رواية نجم الراضي الفصل الثاني بقلم فاطمه النعيمي
في الطرف الاخر من مدينة دير العذراء
كان هناك طفل وديع جدا...
محبوب من قبل اقاربه وجيرانه كان اسمه محمد
في اغلب الاوقات كان محمد يتعرض للضرب من قبل الاطفال لانه وحيد اهله فلم ترزق امه بولد غيره
لقد انجبت قبله ست بنات وبعده أبنتين
لهذا نشأ هذا الطفل كأنه البنت التاسعة لهذه العائلة
كان تسجيله في المدرسة اكبر مشكلة لعائلته لهذا
عندما سجلته امه في المدرسة قبل ست سنوات اضطرت ان تجلس معه بنفس الرحلة لمدة شهر حتى استطاع التكيف مع الطلاب ولم تتركه امه الا بعد ان اخذت وعد من معلمه ان يحافظ عليه فهو اخو البنات الوحيد
وبعد ان اصبح يجلس في الرحلة لوحده طلب المعلم من اشرس طالب بالصف حينها ان يجلس بقربه وان يحافظ عليه من الاولاد كي لايضربه احد
وكان هذا الشرس هو نجم الراضي
وبسرعة شديدة اصبح محمد تابع لنجم اين ماذهب يمشي خلفه كظله
رغم استنكار محمد للكثير من تصرفات نجم
لكنه كان يبلع لسانه خوفا من ان يتركه نجم يواجه شراسة الاطفال وحده
وحين تم طرد نجم الراضي في الصف الثالث
شعر محمد انه فقد الحماية تماما وفعلا كان هناك الكثير من الاطفال يطلبونه ثأرات كثيرة اصبح يدفعها محمد ضرب وتحقير وتمزيق لكتبه لكنه ورغم عودته كل يوم باكيا للبيت استمر بدراسته
كان احيانا حين يخرج محمد من المدرسة يرى نجم الراضي
واقفا امام باب المدرسة فيركض محمد اليه ويحتضنه ويخبره عن بعض الاطفال الذين تنمروا عليه فيوسعهم نجم الراضي ضربا حتى كف الاطفال عن مضايقة محمد
ثم يرافقه نجم من المدرسة حتى يصل محمد بيته واحيانا يدخل عندهم ويلعبان سوية وكانت ام محمد تقدم لنجم الراضي الطعام اكراما لولدها الذي كان يشيد بنجم ويذكر لامه كيف ان نجم يحميه
وكانت الام تعرف واقع نجم بكل تفاصيله
والام احبته رغم كل شيء لانه كان يعتني بابنها الوحيد
واستمر الحال هكذا حتى جاء ذلك اليوم
الذي ضرب نجم الراضي احد الاطفال دفاعا عن محمد فشتم الصبي نجم وهو يهرب وقال له
-طبعا تدافع عن زوجتك فلابد انك تضاجع محمد مادمت تدافع عنه هكذا
وكأن هذه الكلمة فتحت عيني نجم على امر لم يكن قد فكر به سابقا...........
لقد اصبح نجم في الثالثة عشر من عمره وقد دخل اولى سنوات المراهقة
بعد هذا الكلام باشهر
في العطلة الربيعية للصف السادس
خرج محمد من البيت ليشتري بعض الاغراض لاخته كي تصنع لهم بعض الكعك كانت بحاجة لبعض حبات من البيض والقليل من السمسم
خرج محمد ولم يعد وبعد ساعة خرجت امه تبحث عنه وحين عاد ابوه عصرا وجد بيته يعج بالناس والجميع يبحثون عن محمد لم يتركوا مكان واحد لم يبحثوا فيه بحثو عند الاقارب والاصدقاء
وبحثو في كل البيوت التي تحت الانشاء والوديان والابار وابلغوا الشرطة وبدأت الشرطة تبحث بطرقها الاكثر حرفية من الناس وانقضى النهار وحل الليل والناس يبحثون ولا امل مطلقا
ليلا حمل الناس المصابيح اليدوية والفوانيس واستمر البحث عنه طوال الليل وضهر اليوم الثاني حيث قرر الجميع ترك البحث غير المجدي بعد ان قال لهم ضابط الشرطة،
-يستحيل ان يكون الولد هنا في دير العذراء بل اعتقد ان هناك من خطفه واخذه خارج البلدة،
كانت ام محمد واخواته بحالة شنيعة جدا بعضهن يفقدن الوعي فيطبطب عليه البعض الاخر وبعد قليل يتبادلن الادوار
اما امه فقد كانت تبكي وتضرب صدرها كأنها تريد ان تحيي قلبها المحتضر
ثم تهب واقفة وتحمل الفانوس وتذهب الى بئر المحلة مرة ثانية
وتدلي الفانوس في البئر وهي تنادي ابنها باعذب الكلمات
-محمد ياولدي اين انت ياعين ابوية رد على امك يا ولدي
والاب مابين يركض خلف زوجته وبين جلوسه بين اهله يبكي ولايعرف ماذا يفعل فقد استنفد جميع
حيل التصبر ولا جدوة
في اليوم التالي طرق الضابط باب بيت ابو محمد ودخل فوجدهم جميعا في الفناء والناس مجتمعين عندهم وهبوا جميعهم وقوفا وهم يتسالون
-خير يا حضرة الضابط
قال لهم الضابط بحزن
-لقد وجدنا اثار مريبة ونحن الان نبحث عن جثة جن جنون ابو محمد وضرب صدره وقال بلهفة
ماذا وجدتم ؟
قال الضابط وجدنا ثياب ممزقة ملطخة بالدم ونريد منكم القدوم معنا لمركز الشرطة لتتعرفوا على الملابس ذهب ابو محمد للمركز وقلبه ينتفض بقوة لدرجة ان العرق كان ينضح من جسده من كل مكان حتى من اصابع يديه
رغم برودة الجو
حين عرضوا عليه الثياب تنفس الصعداء وقال
- الحمد الله انها ليست ثياب ابني
وتهالك على اقرب مقعد يبكي من شدة توتره
وعاد للبيت لكن الشرطة تريد ان تعرف لمن هذه الثياب
فهبوا يفتشون في محيط مكب النفايات التي وجودا عليها تلك الثياب قرب حقول تربية العجول
و بعد عناء طويل اكتشفوا......
انها ثياب احد عمال الحقول حيث اضطر لذبح ثور هائج مزق الثور ثياب الشاب قبل ان يذبحه فقام العامل برمي ملابسه الممزقة المدمية في اقرب مكب نفايات،
في اليوم التالي توقف البحث عن محمد واستسلم اهله للحزن واصبحت هناك نبرة عزاء باصوات الناس حولهم
وبعد ارهاق ثلاثة ايام من البحث اخيرا استطاعت عائلة محمد النوم ولكن......
في وقت من اوقات الليل سمعوا طرقاً ضعيفاً جدا على الباب
وعى ابو محمد وهب واقفا وذهب يركض وما ان فتح الباب حتى شاهد محمد ابنه امامه بشحمه ولحمه لكن الفتى كان مغطى بالكدمات والوحل واصابعه مدمية،
احتضنه ابوه وحمله وادخله وهو يساله باستمرار
- اين كنت اين كنت
لكن الطفل كان مرهقا مدمرا اصابعه ممزقة وراسه مشجوج وقد جف الدم على صدغه الأيمن،
وهناك خدوش عميقة على وجهه حمله ابوه وعمه الى المستشفى وقاموا باسعافه من حالة الجفاف والجوع العنيف وضمدوا جراحه كلها
وفي اليوم الثاني حاول الجميع ان يعرفوا منه مالذي حصل له
لكنه ما ان يحاول ان يفتح فمه ليتكلم حتى يدخل في نوبة بكاء عنيفة
كان مصدوما فهو لايكاد يصدق ان نجم غدر به
وبعد جهد جهيد نطق وقال
- انه صديقي الاول نجم الراضي
صرخ الجميع بتعجب
-نجم الراضي؟!!!!!!!!!!!!
