رواية فاما اليتيم فلا تقهر الفصل الخامس 5 بقلم سلمي سمير


 رواية فاما اليتيم فلا تقهر الفصل الخامس 

وصل إيهاب في صباح اليوم التالي، وكان بهاء بانتظاره في المطار. ما إن وقعت عيناه على أخيه حتى تقدّم منه مسرعًا يسأله بلهفة:
بهاء، أوعى تكون دفنت ماما قبل ما أشوفها!

هزّ بهاء رأسه نافيًا، ثم احتضنه بقوة وقال بعينين دامعتين:
ماما بخير يا إيهاب، بخير والله… حاولت كتير أتصل بيك وأطمنك، بس تليفونك كان مقفول… آسف إني سبتك على نار القلق قبل ما أوضحلك اللي حصل. بس روح لما شافتني ببكي، افتكرت إن ماما ماتت… وانت فهمت منها كده.

تنفّس إيهاب بعمق، وأطلق تنهيدة طويلة محمّلة بالارتياح:
آه يا أمي… أحمدك يا رب إنك عايشة!
يلا بينا، أنا مش هرتاح غير لما أشوفها بعيني.

انطلقا معًا فورًا إلى المستشفى.
دلفا إلى قسم العناية المركزة، ولكن الغرفة كانت خالية… لا والدتهما هناك، ولا روح
أسرع بهاء نحو مكتب الاستعلامات، سأل الموظف بقلق، فأجابه هذا الأخير بابتسامة هادئة:
إهدا يا أستاذ بهاء… الست الوالدة بخير، وخرجت من العناية إلى غرفة عادية… رقم (...) في الدور اللي فوق.

ما إن سمع إيهاب الرقم حتى هرول نحو الغرفة، يتبعه بهاء. طرق الباب، وما إن انفتح حتى فوجئ
بـ روح أمامه…
ارتمت على صدره وانفجرت باكية بحرقة:
أبيه إيهاب… ماما فاقت! أحمدك يا رب… أحمدك يا رب!

ضمّها إيهاب بحنان أخوي عميق، يُقدّر كم الألم والخوف الذي مرّت به، وقال:
الحمد لله يا  روح  ربنا يباركلنا في عمرها وصحتها.
عن إذنك… هدخل أشوفها.

دخل إيهاب الغرفة بخطوات ثقيلة، وقلبه يسبق جسده…انحنى على يد والدته، وقبّلها مرارًا وهو يبكي بحرارة:
الحمد لله… نزلت وشوفتك بخير يا ست الكل…
متتصوريش وانا جاي ومتخيل إنك مشيتي… الدنيا كانت سودة في عيني إزاي!
ربنا يباركلي في عمرك… وما يحرمنيش منك أبدًا يا ست الحبايب.

ربّتت ابتسام على وجنته، وضمّته إلى صدرها، وقالت بمزاح وحنان أمومي دافئ:
لو كان تعبي هو السبب اللي رجعك، يبقى أنا مستعدة أفضل تعبانة على طول! وحشتني يا إيهاب..
إيه يا قلب أمك؟ خلاص الغربة خدتك مننا كده؟

ابتسم إيهاب بعينين دامعتين، وكفكف دموعه، ثم قبّل رأسها وقال وهو يحتضنها:
والله يا أمي… مفيش حاجة كسرت قلبي قد البُعد عنكم. اسمعي، إنتي هتيجي تعيشي معايا، أنا خلاص. مش قادر أتحمّل حرماني منك تاني.

دفعت ابتسام كتفه برفق وابتسامة حانية:
آه!… واسيب أخوك وروح  لمين؟ دول من غيري يحتاسوا!  الواجب عليك تعمله، انك تتجوز وتفرّحني، وتعيش مع مراتك وتعوّضنا فراقك!
كبرت وبقيت 25 سنة… مش كفاية كده؟

ضحك إيهاب وقال ممازحًا:
ومين بقى اللي أمّها دَعِيَة عليها علشان ترضى بيا؟!

تدخلت روح في الحديث ضاحكة:
يالهوي يا أبيه! دي أمها هتبقى دَعِيَة ليها، مش عليها، اللي تبقى من نصيبك!
يارب… أوعدني بواحد زيك، سكر كده وحنين…
يا بختي إنك أخويا.

نهض إيهاب وضمّها إليه بحنان أخوي عميق، وقال مبتسمًا:
خلاص يا ستي… مدام أمها دَعِيَة ليها مش عليها،
يبقى إيه رأيك؟ ابقي جوزك انت … موافقة؟

نكّست روح  رأسها خجلًا، تهرب من نظراته التي أربكتها، فسمعا صوت بهاء قادمًا من الباب، وقد بدا غاضبًا:
هو ده وقته الكلام ده  يا إيهاب؟!
مش هتقوم  تيجي معايا للدكتور الأول تعرف منه حالة ماما؟!

