![]() |
رواية تحت سماء بعيدة الفصل الثاني بقلم سيليا البحيري
في اليوم اللي بعده، في قاعة المؤتمر في الفلبين.
القاعة مليانة طلاب وأساتذة جامعيين، وكل الناس بتتكلم عن المؤتمر. ميار دخلت القاعة لابسة بدلة رسمية شيك تناسب المناسبة، وماسكة شنطتها بحماس. فضلت تبص حوالينها تدور على كرسي فاضي تقعد عليه وسط الزحمة. في الناحية التانية، إياد دخل بثقة، لابس بدلة أنيقة، وبيسلم على كام واحد من المشاركين.
ميار لقت مكان وقعدت في الصفوف اللي ورا. أول ما المؤتمر ابتدى، المضيف أعلن عن المتحدث الرئيسي للجلسة الأولى.
مضيف المؤتمر: السيدات والسادة، هنبدأ جلستنا النهارده مع الأستاذ إياد حمدي، المحاضر في كلية السياحة والفنادق، واللي هيقدم لنا محاضرة عن استراتيجيات تطوير السياحة المستدامة.
ميار اتجمدت في مكانها، وعيونها اتسعت من الصدمة أول ما شافت إياد بيطلع على المنصة بثقته وابتسامته اللي متعودة عليها. فضلت تحاول تستوعب اللي بيحصل، لكن الصدمة كانت أكبر منها.
ميار (بتتمتم لنفسها بصوت واطي): مش ممكن... ده كابوس!
إياد وقف ورا المنصة، وبص للحاضرين، ولما عينيه جات في عين ميار، وقف لحظة وابتسم بمكر.
إياد (بصوت مرح وهو بيكلم الحضور): واضح إن فيه وشوش مألوفة بين الحاضرين، وده بيخليني حاسس إني وسط صحابي.
ميار كانت عايزة الأرض تنشق وتبلعها من الإحراج والغضب اللي جواها، وفضلت تخفض راسها علشان ما تلفتش الانتباه.
إياد (مكمل كلامه): خلونا نبدأ بقى، وأوعدكم إن الجلسة دي هتكون ممتعة ومفيدة.
ميار خدت نفس عميق وحاولت تهدي نفسها، لكن فجأة حسّت بدوخة من كتر الصدمة.
ميار (بهمس): مش مصدقة... هو إزاي هنا؟
اللي قاعدة جنبها لاحظت ارتباكها وسألتها بقلق.
زميلة ميار: إنتِ كويسة؟ شكلك مش على بعضك.
ميار (بتحاول تبتسم): مفيش حاجة، بس حسيت بدوخة بسيطة.
بصت تاني ناحية إياد، اللي كان بيخلص كلامه الأول بابتسامة واسعة.
إياد (بيبص لها مباشرة بابتسامة فيها شوية تحدي): أتمنى الكل يكون جاهز لجلسة تفاعلية. خصوصًا اللي بيحبوا المفاجآت!
ميار فهمت إنه يقصدها، فغمضت عينيها للحظة وكأنها بتحاول تستوعب اللي بيحصل، وهمست لنفسها بغضب.
ميار: مش عارفة أهرب منه خالص!
بعد ما خلص إياد المحاضرة، نزل وسط الحاضرين علشان يتكلم معاهم بشكل شخصي. بص لها تاني بابتسامة ساحرة كأنه مستمتع بشوفة ارتباكها.
إياد (بصوت واطي وهو قريب منها): مش قلتلك إن الكون بيحب يجمعنا؟
ميار (بغضب مكتوم وهي بصاله): شكله الكون محتاج حد يعيد ترتيبه.
إياد ضحك، ومشي يكمل كلامه مع الناس، وسيب ميار تغلي من الغضب جواها
***********************
في مصر، في بيت عيلة إياد - أوضة الجلوس
العيلة كلها متجمعة بالليل حوالين ترابيزة الشاي. الجد حسن قاعد على كرسيه المفضل، والوالدين خالد وسلمى قاعدين على الكنبة. زين قاعد جنب مراته تقى، ورهف ومريم بيتبادلوا الضحك وهما قاعدين على كراسي متقابلة. الكلام كله عن إياد وسفره.
الجد حسن (بنبرة هادية): إياد اتأخر ما كلمناش لحد دلوقتي. كنت متوقع يطمنّا أول ما يوصل.
