رواية من يوم مارجع الفصل الرابع بقلم نورسين
من بعد كلام نادين، اتغيّرت جوايا حاجة.
كنت دايمًا بتهز، ببعد، بستخبى وقت المواجهة…
لكن المرة دي لأ.
قررت أدوّر على نفسي، قبل ما أدور على أي مشاعر.
تاني يوم، ماما طلبت مني أنزل أجيب طلبات من السوبر ماركت، فقلت أروح لوحدي.
لبست لبس بسيط، بس شيك. شعري سايب ومرتب، ومودّي كان أهدى من العادة… حتى وأنا متلخبطة.
وأنا خارجة من السوبر ماركت، سمعت صوت ورايا:
– "ليان؟"
اتلفت… زياد.
كان لابس كاجوال بسيط، بس ملامحه فيها قلق.
– "انتي كويسة؟"
ردّيت وأنا ببتسم ابتسامة خفيفة:
– "كويسة جدًا… أنت؟"
– "مش مرتاح… حسيت إنك متغيّرة من امبارح."
بصيتله وقلت:
– "يمكن لأن امبارح وضّحلي حاجات كتير."
سألني بقلق:
– "نادين قالتلك حاجة؟"
سكت شوية… وبعدين قلت:
– "قالتلي اللي هي شايفاه، بس أنا بدأت أشوف اللي أنا محتاجاه."
– "تقصدّي إيه؟"
– "قصدي إني محتاجة أكون ليان اللي بتعرف قيمتها… مش اللي تتهز من أي كلمة أو حد."
سكت، وبصلي بطريقة فيها إعجاب، بس مش مرتاح.
قال:
– "أنا آسف… لو نادين لعبت على حاجة وجعتك."
– "هي ما لعبتش… هي جرّبت تدخل، وأنا جرّبت أكون أهدى. لكن الحقيقة؟ أنا مش محتاجة أستنى منك توضيح.
لو كنت عايزني… هتبان. ولو مش، أنا عارفة أمشي."
سكت، قرب خطوة وقال بصوت واطي:
– "أنا عايزك… بس كنت مستني أتأكد إن اللي بينا مش لحظة اندفاع."
– "وأنا خلاص اتأكدت… إن قلبي مش لعبة."
ومشيت، سبت له المساحة يحس.
مشيت وأنا بتنفّس… لأول مرة من غير خوف.
وكنت مستنية أشوف… هل هيرجع ياخد الخطوة؟ ولا هيسيبني أمشي؟
------------------------
عدّى يومين.
كنت متظاهره إن حياتي ماشية، لكن الحقيقة؟
كل لحظة كنت مستنية… هو هيعمل إيه بعد ما سبتله الكلام واضح بالشكل ده.
لحد ما في يوم، وإحنا كلنا قاعدين على الغدا، فجأة الباب خبط.
ماما قامت تفتح، ورجعت تقول:
– "زياد هنا."
كل العيون اتلفت ناحيتي، وأنا حاولت أبان عاديّة… بس قلبي؟
كان طالع من مكانه.
دخل زياد، شكله مرتب بطريقة زيادة، وملامحه جد جدًا.
قال وهو واقف واقفة رسمية شوية:
– "ممكن أتكلم مع ليان… لوحدنا؟"
بابا بصله، وبعدين بصلي.
أنا قلبي وقع.
لكن بابا قال بنبرة هادية:
– "ادخلوا الصالون."
دخلت قبله، وقعدت على الكنبة، وهو قعد قدامي مباشرة.
وبصلي بنظرة كلها وضوح.
قال بهدوء وثقة:
– "أنا فكرت كتير في كل حاجة. في مشاعري، فيكِ، في اللي بينا، وفي اللي أنا عايزه من اللحظة دي ورايح."
سكت، وأنا عيني عليه، بسمع بقلب مفتوح.
– "ليان، أنا جيت هنا من الأول وأنا مش عارف إيه اللي بيربطني بالمكان… بس لما شوفتك، عرفت.
أنتي بقيتي بالنسبة لي المكان والناس… والراحة.
ومهما حصل حوالينا، نادين أو أي حد، أنا عارف أنا عايز مين."
قرب شوية، وقال بصوت أهدى:
– "أنا عايزك تكوني معايا… مش كطفلة كبرت قدامي، لكن كبنت أنا اخترتها، ومش عايز غيرها."
أنا سكت…
بس الدموع كانت في عيني، مش من ضعف… من صدق.
قلتله وأنا بتنهّد:
– "كنت مستنياك تقولها… مش عشان أرتاح، بس عشان أصدق إحساسي."
ابتسم، وقال:
– "يبقى نبدأ من هنا… خطوة خطوة، على نور."
ولأول مرة… حسيت إن الحلم بدأ يبقى واقع.
-----------------------
من يوم ما اتكلم زياد معايا، كل حاجة بقت مختلفة.
حتى عيونه وأنا بعدي قدامه… بقت فيها دفء ما كنتش بشوفه قبل كده.
كان بيتعامل معايا بعناية، كأني حاجة غالية، مش بس "بنت عمه".
في يوم، كنا قاعدين في الحديقة، العيلة كلها. الجو كان لطيف، والشاي معمول، وماما بتضحك مع خالتي، والأطفال بيلعبوا في الجنينة.
زياد قعد جنبي، بس كان فاصل بينّا مسافة بسيطة، زي ما يكون بيحترم المساحة اللي بينّا، بس عايز يكون قريب.
قالي بهدوء:
– "تعرفي؟ مكنتش متخيل إن المشاعر دي ممكن تبقى حقيقية."
بصيت له، وقلت وأنا بابتسم:
– "وأنا مكنتش متخيلة إنك هتقولها بصوت عالي."
ضحك وقال:
– "لما تبقي حاجة تستاهل… مفيش صوت بيخاف."
سكتنا شوية، وبعدين مدّ إيده بهدوء، وادى لي ورقة صغيرة مطبقة.
بصيتله باستغراب:
– "إيه ده؟"
قال:
– "مش جواب حب ولا كلام شعر. دي خطة."
فتحت الورقة، لقيت فيها مكتوب:
"أول خطوة: أتعرف على كل تفاصيلك.
تاني خطوة: أخليك تثقي فيّ بالكامل.
تالت خطوة: نستأذن بابا."
قلبي دق.
بصيتله… وقلت:
– "ده اعتراف رسمي؟"
قال وهو بيضحك:
– "اعتراف… وبداية."
لكن اللحظة اتقطعت فجأة بصوت نادين وهي داخلة علينا من البوابة:
– "هاي كلكم!… مش قولتوا في قعدة عائلية؟ ما دعتونيش ليه؟"
سكت الكل للحظة.
أنا قلبي اتشد، لكن وشي فضّل هادي.
زياد قام واقف، وقال بنبرة واضحة:
– "إحنا كنا بنتكلم كعيلة… بس انتي ضيفة يا نادين، وده مختلف."
ضحكت وقالت:
– "آه… واضح إن فيه حاجات كتير اتغيّرت."
وبصتلي نظرة سريعة… ووقتها حسيت،
الحرب لسه ما خلصتش.
