رواية من بعد خوفهم الفصل الثانى 2 بقلم حمدى صالح

 

رواية من بعد خوفهم الفصل الثانى بقلم حمدى صالح


"رُبما حان الوقت لتغير مكانك إنْ اخترتُ أنتَ روحك، لا سلطان عليك في حياتك طالما أصبتُ القرارَ دون عودةِ" 

مستلقةٌ علىٰ الفراش بجوار شقيقتها، لا تعلم مِن أين يأتي البلاء عليها كُل يومٍ، تدرك "لدن" أن الإنسان يمر بإختباراتٍ ولا يعلم الشخص كم من قوةٍ سيتحلى بها، أو يُمارسها، ولج "سُليمان" وهو متطلع إليهن، النائمة، و"لدن"الممسكة بإحدى كُتبها تحاول التركيز، لكنهُ يعلم خلدها وما بهِ، هدر بصوتٍ يكسوه الحنو والطمأنينة؛ فوالدتهن بالخارج ككل يومٍ لا يدرِ ماذا تفعل، وإن حاول المعرفة تتهرب كعادتها: 

-ما رأيك يا صغيرتي في المكوث بشقةٍ أنتِ وشقيقتكِ؟! 

-لمَّ يا "أبي"، أنتَ لم تعلمنا ترك منزلنا أبدًا. 

تنهد؛ ناطقًا لهن: 
لن تتركا منزلكن يا" لدن"، لحين إنهاء دراستك؛ كي يصفو ذهنك تمامًا، وستأتي جدتُكِ تسكن معكم، أنا أخبرتُ أمكِ ووافقت، لن أدعكن بالغربةِ والشعور بهذا الشيء أبدًا، أنتن روحي وربما "عنود" تودُّ الراحة قليلًا، لهذا وافقي. 

صمتت حينما وضعت يديها موافقة، لم تكن نائمةً؛ فالنوم الآن مزعج لها كونها رأت ما تخشاه وكأنه كابوسٌ لن تنساه، البكاء بالنسبة لها تحول لكتلةٍ حادة، وكأن الدموع ترفض النزول، يومان وهن يجمعا أشيائهن؛ لينقلها للشقة التي أخذها، كذب الأب إنقاذًا لحياةِ بناتهُ وحزنهن، لم توافق من الأساس بل تحدث بهذا؛ كي لا تشعر إحداهن بالذنب، عاد للماضي يلوم نفسهُ حينما ألح على والديه بالزواج منها، كتلةٌ من القمر حينما أطلتْ عليه بالحب؛ لتصبح كالنصل الحاد يغزو الجسد بلا رجعة، تلونت بعد عامٍ، فكانت تدعِ المرض؛ كي لا يذهب لعائلتهُ، تأخذُ مالًا يكفيها لمدةٍ طويلة وتنفقهُ في الهراء والأمور التافهة. 

حتى وضعت طفلتها الأولى، وبعد عامين عادتْ لرشدها، حنونةٌ، تهتم بصغارها، إلى أن تغيرت كليًا فقستْ دون رحمةٍ عليهم، كَسرِ الرجال ليس هينًا، إن أخفوا ضعفهم أمام والديهم؛ ففؤاد الأم يرىٰ كل شيءٍ كان، الندم يلتفُ حول "سليمان" ولا يودُّ أن تتأذى روحه على "عنود" التي صمدت، نظرة الانكسار تلك ستصبح مبهجةً، هو يتقن هذا، لم يدرِ الأيام المقبلة إلا النجاة بإناثهن مهما يكن. 

"لا تتحدىٰ إنسانًـا يسعىٰ للتقرب مِنك‌، يحاول الوقوف بجوارك مهما كانت الظروفَ، يُحبك أكثر مِن نفسهِ، والنفسُ حينها تتألق كالؤلؤة العالية، لا تتطمس ولا يلوثها أي كائن كان" 

انهمك "مؤيد" بين العملِ حتىٰ نسي نفسهُ بتاتًـا، تأنف المتجر من طابقين وبوابة الدخول والخروج مكونوٌ من زجاجٍ شفاف أمام المقهى؛ فكان يفر سريعًا يجلب ما يحبه من مشروباتٍ قبل أن يأتِ أحدًا، أثبت جدارتهُ حينما بلغ الثامنة عشر فأمسك النقود بحرصٍ شديدٍ، أمـا الآخر يتابعهُ منذ دخولهُ الجامعة، يعرف كل سرٍ وسأل الغريب عنهُ، أهذا هو "مؤيد" الشهير رغم إختفائهُ في المناسباتِ الهامة. 

