رواية علاقات سامة الفصل الثلاثون 30 بقلم سلوى فاضل

 


 رواية علاقات سامة الفصل الثلاثون


تشعر بالخجل والإحراج؛ فالنظرات مسلطة عليها، تتقبل التهاني مرفقة بالابتسامات، لكنها ترى نظراتهم المتسائلة وهمساتهم لكيف تبدل حالها وزَوْجِها! رغم ضيقها التمست لهم العذر، فعقلها حتى الآن لا يعي انقلاب حالها من الانغماس بقلب الحضيض إلى التحليق في قمة السماء، رامي آخر شخص تتوقع أن تتقبله لا أن تتزوجه بين ليلة وضحاها، كلما تذكرت كيف تشبثت به عقب عقد قرانها يحمر وجهها خجلًا، وهو لم يتوقف عن مراسلاتها ليطمئن عليها، ولا بأس من بعض ملصقات التي تحمل القلوب والورود بجانب كلمات الغزل الراقية، ووصفه لتخيله لحالتها وهي تتلقى رسائله وتقرأها. 

انسلَّ الوقت وارتفع صوت المآذن ترفع الآذان، فرافقت غادة للصلاة، وبالطبع مرتا في طريقهما بمكتب رامي، الذي ينتظر مرورها منذ الصباح، موقن إنها ستحاول بكل الطرق ألا تكون في مجال بصره، لكن إن كان بالسابق يشعر بها ولم تكن حقه، فكيف الآن؟! ما أن لمح طيفها أسرع إليها، مبتسما ببهجة: 
-     ينفع تعدي من غير لا سلام ولا كلام، حد يعدي من قدام جوزه كده؟! 

احمر وجهها حرجًا وكان لغادة نصيب من الإحراج، فانسحبت بلباقة تترك لهم مساحة من الخصوصية: 
-    طيب هاسبقك يا شيماء على الجامع. 

حاولت إثنائها بنظراتها عن تركها دون جدوى؛ فقد انسحبت سريعًا، ابتسم رامي شاكرًا لفعل صديقتها: 
-    ذوق صاحبتك وبتحبك قوي، كنت هتمشي من غير ما تسلمي، ينفع طيب! 

حاولت إجلاء صوتها عدة مرات، وبكل مرة يتغلب خجلها ولا تعرف ما يجب قوله، فواصل عتابه: 
-    مستنيكي من بدري، تأخرتي. 

نظرت له بتعجب، لم يكن بينهما أي موعد، فأجابها دون سؤال: 
-   أيوه ما فيش معاد، لكنك بتنزلي كتير، وبعدين ما ينفعش بعد كده تكشفي عند حد غيري. 
-   مش بكشف عند دكاترة رجالة وأنت عارف. 
-    لما الدكتور يبقي جوزك، لازم تكشفي عنده. 

سبق رده ضحكة صاخبة أحرجتها واتسعت عينها بصدمة من تلميحه: 
-    أنت قليل الأدب. 

همس جانب أذنها: 
-    لا دي بعد الفرح. 

اشتد اتساع عينها وفرَّت من أمامه هاربة من كلماته الوقحة، ابتسم بانتشاء يعترف بصدمته مما قال، فمعها يرى جانب منه لم يكن يعلم بوجوده. 

يحيا أسعد فترة بحياته، في طريقه لتحقيق حلم ظنه مستحيلًا، لا يعكر صفو لحظته سوى اشتياقه لوالده وقلقه عليه، فقد انقطعت أخباره منذ آخر مكالمة بينهما، فاتح والدته برغبته في الزواج من ابنة جارتها وطلب منها مرافقته، رحبت بغبطة وقد سعد قبلها، رغم المسافات فله بالقلب مكانة وقدرًا، لم تنسَ تأنيبه لابتعاده عنها، ثم سألته: كيف قابلها؟ ومتى؟ وهل يكن لها بالقلب حبًا؟ سألته عن جميع التفاصيل، ولم تغفل السؤال عن أحواله المادية وما أعده للتقدم للخطبة والزواج، لأول مرة يشعر بحنانها واهتمامها، لم تتواني في الاتصال بهم وترتيب جميع شكليات المقابلة، اشتروا باقة ورد فخمة وأفخر أنواع الشيكولاتة، تأنَّقت في ملبسها وأصرت ألَّا يرافقهم زوجها؛ فهو يتعمَّد ازعاج حسن وهي تريده يوم مميز له، تحاول تعويضه عن تقلباتها وتقصيرها معه، وهذه فرصتها بخطوة هامة بحياته. 

