رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الخامس والعشرون 

_ سامي باشا ممكن في نهاية حوارنا الممتع توجه نصيحة للشباب 
_ أكيد طبعًا ، النجاح مش سهل أبدًا ، عبيط اللي يفتكر النجاح هيجيله على طبق من دهب ، لازم تكون مغامر وشجاع ، والأهم من دا كله أن يكون قلبك سليم ونيتك طيبة ، والأهم أنك ما تنكرش فضل البلد عليك ، وزي ما نجحت فيها أخدمها  
_ حقيقي كلمتين من دهب ، شكرا لحضرتك يا سامي باشا نورتنا وأسعدتنا بوجود حضرتك معانا في ظل أشغالك الكتيرة ، نطلع فاصل  
قام سامي وصافح المذيع الذي أصر على أن يلتقط صورة معه ، ومن ثم خرج من القناة التلفزيونية صوب سيارته أسرع الحارس يفتح له الباب ما أن دخل ، مد السائق يده له بالهاتف ، أخذه منه ابتسم يتحدث بكل هدوء :
_ ما الأمر مارسيليو ؟
جاء صوت الطرف الآخر يتحدث يائسا :
_مار العابثة في أوج حالاتها غضبا ، حفيدي الأحمق يصر على إشعال نيرانها ، سام لا تدع مار تقتله ، إن حدث العكس أنت من ستحاسب 
ابتسم سام ساخرا قبل أن يجيبه:
_ لا تقلق لن تفعل ، ليس الآن على أقل تقدير ، أنا أُمسك بزمام العابثة جيدًا 
وجاء الرد من مارسيليو غاضبا للغاية :
_ سام هل وضعت يديك على مار ، أقسم أقطعها لك 
ضحك سام عاليا قبل أن يحرك رأسه للجانبين يردد ساخرا :
_ لست بأحمق لأفعلها سام ، على الأقل حتى ينتهي محفلنا الكبير ، لن أخاطر أن تحمل العابثة بين أحشائها طفلا في مهمتنا 
زاد نبرة صوت مارسيليو غضبا يتوعده :
_ سام لن تضع يديك على مار ، مار ستتزوج حفيدي الأحمق شئتم أم أبيتم جميعا
هنا توسعت حدقتي سام ذهولا قبل أن يردد مدهوشا :
_ أنت عايز مار تتجوز طه ، مار مش هتوافق أبدا على الكلام دا ، إزاي تفكر أصلا تجمع بين مار التعلبة بتاعتنا ، وحتة الدكتور الفاشل دا إحنا مستحملين وجوده عشانك يا مارسيليو 
جاءه الرد من الطرف الآخر بنبرة هادئة تقر أمرًا لا جدال فيه :
-أنا لا أفكر ولا أتناقش ، أنا أمر وينفذ الجميع دون جدال ، دع أمر مار وحفيدي إلى أن تنتهي صفقتنا حينها سأفعل ما أريد ، وداعًا سام 
وأغلق الخط نظر سام لشاشة هاتفه غاضبا مار تعلبته الذهبية ، الفتاة التي نشأت على يديه ستذهب لذلك الأحمق بكل بساطة لأن مارسيليو أمر ، هو لا يحبها ولكنه هو الأحق بها ، ليس ذلك الوغد المدلل حبيب جده ، ما يطمئنه إن مار لن توافق أبدا وسيضطر مارسيليو أن يرضخ لرفضها 
__________
جلست على الفراش تضم قدميها لها يتحرك جسدها للأمام والخلف ، الدموع تحفر وجنتيها حفرا وشاشة التلفاز أمامها تعرض خبر واحد ، خبر يُعاد ألف مرة ، خبر مقتل الضابط زياد ظافر أمام إحدى المستشفيات على يد رجل الأعمال بيجاد التهامي ، وصورة لزياد وهو ملقي أرضا غارقا في دمائه ، وضعت يديها على أذنيها تجحب الصوت من أن يصل إليها ، أغمضت عينيها تصرخ بصوت عالي تحاول أن لا تسمع أو ترى ، ربما يكن ما يحدث ليس سزى كابوسا بشعا وستسيقظ منه قريبا ، ارتمت على الفراش تضم ركبتيها لصدرها تغمض عينيها بُعنف فظهر أمام عينيها مشهد بعيد لليلة زفافها هي وزياد 
