![]() |
رواية تحت سماء بعيدة الفصل الرابع بقلم سيليا البحيري
بعد 3 أسابيع، في شاطئ في إحدى جزر الفلبين - وقت العصر
إياد وميار ماشيين على الشاطئ الهادي، الموج بيضرب في رجليهم والرمال الذهبية ممتدة لحد الأفق. أشعة الشمس الدافئة منعكسة على المية الصافية، والجو جميل جدًا علشان يقضوا وقت ممتع. ميار ماسكة قبعتها علشان تحمي نفسها من الشمس، وإياد شايل معاه شنطة صغيرة فيها زجاجة مية وكاميرا.
إياد (بابتسامة كبيرة): إنتِ عارفة؟ مكنتش متوقع إن الرحلة للفلبين هتبقى ممتعة كده.
ميار (بتبص له بخفة): لأنك استمتعت بيها عشان أنا هنا.
إياد (بيمزر): يعني ممكن أنكر كده؟ أصلاً مين كان هيقدر يتحمل كل العناد ده غيرك؟
ميار (بتضحك): عناد؟ إنتَ اللي بدأت بالمشاكسة من أول لقاء!
إياد (بصوت مرح): خلينا نقول إن ده كان سوء فهم بسيط. لكن بجد، إنتِ مختلفة... بطريقة حلوة.
ميار (بتتفاجأ شوية): مختلفة؟ يعني إزاي؟
إياد (بيبص للأفق): عندك الشخصية القوية والعفوية اللي بتخلي اللي حواليك يحسوا إن الدنيا مليانة مفاجآت. وفي نفس الوقت، في جانب هادي وخجول بيظهر أوقات.
ميار (بابتسامة صغيرة): مكنتش عارفة إنك شاطر في التحليل النفسي.
إياد (ضاحكًا): لما تبقي معايا، أعتقد إن بقيت خبير في قراءة الشخصيات.
ماشيين شوية في صمت، وميار بتبص للأفق، وبعدين بتتكلم بصوت هادي.
ميار (بهدوء): مكنتش متوقعة إن هاستمتع بوجود حد غريب معايا. في الأول، كنت فاكرة إنك مجرد واحد مغرور وبتدور على مشاكسة، لكن...
إياد (مقاطعًا): لكن؟
ميار (بتبص له بخجل): لكنك أثبت إنني كنت غلطانة.
إياد (بابتسامة دافية): أعتقد إننا بدأنا نفهم بعض أكتر. وأنا بحب ده.
وقفوا شوية وبصوا على البحر، والشمس بتقرب للغروب.
إياد (بصوت هادي): عارفة، ميار؟ الرحلة دي مش هتتنسي بالنسبة لي.
ميار (بتلتفت له): وليه كده؟
إياد (بيبص لها بابتسامة): عشان قابلتكِ فيها.
سادت لحظة صمت مريحة بينهم، قبل ما تبتسم ميار بخجل وتكمل مشي جنب إياد
*******************
مساء في الفندق - الطابق الخامس حيث غرف إياد وميار متجاورتين
ميار دخلت غرفتها وحطت حقيبتها على السرير. الجو هادي وبتفكر تسترخي شوية بعد يوم طويل من التجول. فجأة، شافت حشرة كبيرة (صراصير طايرة!) ماشية على الحيطة جنب الشباك.
ميار (بتصرخ بأعلى صوت): آااه! يا إلهي! ده إيه ده؟!
سقطت حقيبتها على الأرض وابتعدت بخوف وهي بتبص على الحشرة. في اللحظة دي، إياد فتح باب غرفته بسرعة بعد ما سمع الصراخ.
إياد (داخل الغرفة بسرعة): ميار؟ إيه اللي حصل؟!
ميار (واقف على الكرسي وبتلوح بوسادة): في وحش هنا! أقصد... صرصار عملاق!
إياد حاول يضحك بصعوبة وهو بيبص على الحشرة الصغيرة على الحيطة.
إياد (بابتسامة ساخرة): وحش؟ أعتقد إنكِ بتبالغي شوية.
ميار (بتبصله بغضب): ما تضحكش! إنت عارف قد إيه بكره الحاجات دي؟! اعمل حاجة بدل ما تقف هنا!
إياد قرر يقرب من الحشرة علشان يشيلها، لكن ميار صرخت تاني.
ميار (بتلوح بيدها): ما تقربش منها بإيدك! نادي عمال الفندق على طول!
