رواية اللعنة الفصل الثانى 2 بقلم منى حارس

 

رواية اللعنة الفصل الثانى بقلم منى حارس


 صابرين كانت طول الطريق بتفكر في كل حاجة حصلتلها في الحياة وكانت دموعها بتنزل في صمت , ذكريات الماضي كانت قدام عينيها وكأنها فيلم سينمائي بتتفرج عليه , مش قادرة تعمل حاجة الظروف المجتمع الكل تخلى عنها  وهرب حتى اقرب إنسان  ليها بالكون جوزها " مهاب " ..

 المفروض إنه كان السند والأمان , عقلها مكنش قادر يتخيل ولا يستوعب الصدمة .. الصدمة اللي تخليه يبيع حتى الشقة  اللى كانت ساكنه فيها ويهرب , ويسيبها تعاني مع أولادها إللي محتاجين رعاية خاصة  وامان , مقدرتش تتخلى عنهم وترميهم في الشارع قلبها مقدرش يعمل كدة خالص.. ملهاش قلب ترمي ضناها في الشارع وأولادها،   كانت دايما بتحاول تبان إنها قوية وترسم الضحكة قدام الجميع ..

 بس القلب مليان جروح والنفس مكسورة من الخذلان والألم  , خذلان الجميع وحتى الزمن كسرها , ملقتش رحمة ولا أمان وحتى أختها  اللى من نفس الدم واللي ملهاش غيرها في الدنيا بتعايرها بمرض أولادها وهما ايه ذنبهم  مش فاهمه وهي ايه  ذنبها  هي كمان , مكنش حد حاسس بكل النار دى جواها غير صاحبتها روقية  كانت حاسه بيها وحاسة بمعانتها مسكت ايديها بحنان وقالتلها :
متقلقيش يا صابرين كل حاجة هتتحسن أن شاء الله , إن بعد العسر يسر وفرج كبير اووى صدقيني  من ربنا هو العالم باحوالنا ..

حاولت تبتسم بس الضحكة رفضت تخرج المرة دى , لأنها كانت حاسة بعدم الراحة مش هتنكر , في حاجه بتقلها بلاش وابعدي  لأنه مش خير  ابدا وشر كبير  , بس  مفيش مفر ولا حل تاني بعد موقف أختها إمبارح مع أولادها . هزت راسها ومتكلمتش , كانوا رايحين مع زميلهم حسين في عربيته , وفضلت تتفرج على الشوارع والناس , بس كانت مستغربة الناس والشارع  وكل حاجة من حوليها , هو حسين ماشي ليه في الشوارع دى وبين البيوت دى , لا دى بيوتها ولا الناس دي تشبهها وتشبه ظروفها التعبانه..

كان ماشي في شوارع نظيفه ومنطقة راقية نوعا ما , لفت راسها وبصت على حسين اللي كان سايق وكان بيتكلم مع " سامح " زوج روقية وزميلهم بردوا في نفس الشركة , واللي أصر يجي معاهم , يمكن روقيه وجوزها عوضوها فقد الأهل واليتم , وقفوا معاها من أول أزمتها  ومرضها ومتخلوش عنها  ولا عن ولادها زى ناس كتير قريبن منها وبتربطهم صلة قرابة ودم  ..

بس الدم بقى رخيص اووى الأيام دى وبقى سهل كانت بتبص لحسين وهو بيتكلم وبتفكر , يا ترى شمتان فيها وبيضحك عليها في سره معقول يكون نسى وفعلا بيساعدها , افتكرت لما اتقدملها من تمن سنين بس هي رفضته , لانها مكنتش شايفاه زوج كانت دايما شيفاه زميل عمل مش اكتر , كان في حاجز جواها بيخليها دايما تبعد عنه قبل ما تتعرف على مهاب و تتجوزه , هو حسين ماديا كان كويس جدا وعريس ميترفضش , بس هتعمل ايه في احكام  القلب والهوى  اللعينة

فعلا مكنتش قادرة تتقبله ولا تشوفه كرجل ممكن ترتبط بيه وزوج تعيش معاه وتكمل نصفها الثاني , وحتى بعد مصيبتها واللي حصلها  لسه الحاجز موجود شيء داخلى بيكرهه ومش طايق وجوده نفور كبير اووى وكراهيه ملهاش مبرر ولا سبب لحسين  رغم انه بيحاول يساعدها بس متعرفش سبب الكراهية دى كلها.