بالموعد المحدد كانوا جالسوا بغرفة الصالون، أحس حسن ببرودة المكان رغم أنهمم بفصل الصيف، رغم مجاورة شقتهم لخاصة والدته إلا أنه بدلوفها شعر وكأنه بأحد الشقق الأرستقراطية، قطع أثاث باهظة انتيكات بكل زاوية، لكن ينقصه شيء هام؛ فالبيت بلا روح كما لو كان خاوي من ساكنيه، كل شيء يخبره باختلافها عن والديها، ومع بداية الحديث وجده والدها متمسك بشكليات واهية لا تقيم بيت ذو أساس، يتحدث عن أرقام وكأنه يجري صفقة تجارية، ووالدتها تؤيده فقط، أردف والدها معترضًا: يحيا أسعد فترة بحياته، في طريقه لتحقيق حلم ظنه مستحيلًا، لا يعكر صفو لحظته سوى اشتياقه لوالده وقلقه عليه،  فقد انقطعت أخباره منذ آخر مكالمة بينهما، فاتح والدته برغبته في الزواج من ابنة جارتها؛ فرحبت بحفاوة، ولم تغفل عن تأنيبه لمطاوعة والده وبُعْده عنها لسنوات طوال، ثم سعدت بانتشاء وأنفة لأنها سترافقه للخطبة وحدها هي فقط مَن ستمثله وتتحدث بلسانه. 

-    يعني مبلغ الشبكة بسيط ومفيش فرح! مش موافق طبعًا، كونك فرشت الشقة بالكامل ده مش مبرر، الشقة تمليك ده شيء طبيعي، أنت مش عارف أنا ووالدتها مكانتنا ومستوانا إيه؟ 
-    يا عمي كل دي شكليات، وعشرين ألف شبكة مش قليل، ولو في ايدي أكتر مش هتردد، والله! 
-    طلبك مرفوض، أخطب واحدة على قد إمكانياتك.

لم يتوقع رده كما صدمه منطقه، حاد بوجهه عنهما وعقله يبحث عن وسيلة لإقناعهما؛ فانتبه لنيرة تتوارى خلف الباب الفاصل منطقة الاستقبال والمجلس الداخلي للمنزل، ألمه الحزن البادي بمقلتيها وترقرق الدمع بهما، غص قلبه وحاول طمأنتها بإماءة من عينيه وبسمة هزيلة، وزع نظراته بين والديها ثم نظرت لوالدته راجيًا منها العون، قبل أن يحاول من جديد إقناعهما: 
-    يا عمي نيرة غالية وربنا يشهد، الفلوس الباقية مِن السفر يا إما اكمل عليها واجيب عربية بالتقسيط، يا أعمل فرح كبير، العربية أبدى، طيب أنا ممكن اكتب العربية باسم نيرة مع الشبكة، والفرح يكون بسيط على قد الأهل، وأسبوع في فندق. 

تدخلت والدته تحاول إمالة والدها، فوالدت نيرة بدا عليها بعض التعاطف الصامت، لم تؤيد زوجها ولم تنضم لجانب حسن: 
-    خلاص بقى يا أبو نيِّرة، وافق وخلي الولاد تفرح، وأنا هدية مني للعروسة عشرة ألاف أزودهم على فلوس الشبكة، الولاد وسعادتهم أغلى من الفلوس وهما مرتاحين لبعض، وأنا اضمن لك إن حسن يحط بنتكم جوة عينيه وقلبه كمان. 

مال حسن على يد والدته يُقبلها، أسعد قلبها كما فعلت؛ فزاد إصرارها أن تستخلص موافقتهما، خرجت والدة نيرة عن صمتها بعدما لمحت ابنتها ونظرها المسلط على حسن وتغير حالها بين الأمل بموافقتهم وخيبة الرجاء والتعاسة بإصرار والدها، من سنوات طويلة لم ترَ السعادة بمقلتي ابنتها، دائمًا تشعر بتأنيب الضمير لأنها لم تكن لها الأم المثالية، دخلت مع زوجها بمارثون لا ينتهي وانشغلت به حتى عن وحيدتها، وجدت أن حان الوقت للتخلي عن روح المنافسة، ولو لجولة واحدة؛ لإهداء ابنتها حياة سعيدة تستحقها بعد جفاف حياتها مِن أي مشاعر أو ربما من الحياة، فأردفت بما يرضي جميع الأطراف آملة بإهداء السعادة لابنتها: 
-    أنتَ فارش الشقة كلها يا حسن. 
-      أيوه. 
-      والشبكة بعد ما والدتك زودت عليها بقت معقولة. 

رمقها زوجها بحدة غير راضٍ عن كلامها، فواصلت موضحة: 
-     مش لازم تكون زي بنات العيلة، المهم تكون الشبكة في حدود المعقول، غير إن كتب الكتاب والدخلة قريب، يعني زفاف على طول من غير حفلة خطوبة؛ فبدل حفلة الخطوبة نعمل الفرح، وبدل الجهاز نكمل رفايع الشقة، نيرة بنتنا الوحيدة يهمنا سعادتها وشكلها قدام الناس. 

