رواية لطيفها عاشق الفصل التاسع بقلم سميه راشد
لم يكن بحاجة إلى نقل ما أسعد به أبوه قلبه، فصمت الليل كان كفيلًا بأن تصل نغمات عباراته إليها لتسأل على الفور
- اللي سمعته دا صح؟
لم يستطع تحديد شعورها بهذه اللحظة، أهي سعيدة لفقدان من كان يتفنن قبل ساعات بالتمرجح فوق أحبال كرامتها أم حزينة على أب كانت تتمنى أن يكون لها خير معين! لذا حاول حجم شعور السعادة الذي يمرح بين شواطيء قلبه وأجابها بنبرة أصبغها بالهدوء
- صح.
ليكون الشخص الثالث بينهما الصمت بعدما غادر أبيه لشعوره بعدم اكتراث ولده، حاول إجلاء الكلمات من حنجرته إلا أن لسانه عجز عن ما يصف به الموقف الحالي، أيطلق العنان لسعادته فيحزنها أم يكذب ويبدي لها أسفه على ما حدث وهذا الخبر جعل يومه أكثر سعادة، لم يكن من الشامتين بالبلوى يومًا ولكن ألا يحق له السعادة لاحتجاز الظالم خلف جدران العقاب، ألا يحق له أن يسعد لتحقق العدل بوجود من هو مثله في مكانه الطبيعي! حتى وإن كان ما حدث لرجب يضر بسمعة العائلة ولكن ألم يكن جلبه للسكارى بمنزلهم إلى بعد منتصف الليل يسيء بسمعتهم؟!
- مش عارف تقول إيه صح؟
كان هذا قول دنيا التي أنقذته من حيرته التي كانت تأسره بين ذراعيها فرد بما أملاه عليه عقله
- خير أكيد اللي حصل دا خير ممكن بعد ما يتعاقب يرجع عن ذنوبه ويتوب لربنا سبحانه وتعالى وهنا هنقدر نتقبله من قلبنا.
- أنت عارف أنا مش زعلانة إنه اتسجن.. كنت بتمنى اللحظة دي أصلًا وغصب عني في أوقات معينة اتمنيت اللي أصعب منها.. مش هقول كنت نفسي يكون أب كويس لأن وقت الكلام دا فات ربنا يهديه إنه وصلني لدرجة إني بدل ما أزعل على سجنه وأخاف.. أحس بالراحة والأمان اللي أنا حاسة بيهم دلوقتي.
ابتسم عبدالرحمن وأسرها في نفسه، فلم يحدث ما كان يخشاه من تدهور حالة دنيا النفسية بعد اعتقال أبيها بل ما توقعه هو ما حدث ليحاول تغيير الموضوع بقوله
- عايز بقا الدنيا بتاعتي تقولي كانت لابسة أسود النهاردة ليه.
بخوضه الحديث في فستان الليلة جعل ابتسامتها ترتسم على وجهها وهي تتذكر مظهرها اليوم والذي لم يكن ينقصه شيء سوى بعض الزينة التي حرمت عليها لتقول بما راود عقلها
- على الرغم من إني فكرت في اللون الأسود عشان أعاندك بس عجبني أوي كان بس ناقصه الميكب وكان هيكون تحفة.
لينطق بمكر
- طب ما أنتِ حطيتي.
غزا الإحمرار وجهها بعدما تبين لها أنه انتبه إلى اللمسات التي وضعتها بعد مغادرة المعازيم، فلقد تركته عدة دقائق واختلت بنفسها ووضعت أشياء بسيطة لن ينتبه إليها الكثير إلا أن ذاك المكار قد انتبه إليها بل ويشير لفعلتها الآن متعمدًا إثارة خجلها الذي يثير إعجابه.
ليتابع
- مش كان أحلى حاجة إن مفيش حد شافك بالزينة إلا أنا؟! إنك تعملي حاجة خاصة بيا أنا بس.. أنا لواحدى اللي أشوفها وتهتمي بكدا.. دا انتصار بالنسبة لي
لم تخفف كلماته من اشتعال وجنتيها بل ازداد حياؤها فالتهبت أكثر من ذي قبل ليقول بعدما وصل إلى مسامعهما معًا صوت آذان الفجر.