حاولت تاخد نفس عميق وتبعد كل الأفكار السودا دي عن دماغها , الرجل بيحاول يساعدها على الأقل يستاهل إنها  تقوله شكرا  وتقدره , تبتسم في وشه مجاملة  . وهنا بص عليها في مراية العربية , وشاف توترها ولاحظ دموعها , وقالها بصوته الهادى جدا  :

خلاص يا مدام صابرين احنا وصلنا العمارة اللي على ايدك اليمين علطول التوتر زاد والقلق , وهي بتقول لنفسها بقلق "  الرجل دا مجنون عمارة ايه ... كان بيشاور على بيت من خمس ادوار في مكان راقي وشارع واسع , البيت حوليه سور من الحديد وبوابة كبيرة مقفولة  , وفي بعض الزهور  والورد وكام شجرة , جنينة صغيرة  " قالت بتوتر من المفاجأة وعدم التصديق :

فين البيت يا استاذ حسين مش فاهمه ؟ شاور بايده وقالها :

البيت دا  هو مفيش غيره على يمينك ؟ الكلام كان غريب , حتى روقية وزوجها استغربوا من كلام حسين , لأن شقة في عمارة زى دى ايجارها مش هيقل عن ٥٠٠٠ ج مش ٥٠٠ ولو مفروشة ممكن توصل ١٠٠٠٠ ج يبقى في حاجة غلط .
من الصدمة وعدم التصديق صابرين متكلمتش , بس سامح قال بعدم تصديق :
حسين انت بتهزر شقة ايه اللي هيكون ايجارها  ٥٠٠ ج وكملت روقية :
فعلا الكلام مش منطقي يا حسين شقة في مكان زى دا هيكون ايجارها غالي جدا على صابرين ضحك حسين وقالهم :
يعنى أنا هضحك عليكم ليه يا جماعة , اصبروا بس واتكلموا مع صاحب البيت هو دا المبلغ اللي طالبه , وشاور على عمارة كبيرة أخر الشارع وقالهم :
انا ساكن في العمارة الصفرا اللي هناك دي في الدور الثالث , بعد ما نخلص هنروح نتغدى كلنا وفرصة تتعرفوا على المدام بتاعتي وضغط على اخر كلمة وهو بيبص على صابرين  بطرف عينه , وشبه ابتسامة ساخره على وشه .

القلق والخوف زاد في قلب صابرين , وكانت عاوزة تمشي , بس اضطرت تضغط على نفسها وتبلع لسانها وتسكت , وهتعمل إيه لازم تلاقى مكان تعيش فيه , ومش هينفع تقول لروقية أبات عندك كمان الليلة , كفاية راحت لها في نصف الليل وطلبت تبات عندها هي وأولادها وهي كتر خيرها استقبلتها هي وجوزها أحسن إستقبال بس مش هينفع تبات عندها يوم تاني وتكون ضيف تقيل على حد  حتى لو اضطرت تبات في الشارع .

نزلوا كلهم من العربيه , وقفل حسين باب العربية وقرب من البوابة  الحديد ورن جرس كان جنب الباب , ولونة اسود شبه العين , ومكنش باين من بعيد , واستنوا عشر دقايق ومحدش رد , كانت صابرين عاوزة تمشي ودقات قلبها بتذيد , وحتى روقية وجوزها حسوا بعدم الراحة , بس ابتسامة حسين الصفرا اللي بطمنهم انهم ميقلقوش ,  وكانت صابرين بتحاول تركز في اي حاجة بعيدا عن البوابة وبتتفرج على الشارع , وشافت ست عجوزة واقفة قصادها من الناحية التانية من الطريق , بتشاور لها بايدها وزى ما تكون بتقولها لا لاااا

مكنتش فاهمه هي الست بتقولها لا على ايه , ولسه هتعدى الشارع وتروح تسألها في إيه , بس في اللحظة دى وبعد طول انتظار اتفتحت البوابة الكبيرة  مرة واحدة , وظهر من وراها رجل عجوز وظهره محنى والبثور مليه وشه بطريقة صعبة  ومقززة  كان شكله يخوف ومرعب , ورفع عيونه ليهم وكانت عيونه كبيرة وبارزة اووى بطريقه مش طبيعية ,  وقالهم بصوت قوى ميتناسبش أبدا مع سنة الكبير والشيب إللي في شعره ولا حتى ظهره المحنى والعكاز اللي بيتسند عليه  :
معلش يا أولاد حكم السن إتأخرت عليكم ,اتفضلوا البيت بيتكم  ورحب بيهم وسلم على حسين وقاله :
- عمرك ما اتأخرت عن معاد يا ولد
- عمرى ما أتأخر عنك وأنت عارف وطلباتك أوامر يا سيدنا ؟ 

