رواية لطيفها عاشق الفصل السادس 6 بقلم سميه راشد

 

رواية لطيفها عاشق الفصل السادس بقلم سميه راشد

 
"أحيانًا ما يكون الحديث المكبوت منذ سنين هو الحل الأوحد للخروج مما ظننا الفرار منه محالًا"
اشتعلت مراجل الخجل بروحها وأصوات الزغاريد التي تطلقها زوجة عمها تصل إلى مسامعها فتزيد من حيائها، لا تعلم لما تشعر بالتوتر البالغ يقف على أعتاب غرفتها ويقترب منها بخطواته كلما ضاق الوقت وشارف الميعاد المزعوم على الانتهاء، تستاء من قلبها الأهوج الذي يدق كالطبول وكأنه ينتظر عشيقه الذي بات ليالٍ طويلة يتغنى بحبه له وليس ذلك من لفظ قلبها لفظًا وارتدى كرامتها كحذاء بالٍ بقدميه، الاندهاش يقبع على حواسها من سعادتها التي تشرق من نافذة قلبها على استحياء.

تُقرُّ أنها لا تتخذ عبدالرحمن عشيقًا لقلبها ولكنها كانت تتخذه صديقًا وأبًا وأخًا بل وأمًا افتقدتها حد الوجع أليس كل هذا يكفي؟! فماذا تريد أكثر من ذلك وهي التي دائمًا ما كانت تعشق مرافقته بالطبع ستحلو الحياة برفقته وتعود الأمور إلى سابق عهدها النيِّر.

تصفعها كرامتها المجروحة بين الحين والآخر زجرًا لها على تجاهلها إلا أنها بعدما تتعافى من كل صفعة تعدها بأنها لن ترضخ له سوى بعدما تذيقه من الويلات جرَّاء ما فعل وستجعله يُقبل غرورها تقبيلًا ليرى إن كان سيقبل بالصفح أم سيطرد ذاك الصفح شر طردة.

تيقظت من شرودها على صوت صغيرة عمها "رحمة" التي دخلت تهلل بسعادة 
-عبدالرحمن نزل يا دنيا يلا استعدي 

ليعانقها التوتر بقوة جعلت من أنفاسها تغادرها بصعوبة فالتقطت رقية الجالسة منذ مدة توترها ففاهت بما تحاول به التخفيف من حدة التوتر
- اهدي يا دنيا.. دا عبدالرحمن

إن كانت تقصد بجملتها أن تمحي توترها فقد فشلت أما إن قصدت مضاعفته فهنيئًا لها على نجاحها بما أرادت، أليس الأصعب في الأمر أنه عبدالرحمن ذاته! فلما يرون بأنه قادر على إخماد قلقها واسمه لا يفلح سوى في تدمير أعصابها.

طرق أحمد باب الغرفة الذي كان مفتوح قليلًا لتجيب رحمة بعدما عدلتا هي وشقيقتها من وضعية حجابهما
- اتفضل
دلف بابتسامته التي سبقته فأنزلت رقية نظرها عنه تلقائيًا بينما فعلت دنيا العكس لتطالع هيئته بترقب فنطق
- تعالي يا دنيا اقعدي معانا يلا
تحولت نظراتها إلى الرجاء الشديد الذي لا تخصه به سوى في اللحظات النادرة فالتقط رجاءها بقلب محب ثم اقترب منها ممسكًا بذراعها هامسًا بخفوت 
-متقلقيش أنا معاكي.. ومتخافيش من أبوكي هو مكلفش نفسه إنه يحضر أصلًا.
اغتمت عينيها بضيق من ذكر ذاك الذي شعرت بالارتياح يغزو روحها فور علمها بتغيبه، تهادت بخطواتها تخرج من الغرفة برفقة شقيقها لتصطدم بهيئة ذاك الذي وقعت عينيها عليه جالسًا أمام وجهها فأخفضت نظرها سريعًا وأنفاسها تتعالى بقوة كأنها مجرمًا وقع تحت يدي الشخص الذي سُينفذ به حكم الإعدام. تود لو أنها تهرب من هذه الجلسة أو تجعل لها وكيلًا ينوب عنها حتى تستطيع السيطرة على اضطراباتها التي خربشتها هيئته، لقد استطاع اللعب على أوتار قلوبها الهزيلة بطلته المحببة لقلبها، فمن أخبره بأنها تعشق أن تراه بالأبيض والأسود معًا؟ أمن الممكن أن يكون كشف عن مكنونات قلبها وعلم أنها تحبه بخصلات شعره السوداء المصفوفة بعناية إلى الخلف فيظهر طولها الذي أحيانًا ما يداعب مقدمة كتفيه بإغراء من طوله؟! 

