رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل التاسع والعشرون والاخير
صدمة ما سمعت منه جمدتها مكانها الوغد القذر يريدها أن تتعرى أمامه لن تفعل ذلك أبدا حتى وإن قتلها ، ولكن الكارثة هي كايلا لن تدعه يؤذيها ، حاول أن تبدو أكثر ثباتا تحادثه بنبرة حادة :
- وليد اللي أنت بتعمله دا مالوش داعي ، عشان أنت عارف إن أنا مستحيل أعمل كدة ، أنا مش عاهرة ، وخطفك ليا من البداية مالوش داعي عشان الماضي خلاص اتقفل من سنين ، أنت كدة بتفتح على نفسك نار جهنم من تاني ، ما تهدش الفرصة التانية اللي جاتلك يا وليد
حرك وليد رأسه لأعلى وأسفل قبل أن يهمهم ابتسم يسخر منها :
- امممم فهمت أنتي بتطبقي عليا إحدى نظريات علم النفس يا دكتورة وتر ، بس أحب أقولك أنك دكتورة فاشلة لأن أنا ما اقتنعتش بولا كلمة قولتيها ، ويلا يا وتر ما تضيعيش وقتي أنا مش هغتصبك ما تخافيش ، أنا بس هدمر كبريائك وعزة نفسك ، وهبعت الصور لميرو صاحبي حبيبي
ومن ثم ابتسم يريح ظهره إلى ظهر المقعد يردف :
- مراد صديق عُمري ، صحيح كنت بغير منه وبحقد عليه وحاولت أقتله وخليتهم شوهوه ، بس دا ما يمنعش أن بينا لحظات مميزة بجد ، هقولك أنا ، مراد دا كان زير نسا كان عندنا إحنا ال3 نايت في إيطاليا ، كان ليه أوضة فيه مخصوص ، بيدخله فيها أحلى البنات كل ليلة ، وسمعت بردوا أن كان في رجالة بتدخله الأوضة بس ما شوفتش بعيني عشان ما أبقاش بظلمه دي أعراض بردوا
توسعت حدقتي وتر ذهولا ما يقوله مستحيل ، ذلك الوغد يحاول التلاعب بها ولن تسمح له زادت من احتضان الصغيرة لها حين شعرت بها بدأت تصحو ، وقبل أن تجد شيء ما تقوله وقف هو عن مكانه فجاءة وصرخ فيها :
- كفاية رغي ، يلااا
انتفضت تحتضن صغيرتها تحرك رأسها للجانبين ترفض ، اقترب منها عينيه لا تنوي خيرا أبدا ، في اللحظة التالية فُتح الباب ودخلت حياة وقفت أمام وتر تحميها منه تصرخ فيه :
- ابعد عنها يا مريض ، أنت مش طبيعي ، أنت لازم تموت بقى ، أنت ايييه شيطان
رأت كيف أشتغل وجهه غضبا في اللحظة التالية كان يهوي بكفه على وجنتها بعنف ، من عنف صفعته التف وجهها ونزفت شفتيها الدماء ، انتفض هو يهرع إليها يحتضن وجهها بين كفيه يغمغم متوترا قلقا :
- عاجبك كدة يا حياة معلش ما كنش قصدي اضربك ، تعالي يا حبيبتي تعالي
وجذبها إليه يعانقها رغما عنها وهي تصرخ فيه تتخبط بين يديه بعنف وهو يحتضنها ووتر تنظر لما يحدث في ذهول
______________
هناك في قسم الشرطة في مكتب حسن ، سترى حسن ومعه عُمر وجبران ، دُق الباب ودخل العسكري ومعه بيجاد الذي ما أن رأى حسن هرع إليه يقبض على تلابيب ثيابه يصرخ فيه :
- هي دي الأمانة يا حسن ، تضيع مراتي وأبني ، أنا اللي غلطان إني اعتمدت عليك ، أنا عاوز موبايلي ، رُسل على رقبتها سلسلة أنا زراع فيها GPS
انتفض جبران يهرع إلى بيجاد يسأله متلهفا :
- أنت بتتكلم بجد يا بيجاد ، أديله موبايله بسرعة يا حسن
في الوضع الراهن لم يكن حسن يملك الوقت ليغضب مما فعل بيجاد فتحرك سريعا يُحضر هاتفه ، أعطاه له يلتف الجميع حوله ينظرون إلى شاشة هاتفه ، فتح بيجاد الهاتف يحاول أن يعرف أين مكان زوجته على الخريطة توقفت الإشارة فجاءة في منتصف الصحراء !! عقد جبينه غاضبا يوسع مساحة البحث أمامه فرأى على بعد كيلو واحد منزل ، نظر لحسن يتحدث محتدًا :
- حسن بيه ظابط الشرطة المجتهد ، بيت مين دا
شد حسن كفه بعنف كي لا ينفجر فيه ، أخذ هاتف بيجاد وخرج من المكتب تاركا ثلاثتهم يحمقلون في الفراغ والقلق والذعر ينهشان أنفسهم بلا رحمة ، مر حوالي ربع ساعة إلى أن دخل حسن من جديد نظر إلى جبران يردف :
- بيت وحيد التهامي ، أخو وليد
توسعت حدقتي جبران ذهولا ، وليد الوغد سيدق عنقه ، انتفض بيجاد يصيح فيهم :
- مين وحيد أخو وليد دا ، وليد مالوش أخوات أنا ابن عمه وعارف ، هو إيه الهبل دا ، إحنا لازم نروح هناك دلوقتي حالا
تحرك حسن جانبا يشير لاثنين من العساكر بالخارج ، دخلوا أمسك كل منهما بذراعي بيجاد ، قبل أن يتحدث حسن يعتذر له :
- أنا آسف يا بيجاد بس ما ينفعش تيجي معانا ، ما ينفعش تخرج ، أنت مطلوب على ذمة قضية ما تقلقش ، هنرجع برُسل وهزيم
صرخ بيجاد غاضبا يحاول أن يُفلت ذراعيه من العساكر يصرخ في حسن يتوعده :
- أنت اتجننت ، ابعدوا عني ، مين اللي هيرجع وابني وأختي ، حسن بيه اللي ضيعهم ، ولا جبران بيه اللي فاكرني قتلت أخوه ، ولا الرائد عمر اللي ما عرفش يحافظ عليها ، أنتوا لازمتكوا إيه في البلد طالما كل دا بيحصل قدام عينيكوا
أقترب جبران منه قبض على كتفيه يحاول أن يهدأه :
- اهدا يا بيجاد ، أنا عارف اللي بتقوله دا من خوفك ، حتى لو أنا عارف وواثق أنك أنت اللي قتلت أخويا مراتك وابنك وأختك مالهمش ذنب وهيرجعوا والله هيرجعوا