Flash back
ضحكت تلف ذراعيها حول رقبة زياد وهو يحملها يدلف بها لداخل منزلها ، دخل يدفع الباب بقدمه قبل أن ينزلها أرضا يتحدث باسمًا :
- أخيرا نورتي بيتك يا أحلى عروسة في الدنيا ، أخيرا اتجوزتك الحيوان مراد طفحني الدم عشان نوصل للحظة دي 
هنا بالتحديد ظهر صوت مراد من خلف الباب المغلق يتحدث يتوعده :
- سامعك وهجيبك ، افتح ياض الباب
أصفر وجه زياد فزعا التفت خلفه يفتح الباب فرأى مراد يقف أمامه يكتف ذراعيه أمام صدره يرميه بنظرة ساخرة ، ابتلع زياد لعابه يغمغم مرتبكا :
- أخويا حبيبي وعم عيالي ، أي رياح طيبة أتت بك ، دا أنا لسه سايبك من 10 دقايق
مد مراد يده في جيب سرواله يخرج هاتف زياد يدفعه له يغمغم ساخرا :
- نسيت موبايلي معايا يا أهبل ، وكويس أني جيت أدهولك عشان أسمعك بتقول عليا إيه في ضهري ، دا أنت يا صاحبي بالأمانة طلعت سد خانة وقفت يا اما جنبك وأنت مصمم على الندالة ، تعرف يا جزمة إني ممكن أنكد عليك ليلتك وأخد منك البت حياة ، بس أنا أجدع منك ومش هعمل كدة ، يلا غور من خلقتي ، لاء صحيح قبل ما تقفل هاتلي جوز حمام من عندك وإلا مش ماشي وهبات جنبك النهاردة
توسعت حدقتي زياد ذهولا ليحرك رأسه لأعلى وأسفل سريعا هرول للداخل يحضر له ما يريد ، أخذه مراد منه يردف ضاحكا :
- أوعى يكون عينك فيهم ، هاجي اطفحهولك لو جرالي حاجة ، يلا غور في داهية 
وعلا بصوته يردف :
- باي يا حياة 
ومن ثم تركهم ونزل ، دخل زياد سريعا يستند إلى الباب المغلق يتنفس الصعداء ، وهي تقف أمامه تكاد تسقط أرضا من شدة الضحك زفر زياد يردد حانقا :
- أنتِ بتضحكي عليا يا حياة طب تعالي بقى 
ضحكت عاليا تُمسك بطيات فستانها تهرول من أمامه
Back
عادت من لحظات سعيدة مضت على حركة أصابع تمشي على خصلات شعرها ، فتحت عينيها فرأت في المرآة الكبيرة المقابلة لها ، الشيطان الذي قتل زوجها يجلس خلفها يحرك أصابعه على شعرها ، وقد اطفء التلفاز 
قرب رأسه من رأسها ينظر لانعكاس صورتهم معا في المرآة ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه تنهد يتمتم سعيدًا :
- بصي شكلنا حلو مع بعض إزاي ، لو تبطلي عياط هيبقى شكلنا أحلى كتير ، انسيه يا حياة ، هو ما كنش يستاهلك ، ما حدش يستاهلك في الدنيا غيري ، ما حدش حبك ولا هيحبك في الدنيا قدي ، أنتِ ليا من أول نظرة وقعت عينيا عليكِ فيها 
هطلت دموعها بغزارة تحرك رأسها للجانبين ترفض ما يقول أغمضت عينيها تمنع نفسها من رؤية المشهد أمامه تهمس بحرقة :
