رواية عشق لايضاهي الفصل التسعون 90 بقلم اسماء حميدة


رواية عشق لا يضاهي الفصل التسعون بقلم اسماء حميدة


قالت سيرين بنبرة خاڤتة أشبه بوشوشة النسيم وهو يمر فوق غصن هش نعم... لكن دينا لا تعلم أنني صاحبة اللحن المسروق ولا أرغب أن تكتشف ذلك أبدا.
أومأت كوثر في صمت وكأنها تحرس سرا مقدسا فمنذ أن أفصحت دينا بخفة لا تخلو من الخبث عن معرفتها بمكان سارة وتامر وجدت سيرين نفسها مضطرة للتخفي خلف أقنعة لا تشبهها.
كانت كل حركة لها تخطوها بألف حساب وكل نظرة توزن بميزان الذهب فلو كشف أمرها ولمحها سارة وتامر فلن يكون بوسعها أن تفلت من قبضتهما أبدا... لا جسدا ولا لحنا ولا حتى حلما سيحول من تبديل حياتها إلى أسوأ مما كان في ظل عثور سارة وتامر عليها.
استعرضت سيرين في ذهنها صورا مشوشة عن جشع سارة ذاك الذي لا يشبع وخېانة تامر التي طعنتها في خاصرتها دون أن تترك دما مرئيا وعندما هاجمتها تلك الهواجس شعرت بمرارة تتسلل إلى حلقها كأنها تجرعت غصة تصلبت فلا تبتلع ولا تستطيع إخراجها.
وبعد نقاش طويل مع كوثر حول سبل مقاضاة دينا همت بالمغادرة لكن كوثر استوقفتها بصوت امتزج فيه الحنين بشيء من الرجاء
نادرا ما نلتقي وزاك ما زال غارقا في دراسته... ما رأيك بجولة في المركز التجاري القريب الهواء قد يصفي شيئا من هذا الغبار الذي يغلف قلبك.
لم تملك سيرين أن ترفض وكأن الكلمات التي نطقتها كوثر قد تسللت إلى خلايا الحزن في صدرها وأقنعتها.
مضتا معا نحو قلب المدينة النابض حيث تلتقي الأرواح التائهة بالضوء المنبعث من واجهات المتاجر والزجاج ينعكس عليه كل شيء إلا النسيان.
تنهدت كوثر وهي تتأمل المدى
رغم أن ظافر... رجل لا يمكن وصفه إلا بالخسة إلا أنه لا ينكر عليه ذكاؤه الحاد. هل تعلمين أن كل مدينة رئيسية في هذا البلد أصبحت تملك شوارع تجارية كهذه وهو وإن لم يكن المالك فله الحصة الأكبر في أسهمها فقط تخيلي كم يجني من ورائها سنويا إضافة إلى أراضيه وشركاته واستثماراته الافتراضية... إنه كوحش متعدد الرؤوس ينهش من كل اتجاه.
أطرقت سيرين رأسها تخفي اللوعة التي لاحت بمقلتيها حالما رأت في كلمات صديقتها ظلا لرجل لطالما تردد اسمه على أطراف أفكارها فهمست تؤكد ما أقرت به كوثر
ظافر نجح دون شك في سحب شركات آل نصران من مستنقع التكرار إلى زمن السرعة والدهاء.
قالت كوثر وهي تمسك بذراعها برفق يشبه العتاب
لو أنه فقط يحمل ذرة من المبادئ لكان الأمر مختلفا... أكثر اتساقا أقل تناقضا.
ثم ولجتا معا تتخطيا بوابة المركز التجاري وكأنهما تدخلا بقدميهما إلى مشهد جديد حيث لا يلوح في الأفق شيء واضح سوى الغموض.
دخلن المتجر كأنهن نجمات من زمن آخر خطواتهما ثابتة تفوح بثقة ناعمة تراقص بلاط الرخام اللامع لمتجر للأزياء الراقية حيث كل قطعة معلقة تحمل
توقيعا من عبق الخيال لمصممين تسجل أسماءهم على صدارة أغلفة المجلات حيث النسيج يحاك من خيوط الكبرياء لا القطن والحرير فقط.
وما إن وطأت أقدامهن المكان حتى انطلق أحد المساعدين بخفة الصقر متأهبا لخدمتهن.
توجهت كوثر مباشرة إلى قسم التجربة وقد خيل لها أن تلك الملابس خلقت خصيصا من أجلها.