قبّل إيهاب رأس روح  برقة، ثم نظر لأخيه وقال بهدوء:
حاضر يا بهاء… يلا بينا، بس ليه حاسس إنك متوتر؟
أوعى تكون إنت سبب مرض ماما… خصوصًا وإنك مش قادر تبص في عينيها!

رمقت ابتسام ابنها بهاء بنظرة ضيق ومرارة، وقالت بهدوء الأم التي تعرف خبايا أبنائها:
لا يا إيهاب…بهاء هو بهاء، اللي جواه عكس اللي بيقوله لسانه. هيفضل كده… غشيم، لحد ما يخسر الكل. وعشان أنا فاهماه… مش بزعل منه،
بس بدعيله… ربنا يصلح حاله، ويهديه على أخته الغلبانة. روح

حدّق إيهاب في أخيه بحدة، وقد فهم مغزى كلام والدته على الفور، فهتف بنبرة غاضبة:
أفهم من كلامك… إن مفيش فايدة فيه لسّه بيفتري على روح ! وبيجرحها بكلامه الدبش
والله يا بهاء… لتندم ندم عمرك لو خسرتها.
يلا يا أستاذ، امشي قدامي خلينا نفهم من الدكتور حالة ماما، ونشوف هنتصرف إزاي.

رمق بهاء روح بنظرة غيظ مكتوم، ثم تبع أخاه إلى مكتب الطبيب.
جلسا أمامه، وسأله إيهاب عن الوضع الحالي لوالدته، فأجابه الطبيب بهدوء:
حالة والدتك استقرت، وده شيء كويس… بس ده ما يمنعش إن العملية ضرورية، وفي أقرب وقت.

سأله إيهاب باختصار جاد:
طيب… هي حالتها ممكن تتحمل السفر؟
أنا شغال في شركة استثمارية بدولة أجنبية، وعندي تأمين طبي شامل للأسرة… يعني ماما هتستفيد بيه،
وأظن الرعاية هناك هتكون أفضل. إيه رأي حضرتك؟

قرأ الطبيب آخر التقارير، ثم قال بثقة:
ما فيش مانع… حالتها تستحمل السفر.الإمكانيات هنا  متاحه وكويسة، لكن مدام عندك تأمين يشمل كافة التكاليف، يبقى بالفعل الأفضل تعملها بره.

تنهد إيهاب براحة، وقال:
تمام… شوف حضرتك الإجراءات المطلوبة، وأنا هكلّم زميل ليا هناك يجهز كل حاجة لحد ما نسافر.

طلب منه الطبيب الانتظار قليلًا حتى يُجهز بعض الأوراق، كي يُسرّع من إنهاء الإجراءات.

وفي أثناء ذلك، التفت إيهاب لأخيه وقال:
بهاء، اتفضل أنت اقعد مع ماما لحد ما أخلص كل حاجة هنا.

وافق بهاء وعاد إلى الغرفة… فوجد والدته قد غفت على سريرها.أشار إلى  روح  أن تلحقه خارجًا.
خرجت، مترددة، تسبقها نظرات الخوف من وجهه المعبّس، وقبل أن تنبس ببنت شفة، قال بنبرة لاذعة:
مالك يا هانم؟ فرحانة بنفسك… ورايحة تحضني إيهاب؟ إيه؟… مصدّقة إنك لقيتي راجل يتقبلك؟
ويتقبل أفعالك القذرة؟!

تسمرت روح في مكانها، تحدّق فيه بذعر لا تصدق ما تسمعه… لكن بهاء لم يتوقف، بل تابع يهينها بلا رحمة، وصوته يفيض احتقارًا:
اسمعي…ابعدي عن إيهاب أحسنلك! أخويا يوم ما يتجوز  هيتجوز اللي تشرفه، وأكيد مش هتكوني إنتي… فاهمة؟

دفعها بعنف إلى الحائط، ثم أمسك بذراعها وهزّها بقسوة، وعيناه تقدحان تهديدًا.
تجرّعت روح مرارة كلماته، وابتلعت انكسارها، ثم تمتمت بصوت خافت مكسور:
حاضر يا بهاء…ما تقلقش، أبيه إيهاب يستحق فعلا حد أحسن مني أكيد.  أنا… عمري ما فكرت فيه بالشكل ده، لأني دايمًا شايفاه أخويا… لكن إنت،
إنت اللي مش عارف أتعامل معاك كأخ…ولا كعدو…
ولا إيه بالضبط…أنا احترت معاك.

صاح بها ثائرًا، والغضب يتفجر في صوته كحمم بركان، لا تدري له سببًا:
يا ستي بناقص تتعاملي معايا…بتاع إيه يعني ؟ 
ابعدي عني! وانتِ هترتاحي… وتريحيني منك،
اتفضلي… غوري من قدامي. واسمعي…لو عملتي اللي في بالك، وقربتي من إيهاب تاني، اقسم برحمة
بابا انا مش هرحمك… هتتمني الموت الف مره 
من اللي هتشوفيه علي ايدى فاهمه!!!!!

تلقّت كلماته كصفعات متتالية تمزق قلبها، لكنها تجرّعت الألم بصمتٍ موجوع، ثم همست بصوت مخنوق:
حاضر يا بهاء… هبعد عن أبيه إيهاب، وهبعد عنكم كلكم…وأوعدك…أول ما ماما تقوم بالسلامة،
هسيب البيت… وأريّحك مني،ومن عار أمي كمان!

انهارت باكية، والدموع تتساقط على وجنتيها كأمطار حزينة، لكنه لم يكتفِ، بل دفعها نحو الحائط، وحاصرها بذراعيه دون أن يلمسها، صائحًا في وجهها بغضب عارم:
إنتِ بتهدديني يا روح؟! طيب… وريني هتمشي من البيت إزاي! وابقي اشوف ازاي هتخرجي عن طوعنا؟
علشان ساعتها…هسيّح دمك! إيه يا روح هانم ؟!
خلاص… ما بقاش ليكي كبير؟ وعايزة تمشي على حل شعرك… يا هانم؟!

دفعته بيديها المرتجفتين لتبعد أنفاسه الغاضبة عنها، تلك الأنفاس التي تحرقها وتربكها، وتُفجّر في داخلها مشاعر لم تعد تعرف كيف تسيطر عليها. ثم صاحت بجزع وحسرة، تضرب خدها بكفّها:
يالهوي… يالهوي عليّا وعلى سنيني! إنت عايز إيه مني بالظبط؟! تحب اموت نفسي علشان ترتاح؟
يا بهاء… انت  تكرهني كره العمى كده ليه،  لا منك  طايقني…ولا عايزني أمشي، ولا بترحمني من لسانك!
أعمل إيه؟! قولّي بس إيه يريحك وانا اعمله والله؟
بس ارحمني كفاية ذلّ بقى… هو انكتب عليا ياريي اليُتم..... والقهر ...والذل كمان؟! 
يارب خدني وريحني…باااارب يااااااارب!

تجمّدت ملامح بهاء  أمام دعائها على نفسها، وكأن شيئًا انفجر بداخله…
وبدون أن يشعر، جذبها بقوة إلى صدره، واحتضنها بشراسة ممزوجة بالحنين والندم، وراح يدفع رأسها إلى جوف قلبه، يربّت على ظهرها برفق مكسور:
طيب… خلاص، اهدي وحياة ماما عندك..وسامحيني، اتحمّليني يا روح دايمًا عصبيتي بتطلع عليكي…

سكتت روح ما إن ضمّها إلى صدره… وكأن صوته هدّأ العاصفة بداخلها. تنهدت بقوة، وأغمضت عينيها، وتركت نفسها تستريح فوق دقات قلبه.
كم تمنت أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظة…كي تدوم، ويطول دفء حضنه للأبد…
طال صمتها، وخف صوت نحيبها…
فشعر بهاء بتوتر مفاجئ، خائفًا من أن تكون قد فقدت وعيها، فصاح بجزع، يهزّها بلطف:
روح.....يا "روح"! إنتي معايا؟ولا… روحتي فين؟!

اخدت نفس عميق تتشمم في عبقه رائحته وردت بصوت خامل عذب ورقيق :
ايوه يا بهاء معاك وهفضل معاك العمر كله، بس ارضي انت عليا وحياة ماما وارحمني من غضبك

ربت علي شعرها الحريري،رفع وجهها ناظرالي عيناها الحالمه وابتسم له وهو يتفحص جمالها الذي ازاد مع احمرار وجنتاها علي اثر لطمهم اياهم وقال بحيرة من امر نفسه لما يكنه لها:
مدام خلفتيني  بماما  حاضر ياروح بس ادعيلها ربنا يطولنا في عمرها، وفي حاجه كمان بلاش تسمحي لحد يحضنك حتي لو اخويا او انا فاهمه

