رواية نجم الراضي الفصل الخامس بقلم فاطمه النعيمي
سيدة_الاخويات
في المجتمع المسيحي يوجد نوعان من نساء الدين عندهم
الراهبات
والاخويات
الراهبة فتاة عذراء توهب نفسها للكنيسة ولاتتزوج ابدا وتنقطع عن الدنيا وتبقى لخدمة الكنيسة من عبادة وصلوات وتعليم الاطفال تعاليم الدين المسيحي ومهمات كثيرة اخرى كحضور مجالس العزاء واداء صلاة جميلة جدا يتناوبن مع النساء المعزيات بسلاسة وانسجام مذهل
كما انهم يفتحون دورات في الكنيسة كل صيف للتدبير المنزلي والاعمال اليدوية والحرف وايضا يقومون بفتح دورات مستمرة لارشاد العرسان وذلك بعد ان تتم خطبة العروسين يتوجب عليهم حضور محاضرات في الكنيسة لتعليمهم الحقوق الزوجية والطريقة الصحيحة للعشرة الحسنة بين الزوجين وامور كثيرة اخرى
وهناك ايضا الاخويات
وهن نساء متزوجات كبيرات يهبن انفسهن لخدمة الكنيسة ومهمتهن الصلوات على المتوفي والقيام بانشطة انسانية عظيمة مثل العناية بالمسنين وبالايتام بالاضافة لبعض النشاطات الانسانية والتعبدية داخل الكنيسة ونشاطات اخرى في الاحتفالات الدينية
وكانت السيدة جانيت واحدة من اهم نساء الاخويات بكنيسة دير العذراء
.......
لكن......
لم تكن بداية جانيت هكذا بل
كانت بداية مختلفة تماما
نشأت جانيت في اسرة متوسطة الحال يملك ابوها مطحنة سمسم لصناعة الطحينية
مما يدر عليه مبالغ جيدة الى حدا ما يجعله يعيش براحة واستقرار
لهذا ادخل اولاده وبناته كلهم في المدارس الحكومية في أواخر السبعينات
وفي سنين المراهقة الاولى ككل البنات احبت جانيت ابن الجيران حبا اصبح حديث الناس كان اسمه سمير
كانت جانيت جميلة للحد الذي يفوق الوصف وكذلك سمير كان وسيما جدا وكان الناس رغم ثرثرتهم يرددون دوما انهما يليقان ببعض
وكانت امها مرتاحة لهذا الحب فسمير الولد الوحيد لأبيه الثري وفي النهاية ستصبح ابنتها سيدة هذه الثروة
كانت ام جانيت تدعو سمير لكل مناسبة تحصل عندهم
اعياد ميلاد مناسبات نجاح اولادها او حفلة تناول اختها الصغرى
((التناول هو عملية تنصير الطفل في سن العشر سنين وهي عملية تنصيره الثانية فالاولى تكون حين مولده ويسمونها العماذ))
وكانت ام سمير تقريبا تبارك هذا الحب ايضا فجانيت جميلة جدا وامها صديقة عزيزة على ام سمير
كانت أجواء الاسرتين مشبعة بالرضى لهذه العلاقة
وحين انهت جانيت دراستها الاعداية وفي عيد ميلادها السابع عشر اقسمت لسمير امام تمثال العذراء في الكنيسة على الوفاء الابدي وكذلك فعل سمير،
واستطاعت جانيت الحصول على معدل جيد يدخلها كلية الهندسة لكنها فضلت الادب الانكليزي فحسب راي والدها اولا واخيرا ستسافر الى جنتهم التي يحلمون بها
امريكا حلم جميع المسيحين في العراق
كان هذا في بداية الثمانينيات وما ان دخلت الكلية وباول شهر بدأت قصة حب بينها وبين زميل لها وهامت به عشقا وجنونا وهو ايضا احبها حد الهوس
نسيت كل عهود الحب بينها وبين سمير
واصبح سمير حين يذهب الى اهلها ليراها
كانت لاتخرج اليه واذا خرجت تكون في اسوء حال منكوشة الشعر منزعجة لاتتكلم معه
لم يخطر بباله للحظة واحدة ان جانيت غدرت به
وكان يقلب كل الاحتمالات الا ان تكون جانيت قد احبت شاب آخر وبعد سنة من حبها لزميلها اعترفت لسمير بكل شيء
لم يصدق اذنيه كان في حالة ذهول لدرجة انه خرج دون ان ينطق بكلمة وذهب الى البرية وضل يصرخ ويصرخ ويبكي ويضرب نفسه حتى فقد الوعي
لم تكن جانيت حب حياته بل كانت هي الحياة نفسها حين فقدها شعر انه فقد الحياة
بعد صحوته من الاغماء
جلس يفكر بكل شيء كل حل لكنه توصل الى ان من خانت عهود الحب لاتصلح لحياته ابدا
لكنه يشعر انه مشوه،
فقد القدرة على فكرة الاستمرار بدونها
وعسر الحياة معها
مرت عليه لحظات كان على استعداد القبول بكل شيء لو هي قبلت بالرجوع اليه
لكنه استعاد بذهنه صدودها له خلال السنة الماضية كلها فتوصل الى انها لن تعود ولو سعى لعودتها وعادت لن تعود في قلبه تلك القديسة التي كان يرى انها معبودته التي كان يشعر بذنب الشرك حين يراها ويتمنى من كل قلبه ان يبقى مشركا لولا انها ارجعته مؤمنا بالمسيح مرة اخرى
كان لسان حاله يقول
((قد كنتِ لي ذنبا رجوت الله ان لايغفره فغفرته))
في ليلة واحدة، تحول من عاشق إلى هارب إلى أمريكا، تاركًا وراءه كل ذكرياته كأنها جثة محنطة.