انهت جملتها ونظرت لزوجها برجاء، وأومأت له بمقلتيها تحثه على الموافقة؛ فزفر بحيرة ثم أبدى موافقته، وتلقائيًا طالعت الأم ابنتها التي اتسعت بسمتها بسعادة ورقص قلبها طربا بين ضلوعها، فتورد وجهها وتوهج من فرط بهجتها، فأردفت والدة حسن تضع خاتمة سعيدة للجلسة وبداية لحياة تتمنى أن تحوي لابنها السعادة التي افتقدها بحياته السابقة: 
-    على خيرة الله، نقرا الفاتحة ونملى المكان زغاريد. 

اختفى تجهُّم وجهه واعتلته بسمة مُطمئِنة لابنته التي تترقب معالم وجهه بشغف تنتظر أن يفتح لها باب الجنة والسعادة، أطلقت والدت حسن الزغاريد حتى ملأت المكان، رنا حسن بمقلتيه لمحبوبته بسعادة، وملأت وجهيهما بسمة مشرقة مبتهجة، اقتربت الأم من ابنتها ضمتها بحنان وفرحة أم كبرت ابنتها بغفلة منها، وأصبحت عروس تسر القلب والعين، أخذت يدها إلى يد والدها ثم أجلساها بجانب حسن، تملكها الخجل لم تستطع التحدُّث أو حتى رفع وجهها. 

في مقهى فاخر تجلس منتظرة قدومه، تنهَّدت بضيق عندما وصل متأخرًا، متأكدة أنَّه عمد التأخر، تكاد تجزم بعلمه سبب المقابلة، تحدثت هازئة ولم يبخل أن يجيب علها باستفزاز أغضبها: 
-    أخيرًا وصلت، المعروف إن الستات هي اللي تتأخر عن مواعيدا مش العكس. 
-     ما كنتش فاضي، وعشان أكون صريح رفضك تقولي سبب المقابلة ضايقني، وكنت فعلًا مش جاي. 
-    وجيت ليه؟ 

مال إليها وتحدث محذرًا بثبات بها بعض الخوف اخفته سريعًا: 
-   لما تقعدي معايا تنتبهي لصوتك وطريقتك. 

أراح ظهره على المقعد خلفه، ثم تحدث بما جعلها تشعر ببعض الندم للجوء إليه:  
-   أنا مش طليقك ولا سيادة اللوا والدك عشان استحمل أسلوبك. 
-   أنت كمان انتبه لأسلوبك معايا، أنا مش واحدة من اللي تجوزتهم، وإحنا بينا مصلحة مشتركة، لما تتم كل واحد فينا يبعد عن التاني وننسى إننا تقابلنا. 

ابتسم بمكر، لم يجادلها، متسائلًا: 
-    وأيه هي المصلحة المشتركة؟ 
-    كده نتفاهم، مؤنس. 

لم يتحرك له ساكن، وكأنها لم تقل شيئا، أخفت غَضَــبِها داخلها، وهو يسمع منها دون أي تعبير: 
-    ليا تار عنده، وأنت كمان، يبقى نتعاون وندمر حياته، ونخليه يندم على اللي عمله معانا إحنا الاتنين. 
-     ومين قال لك إن مؤنس يفرق معايا من الأساس!! 
-     ما تشككش في ذكائي يا كمال، وما تنساش إن بابي كان بيحكي لي دايمًا على اللي بيحصل بينكم وأنك حاطه في دماغك. 
-     مدام سارة بوضوح كده عايزة ايه؟ 
-      قولت لك نتعاون، ونرجع حقنا. 
-     اممم، بس أنا مش مهتم. 

لعبت بطريقته، نهضت مدعية المغادرة: 
-     أدام مش مهتم خلاص، باي. 
-     اقعدي. 

طالعته بعدم اهتمام عكس ما تَفَـجَّر داخلها مِن براكين لفظاظة أسلوبه، استرسل بطريقته الفظَّة وثقة غير المتناهية التي لا يستحقها: 
-     وأنتِ معايا تحسبي تصرفاتك وتنتبهي لها! أنا مش مؤنس، تمام. 

بركانٌ ثــار بجوفها، لكن عليها تحمله في سبيل تحقيق ما ترجو هو فقط مَن يمكنه مساعدتها، فجلست بصمت غَـاضب تستمع له: 
-    موافق بشرط. 
-    أيه هو؟ 
-     نتجوز. 
-     لأ، مش عايزة أي قيود أو تحكمات، بحب أكون حرة. 
-      طبعًا، دلوعة بابي، ومؤنس كان مديكِ حريتك على الآخر. 