_______________
جلست في جانب بعيد في القبو تضم ساقيها لصدرها ترتعش بعنف أخذوا طفلتها منها ، تُرى ماذا سيفعل الوغد بها ، تكاد تموت ذعرا على صغيرتها المسكينة ، اقتربت ملك منها جلست جوارها تعانقها دون كلام تمسكت وتر بها تنزل دموعها بحرقة ، رفعت ملك يدها تضعها على رأس وتر برفق تهمس تواسيها :
- هتعدي يا وتر ، صدقيني هنخرج من هنا ، كل واحدة فينا مرعوبة مش على نفسها مرعوبة على ابنها أو بنتها ، بس أنا متأكدة أن ربنا هيحفظهم من شره لأنهم أطفال مالهمش ذنب
رفعت وتر وجهها تنظر لملك تنهمر الدموع من عينيها بحرقة تهمس مرتعبة :
- عنده صندوق كبير ، صندوق كبير مليان تعابين أنا خايفة أوي ، خايفة عليهم أوي
توسعت حدقتي ملك للحظات قبل أن تضحك تقرب رأسها من إذن وتر تهمس لها :
- التعابين اللي في الصندوق دي ذكاء اصطناعي على أعلى مستوى بيتدفع فيه آلاف الدولات عشان يبقى زي بالظبط إنما هو مش حقيقي، الكم الكبير دا من التعابين ما ينفعش يتحطوا في مساحة زي دي يموتوا بعض ، أنا اللي عارفة ، أنا اللي قيلاله على الفكرة دي ، وهو بيستخدمها كترهيب
توسعت حدقتي وتر ذهولا تبتعد عن ملك تنظر إليها مدهوشة ، اقتربت رُسل منهم ترتجف خائفة تهمس مذعورة :
- إحنا لازم نلاقي حل ، أنا آسفة مش عارفة أساعدكوا ، بس قولولي أعمل إيه وأنا هعمله
جذبت ملك يدها تُجلسها جوارها تربت على يدها برفق ، وقبل أن تقل شيئا فُتح الباب ودخل أحد الحراس يدفع حياة لداخل الغرفة يتحدث بفظاظة :
- خليكي هنا لحد ما الداخلية تمشي
ركضت حياة إلى وتر تُمسك بذراعيها تبكي تترجاها :
- زياد مات فعلا يا وتر ، قوليلي لاء بالله عليكي ، قوليلي أنها لعبة ، قوليلي أنهم بيضحكوا على وليد ، أبوس إيدك أنا عايشة على الأمل دا
زياد مات ذلك ما تعرف ، طالت النظرات بينهما ، لا تجد وتر ما تقوله لتطمأنها به ، فانفجرت حياة في البكاء سقطت على ركبتيها أرضا تصرخ وتلطم خديها :
- يبقى مااات ، مشي خلاص وسابني ، ساب الشيطان دا يدمر اللي باقي مني ، ياريتني ما سيبته ، ياريتني ما بعدت عنه ، خلاص زياد راح ، راح ومش هشوفه
اندفع الجميع إليها يحاولون جاهدين مواساتها قاطع كل ذلك صوت صافرة سيارات الشرطة ، جعلت الأصوات كلها تصمت حتى حياة توقفت عن النواح ، لفت وتر رأسها في أنحاء الغرفة تحاول أن تبحث عن نافذة وجدت ثُقب صغير في أحد الجدران بالأعلى وضعت مقعد قديم من الخشب فوق آخر وصعدت عليهما تنظر من الثقب بالكاد رأت سيارة شرطة تقف ورأت حسن وجبران وعمر ، ضربت بيديها الحائط تصرخ باسم جبران تناديه :
- جبراااان إحنا هنا ، جبران بصلي هنا ، جبرااااان ، حسسسسن ، يا عمررررر ، حد يسمعني
اختل توازنها من فوق المقعد القديمة لتسقط على ضهرها أرضا صرخت من الألم ولكنها لم تستلم وقفت تعرج الخطى إلى الباب تدق عليه بعنف تصرخ بعلو :
- جبران يا جبراااان
نظرت خلفها لثلاثتهم تصرخ فيهم :
- أنتوا واقفين بتبصولي كدة ليه ، خبطوا وصرخوا يمكن حد يسمعنا وينقذنا
وقبل أن تعاود الصراخ من جديد سمعت حياة تتحدث بصوت واهن ساخر :
- ما حدش هيسمعنا يا وتر ، أنتي ما شوفتيش شكل الأوضة من برة ، عبارة عن حيطة ووراها ممر وبعدها الباب اللي هو بالمناسبة عازل للصوت ، ما حدش هيبص للحيطة حتى
________________
تدافعت الأقدام نحو باب منزل وحيد التهامي ، تقدم حسن يدق الباب ففتح له أحد الخدم الباب ، دخل حسن ومعه عمر وجبران وخلفه عدة عساكر
في صالة المنزل يجلس وحيد يشاهد التلفاز يحتسي كوب من الشاي ويأكل بعض قطع الكعك ، ابتسم في هدوء قبل أن يردف :
- أهلا وسهلا ، مين حضرتكوا ؟
وقف عن مكانه يقترب منهم ، مد حسن يده في جيب سترته يُخرج بطاقة تعريف وأمر تفتيش منزله يتحدث بنبرة رسمية حادة :
- المقدم حسن كمال ، معانا أمر بتفتيش بيت حضرتك يا أستاذ وحيد
قطب وحيد جبينه ومن ثم ابتسم يسأله :
- أكيد طبعًا ، ما عنديش مانع ، بس ممكن أعرف السبب
غلت الدماء غضبا في رأس جبران ليندفع يقبض على تلابيب ثياب وحيد يصرخ فيه :
- لو هتصيع على الدنيا كلها يا وحيد مش هتصيع عليا ، وتر ورسل وملك وحياة يا كلب ، أنت خاطف كل الستات يا قذر ، لو كنت راجل كنت واجهت الرجالة ، ما لفتش زي الحية
تأفف وحيد حانقا قبل أن يدفعه بعيدا عنه بعنف يحادثه غاضبا :
- هو أنت يا ابني مجنون ، كل يومين جاي بكارثة عايز تلبسهالي ، من يومين اتهجمت عليا وقولتلي إني قتلت أخوك ودلوقتي خطفت كل دول ، ليه حد قالك أن سفاح النساء
دون أن ينطق جبران بحرف واحد لكمه بعنف يسقطه أرضا جثم فوقه يقبض على عنقه بكفيه يحاول خنقه يصرخ فيه :
- ودتهم فين قبل ما أطلع روحك في أيدي ، انطق يا كلب
اندفع حسن وعمر سريعا يجذبان جبران من فوق وحيد يصرخ حسن فيه :
- يخربيتك هتودينا في ستين داهية ، أمسكه يا عمر
حاول عُمر أن يحتوي غضب جبران ، أما وحيد فأسنده حسن يوقفه ، صرخ في وجه جبران يتوعدهم جميعا :