- رايح أصلى.. عايز الدنيا بتاعتي تصلي وتنام وهي فرحانة.. متزعليش لو حسيتي ببعض الحزن من الخبر اللي لسة عارفينه دا طبيعي.. بس متخليش الحزن يتملك منك وينسيكي فرحة إمبارح.. نامي قريرة العين يا صديقة الروح والعمر.
لم يعطها الفرصة للإجابة، فكان يعلم أن الخجل يقف كحجر فوق لسانها وسيمنعها من إجابته فخفف عنها بإنهاء المحادثة لتنظر إلى الهاتف بسعادة مندهشة من كل المشاعر التي تطرق باب قلبها بعدما كان قاحلًا لا يسكنه سوى الهموم العتيقة.
*****************
ربما نقسو أحيانا، نتجنى على من نحب بل نتسبب له بالأذى الذي سيطول قلوبنا قبله، ولكن حينما تأتي اللحظة التي يؤلمه بها أحد سوانا نتمنى لو نذهب لذاك الشخص ونلوك قلبه بين أنيابنا لتسببه بالألم لقلوبنا التي تنبض بصدر من نحب.
كانت مشاعر رحمة تتأرجح بين قلق عليه وحنق وبغض لأمه التي هي السبب في ما هي عليه الآن، منذ عدة أيام وهي على هذه الحالة، فحتى صديقه الذي ذهب يراه بشقته ليطمئنها أخبرها أنه طرده بكل جبروت ولم يدع له المجال ليدلف إلى الشقة ويرى ما يحدث له بالداخل، مسحت عن وجنتيها دموعها التي أغرقتها حينما استمعت إلى من يطرق باب غرفتها لتجدها شقيقتها رقية، حاولت إخفاء حزنها عنها ولكنها بالنهاية تعلم أنها محاولة فاشلة، فرقية لا تنطلي عليها هذه الألاعيب لتسألها بحنو أصبغته بالمرح
- إيه يا رحمة بتعيطي ليه زعلانة على عمك رجب ولا إيه
ابتسمت رحمة ابتسامة لم تصل إلى عينها لتسألها رقية بجدية
- زعلانة أنتِ وكريم؟
لم تجبها رحمة وهي تعلم من قبل أن تسأل بأن الإجابة لن تكون سوى الصمت لتتابع
- عارفة إن أمه بتعمل لكوا مشاكل بس هو كويس يا رحمة اتحملي عشانه
أومأت إليها دون أن تنطق بشيء لتتابع رقية
- وكنت عايزة ألفت نظرك لحاجة.
طالعتها رحمة باهتمام لتكمل
- عارفة يا حمة ممكن يكون السبب في مشاكلكوا إيه؟! إن انتو مش بتلتزموا بضوابط الخطبة، ودا كان السبب إن أمه متحبكيش من البداية.
فهمت رحمة ما ترمي إليه شقيقتها، فهي تشير إلى بداية خطبتهما فكانت رحمة تصرح بحبها وحب كريم لها أمام أي شخص وتظل تعدد من محاسنه حتى فعلت ذات مرة أمام والدته التي نعتتها بقليلة التربية والحياء حينها ومن ذلك الوقت وهي تشتعل غيرة على ابنها التي شعرت بسيطرة رحمة على قلبه.
انتظرت رقية أن تنافشها رحمة في ما قالت ولكن صمت شقيقتها أشعرها بأن الأمر هذه المرة قد تعدى الكلمات فربتت على فخذها تقول قبل أن تنهض واقفة
- متزعليش نفسك يا حبيبتي.. وكل حاجة هتتحل.. ادعي بس ربنا ييسر لك أمرك وإن شاء الله خير.
أومأت رحمة إليها بإيجاب لتنهض شقيقتها بذات اللحظة التي تعالى بها هاتفها برسالة وصلت إليها ففتحت الرسالة سريعًا حينما زين اسم كريم الشاشة لتجد محتواها ما جعل قلبها يرتجف وهي تردد بلسانها غير مصدقة أن المرسل كريم نفسه
- كل شيء قسمة ونصيب.. سامحيني.. أنا مسافر!
