رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 

- إزيك يا وليد واحشني يا صاحبي ، عاش من شافك يا قذر 
قالها جبران وأنقض على وليد في لحظة أسقطه أرضا وجثم فوقه يُبرحه ضربًا ، تعالت صرخات المساعدة الخاصة بوليد هرعت للخارج تصرخ في الجميع ، هرع الموظفين إلى داخل مكتب مديرهم تكالبوا على جبران يجذبونه بعنف من فوق مديره في حين تحرك البقية ناحية وحيد يساعدونه ليقف ، وقف وحيد يمسح الدماء عن فمه وأنفه ينظر لجبران مصعوقا في حين ظل جبران يصرخ يحاول تحرير نفسه من يدي موظفينه ينظر لوليد يتوعده :
- ورحمة أبويا وأخويا يا وليد الكلب ما هسيبك ، إنت فاكر أن لعبتك الهبلة دي هتدخل عليا ، أنا أكتر واحد عارفك يا قذر ، قسما بربي لو حطيت إيدك على حياة لأقطعلك إيديك الاتنين ، مش هسيبك يا وليد 
أشار وحيد إلى موظفينه يطلب منهم بكل هدوء :
- طلعوا المجنون دا برة مكتبي وبلغوا الأمن أنه ما يدخلش الشركة تاني !
_____________
أيام عصيبة مرت ولكنها انتهت ، أمل بالأمس أخبرتها خبر جيد في ظل أيامها الحزينة الكئيبة ، عادت هي وحسن مرة أخرى 
ربما الأيام القادمة تُصبح أفضل للجميع ، لا تعرف لما تفعل ذلك ولكنها أن ظلت في المنزل تُقكر فقط ستُجن لذلك عليها إلهاء عقلها قليلا 
تركت صغيرتها لدى والدتها وتحركت إلى المستشفى حيث تعمل ، دكتور داغر طيب ويحبها كابنته لذلك سيقدر موقف تغيبها الأيام الماضية ، ما أن دخلت إلى المستشفى رأته يقف في الحديقة ، تحركت ناحيته سريعًا تبتسم تحييه :
- صباح الخير يا دكتور داغر ، أنا آسفة جداا على الغياب الأيام اللي فاتت بس حصل مصايب و..
ولكنها قبل أن تُكمل قطب داغر بين حاجبيه يسألها مستنكرا معرفته بها من الأساس :
- معلش أنا آسف ، أنتِ مين أصلا أنا ما أعرفكيش
توسعت حدقتيها ذهولا مما سمعت ظلت تنظر إليه دون أن ترمش ، ابتلعت لعابها تهمس متوترة :
- دكتور داغر حضرتك بتهزر صح ، أنا اشتعلت مع حضرتك هنا فترة طويلة ، حضرتك إزاي مش فاكرني ، وليا مكتبي هنا ، حضرتك عزمتني على الغدا في بيت حضرتك وجيت أنا وكايلا بنتي 
لم تتغير نظرات داغر المستنكرة مما يسمع منها بل يبدو أنه ازداد ضيقا مما تقول فتحدث بنبرة حادة جافة :
- إيه الجنان اللي أنتي بتقوليه دا ، أنتي لو تعبانة وعندك هلاوس دي مصحة نفسية نقدر نساعدك ، إنما أنا ما أعرفكيش ولا أعرف بنتك ولا أعرف الجنان اللي قولتيه دا كله ، اتفضلي مع السلامة 
لم تعد تعي شيئا كل ما حدث أنها خرجت من المستشفى تنهمر الدموع من عينيها ، ارتجف كف يدها تخرج الهاتف من حقيبة يدها تطلب رقم جبران ، لحظات وسمعت صوته اجهشت بالبكاء تترجاه :
