رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل الرابع و العشرون 24 بقلم نورهان ال عشري


  رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل الرابع و العشرون بقلم نورهان ال عشري


من كل قلبي اتمني لو يلتقي الكبرياء و العشق يومًا ما عند مفترق طرق تقودنا الى درب واحد نسلكه سويًا، فقد سئمت و روحي من المقاومة فتلك الحرب ليست عادلة و خسائرها فادحه. فـ قلبي فلسطيني أعزل وعيناك قُدسي الغالية لذا فـ التخلي ليس من ضمن قائمة اختياراتِ فأنتِ وطني الذي لا أعرف وطنًا غيره فـ أنا منه وإليه أعود.


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁


توقف النبض بأوردته لثوان حين رآها وهي تفترش الأرض بعد أن زلت قدمها وسقطت بقوة جعلتها تصيح بألم

ـ جميلة . الحقيني. 


كان أول من وصل إليها ليتربع بجانبها وهو يُحيطها باهتمامه و يديه اللتان أحدهما احتضنت كفها و الآخر تفحصت جسدها باحثًا عن أي كسر وهو يقول بلهفة

ـ متتحركيش. في كسر في رجلك. 


الألم غيب عقلها لثوان مما جعلها تقول بنبرة مبحوحة من فرط الوجع

ـ رجلي بتوجعني اوي يا عمر. 


لا يعلم كيف غافلته يداه و احتوت وجهها بكل هذا القدر من الحنان الذي شع من بين كلماته حين قال 

ـ معلش يا حبيبتي. اتحملي بس شويه صغيرين وانا هتصرف. 


وهو في خضم محاولاته لتهدئتها لم يلحظ هذا النظرات المندهشة التي حاوطتهم من جميع الجهات و التي كانت لنبيلة و ابنتها هايدي و زوجها نور الدين ثم سعاد و أخيرًا جميلة و التي اختلفت عنهم في النظرات و الشعور أيضًا، فهي هرولت إلى شقيقتها تفترش الأرض بجانبها وهي تقول من بين عبراتها

ـ شروق حصل ايه؟ 


شروق بألم

ـ كنت خارجة من الأوضة و فجأة ازحلقت و رجلي بتوجعني اوي.

 في هذه الأثناء كان عمر قام بجذب أحد للعصيان التي كانت مُعلقه و بها بعض أدوات الزينة و قام بكسرها ليصنع لها جبيرة حتى يستطيع تحريكها دون أي ضرر ولكنها لم تكن تحتمل أن يُلامس ساقها المكسورة لتصرُخ بألم

ـ رجلي يا عمر.


و على عكس طبيعته التي لا تهتز لمثل هذه الأمور فهو مُعتاد على أقسى من ذلك، ولكن قلبه كان يدُق لأجلها، ليقترب منها بعد أن أنهى عمله ليحتضنها بقوة و هو يحملها برفق تجلى في نبرته حين قال

ـ متنفعليش عشان هتتألمي أكتر. خلاص خلصنا. 


التفت ناظرًا إلى جميلة وهو يقول بأمر

ـ تعالي معايا هنوديها المستشفى. 


أنهى كلماته و تجاهل الجميع وهو يحملها و ينزل بها الدرج و عينيه تحملان نظرات غامضة لم يلحظها سوى نبيلة التي جمد الموقف الحروف فوق شفاهها لتُبادرها سعاد بالحديث قائلة بحدة

ـ و طبعًا زي ما اتعودنا مفيش حوادث في البيت دا بتبقى قضاء و قدر !


كلماتها كانت تحوي اتهام مُبطن كان كهدف قاتل لم يُخطيء مرماه لتستدير الرؤوس تُطالعها بسخط تجلى في حديث عز الدين الذي قال

ـ ايه يا ماما الكلام دا! و تقصدي بيه مين؟ 


سعاد بحدة

ـ أسأل الحية مراتك.


نبيلة بهدوء تُحسد عليه

ـ تعرفي مش مستغربة كلامك ولا اتهامك بس صدقيني مبقاش يفرقلي كفاية أن جوزي شايف و عارف مراته على أيه و أمه على ايه؟ 


تقصدت النبش في جراح سعاد التي هاجمت بقوة

ـ ياريته كان يعرف مكنش دا هيبقى حاله. انما دا اعمى. لا دا الاعمى احسن منه على الأقل له بصيرة بيميز بيها لكن دا لا بصر ولا بصيرة. 


عز الدين بغضب 

ـ ماما. 


سعاد بانفعال

ـ بلا ماما. بلا زفت. اللي حصل لبنت بنتي دا مش هيعدي على خير. اقصد عمر مش هيعديه على خير. ماهو اصل عمر زي أبوه مبيتحملش الهوى على مراته.


نجحت في تسديد سهمًا قاتل في صدر نبيلة التي اكتظ الشر بعينيها ولكنها بشق الأنفس حجمت كلماتها حين قالت

ـ عندك حق. بس ياترى بقى بنت بنتك هتقدر تبقى زي نبيلة الوتيدي! 


سعاد باحتقار

ـ و هي لو في امل واحد في المليون تبقى زيك كان عمر اتجوزها؟ 


تدخلت هايدي بصُراخ بعد أن ضاقت ذرعًا بهذه الحرب التي لا تهدأ بينهم

ـ كفاية بقى. احنا تعبنا من الحرب اللي مبتخلصش دي نفسنا مرة واحدة نحس اننا أهل و عايشين في بيت واحد. احنا أسوأ من الأعداء ارحمونا.


أنهت جملتها و هرولت إلى غرفتها ليهرول خلفها عز الدين ليتبقى كُلًا من سعاد و نبيلة لتقترب الأخيرة منها وهي تقول بتخابُث

ـ كدا الساحة خليت ليا انا و أنتِ يا سعاد هانم. 


التفت تقف خلف سعاد التي اهتزت من الداخل حين سمعت صوت فحيح نبيلة من خلفها 

ـ ايه رأيك لو اللي حصل لبنت بنتك يحصلك دلوقتي! 


حاولت الثبات قدر الإمكان حين قالت

ـ ايه هتقتليني ؟ عادي تعمليها. اللي زيك اتوقع منه أي حاجه.


نبيلة بسخرية 

ـ لا و ايه كل حاجه في صالحي. عمر مش موجود و عز الدين مش هيصدق عني حاجه هو ولا هايدي! و الخدم مش موجودين، و هيبقى حادث قضاء و قدر. ست مشلولة، و كانت عايزة تنادي على حد و ياحرام معرفتش تسيطر على الكرسي بتاعها و وقعت من على الكرسي. 


كانت تعلم بأنها تقدر على تنفيذ حديثها دون أدنى ذرة تأنيب ضمير لذا لجأت للخديعة حين قامت بضغط زر الاتصال على عمر الذي كان رقمه مدون في خاصية الاتصال السريع دون أن تحيد عينيها عن نبيلة لتقول بسخرية

ـ عارفة انك تقدري تعملي كدا. بس اللي متعرفيهوش بقى أن مفيش جريمة كاملة، واني هضمنلك حتى وأنا ميتة انك تروحي في ستين داهيه. مش كل مرة تسلم الجرة يا نبيلة.


أنهت حديثها و قامت برفع هاتفها لتُحادث عمر قائلة

ـ ها يا عمر وصلت لحد فين ؟

تراجعت نبيلة عنها وهي تُحيطها بنظرات كالسُم لتستدير عازمة على الذهاب إلى غرفتها وهي تسُب سعاد بجميع أنواع السُباب.