كيف ولماذا؟
قال الصبي
- لاأعرف مالذي حصل
حين خرجت من البيت ذاهبا للدكان رأيته قادم من بعيد فلوحت له بيدي وانا ابتسم لكنه كان بحالة مزرية
كانت زوجة ابوه قد ضربته ضربا مبرحا
وطردته دون طعام
طلبت منه ان ياتي معي للدكان كي نشتري الاغراض ونرجع للبيت كي ياكل لكنه رفض بشكل عنيف وقال لي بغضب
- هل تعتقد انك احسن مني لتدعوني للطعام عندكم
انت حثالة و جبان يامحمد جبان وخانع
ولولاي لأغتصبك جميع صبيان المدرسة
استغربت رده
وقلت له
-ماهذا الكلام هل انت مجنون
انا انما ادعوك لانك صديقي الاول وليس لي اخ فانت اخي رايته وقد تحول لشخص لا اعرفه وبدأ يضرب راسه بعنف ثم قال لي
- تعال معي
قلت له
-الى اين ؟
قال
الى ذلك الهيكل
قلت له
لماذا ؟
قال لي
اريد ان اريك شيء اخفيته هناك داخل الهيكل
ذهبت معه
وحين وصلنا البناية وهي قيد الانشاء قال لي
- اجلس هنا حتى اتيك بما خبئته داخل البناء فجلست انتظره وذهب هو ودخل الهيكل
بعد قليل هجم عليا من الخلف وامسك يديا من الخلف لم انتبه ولم اعرف كيف خرج من الهيكل وجائني من الخلف
امسك بي بعنف وقال لي
-تعال لنلعب سوية لعبة ستعجبك انزع بنطالك فقط
وبدأ يحاول نزع بنطالي وانا اسحب البنطال وهو يمسكني من الخلف وانا في حالة صدمة لا اكاد اصدق مايحصل دفعته بقوة فسقط على صخرة
وشج راسه حين وضع يده على الجرح وشاهد الدم تحول لوحش لم استطع صده هجم علي وهو يمسك بصخرة بيده وانطلق يضربني بها
كنت ادافع عن نفسي لكني اخيرا
شعرت بضربة قوية على رأسي فصلتني عن الدنيا
لا اعرف كم غبت عن الوعي لكني حين صحوت وتحركت وجدت نفسي في ظلام دامس لا اكاد ارى شيء وشعرت كأني نزلت من فوق احجار في بركة ماء تصل الى منتصف الساق
كنت خائف جدا صرخت
نجم نجم لكني لم اسمع الا صدى صوتي ففهمت اني داخل بناء مغلق بسبب الصدى حاولت ان انهض لكني لمحت هناك في الاعلى فتحة مربعة عالية وهناك ضوء بسيط جدا ياتيني منها
خمنت تقريبا اين انا لكني لم استطع ان اصدق
حاولت ان انظر لارى اي شيء لم استطع الرؤية
حاولت ان اجد مكان جاف لاجلس عليه فلم اجد
الا كومة الاحجار التي سقطت عليها
كنت اتلمس كل شيء حولي لاني لا استطيع الرؤية
فرجعت و.......
جلست فوق تلك الاحجار وانتظرت
كنت طوال الوقت أسال نفسي لماذا تحول نجم من صديق الى عدو(1)
مالذنب الذي اقترفته بحقه انا حقا لم اسيء له ابدا بل على العكس انا كنت صديقه الوحيد الذي يحبه رغم كل مابه من اخلاق سيئة ورغم اني امقت تلك الاخلاق الشاذة لكني ابدا لم اقل له كلمة تجرح مشاعره
حين اصبح الصباح
تأكدت اني داخل قصطل الصرف الصحي التابع للهيكل
كانت ابعاده متر ونص في متر ونص بعمق ثلاثة امتار
كان الهواء ثقيلا مشبع بالرطوبة وهناك الكثير من الحشرات تزحف على الجدران مما اصابني بالقشعريرة
نظرت حولي فلم ارى اي شيء يمكن ان يساعدني على الخروج غير الصراخ
كنت اصرخ بين فترة واخرى لم اسمع اي صوت ياتي من الخارج
وكان في ارض القصطل
الكثير من الاحجار التي كنا نرميها نحن الاطفال داخل القصطل حين كنا نلعب في هذا الهيكل كذلك بعض كان هناك بعض علب الدهن الفارغة
امسكت احدى تلك (التنكات) العلب المعدنية وبدات اطرق عليها لعل احدا ما يسمعني ولم ينفع شيء،
خطر لي خاطر قررت تنفيذه على الفور
فبدأت اجمع الاحجار وقطع الطوب فوق بعضها تحت فتحة القسطل بعد ان فقدت الامل ان تأتيني المساعدة من الخارج وانتهي النهار وانا اجمع الحجارة حتى اصبحت بارتفاع متر تقريبا
وجلست فوق الاحجار ونمت رغم كل الجوع والعطش
في اليوم التالي بدأت افكر ان كل الاحجار لن تكفي لتصبح سلم نجاة لهذا اعدت ترتيب الاحجار بشكل افضل وبقيت اجمع الاحجار وارتبها وكذلك علب الدهن حتى وصلت للحد الذي لو ارتقيتها قد اصل للفتحة او اقله اصرخ لعل احدا ما يسمعني
حاولت ان اصعد لكن كان الوضع سيء جدا كانت الاحجار وقطع الخرسانة تنهار تحتي عدة مرات.....