  - جبران أرجوك أنا محتاجاك 
فزع حين سمع صوتها الباكي ، ليصيح فيها مرتعبا :
- في إيه يا وتر ، حد عملك حاجة ، طب أنتي فين وأنا أجيلك 
أخبرته أنه أمام المستشفى وهو بعيد للغاية عن مكانها لن يصل قبل ساعة ويزيد رفع كف يده يضعه فوق رأسه يغمغم سريعا :
- وتر اهدي أبوس إيدك ما ينفعش تقفي تعيطي في الشارع  خدي تاكسي وروحي على المعرض وأنا هحصلك حالا 
فعلت ما قال ، أوقفت سيارة أجرة تخبره بعنوان معرض جبران ، جلست على الأريكة الخلفية تستند برأسها إلى الزجاج المُغلق تقطر دموع عينيها ، نصف ساعة تقريبا إلى أن وصلت لمعرض جبران الجميع هناك يعرفها فلم يعترض طريقها أحد حين دخلت لمكتبه وأغلقت على نفسها الباب وارتمت على الأريكة تبكي بحرقة لمدة لا تعلمها ولكنها انتبهت على صوت الباب يُفتح ، وخطوات جبران وهو يهرول إليها ، جلس جوارها يشدها لأحضانه ارتمت على صدره تبكي بحرقة تتمسك بقميصه 
حاول أن يجعلها تتحدث عله يفهم منها ما حدث ولكنها ظلت تبكي ، فتركها حتى هدأت وبدأ سيل دموعها يجف ، رفعت وجهها إليها تبتعد عنه قليلا فاقترب هو يكوب وجهه بكفيها يمسح دموعها يسألها:
- مالك يا وتر ، حصل ايه يا حبيبتي للعياط دا كله 
أخبرته بما حدث في المستشفى ، لم يكن لديه تفسير لما فعل ذلك الطبيب العجوز الأحمق ولكنه تذكر حديث سفيان الغريب وهو في بيته وقبل أن يخبرها به قالت هي :
- أنا عارفة يا جبران أنت هتقول ايه ، سفيان السبب ، هو بشكل أو بآخر كان مسيطر على الدكتور عشان يشغلني عنده عشان يوقع ما بينا ، وهو فعلا كان بيوقع ما بينا كتير ، أنا بس صعبان عليا نفسي أوي ، كل اللي بيحصل في حياتنا دا كتير عليا ، كل ما أحس أنها بدأت تتعدل ألاقيها بتضلم أكتر ، أنا تعبت يا جبران بجد تعبت 
حط رأسها على صدره يضغط على كتفها بخفة تنهد يردف بنبرة حزينة باهتة :
- ما ضاقت إلا لتفرج يا وتر ، كله هيبقى تمام صدقيني أنا واثق أن اللي جاي أحسن ما تعيطيش تاني أبدا طول ما أنا موجود ، لو عايزة أروح أعلقلك الدكتور دا من قفاه عينيا لبنت الذوات
نمت ابتسامة خافتة حزينة على شفتيها تحرك رأسها للجانبين ترفض اقتراحه العجيب ابتعدت عنه فجاءة تسأله :
- هو صحيح أنت مش هتعمل عزا لزياد ؟
رأت عينيه تقتم ونظراته تحتد وفكه ينقبض قبل أن يحرك رأسه للجانبين يهمس بنبرة حادة :
- أنا مش هعمل عزا لأخويا قبل ما أخد بتاري من اللي قتله سواء كان بيجاد ولا وليد
هنا توسعت حدقتيها ذهولا ، وليد !!