********************
عدة أشهر قد مرت لم يحدث بهم سوى الحكم على رجب بعام كامل مع غرامة مالية للقبض عليه وأصدقائه يتعاطون مواد مخدرة، لم يؤثر الخبر على أحد من أقاربه ولا أبنائه وكأنه شخص غريب عنهم بُعده غنيمة، تعمقت علاقة عبدالرحمن ودنيا بهذه الفترة إلى درجة كبيرة فباتت لا تطيق صبرًا للحديث معه، بينما انقطعت أخبار كريم عن رحمة التي تيقنت من سفره المفاجيء فباتت ساهمة الوجه صامتة دائمًا تنعي حبًا لم يكتب عليه بالتمام.
طرقت إحدى النساء على باب رفيق والد عبدالرحمن ليفتح لها الأخير فوجدها جارتهم الحاجة فاطمة ليدعوها للدخول بترحاب شديد إلا أن المرأة رفعت يدها تربت على ظهره بحنو وهي تسأله عن والدته فتركها سريعًا محرجًا من فعلتها ثم دعا لها والدته
استقبلتها عفاف بحفاوة ودعتها للدخول إلا أن المرأة أبت وهي تقول لها
- لأ والله مش فاضية معلشي بس كنت عايزة شنطة السوق بتاعتكوا بتاعتي اتكسرت وعايزة أجيب التموين ضروري.
لتبتسم إليها عفاف قبل أن تجيبها بكرم بالغ
- طبعًا طبعًا.. بس هي تحت بس.. يا عبدالرحمن!
تعالى صوتها وهي تنادي على ولدها ليسرع إليها فقالت له
- معلش يا عبدو انزل البيت اللي تحت ادي الحاجة فاطمة شنطة السوق عشان رجلي تعباني زي ما أنت عارف
أومأ إليها عبدالرحمن وهو يتقدم أمام المرأة مبتعدًا عنها خوفًا من أن تلمسه مرة أخرى مستجيبًا لوالدته التي يعلم صدق حديثها، فقدمها تؤلمها منذ عدة أيام والطبيب أمرها بعدم بذل مجهود، استمع إلى دعوات المرأة التي تلحقه على الدرج المؤدي للأسفل إلى أن وصل أمام المنزل ودق الباب عدة مرات ثم فتحه، فالمفتاح موضوع دائمًا به لأن البيت يعد ملك للجميع ومعظم متطلبات العائلة يتركونها بالأسفل، اصطدمت عيناه بدنيا التي كانت تتقدم ناحية الباب بملابس البيت التي تتكون من سروال واسع من اللون الكحلي المنقوش بوردات صغيرة تناثرت عليها بينما في الجزء العلوي ارتدت "تيشرت" أبيض بدون أكمام فشهقت بخجل حينما وجدته أمامها لتسرع إلى أول ما رأته أمامها وهو المطبخ.
اشتعل الغضب بعينيه وهو يراها تقدم ناحية الباب بهيئتها هذه فالتفت إلى المرأة التي كانت تتبعه ليجدها تغمز له بعينيها تمزح معه وهو الذي لم يرغب المزاح مع النساء يومًا، كظم غيظه من انتباه المرأة لما حدث فبالطبع ستكون حكاية النوم لأولادها الليلة ما رأته الآن، كان موقف لا يحسد عليه، لا يدري ماذا عساه أن يفعل، فالمرأة إن ذهبت دون أن يصحح الأمر بعقلها ستسيء بهما الظنون ففكر سريعًا إلى أن هداه عقله لاستغلال فكرة نعت الجيران له بالمتشدد ليزعق قائلًا بغضب
- عاجبك كدا يا حاجة ينفع اللي أنا شفته دا
عقدت المرأة حاجبيها بعدم فهم لا تجد مبرر لغضبه، فمن المفترض أن يسعد الآن لتسأله
-في إيه يا ابني
- ينفع تفتح الباب كدا يا حاجة، مينفعش أشوفها كدا.. دائمًا أنبه عليها تفتح بالخمار تقوم تفتح بلبس البيت.