- دي تاني مرة تتهجم عليا ، والمرة دي قدام البوليس ، وانتوا واقفين تتفرجوا علينا ، دا أنا هوديكوا كلكوا في ستين داهية
ابتسم حسن في هدوء يومأ برأسه يتحدث بكل هدوء :
- تمام يا وحيد بيه ، أنت عندك حق تتاخذ أي إجراء قانوني تحبه ، بس بعد ما نفتش البيت
ومن ثم نظر للعساكر خلفه يأمرهم :
- فتشوا البيت والجنينة حتة حتة
وبالفعل تفرق العدد الكبير من العساكر يبحثون في كل أنحاء المنزل والحديقة يفتشون شبر بشبر ولكن كما قالت حياة لم ينظر أحد للحائط ، صرخ جبران في حسن مرارا وتكرارا أن يتركه يذهب ليبحث هو ولكنه القانون لن يستطيع تركه :
- أنت مش فاهم حاجة مش هيلاقوهم ، ما كناش بنسيب الأبواب مرمية قدام كل من هب ودب ، كل واحد فينا كان ليه خدعته وأنا عارف خدع وليد كويس
ابتسم وحيد في هدوء مستفز وكأنه يتحداه أن يتحرك خطوة من مكانه ، ولم يسمح له حسن فصرخ جبران في عمر :
- عمر دور كويس عند الجدران
توسعت حدقتي وحيد للحظات قبل أن يُمسك بزمام نفسه ، الوغد يعرف خدعه القديمة أجمع ليس هو وحده ، بالأسفل قنبلة موقوتة تُدعى روزا الجميلة
تحرك عُمر كما قال جبران يتحسس الحوائط أجمع يدق عليها ينادي عليهم جميعا ، يلصق أذنه عليه يستمع إلى أي صوت ولو ضعيف ولكن لا شيء لم يعثر على شيء ، ركض من هنا لهناك ، يمنع نفسه بصعوبة من أن يبكي مرتعبا على ما قد يصيب ابنته وزوجته إن لم يعثر عليهم ، بعد رحلة بحث طويلة عاد خالي اليدين نظر لهم يحرك رأسه للجانبين ، صرخ جبران غاضبا يقاوم ذراعي حسن والعساكر يصرخ فيه :
- سيبني يا حسن أنا هعرف الاقيهم أنا عارف كل لعبة بيلعبها الكلب دا
هنا تحدث وحيد غاضبا يطردهم خارج المنزل :
- لاء اللي بيحصل دا كتير وأنا مش هسكت عليه ، الحيوان دا بيشتمني ، وانتوا فتشتوا كل حتة ومالقتوش حاجة ، لو سمحتوا اتفضلوا ، صدقوني بكرة هقدم فيكوا شكوى في وزارة الداخلية ، أنا هعرف أجيب حقي كويس
ابتسم حسن في هدوء ينظر إليه ساخرا قبل أن يردف يتهكم منه :
- وأنا مستني الشكوى يا وحيد بيه ، عن إذنك
بجهد شاق استطاع حسن أن يُخرج جبران من منزل وحيد والأخير لا يتوقف عن الصراخ:
- سيبني يا حسن ، خلي العساكر يسيبوني يا حيوان ، ورحمة أمك يا وليد الكلب لهطلع روحك في ايدي ، لو لمست منها شعرة هحفرلك قبرك يا قذر ، ابعدوا عني
دفعوا جبران للخارج رغما عنه ليصفع وحيد الباب في وجوههم ، قبض جبران على ثياب حسن يصرخ فيه :
- أنت فعلا ظابط فاشل ، ما هي لو كانت مراتك إنت اللي مخطوفة ما كنتش وقفت هادي كدة ، أنا مش عايز أشوف خلقتك تاني ومراتي أنا اللي هرجعها
دفعه بعيدا عنه وتركهم وغادر ، يبتعد عن المكان
تأكد وليد من أن الشرطة وجبران ابتعدوا ، تحرك صوب الداخل صوب أحد الحوائط ، أزاح اللوح على الحائط يضع إصبعه على الجهاز لينزاح الحائط جانبا ويظهر سُلم يؤدي إلى ممر في نهايته الغرفة حيث يحتجز رهائنه ، أشار للحارس ليفتح له باب الغرفة ، ابتسم وليد ينظر صوب وتر يتحدث ساخرا :
- مشيوا ، مالقيوش حد ، عارفة كانوا هيلاقوكوا امتى ، لو حسن كان ساب مراد هو اللي يدور عليكوا ، ما تقلقيش انتوا قعدتكوا هنا مش مطولة قريب أوي هتموتوا كلكوا !!
لف رأسه ينظر إلى حياة وابتسم يحادثها :
- يلا يا حبيبتي عشان نطلع أوضتنا ، أنتي وجودك هنا كان مؤقت ، يلا يا روحي
حرك رأسها للجانبيبن ترفض وقفت تبتعد عنها لأقصى مكان في الغرفة تصرخ فيه:
- أنا مش هروح معاك في حتة ، أنا هفضل
هنا معاهم ، وموتني لو عاوز
ابتسم وتحرك يقترب منها بات أمامها رفع يديه يحتضن وجهها بين كفيه برفق يردف بهدوء :
- لا يا روحي ما ينفعش ، أنتي الملكة مكانك مش هنا ، وبعدين يلا مش هنتكلم هنا قدام الناس لينا أوضة نتكلم فيها
نزلت دموعها على كفيه في نفس اللحظة التي دق فيها هاتفه بنغمة مميزة ، تركها سريعا يُخرج الهاتف من جيب سرواله ينظر للرسالة التي أرسلت إليه
( الليلة - العاشرة مساءً - قصر مجدي التهامي - لا تتأخر )
توسعت حدقتيه ينظر للهاتف مصعوقا ، الليلة !! ، ألم يكن استلام الشحنة بعد اسبوع
لم يكن يملك حرية الرفض ، بالتأكيد حدث أمر جلل جعل المقنع يُبكر في توزيع البضاعة ، حاول أن يتماسك قدر الإمكان ، رفع وجهه لحياة وابتسم يحادثها :
- هسيبك معاهم لحد ما أرجع ، في حارس برة هيكون تحت أمرك ، الليلة هجبلك الدنيا كلها بعد ما أستلم نصيبي في أهم صفقة في حياتي
______________
في قصر سام
دخلت مار غرفة مكتبه غاضبة لا تفهم ما العبث الذي يفعله دون حتى أن يخبرها ، فتحت الباب فرأته يتحدث في الهاتف ابتسم يشير لها أن تقترب منه فعلت لفت حول مكتبه لتجلس على سطح المكتب أمامه مباشرة تؤرجح قدميها تصدمه بقدميها في ساقه بين لحظة وأخرى ، رفع حاجبيه وابتسم يُمسك بساقها سريعا يُكمل حديثه :
- تمام ، ميعادنا في إيطاليا بعد بكرة