هل وليد مازال حيًا ؟! ، إذا هو من اختطف حياة ، حياة المسكينة يجب أن يعثروا عليها في أسرع وقت 
______________
جلس أرضا في زنزانة صغيرة مُغلقة ، يستند للحائط خلفه ، هو وأفكاره فقط تحركت عينيه إلى النافذة الصغيرة التي تُدخل القليل من أشعة الشمس ليتنهد يبتسم ساخرا ، قتل الكثيرون ولم يستطع أحد أن يعتقله لم يره أحد من الأساس ، وحين أُعتقل ، أعتقل في جريمة لم يفعلها وكأن الحياة تسخر منه تنهد حزينا يبتسم ساخرا ، كان سابقا لن يهتم ولكنه الآن يفعل لديه زوجة هشة كالزجاج ، لا يريده أن يُكبر ويعاير بأن والده كان قاتلا ، يقسم أنه يخشى على رُسل أكثر من هزيم بمئة مرة ، انتبه حين فُتح الباب ودخل نفس الرجل يبتسم في وجهه يحادثه بنبرة هادئة :
- تعالى نفطر سوى 
_____________
تأخرت في النوم ولكنها استيقظت بين ذراعيه ذلك هو ما يهم أنها عادت لأحضانه من جديد ، تحركت عينيها الفيروزية على صفحة وجهه وهو نائم ساكن كطفل صغير برئ، وهو أبعد ما يكون عن ذلك في الحقيقة ، ضحكت بخفة تحرك إصبعها برفق على وجهه تتحدث بصوت خفيض :
- المعلم حسن ، فين أيام المعلم حسن 
فزعت حين خرج صوته فجاءة بلا مقدمات يحادثها عابثا :
- موجودة يا قلب المعلم حسن ، تحبي أطلعلك المطوة من تحت المخدة 
وفتح عينيه ينظر لها يبتسم عابثا لتصدمه على صدره تغمغم متضايقة :
- أنت صاحي يا سخيف ، قوم بقى يا معلم حسن اتأخرت على الشغل 
شهقت مصعوقة حين باغتها فجأة قام من جوارها يُمسك بذراعيها يرفعها لأعلى يُمسك بهم في أحد كفيه في حين أستل ماديته من أسفل الوسادة فتحها أمام وجهها ارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة ، توسعت حدقتيها تنظر له مصعوقة وهو يميل عليها يُمسك ماديته قبل أن تسأله هل جُن أم ماذا رأته يحرك ماديته على ذقنه بخفة يتناقش معها :
- أنا بفكر أستقيل أنا أكتشفت إني ما بحبش جو الظباط دا ، أنا هستقيل وأرجع بلطجي تاني ، ايه رأيك في الفكرة الحلوة دي ، بس لاء أنتِ كنتي قرفاني آخر قرف ، عايزة تتجوزي بلطجي ، يا بنت الحلال ابعدي عني ، لاء أنا بحبك ومش هتجوز غيرك يا حسن ، والفرح آخر الشهر يا حسن ، يا بت الحلال علامك أهم ، يولع العلام يا حسن أهم حاجة إنت يا حسن 
شخصت حدقتيها ذهولا الوغد ، صرخت في وجهه مصعوقة :
- أنا بردوا يا كذاب ، دا أنت لفيت ورايا زي الديب السحلاوي عشان أرضى أعبرك وأبص في وشك وأتجوزك 
ارتسمت ابتسامة قاتمة على شفتيه ينزل بنصل المادية يلامس به رقبتها ، توسعت حدقتيها ذهولا تردف سريعا:
- خير اللهم اجعله خير ، دا زي ما أكون كنت ناسية وافتكرت ايوة يا باشا أنا اللي كنت بجري وراك ، إنت ما تكذبش أبدا
ضحك ملأ شدقيه يبتعد عنها ، قفز من الفراش بخفة لف رأسه لها قبل أن يتحرك للمرحاض يردف :
- آه صحيح كنت هنسى ، هنروح النهاردة الساعة 9 عند الدكتور 
________________
قام من فراشه متأخرًا تحرك صوب شرفة غرفته الكبيرة يفتحها على مصرعيها وقف هناك عاري الصدر ينظر لحديقة منزله الكبيرة قطعة خضراء في قلب الصحراء ، تحرك إلى المرحاض اغتسل وبدل ثيابه وخرج جفف شعره وتحرك للغرفة المجاورة لغرفته دق الباب ولم يسمع رد ، فتتح الباب ودخل نظر صوب الفراش المبعثر الفارغ ، وقعت عينيه على الطاولة المجاورة للفراش فزم شفتيه متضايقا ، أمامه على الطاولة زجاجة نبيذ فارغة ، وبقايا مخدرات ، وتبغ ، وشريط عقار للمخدر الجديد الذي هم على وشك ضخه في السوق ، مد يده يُمسك بشريط العقار ينظر إليه غاضبا حين سمع صوت باب المرحاض يُفتح وخرجت هي ، نظرت له وابتسمت تتحدث بكل براءة :