سندت يديها على الطاولة وتحدثت بجدية وتحذير: 
-     بص مِن الآخر كده وعشان نكون واضحين، أسلوبك وطريقتك دي ما تمشيش معايا، ولو هتفضل كده، فمن البداية بقول لك شكرًا مش عايزة حاجة، هاشوف مصلحتي في مكان تاني. 

ابتسم مستخفًا بكلامها ووضع ساق فوق الأخرى: 
-     ومين بقى اللي ممكن يساعدك؟ ما فيش حد يقدر غيري. 
-      أنا لوحدي كفاية، كلمتك عشان مصلحتنا مشتركة، مش عشان عاجزة، أعتقد الفرق كبير. 

لاحت على وجهه ابتسامة تخفي داخلها مكره وتهكمه، وزينها بعلامات الاقتناع بما أردفت، حوَّل أسلوبه الفظ لأخر ناعم يدق على باب غرورها؛ لتتخلى عن التحدي والعناد، يشعرها بالنصر، لتلين بدون مجهود يذكر؛ فأعرب عن انبهاره بشخصيتها: 
-    شخصيتك جذابة، وقوية، مجنون مؤنس لإنه ضيعك من إيده، وده من حُسن حظي، أتمني تفكري بجدية في عرضي للجواز. 
-     أفكر، وعشان أكون واضحة، أنا مش مجبرة على الموافقة، يعني بمزاجي. 

اسند مرفقيه على الطاولة، فتقاربت الأوجه، وتحدث بلين ونظرة رجاء: 
-     أكيد طبعًا، الملكة دايمًا في ايدها القرار، كنت بشوف اللي سمعته عنك حقيقة ولا مبالغة وحقيقي ابهرتِني، محدش قدر يوفي حقك، أنتِ أكبر مِن قدرتهم على الوصف. 

اتكأت بظهرها على الكرسي خلفها وانتشت بغرور، ووضعت قدم فوق أخرى، تحدثت بكبر: 
-     عشان أنا أكبر من قدرة وتخيلات اللي حواليا، قدراتهم محدودة مش ذنبي.

أومأ يؤيدها، ثم سألها: 
-     بتفكري في إيه؟ 
-     نقطة ضعفه الوحيدة، هي حبيبة القلب، ضعيفة ومنكسرة، ملطشة للكل مش بتعرف تقول جملتين على بعض. 
-      ودي نستغلها ازاي؟! 
-       جوزها طلقها ورماها ومؤنس رايح جاي وراها، وسكنها في شقته، وكل يوم والتاني عندها، وأخد راحته على الآخر، وأنت في بوليس الآداب. 
-        وعايزاني أعمل إيه بالظبط؟ 
-         كمال، أنت فاهم كويس. 
-          وأنتِ عارفة أنه صعب ومشكوك فيا، عشان التنافس اللي بينا. 
-         لا مش صعب، بلاغ صغير، إن الشقة شغالة آداب، تقبض عليها، وترحب بها في القسم على ذوقك، وبلاش تلعب بالكلام اللي بينكم مش منافسة، أنا عشت مع مؤنس في بيت واحد سنين، عمره ما فكر فيك من الأساس، ولا شغلت باله ثانية واحدة، ومش لازم أنت اللي تقبض عليها، ممكن زميل لك، هتغلب يعني. 

لا تعلم أن كلماتها قد زادت اشتعال نيرانه تجاهها، وصبته فوق لهــيب غَضَـبه، فهي واحدة ممن يضعهم على قائمة ثأره، وأصبحت عزلاء مِن أسلحتها بوفاة والدها ثم طلاقها، وقد خَطَت داخل عرينه بإرادتها، لا يتبقى سوى إحكام قيدها؛ ليبدأ قصاصه منها بهوادة وعلى هواه. 
-    تمام، أفكر. 
-    تفكر!! 
-    أيوه، وأنتِ كمان فكري، لما تبلغيني بردك على طلبي، أكون حددت أعمل إيه؟ وابلغك بقراري. 

مقايضة، الزواج مقابل المساعدة، وصلها المعنى بوضوح وهو يوقن تمام اليقين بموافقتها وانحصار تفكيرها على رغبتها في الانتقام لكرامتها، ولن تدرك أنها في كل الأحوال فتحت بوجهها أبواب الجَـحيم، نهض فجأةً ملقيًا بعض النقود على الطاولة مردفًا بوقاحته الأولى: 
-    اطلبي لنفسك حاجة قبل ما تمشي. 

نظرت له بصدمة؛ فتصرفاته غريبة وفظة، تابعته بنظرها حتى تداركت حالتها، نظرت للمال بغيظ وانصرفت توشك على الانفجار.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1