خالد (الأب، مبتسم): ما تقلقش يا حاج. عارف إياد، دايمًا بينسى الوقت لما بيكون مركز في حاجة.
سلمى (الأم، بقلق): بس دي أول مرة يسافر لوحده بعيد عننا. يا ترى بياكل كويس؟
رهف (بتضحك): إياد؟ مستحيل يسيب وجبة! أراهن إنه دلوقتي بيجرب كل أكلات الفلبين.
زين (مازح): أو يمكن بيحاول يقنع شيف هناك يكتب اسمه على طبق جديد. عارفينه، دايمًا بيحب يبقى في الصورة.
تقى (بابتسامة): بس إياد شاطر وبيعرف يدبر نفسه. مفيش داعي للقلق.
مريم (بحماس): أعتقد إنه هيرجع ومعاه هدية لكل واحد فينا! أراهن إنه هيجيب لي سلسلة جميلة.
سليم (بجدية): بدل ما نفكر في الهدايا، المفروض نركز على مستقبله. المؤتمر ده خطوة كبيرة في حياته المهنية.
رهف (مغمضة عينيها): يا ساتر يا سليم! دايمًا جاد ومبتعرفش تمزح معانا ولو مرة.
سليم (بتنهيدة): الحياة مش هزار يا رهف. إياد لازم يستغل الفرصة دي علشان يبني مستقبله.
الجد حسن (بابتسامة): بس متنساش يا سليم إن النجاح مش شغل بس، النجاح كمان إن الواحد يعرف يستمتع بحياته.
سلمى (بتكلم خالد): فاكر لما كان إياد صغير، كان دايمًا بيحلم بالسفر؟ كل مرة يقول إنه هيطوف العالم.
خالد (بيبتسم): آه فاكر، وأول محطة كانت الفلبين. شكله الحلم بدأ يتحقق.
زين (ساخرًا): بس حاسس إنه مسافر مش للشغل بس. يمكن في حاجة تانية شاغلة باله.
رهف (بحماس): آه! يمكن اتعرف على بنت هناك!
مريم (بتضحك): آه، أوافقك الرأي! إياد دايمًا عنده قصص مع البنات، بس عمره ما يتخطى حدوده.
سليم (بتعابير حادة): كفاية كلام فاضي. إياد مسافر للشغل، مش يدور على علاقات.
الجد حسن (بهدوء): سيبهم يضحكوا يا ابني. الشباب بيحبوا الكلام ده.
خالد بيتدخل علشان يغير الموضوع، لكن الكل يفضل يتكلم عن إياد وسفره، وسلمى قاعدة تبص على الموبايل بقلق، مستنية إنه يتصل قريب
*******************
في فيلا عيلة ميار - أوضة المعيشة
العيلة كلها متجمعة في أوضة المعيشة اللي شكلها مليان فخامة ودفا. الأب كريم قاعد على كرسيه المفضل جنب مها اللي ماسكة كوباية شاي. أدهم وسيف قاعدين على كنب متقابل، ومازن ولينا قاعدين على الأرض بياكلوا شوية حلويات. الكلام كله عن سفر ميار.
الأب كريم (بحنية): ميار الصغيرة كبرت وبقت تسافر لوحدها. لسه مش مصدق إنها سافرت المؤتمر لوحدها.
مها (بقلق): أنا قلبي مش مطمن، كريم. هي لسه صغيرة على السفر لوحدها، حتى لو بتعرف تعتمد على نفسها.
أدهم (مبتسم): ما تقلقيش يا ماما، ميار شاطرة وعارفة تدبر أمورها كويس، زي ما علمتوها.
سيف (ضاحك): شاطرة وعارفة؟ ميار؟ هي عنيدة بس، وأراهن أي حد يتعامل معاها هناك هيجيله صداع!
لينا (بتدخل بمرح): صح! تخيلوا لو خبطت في حد هناك وبدأت معركة بالكلام!
مازن (بيضحك): أراهن إنها عملت كده فعلًا. ميار دايمًا شايفة إنها على حق!
مها (بتنهيدة): يا رب بس تكون بخير ومتحطش نفسها في مواقف محرجة.
الأب كريم (بهدوء): ميار قد المسؤولية، وأنا واثق فيها. بس نفسي تتصل تطمنا.
أدهم (مازحًا): يمكن مشغولة أوي بشغلها هناك، أو يمكن مشغولة تتعرف على ناس جداد.