واعيد رصها مرة بعد مرة ولم افقد الامل وغابت الشمس واصبح القصطل معتما لكن عيناي الفتا الظلام وبقيت ارصها وما ان ارتقيها حتى تنهار ارصها وتنهار حتى استطعت بعد منتصف الليل ان ارى ان بيني وبين حافة الفتحة مجرد سنتمترات قليلة جدا فقررت ان اقفز بقوة لعلي استطيع الامساك بالحافة رغم علمي اني اذا فشلت ساسقط بقوة للاسفل من فوق الاحجار وبرحمة من الله وانا اصرخ يارب قفزت واستطعت ان اتمسك بالحافة ورغم تعبي وجوعي وعطشي لم افلتها أبدا
فهي املي الاخير تمسكت بها بقوة وعنف انخلع اظفري ولم افلت الحافة
ورفعت جسمي حتى تمكنت من الخروج وجئت للبيت
وهذا ماحصل لي،
جن جنون الاب واقام دعوة ضد نجم الراضي وبعد ساعات قليلة اصبح نجم خلف القضبان
وبعد التحقيق الذي استمر لشهر تقريبا
بدأت المحاكمات والوساطات للصلح
ذهب ابو نجم الى شيخ عشيرة ابو محمد وطلب منه السعي بالصلح واسقاط الدعوة
وبعد اشهر من الوساطات وتدخل رجال العشيرتين اسقطت التهمة مقابل دية مالية باعتباره شروع بالقتل
لكن الدولة حكمت على نجم ثلاث سنوات كحق عام ودخل نجم السجن لاول مرة وهو بعمر ثلاث عشر سنة
يتبع......
((((التوحش أو العنف تجاه الضعفاء ظاهرة معقدة، ولها أسباب نفسية واجتماعية وبيولوجية متشابكة. إليك تحليلًا لأبرز الأسباب:
التي اغرت نجم بمهاجمة محمد
### **1. أسباب نفسية عميقة:**
- **تعويض النقص**: المعتدي قد يعاني من شعور بالدونية أو عجز داخلي، فيحاول تعويضه بإذلال الآخرين.
- **اضطرابات الشخصية**: مثل (النرجسية، السيكوباتية، أو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع) تجعل الفرد يستمتع بالسيطرة على الضعفاء.
- **صدمات الطفولة**: التعرض للعنف في الصغر قد يخلق حلقة مفرغة من العدوانية.
### **2. عوامل اجتماعية وثقافية:**
- **التنشئة الخاطئة**: التربية على أن "القوة هي الحق" أو غياب التعاطف في الأسرة.
- **التفكك المجتمعي**: انعدام الوازع الأخلاقي بسبب غياب العدالة أو انتشار الفساد.
- **التسلط كـ"عادة"**: في بعض البيئات، يُنظر إلى إذلال الضعفاء كدليل على "الرجولة" أو "القوة".
### **3. دوافع بيولوجية/غريزية:**
- **غريزة السيطرة**: قد تتحول إلى عدوانية عند البعض، خاصة إذا كانوا يشعرون بالتهديد (حتى لو كان الضعيف لا يمثل خطرًا حقيقيًا).
- **اختلال كيميائي في الدماغ**: مثل نقص السيروتونين الذي يرتبط بالعدوانية.
### **4. أسباب سياقية لحظية:**
- **الإفلات من العقاب**: شعور المعتدي بأنه لن يحاسب (كالسلطة المطلقة في السجون، أو غياب القانون).
- **التأثير الجماعي**: في المجموعات، قد يُظهر الأفراد عنفًا لا يمارسونه فرديًا (مثل التنمر الجماعي).
### **5. تشويه إدراكي:**
- **نزع الصفة الإنسانية عن الضحية**: بعض المعتدين يرون الضعيف "كشيء" أو "عَدوّ" لتبرير عنفهم.
- **الكراهية الموروثة**: كالتمييز العرقي أو الطائفي الذي يجعل العنف "مقبولًا" ضد فئة معينة.
### **كيف نواجه هذه الظاهرة؟**
- **تعزيز التعاطف**: عبر التربية والبرامج التعليمية.
- **العدالة الرادعة**: وجود قوانين صارمة تحمي الضعفاء.
- **العلاج النفسي**: للمعتدين الذين يُظهرون ندمًا أو قابلية للتغيير.
- **تمكين الضعفاء**: بتوفير الدعم المادي والقانوني.
> "الوحش الحقيقي لا يكمن في القوة، بل في استغلالها لسحق من لا يستطيع المقاومة." — *إشارة إلى قيم العدل والإنسانية*.)))
هذا رأي ديبسيك(الذكاء الاصطناعي)