واسوء ما بالامر ان الحبيب الجديد كان مسلما من الموصل وهذه جريمة كبيرة بالنسبة لوالد جانيت،
لم يعلم والد جانيت بهذا الامر الا بعد مضي عامين على العلاقة حيث وصلت العلاقة للزواج السري وبدأ يظهرعلى جانيت اعراض حمل مؤكد ...
وبعد تحقيق وتحقيق معها من قبل امها عرفت ان ابنتها تزوجت زواج عرفي من شاب مسلم
وانها حامل منه
حاولت الأم ان تجد امراة تثق بها لتساعدها على اجهاض جانيت
وو جدت طبيبة من اقرباء زوجها
وقامت بالأجهاض
رغم رفض جانيت للأجهاض وتوسلاتها لامها بترك الجنين لكن اصرار امها على الاجهاض اجبرها على التمدد على سرير الطبيبة
كانت جانيت تبكي الم الاجهاض
والم فقد الجنين
ذلك الجنين الذي كان ثمرة حبها لزوجها
شعرت وكأن الملعقة المعدنية التي استخدمتها الطبيبة تزهق روحها قبل قتل جنينها،
حاولت الام منع جانيت من اكمال دارستها لكن جانيت رفضت واصرت على الاستمرار بعد ان وعدت امها انها لن تلتقي بزوجها المسلم
لكن جانيت لم تفي بالوعد كعادتها
واستمرت بعلاقتها مع الشاب المسلم
حتى آخر سنة لدراستها وقرر الشاب واسمه جاسم
الزوج يجانيت رسميا وتقدم لخطبتها من والدها
و ذهب هو واهله لخطبة جانيت لكن والد جانيت ردهم ردا قبيحا جدا قال لهم بالحرف الواحد
- عندنا مثل يقول لو اصبح المسلم ذهبا لاتضعه في جيبك لانه سيخرم جيبك ويخرج فكيف ازوج ابنتي لأبنكم
قال ابو جاسم
- ياسيد ابو جانيت هما متزوجان فعلا وانا وانت اذا وافقنا او لم نوافق ليس الامر مهما اصلا وانا اعدك وعد رجال انها ستبقى على دينها
لكنه اصر على الرفض
وماهي الا ايام حتى انتقلت جانيت لبيت عمها المسلم كزوجة لابنهم دون الرجوع لرأي والدها بعد ان تم عقد القران رسميا في المحكمة الشرعية
بعيدا عن رضى وقبول والدها
وعاش الزوجان في بيت اهل الزوج والتحق زوجها بالخدمة العسكرية بعد ان تخرج لانه يسبقها بعام ليستشهد في اول معركة يدخلها من معارك الحرب العبثية
لتصبح جانيت ارملة وهي لم تزل في الواحد والعشرون من عمرها
ارادت العودة لبيت اهلها خصوصا انها لم تحمل بعد الاجهاض لكن عمها(ابو زوجها) اقنعها بالجلوس وهي ايضا لاتريد الرجوع لوالدها الذي كان رافضا لهذا الزواج ورغم ان امها واخواتها كن يزرنها احيانا الا ان والدها لم يقترب منها ابدا
وانهت دراستها وحصلت على شهادتها وهي في بيت عمها المسلم
وبعدة مدة يسيرة بدأ عمها يخطبها من نفسها لابنه الثاني والذي هو اصغر منها
في باديء الامر رفضت ثم بعد فترة
بعد ان بدأ حموها بالتودد لها وافقت وتزوجت الاخ الثاني ولم يدوم هذا الزواج كثيرا فبمجرد ان استلمت جانيت حقوق الشهيد من بيت وسيارة
استطاع زوجها تجريدها من هذه الاملاك وطلقها وطردها لبيت اهلها ليستقر في ذهن جانت صحة مقولة ابوها
-لو كان المسلم ذهبا لاتضعه في جيبك
عادت جانيت كسيرة القلب مجردة من كل شي الا من شهادتها
قدمت اوراقها للتوظيف حصلت على وظيفة مدرسة للغة الانكليزية في متوسطة دير العذراء
لم يقترب احد من جانيت فكل الناس يعرفون انها غدرت بسمير وهناك اخبار عن عدم قدرتها على الانجاب
مرت السنوات مثل موجات البحر تطحن الصخور...