ولج الشاب للمتجرِ وهو يقرب نظارتهُ من عينيهِ بشدةٍ، يخطف النظرات حتىٰ أفسد المكان رأسًـا على عقبٍ، وثب أمامهُ بتركيزٍ حتىٰ أزعجهُ بشدةٍ وهذا ما يحبه في ذلك الوقت، المتجر فارغ بعدما غادر أباه، والآخر تحول للهيبٍ مشعلٍ، حتىٰ هدر ممسكًا بثيابهِ: 

-كُف عن هذا الفعل يا هذا! 

-"أدهم".. لستُ نكرة، ثُم لمَّ أنتَ غاضب، أريد ملابسَ مميزةٍ، وأنتَ كالأريكة أمامي. 

جمرةٌ ملتهبةٌ وقبل أنْ يضربهُ إنقلبت الصورة، فكان بين يديه في ثوانٍ؛ ليختنق "مؤيد" وهو يضع يديه أسفل وجهِ، استرسل الحديث: 

-أدهم بن صاحب المتجر أيها المؤيد العنيد، تملك شقيقةً واحدةً، ابن خالتك يجر قدميه لك من أجل عودة علاقتكم، تدرس بكلية التجارة شعبة المحاسبة، ودائمًا الأول علىٰ الدفعة، لمَّ تنهج الآن.. أأنفاسكَ تخشىٰ الموت، اسمع.."أدهم رفعت"لا يعلم شيئًا عنك، أنتَ لا تعرفني حقًا فأنا كالحية إن نفذتْ طاقتي تجاه الآخر، أنتَ أجبن مما يخيل ليِّ، أكمل عملك إلىٰ أن أعيد ما فعلتهُ، فالمقابلة القادمة إما أن تكون عاقلا.. أو سأستعمل قوتي عليك.

نطق الآخر: ولمَّ المقابلة القادمة أيها الأول المكرر، ربما أكون مصدومًا في معرفتك، لكنني أنجح دائمًا! 

-في يوم ما سأصبح رفيقك حينها ستعلم حقيقتك أنت، وأنك عاجزٌ عن مهارتك حتى، تملك قلمًا يدون الحقائق.. والحقيقة أنَّك تهرب من مصائبك، والهارب في هذا الزمن كالآلة القديمة لا تعد كالسابق، الآن بدأ التحدي أيها  الهارب من دراستك، رياضتك، مهارتك، أنت حقًا ذكي.. لكن على نفسك وليس عليِّ أبدًا.  

غادر والبسمة علىٰ ثغرهِ وكأنهُ حقق هدفًـا عصيبًا، يشعر بلذةٍ مميزةٍ، رغم وحدتهُ إلا أنهُ معروف بكثرة رفقائه، لكن الحقيقة عكس ذلك! 

"أيُتها الأنثىٰ، إما أن تكون نفسك عزيزةً لا تعرضيها للتلوث أبدًا، أو تكونين متهورةٍ، تسيرين خلف خطأكِ وكأنهُ الصواب التام..!" 

أربع وعشرون ساعة، تُمسك الهاتف وكأنها رفيقها، تبحث هُنا وهُناك، تخصص ساعةً مِن اجل ترتيب أمورها والمكوث مع أخيها إلا أنَّها تفتقد النجاح كُلمَّا لمحت الفتيات عبر تطبيقات التواصل الإجتماعي، مَن تتمايل دون حياءٍ، ومَن تمارس أشياءًا يصعب على الإنسان تحملها مِن أجلِ نقودٍ..
أيُمكن أن تُباع الأنفس مقابل مالًا؟! 
أيُمكن أن تفقد الأنثىٰ حماية نفسها مقابل شهرةٍ! 

توترتْ يدها، وشتت عقلها كُلمَّا فكرت في رأي صديقتها، وما هو العمل المناسب لها وحجتها، هى مَن ارتدتْ خمارها منذ عامين وفي لمح البصر تودُّ العودة لمَّا كانت عليه إثر كلماتٍ شيطانية، جالسةٌ تتفقد منشوراتٍ.. الخاصة بتطبيق "الفيس بوك"، تودُّ الإنخراط وفعل ما تفعلهُ أصدقائها، مَن تقصص حياتها علىٰ العامةِ دون الإهتمام بأنَّ هذا الشيء أمرٌ خاص لا يصح عرضهُ قط، شعور التجربة يسري بعقلها؛ لتقرر السير وراء شهواتها بالكِتمان؛ فأخيها إن رآها سيصفعها بكل الطرقِ، تخشىٰ البشر ونسيتْ أن الله مطلع عليها.. يرانا ويرشدنا جميعًا. 