انتهى الطبيب تجبير قدم شروق التي كان الألم يتبلور بوضوح في قسمات وجهها لتستند برأسها بين أحضان جميلة التي أخذت تقرألها ما تيسر من آيات الذكر الحكيم حتى تهدأ قليلًا ليدلف عمر إلى داخل الغرفة، فأبصرته عينيها ولكنها أدارت وجهها إلى الجهة الأخرى خجلًا لكل ما حدث بينهم منذ بداية اليوم و غضبًا غلفت به هذا الخجل ليقترب من سريرها جاذبًا كفها وكأنه يعاندها فأرادت جذب كفها من بين يديه لتجده يقيس لها النبض و عينيه تُخفيان المكر جيدًا بينما ملامحه جامدة و نبرته كذلك حين قال

ـ عامله ايه دلوقتي؟ 


شروق باقتضاب

ـ كويسة. 


ـ طب يالا عشان هنروح. 


تحركت جميلة من جانبها لتساعدها على النهوض، فاوقفها عمر قائلًا بخُبث

ـ لا عنك أنتِ يا چي چي الطلعة دي. 


لم يُمهلها الوقت لفهم ما يقصده لتتفاجيء به يضع يديه أسفل ركبتيها و الأخرى خلف ظهرها وهو يحملها برفق فادارت رأسها إليه بحدة لتتفاجيء بنفسها قريبة منه للحد الذي يجعلها تتشارك معه أنفاسه، ولكن ذلك لم يردعها من الحديث بنبرة جافة

ـ نزلني. انا مطلبتش مساعدتك.


عمر بتسلية وهو يتحرك بها إلى الخارج

ـ وانا مش مستنيكي تطلبي مني. شهامتي تُحتم عليا اني اعمل كدا من نفسي. 


اغتاظت من وقاحته و هذا الوميض في نظراته لتهتف بحدة

ـ قولتلك نزلني و شهامتك دي تعملها مع أي حد غيري. 

أراد استفزازها أكثر فهذا أجمل بكثير من برودها الذي سيُصيبه بجلطة قلبيه ذات يوم

ـ عيب اوي واحدة تقول لجوزها الكلام دا. 


شروق بانفعال

ـ تاني هيقول جوزها! 


عمر بوقاحة

ـ هو احنا مش أثبتنا الموضوع دا فعليًا النهاردة ولا ايه؟


لم تكد تُجيبه حتى وجدته يضعها في الأريكة الخلفية للسيارة وهو يُعطيها غمزة عابثة أضرمت نيران الخجل في وجنتيها ثم توجه إلى مقعد السائق و توجه إلى المنزل ليقوم بإعادة فعلته مرة أخرى و كأنها راقت له كما راق له قربها كثيرًا، فقام بحملها وسط رفضها الذي لم تبخل به عينيها ولكنه لم يُبالي لذلك بل تابع حتى وصل إلى غرفتهم و ما أن أوشكت جميلة على الدلوف خلفهم فاجأها حين قال بخفة

ـ روحي اطمني على جدتك و تعالي. 


شعرت جميلة بالحرج و تراجعت على الفور بينما شروق كانت تغلي من الغضب و آثرت الصمت حتى تهدأ قليلًا و يتثنى لها التصرُف بحكمة، فقام بوضعها على مخدعهم دون حديث ثم انصرف إلى الداخل ليغير ملابسه و يخرج وهو يُدندن لحنًا غريبًا لم تفهمه ولا يهمها فقد كانت أفعاله تُثير حنقها يتصرف براحة و مزاجه في مكانه دون اعتبار لكل هذه الكوارث التي تسبب بها

أنهى جولته في الغرفة ليقترب ويجلس بجانبها وهو يقول بهدوء

ـ أنا كلمتهم عشان يجيبوا الغدا هتاكلي و تاخدي دواكي. 


زفرت غضبها بقوة قبل أن تقول بنبرة جامدة يشوبها التعالي

ـ لما تتعلم تقول أنا آسف ابقى تعالى اتكلم معايا. 


كعادتها دائمًا تنجح في جذب انتباهه و إثارة جميع حواسه دون أدنى جهد منها، و قد جعلها حديثه يقول باستنكار

ـ أسف ! دا مين اللي مفروض يقول كدا معلش! 


شروق باختصار

ـ انت 


عمر بتهكم

ـ ليه بقى؟


شرعت في سرد خطاياه وهي تقول بتعالي

ـ أولًا عشان تجاوزت معايا بالأفعال النهاردة الصبح، ثانيا عشان بسبب عمايلك دي وقعت و رجلي اتكسرت، ثالثا عشان تجاوزت معايا تاني و رايح جاي تشيلني من غير ما تاخد رأيي وووو


دكنت نظراته وهي تُحيط جمالها الهادئ والذي يخالطه الغضب فيُثير حواسه كرجُل مما جعله يُقاطعها بنبرة مبحوحة

ـ أولًا أنا مبعتذرش لحد و خصوصا لو ست، ثانيًا معملتش حاجه غلط اعتذر عنها، ثالثا لو طالبة معاكي اعتذار اوي. اخبطي دماغك في الحيطة.


برقت عينيها من وقاحته، وحين أوشكت على الحديث استطرد قائلًا بوقاحة

ـ خليكي فاكرة أن استفزازي له أثار جانبية أنتِ مش هتحبيها بس انا بقى بموت فيها. 


نجح في جعلها تلجأ إلى الصمت ولكن بداخلها الكثير من المشاعر المتضاربة ليُتابع بنبرة هادئة 

ـ الغدا هييجي. تاكلي و تاخدي الدوا و ترتاحي. 

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ♥️


★★★★


ـ الحقيني يا آسيا. عايزين يرموني تاني. 


هكذا هتفت غنى وهي تندفع إلى أحضان آسيا التي عانقتها بحنو تجلى في نبرتها حين قالت

ـ اهدي يا قلبي. محدش يقدر يخليكي تعملي حاجه غصب عنك. 


غنى بانفعال

ـ خالت مش ناوية على خير. دي بتقولي معاه عيلين يعني مضمون، و مُصرة اطلع اقابلهم. قال ايه بتقولي متصغريش ابوكي قدام الناس. اموتلها نفسي ولا اعمل ايه؟ 


ـ اهدي يا غنى شوية. أكيد في حل. 


كانت تتحدث بهدوء اغضب غنى التي صرخت بانفعال 

ـ أنتِ يا بت يا باردة انتِ حاطة أعصابك في تلاجة كدا ليه؟ بقولك هموت نفسي لو اجبروني اطلع! 


آسيا بتهكم 

ـ لا بصي هو أنتِ الأكيد انك لو طلعتي هتموتي دي مفهاش جدال! 


غنى بعدم فهم 

ـ يعني ايه؟ 


صمتت آسيا تتذكر ما حدث منذ قليل


ـ بتقولي ايه ؟ مين دي اللي متقدملها عريس! 


هكذا تحدث ياسر بغضب جعل آسيا تتراجع إلى الخلف وهي تقول بتهكم

ـ ايه يا ريس ما بالراحة في ايه؟ هيكون مين اللي متقدملها عريس! خالتي مثلًا! غنى اللي جايلها عريس وهي مش راضيه تطلع تشوفه فخالتو كلمتني اروح اقنعها. 


كانت الكلمات كالبارود الذي تفجر بصدره مُحدثًا آلام عظيمة لم يحتملها قلبه مما جعله يقول بهسيس مرعب 

ـ يعني في عريس هناك دلوقتي! 


ـ لا لسه هييجي الساعة تمانية. 