إياد ضحك ضحكة خفيفة وأخد تليفون الغرفة علشان يتصل بخدمة الغرف. بعد شوية، وصلوا عمال الفندق ومعاهم معدات بسيطة علشان يشيلوا الحشرة.
ميار (بتتكلم بغضب مع العمال): ده إهمال؟! إزاي الحاجات دي تدخل غرفتي؟! ده فندق ولا غابة؟!
عامل الفندق (معتذر): إحنا آسفين جدًا يا آنسة، هنعالج المشكلة فورًا.
إياد حط إيده على كتف ميار علشان يهدّيها.
إياد (بنبرة هادية): ميار، أعتقد إنهم حاسين بالذنب فعلاً. مفيش داعي تعاتبيهم كده.
ميار (بحدة): إزاي ما أعاتبهمش؟! ممكن ألاقى صرصار في غرفتي؟!
إياد (بيهمس بابتسامة): كان ممكن يكون أسوأ... يمكن عقرب؟
ميار لفتت له بصدمة، وهو بيحاول يكتم ضحكته.
ميار (بغضب): إياد! بطل هزار دلوقتي!
إياد (رافع إيديه مستسلم): تمام، تمام، هكون جاد.
العمال شالوا الحشرة واعتذروا تاني قبل ما يمشوا. بعد ما مشوا، ميار قعدت على السرير بتعب، وإياد قعد على الكرسي قدامها.
إياد (بنبرة مرحة): اعترف، دي أفضل مغامرة شفتها من لما جيت الفلبين.
ميار (بتبصله بشزر): فعلاً، أنت مضحك قوي. ما تنساش إنك كنت هتصرخ لو كنت مكاني.
إياد (بيبتسم): يمكن، بس أنا مبسوط إني كنت هنا علشان أنقذكِ من "الوحش".
ميار (مبتسمة بخجل): تمام... شكرًا إنك جت بسرعة.
إياد (بص لها بلطف): مفيش شكر على واجب. إنتِ جارتنا دلوقتي، ولازم أحميكِ من "وحوش الفندق".
ميار ضحكت بخفة، وإياد حس بالسعادة وهو شايف الجانب اللطيف ده منها
*******************
بعد كام يوم - آخر يوم لميار وإياد في الفلبين، في شاطئ هادي تحت ضوء القمر، الأمواج بتهمس بهدوء، والنسيم جاي مع ريحة البحر. قاعدين إياد وميار على الرمل، بينهم مسافة صغيرة. ميار بصه على الأفق، وإياد بيبص عليها في صمت.
ميار (بتنهيدة عميقة): مش مصدقة إن الرحلة خلصت كده بسرعة... حاسة إنها كانت حلم.
إياد (بيبتسم): الأحلام الحلوة دايمًا بتبقى قصيرة.
ميار (بتبصله بابتسامة حزينه): صح. لكن في الآخر، كل حلم بيخلص، وبنرجع للواقع.
إياد (بجدية ناعمة): ومن قال إن الواقع مش ممكن يكون أجمل من الحلم؟
ميار (بتبتسم بسخرية خفيفة): يعني بتحاول ترفع معنوياتي، ولا بس بتلعب في الفلسفة؟
إياد (بيضحك): يمكن شوية من ده وشوية من ده. لكن بصراحة، ميار...
ميار (بتبصله مستفهمة): إيه؟
إياد (بابتسامة دافئة): إنتِ خليتي الرحلة دي مختلفة.
ميار (بتخفض عينيها بخجل): مختلفة؟
إياد (بيشوف فيها): أيوه. كنت فاكر إني عارف كل حاجة عن الحياة، عن الفرفشة، عن البنات... لكن إنتِ علمتيني حاجة جديدة.
ميار (بترفع عينيها ليه): وعلمتك إيه؟
إياد (بصوت هادي): إن الحب الحقيقي بييجي من غير ما تحس، مع شخص عمره ما كنت متوقعه.
ميار (بتتوتر شوية وبتحاول تمزح): بتكتب قصيدة رومانسية ولا إيه؟
إياد (بيضحك خفيف): لأ، لكن أنا بقول الحقيقة.
اتصمتوا شوية، والهدوء مالي المكان. ميار بتحاول تخبي مشاعرها، وإياد بيبص عليها بنظرات عميقة.
إياد (بيكسر الصمت): ميار...
ميار (بتبصله): أيوه؟
إياد (بيبتسم): قفلي عينيك.
ميار (بتردد): ليه؟
إياد (بلطف): ثقي فيا.