- النوع الجديد دا هايل يا سام ، السوق هيكسب كتير 
تحرك إليها يقبض على عضدها غاضبا لأول مرة تراه غاضبا لتلك الدرجة ، فجاءة صرخ فيها :
- لا هايل ولا نيلة دا بيجيب زفت أورام وسرطان ، إياكي تاخدي منه تاني ، أنا مش هسمح لحد أنه يأذيكي يا مار ، حتى لو كان الحد دا أنتي نفسك فاهمة
وتركها ولكنه لم يغادر بل تحرك إلى شرفة غرفتها وقفت يستند بيده إلى حافة الشرفة ينظر للخارج حين شعر بها تقترب منه تحدث :
- أنا شاكك في طه ، أنا ما كنتش هدخله بينا لولا مارسيليو وتحكماته ، طه مش شبهنا ولا عارف يكون ، عندي إحساس أنه هيغدر دا إن ما كنش غدر ، ساعتها أنا بنفسي اللي هصفيه  ، تعالي معايا 
وتحرك للخارج نزل لأسفل وهي تتبعه إلى القبو ، ابتلعت لعابها تنفست الصعداء حين تجاوزوا غرفة سام الخاصة ، وتحركوا إلى غرفة أخرى دخل سام أولا وهي خلفه رأت رُجل تعرفه أحد رجال عصابتهم ، أشار سام إليه يتحدث ساخرا :
- يوم ما كنتي أنتي وطه في المطعم ، وفجاءة أتغير وبدأ يزعق فيكي كنت واثق أن في حاجة غلط حصلت ، عشان كدة ، بشكل أو بآخر عرفت أجيب تسجيلات كاميرات المراقبة ، ومين اللي دخل المطعم البيه طبعا هو اللي قال لطه على حقيقة أنك مار ، بس أنا مستغرب هو ليه ما واجهكيش لما عرف
عقدت مار حاجبيها لعدة لحظات تُفكر قبل أن تضحك ساخرة تردف :
- أقولك أنا ليه بقى ، عشان طه رغم أننا شايفينه غبي إلا أنه عنده لسه نسبة ذكاء ولو قليلة ، طه لو كان كشفني يبقى أكيد إحنا هنغير الخطة وهنقلق منه ، إنما هو تعمد يستفزني ويحرجني مرة واتنين وتلاتة عشان الغضب يعمي عينيا وأغلط ، ويوقعني ، تصدق فعلا عندك حق طه غدر ، بس سمسيمو حبيبي مش هينفع تصفيه عشان دا هيبقى جوزي ، لما أخد حقي منه ، وأجننه من اللي هعمله فيه ، ساعتها تقدر تقتله وتشرحه وتعمل كل اللي نفسك فيه !!
____________
مراد صديقه الذكي ، أو الذي يظن نفسه ذكيا دخل لقصره البعيد ، صعد لغرفتها فتح الباب فرآها كما هي تبكي تضم ساقيها لجسدها ترتعش ، نظرت له كارهة ما أن رأته تصرخ فيه :
- أنت مش طبيعي إنت مريض مجنون ، إنت هتموت بشكل وحش أوي ، حتى دود الأرض هيتقرف ياكل من لحمك يا قذر 
ضحك عاليا يستفزها :
- ما اعتقدش إني هموت موتة أوحش من اللي ماتها زياد حبيب القلب ، وبعدين ما تنكديش عليا يا روحي بعد ليلة إمبارح الحلوة 
الوغد المخنث ، شيطان الإنس الذي سُلط عليها قصرا ليدنس حياتها ، نظرت إليه باشمئزاز كل ذرة بها تحترق من الألم ، ألا أنها أدركت أمرا في غاية الأهمية الوغد أمامها يتلذذ برؤيتها تصرخ وتبكي ، لذلك ابتسمت في هدوء تحادثه باشمئزاز :
- تعرف أنت حقيقي صعبان عليا ، أنت شخص مختل مريض هتعيش لوحدك وتموت لوحدك 
غضب بشدة من كلماتها ، تحرك ناحيتها يقبض على ذراعها يجذبها بعنف من الفراش من الجيد أنها اغتسلت وارتدت ثيابها قبل أن يأتي جذبها للخارج إلى حيث الكابوس ؛ الغرفة التي تحتوي على صندوق الأفاعي ، فتح الباب ودفعها للداخل التصق وجهها بزجاج ولكنها لم تصرخ تلك المرة ، بل تحركت عينيها مع حركة الأفاعي داخل الصندوق ، تشعر بالشفقة عليهم
تعجب حين طال صمتها حتى أنه ظنها فقدت الوعي ولكنها بدأت تتحدث :
- تعرف أنا حقيقي صعبان عليا التعابين دي محبوسين زيهم زيي ، حتى لو رمتني ليهم وقتلوني ، هيقتلوني عشان دي غريزتهم اللي اتخلقوا بيها ، هما ما بيعملوش حاجة غلط ولا حرام ، على عكسك خالفت غريزة كل البشر وبقيت مسخ شيطان ما عندوش مشاعر 
التفتت له وابتسمت تتحدث بكل هدوء :
- افتح الباب ودخلني ، على الأقل هتبقى عملت حاجة كويسة هتوديني لزياد !!