نظر إلى ساعته فوجدها تُشير إلى الخامسة فزفر بقوة و قد كان صدره يعلو و يهبط من فرط الغضب الذي تجلى في نبرته حين قال

ـ طب اسمعيني. تعملي المستحيل و اياكي تخليها تخرج تقابل حد. سامعه؟ 


آسيا بتخابُث غلفته بقلة الحيلة حين قالت

ـ ياسر انت بتقول ايه؟ ازاي و ايه الحجة اللي هنقولهالهم؟ ابسط حاجه تقابله و بعد كدا تبقى ترفض براحتها. 


نجحت في ايقاظ وحوش غيرته الكامنة بداخله ليهتف بوحشية

ـ تقابل مين دانا اقطم رقبتها. اسمعي اللي بقولك عليه و أنا هتصرف! 


عودة للوقت الحالي 


ـ بصي متشغليش بالك اقعدي و اهدي كدا وانا هفكر في طريقة نطرقه بيها من غير ما تطلعي. 


هكذا تحدثت آسيا بمهادنة لتحاول تهدئة غنى إلى أن يستطِع التصرف كما أخبرها و الحقيقة أنه كان كالثور الهائج الذي يود الفتك بالجميع حتى يهديء من نيرانه المُستعرة، فالحياة لم تُمهله الوقت ليرتاح ولو قليلًا لتفاجئه بلغم آخر أن تفجر بصدره هذه المرة لم يستطِع النجاة أبدًا ليتعالى صوت هاتفه مُعلنًا عن اتصال من عمر الذي ما أن أجاب حتى قال ياسر بجفاء

ـ لو فاضي تعلالي دلوقتي. 


عمر بقلق

ـ في ايه يا ياسر؟ مال صوتك! 


ياسر بتعب

ـ لما تيجي نتكلم. 


ـ أنا جايلك حالًا. 


اغلق الهاتف و ألقاه فوق مخدعه وهو يدور في غرفته كالطير الذي ينتظر الذبح في أي لحظة فلك أن تتخيل بشاعة هذا الشعور. 


في الأسفل تقدم يزيد إلى داخل المنزل لتقترب منه هيام قائلة بلهفة

ـ يزيد تعالى الحقني الله يباركلك. اخوك جاي وشه احمر شبة الكبدة و عنيه بتطق شرار و خد في وشه وطلع على اوضته من غير لا سلام ولا كلام. اطلع شوفه. انا هتجنن عليه. 


يزيد باستهجان

ـ ايه وشه احمر شبه الكبدة دي! ما تقولي شبه الطمطماية ايه تشبيهاتك المعفنة دي! 


برقت عيني هيام من بردوه لتهتف بصُراخ

ـ هو دا اللي فارق معاك يا أبرد من التلاجة. انت يا واد جايب التناحة دي كلها منين؟ 


يزيد بجدية

ـ الموضوع دا راجع للجينات. يعني مالوش علاقه بيا ولا صفة اكتسبتها. روحي حاسبي جدودك بقى. عن اذنك. 


هيام بانفعال

ـ أنت يا زفت. بطل هري و روح شوف أخوك ماله. 


يزيد بملل

ـ اكيد عرف أن قراية فاتحة غنى النهاردة. 


ضربت هيام على صدرها و هتفت بتحسُر

ـ يا مُري. يا وجع قلبي عليك يا ياسر. طب وانت عرفت منين؟


ـ الحاجة صابرين مسابتش حد مقالتلوش. الناس كلها بتتكلم. سيبيني اطلع بقى جاي من الجامعة مش شايف. 


هكذا تحدث يزيد بحنق ولكنها لم تكترث له بل هتفت بقهر

ـ الله ينتقم منك يا صابرين. حرقتي قلبه مرة و عايزة تحرقيه تاني.


توجه يزيد للأعلى وهو يُهاتف عمر الذي ما أن أجاب حتى قال يزيد بلهفة

ـ ها رد عليك؟ 


ـ ايوا رد عليا و فعلًا صوته تعبان اوي. انا حاسس أنه عرف حاجه فعلًا.

يزيد بغضب

ـ ماهو اكيد عرف. بقولك الناس كلها بتتكلم اومال انا كلمتك ليه؟ انت قريب منه يمكن يتكلم معاك أو يفضفض معاك. 


عمر باستفهام

ـ عمومًا انا جاي في الطريق. ادخل انت اقعد معاه على ما آجي يمكن يفضفض معاك ولا حاجه. 


يزيد بحنق

ـ عمره ما هيتكلم معايا. انا اخوه الصغير عمره ما هيبين نقطة ضعفه قدامي. انا عارف ياسر و عارف بقولك ايه. انما انتوا من سن بعض و قريبين لبعض. اكيد هيحكيلك. سرع بقى و تعالى انا قلقان من قفلته على نفسه دي، واوعى تقوله اني قولتلك حاجه سيبو هو يحكي. دي أيده مرزبة وانا مش ناقص. 


بعد مرور نصف ساعة صف عمر السيارة بجانب بوابة البيت الكبير ليتوجه رأسًا إلى القاعة الكبيرة التي يجتمعون بها دائمًا ليجد يزيد هناك والذي أخبره بأن ياسر في أعلى سطح البيت ينتظره هناك وقد وجده بالفعل يقف و ظهره للدرج وقد كان صوت تنفسه مسموعًا للحد الذي جعل عمر يُدرك مدى صدق حديث يزيد

ـ ايه يا ريس. عامل ايه؟ 


التفت ياسر إليه ليتفاجأ عمر من ملامحه المُكفهرة و عينيه التي تعج بالغضب فبدت حمراء تشبه الجحيم الذي يعيشه مما جعله يقول بجدية

ـ مالك يا ياسر؟


لم يستطِع سرد معاناته علنًا ولكنه قال بنبرة محشوة بالوجع

ـ لو قدامك اختيارين أهون حاجه فيهم الموت هتختار ايه؟ 


عمر بسلاسة

ـ هحكم عقلي و هو اكيد هينجيني. 


ياسر بألم

ـ للأسف النجاة دي هي انك تعيش تتعذب الباقي من حياتك.


ـ يبقى هركنه على جنب. هو وكل الاختيارات اللي مش عجباني واعمل اختيارات تانيه انا اللي اكون كسبان فيها. 


هكذا تحدث عمر بصدق قابله ياسر بالغضب حين قال

ـ حتى لو كرامتك و كبرياءك هما التمن! 


وصل إلى نقطة فاصلة تُشبة شيء يحيا بداخله وهو يحاول التملص منه بشتى الطرُق لذا قال 

ـ لا يا ريس انت كدا تحكيلي الموضوع بدل وصلنا للكرامة يبقى نفهم عشان نقدر نحكم.


ألقى بثقله فوق المقعد الذي يتوسط هذه الجلسة الهادئة المُحاطة بالورود و الأشجار التي قام بنفسه بزرعها حتى تُصبِح ركنًا آمنًا له بعيد عن كل شيء ثم بدأ في سرد معاناته بكلمات مُقتضبة تفي بالغرض لينتهي به الحال قائلًا بنبرة محمومة من فرط الألم

ـ أنا عارف اني مفروض اعمل نفسي مسمعتش و مشوفتش رسالتها وهي بتستنجد بيا واسيبها تختار لكن مش قادر. 


اندفعت ألسنة اللهب من بين نظراته و نبرته وهو يتابع قائلًا

ـ عقلي هيشت. لا قادر اسيبها و اتحمل نفس الألم مرة تانيه وانا بتخيلها مع غيري، ولا عارف اتصرف من غير ما اجي على كرامتي. مش عارف ارضي مين و الصراع دا قادر أنه يخليني اتجنن.


كانت حالته خير دليل على ما يخابره من ألم لذا قرر عمر أن يساعده دون أن يلامس الأمر أيًا من كبريائه أو كرامته. 