حتى وجدت جانيت نفسها فجأة في الثلاثينيات من عمرها، وحيدة في بيت الطفولة."
بعد موت امها وابوها وسفر اخوتها لامريكا
في اواسط التسعينيات
وبعد ان استقروا هناك طلبوا منها ان تلحق بهم لكنها رفضت رفضا قطعيا
وانتمت للاخويات
واصبحت اخوية في الكنيسة وحياتها تتمحور بين الكنيسة والوظيفة والبيت وتميزت بدورها في الاخوية حتى اصبحت رئيسة الاخويات في هذه الكنسية
وذات يوم حضر احد الاساقفة بزيارة للكنيسة
ولكثرة اعجاب رواد الكنيسة بجانيت
اهداها الاسقف سلسلة مع صليب من الذهب الخالص مزين بحبة ماس صغيرة في الوسط ،
ولشدة اعتزازها بهذه الهدية وضعتها في عنقها ولم تعد تنزعها مطلقا
وكن زميلاتها يحذرنها ان هذا الصليب سيتسبب ذات يوم بقتلها
كانت جميلة
رشيقة القوام ورغم هذا لم يقترب منها احد ويطلبها للزواج أبدا
بعد حادثة رهيفة بمدة اشهر وفي أواخر صيف ذلك العام
ولأول مرة لم تذهب جانيت للكنيسة كعادتها ومضى يومان وهي غائبة
فارسل القس في اليوم الثاني احدى الاخويات لتسال عنها ذهبت السيدة الى بيت جانيت
وطرقت الباب عدة مرات ولا احد يجيب
فنادت احد الشباب المارين من هناك وطلبت منه ان يتسور سور البيت ليدخل ويرى ماهي قصة جانيت
وما ان صعد فوق السور حتى نزل مسرعا
وقد تبدل وجهه المتسائل الى وجه شخص مرعوب
وقال بكلمات سريعة متقطعة وهو يكاد يطير
- ساذهب لاستدعي الشرطة
قالت السيدة بخوف
-ماذا هناك ؟
قال وهو يكاد يبكي خوفا
-هناك دم.....
كثير يلطخ......
مدخل غرفة من الغرف......
والباب مفتوح وهناك اغراض كثيرة مبعثرة،
كان يتكلم وهو يرتعد ويحرك يديه بطرقة غير مسيطر عليها
وحين وصلت الشرطة كسروا الباب ليكتشفوا مقتل جانيت بابشع طريقة حيث ضربت بمطرقة على راسهاحتى الموت بعد ان تم تعذيبها بأبشع الطرق
وتمت سرقة كل شيء ذو قيمة في بيتها حتى صليبها المميز واقراط اذنيها بعد ان تم قطعهما وبدأ التحقيق والسؤال والجواب لكن الشرطة لم يجدوا اي دليل واضح ولم يخطر ببالهم ابدا شلة نجم الراضي لصغر سنهم لان الجريمة كانت وحشية تنبيء ان المجرم
رجل كبير وقوي جدا وحريص
بحيث انه لم يترك خلفه دليل عليه ابدا
ولأن شلة نجم الراضي كانوا قد اختفوا منذ زمن
وحين سالوا ابو نجم عنه قال لهم لقد وجد عمل في بغداد وهو بعيد كل البعد عن هذه الجريمة فهو غير موجود منذ اشهر
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم