رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الخامس بقلم جميلة القحطانى
يتنفس على أطراف أصابعه.
سهير كانت واقفة في المطبخ، تُمسك بوعاء العدس بحذر، تراقب حجمه كأنها تستشير الحبوب عمّا إذا كان يكفي للعشاء. تعلم جيدًا أن خالها محسن لا يحب كثرة البهارات، ولا يطيق أن يتأخر الطعام عن موعده.
دخل محسن من الباب الخارجي، عابس الوجه كعادته. وضع مفاتيحه على الطاولة بصوت أقرب للطرق منه للوضع، ثم سار بخطوات ثابتة نحو المطبخ.
إيه الريحة دي؟
شوربة عدس، حضرتك بتحبها… صح؟
لم يجب. نظر في القدر، ثم إلى الأرض، ثم إلى سهير وكأنها كائن غريب في بيته.
يعني إنتي جاية بيتنا علشان تطبخي وتتفنني؟!
جف حلقها، لكنها حاولت التماسك: لأ والله، بس كنت فاضية وقلت أساعد شويّة.
ما تساعديش. كل واحد يلتزم بحجمه.
قالها ومشى نحو غرفته، يصفق الباب خلفه.
في المساء، اجتمعوا على المائدة. محسن جلس في مكانه المعتاد، يُقلّب العدس ببطء.
ده معمول بزبدة؟
لأ، زيت بس... زيت دوّار، علشان صحي أكتر.
رفع نظره نحوها للحظة، صامتًا. ثم تناول الملعقة وأخذ أول رشفة.
ظل يأكل دون كلمة. فهد لاحظ، وسهير اكتفت بالصمت. كانت تظن أنه سيقوم كالعادة دون أن يُكمل، لكنه أكمل الطبق كله.
وبعد أن انتهى، قال وهو يقوم:المرة الجاية... خلي العدس أنشف شوية.
لم يكن هذا مدحًا، لكنه لم يكن هجومًا أيضًا.
وسهير، في تلك اللحظة، شعرت كأنها كسرت حجرًا صغيرًا من جدار كبير اسمه محسن.
في خضم ضغط الشغل، يُعلن فهد عن صفقة ضخمة مع شركة أجنبية، تتعلق بتوريد معدات لمشروع حكومي حساس. الملفات محفوظة على جهازه الشخصي، لكن في اليوم التالي، تُفاجأ الشركة بأن العقد والتفاصيل تسرّبت إلى المنافسين.
فهد يجنّ جنونه، والتحقيق يبدأ.
يُكتشف أن أحد أجهزة الشركة تم استخدامه لتحميل الملفات، والغريب أن هذا الجهاز يعود إلى غرفة جانبية في بيته نفس الغرفة اللي كانت سهير تستخدمها أحيانًا في الطباعة أو الدراسة.