هزت المرأة رأسها بدون فهم متعجبة من شخصيته المعقدة فهو نجح في إيصال فكرة أنه يريدها تفتح الباب له بالخمار بينما استخدم عبدالرحمن التوريه في حديثه كي لا يكذب وكان يقصد أنه لا يريدها أن تفتح لأي رجل غريب سوى بالخمار فقالت المرأة تراضيه وهي تشفق على دنيا من المعقد الواقف أمامها
- معلش يا ابني هي صغيرة تلاقي مش قصدها أو مخدتش بالها
كشر عبدالرحمن عن أنيابه وهو غاضب بالفعل من دنيا
- لأ يا حاجة دا الموضوع كبير
هزت المرأة رأسها غير متقلبة لحديثه ثم قالت
- طيب معلش يا ابني حقك عليا المرة دي نبه عليها بعد كدا تفتح لك بالخمار وأنا هروح دلوقتي وابعت لي الشنطة مع حد.
أومأ إليها سريعًا بإيجاب ليزفر بعمق فور انصرافها من أمامه وما لبث أن انقلبت عيناه إلى الغضب مرة أخرى وهو يدلف إلى البيت.
شعرت دنيا بالخوف يتسرب إلى عروقها وهي تستمع إلى وقع خطواته المتجهة ناحيتها، فقد استمعت إلى حديثه مع المرأة وفهمت ما فعل ولكن ما تغلب على خوفها هو الخجل من أن يدخل إليها ويراها مرة ثانية بهذه الهيئة فهي حشرت بهذا المطبخ الضيق ولا تجد كيفية للخروج منه دون أن تقع تحت عيناه مرة أخرى، تخجل من أن يراها هكذا، فمنذ أن عقد قرانهما وهي ترتدي الحجاب أمامه ولم يرها بشعرها ليراها مرة واحدة بهذه الهيئة!
وصل عبدالرحمن إلى المطبخ لتقع عيناه على هيئتها التي يراها للمرة الأولى بها فمن اعتاد عليها دنيا التي تخبيء مفاتنها خلف حجابها أما هذه المتفجرة الأنوثة فلم يرَ منها شيء، أشاح بنظره إلى الجهة الأخرى متصنعًا عدم الاهتمام وهو يسألها عن حقيبة السوق التي بالفعل تواجدت في المطبخ كما أخبرته أمه فالتفت إلى الحقيبة فور رؤيتها لتستغل دنيا ذلك وتسرع مهرولة إلى غرفتها فنظر إلى أثرها بشرود محاولًا نسيان هيئتها التي أسرته بها أو ربما يحفظها لعله يتذكرها حينما يثور عليه فؤاده.
لم تمض دقيقة واحدة إلا وعادت إليه ترتدي اسدال الصلاة فوق ثيابها فكشر عن وجهه وسألها بغضب
- إزاي تفتحي الباب بالهيئة دي أنتِ اتجننتي.. افرضي راجل غريب كان واقف.
هزت رأسها بالنفي تقول
- أنا مكنتش هفتح كدا
- متكذبيش.
صرخ بها حينما نفت وهو الذي اصطدم بها كانت تأتي تجاه الباب فصمتت ولم تجبه ليعلو صوته مرة أخرى قائلًا بغيره أعمته عن الهدوء
- ردي.
ليصله صوتها المرتجف بخوف تقول
- والله ما كنت هفتح كنت هقف ورا الباب أقول مين زي ما بعمل دائمًا ولو حد غريب أكيد مش هفتح.
اقتنع بقولها إلا أن موجات غضبه مازالت لم تخمد بعد فنطق بحدة
- حتى لو.. البيت أي حد بيفتح علطول والمفتاح في الباب ممكن حد يدخل عليكي كدا.
لتشعر بالضيق منه فلم ترَ نفسها أخطأت بما فعلت ولم يحدث أن فتح غريب عليها فبيتهم بمكان آمن لتقول بتهكم
- ماشي هبقى أقعد في البيت بعد كدا بالخمار.
- تمام اتريقي يا دنيا
نطق بجملته ضائقًا منها ثم توجه إلى باب الخروج كي لا تقدم المرأة التي يعرفها لحوح مرة أخرى وتراهم بمفردهم في البيت ولكن قبل أن يخرج أمر ببرود
- جمعي حاجتك واطلعي بيتكوا تاني.. مفيش داعي تفضلي هنا أبوكي كدا كدا مش موجود.
لم يترك لها الفرصة للاعتراض، فهي لن تصعد إلي بيت أبيها مرة ثانية مهما كلفها الأمر، فذاك البيت وإن كان خاليا من سجانها إلا أنه مازال السجن الذي قضت به أسوأ أيام حياتها لتشعر بالضيق من عبدالرحمن الذي ولى ذاهبًا دون أن يستمع إليها، ذاك الحجر الذي كانت ترسم لقاءً رومانسيًا لهما بخيالها حينما يطالع هيئتها المتبرجة التي رآها عليها ليكون رد فعله كما فعل!!
بعد عدة ساعات انتظرت أن يهاتفها فخاب ظنها، يبدو أن الشيخ مازال غاضبًا منها وعليها مصالحته، فبعدما فكرت بالأمر وجدت أن غضبه راجعًا إلى غيرته وهذا لا يلام عليه ولكن مازالت تشعر بالضيق منه لأمره لها بمغادرة البيت السفلي بل وطريقته الفظة معها لتخرج من حقيبتها الخاصة بالدروس ذاك الكارت الذي اشترته لتزود هاتفها بالإنترنت الذي انقطع عنه منذ عدة أشهر ولم تفكر بإعادته سوى الآن لتتوالى على رقمها الرسائل إلا أنها لم تشغل بالها بها بل لم تفكر بتفحصها فما أرادته فقط هو مراسلة عبدالرحمن لترسل إلى رقمه
"لأول مرة من وقت ما اتزوجنا تكون غير متفهم معايا وترجع للطريقة دي تاني تأمر فتطاع"
قالت كلمتها الأخيرة التي تعلم أنها تثير غضبه ليصلها الرد بسرعة لم تتوقعها
"أنتِ كمان اللي زعلانة؟! غلطانة وزعلانة"
"أنا مغلطتش أنا مكنتش هفتح ومش هقعد في الشقة بلبس الخروج إزاي أقعد في البيت كدا حرام"
" تقعدي في أوضك كدا مش لازم تقعدي برا.. وبعدين عارفة إن حد جاي ملبستيش الاسدال وأنت خارجة أدام الباب خبط ليه ولا دا بتلبسيه ليا فثانية"
كتب جملته الأخيرة ضائقا منها لاهتمامها بارتدائه أمامه بينما كانت ستظهر مفاتنها للأخيرات بسخاء لتبتسم حينما تلمست غيرته من بين كلماته فكتبت
"خلاص ممكن منتكلمش في اللي حصل.. أنا آسفة فعلًا إني حطيتك في الموقف دا أدام الحاجة فاطمة ويارب ما تفضحنا"
كتبت جملتها الأخيرة تدعو من قلبها، فإن نشرت المرأة الأمر بين الجيران فمن المحتمل أن يسيء الناس الظن بهما وبالأخص وهما معقود قرانهما ويسكنان ببيت واحد بل وأبيها غائبًا بقضية مخلة بالشرف ولن يتهاون الناس في التحدث عنها فأجابها عبدالرحمن حينما استشعر قلقها
" أنا زوجك على فكرة.. فضيحة إيه.. أنا بس مكنتش عايز حاجة خاصة بينا تتعرف بين الناس"
"ماشي يا عم"
"عم!"
كتب لها متصنعًا الدهشة لتجيبه بخجل
"خلاص يا عبودي متزعلش"
ابتسم على لقب الأطفال ذاك الذي تنعته به تظن أنها هكذا تغازله ليكتب إليها متغزلًا بطريقته لعله يعلمها أصول الغزل
"لا العشق خياري ولا غرام النساء من شيمي ولكني والله بين بحورك غرقت"