أحمر وجهه من الغضب لا يفهم ما بها هل جُنت وهو لا يعلم ، انتفخت عروقه غضبا كاد أن يصرخ فيها ولكنه ابتسم في اللحظة الأخيرة يتحدث ساخرا :
- مش هيحصل هتفضلي عايشة غصب عنك ، واضح أن الوحدة جننتك بس ما تقلقيش خالص أنا هجيب اللي تسليكي ، آه صحيح دا أنا نسيت أقولك قريب أوي القصر دا هيتملي ضيوف ، رُسل أختي حبيبة أخوها وهزيم ابنها ، ورزا الجميلة هي وبنتها حقيقي مش فاكر اسمها إيه ، ووتر مرات مراد وكايلا بنتها ، وساعتها هوقفك مكانك تتفرجي عليهم واحدة واحدة وهما بيترموا في الصندوق !!!!
_____________
في شقة حسن 
دخلت أمل غرفة رُسل نظرت إلى حالها الحزين تتنهد متوترة لا تعرف كيف ستخبرها أن عليها الذهاب وتركها ، تشعر بأنها ستكون معدومة المشاعر أن فعلت ، انتبهت فجاءة حين نظرت رُسل إليها وابتسمت في هدوء وقالت :
- روحي يا أمل ، شكلك عايزة تخرجي ومكسوفة تقولي ، روحي ما تحسسنيش إني ضيفة رخمة 
ابتسمت أمل تحرك رأسها للجانبين سريعا اقتربت منها سريعا تعانقها تردف :
- أوعى تقولي كدة أنتي مش ضيفة أصلا ، البيت بيتك يا رُسل ، أنا بس نفسي أحمل أوي، نفسي أجيب لحسن طفل 
ابتعدت رُسل عنها قليلا تبتسم في وجهها بخفة قبل أن تتحدث :
- إن شاء الله يا أمل ، ما تيأسيش أبدا دا أنتي حتى اسمك أمل ولا ايه ، يلا روحي يا حبيبتي عشان ما تتأخريش 
ودعتها أمل ونزلت إلى أسفل حيث ينتظرها حسن ، ما أن دخلت إلى السيارة التقطتت أنفها رائحة غريبة مقززة مثيرة للغثيان ، قطبت جبينها تتلفت حولها قبل أن تنظر ناحية حسن تسأله مستنكرة :
 - إيه الريحة الغريبة دي يا حسن ، في ريحة مقرفة أوي في العربية ، إنت حاطط عصير برفان بايظ 
ضحك قبل أن يحرك رأسه يائسا يردف ساخرا :
- في حاجة في الدنيا اسمها كدة بذمتك ، عليكي مصطلحات غريبة
سكتت ولكن الرائحة الغريبة لازالت تخترق أنفها ، فتحت النافذة المجاورة لها تحاول أن توجه كامل تركزيها للخارج حتى لا تختنق من تلك الرائحة البشعة
أوقف حسن السيارة أسفل عمارة سكنية في منطقة راقية يعلوها لافتة خُط عليها اسم ( حسام خالد ) طبيب أمراض النسا والتوليد والحقن المجهري وأطفال الأنابيب وعلاج العقم
خرج من السيارة يفتح الباب المجاور لأمل ، أمسك بكف يدها يصعد لأعلى وعلى عكس المتوقع وجد العيادة فارغة ، قطب جبينه مستنكرا   توجه ناحية مكتب المساعدة يسألها :
- هو الدكتور مشي ولا ايه ؟
حركت الفتاة رأسها للجانبين تجيبه بنبرة عملية بحتة:
- مواعيد العيادة من الساعة 4 للساعة 9 ، آخر كشف كان من ربع ساعة ، بس الدكتور منتظر حالة هو حضرتك أستاذ حسن ؟
حرك حسن رأسه لأعلى وأسفل لتبتسم الفتاة قامت من مكانها تتحدث سريعا :
- ثواني أبلغ الدكتور 