أومأت له بالموافقة، وابتسامة رقيقة انسلت على شفتيها دون قصد…لكنها ـ رغم عذوبتها ـ أججت في صدره نارًا لا يفهمها…
هل غضب منها؟ أم من نفسه؟ أم من جمالها الذي بات يلفت النظر ويوقظ فيه كل ما كان يخشى الاعتراف به؟ لا يعلم…
فقط شعر بالاختناق، والتفت عنها بعنف وكأنها جرح لا يريد رؤيته--
*********
أنهى إيهاب جميع الإجراءات الخاصة بسفر والدته، واستعدّ لاصطحابها للعلاج بالخارج. لكن بقيت روح  كعقدة لم تُحلّ…معضلة لم ينتبه لثقلها إلا حين عاد إلى والدته ليطمئنها ويبشّرها:
خلاص يا أمي، كل حاجة تمام، هنسافر خلال يومين، وهتعملي العملية هناك إن شاء الله في أحسن مستشفى… وتقويم لينا بالسلامة 

لكن ابتسام نظرت إليه بقلق فاجأه، وقالت بصوت متهدج:
يعني إيه أسافر معاك؟! وروح؟! اسيبها لمين؟
أنا عايشة معاها وبرعاها، والبنت  مش خلصانة من لسان الناس… وانا معاها ،  عايزني أسافر، وأسيبها ليهم ينهشوا لحمها؟! وأولهم… أخوك؟!
لاء يا إيهاب، أنا الموت أرحم عندي من إني أسيب اليتيمة دي  الخلق تتقطّع في  سيرتها،
عايز تسافر بيا؟ طمّني عليها الأول… غير كده لا!

كان وقع كلامها كصفعة على قلبه…نظر  أيهاب إلى روح الجالسة في صمت، منكسرة النظرات، وكأنها تخجل من وجودها، فقال بحيرة وانكسار:
معاكي حق… روح قاصر، ومينفعش أسافر بيها،
وفي نفس الوقت… مقدرش أسيبك وانتي في الحالة دي، ولا ينفع تعيش مع بهاء لوحدها،
وقرايب بابا مش هيستضفوها، ولا عمرهم حبوا إنها تكون مننا أصلاً…بصراحة… أنا مش لاقي حل!
حتى لو اتجوزتها إنقاذًا للموقف… برضو مش هينفع تسافر معايا، ولا تعيش مع أخويا.

رفعت ابتسام رأسها بصلابة وقالت بحسم:
يبقى تنسى موضوع السفر من أساسه…لو فيها موتي، خليني هنا أعمل العملية أو حتى بلاش خالص… انا مش هسيبها… مش هسيب اليتيمة اللي ملهاش غيري. يقهروها ظلم وذلك في غيابي......

تنهد إيهاب، ومسح وجهه بتوتر، وهو يدور ببصره بينهم، وكأن عقله يحفر بين جدرانه عن حل مستحيل… ثم هتف فجأة وكأن لمعة الفكرة أضاءت في رأسه:
في حل واحد… مفيش غيره، يريّح ماما، ويحافظ على روح، وينهي القصة دي من جذرها.

نظر إليه بهاء بريبة، ورفعت  ابتسام حاجبيها باستفهام:
قول يا إيهاب، إيه هو الحل؟ ربنا يصلح حالك

اقترب إيهاب من روح وربت على كتفها برقة، وقال بحماس:
مدام بهاء هيعيش معاها طول فترة علاج ماما،
معايا بره يبقى يتحمّل مسؤوليتها كاملة…ويحميها من كلام الناس عليه وعليها، بالجواز.

كأن الكلمة هبطت كسيف على رقبتها، شهقت روح وارتجفت أوصالها رعبًا من القكرة ،أما بهاء فقد انتفض، وكأن جمرة سقطت على جلده، وردّ بعنف مجنون غير عابئ بمشاعرها البريئة:
إنت اتجننت يا ايهاب ؟!
عايزني أتجوز بنت الحرام دي؟!

وقبل أن يُكمل إهانته، ارتفعت يد إيهاب، وصفعه صوت الصفعة ارتطم بجدران الغرفة، وأسكت الجميع. جمد بهاء في مكانه، وارتبك روح،
وساد صمت ثقيل،
يتكئ فيه كل منهم على مشاعره المختلطة،
بين وجع وكبرياء، وبين قهر لا ينطق.

أما عيني إيهاب، فامتلأتا غضبًا لا يُحتمل،
ونطق بقهر مكتوم:
إنت قليل الأصل… روح أشرف منك مليون مرة…
وتشرف اي راجل  بأخلاقها وتدينها يا واطي، 
والله يا بهاء لولا أمي…كنت عرفتك قيمتك كويس!

ثم التفت إلى روح فوجدها تبكي بصمت،لكن ملامحها لم تعد تلك الملامح المنهزمة…
بل  ملامح امتلأت بشيء جديد…قوة…او ربما… كبرياء من نوع آخر.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1