ـ كدا بقى تسمع مني ياريس. انت جدع وابن بلد والناس هنا بتحبك. بس جدعنتك و شهامتك دي زي ما هتخلي ناس تحبك هتخلي ناس تحقد عليك، وهما دول اللي ممكن يتكلموا عنك ويقولوا دا راح اتجوزها بعد ما اتجوزت غيره. طب هل دي ناس ينفع تعملها حساب! 


لم يُجيبه ليُتابع عمر طريقته لتخدير كبرياءه الذي يأبى الخضوع

ـ و بعدين تعالى هنا هو انت ليه دايمًا اللي بتدفع التمن لوحدك! 


ياسر بعدم فهم 

ـ يعني ايه؟ 


ـ يعني هي لازم تتحمل عواقب أفعالها معاك، و تدوق شوية من اللي انت دوقته.


ياسر بنفاذ صبر

ـ اشرح مش طالبه ألفاز.


ـ في الأول هنقول كلمة الحق اللي لازم تعترف بيها. البنت اتضحك عليها. اتعمل عليها تمثيلية قذرة وامها ضغطت عليها، و دي في الأول و في الآخر بنت والبنات هنا مدعوكة بصراحة. انا من بعد حوار أشجان دي وانا مُشفق على كل ما هو مؤنث في المكان دا. 


ياسر بجفاء 

ـ لا وأمها جايه تعترفلي. مفروض اقولها قبلت اعتذارك و جوزيني بنتك؟ ولا الحيوانة اللي عملت الفيلم الهندي دا. 


عمر باستفهام

ـ صحيح انت معرفتش هي عملت كدا ليه؟ 


ياسر بتعب

ـ لا، و كلمت هيام عشان تخليها تيجي في يوم تتغدى معانا و اقدر افهم منها من غير ما جوزها يحس و كل شويه تتحجج بس انا بقى هعرف بطريقتي.


عمر بتفهم

ـ ما علينا مش دا المهم دلوقتي. المهم ان دي نقطة تتحسبلها. نيجي بقى للي عليها و مفروض تسدده. انت راجل معاك فلوس و مقتدر و الدين قالك مثنى و ثلاث و رباع يعني تقدر تتجوزها و معاها تلاته غيرها محدش يقدر يفتح بقه ولا هي كمان. صح ولا انا غلطان؟


صُدِم ياسر من حديث عمر للحد الذي جعله يقول بحنق

ـ ايه العبط اللي بتقوله ده؟ 


عمر بجدية

ـ اسمع مني دا مش عبط. لازم تبقى اناني و تفكر في نفسك. هي استنجدت بيك وانا مش هتقدر تتحمل انها تكون لحد غيرك. يبقى تتجوزها. قدرت تكمل معاها خير وبركة. مقدرتش اهي مركونة في البيت زيها زي اي جلابية عندك مركونة في الدولاب و بتجيب غيرها جديد، وانت الف مين تتمناك، و بكدا تبقى ضمنتها ليك لوحدك و عايش حياتك بالطول و العرض. 


رغمًا عن استحالة تفكيره في انثى غيرها ولكن كان الأمر حُجة مُرضية لكبريائه الجريح فـ لاحت بوادر القبول على ملامحه قبل أن يقول باختصار

ـ هي فكرةبس... 


ـ مبسش. احنا نقطع عرق و نسـ.يح د.م، و نفض الليلة دي و تخلص و تشتري دماغك من كل الضغط اللي عليك دا. يا راجل دانا لو منك اكتب عليها فوري اكرامًا لزن هيام أختك عليك انك تتجوز.

هنا تدخل يزيد الذي كان يُتابع الحوار من بدايته ليُصدم ياسر من حديثه ثم تحولت صدمته للغضب الذي تجلى في نبرته وهو يقول

ـ أنت واقف هنا من امتى؟ 


تقدم يزيد ليجلس على المقعد بينهم وهو يلتقط ثمرة تفاح من الطبق الذي يتوسط الطاولة أمامهم وهو يقول 

ـ واقف هنا من امتى ايه ؟ إذا كان انا اللي باعت جايبه، ولو عايز رأيي تسمع كلامه بيقول كلام زي الفل مش لايق عليه أبدًا.


زفر ياسر بقوة قبل أن يقول بجفاء

ـ بس أنا مش هطلبها من أبوها تاني، قولتله كدا في وشه. 


يزيد بملل

ـ تطلب ايدها من مين! دا انت تطلبها في بيت الطاعة. اقطع دراعي من لغاليغو انك لو روحت دلوقتي لعمك محروق و قولتله غنى مراتي هتطلع غنى تقول دانا حامل منه كمان. 


قهقه على على حديثه و ابتسم ياسر قبل أن تلتمع فكرة مُذهلة بعقله جعلته يقول بمكر

ـ وماله. اما نشوف الست غنى هتعمل ايه؟ 


عمر باستفهام

ـ بتقول حاجه يا ياسر ؟ 


وجه ياسر استفهامه إلى يزيد قائلًا

ـ الحاج جابر تحت؟ 


ـ ايوا لسه جاي من شويه. 


نهض ياسر من مقعده متوجهًا للأسفل وهي يقول

ـ استنوني هنا.


بعد أن غادر ياسر تحدث عمر إلى يزيد قائلًا بتفكير

ـ بقولك يا واد يا يزيد. الواد ياسر اخوك دا طيب وانا نويت اخدمه.


يزيد بتهكم

ـ و ياترى ازاي ؟ مش كفاية الأراء الحقيرة اللي لسه قايلهاله من شوية.

عمر بملل

ـ يا أبني انا كنت برفع من عليه الحرج. عشان يتلحلح اومال أسيبه لما يتجلط! 

يزيد بتفكير

ـ نظرية بردو. طب قولي بقى ناوي تخدمه ازاي؟ 


قص عليه عمر ما ينتويه ليهتف يزيد باندهاش

ـ دا انت كدا هتدخل بيه هو الحرج في الحيط. دوس انا معاك.


توجه رأسًا إلى قاعة الضيوف ليجد جابر يقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم ليتربع بجانبه وهو يستمع إلى صوته العذب قبل أن يُصدق ليلتفت إلى ياسر قائلًا باستفهام

ـ خير يا ياسر في حاجة؟ 


ياسر بخشونة

ـ انت قولتلي قبل كدا اني زي ابنك، واني لو احتاجتك في أي وقت هلاقيك صح ! 


جابر بتأكيد

ـ و دي محتاجة سؤال يا ياسر! خير في أي قلقتني؟


ياسر باختصار

ـ محتاج منك خدمة.

حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله و إنا إلى ربنا لراغبون ♥️ 

★★★★


ـ يا غنى اهدي شويه. عنيكي ورمت من كتر العياط.


هكذا تحدثت آسيا إلى غنى التي هتفت بانفعال

ـ أحسن عشان عريس الغفلة لما ييجي يعرف اني مش طيقاه واني مغصوبة عليه وطالعه بضرب الجزمة.


كانت آسيا تنظر في ساعتها الي قاربت على الثامنة وهي تُتمتم بحنق

ـ راح فين دا و لا عمل ايه؟ على بال ما يتصرف هتكون البت راحت مننا.


دلفت صابرين إلى الداخل لتحتقن ملامحها بالغضب حين رأت غنى فهتفت بانزعاج

ـ هو أنتِ يا بت يا بومة عينك موجعتكيش من كتر العياط! الناس تقول عليكي ايه لما يشوفوا منظرك دا!

غنى بتوسل

ـ يا ماما ابوس ايدك اعتقيني لوجه الله. قوليلهم اني مش عايزة اتجوز. 


صابرين بحدة

ـ هتتجوزي، و هتفرحي زي كل البنات بس اعدلي خلقتك شكلك يقطع الخميرة من البيت.


منع حديثها صوت جرس الباب لتقول صابرين بصرامة 

ـ حالًا تدخلي تغسلي وشك و تلبسي احسن ابوكي لو اتجنن عليكي محدش هيقدر يحوشه. اشتري نفسك احسنلك. عقليها يا آسيا. 


آسيا بنفاذ صبر

ـ اعقل ايه وانيل ايه؟ هي مش عايزة تتجوز هو بالعافية. 


صابرين بسماجة

ـ اه بالعافية، و اتمسي انتِ كمان. 


أنهت جملتها و توجهت للخارج حين سمعت صوت مرزوق يُنادي عليها لتسقط غنى على الفراش باكية بعد أن شعرت بأن الجميع تخلى عنها، فحتى هو لم يُعير رسالتها اي إهتمام، فتهدلت أكتافها من فرط الحزن الذي جعلها ترفع رأسها إلى السماء قائلة بحرقة

ـ يارب انت العالم بحالي. يارب نجيني من اللي انا فيه.


في الخارج تبادل مرزوق السلامات مع ضيوفه و بدأ الحديث في أمور عدة ليعتدل الرجل الكبير المدعو رجب وهو يقول بوقار 

ـ ندخل في الجد بقى يا حاج مرزوق..


ما أن أوشك مرزوق على الحديث حتى تفاجيء برنين جرس الباب ليستأذنهم قائلًا

ـ معلش يا حاج رجب هشوف مين على الباب بس و اجيلك.


تقدم مرزوق ليفتح باب البيت و إذا به يتفاجيء بمجموعه من الرجال أمامه يتقدمهم جابر و رجلين لا يعرفهمَ و خلفهم أربعة آخرين لا يعرف منهم سوى ياسر و يزيد ليتحدث جابر بسماحة

ـ ايه يا حاج مرزوق مش هتقولنا اتفضلوا ولا ايه؟ 


تنحنح مرزوق قبل أن يتراجع إلى الخلف ليُفسِخ لهم الطريق للمرور وهو يقول بتلعثُم

ـ لا ازاي. اتفضلوا. اتفضل يا حاج جابر انت وضيوفك.


دلف جابر إلى الداخل و على يمينه خالد و على يساره رحيم و خلهم كُلًا من ياسر و كمال و عمر و يزيد ليتوجهوا الى غرفة الجلوس التي يجلس بها رجب و ابنه اللذان تفاجئا من كل هؤلاء الرجال الذين يظهر عليهم القوة و النفوذ فأخذا يتبادلان النظرات من مرزوق الذي كان في حيرة من أمره لا يعرف ما الذي أتى بهؤلاء الرجال إلى منزله 

كان جابر أول المتحدثين بعد أن تبادل السلامات مع الضيفين ليقول بنبرة ودودة

ـ ايه يا حاج مرزوق شكلنا جينا في وقت مش مناسب ولا ايه؟ 


مرزوق بامتعاض

ـ لا طبعًا البيت بيتك يا معلم جابر. بس كنت اديني تليفون قبل ما تيجي.


تجاهل جابر وقاحته و عاتبه بلُطف خوفاً من تهور أحد الحاضرين 

ـ و في حد بردو يستأذن قبل ما ييجي بيت اخوه! 


شعر مرزوق بالحرج من حديث جابر ليقول بتوتر

ـ لا طبعًا انا مقصدش انت تنورني في أي وقت. 


جابر بود

ـ دا نورك. اعرفك بقى بنسايبي. خالد بيه الوتيدي رئيس مجلس إدارة مجموعة الوتيدي، و كمال بيه الوتيدي المدير التنفيذي لمجموعة الوتيدي، العمدة رحيم الوتيدي عمدة كفر الوتايدة و الدكتور عمر الوتيدي و الدكتور يزيد الوتيدي و طبعًا الريس ياسر الوتيدي غني عن التعريف. 


كان ياسر في وادٍ آخر يناظر هذا الرجل الضخم الذي تجرأ و أتى لخطبة حبيبته. ليعض على شفتيه بوعيد إلى أن جذبت انتباهه يد خالد التي وضعت على ساقه قبل أن يهسهس بجانب أذنه بخفوت

ـ ابقى ابلعه لمانخلص اللي جايين عشانه و نمشي.


ياسر بوعيد

ـ أنت تؤمر يا كبير.


تدخل رجب قائلًا

ـ أنعم و اكرم. ما شاء الله والله عيلة تشرف بصحيح. طب مش تقولنا يا حاج مرزوق انك عازم قرايبك يحضروا القاعدة كنا جبنا قرايبنا.. احنا بردك عيلة مش قليلة، ولينا ناسنا اللي نتشرف بيها. 


أوشك مرزوق على الحديث ليقول جابر بمجاملة

ـ أنت قد الدنيا يا حاج رجب، و تشرف بلد طبعاً. دي زيارة عائلية كدا مكنتش مترتبة، و بعدين هو احنا جينا في وقت مش مناسب ولا ايه؟ 


رجب بلهفة 

ـ لامش مناسب ايه؟ دا هو دا الوقت المناسب. احنا جايين في خير و الطيبين دايمًا بيتجمعوا في الخير. 


تهكم يزيد قائلًا بخفوت

ـ ما شاء الله الراجل دا بيقول حكم والله الطيبين كلهم متجمعين في الخير اللي هينزل يرف على دماغه هو و ابنه. 


جابر باستفهام

ـ طب حيث كدا بقى اشركونا معاكوا..


رجب باندفاع دون أن ينظر إلى مرزوق الذي يكاد ينفجر من شدة الغيظ

ـ احنا جايين نطلب ايد بنتنا غنى لأبننا سعيد.


يزيد بتهكم 

ـ حزين مُستقبلًا.


ارتسمت عبارات الأسف على وجه جابر و كذلك الجميع ليقول بجفاء

ـ لا اهو كدا مش خير خالص يا حاج رجب.


رجب بصدمة

ـ ليه يا حاج جابر؟ 


تدخل مرزوق بغضب

ـ هو ايه اللي مش خير يا حاج جابر؟ 


جابر بمكر

ـ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا يخطُب أحدكم على خِطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذَن له)) ينفع تيجي تخطب خطيبة ابني! الريس ياسر! 


برقت عين رجب و ولده و كذلك مرزوق الذي خيمت على ملامحه الصدمة ليقول الأول

ـ ايه الكلام دا يا حاج مرزوق؟ هي بنتك مخطوبة؟ 


مرزوق بذهول

ـ محصلش. 


هتف جابر موضحًا

ـ الحاج مرزوق لسه ميعرفش و انا جاي النهاردة أنا و الرجالة عشان نتكلم معاه يا حاج مرزوق. انا هفهمك. طبعاً انت عارف ان بنتي غنى الحضانة بتاعتها قصاد الشونة بتاعتي انا والريس ياسر، و هو شافها هناك و قالي والله البنت دي عجباني ايه رأيك تخطبهالي.


تدخل سعيد قائلاً بلهفة

ـ اه وانا بردو عرفتها من هناك كنت بودي ابن اخويا الحضانة و شوفتها و عجبتني. 


برقت عيني ياسر من الغضب ليُشدد ياسر من الضغط على قدمه حتى يردعه من فعل أي شيء طائش و امتدت يد يزيد تُمسِك بكاس العصير ليقدمه إلى سعيد قائلًا بلهفة

ـ خد بل ريقك يا سعيد. احتمال تكون دي آخر حاجه تشربها في حياتك. 


تناول سعيد منه العصير ليُتابع جابر قائلًا


ـ وبما أن غنى بنت اخويا و بعتبرها بنتي قولتله استنى انا هفاتحها الأول في الموضوع و بعدين ارد عليك، و فاتحتها وأبدت القبول و قالتلي اكلم الحاج مرزوق بس حصل عندنا حالة وفاة و اتشغلت و مقدرتش اجي للحاج مرزوق. بس ادينا فيها. 

مرزوق باندهاش

ـ لا يا شيخ.


هتف سعيد بانفعال 

ـ بس أنا اللي دخلت البيت الأول. 


أوشك جابر على الحديث ولكن سبقه خالد الذي قال بنبرة جافة 

ـ أنت باين عليك راجل ابن بلد و بتفهم في الأصول و الراجل الطيب دا قالك أن البنت أبدت القبول. يبقى سواء دخلت البيت الأول ولا الاخير. خلصانه. 


التفت خالد ناظرًا إلى رجب وهو يقول بخشونة

ـ كدا ولا ايه يا حاج رجب؟ 


رجب بحرج

ـ عداك العيب يا بيه، و ألف مبروك. بينا يا سعيد.


لم يطول الأمر كثيراً إذ ودعهم مرزوق إلى باب البيت ثم تراجع إلى الداخل وهو يهتف بحدة 

ـ كدا بردو يا حاج جابر! دي الأصول تصغرني قدام الناس بالشكل دا؟ 


جابر باستفهام

ـ صغرتك فين بقى يا حاج مرزوق ؟ دانا جاي و جايبلك معايا رجالة العيلة بحالها تقرا فاتحة بنتك، و مش اي عيلة دي أحسن عيلة في البلد. 


تدخل رحيم الصامت منذ بداية الجلسة ليقول بصوت جهوري

ـ چرى اي يا عم مرزوج. انت بخيل ولا اي؟ فين الشربات يا راچل؟ و بعدين مالك متزرزر أكده ؟ هاتلي اي بيت في مصر كلها ميتمناش دخلة الوتايدة عليه ؟ روج كدا يا راچل احنا بجينا أهل.


كانت هيبته طاغية للحد الذي جعل مرزوق يهدأ قليلًا ولكن تجاهل ياسر له يُثير حنقه، فقد كان يجلس براحة ويعبث بهاتفه و كأنه يمكلك زمام كل شيء لذا قال بجفاء

ـ أنا هادي و كل حاجه. بس الكلام اللي الحاج جابر حكاه دا مع احترامي للكل مش داخل دماغي.


تدخل كمال قائلًا بملل

ـ طيب ماهي سهلة أسأل بنتك.


حين تفوه كمال بهذه الجملة اقترب ياسر يُتمتم بأذن خالد الذي اومأ برأسه قبل أن يقول بفظاظة

ـ و بالمرة نشوف عروستنا، و نعرف ذوق الريس يستاهل مجيتنا المشوار ولا ايه؟ 


رغمًا عن غضبه ولكنه كان يشعُر بالفخر كون هؤلاء الرجال أتوا لطلب ابنته و خاصةً حين رأى سيارتهم الفارهة أمام باب المنزل، ولكنه يجب أن يُعزز نفسه و ابنته أمامهم لذا نادى على زوجته لتجلب غنى إلى الخارج والتي كان تشاهد ما يحدُث في الخارج من خلف الستائر و هي تكاد أن تطير من الفرحة لذا توجهت إلى غنى التي تفاجئت من آسيا وهي تهزها بعُنف قائلة بسعادة غامرة

ـ فتحي عنيكي و ركزي معايا في اللي هقوله دا. ياسر بره طرق عريس الغفلة و طلب ايدك من ابوكي. 


غنى بصدمة

ـ ايه؟ 


آسيا بحدة وهي تهزها بعُنف

ـ لا فوقي كدا بدل ما اديكي قلم افوقك. كل اللي عليكي دلوقتي ان الحاج جابر لما يسألك هو طلب ايدك لياسر من فترة هتقولي اه حصل وانك موافقة. ركزي بدل ما تودينا في داهيه.


لم تكد تستوعب حديثها حتى قامت آسيا بجذبها لتغشل وجهها بالماء البارد وهي تُردد الكلمات على مسامعها ثم وضعت بعض لمسات خفيفة من الزينة فوق وجهها لتُخفي ذبوله، فبدت جميلة للغاية وهي تتوجه مع والدتها إلى الخارج لتلتمع عينيه دون وعي حين رآها تُطل عليه، فدق قلبه بعُنف و كأنه أبصر قطعة من الجنة التي يشتهيها بكُل جوارحه مهما انكر ذلك أو انصاع لكبريائه، فقلبه واقع لها و بقوة. 


ـ بسم الله ما شاء الله. والله وعرفت تنقي يا ريس. لا انا أكده أشهدلك.


هكذا تحدث رحيم بمرح ليُجيبه جابر قائلًا بحبور

ـ عندك حق يا عمدة. دي غنى أدب و جمال و أخلاق. ياسر عرف يختار بصحيح. تعالي يا غنى اقعدي. 


التفتت الى والدها الذي اومأ لها لتجلس إلى حيث أشار جابر الذي قال بود

ـ قوليلي يا غنى. مش انا طلبت ايدك لياسر من فترة وأنتِ وافقتي؟ 


كانت ترتعب من والدها و رغمًا عنها حانت منها نظرة خوف إليه لتندهش حين وجدته يُطمأنها قائلًا

ـ قولي يا غنى. متخافيش


اومأت برأسها بالموافقه وهي تقول بخفوت

ـ حصل. 

التفت مرزوق إلى جابر قائلًا بعتب

ـ بس أنا كدا ليا حق عندك يا معلم جابر. عشان مفروض تكلمني قبل ما تكلم غنى. عشان متحرجش مع الناس واديهم مواعيد و أنا مش عارف ان بنتي مخطوبة.


تدخل رحيم يحاول رفع الحرج عن جابر

ـ ما خلاص يا عم مرزوج متبجاش حمجي اومال. الراچل كان هيكلمك بس حوصول عنديه حالة وفاه بدل ما تجوله الباچية في حياتك. 


كمال باندفاع

ـ الباقية في حياتك ايه؟ احنا جايين نخطب. مش جايين نعزي. 


و هتف عمر بسخرية

ـ بقولكوا ايه انا هعزي يزيد وانتوا اتفقوا عالرفايع. 

التفت إلى يزيد وهو يمد يده قائلًا

ـ الباقية في حياتك يا يزيد يا ابني. 

صافحه يزيد وهو يقول 

ـ حياتك الباقية يا عمر ياخويا. 


شرع خالد في الحديث في الموضوع الأساسي قائلًا بفظاظة

ـ طيب يا حاج مرزوق. العروسة و اهي موافقه، و الراجل ووضحلك اللي حصل. خلينا نتكلم في المفيد. طلباتك؟ 


تنحنح مرزوق وهو يقول بسعادة حاول إخفائها 

ـ والله انا ماليش طلبات الحاج جابر عارف العُرف عندنا بيقول ايه وهو اللي يتكلم مش غنى بنته زي ما بيقول. 


تفاجيء الجميع حين تحدث لأول مرة قائلًا بخشونة

ـ بعد اذنك يا حاج جابر مهر غنى مليون جنية، و الشبكة اللي هتشاور عليها هجيبهالها، و الجهاز كله عليا، انا عايزها بطولها. 


لوهله شعرت بأنه خلق لها جناحين من فرط السعادة حين استمعت الى حديثه الذي جعل أعيُن جميع الحاضرين تلتمع من فرط الأنبهار، خاصةً والديها الذان لم يتوقعا حديثه أبدًا، وهنا تعاظم الذنب بصدر مرزوق كونه تسرع في الماضي و رفض هذا الشاب الذي بالرغم من كل شيء لازالت عينيه تلتمع بالحب تجاه ابنته لذا قال بنبرة يشوبها الندم

ـ كتر خيرك يا ابني. بس غنى بنتي ليها عليا حق، وأنا لازم اديهولها. 


ياسر بجفاء

ـ وانا مش همنعك تعمل اي حاجه لبنتك. لكن بيتي انا اللي هفرشه و مراتي انا اللي هجبلها حاجتها، ودا شيء مفروغ منه، و متخافش قيمتها هتتعمل احسن من أي حد.


اقترب يزيد من أن عمر قائلًا بخفوت

ـ أقوله يجهزني انا طيب؟ 


عمر بتقريع

ـ اسكت هتعرنا. هنبقى نلملك تبرعات. 


تحدث جابر بنبرة ودودة

ـ خلاص يا حاج مرزوق، مش هنختلف سيب ياسر يعمل اللي هو عايزه. خلينا في المهم. ياسر له نص البيت اللي احنا فيه، والبيت زي ما انت عارف كبير، وهو بإذن الله هيتجوز معانا لحد ما يشطب الدور اللي فوق و ينقل هو و مراته قولت ايه؟ 


ناظر مرزوق غنى التي كانت ترتجف من فرط الصدمات التي كانت تتوالى عليها فلم تنتبه لاستفهام والدها حين قال

ـ والله دا قرارها هي اللي هتعيش قولتي ايه يا غنى؟ 


كانت تخفض رأسها و تحتضن كفوفها تحاول منع ارتجافهم ليأتيها صوته الخشن حين قال

ـ ابوكي بيسألك يا عروسة. ايه رأيك تعيشي في البيت الكبير ولا عايزة شقة برا؟ 


بصعوبة بالغة استطاعت اخراج صوتها وهي تناظره بعينين تتوسل إليه أن يكون ما يحدُث حقيقة وليس حلم ستستيقظ منه على كابوس الواقع ليُعطيها نظرة مُطمأنة جعلتها تقول بخفوت

ـ موافقة على اللي تقوله عليه. 


جابر بسعادة 

ـ يبقى على خيرة الله. نقرا الفاتحة. 


شرع الجميع في قراءة الفاتحة و ما أن انتهوا حتى صدح صوت زغروتة قوية آتيه ج من الداخل استرعت انتباه الجميع ليهتف يزيد بتهكم

ـ ايه دا هو انتِ خلفتي حد غير غنى يا خالتي صابرين ولا ايه؟ 

صابرين بمرح 

ـ خلفت ايه بس يا يزيد دا آسيا انت تايه عن زغروطتها. يا آسيا. 


حين نطقت صابرين باسمها شعر وكأنها ألقت قنبلة موقوتة داخل صدره الذي انتفضت دقاته بعُنف وهو يتخيلها تطلق هذه الزغرودة القوية أمامه، فرفضت جميع حواسه التخيل، فكل شيء بداخله يشعُر بأنه يتعامل مع إمرأة مزدوجة الشخصية، وكل شخصية تمتلكها تعجبه بطريقة لم يعهدها من قبل. 

ـ اوبا آسيا هنا ! دي ولعت. 


انتبه الى حديث عمر إلى يزيد ليقول بغضب

ـ وانت مالك ومال آسيا؟ 


عمر بتهكم من فرط غضبه لم يلحظه 

ـ يا أبني دي الكراش بتاعتي. 


ـ أنت هتستهبل ياله. 


هكذا هتف بحدة قابلها عمر بالسخرية حين قال

ـ ايوا يا ابني. دانا حتى مكلم شروق تظبطلي معاها وهي وافقت. 


لم يكُن الوقت مناسب للحديث ولكنه لن يُمرره على خير أبدًا، و كعادتها نظرة واحدة منها تقلب جميع موازينه، فقد لاحظ جانب طيفها الذي يظهر من خلف الستارة وهي ترتدي هذه العباءة السمراء التي تُثير جنونه. على الرغم من أنها تتنافى مع هيئتها الكلاسيكية في الشركة وملابسها الراقية التي ترتديها، ولكنه بكل مرة يراها بها يشعر و كأنه يريد اختطافها إلى ابعد مكان في هذه الأرض ليرتشف حُسنها حتى آخر قطرة. 

كانت تنظر إليه في الخفاء ليُعطيها غمزة من عينيه اليُسرى فارتسمت ابتسامة خجلة على ملامحها قبل أن تغلق الستارة و كأنها أغلقت عليه نافذة من الجنة.


ـ بجولك ايه بينا احنا نسبج عايزين نتفج هنعمل ايه في الموضوع التاني ده؟


هكذا تحدث رحيم بجانب أذن خالد الذي اومأ برأسه قبل أن يتنحنح بخشونة وهو يقول

ـ طيب يا جماعه ألف مبروك و نستأذن احنا عشان ورانا معاد مهم. 


هكذا انتهت الجلسة ليُغادر الجميع و آخرهم ياسر الذي جذبته يد صابرين وهي تقول بامتنان 

ـ شكرًا عشان جبرت بخاطر بنتي و مخدتهاش بذنبنا. 


لم يعرف كيف يُجيبها، فأومأ برأسه دون حديث لتلتفت إلى غنى قائلة

ـ وصلي عريسك لحد الباب يا غنى. 


توجهت غنى بآليه خلفه إلى أن وصلت إلى باب المنزل فتوقف وكذلك هي لتناظره بعدم تصديق وهي تقول بخفوت 

ـ ياسر. 


دق قلبه حتى آلمته ضلوعه وقد كان يتوق إلى غرسها بين ذراعيه ولكنه أحجم نفسه بصعوبة فلم يهضم عقله ما حدث بعد ليُجيبها باختصار

ـ نعم..


تلعثمت الحروف بين شفاهها وهي تقول

ـ احنا. اقصد اللي حصل من شويه. يعني . انت جيت عشان…

قاطعها حين قال بخشونة 

ـ مينفعش تقوليلي محتجالك و مجيش حتى لو من اخر الدنيا.


تسارعت أنفاسها وهي تقول باستفهام يشوبه التوسل

ـ يعني أللي حصل من شويه دا كان بحق و حقيقي ولا؟؟


قاطعها حين قال بجفاء

ـ لا لعب عيال. 


هتفت بانفعال

ـ ياسر. 


تجاهل عذوبة ملامحها و روعة عينيها في هذه اللحظة و هتف بصرامة

ـ من هنا ورايح اياك المح طيفك برا باب البيت دا. 


غنى بصدمة

ـ ايه ؟ طب وهروح الحضانة ازاي؟ 


ياسر بحدة

ـ أهي الحضانة دي لو عتبتيها تاني عهدها فوق دماغك سامعه؟ 

غنى باعتراض 

ـ ياسر.. 


ياسر بصرامة 

ـ غنى اعمليلك قفلة. 


غنى باستسلام و نبرة أشبه بالبكاء 

ـ عملت. 


طالت النظرات بينهم و كأن كل منهما يتشرب ملامح الآخر، فقد اشتاقها كثيرًا للحد الذي جعل يديه تُغافله و تمتد لتلامس وجنتيها الحمراء بحنو ارتج له قلبها، ولكنه كان قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في خطأ جسيم أمام مرأى و مسمع من الجميع لذا تراجع و غادر دون أن يتفوه بكلمة واحدة. 

حسبي الله ونعم الوكيل ♥️ 


★★★★


صباحًا توجهت أخيرًا إلى مقر عملها بعد أن تخلصت من عبأ كبير أثقل كاهلها و وضعت حدود صارمة للتعامل مع هذه المرأة 


عودة لوقت سابق 


ـ الست هانم شرفت بعد ما حبست جوزها! ليكي عين تدخلي بيته وهو نايم عالبورش بسببك! يا بجاحتك.

هكذا هتفت مديحة بوقاحة ما أن رأت أشجان تتقدم و معها آسيا و الطفلان لتتقدم الأخيرة تنوي تلقينها درسًا قاسيًا ولكن أوقفتها يد أشجان التي تقدمت خطوتان من مديحة وهي تقول بنبرة صارمة

ـ صوتك ميعلاش عليا تاني لو مش عايزة تشوفي مني وش مش هيعجبك. 


مديحة بذهول 

ـ نعم! أنتِ بتقوليلي أنا الكلام دا؟ 


أشجان بجمود

ـ أيوا بقولك أنتِ، ومن هنا ورايح تعملي حسابك اني مش هسكتلك.


مديحة بسخرية

ـ ايه الهنا دا! القطة الخرسا طلع لها صوت و بقت تتكلم! 


أشجان بابتسامة مُستفزة و نبرة تحمل الوعيد بين طياتها

ـ و مش بس لسان! لا دا كمان طلعلها ضوافر و بقت تخربش، فخلي بالك بقى. 


مديحة بخسه

ـ قوليلي يا بنت رضا مسنودة على مين من البهوات اللي طبوا علينا زي القضا المستعجل، واللي موصيين على جوزك اللي ختمتيه على قفاه.


طالعتها أشجان باحتقار تجلى في نبرتها حين قالت

ـ أنتِ أيه؟ قوليلي مصنوعة من اية ؟ مفيش انسان في الدنيا نجي من سوء ظنك! القرآن اللي بتقريه و الصلاة اللي بتصليها ميخلوكيش عندك ذرة دين ولا ضمير يمنعك من قذف المحصنات! اتقي الله عشان والله هتشوفي مني وش وحش اوي، و على فكرة انا اللي حبست ابنك و دا عشان مد أيده عليا و تقرير الطبيب الشرعي هو اللي رماه في السجن مكان أمثاله. 


حديثها و نبرتها و نظراتها كلها أشياء جعلت مديحة تُدرك أن هذه المرأة الشرسة لا تُشبه أبدًا هذه الفتاة البريئة التي جاءت إلى بيتهم ذات يوم، والآن حولها الظلم والجبروت إلى أخرى نجحت في جعلها تشعُر بالخوف لذا تراجعت عن أسلوبها الفظ وقالت بعتب مُزيف

ـ كدا بردو يا أشجان! هانت العشرة للدرجادي؟ وماله. كل واحد بيعمل بأصله. 


كل ما فعلته أشجان هي ابتسامة ساخرة كانت تكفيها ثم التفتت تنظر إلى آسيا وهي تقول بجمود

ـ كلمي رؤوف يجيبلي حد يغيرلي كالون الشقة من النهارده محدش غريب هيحط رجله فيها. 


آسيا بشماتة

ـ من عيني. بس كدا. 


غادرت المرأتين إلى الأعلى و معهم الأطفال لتقف مديحة تناظرهم بملامح مبهوتة من فرط الدهشة. 


عودة للوقت الحالي 


أخيرًا استقرت في مقعدها خلف المكتب لتستمع إلى أوامر سلمى التي أخذت توزع المهام عليهم و قد كان هناك اجتماع بعد ربع ساعه وهي سترافقها لتدوين الملاحظات و الأكيد أنه سيكون على رأس طاولة الاجتماعات لذا أخذت نفسًا طويلًا وهي تحاول وضع حدود صارمة لقلبها الذي يدق دون أي وجه حق لذا رسمت الجمود فوق ملامحها وهي تقف بجانب سلمى تدون الملاحظات التي يُمليها عليهم، فقد كان حضوره طاغيًا بوسامته الفذة و ملامحه الخشنة و أيضًا هذه الهيبة التي تُحيط به تجعلها تشعر برغبة مُلحة في الهرب منه، ولكنه مازالت صامدة تحاول تجاهل كل ذلك وتقوم بعملها و ما أن انتهى وقت الاجتماع حتى زفرت بارتياح كونها ستهرب من بين براثن حضوره و أذا بها تسمع إلى صوته الآمر وهو ينادي باسمها

ـ أشجان. استني. 


تيبست أقدامها في الأرض قبل أن تلتفت إليه ليقول بجفاء

ـ اقعدي عشان نراجع الملاحظات اللي كتبتيها و عشان في حاجات هضيفها عليها. 


اغتاظت منه، فقد كان و كأنه يتآمر مع قلبها الغبي ضدها لذا توجهت إلى حيث أشار وقد احمر وجهها غضبًا، فخرجت منها زفرة حارة استرعت انتباهه ليقول بفظاظة

ـ هو ايه دا معلش! 


التفتت إليه بعد أن تبدل غضبها منه بلمح البصر إلى خوف كبير تجلى في نبرتها حين قالت

ـ ايه ؟ 


خالد بجفاء

ـ هو أنتِ بتنفخي ولا انا بيتهيألي؟ 


أخذت تهز برأسها يمينًا و يسارًا وهي تقول بخفوت 

ـ بيتهيألك. 

مظهرها جعل الحنان يغزو قلبه تجاهها ليقول بهدوء 

ـ طب يالا نبدأ. 

أخذ يُملي عليها ما يُريده مع مراعاة كونها لازالت مُبتدأه و الحقيقة أنه لم يكُن يحتاج إلى هذا العمل هو فقط أراد رؤيتها دون أن يضطر لإيجاد مُبرر لذلك، و قد لاحظت نظراته المُنصبة عليها لذا زفرت مرة أخرى فقال بتسلية

ـ هو انا ليه حاسس اننا مشغلينك هنا غصب عنك!


أشجان بحنق حاولت اخفاءه قدر الإمكان وهي تقول

ـ لا هو انا حاسه ان وجودي مالوش لازمة أصلًا!


خالد بفظاظة

ـ دا على أساس ان أنا راجل فاضي وجايبك نلعب سوى!


اجفلتها نبرته الجافة لتتراجع عن حديثها قائلة بخفوت

ـ انا مقصدتش.


شعر بتخبطها و ضيقها و مدى سوأ الوضع الذي يحول بينهم لذا قال باختصار

ـ اتفضلي على مكتبك.


غادرت و لم تلتفت إلى الوراء لتتنفس الصعداء حين افلتت من بين براثنه لتفاجئها سلمى التي مدت إليها أحد الملفات وهي تقول  

ـ الفايل دا عشانك يا أشجان. 


تناولته منها و همت بفتحه ليصدمها ما رأته.


لا إله إلا أنت أستغفرك ربي و اتوب اليك ♥️

★★★★


دلفت آسيا إلى مكتبها لتضع حقيبتها و تحضر دفترها حتى تشرع في عملها و إذا بها تستمع إلى جرس الهاتف الداخلي لمكتب كمال الذي أتاها صوته الغاضب وهو يأمرها

ـ حالًا تكوني عندي. 


تفاجئت آسيا من حديثه و هرولت إلى داخل غرفته لتتفاجيء حين جذبتها يديه القوية لتصدمها بالباب خلفها ليهوى على ثغرها بقبله كاسحة جمدتها بمكانها لثوان قبل أن تقوم بدفعه بكل ما تمتلك من قوة و رفع كفها تنوي صفعه فوق خده ولكن..

الخامس والعشرون من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1