حمدت ربها سرًا لارتدائها الحجاب في هذه اللحظة، فحتما كان الحضور سيقارنون خصلات العريس الحريرية مع شعر العروس المُجعد بتموجاته، على الأقل الهيئة الخارجية تنافس مظهره الآن فبشرتها البيضاء تقف بمقابلة سمرته وفمها الصغير جدًا دائمًا ما أثنى الجميع على رقته المتناغمة مع أنفها حتى أنها تتفوق عنه بغمزاتيها اللاتي تقابل طابع الحسن المزين لأسفل ذقنه المخفي خلف لحيته.

لم تحسب لانسلالهم من الغرفة حين شرودها حساب فقد فاجئها صوته الخشن الذي نطق بهدوء 
-أكيد مستغربة الوضع اللي إحنا فيه دلوقتي 
رفعت نظرها لتدور بأعينها في أنحاء الغرفة بحثًا عن شخص ما إلا أن عيناها لم تجد سواه فازدادت سخونة الدماء الجارية بأوردتها ولم تنتبه إلى مقولته ليتابع حديثه معتقدًا أن تمنعها عن الحديث يرجع لنفورها منه أثر نفوره في السنوات السابقة
- دلوقتي فهمتي ليه قاومت رغبتي وامتنعت عن مرافقتك غصب عني صح؟

حديثه جعل الغضب يطمس أي شعور آخر كان يداعبها في الدقائق القليلة السابقة، أي حاجة تلك التي يتحدث بها هذا؟ ألا يرى نفسه مخطئًا بما فعل في الماضي؟!

نوت تجاهل سؤاله كي لا تتفوه بما تندم عليه لاحقًا فترجم صمتها على أنها مازالت خجلى من الموقف العجيب الذي يضمهم فتابع
- بلاش نتكلم في اللي فات واللي مبقاش ليه لزوم دلوقتي.. نتكلم في الحاضر أحسن.

لتنفجر غضبًا هذه المرة وصوتها يصدح بأنحاء الغرفة
- عندك حق فعلًا اللي فات ملوش لزوم.. أي حاجة جمعتني بيك قبل كدا نسيتها أصلًا.. أكيد يعني مش هفتكر إهانة اتعرضت لها وأنا طفلة.
- صوتك يهدى.. وياريت تتكلمي بأسلوب أفضل من كدا عشان نقدر نتناقش.

أحقًا استمعت منه إلى هاتان الجملتان الحادتان اللاتي تثيران الاستفزاز حد الموت؟!.. أهو بموقف يأتمر به عليها الآن؟!

كظمت غيظها وانفعاله هذا يذكرها بعبدالرحمن الذي كانت ترافقه وكأن السنين لم تمر، فهو مازال يأمر فيريد الطاعة كما السابق ولكن أمازال له الحق في الطاعة بعدما رفعت أفعاله هذا الحق عنه؟!

تابع بعد لحظات من الصمت عمَّت في الغرفة فكادت تخنقها معًا
- عارف إني أخطأت بطريقتي وقتها بس دا لسبب إن شاء الله هتعرفيه بعد أسبوع بالتحديد بعد كتب الكتاب.

ما هذا الشخص المتبجح الذي يجلس أمامها فيجعلها تريد خنقه؟! وكيف يتحدث بثقة عن عقد القران التي لا تعلم أتفق مع أبيها عن موعده أم أنه حدده من تلقاء عقله المتسلط بل وكيف يتحدث بلهجة الواثق من موافقتها هكذا! أهي أعطته موافقتها دون أن تدري! لتنطق شفتاها بآخر ما فكرت به
- دا إن كان في كتب كتاب بقا.

ساد الصمت بأنحاء الغرفة لتشعر بالخوف.. حقًا راودها خوف مازال في مهده من صمته.. فهذا الكائن مريب في جميع أحواله حتى صمته مريب، لكنه كان هكذا مع الجميع وليس معها هي فلما الآن يعاملها مثل البقية، قررت رفع أنظارها إليه لتعرف سبب صمته لتصعقها نظراته الهادئة المتأملة لها وكأنه طفل صغير يحدق بلعبة تأبى والدته شرائها له، غريب هذا الكائن بل بات غريبًا فباتت تشعر أنها لا تعرفه وهي التي كانت تظن بحفظها له عن ظهر قلب.. أغيرتك السنين يا عبدالرحمن أم أنا التي لم أكن على علم بكامل خرائط عقلك! 

