رواية من يوم مارجع كامله جميع الفصول بقلم نورسين
أنا ليان، 17 سنة، في تانية ثانوي. عايشة في بيت مليان صوت وضحك وزعيق أحيانًا، بس بحبه. إحنا أربع إخوات: أنا الكبيرة، وبعدين سليم، وعمر، وأصغرنا ليلى. ماما دايمًا بتقول إني "العقل المدبر" في البيت، يمكن عشان دايمًا بحاول أشيل عنهم، وأكون مسؤولة حتى لو مش بحب ده أحيانًا.
يومها صحيت على صوت ماما بتنادي من تحت:
– "ليــــان! قومي بسرعة، ضيوف جايين النهاردة!"
حاولت أفهم مين، بس هي ما ردتش، كعادتها لما تكون مشغولة. نزلت بعد شوية، وأنا بربط شعري بسرعة، لقيت البيت مقلوب. المكنسة شغالة، وليلى بتجري وراها وتضحك، وماما في المطبخ، وسليم بيكنس ووشّه متعكر كأن حد صحاه من نومه على صوت إنذار.
قلت وأنا واقفة في النص:
– "هو فيه إيه؟ مين الضيوف؟"
ماما قالت وهي مركزة في السلطة:
– "عمك سامي راجع من السفر، وجاي هو وعيلته يزورونا. وزياد معاهم."
زياد؟
الاسم دق في قلبي بشكل غريب. ابن عمي اللي ما شفتوش من سنين. آخر مرة كان عندنا كنت في ابتدائي، وكان دايمًا بيهزر معايا ويديني شوكولاتة، وساعات يشد شعري ويجري.
هو دلوقتي بقى عنده 19 سنة، وأنا ما أعرفش عنه غير اسمه.
يومها، فضلت طول النهار متوترة ومش عارفة ليه. مش مفروض يبقى مجرد "ابن عمي"، صح؟
بس قلبي كان بيقول غير كده.
---------------------------
في اليوم التاني:-
كنت قاعدة في أوضتي، والشباك مفتوح، والهوا داخل يداعب الستارة بخفة. كنت بفكر في اليوم اللي فات… في زياد.
ابن عمي، بس طول عمرنا مش قريبين أوي. سافروا من سنين، ورجعوا قريب فجأة.
المفروض يبقى زَيّ أخويا، بس مش عارفة ليه قلبي اتشد ليه من أول ما دخل علينا في الصالون، بابتسامته الهادية ونظرته اللي كان فيها حاجة غريبة… مش عارفة أوصفها، بس حسيتها.
دخلت عليّا ليلى، أختي الصغيرة، وهي بتضحك:
– "مالك؟ ساكتة وسارحة كده ليه؟ بتفكري في ابن خالي زياد؟"
اتنفضت ووشّي احمر:
– "انتي بتخبّصي في الكلام يا ليلى، شوفيلك حاجة تعمليها."
قالت وهي بتضحك أكتر:
– "أنا شايفة يا أختي… نظراتكم لبعض كانت فضايح."
سيبتها وخرجت من الأوضة، قلبي بيرف، مش عارفة ليه كلامها وجّعني. يمكن عشان كان فيه جزء صح؟
نزلت على المطبخ، لقيت ماما واقفة بتجهز العشا، وقالتلي:
– "زياد وأهله جايين يتعشوا عندنا النهاردة. ساعديني بسرعة."
قلبـي وقع. النهاردة؟ تاني؟
يا ترى هيبقى يوم عادي؟ ولا اليوم ده هيبدأ يغيّر حاجات كتير في حياتي…؟
-----------------
وصلوا قبل المغرب بشوية. كنت واقفة جنب ماما في الصالون، وأنا بحاول أبان عادية… بس قلبي بيخبط كإنه بيجري سبق لوحده.
فتح باب الشقة، ودخل عمي سامي ومراته، ووراهم زياد.
زياد!
اتغير. طوله زاد، جسمه رياضي، وشه بقى فيه رجولة. عيونه، نفسهم زي زمان، بس فيهم نظرة أهدى… أعمق.
ابتسم أول ما شافني، وقال بصوت واطي:
– "ليان؟! معقول كبرتي كده؟"
ضحكت بخجل وقلت:
– "وأنت لسه فاكرني؟"
قال وهو بيضحك:
– "إزاي أنسى البنت اللي كانت بتخبّي الشوكولاتة بتاعتي؟"
ضحكنا، وماما ندهت علينا:
– "تعالوا نقعد يا ولاد، العشا هيخلص كمان شوية."
قعدنا في الصالون، وكلنا بنتكلم، بس عيني كانت دايمًا بتروح له. كنت بحاول أهرب من نظراته، بس كل مرة أرجع ألاقيه بيبصلي، ووشّه فيه هدوء غريب… كأن في كلام مش قادر يقوله.
ليلى قعدت جنبه بسرعة، وابتدت ترغي كعادتها، تحكي له عن المدرسة وعن سليم اللي دايمًا يتخانق مع عمر. كان بيسمعها وهو بيضحك، بس عينه برضو… عليّا.
ولأول مرة، وأنا قاعدة وسط عيلتي، حسيت إني مش بس بنت أخوه…
حسيت إني واحدة هو شايفها بشكل تاني.
ووقتها بدأت الحكاية…
حكايتي أنا… من يوم ما رجع.