رد حسين كان غريب للكل , هو كان قالهم إنه ميعرفش الرجل , دا مجرد جار ليه وعاوز يأجر شقته , لكن ليه كلامه غريب كدة وواضح إنه يعرفه كويس , نظرات عيونه في حاجة مش كويسه , صابرين بصت لروقية برجاء كانت عاوزة صاحبتها تقولها , يلا نمشي المكان دا مش مريح وفي حاجة غلط بس دا محصلش بالعكس صاحبتها دخلت ورا جوزها وحسين ولما لاحظت ان صابرين واقفه مكانها بتبص للمكان بتعجب رجعت شدت ذراعها وقالتلها :
- يظهر ربنا هيعوض صبرك خير يا صابرين ..

ردت بصعوبة مش عارفة ..
الجنينه كانت طويله ولفه حولين العمارة مع السور الحديدى , مساحتها كانت كلها بالطول العرض كان يدوب ٣ متر , ورصيف طويل بلاطة وبلاطة , البلاط شكلة قديم والبيت شكلة قديم أووى , بيت من خمس أدوار ,  بس مكانه المميز وسط الشارع الكبير , ومكنش في بيوت غيرة  , كل العمارات كانت اخر الشارع  وكان عامل زى الولد العاصى اللي اهله طاردينه برا البيت ومش عاوزين يشوفوا وشه ولا يكون لهم صله بيه .. كان قدام  بوابة البيت الداخليه في تمثالين من الرخام الأسود  

 كان تمثال واحدة ست وماسكة طفل صغير بين ايديها وبتحاول تحميه وتغطى عينه ,  وزى متكون بتصرخ أو هربانه من شيء , والتمثال التاني كان ملوش ملامح  مرعب زى ما يكون طفل صغير لعب بالصلصال وعمل شكل ملوش معالم محدده ولا مفهوم هو ايه بالظبط بس في طاقة وحشه   .

صابرين لقيت صاحبتها بتشدها جامد علشان تدخل البيت  , وهي عماله تبص على التمثال  والست اللي بتهرب بطفلها من المجهول وبتفكر في سرها وتقول يا ترى , هي الست دى كانت بتغطى عين ابنها ليه ومش عوزاه يشوف ايه يا ترى ؟ ...كانش ملامحها واضحة، بس واضح إنها ست لابسة جلباب طويل وشعرها مفرود، وعينيها محفورة بنظرة مرعبة، والتمثال التاني راجل ماسك عصاية طويلة ووشه مشوه كأن حد كسره ورجعه تاني، وكل تمثال فيهم على طرف باب العمارة كأنهم بيحرصوا المكان أو بيحذروا الناس من الدخول.

صابرين وقفت مكانها، قلبها بيخبط بسرعة، الإحساس بالخطر كان بيزيد كل ثانية، وكأن روحها بترفض تخطي أول خطوة داخل السور، بس خطوات الناس اللي معاها كانت بتجبرها تمشي وراهم غصب عنها.

وأول ما دخلوا من بوابة العمارة، حسّت كأن الدنيا اتغيرت، الهوا بقى تقيل، وفي ريحة قديمة كأنها طالعة من كتب مهجورة أو أكفان قديمة، حسين كان ماشي قدامهم وبيتكلم بصوته العادي، بس كلامه ماكانش مريح.

الراجل العجوز اللي فتحلهم الباب، كان ماشي بصعوبة قدامهم، وصوته بيرن في ودانها كل ما يقول حاجة، حسين كان ماشي جنبه كأنه خادمه مش ضيف عنده، وصابرين كل خطوة بتاخدها حاسه كأنها داخله في عالم تاني، عالم مافيهوش رجعة.