أما سيرين فجلست في ركن الاستراحة تطالع انعكاس صورتها في واجهة زجاجية دون أن تدري أن عيونا تترصدها بخبث من الظلال.
وفي لمح البصر خرجت كوثر وهي ترتدي فستانا يخطف الأبصار كأنها قادمة من لوحة استشراقية معلقة في قصر تاريخي... عندها أشارت امرأة أنيقة لكن في عينيها شرر خبيث إلى الفستان وهمست للبائعة
أريد هذا بالضبط.
كانت قوانين المتجر صارمة
لا نسخ لا تكرار... قطعة واحدة فقط من كل تصميم تماما كما تخلق الأرواح.
تقدمت كوثر بخطوات هادئة لكن صوتها حمل نصلا نافذا وذلك بعد أن استمعت إلى حديث تلك الغيورة إلى العاملة
عذرا رأيت هذا أولا.
ضحكت المرأة ضحكة تحمل في طياتها كل غطرسة الدنيا
وهل يعني هذا أنك اشتريته الرؤية لا تقيد ملكية عزيزتي.
لم تتراجع كوثر بل رمشت عيناها بڼار التحدي في حين أن قالت المرأة الأخرى للبائعة
اشحني المبلغ على بطاقتي.
قالتها وهي تخرج بطاقتها كمن يشهر سيفه في ساحة معركة.
ارتبكت البائعة بين مطرقة الغرور وسندان الولاء فيما التقطت سيرين طرف الخيط من بعيد فنهضت بخفة راقصة باليه واتجهت نحو الاشتباك الصامت وما إن وقع بصرها على المرأة حتى تجمدت خطواتها للحظة.
إنها هي... إيفون الابنة الثالثة لعائلة مرموقة والصديقة اللدودة لدينا.
قالت سيرين بنبرة هادئة كنسيم يسبق العاصفة
ما الأمر كوثر
أجابت كوثر وهي تنفث ڠضبها
هذه المرأة تحاول افتراس الفستان من بين يدي! رأيته أولا لكنها تصر على خطفه! لا أعلم من تكون لكن غرورها يصيبني بالغثيان.
ابتسمت إيفون كمن يفتح أبواب الچحيم دون خوف وقالت
الآن فقط أفهم... كنت أتساءل من التي تجرؤ على حيازة شيء يعود لأخرى لكنني لست مندهشة بعد الآن. صديقتك سيرين معروفة بذوقها في سړقة ما ليس لها... حتى الرجال.
كان صوتها كالسم في كأس من الكريستال وها قد التفتت الأنظار وتوقفت الأيدي عن طي القماش.
فقالت كوثر وقد اڼفجر الڠضب من عينيها
ماذا قلت نظفي فمك قبل أن تتكلمي!
ضحكت إيفون من جديد بصوت مرتفع متعمد
ألم تسمعي أعيدها بصوت أعلى إذا سيرين تجيد اصطياد رجال الأخريات!
كان صدى كلماتها كصڤعة على جبين الكرامةفلم تحتج سيرين إلى التفكير بل اقتربت من إيفون ببطء محسوب ثم رفعت يدها وصڤعتها صڤعة رنانة اخترقت سكون المتجر كصړخة في جنازة.
شهقت إيفون وقد توهج خدها بلون الډم في حين أن صړخت سيرين بنبرة من رماد الكرامة
احترمي نفسك وحافظي على نظافة لسانك!
لكن إيفون لم تكن لتتراجع إذ اندفعت نحو سيرين كذئبة جريحة
محاولة الانقضاض عليها.
وهنا جاء دور كوثر التي لم تتردد للحظة وإذا بها تشمر عن ساعديها وقد انقلبت من عارضة إلى محاربة
اثنتان ضد واحدة ستكون النتيجة محسومة والله لأجعلك عبرة أيتها الحمقاء!
تراجعت إيفون وقد أصابها الذعر من عزم كوثر وصړخت بصوت هستيري
أين أنتم أطردوا هؤلاء الوقحات فورا! هل تسمحون لمثل هذه الحثالة بالتجول في متجركم! ألا تعرفون من أكون!
لكن سيرين لم تهتز بل أخرجت من حقيبتها بطاقة VIP بلون أسود ملكي وأشارت بها بهدوء نحو الموظفين الذين تجمهروا في الخلف
من فضلكم أخبروها أن ترحل.
في تلك اللحظة بدا أن المتجر قد انقسم بين زمنين
زمن إيفون الذي بدأ ينهار وزمن سيرين الذي عاد ليصعد من الرماد.
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×