- أبدا ، أبدا ، عمري ما هبقى ليك أبدا ، أنا هقتلك هاخد بتار زياد منك يا مراد 
سمعت ضحكاته العالية الساخرة قبل أن يقبض على ذراعها يجذبها بعنف فجاءة لتجلس على الفراش أمسك بذراعيها يردد ساخرا :
- طب بصيلي وأنتي بتهدديني وما تبقيش جبانة ، بصي يا حياة إحنا حياتنا اللي جاية مع بعض طويلة ، وطويلة أوي أنتي مش هتعرفي تخلصي مني ، فأنتي قدامك حل من اتنين يا تتقبلي حياتنا وتعيشي سعيدة ومبسوطة ملكة متوجة ، هحققلك كل اللي نفسك فيه ، يا تفضلي على حالك دا تبكي وتعيطي وتنوحي بس وأنتي جوا حضني ، لأنك مش هتخلصي مني ، فكري في كلامي كويس ، هجبلك الغدا 
وتحرك ناحية باب الغرفة فتح الباب وقبل أن يخرج لف رأسه إليها وابتسم يردف :
- حياتي ، أنتي من ساعة ما جيتي هنا وأنا ما لمستكيش ، بس أنا مش هصبر كتير يا قلبي ، هسيبك كام يوم تخلصي من حزني ، وتيجي لحضن جوزك 
وخرج وأغلق الباب تاركا إياها ترتجف ، ما أن خرج تحركت سريعا ناحية الشرفة سُتلقي بنفسها وتلحق بزياد وتتخلص من جحيم ما يحدث لها ، فتحت الشرفة لتجد قضبان من الحديد تغلق الشرفة بأحكام صرخت تحاول جذبه بعنف دون فائدة ، سمعت صوته يأتي من كل مكان حولها يتحدث بكل هدوء :
- ما تحاوليش يا حياة ، أنا مش هسيبك تموتي يا حبيبتي !!
________________
في غرفة مكتب حسن جلس حسن جوار جبران لا يجد ما يقوله ، ينظر لجبران بين حين وآخر يشعر بالشفقة على حاله والحزن على موت زياد ، أما جبران فكانت نظراته شاردة دموعه لا تجف ، صورة زياد لا تنزاح من أمام عينيه ، انتبه على صوت حسن يُخبره :
- الحمد لله أن الرصاصة ما جاتش في بيجاد ، كنت هتروح في ستين داهية ، وبعدين أنا مستحيل أصدق أن بيجاد يعمل كدة يا جبران ، كنت هتخسر صاحب عمرك ، أنا واثق أن الموضوع فيه إن 
لف جبران رأسه ناحية حسن ، بالكاد خرجت الأحرف من بين شفتيه يسأله :
- عرفت حياة فين ؟
 تنهد حسن متوترا قبل أن يحرك رأسه للجانبين مسح وجهه بكف يده يغمغم حانقا :
- هي لما بتطبل بتقفل من كل ناحية ، مالهاش أثر ، بس اللي عرفته من سيادة أن زياد قاله أن حياة اتخطفت ، بس 
قاطعه جبران حين هب واقفا يصرخ بصوت عالي :
- وليد التهامي اللي خطفها ، ورحمة أبويا واخويا لهدفعك التمن غالي أوي 
وقف حسن يحاول أن يهدأ من غضبه يردف سريعا :
- يا ابني وليد مات 
حرك جبران رأسه للجانبين يصرخ غاضبا:
- سفيان الدالي قالي 3 حاجات ، زياد اتضرب بالرصاص ، متهمين بيجاد ان هو اللي قتله ، وليد الأصل ووحيد الصورة ،ومن غير ما يقولي أنا عيشت مع وليد سنين عمره ما جاب سيرة أنه ليه أخ اسمه وحيد ، أنا هجيب حق أخويا من الكلب اللي اسمه وليد 
ودفع حسن بعيدا عنه وتحرك ناحية الباب ، قبل أن يفتحه ، فُتح من الخارج وظهر أحد الرجال رفع يده يضعها على كتف جبران يعزيه :