فتح"مؤيد"غُرفتها؛ ليراها تتطلع بالفراغِ، يتحدث وكأنهُ لم يقل شيئًا، حتى هدر بصوتٍ عالٍ: 
-أيُتها المشاغبة، ما بكِ؟! 

-بخيرٌ يا حبيبي، رُبما سرحتُ قليلًا، هل هُناك شيءٍ؟! 

تلججتْ الكلمات بنبرتها، وزاد قلقهُ حينما هربتْ بعينيها، نفى رأسهُ؛ ليتجه لغرفتهِ بعدما تناول طعامهُ مع أبيه، يفكر في حالهِ، تنعقد الشبكة، وانقطعتْ الأحرف عن السيلِ، أمسك قلمهُ يحاول بث الأمل مِن جديدٍ، صفحةٌ باسمٍ مزيفٍ؛ لإنه يخشى الثرثرة حول أمورٍ لا دخل لا دخل لهُ بها، يخشى التشبث؛ كي لا يتعلق بحلمٍ يحبهُ، لكنهُ مشوش، تائه، لا يدرِ أنهُ على خطىٰ البدايات الوردية. 

فتح مجلدًا جديدًا باسم "الأفاعي المستديرة"، دوَّن كلماتٍ بسيطةٍ، تَهَجَّدَ بالفراشِ محتضنًـا وسادتهُ، يومان وتنتهي عطلة النصف الأول، وسيزداد العمل على كتفيه، غفا بأرقٍ عكس شقيقتهُ التى سجلتْ أول مقطع فيديو قصير مكون من عدة نغمات؛ لتنشرَهُ عبر تطبيق
" الفيس بوك"بعدما ادعتْ اسمًـا غير اسمها! 
****
أن تُغيـر فكرك وطريقة تعاملك مع الغير في حالاتٍ مِن التوتر، الفرحة جيدٌ إن لازلتُ تحتفظُ بذكرياتك وأخلاقك؛ فلا تسلك خلف بشرٍ واحدٍ يحاول تغيرك لِمَ أسوأ، ربما تجدُ نفسك في إحدىٰ الشخصيات، ورُبما تغيرتُ مِن أجل أحبابكَ ومع الدرب الأول أصبحتُ صورةً هشةً كأنكَ زجاج كُسر مِـن هول ما رأت عيناكَ. 

ولج "أدهم" لأبيه وهو جالسٌ بجوارهِ: 

-فعلتُ ما قلتهُ ليّ بالحرف، سعادتي عادت مِن جديدٍ يا "أبي"، حينما عرضتُ عليِّ تِلك الفكرة، ولكنني أخشىٰ خسران" مؤيد"، حفرةٌ مِن الأفاعي يتلون بها البشر حينما يفقد سيطرتهم علىٰ الشخص الماثل أمامهم، يخدعون الغير ويحسبون أنَّهم عقلاء! حولي لفافة يتمنون فشلي وعينهم عليِّ بلا رحمةٍ، أعمل بجديةٍ بالمتجر ولا تظهرني، إلى متىٰ يا "أبي"؟ 

-إلىٰ أنْ تنهي دراستك علىٰ خير، أثق بك وبـ"مؤيد"، هو يمتلك طاقةً لكنهُ محكم الغلق، البارع يا" أدهم" أن تخفي رفيقك عن الأعين، إن كنتُ صديق هذا فلا تتحدث عن أحدٍ ربما يكرهك الغير، ولا تنصت لأي كائن يحاول بث الخيانة بينكم، أخاف عليك أفعالهم، فطريق التغير سهلٌ وأنتَ شاب، والشباب يسهل تغير أفكارهم، لهذا أثق بك دائمًـا، والآن ما هى خطوتك التالية؟! 

استند علىٰ الحائط؛ متطلعًا بثباتٍ: 
-ليس هُناك خطوةً؛ لإن هو مَن سيأتي حينما يراني، أنا أفهم طبع "مؤيد" كثيرًا. 

-بالطبع يا بُني.. فالنظارة تفعل الكثير أيضًا، وأنتما هكذا. 

هربتٔ ضحكتهُ حينما احتضن أبيه، فالحصن القوي قادر علىٰ حمايتك مهما حدث. 

علىٰ الناحية الأخرىٰ..كـادتْ أنْ تنفجرْ غيظًـا مِن أفعالها، يُمازحها بأفعالهُ السخيفةَ، ويثرثر بعشوائيةٍ، أ هذا هو؟! 
هل يمكن أنْ يتطرأ لتغيرِ نفسه للتكيف مع أُناسٍ مختلفين عنهُ؟!

شعرتْ بالقهر حينما لمحتهُ "لدن" من الشرفةِ، مهلًا فالحكاية لم تبتدي بعد. 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1