى اسمه الذي يتوسط الهاتف أمامها لا تعلم ما الذي عليها فعله ولا تدري عن هذه النيران التي أشعلتها حروفها البسيطة داخل قلبه ليندفع من باب المنزل لا يعلم إلى اين وجهته ولكن أراد الإطمئنان عليها حتى لو كلفه الأمر الذهاب الى باب بيتهم، ولكن حين خرج من بوابة البيت تفاجيء بأسيا تخرج هي الأخرى من باب بيتهم ليهتف باسمها
ـ آسيا.
توقفت آسيا تناظره ليقترب منها قائلًا بنبرة يغزوها القلق:
ـ رايحة فين؟
ـ رايحة عند غنى.
تسارعت دقاته وهو يقول بلهفة:
ـ هي كويسة؟
آسيا بترقب:
ـ بتسأل ليه؟
ياسر بخشونة:
ـ في حاجه صح؟
صمتت لوهلة تناظره و قد قررت إسداء خدمة لصديقتها و هذا الضخم ذو الرأس اليابس لتقول بنبرة مُشجبة:
ـ غنى جايلها عريس النهاردة وهي مش عايزة تشوفه و منهارة، وعشان كدا خالتو صابرين كلمتني اروح اقنعها.
و كأن أحدهم هوى فوق قلبه بمطرقة ذو حواف مُسننة جعلت الدماء تهدر في عروقه وهو يقول بقسوة:
ـ ايه؟
اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي،❤️
★★★★★★★★★
كان يسير بخطوات مترقبة و عينين يمشطان المكان من حوله خوفًا من غدر قد يأتيه من أي مكان، فحين جاءته رسالة هذه المرأة قرر مسايرتها ولكن على طريقته و خاصة أن كلماتها لا يُمكن تجاهلها
ـ روح البيت اللي في الصورة دي و هتلاجي كل اللي تحتاچه عشان تخولص من رماح، ولو عايز تعرِف الباجي ابعتلي ورجة الجواز واني هجولك على كل حاچة بعد أكده.
لم يستطِع تخطي الأمر و قرر أن يذهب إلى هذا المكان المهجور و لكن بعد أن وضع خُطه مُحكمة تضمن سلامته ليقترب بخطوات بطيئة من الباب قبل أن يدفعه بقدمه وهو يصوب سلاحه في تجاه البيت تحسبًا لأي غدر قد يحدُث، ولكن المفاجأة الكبرى كانت في هذا الجسد المُلقى على الأرض بإهمال في هذا الغرفة المُهترئة، فتأكد أنها خالية من أي بشر قبل أن يندفع إلى الداخل ليقوم بكشف وجه المرأة المُلقاة أرضًا وأذا به يتفاجيء حين وجد..