سيف (بغمزة): أو يمكن لقت حد ينافسها في عنادها.
لينا (بحماس): تخيلوا لو اتعرفت على شاب وسيم هناك وبدأت قصة حب! هيبقى موضوع شيق جدًا!
مازن (بيضحك بصوت عالي): قصة حب؟ مع ميار؟ مستحيل! أي شاب هيجري أول ما يسمع طريقتها الحادة في الكلام.
مها (بعصبية): كفاية هزار! ميار بنت ممتازة، وأي حد يتعامل معاها هيعرف قيمتها.
الأب كريم (مبتسم): سيبهم يضحكوا يا مها. الشباب بيحبوا الكلام ده.
أدهم (بجدية): بس فعلاً دي فرصة كبيرة ليها. المؤتمر ده هيضيف كتير لمستقبلها الأكاديمي.
سيف (ضاحك): بشرط ما تقلبش المؤتمر لساحة خناقات!
لينا (بحماس): أراهن إنها هترجع بحكايات مضحكة جدًا عن كل اللي حصل معاها هناك.
العيلة كلها بتضحك، ومها تغمض عينيها وبتدعي لسلامة بنتها، والكل متفق على إنهم مستنين مكالمتها بفارغ الصبر
********************
في بهو الفندق - المساء
ميار داخلة الفندق مرهقة بعد يوم طويل في المؤتمر، شايلة شنطتها الصغيرة على كتفها وعنيها مليانة غضب مكتوم. بتتجه ناحية الأسانسير وهي بتتمنى ما تشوفش إياد. فجأة، تسمع صوته المرح من وراها.
إياد: كان المؤتمر ممتع زي ما كنتي متوقعة؟
بتتجمد ميار في مكانها، بتقفل عنيها لحظة كأنها بتحاول تهدي نفسها، وبعدين بتلف ببطء وتشوفه واقف قدامها بابتسامته المستفزة.
ميار (بتنهيدة): مش ممكن تعدي يوم واحد من غير ما تضايقني؟
إياد (رافع حاجبه بمزاح): أنا؟ أضايقك؟ ده أنا كنت بحاول أكون لطيف بس.
ميار (بتوتر): لطيف؟ إنت بتطاردني في كل مكان! الطيارة، الفندق، وحتى المؤتمر!
إياد (حاطط إيده على صدره بمبالغة): ميار، صدقيني، ما كنتش أعرف إنك هنا. بس دلوقتي حاسس كأن القدر بيلعب لعبته.
ميار (ببرود): أو يمكن القدر بيعاقبني!
يوصلوا للأسانسير، إياد يضغط على الزر، ويقف جنبها بابتسامة صغيرة وهو باصص عليها.
إياد (بصوت هادي): لو وجودي بيعاقبك للدرجة دي، أنا آسف بجد.
ميار (بصوت متحدي): بلاش تمثل إنك مهتم.
إياد (مبتسم): مين قال إني بمثل؟
يفتح الأسانسير أبوابه، ويدخلوا مع بعض. بيقفوا ساكتين للحظة وهما طالعين. ميار بتحاول تركّز في الأرقام اللي بتتغير على الشاشة، لكنه يكسر الصمت.
إياد: بصراحة، ما توقعتش إنك طالبة في نفس مجالي. عندك شخصية قوية، وده حاجة ملفتة.
ميار (بنبرة ساخرة): وكنت متوقع إني إيه؟ خبيرة في الخناقات مع الغرباء؟
إياد (بيضحك): ماقدرش أنكر إنك شاطرة في ده كمان.
الأسانسير يوقف في الدور التالت، ميار تخرج بخطوات سريعة، لكنه يمشي وراها بسهولة.
ميار (بغضب وهي بتلف ليه): إنت ليه ماشي ورايا؟
إياد (بابتسامة واسعة): لأن أوضتنا جنب بعض، نسيتي؟
ميار توقف قدام باب أوضتها وتنظر له بصدمة.
ميار: في يوم، هعرف إنت بتدخل حياتي بالطريقة دي إزاي، وهتأكد إن المهزلة دي تخلص!
إياد (مستند على الحيطة جنب أوضته): هستنى اكتشافك، بس ما تتوقعيش إن المهمة هتكون سهلة.
ميار تقفل باب أوضتها بعصبية، وإياد يدخل أوضته وهو بيضحك بهدوء، وكأن كل تصرفاتها بتزود اهتمامه بيها أكتر