أخفضت عيناها دون القدرة على مجابهة نظراته فاستمعت إليه بعد دقيقة ينطق بهدوء وكأنه يقر بحقيقة واقعة لا محال
- هيكون بعد أسبوع إن شاء الله وبعدها لينا كلام تاني.

لم تجبه بل انشغل بصمتها الذي نبه على محاولتها تشُّرب كلماته فقال مغايرًا لحديثهما السابق
- أنا مش محتاج أسأل عن حاجة لأني عارف الإجابات أكتر منك لو محتاجة نتكلم عني في حاجة اتفضلي.. 

أمازال له الرغبة في افتتاح الحديث بعدما أشبعها بطلقاته التي كان يرمي بها منذ قليل؟ لتجيبه بما حاولت به إثارة ضيقه
- مليش نفس.. وبعدين ملوش لزوم.
ابتسامة صغيرة كشفت عن أسنانه البيضاء لتخبرها أنه كان ينتظر ردها هذا فلم تفلح فيما أرادت لتعود بعينيها إلى الأرض مرة أخرى بعقلٍ مستفَز ليأتيها صوته.
- مش قلت لك عارف الإجابات أكتر منك..

استجابت لرغبة قلبها في رفع نظرها إليه ومراقبة معالم وجهه التي بالطبع ستكون أخاذة بنظرة الثقة التي تزين عينيه فوجدته هو الآخر يتأملها بهدوء فأشاحت بأنظارها بعيدًا عنه بخجل وكأنها تم التقاطها في مسرح الجريمة.

دلف رفيق برفقة زوجته وزوجة أخيه الفقيد بعدما شعروا بأن الوقت الذي تركوهما فيه كافيًا ليسود الحديث العائلى دون حديث آخر لهما وكأنهما اكتفيا بهذا القدر اليوم بينما يبدو أن عبدالرحمن استغل فرصة الرؤية أسوأ استغلال فلم يتوقف عن اختلاس النظرات كلما سنحت له الفرصة.
___________________

محادثة أخرى وردت إلى رحمة بعد ذاك العدد المهول من المكالمات التي لم ترد عليها منه، في السابق كانت تجيبه مهما تفاقم الشجار بينهما شفقة عليه من القلق وهو بعمله الشاق ولكن هذه المرة لا تقدر، تشعر بأن روحها جريحة وتحتاج الكثير من الوقت كي تعود لما كانا عليه إلا أنه لا يبدو أنه يتفهم حاجة عقلها إلى الهدوء فباغتها بإحدى رسائلة التي قرأتها على الفور
- رحمة ردي حالًا وإلا قسمًا بالله هسيب الشغل وآجي ومش هراعي أي عواقب ممكن تحصل لي بسبب كدا.

ماهر هو في إثارة قلقها والتأثير بقلبها بكلمات قليلة لترفع هاتفها الذي اشتعل رنينه وتجيبه قسرًا بحدة
- نعم! 
- ‏نعم! 
ردد كلمتها باندهاش من الطريقة التي تحدثه بها، فرحمة لم تكن تفعل هذا أبدًا ليشعر بها تلتقط أنفاسها بعنف وكأنها تنازع الهواء باقتناصها منه فانتظر قليلًا بانتظار ردها، يعلم أن هناك شجارًا حدث بين والدته وبينها فالأولى أخبرته بأنها كانت تسأل رحمة عن سبب ضيقه ولكن رحمة أجابتها  بتعنت بل وأغلقت الهاتف بوجهها بنهاية المحادثة، حقيقةً هو لا يصدق رواية والدته ويعلم أن أكثرها افتراء لذا لم يتهم رحمة بشيء فقط أراد أن يفهم منها ما حدث ولكن بردها هذا يبدو أن والدته فعلت الكثير.. الكثير الوافر.

- عامل إيه 
صوتها الرقيق اخترق سمعه ليخرجه من دوامة التفكير بأفعال أمه فأجاب باقتضاب
- الحمد لله.. ممكن أعرف إيه اللي حصل ولسه مبترديش.. ومهما حصل إزاي مبترديش عليا.

صمت آخر حل بينهما فلم يصدر عنهما سوى أنفاسهما المتوترة من خوف ما سيحدث إن انتهت المحادثة بما يخشيانه لتنطق بهدوء
- بص يا كريم.. مش هحكي اللي حصل عشان أنت عارف إن والدتك بتتصل عشان إيه.. بس المرة دي أنا أخدت قرار ومش هتراجع عنه.

قرار اتخذته.. هذا ما كان يرهب سماعه فهذه الكلمة كانت المفتاح لفسخ خطبته السابقة وهذه الأخرى سترمي قلبه برصاصات القسوة تلو قولها لكلمة القرار هذه التي بات يبغضها ليتفوه بلسان ثقيل 
- أي قرار؟

- إن كنت حابب فعلًا خطوبتنا تستمر زي ما أنا حابة ومتمسكة  بيك لآخر لحظة فأنا مش هختلط بوالدتك نهائي.. حتى يوم الجمعة اللي كنا هنتقابل فيه أوقات أجازتك مش هحضره.. ووالدتك مفيش مكالمات هاتفية بيني وبينها تاني.. أنا مش حيوان كل فترة أتقبل إهانة وأسكت المرة دي اتعايرت بأبويا المتوفي المرة الجاية إيه هيحصل؟

زفر بقوة ضائقًا مما أوصلت إليه والدته الأمر بينهما ولكن بالنهاية هي ما أصرت على قطع العلاقة بينها وبين خطيبته ولن يتجبر على هذه ويحملها مالم تستطع عليه صبرًا، يعلم أن رحمة لينة القلب وستستجيب له إن أرضى قلبها ببضع كلمات ولكن هو يميل لما قالت لعل الخلافات تزول وينتهي الحديث بهذا الأمر فأجابها
- وأنا مرضاش ليكي أي إهانة يا رحمة وأنت عارفة.. وأدام دا هيريحك معنديش مشكلة

لم تستطع الرد عليه ليتابع بعتاب
-بس دا ميمنعش إنك غلطتي في عدم ردك عليا.. مهما كان اللي حصل تردي.

أومأت وكأنه يجلس أمامها ثم أجابت بهدوء وقلب مازال منزعجًا
-كنت مشغولة مقدرتش أرد

ليأتيها رده المقتضب
-تمام سلام إما تبقي فاضية إبقي كلميني.

أتبع حديثه بإغلاقه للمحادثة فنظرت إلى هاتفها بقلة حيلة ثم خرجت إلى التجمع بالخارج لعلَّ أحاديثهم الدافئة تدفيء سقيع  قلبها.
__________________
التحق عبدالرحمن بأصدقائه بشقة هلال بعدما انتهى من ذاك اللقاء الذي زلزل مشاعره بقلبه وكأنه أعادها لأوج لحظات اشتعالها بعدما كان يحسن إخمادها، جلس مقابلًا لمهدى بينما هلال يصنع بضع فناجين من القهوة بانتظار قدوم ناصر الذي يرافقهم من القرية المجاورة. 

ازداد استفزاز مهدى له بعدما علم بأنه اليوم كان يجلس برؤية شرعية ليقول بتسلط
- مستنيين نشوفك يا خفيف 

لتتسع ابتسامة مهدي أثر تخيله لذاك اليوم الذي تهفو إليه نفسه، فقط لو ترضى من تصبو إليها النفس ولكن أين هو الآن منها وهي تتمنع عليه وتقيم عند جدتها منذ ذلك اليوم الذي أعرب فيه عن مشاعره تجاهها بأسوأ طريقة.

التفتوا جميعًا إلى ناصر الذي دلف من باب المنزل بذات الوقت الذي قدم فيه هلال بالقهوة، وضع هلال ما يحمل على الطاولة ولم تمر ثانية إلا وباغتهم بالتطبيل على باب إحدى الغرف يردد بمرح
- ادلع يا عريس يا أبو لسة نايلون.. ادلع يا عريس يا أبو لسة نايلون

ليجاريه مهدي الذي رفع يديه مسقفًا هو الآخر بينما ناصر هز رأسه بقلة حيلة من أفعالهما الصبيانية التي ستجعل عبدالرحمن ينقض عليهما بأحد المرات ولن يكلف هو نفسه عناء إبعاده عنهما فهما يستحقان أكثر مما سيفعله.

توقفا فور إدراكهما لضيق عبدالرحمن الذي يشتعل غضبه من كل ما يجاوره حتى أنفاسه إن لم يكن يحتاجها لكان تشاجر معها هي الأخرى! 
ليكون مهدي أول من تحدث 
- مش بنحتفل بيك 

لم يجبه عبدالرحمن الذي أشاح بوجهه بعيدًا عنهما يرفض الاندماج معهما كي لا يزيدا من جنونهما، فغير هلال الحديث قائلًا بما أثار صدمتهم
- مش أنا هخطب! 

لم يتفاعل أحد مع عبارته كان يدرك ذلك قبل أن يتفوه بما أدهشهم، فهم على علم بعشقه لطليقته حتى وإن انفصلا كان الجميع ينتظر قرار عودتهما مرة أخرى، فهلال هو الوحيد من بينهم الذي لم يخجل أن يظهر مشاعره لزوجته وكان بتفاخر بمحاولاته البطولية لعودة العلاقة بينهما مرة أخرى ليسأله عبدالرحمن بعبوس
-ليه استسلمت.

صمت هلال ولم يجبه ليتجاهل سؤاله مرة أخرى بل جذبهم مهدي للحديث عن إحدى المباريات فانخرطوا معه بالحديث بعقول تظهر الاهتمام وكل منهم يعلم أن عقل صاحبه ليس معه.
_______________
لقاءهما لم يكن عاطفيًا كما اعتقدت أنه سيحدث، لقد تخيل عقلها عدة أحاديث من بينهم ندمه واعتذاره على ما اقترف بحقها سابقًا بل وخانها عقلها بتمنى ركوعه أمامها وتقديم خاتم الزواج بمشهد رومانسي لن تنساه طيلة عمرها. لكن ما فعله باللقاء! لقد فاق حديثه توقعاتها فأبهرها بتسلطه الذي مازال يتصف به منذ الصغر مما جعل ابتسامتها تتسع حتى بمليء شدقيدها، مجنونة هي تعلم ذلك، فأي فتاة يسعدها تسلط شخصية من تقدم لخطبتها؟! إلا أنها تفكر بالأمر بطريقة أخرى، فلقائهما هذا لم يكن لقاء عادي فحسب بل لقاء أعاد على ذاكرتها جميع ما مر بينهما فأعاد بينهما ذاك الشعور بالطفو فوق أبحر السعادة الذي يراودها كلما جاورته.

ابتسمت عيناها بخجل وهي تتذكر نظراته المختلسة بعدما انضمت إليهم العائلة ليراودها في هذه اللحظة شعور بالذنب، شعور أفاقها على تلك المصيبة التي فعلت منذ عدة أيام بمراسلتها لذاك الغريب عنها، ماذا فعلت؟ أرسلت لرجل غريب تشكوه من عبدالرحمن؟ كيف تجرأت وحدثته أهذه أخلاقها وصفاتها؟ أهذه دنيا التي تستنكر على الفتيات انجرافهن خلف مشاعرهن ومصاحبة الشباب.

أسرعت تبحث عن تلك الرسالة إلى أن زفرت بقوة فور رؤيتها للعلامة السوداء التي تدل على عدم رؤيته لها فأسرعت تحذفها سريعًا غير مدركة بأن القدر خالفها هذه المرة فلم يخطر على عقلها أن انقطاع الإنترنت عن هاتفها هو السبب في عدم تغير لون العلامة الذي خدعها.

نهضت تجلس على فراشها باعتدال حينما دلف أخيها بعدما طرق الباب ليسألها بمرح 
- إيه يا عروسة بتفكري في إيه؟ 

ابتسمت دون أن تعطيه إجابه فتبدلت معالم وجهه إلى الجدية قبل أن يسألها 
- رأيك إيه في الموضوع دا؟ بعيدًا عن أبوكي حتى لو رفض أنا أقدر  أرفض الموضوع مش هتتجوزي غصب عنك حتى لو هاخدك وأسافر تاني.

- وشايف الهرب دا حل يا أحمد؟ طيب ما سهل نعرف عبدالرحمن بالرفض وهيحل الموضوع!

لم تستطع أن تمنع نفسها من تلك العبارة التي تمنع فمها بقوة منذ أن قدم، فرؤيتها لانهيارات رقية وذبولها الذي تنكره نفسها جعلها لم تستطع السيطرة على ما تقول ليطالعها بخجل بعدما فهم ما ترمي إليه ثم أجاب مبررًا
-مكانش أدامي حل غير كدا
-‏لا كان في كتير.. كان أسهلهم إنك ترفض تقول دي أختي أو حتى تعرف رأيك لحد ملوش يد في الموضوع زي عمك رفيق  مثلا بس أنت اللي استسهلت وللأسف استسهالك دا دمر إنسانة كل ذنبها إن عيلتها علقتها بيك 

صمت مفكرًا بحديثها فلم يستطع الإجابة عليها وجزء كبير من عقله مقتنع بما قالت لتتابع هي
- متقلقش يا أحمد عبدالرحمن كويس وأنا موافقة عليه.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1