رواية هجوم عاطفي الفصل الرابع 4 بقلم هاجر عبد الحليم

رواية هجوم عاطفي الفصل الرابع بقلم هاجر عبد الحليم

كان الليل قد بدأ ينسدل على المدينة، والهدوء الكاذب يغلف الشارع كستار يخفي خلفه الكثير من الفوضى. وقفت رودينا تحت عمود إنارة باهت، تتلفّت حولها بملامح مضطربة، لكن خلف عينيها كان هناك شيء مختلف... ثباتٌ غريب لا يليق بفتاة في ورطة.
مالك (بصوتٍ مرتفع ونبرة متوترة):
– إنتي يا بت، شكلك وراكي مصيبة وجاية تلبسيهالي! هو أنا ناقص؟ إحنا مش ف فيلم كرتون! أنا ورايا بلاوي سواء ف الشغل أو مع أهلي، مش ناقصني واحدة مجنونة جاية ترمي نفسها عليا بقلة عقل!
خفضت رودينا رأسها قليلًا، تمسح دمعة لم تنزل، تُتقن أداء الدور بإتقان ممثلة محترفة... أو بالأحرى، شرطية تعرف كيف تستدرج فريستها خطوة بخطوة. كانت كلماتها معدودة، مختارة بعناية، كأنها تلعب شطرنجًا بكلماتها.
رودينا (بهمس خافت):
– بس والله ما ناوية أذيك... كل الحكاية إني اتعشمت ف شهامتك ورجولتك، وقلت يمكن تساعدني...
تقدم مالك بخطوة، والعصبية تأكل ملامحه. كان يظنها فتاة تائهة، بينما كانت هي تراقب ردود فعله، تحفظ تعبيراته، وكأنها تجمع أدلة تُضاف إلى ملفه السري.
مالك (بتهكم):
– أساعدك ف إيه يا بنت المجانين إنتي؟!
رفعت رودينا عينيها نحوه، ونظرة الضعف في ملامحها كانت مجرد قناع. لكنها حافظت على أدائها، كأنها تكتب نهاية مشهد مهم في تحقيق سري.
رودينا (بصوت يملؤه القهر):
– متغلطش فيا، وصون لسانك بدل ما...
لكنه قاطعها، جذَب ذراعها بقسوة، وعيناه تقدحان شررًا. لم تهتز، رغم الألم. بل بدا وكأنها تنتظر هذه اللحظة بالذات.
مالك (بعصبية):
– بدل ما إيه؟! هاتي آخرك!
وفي داخلها، ابتسمت ببرود، لكنها أبقت على ملامح الانكسار. كانت قد بدأت في اصطياده، وها هو يسقط في الفخ بإرادته
......
 : كان الجو متوترًا، والمشاعر مشتعلة بين مالك ورودينا. كانت السيارة متوقفة على جانب الطريق، بينما مالك يحدق في رودينا بعيون مليئة بالشكوك والغضب.
رودينا (بصوت متقطع من الغضب، لكن هادئ):
– خلاص، أنا هروح ومش هتشوف وشي تاني.
نظر إليها مالك بشيء من الاستغراب، ولم يعرف كيف يرد. كان غارقًا في مشاعره المختلطة، هل هي جادة؟ أم أنها مجرد تهديد آخر؟ لكنه قرر أن يواجهها.
مالك (بخفة، بنبرة ساخره):
– وكان ليه من الأول؟
رودينا (بصوت هادئ وفيه مرارة):
– افتكرت إنك عندك ضمير.
توقف لحظة، وكانت نبرة كلامها تغلفها بحزن مرير. لكن هو لم يتأثر، بل زاد غيضه. استدار قليلًا ثم نظر إليها بعينين قاسيتين.
مالك (بحسم، وهو يرفع حاجبه في استهزاء):
– لا، مخك زنخ أوي، ياريت تقفليه وما تفكريش تاني. أنا واحد جاحد، ومش بيهمني حد. روحي بقى من مطرح ما جيتي. سلام.
خطواته كانت سريعة، كأنما يريد الهروب من الموقف كله. بينما كان يبتعد، استدارت رودينا لتراقبه عن كثب. وقبل أن يختفي تمامًا عن نظرها، تلفت إلى الوراء وقال بصوت هادئ، لكن حاد:
مالك (ببرود):
– أتمنى ما نتقابلش تاني.
كانت الكلمات ثقيلة، لكنها لم تكن قادرة على إخفاء التحدي الذي كان يلوح في عينيها. وقفت ثابتة، نظراتها لا تفارق عينيه.
رودينا (بصت له بتركيز، وكانت نظرتها مليئة بالتحدي):
– على حسب النصيب.
ثم انقضى الموقف كما كان، لكن التوتر الذي كان بينهما لن يختفي بسهولة.
.....
في قسم الشرطة، كان اللواء يراقب التقارير التي أمامه بعناية. نظراته ثابتة، وكأن عقله مشغول بالتخطيط لخطوة جديدة.
اللواء (بصوت حازم):
– حلو أوي كدا.
رودينا، التي كانت واقفة أمامه، لم تستطع إخفاء ترددها. كانت هناك الكثير من التساؤلات التي تراودها، لكنها كانت تعرف أن الوقت ليس مناسبًا لطرحها.