اختفت الفتاة خلف الباب المغلق أمامها فمالت أمل على حسن تهمس له :
- ايه الدكتور الغريب دا ، أنا أعرف أن دكاترة النسا كلهم بيبدأوا الكشف بليل 
رفع كتفيه لأعلى لا يعلم ، لحظات وخرجت الممرضة تشير لهم بالدخول :
- اتفضلوا 
أمسكت أمل بيد حسن متوترة فابتسم يطمأنها ، تحركوا لداخل غرفة الكشف هناك حيث رأوا شاب في أواخر الثلاثينات تقريبا يجلس خلف مكتبه ، عقد حسن جبينه مدهوشا ما أن رآه الرجل يشبه أبيه بشكل مرعب ، انتبه على صوته يتحدث :
- اتفضلوا اقعدوا ، اتفضل يا حسن باشا ، اتفضلي يا مدام 
جلس حسن وأمامه أمل فابتسم حسام يخلع النظارات عن عينيه وضعها على المكتب يضغط على أنفه بإصبعيه يتمتم ضاحكا :
- والله عارف أني شبهه، إنت مش أول واحد يتنح لما يشوفني 
ضحك حسن بخفة يحرك رأسه لأعلى وأسفل ، قبل أن يوجه حسام تركيزه ناحية أمل يسألها عدة أسئلة خط أسماء عدة تحاليل على سطح الورقة قبل أن يقف تنهد يتحدث :
- سارة كانت هي اللي بتعمل السونار بس هي لسه ماشية مع آخر كشف ، فمعلش إحنا مضطرين أعمل أنا السونار 
تمددت أمل على سطح الفراش وحسن يقف بالقرب منها وعيني حسام لم تنزاح عن شاشة الجهاز أمام عينيه ، قطب جبينه فجاءة أزاح الماسح من على بطن أمل قبل أن يعيده من جديد فانعقد جبنيه من جديد حرك رأسه صوب حسن يسأله :
- هو أنت كنت مسافر الفترة اللي فاتت ؟
عقد حسن جبينه مستنكرا سؤاله حرك رأسه للجانبين حمحم يردف :
- لاء بس أنا والمدام كان في بينا خلافات وكنا بُعاد فترة يعني حوالي شهر ونص 
همهم حسن قبل أن يردف ضاحكا :
- آه عشان كدة ما خدتش بالك ، ما أنت لو كنت موجود كانت قرفت من ريحتك ورجعت كل ما شافت خلقتك ، زي أي ست أصيلة في بداية الحمل ، المدام حامل تقريبا في شهرين وزيادة يا حسن باشا ، صحصح يا حضرة الظابط 
توسعت حدقتي حسن ذهولا في حين تجمدت أمل مكانها مصعوقة نظرت لحسن ومن ثم إلى الطبيب تسأله مدهوشة :
- هو حضرتك بتتكلم بجد ؟!
ابتسم حسام في هدوء يحرك رأسه لأعلى وأسفل دفع نظارات عينيه للخلف قليلا يسألها بكل جد :
- أنتي مالاحظتيش أن الدورة الشهرية متأخرة
حركت رأسها للجانبين اعتدلت قبل أن تحمحم تهمس بنبرة خفيضة :
- لاء بصراحة أصلها في الطبيعي مش بتيجي بانتظام 
تنهد حسام يائسا يخلع النظارات عن عينيه نظر لأمل وابتسم يحاول أن يتحدث بهدوء :
- عارفة يا مدام أمل الجملة اللي حضرتك قولتيها عادي أوقات كتير بيبقى وراها مصايب ، تكيسات مبايض ، مقاومة انسولين ، أو بعد الشر أورام أو سراطنات ، فرجاءً ما تستهونيش بالموضوع تاني يا مدام أمل
ومن ثم ابتسم يتحدث سعيدا :
- خدوا بالكوا أنا اللي بشرتكوا بالجنين فمن حقي يتسمى حسام على اسمي 
- أمل أنتي حامل بجد !!