روقيه كانت بتحاول تهزر وتكسر التوتر، بس ضحكتها كانت باينه إنها مصطنعة، وصابرين لاحظت إن كل ما يقربوا من مدخل العمارة، الحيطان بيظهر عليها نقوش غريبة، شبه الرموز القديمة أو التعويذات، مش مفهومة بس مخيفة، وكل ما قربت منهم، حسّت بدوخة خفيفة، زي ما يكون في حاجة بتسحب طاقتها. كان في هوه باردة خرجت عليهم، كأن البيت نفسه بيتنفس برد، والأنوار كانت ضعيفة، والسلم قديم وبيطلع صرير في كل خطوة، والرجل العجوز وقف عند أول السلم وقال بصوت خشن:

– الدور التاني على الشمال... الشقة جاهزة ومستنياكى يا بنتى

لكن صابرين ماقدرتش تتحرك، حست بحاجة بتشدها لتحت، لدرجة إنها سندت علىىباب الشقة علشان ماتقعش رفعت عينيها وبصت للسلم، وكأن في عيون بتراقبهم من فوق، والبيت كله بيهمس بأسرار، كأن الجدران نفسها عايزة تحكي...روقيه سبقت صابرين وهنا، بدأت اللعنة الباب اتفتح مرة واحدة وسمعت صوت عالي بيصرخ في وشها ...

لو كنت فاكرة إن الحياة هتنصفك بعد كل اللي حصلك واللي شوفتيه في الدنيا  وفاكرة انك هتلاقي الراحة تبقى غلطانه , الحياة عمرها ما بتقف مع حد زيك و لا بتقف جنب حد يا غبية  لازم تفهمي دا كويس يا جبانه ، هتفضلي كدة طول عمرك وهتموتي  كدة غبية وجبانة ومستسلمه لكل حاجة يا غبية يا جبانة  ... وبعدها صوت ضحكة عالية ملهاش معنى وصويت عالي  , صابرين وقفت وهي بتسمع الكلام دا والدموع نازلة  من عينيها , بتحاول تبعد عنها من الخوف وبتفكر بقهر ليه الست دى تقولها كدة وتعرف ايه عن حياتها وعن اللي شافته في الدنيا ومين قالها إنها ضعيفه وجبانه , للدرجة دى باين على ملامحها  , هي دخلت من باب البيت هي وصاحبتها , و كانت طالعة السلم , لأن الشقة  كانت بالدور الثاني ومفيش أسانسير وهما طالعين السلم , إنفتح باب الشقة الوحيد اللي بالدور الأول وخرجت الست  الغريبة دى شكلها في اواخر الخمسينات من عمرها التجاعيد باينه على ملامحها واثر الزمن  , وكانت لابسه هدوم غريبة وألوانها كتير وشعرها منكوش , خرجت مرة واحدة ومسكت ايد صابرين وقعدت تقولها الكلام دا بصوت عالي ,  ايدها كانت محروقه واثار التشوه  صعب جدا في ايديها , لما صابرين صرخت من الفزع  , روقية  رجعت بسرعة ومسكت إيدها  وحاولت تشدها وقالت للست :

لو سمحت اسكتى كفاية كدة انت مين  , ونادت على جوزها وعلى حسين وهنا نزل حسين وصاحب البيت  بسرعة , اللي أول ما شاف الست متكلمش , شاور بإيده إنها تدخل الشقة تاني , وفعلا من غير كلمة واحدة دخلت الست الشقة وقفلت الباب بصوت عالي .. صاحب البيت قالهم بصوته القوى :

متخافوش منها دى " الحياة  " بنتي  بس عقلها على ادها , مش مؤذيه خالص بس بعد موت ولادها قدام عينيها والنار مسكت فيها وشوهت جسمها وهي كدة ودا حالها , نادر لما تتكلم ودايما ساكته , بقالها سنين وسنين مفتحتش بقها حتى نسينا صوتها , واوقات كدة تتكلم مرة واحدة وبعدها تسكت , متخافيش يا بنتي منها هى قاعدة معايا ومبتخرجش برا باب الشقة بس استغلت انى نزلت ونسيت اقفل الباب بالمفتاح معلش الغلط عندى , أنا قولت افرجكم على الشقة بسرعة وهنا ردت صابرين بتوتر :

" هي ولادها ماتوا ازاي لو سمحت"

قدر ونصيب  متشغليش بالك كله مكتوب وكلها موته يا بنتي حتى لو كانت الطرق مختلفه  المهم النهاية واحدة , اطلعي يلا  اتفرجي على الشقة هتعجبك علشان نمضي العقد عارف انك عاوزة ترتاحي ومتقليش هترتاحي🙄
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1