رودينا (بتردد، ثم صوت خافت):
– مش فاهمة، يا فندم، إحنا بنعمل دا كله ليه؟
اللواء نظر إليها بجدية، ثم رفع رأسه ببطء، وكأنما يقرأ أفكارها. كانت المهمة التي كلفها بها ليست سهلة، لكن هو كان يعلم أن الوقت قد حان لتطبيق الخطوة القادمة.
اللواء (بصوت حازم، مع نظرة ثابتة):
– استعدي للخطوة الجاية.
رودينا، رغم القلق الذي بدا في عينيها، أومأت برأسها في امتثال. كانت تعرف أنها لا تملك سوى تنفيذ الأوامر، مهما كانت.
رودينا (بقليل من الحيرة، لكن مع احترام تام):
– أوامر سعادتك، يا فندم.
...........
داخل أرشيف المستشفى – مساءً
كان الهدوء يخيم على المكان إلا من صوت أنفاس مالك المتسارعة، وعيناه تتنقلان بين الأوراق القديمة والملفات المتراكمة. يده ترجف وهو يقلب في الملفات، كل ورقة يسحبها كانت تثقل قلبه أكثر.
مالك (بهمس متوتر):
 مش معقول… كل دول!
(يقف مذهولًا، يحدّق في مجموعة من الملفات تحمل أسماء مرضى… معظمهم توفوا، أو اختفوا دون أثر.)
يقترب من أحد الملفات، يسحبه بسرعة، يقلبه… ويصدم.
مالك (بصوت مبحوح):
دي… دي الحالة اللي كنت متابعها من شهرين واتوفت مع انها كانت مستقرة جدا!
ينهار جالسًا على الكرسي، يغطي وجهه بيده. بعد لحظات، ينهض  فجأة وكأن شيئًا قد اشتعل داخله.
مالك (بحزم وغضب مكتوم):
لا… لازم حد يعرف باللي بيحصل
لازم أقول ليحيى… مش هسكت على اللي شُفته ضميري مش هيسمح بكدا. في ناس ماتت يمكن لو اتشجعت وبلغت هنقذ ارواح تانية كتير
...
مالك يمشي بسرعة، أنفاسه تتلاحق. وجهه مليء بالحيرة، وعيناه تائهتان.
مالك (في نفسه):
لو المعلومات دي صح يبقى في حد بيستغل المرضى… أو بيغطي على جرايم كبيرة بس مين؟
..........
في شقة يحيى
يدق مالك الباب بقوة. يحيى يفتح وهو لابس بيجامة، وعلامات النوم على وجهه.
يحيى (بدهشة):
مالك؟! في إيه؟ 
مالك (يندفع للداخل):
اقفل الباب… بسرعة!
(يحيى يقفل الباب، ومالك يبدأ يشرح له وهو يلهث، يخرج من حقيبته بعض الأوراق والملفات.)
مالك (بعصبية):
أنا كنت براجع ملفات أرشيف الحالات… ولقيت حاجات… حاجات مرعبة يا يحيى.
في حالات كتير ماتت في ظروف غامضة، وتشخيصهم اتغيّر فجأة… وفي ملفات متعدلة بخط مش بتاع الأطباء اللي كانوا متابعينهم!
يحيى (يأخذ الورق ويبدأ يقراه):
استنى… استنى كده… إنت بتقول إن في تلاعب في التقارير الطبية؟ 
مالك (بعينين مليانين خوف):
أنا مش متأكد، بس في أسماء اتكررت… وناس اختفت بعد ما دخلوا المستشفى.
أنا خايف يا يحيى… خايف أكون فتحت على نفسي باب مالوش آخر انا الكاميرات شافتني وانا معايا الورق يايحيي تفتكر هموت؟
يحيى (يسنده وبيتكلم بهدوء يحاول يطمنه):
مالك، إهدا… مش هتموت ولا حاجة، محدش هيقربلك،
مالك (بصوت مخنوق):
 المرضى اللي كانوا تحت إيدي، كانوا كويسين!
فجأة اتنقلوا العناية… وبعدها ماتوا.
وأنا ساكت… كل مرة كنت بقول دي قضاء وقدر… بس ده مش قدر، ده شغل بني آدمين!
يحيى (ينظر في الملفات، تقاطيع وشه بتتغير):
فيه توقيعات ناقصة، أدوية متغيرة…
ده ممكن يكون شغل شبكة، مش مجرد خطأ طبي.
مالك (بعصبية):
وأنا لسه سايب ورق هناك!
لو حد دخل الأرشيف ولقاني قلبت حاجات مش من اختصاصي…
أنا ورّطت نفسي يا يحيى!
يحيى (ينظر له بتركيز):
لا… إنت عملت الصح.
بس من اللحظة دي، لازم نتحرك صح
مالك (بقلق):
إزاي؟!
يحيى (يفكر بسرعة):
هنصور كل حاجة، نسجّل كل حاجة.
بس نحتفظ بيها في مكان برا المستشفى…
وهنبدأ نسأل ونراقب، بس من غير ما نلفت نظرهم.
(لحظة صمت بينهم، وبعدين…)
مالك (بنبرة فيها رعب):
إنت متخيل؟ لو اللي بيحصل ده من فوق… من إدارة المستشفى نفسها؟
يبقى احنا قدام وحش كبير يا يحيى…
يحيى (بصوت منخفض وخطير):
يبقى لازم نعرف اسم الوحش…
ونقطع راسه قبل ما يبلعنا.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1