وأغلق الخط يضع الهاتف جانبا ، يوجه تركيزه إليها يردف ضاحكا:
- ايه بقى لعب العيال دا ، وبعدين مالك مكشرة ليه
انفرجت قسمات وجهها ذهولا ، أحقا لا يعلم كتفت ذراعيها تقطب جبينها تتحدث غاضبة :
- أنت بتهزر يا سام ، يعني إيه أصلا ، يعني ايه تقدم ميعاد التوزيع من آخر الأسبوع للنهاردة ، هتعملها إزاي دي أنت ساحر
ضحك سام عاليا قبل أن يحرك رأسه لأعلى وأسفل يتحدث من بين ضحكاته :
- بالظبط أنا ساحر وحاوي ، وعابث ، واللورد فولدمورت العظيم
تجهم وجهها غيظا مما تقول ، هل يسخر منها الآن ، زفرت أنفاسها تتحدث غاضبة :
- طب يا لورد فولدمورت العظيم ممكن تفهمني ليه عملت كدة
اومأ برأسه في هدوء يريح ظهره إلى ظهر مقعده ابتسم يتحدث بكل هدوء :
- لعدة أسباب يا روح قلبي ، واحد مارسيليو فاضي الفترة دي ، وآخر الأسبوع عنده عملية مهمة في أسبانيا وأنا محتاجه يكون فاضي عشان ما يأجلش تصفية طه ويصعب عليه فما يقتلوش ، اتنين وليد حواراته كترت مع الحكومة ، وليد الزفت خاطف أربع ستات منهم مرات مراد ، ومرات بيجاد ، وأنا عارف مراد كويس مش هيسكت غير لما يهدها على دماغ وليد ويلاقي مراته
همهمت قبل أن تسأله :
- مش مراد دا اللي كان في الحفلة من أربع سنين ، وقبلها كان وليد يقتله وشوه وشه وعمل عميلة تجميل تقريبا ، دا صاحبك ؟
حرك رأسه لأعلى وأسفل ومن ثم للجانبيبن يُكمل :
- آه ولاء هو فعلا كان في الحفلة من أربع سنين بس هو مش صاحبي مراد ما يعرفش شكلي الحقيقي ، ما حدش في الدنيا دي يعرف شكلي الحقيقي غير أنتي ومارسيليو ، وبابا الله يرحمه
ابتسمت مار مقررة أن تغظيه فابتسمت تقول بحالمية :
- بس تعرف الفترة اللي كنا بنراقبه فيها أنا أُعجبت بيه جداا
اختفت الإبتسامة من على شفتي سام يتحدث بكل هدوء :
- تمام ، بكرة يشرف مع زمايله تحت في المشرحة عشان تعجبي بيه كويس
ضحكت مار تميل للأمام تلف ذراعيها حول عنق سام تردف ضاحكة :
- لاء حرام عليك عنده بيبي صغيرة وبعدين أنا بغيظك ، مراد مش من نوعي أصلا ،
ابتسم يقترب بجسده منها رفع يده يبسطها برفق إلى وجنتها ينظر لمقلتيها يُكمل :
والسبب التالت والأهم أنتِ! ، طه غدر وإحنا واثقين من كدا ، البوليس هيكون موجود في الإجتماع الليلة هيقبضوا على وليد وهو متلبس ، وفي بيت مجدي التهامي هيلاقوا شحنة المخدرات كلها ، الحكومة هتعدم الشحنة فمارسيليو هيعدم طه ، وساعتها مش هيبقى في أي حاجز بيني وبينك ، في نفس الأسبوع هنتجوز
ما إن أنهى كلامه توسعت حدقتيها وشهقت تبتعد عنه تتحدث مذهولة :
- أنت اتجننت يا سام هتسلم الشحنة للبوليس، أنت عارف الشحنة دي مهمة عند مارسيليو قد ايه ، دا ممكن يقتلك فيها ، لاء مش ممكن دا أكيد
ضحك سام بخفة قبل أن يرفع كتفيه لأعلى يردد ساخرا :
- وأنا مالي ، أنا روحت اوزع الشحنة زي ما أمرت حفيدك غدر بينا ، وأنا عرفت أهرب بالعافية ، يبقى أنا ليه اتحاسب ، الخاين هو اللي يتحاسب ، ما تقلقيش أنا عامل حسابي كويس أوي ، البضاعة دي لازم تتعدم عشان طه يتعدم مالهاش حل تاني ، ولا أنتي مش عايزة طه يموت؟!
ابتسم في هدوء قبل أن تنزل من على سطح مكتبه اقتربت منه تعانقه ليشدها لأحضانه سمعها تتحدث بكل هدوء :
- أنت عارف أنا عاوزة إيه ، فمالوش داعي السؤال دا ، أنا بس قلقانة عليك ، لما نخلص منهم هنبدأ حياتنا من أول وجديد
_______________
الليلة العاشرة مساءً ، أي بعد ساعة من الآن يجب أن يكون أمام قصر مجدي التهامي ، أخذ درجاته النارية وانطلق بها ، الشرطة ستحاصر المكان وتدخل عند إشارته وينتهي من ذلك المقنع الوغد الذي بدوره سيعترف على الجميع وينتهي منهم جميعا وهكذا يأخذ بثأر شقيقته
بعد أكثر من نصف ساعة وصلت الدراجة أمام قصر مجدي فتح له الحارس الباب وضع الخوذة فوق الدراجة وتحرك لداخل القصر ، دق الباب ففتح له المقنع نفسه يرحب به :
- كويس أنك ما اتأخرتش ، اتفضل تعالى على ما وحيد بيه التهامي صاحب القصر يجي
____________
غادرت سيارة وليد منذ مدة كفاية تلك هي فرصتهم الوحيدة للنجاة ، نظرت حياة إلى وتر التي اومأت لها ، فاقتربت من الباب تدق عليه تحادث الحارس بالخارج بنبرة حادة :
- أنت يا اسمك ايه إنت ، وحيد قالي أنه سايب حارس لخدمتي
سمعت صوت الرجل يأتي من الخارج:
- ايوة يا حياة هانم اؤمري وحيد بيه أمرني انفذ كل طلباتك ماعدا أن حضرتك تخرجي من الأوضة
ابتلعت لعابها تتحدث بنبرة أحد :
- وأنا مش عايزة أخرج أصلا ، أنا جعانة عايزة أكل ، أكيد وحيد ما قالكش سيبها تموت من الجوع
سمعت صوت الرجل يتحدث سريعا متوترا :
- ثواني يا هانم والأكل هيكون عند حضرتك
وسمعت خطواته تبتعد ، هنا تحركت حياة تجلس في أقصى الغرفة ووقف وتر بالقرب من الباب تُمسك لوح من الخشب وجلست ملك ورُسل في أماكنهم بكل هدوء ، دقائق وعاد الحارس فتح شق صغير من الباب يمد يده بصينية الطعام يغمغم :