- البقاء لله يا مراد ، شد حيلك زياد كان عزيز علينا كلنا ، ادخل أنا عاوزك في كلمتين مهمين
_____________
وقفت في باحة المستشفى تُمسك في يدها مكنسة ، الغضب يملأ نفسها خاصة حين يمر من أمامها وتراه وهو ينظر إليها باستعلاء تارة واشمئزاز تارة أخرى ، بالكاد تمنع نفسها من أن تبرحه ضربا ، لو كان فقط يعلم أنها ماهرة في الألعاب القتالية أجمع لأغلق شفتيه خوفا منها ، انتبهت على صوت مألوف تعرفه جيدًا ، رفعت وجهها تنظر للتلفاز المُعلق أمامها فرأت سام في برنامج تلفزيوني ، مشهد اعتادت على رؤيته ، سام الضيف المميز في عدة برامج ولقاءات ، حتى أنه شارك عدة مرات في أدوار سينمائية قصيرة كضيف شرف ، وكل مرة كان يأخذ دور المنقذ الشجاع ، لا تعرف لمَ لم يأخذ دور الشرير قط ، انتبهت على صوت جوارها فرأت طبيبة تقف جوار زميلتها تنظر لشاشة التلفاز تنهدت تتحدث بنبرة حالمة :
- سامي الكيلاني ، تحسيه خارج من مسلسل تركي ، ولا رواية أجنبي ، أنا ما شوفتش كدة ، أدب وأخلاق ورجل أعمال ناجح ، دا أنا دخلت الفيلم الجديد الأسبوع اللي فات عشان عرفت أنه طالع دور شرف فيه ، وما شوفتيش بقى كان طالع بدور وكيل نيابة كان خطير عليه كاريزما ، لما خرجت من السينما شوفته كان بيحضر العرض ، روحت سلمت عليه يا نهار أبيض على الخجل كان بيسلم عليا وهو باصص في الأرض ولما طلبت أتصور معاه اتكسف أوي ووشه أحمر ، رقيق بجد وأخلاقه عالية يا بخت اللي هتتجوزه بجد ، يارب تكون أنا 
حاولت مار ألا تنفجر في الضحك وهي تسمع ذلك الحديث ، من ذلك المهذب صاحب الأخلاق النبيلة ، سام؟!  آه لو تعلم عن من تتحدث ، آه لو تعلم أن ذلك الرقيق هوايته المفضلة هي تشريح الجثث !! ، وهوايتها هي المفضلة قتل الجثث التي سيشرحها هو ، انتبهت حين شعرت بأحدعم يقف أمامها فجاءة ورأت الوغد طه يفعل ، وقبل أن تنطق تحدث يسخر منها :
- هي الهانم هتفضل تنضف قدام التليفزيون ساعة ، اطلعي نضفي مكتبي ، وعطريه كويس 
لا تملك رفاهية الرفض حركت رأسها لأعلى وأسفل تتحرك صوب مكتبه ، ترسم عدة خطط جميلة لقتله ، أو تعذيبه حتى الموت ، وصلت لمكتبه دخلت وأغلقت الباب وبدأت تنظفه ، سمعت صوت الباب يُفتح لفت رأسها فرأت طه يدخل للغرفة على شفتيه ابتسامة لعوب خبيثة 
لم تكن خائفة فهي قادرة على الدفاع عن نفسها ، ولكنها كانت مندهشة مما يفعل ، ويجب أن تُمثل دور الخائفة ، لذلك ابتلعت لعابها وعادت خطوتين للخلف ، ارتعش صوتها تهمس مرتعبة :
- في إيه يا دكتور طه ، أنت بتبصلي كدة ليه ، أنا قربت أخلص تنضيف المكتب وهخرج حالا 
ابتسم في هدوء قبل أن يخرج حقيبة يدها من خلف ظهره ، قطبت جبينها مستنكرة ما يفعل ، قبل أن يعلو بصوته أحد أفراد الأمن الذي يقف بالداخل ، جاء الرجل سريعا فمد طه يده له بالحقيبة يطلب منه:
- أنا شوفت الهانم بتحطي موبايلي في شنطتها وهي بتنضف المكتب ، افتحلي شنطتها كدة 
توسعت حدقتيها ذهولا ، فتح حارس الأمن حقيبتها ومد يده فأخرج هاتفه من حقيبتها ، الوغد القذر يُوقع بها ، علا بصوته ليسمع الجميع :
- الهانم الحرامية بتسرقني ، أنا أقولك اطلعي نضفس المكتب تسرقي الموبايل ، والكل شاهد ، ومنهم حارس الأمن اللي طلع الموبايل من شنطتك ، اطلعي برة لو شوفتك في المستشفى هنا تاني ، هوديكي السجن 
لفت رأسها لترى نظرات الجميع مصوبة عليها ، والكل يرميها بنظرات احتقار واشمئزاز ، هرعت تختطف الحقيبة من يد طه تركض لخارج المستشفى ، لأول مرة تنهمر الدموع من عينيها ، دموع حقيقية ليست تلك التي تتصنعها حين يلزم الأمر ، غشت الدموع عينيها تنزل بحرقة تعالت شهقاتها حتى باتت لا ترى الطريق أمامها ، رأت سيارة أجرة تقف أمامها ، فعلمت أنه هو فتحت الباب الخلفي ودخلت ، ارتمت بين أحضانه تبكي كما لم تفعل من قبل ، ضمها لأحضانه يقبل رأسها ، يمسح على شعرها برفق يهمس يهدئها :
- هدفعه تمن كل دمعة نزلت من عينيكِ ، هدفعه التمن يا حبيبتي ، اوعي تعيطي أبدا ، مش الحيوان دا اللي يخلي دمعة واحدة تنزل من عينيكِ ، اتفرجي أنا هعمل فيه إيه النهاردة حتى لو هقلب مارسيليو عليا ، المهم إني هدفعه تمن اللي عمله 
لم ترفع وجهها عن صدره تمسكت به كما لو كانت طفلة ضعيفة خائفة وهي لم تكن أبدا كذلك ، كل ما خرج من شفتيها جملة واحدة :
- كنت عايزة أصرخ وأقول أنه كداب ، بس اتخرست زي ما حصل معايا زمان ، ما قولتش أنه كداب وما حدش صدقني ، ما حدش صدقني !!
___________
الخبر الذي يُعرض أمامها على شاشة التلفاز أصعب من أن تصدقه ، كيف يُمكن أن تصدق أن زياد قد مات ، انتبهت حين فُتح الباب وظهر جبران ، نظرت إلى حاله الرث ، عينيه الحمراء ، ثيابه المبعثرة قبل أن تسأله مصعوقة :
- جبران أنت عامل كدة ليه ؟ هو زياد مات بجد ؟ الكلام دا أكيد كدب وزياد عايش مش كدة 
لم تحصل منه على رد تحركت ناحيته سريعًا تريد أن تعانقه ولكنها ما أن اقتربت منه ابتعد ورفض أن تقترب منه ، توسعت حدقتيها ذهولا أما هو فارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة معذبة يردد ساخرا :
- ابعدي عني ، اوعي تقربي من حد أذاكي ولا تحبيه أبدا 
تذكرت الجملة التي قالتها لوالدها ، أرادت أن تقل شيئا تبرر به ولكنه أنهار وبدأ يصرخ بجنون :
- أنا اللي عملت كدة في نفسي وفيه وفيكي ، أنا اللي أذيت الكل ، أنا اللي كان لازم أموت مش هو ، هو ليييه يموت ، ليه هو يموت وواحد زيي يفضل عايش ، واحد عمل كل مصايب الدنيا ، يارب يارب يبقى كل دا كابوس ، يارب اصحى الاقيني في بيتي مع أبويا وأخويا وأنا مش هسيبهم أبدا ، مش هبعد عنهم أبدا ، مش هكون السبب في موتهم 