ترددت ميار شوية، لكنها قفلت عينيها. إياد قام من مكانه وأخد حاجة من جيبه، وبعد كده جثا على ركبته قدامها.
إياد (بصوت هادي مليان حب): افتحي عينيك دلوقتي.
فتحت ميار عينيها لقت إياد قاعد على ركبته، ماسك صندوق صغير فيه خاتم. اتنهدت بدهشة وغطت بقه بإيديها.
ميار (بصوت منخفض): إياد... ده إيه؟
إياد (بصوت دافي): ده مش مجرد خاتم، ميار. ده وعد. وعد إني مش هخليكِ تخرجي من حياتي.
ميار (بتتلعثم): أنا... مش فاهمة.
إياد (بابتسامة صادقة): أنا فاهمكِ. بحبكِ يا ميار. بحب قوتكِ، عنادكِ، وحتى عصبيتكِ. إنتِ مختلفة، وعايزكِ تكوني جزء من حياتي.
اتصمتت ميار، ودموعها مملية عينيها. حاولت تقول حاجة، لكن الكلمات خانتها.
إياد (ممد إيده ليها): تقبلي إنكِ تبقي شريكة حياتي؟
ميار بصت على الخاتم، وبعدين بصت على إياد، وأخيرا قالت بصوت مرتجف:
ميار (بابتسامة باكية): أيوه، إياد... أقبل.
حط إياد الخاتم في إيديها، وبعدين مسك إيديها بلطف. ميار ضحكت بخجل وهو بيبص عليها بابتسامة مليانة حب.
إياد (بيمزح): أخيرًا، حصلت على موافقتكِ! كنت فاكر إني هحتاج خطة إنقاذ.
ميار (بتضحك): ما تفسدش اللحظة، إياد.
ضحكوا مع بعض، والأمواج كان صوتها بيعلو، كأن البحر بيركّبهم في الليلة السحرية دي
********************
على الشاطئ، بعد ما وافقت ميار على طلب إياد. ضوء القمر كان بيعكس ابتساماتهم وسعادتهم. إياد بيبص لميار بنظرة مليانة فرحة ومشاعر جياشة. فجأة، اقترب منها بسرعة، وميار اتفاجأت.
ميار (بتوتر): إياد؟ بتعمل إيه؟
إياد (بيبتسم بمكر): باحتفل بطريقتي!
قبل ما ميار تفهم إيه اللي بيحصل، إياد رفعها بين إيديه ودار بيها في الهوى، وهي بتصرخ بدهشة وسعادة.
ميار (بتضحك وبتصرخ): إياد! أنزلني حالًا!
إياد (بضحكة مرحة): مش هعمل! دي لحظتنا الخاصة، ومش هسيبكِ لحد ما تتوسلي!
ميار (بين الضحك والبكاء): إياد! هوقع!
إياد (بثقة): إنتِ في أمان معايا، ميار. دايمًا.
استمر في الدوران بيها وهي بتضحك بحرارة. لما وقف، ميار حطت راسها على كتفه وهي بتاخد نفسها.
ميار (بنبرة دافئة): إنت مجنون، إياد.
إياد (بيبتسم): مجنون بيكِ، ميار.
ميار بصتله بخجل، ودموع الفرح في عينيها. إياد مسح دمعة على خدها بإصبعه برفق.
إياد (بهمس): مش بحب أشوف دموعكِ، إلا لو كانت دموع فرحة.
ميار (بابتسامة خجولة): وأنت اللي خليتني سعيدة كده.
إياد (بيقرب منها أكتر): وده وعد، إني هخليكي أسعد بنت في العالم.
ميار (بخجل): إياد...
إياد مسك إيديها وبص في عينيها مباشرة.
إياد: بوعدكِ، ميار، إني هعمل كل اللي في وِسعي عشان أكون الرجل اللي تستحقيه.
ميار (بصوت خافت): وأعدك إني هحاول أكون أفضل واحدة تستحقي.
إياد ابتسم بحرارة وضغط على إيدها بلطف.
إياد (بمزاح): والنهاردة، إزاي هنقول لعائلتينا؟ أظن الصدمة هتكون أكبر ليهم من لما يشوفونا في نفس المؤتمر!
ميار (بتضحك): ده صح. لكن... خلينا نستمتع بلحظتنا دلوقتي، ونسيب الباقي لبكرة.
قعدوا مع بعض على الرمل، بيتكلموا وبيضحكوا تحت ضوء القمر، وكل واحد منهم حاسس إن الليلة دي بداية لحياة جديدة مليانة حب وسعادة.