- اتفضلي يا هانم
هنا صاحت حياة فيه غاضبة :
- أنت مجنون ، أنت عايزني أقوم أخد الأكل بنفسي ، تعالى حط الأكل قدامي ، ولما وحيد يرجع أنا هخليك يحاسبك على اللي أنت عملته دا
فتح الحارس الباب سريعا ما أن دخل أبصر ثلاثة ولكنه يتذكر أن عددهن أربعة وقبل أن يلتفت يبحث عن الأخيرة هوت وتر على رأسه بكل عنف بأحد أقدام المقعد الخشب ، صرخ الحارس وسقط على وجهه ، فانتفض الجميع ينقضون عليه يقيدون يديه وقدميه وفمه بقطع ممزقة من ثياب كل منهن ، أسرعت وتر تأخذ المفاتيح وكارت غريب الشكل ، ومادية وجدتها في جيب سرواله تُشبه المادية التي يمتلكها جبران قبضت عليها في كف يدها ، في حين أخذت ملك السلاح منه تتأكد أنه يحتوي على رصاصات ، نظرت إليهن تردف :
- أنا بعرف أنشن بس مش هقتل حد ، هضرب في الرجلين ، أنا عارفة القصر دا ، وعارفة الباب اللي نقدر نخرج منه ، وبيتهيئلي بردوا عارفة هو حابس الأطفال فين
تقدمتهم تُشهر السلاح في حين تقبض وتر على الكارت والمفاتيح والمادية وتمسك حياة ورُسل كل منهن قطعة من الخشب ، منظر يبدو مضحكا من بعيد ولكنه ليس كذلك أبدا ، تحركت ملك بخطى سريعة إلى نهاية الممر ، باب الغرفة يُفتح ببطاقة لا بمفتاح ، البطاقة في يد وتر فتحتها سريعا لتبصر الأطفال الثلاثة في سبات عميق مرعب ، هرعت كل واحدة منهن إلى طفلها عدى حياة التي وقفت بعيدا تراقب ، تنظر حولها هنا وهناك خوفا من أن يراها أحد ، كادت رُسل أن تصرخ مذعورة حين لم يستيقظ الصغير لتنظر ملك إليها تهمس محتدة :
- رُسل أرجوكي ما تصرخيش ، أنتي أكتر واحدة أنا خايفة منها أصلا ، كلهم متخدرين الحمد لله عايشين
اقتربت ملك سريعا من حياة تُعطيها ابنتها توصيها عليها :
خلي بالك منها ، مش هعرف اشيلها وأنا ماسكة السلاح ، يلا السلم اهو ، أنا هخرج الأول وما حدش يخرج ورايا غير لما أشاورلكوا أنه أمان
وفعلت تحركت تسبقهم أخذت المفاتيح من وتر وفتحت الباب من الداخل قليلا ، أطلت برأسها تنظر هنا وهناك تتأكد أن لا أحد بالداخل قد يراهم ، وحين اطمأنت أشارت لهم ليقتربوا وفعلوا تحركوا خلفها واحدة تلو الأخرى ملك في المقدمة ووتر في النهاية تقبض على المادية تُخفيها في يدها ، تحركوا سريعا صوب الباب الخلفي ، باب الطوارئ مخصص للهروب في حين حدث اقتحام للشرطة فجاءة ، أو لأي من الأعداء ، فتحت الباب فأطل على الحديقة الخلفية ، أشارت ملك لهم أن ينتظروا ، خرجت قليلا تلف رأسها هنا وهناك تتأكد من أن لا أحد هنا ، أمامها مباشرة باب الخروج أشارت لهم ليتبعوها ، ركضوا جميعا ناحية الباب حاولت ملك فتحه ، لم يُفتح بأي من المفاتيح ، يبدو أن مفتاحه يملكه وليد ، لم تكن تملك خيارا آخر ، تتمنى إلا يجذب صوت الطلقة أي من الحراس ، ابتعدت للخلف قليلا تصوب طلقة ناحية القفل فانكسر ، سمع صوت الطلقة أحد الحراس الذي صاح في زميله :
- الحق دول بيهربوا
التفتت ملك سريعا تصوب ناحية ساق الحارس وأطلقت رصاصة اخترقت ساقه فسقط أرضا فتحت الباب تركض للخارج ولكنها قبل أن تفعل سمعت صوت يتحدث بكل سخرية :
- على فين ، يا شوية مزز
نظرت ملك خلفها سريعا لتجد أحد الحراس يلف ذراعه حول رقبة وتر يصوب مسدسه إلى رأسها
_______________
وصل وليد إلى منزل والده المغلق ، فتح الباب بمفتاحه يتحرك صوب غرفة المكتب ، هناك رأى طاولة في منتصف الغرفة عليها ثلاث مقاعد ، المقنع على يساره ، وطه على يمينه والمقعد في المنتصف فارغ ، نظر وليد إلى المقنع يسأله :
- مش المفروض أنت اللي تبقى قاعد هنا
ابتسم المقنع في هدوء ، قبل أن تخرج من بين شفتيه قهقهة صغيرة يردف :
- لاء طبعا دا مكانك إنت يا وليد قصدي يا وحيد ، أنت دايما الواجهة اللي بتظهر في الاجتماعات ، تعالا نعيد مثلث الصداقة القديم ، أنت الواجهة وأنا العقل المدبر ، وطه القناص ، صحيح طه ما بيعرفش ينشن أصلا بس هنعلمه
نظر طه غاضبا إلى ذلك المقنع ، أما وليد فجلس وسأله مباشرة :
- مش بيجاد اللي كان بيقتل مش كدة ، مين بقى الراجل دا
اضطجع المقنع إلى ظهر المقعد يتحدث بكل أريحية :
- شاب اهبل من اللي بيحبوا يدخلوا المواقع المحظورة ، اتعمله غسيل مخ ودربناه كويس ، وعملناله قناع لوش بيجاد ، على العموم ما تقلقش منه مش هيظهر تاني، أصله انتحر إمبارح ، قولتله ارمي نفسك في البحر ، طلع ما بيعرفش يعوم غرق ، خلينا نتكلم في المهم
الشحنة وصلت الفيلا ، لو دخلت أوضة السفرا هتلاقي كل ما لذ وطاب من هيروين وكوكاين وغيرهم وأنا جاي دلوقتي عشان أقسم الشحنة دي عليكوا انتوا الاتنين بالعدل ، بس طبعا زي ما هو معروف أنا ليا نسبة 70 في المية من الارباح منك ومنه
هنا ضحك طه يتهكم منه:
- لا بجد ، يعني إحنا اللي نوزع البضاعة ويطلع عينيا فيها وأنت تاخد 70 في المية على الجاهز دا ايه النطاعة دي !!