انهمرت دموع عينيها وهي تراه في ذلك الحال ، اقتربت منه تعانقه رغم رفضه ما هي إلا لحظات وأنهار بين يديها يبكي بحرقة يردد اسم زياد بلا توقف 
_____________
وقف حسن جوار سيارته ينتظر خروج رُسل ومعها طفلها الصغير من قسم الشرطة ، أقترب منها ما أن خرجت ، يحاول أن يهدأ من روعها :
- مدام رُسل ما تخافيش ، بيجاد موقفه كويس جداا في القضية ، هو واضح أن في حد بيحاول يوقعه بس بإذن الله هياخد براءة
يعرف أن أغلب كذب ولكنه يجب أن يهدأ من روع السيدة المسكينة أمامه ، تحرك سريعا يفتح لها باب السيارة يتحدث برفق:
- اتفضلي معايا ، أنا قايل لبيجاد أنك هتشرفينا أنا وميرا أختي لحد ما يخرج بالسلامة 
بيجاد أخبرها بالأمر في ظل ما تشعر به من تخبط وحيرة وخوف كانت تحتاج لمن يقود الطريق وهي تتحرك خلفه دون تفكير ، تحتاج للنوم ، لأن يمر ذلك اليوم بأي شكل ، دخلت سيارة حسن جوار طفلها النائم وانطلقت السيارة ، كل منهما شارد ، حسن أخبر ميرا أن تنتظره في منزله يتمنى أن تكن سبقته حتى لا تظن رُسل به السوء ، ورسل أن تركت العنان لنفسها ستصرخ حتى تتقطع أنفاسها هي من طلبت من بيجاد العودة ليتها لم تفعل 
بعد مدة توقفت سيارة حسن ، نزل منها سريعا يفتح لها الباب قبل أن يفتح صندوق السيارة يُخرج حقيبة ثيابها يسبقهم لأعلى وصل عند باب الشقة يدعو في نفسه أن تكن ميرا بالداخل ما أن فتح الباب وجدها ولكنها لم تكن ميرا ، بل كانت أمل تقف في منتصف الصالة على شفتيها إبتسامة عريضة هرعت ناحية رُسل تعانقها تغمغم سريعا :
- رُسل يا حبيبتي حمد لله على سلامتك ، تعالي يا حبيبتي معايا أنا نضفتلك أوضتك ، ما تعيطتيش يا رُسل بيجاد هيطلع منها براءة ، مستحيل يكون قتل 
وتحركت بها للداخل ووقف حسن مكانه مدهوشا عينيه متسعة ، يتوعد لشقيقته الحمقاء ، ما هي إلا دقائق وخرجت أمل من الغرفة توجه حديثها لرُسل تغمغم سريعا :
- لاء طبعا مش هتنامي غير لما تاكلي ، من ساعة حسن قالي أنك جاية وأنا بعملك أكل تحفة هيعجبك جداا ، حسن واقف كدة ليه 
ادخل غير هدومك يلا على ما أحضر العشا !
_____________
خرج من المستشفى ليلا ، لا يعرف لمَ ولكنه شعر بألم ينغز قلبه حين خرجت تركض من المستشفى وهي تبكي ، زفر أنفاسه يخبر نفسه أنها تستحق ، وأنها بالطبع كانت تُمثل البكاء ، انتبه على صوت وصول رسالة لهاتفه من عدة كلمات « تجهز فالحفل قريبا » 
زفر أنفاسه يعيد الهاتف لجيب سرواله ، نظر أمامه فرأى سيارة سوداء تقف أمامه تعترض طريقه خرج منها عدة رجال ومعهم فتاة تبكي ، أشارت الفتاة له ما أن رأته تصرخ باكية :
- هو دا ، هو دا الدكتور اللي كان بيتحرش بيا 
توسعت حدقتيه ذهولا وقبل أن يقل ما يدافع به عن نفسه ، رأى ثلاث رجال ضخام الجثة يقتربون منهم في يد عصا غليظة !!

تعليقات



×