غمغم بها حسن مصعوقا يبدو أن تدارك المفاجأة توًا ، رفع حسام حاجبيه يردد ساخرا :
- ايه يا عم حسن ، إنت كنت بتحلم ولا إيه 
صباح الفل
تحرك حسن سريعا وقف أمام أمل أمسك بذراعيها ينظر لوجهها يردد سعيدا بلا توقف :
- أنتي حامل يا أمل ، حامل !!
عقد حسام جبينه مستنكرا ما يحدث ، قام يبتعد عنهم أخرج الهاتف من جيب سرواله يطلب رقم والده :
- ايوة يا بابا ، هو الظابط اللي عندك دا ، بيهنج ساعات ، يعني لما بيعلق بتعمل ايه ، طب بتشتم ليه يا حج ، مش كفاية مكدرني كان زماني دلوقتي بتحرش بالبت سارة ، بتشتم تاني متشكر يا حج ، أنا جايلك والله ما تتعب نفسك ، ما عنديش مشرحة في العيادة يخزنوا فيها جثتي 
_________________
في شقة حسن حيث تمكث رُسل ، دق الباب مرة وأخرى ، حين نظرت من الثقب الصغير في الباب رأت أحد أفراد الشرطة يقف بالخارج فتحت الباب سريعا ، فرأت أحد العساكر الذي تحدث سريعا ما أن رآها :
- حضرتك مدام رُسل مجدي التهامي ، حرم الاستاذ بيجاد محمد التهامي ؟
حركت رأسها لأعلى وأسفل سريعا ، فتحدث العسكري من جديد :
- طب ممكن حضرتك تتفضلي معايا ، أستاذ بيجاد ظهرت براءته 
توسعت حدقتيها فرحا تضاربت دقات قلبها من الفرح تحرك رأسها سريعا نزلت دموع عينيها تتحدث سريعا :
- حاضر حاضر ، الحمد لله يا رب ، الحمد لله ، هزيم تعالى يا حبيبي هنروح لبابا !!
___________
يوم طويل شاق ممل انتهى أخيرا ،أكثر ما يضايقه أنه يشتاق إليها ، يشتاق للفتاة التي أحبها ، لا المخادعة التي لعبت بقلبه ، أشتاق لصبا لا لمار ، تنهد بعمق يفتح باب منزله بالمفتاح الخاص به ، دخل يرتمى على أقرب مقعد يُغمض عينيه متعبًا ، انتبه يفتح عينيه فجاءة على صوتها تحادثه ضاحكة :
- برافو يا طه ، حقيقي أنت ذكي 
فتح عينيه سريعًا فرأها تقف أمامه مشهدها غريب ثيابها ممزقة بشكل بشع عليها بقع دماء، وجهها يلطخه الكحل الأسود ،عينيها حمراء ، خصلات شعرها مبعثرة ، حول معصميها حبل يلتف ممزق من نهايته ، وقبل أن يأتي أي رد فعل فتحت باب الشقة وبدأت تصرخ تستغيث بالناس تتوسلهم أن ينقذوها من الوغد ، ما أن سمعت صوت الخطوات ارتمت بعيدا تضم ساقيها لها تبكي بحرقة ولسوء حظ طه كان جبران أول من وصل على صوت الصراخ هو وتر ، نظر جبران للمشهد أمامه مصعوقا ، أما وتر فهرعت إلى المسكينة التي تمسكت بها تبكي بحرقة تصرخ مذعورة :
- الحقيني والنبي ، خطفني امبارح واغتصبني وربطني في السرير أنا عرفت تلك نفسي وهو مش موجود ، بس هو جه تاني ، عشان يغتصبني تاني والنبي وديني عند أمي أبوس إيدك !!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1