وعلى عكس ما توقع ضحك المقنع بخفة يضع ساقا فوق أخرى يشير لنفسه يردد ساخرا:
- حلوة كلمة نطاعة ، جديدة على ودني ، عجبتني
غضب طه يشد كفه بعنف كان يريد اعتراف مسجل منه أنه هو من ادخل البضاعة إلى البلاد ولكن الأحمق اذكى مما توقع
نظر لساعة يده خلسة ليبتسم المقنع يسأله :
- مستني حد يا طه ، بتبص في ساعتك كل شوية
نظر طه له باشمئزاز قبل أن يتحدث بفظاظة :
- مستني نخلص ، زهقت وما بطقيكش أنت عارف
ضحك الجوكر عاليا يحرك رأسه لأعلى وأسفل ، في اللحظة التالية سمع صوتها في أذنه يحذره :
- سام البوليس على بُعد دقيقة منك
ضحك من جديد يصفق بيديه لتنقطع الكهرباء ويدوي صوت طلقات الرصاص وصوت صرخات تأتي من هنا وهناك ، مع صوت صافرة سيارات الشرطة ، وصوت تدافع الأقدام واقتحام الشرطة للمنزل ، يوجهون الأسلحة والكشافات أمامهم ولكنهم ما أن باتوا بالداخل عادت الكهرباء وتوقفت الأصوات ، ولم يجدوا أثر رصاصة واحدة ، يبدو أنها كانت خدعة صوتية ، في غرفة المكتب وجدوا طه ووليد والغرفة أمامهم مفتوحة على مصراعيها وها هي أكياس المواد المخدرة تتراص جوار بعضها البعض دخل الضباط من ضمنهم حسن يلقون القبض على طه ووليد ، اقترب حسن منه يردف ضاحكا يسخر منه:
- مش ممكن وحيد بيه التهامي ، دا أنا لسه شايفك من ساعتين ما لحقتش توحشني ، بس ايه كمية المخدرات دي كلها ، وايه الورق دا كله وريني كدة
التقطت يده الملف القريب من وحيد ما أن فتحه وبدأ يقرأ ما فيه توسعت حدقتيه ينظر إليه تحدث يتوعده :
- يا ابن الكلب يا وليد ، دا أنت هتروح ورا الشمس بالورق دا
أما طه فاقترب من الضابط يردف سريعا :
- زيدان باشا في واحد تالت كان معانا كان لابس قناع الجوكر و...
وصمت حين مد زيدان يده يلتقط القناع من على سطح الطاولة توسعت حدقتي طه ذهولا يصيح مدهوشا :
- في واحد تالت معانا ، هو اللي دخل البضاعة وهو اللي قالنا نتجمع ، وهو اللي بعت الرسالة ليا ، حتى بص رقمه أهو
وأخرج الهاتف من جيبه سريعا يريه لزيدان الذي نظر لشاشته عدة لحظات قبل أن يردف في هدوء :
- طه ، دا رقم وليد نفسه حتى شوف
واتصل بالرقم من هاتف طه ليدق الهاتف في سروال وليد ، انتفض طه مصعوقا يشير لوليد يصرخ فيه :
- انطق قولهم أننا كان معانا واحد تالت ، أنت أكيد عارف شكله ، هو اللي عامل الليلة دي كلها ، أنت ساكت ليه
ضحك وليد عاليا وكأنه قد جُن يضرب كفا فوق آخر يردد من بين ضحكاته :
- هو أنت فاكر أن حد هيلاقيه ولاء ما أعرفش شكله ، صحيح أنا عندي ليكوا هدية اخيرة
في لحظة أخرج جهاز تحكم صغير من جيب سرواله وضعط على أحد الأزرار نظر لحسن يردد ساخرا :
- إعدام بإعدام بقى ، القصر اتفجر بكل الرهاين اللي فيه !!
______________
في سيارة عمر ، سترى عمر يجلس خلف مقعد القيادة يحمل ابنته بين يديه ، وجواره جبران يحمل صغيرته وابن بيجاد بين أحضانه ، وبالخلف تجلس الأربعة سيدات تغمض كل منهن عينيها في سكون تحاول الشعور بالأمان من جديد
فتحت وتر عينيها تنظر صوب جبران وابتسمت له وفعل المثل يومأ برأسه
Flash back
- على فين ، يا شوية مزز
نظرت ملك خلفها سريعا لتجد أحد الحراس يلف ذراعه حول رقبة وتر يصوب مسدسه إلى رأسها ، الرعب سيطر على الجميع خوفا من أن تتأذى وتر ولكن ما حدث أن وتر فتحت نصل المادية بخفة في يدها لفت رأسها للرجل وابتسمت ، ورفعت رقبتها تطبع قبلة على ذقنه !! فابعد السلاح عن رأسها قليلا يلف جسدها إليه ليقبلها فما كان منها إلا أن غرزت نصل المادية في بطنه ، فصرخ أرضا دفعته بعيدا عنها تركض هي ومعها ، تسمح فمها بثيابها تعتذر لزوجها الغير موجود الأن :
- معلش يا جبران أنا آسفة ، دا لو عرف هينفخني
سمعوا من خلفهم صوت الحراس يصرخون :
- انتوا نايمين على ودانكوا ، وحيد بيه هيخلص علينا الحقوهم بسرعة
تعثرت حياة وهي تحمل الصغيرة وسقط بها أرضا فاسرعت ملك إليها وضعت السلاح جانبا تأخذ الصغيرة منها تساعدها لتنهض ، مدت يدها لتأخذ السلاح فرأت أحد الرجال يسحبه بعيدا عنها ، دفعت وتر ابنتها ناحية ملك ووقفت أمامها فضحك الرجل يسخر منها :
- ما تقلقيش مش هنموتهم ، دي مهمة وحيد بيه مش مهمتنا إحنا ، إحنا بس دورنا نرجعكوا مكانكوا
لم يفهم الحارس الواقف لمَ على وجه السيدة أمامه ابتسامة كبيرة شامتة ، شهق بعنف حين التف ذراع ضخم حول عنقه ووضع احدهم السلاح على رأسه يهدده :
- ارمي ياض السلاح اللي في إيدك بدل ما افجر دماغك
ما أن فعل صرخ جبران فيهن :
- يلا بسرعة على العربية
وفعلوا ركضوا صوب السيارة يحتمون داخلها اقتربت وتر من الزجاج تُلصق وجهها به ، تنظر لجبران وهو يصارع الرجال بشراسة مرعبة لم ترها منه قبلا ، جبران بدى في تلك اللحظات كالثور الهائج الذي أصابه مس من الجنون فعزم على قتل الجميع ، أما ملك فتعلقت عينيها بُعمر وهو يمسك بسلاحه يعرقل حركة كل من يحاول الاقتراب ، أقترب من جبران يصدمه على كتفه يغمغم سريعا :
- يلا لازم نتحرك دلوقتي ، نوديهم مكان أمان ونرجع ننفخ اللي خلفوهم
ما إن اقترب جبران من السيارة خرجت منها ترتمي بين ذراعيه ، أمسك بها يتحرك ناحية السيارة :
- اهدي ، خلاص ، أنا اهو ما حدش هيأذيكي
ابتعدت عنه تغمغم مرتعبة :
- اطلع على المستشفى بسرعة الحيوان دا أدى الأطفال مخدر أنا مش عارفة إيه هو
Back
أمام غرفة الطواري بالمستشفى ارتمت وتر بين أحضان جبران تتشبث به ، وخارت قوى ملك بين أحضان عمر ، وصوت خطوات تركض للداخل ليتضح أنه بيجاد صرخ باسم رُسل ، رفعت وجهها إليه وركضت تعانقه تصرخ مرتعبة :
- هزيم يا بيجاد
عانقها يربت على رأسها برفق يحاول أن يطمأنها أن صغيرهم سيكون بخير ، مرت عدة دقائق إلى أن خرجت الطبيبة فهرعوا جميعا إليها فابتسمت تطمأنها :
- ما تقلقوش هما كانوا بس متخدرين ، هيفوقوا دلوقتي حالا ، تقدروا تدخلوا تطمنوا عليهم
تسارعت الأقدام للداخل جبران ووتر صوب ابنتهم كايلا ، وعمر وملك صوب صغيرتهم براءة ، ورُسل بيجاد صوب صغيرهم هزيم ، ووقفت هي بالخارج وحيدة كما اعتادت أن تكون منذ طفولتها ، تنظر لسعادتهم حين استيقظ الأطفال ، ترى شعور كل واحد منهن بالأمان والسعادة حين تضع رأسها بين أحضان زوجها ، نزلت دموع عينيها ، كان لديها زوج وحبيب مثلهم ولكنها لم تعد ، بسطت كف يدها على سطح الزجاج تتدافع الدموع من عينيها ، مات زياد رحل للأبد وتركها ، لم ينظر أي منهم إليها حتى ، ولم قد يفعلوا فلكل أوليات وهي ليست من ضمنهم ، وضعت يدها على فمها تمنع صوت نحيبها حين سمعت صوته يأتي من خلفها يسألها :
- وحشتيني يا حياة
توسعت حدقتيها ذهولا لفت رأسها وهي على يقين أنها تتوهم ولكنها لم تكن ، ها هو يقف أمامها ، يستند إلى عكاز ، يبدو مجهدا متعبا إلى حد كبير ، بالكاد تحمله قدميه ، ولكنه لم يحتمل رؤياها تقف وحيدة ضائعة ، تبحث عنه ، أغرقت الدموع وجهها اقتربت منه تنظر لوجهه ارتعش صوتها تسأله :
- أنت عايش ؟ إنت عايش ؟ أنا مش بحلم ، أنت عايش صح
ابتسم لها في وهن شديد يومأ برأسه لترتمي بين ذراعيه ، ارتطم ظهره بالحائط خلفه يلف ذراعيه حولها يشدد على عناقها ، دنى برأسه يطبع قبلة على قمة رأسها يهمس يعتذر لها :
- أنا آسف يا حياة ، صدقيني اللي حصل دا ما كنتش في وعيي ، حكاية طويلة هقولهااك بعدين ، بس عايزك تعرفي إني عمري ما فكرت أبدا آذيكي ، أنا بحبك ، أنا كنت في غيبوية ولسه قايم منها من كام يوم ، ممنوع أني أتحرك من السرير ، بس أنا ما قدرتش تكوني جنبي وما استخباش في حضنك ، سامحيني يا حياة ، والله أنا ما حبيت في حياتي غيرك ، والله كل اللي كنت عاوزه من الدنيا إني أشوفك تاني وأموت بعدها
انتفضت تبتعد عنه تحرك رأسها للجانبين تمسك بذراعيه تترجاه :
- لا يا زياد أرجوك أنا ماليش في الدنيا غيرك ، أوعى تسيبني ، أرجوك ما تخلنيش أعيش الإحساس البشع دا تاني ، أنا كنت بموت كل لحظة ونفسي اجيلك ، حاولت اخلي المجنون دا يموتني عشان اجيلك
شدها إليه يعانقها من جديد احمرت حدقتيه تملأهم الدموع :
- أقسملك هدفعه التمن غالي أوي ، اللي هعمله فيه هخليه يتمنى أنه يكون كان حمل كاذب
حاول التماسك ابتعد عنها يمسح الدموع عن وجهها يحاول أن يبتسم :
- كفاية عياط تعالي ندخل نتطمن على الولاد
اسندته صوب الغرفة تنظر لوجهه بين لحظة وأخرى تحاول أن تتأكد من أنها لا تحلم ، دخلوا إلى الغرفة فوقف جبران سريعا ينظر إليه مرتعبا يتحرك نحوه يصيح غاضبا :
- أنت إيه اللي قومك من السرير دا إحنا ما صدقنا بدأت تفوق
نظر زياد إلى حياة ولم يتحدث فتنهد جبران متضايقا من نفسه لهفته على زوجته وابنته أنسته حياة ، ابتلع لعابه يشعر بالخزي من نفسه ، أسند زياد يجلسه على أقرب مقعد ، يجذب مقعد آخر لحياة جلست جواره ليشدها إليه يضع رأسها على صدره فابتسمت تغمض عينيها ، حينها تحدث جبران يسألهم :
- ممكن بقى تعرفوني خرجتوا إزاي
ابتسمت وتر تشير إلى ملك تتحدث بحماس :
- كانت خطة ملك ، من أول ما حياة زعقت في الحارس وقالتله هاتلي أكل
ثم بدأت تقص عليهم الخطة بالكامل وزياد يشدد من احتضان حياة يحاول أن يشعرها بالأمان ، أقترب من اذنها يهمس لها يحاول ألا يكون غاضبا :
- هو اعتدى عليكي ؟!
اخفضت رأسها أرضا تتجمع الدموع في عينيها تهمس بحرقة :
- مش عارفة مش فاكرة ، أنا آسفة
شد كفه على العصا في يده يُخبئ وجهها في صدره يهمس :
- ما تعتذريش أنا اللي آسف ، ورحمة أبويا لوريله الاغتصاب شكله عامل إزاي
هنا تحدثت وتر تنظر لحياة مشفقة حزينة على حالها :
- على فكرة حياة اللي انقذتني منه ، لما خطفني ضربته بالقلم وهزقته ، فخدني في أوضة غريبة فيها صندوق مليان تعابين ، وحاول يهددني أنه هيقتل كايلا ، وكان عايز يخليني ....
وشعرت بالحرج من أن تنطقها أمام الجميع فاقتربت من أذن جبران تهمس له :
- كان عاوز يخليني أقلع هدومي كلها عشان يصورني ويذلني
توسعت حدقتي جبران يهدر غاضبا يتوعده :
- وحياة امه لأقلعه ملط ابن مجدي التهامي
حمحمت وتر محرجة مما قال لتردف سريعًا :
- بس حياة جت وضربته بالقلم وفضلت تزعق فيه وتهدده فبعد عني
ابتسم زياد في وهن يشدد على احتضان حياة ، يتوعد لوليد بالويلات
______
في غرفة التحقيقات يجلس طه أمامه وليد وبينهما ضابط ، هب طه واقفا ينظر لوليد يغمغم غاضبا :
- أنت بتقول ايه يا جدع أنت ، دا كداب يا حضرة الظابط ، كان في واحد تالت معانا
ابتسم وليد ساخرا ينظر لطه من أعلى لأسفل الفتى لازال طفلا يحبو في عرين الأسود ، لن يفهم أبدا قواعد اللعبة ، الجوكر قادر على قتله ولو احتجزوه في زنزانة في جوف الأرض ، ابتسم وليد يتحدث ساخرا :
- أنت اللي غبي الشخص اللي كان لابس قناع دا وبيظهر معايا في نفس الوقت دا راجل من رجالتي ، عملت كدة عشان اشتتك وتفتكر أن في حد تالت هو اللي بيقود العملية
وقبل أن يصرخ طه فيه من جديد تحدث الضابط يشكره :
- دكتور طه ، أعتقد دور حضرتك خلص لحد هنا ، هنحتاجك كتير الفترة الجاية أوي ، دلوقتي أنا رأيي أنك تروح ترتاح ، اتفضل
خرج مرغمًا عقله يكاد ينفجر ومئات وربما آلاف الأسئلة تكاد تنسف عقله ، من ذلك المقنع ، والفتاة سيخبرهم بأمر الفتاة بالمرة القادمة ولكنه لا يفهم لمَ لم يخبرهم وليد بأمر الجوكر ، لم يصر على إلصاق التهمة بنفسه ، وليد ليس ببرئ يستحق ما سيحدث له ولكنه ليس العقل المدبر ، والمضحك في الأمر أن جميع الأوراق التي وجدت على الطاولة تخص الشحنة القادمة تحميل توقيع وليد ، أمر أشبه بمسرحية محكمة ، نظر لساعة يده الثانية بعد منتصف الليل توقف عند كورنيش النيل يلتقط أنفاسه ينظر لانعكاس صورته في المرأة يبكي يتحدث بحرقة :
- فشلت يا مريم ، رغم كل اللي عملته عشان أجيب حقك إلا إني فشلت يا مريم ، سامحيني يا مريم ما عرفتش اجبلك حقك
- ما افتكرش أنها هتسامحك
نظر خلفه حين وصل لأذنه صوت مألوف ولكنه قبل أن يبصر القائل ، أسودت الرؤية أمام عينيه وفقد الوعي
____
في حجز انفرادي ، مرت عدة أيام منذ أن تركوه هنا بعد أن كثفوا الحراسة عليه ، جلس أرضا يضم ركبيته لصدره يبتسم ساخرا تلمع الدموع في عينيه، كل ما يحدث لا يهمه ، قتلها ذلك ما يوجع قلبه ، قتل حياة انتقاما من الشرطة ، بل قتلها انتقاما من نفسه لأنها لم تحبه كما أراد ، انتبه حين فُتح الباب ودخلت هي!! ، توسعت حدقتيه هب واقفا يغمغم لا يعرف أهو سعيد أم خائف ولكنها كانت هنا أمامه أقترب عدة خطوات منها يغمغم متلهفا :
- حياة ، أنتي عايشة؟ ، أنتي كويسة ؟ ، أنا آسف ، أنا
وسكت حين دخل زياد وقف بالقرب منها يلف ذراعه حول كتفيها لتبتسم له تريح رأسها إلى صدره ، هنا ثار غاضبا يصرخ حاقدا :
- أنت لسه عايش إنت اييه يا أخي أنت وأخوك بسبع أرواح ما بتموتش ، أعمل إيه عشان أخلص منك
أقترب زياد منه يستند إلى عكازه قبض على تلابيب ثيابه بيده الأخرى يقربه منه يهسهس يتوعده :
- أنت اعتديت عليها ؟
رأى ابتسامة كبيرة ساخرة تشق شفتي وليد قبل أن يحرك رأسه لأعلى وأسفل ببطء يستفزه :
- مرة واتنين وتلاتة وعشرة ما تعدش ، حياة جسمها يتكتب فيه أشعار من جماله
وعلى عكس ما توقع أن ينفجر زياد ويصرخ ، إلا أنه ابتسم ورفع يده يربت على وجنته يهمس ساخرا :
- صعبان عليا اللي هيجرالك أوي
ودفعه بعيدا عنه وتحرك ناحية حياة يهمس لها بصوت مسموع :
- تعالي يا حبيبتي اللي هيحصل هنا للكبار فقط ما ينفعش تشوفيه
عقد وليد جبينه ولا ينكر أنه شعر بالقلق ، ولكنه في اللحظة التالية وجد مراد يقف أمامه فضحك يفتح ذراعيه يرحب به:
- صديق الإجرام وحشتني بالحضن
واقترب ليحتضنه ليلكمه جبران يسقطه ضحك وليد عاليا قبل أن ينهال جبران عليه بالضرب والأخير لا يتوقف عن الضحك وكأنه ما يحدث له لا يؤثر فيه ، رغم كم الضرب القوي الذي تلقاه من جبران ألا إن الأمر لم يكن بالسوء الذي تحدث عنه زياد ولكنه ما حدث أنه رأى مراد يقترب منه يردف ساخرا:
-طول عمرك بتحب تغتصب يا وليد ، حق مش حقك ، فلوس مش فلوسك ، مناصب مش بتاعتك ، دا حتى البنات اللي كانت بترفضك كنت بترهبها وتغتصبها ، الاغتصاب وحش أوي يا وليد ، وحش أوي ، صعبان عليا اللي هيجرالك أوي
عقد وليد جبينه قلقا حين أعاد جبران نفس الجملة ، ما الذي سيحدث له
لحظات أخرى ودخل حسن ابتسم له يتحدث بكل هدوء :
- اتفضل معايا يا وليد بيه ، هننقلك زنزانة وسط المساجين ، لحد ما يتم محاكمتك
وقف وليد ينفض الغبار بتعالي عن حلته السوداء يتحرك صوب حسن قبض على ذراعه يأخذه في سيارة الترحيلات ، صوب أحد السجون ، من مكان لآخر إلى أن وصل لزنزانة كبيرة يتشارك معه فيها رجال ضخام الجثة ، قام أحدهم ما أن رآه يبتسم يردد سعيدًا :
- الله دا إحنا عندنا عروسة جديدة في الزنزانة ، يألف نهار أبيض ، يألف نهار مبروك ، الليلة فرحي يا رجالي
أصفر وجه وليد حتى تعالت ضحكات الرجال من حوله ، أما الرجل فتحدث يُعرف بنفسه بكل فخر :
- اعرفك بنفسي الدباح ، ممسوك سرقة وقتل واغتصاب بس مش أنثى ، أصل أنا ماليش في النسوان ، وأنت شكلك حاجة فاخر من الآخر
انتفض مذعورا حين فهم ما كان يقصد الاوغاد بما قالوا انتفض حين رأى قطعة زجاج حادة أمام وجهه وصوت الرجل يضحك ساخرا:
- ما تقلعي يا حلوة !!