رواية بنكهة الفراولة كامله جميع الفصول بقلم رحمه حواله
انتِ بتحبي راجل متجوز انتِ عبيطه؟!
جملة قالتلهالي صاحبتي بلوم وبصوت شبه مُنفعل، من غير ما تاخد بالها من الناس اللي كانت بتتفرج علينا.
كنت قادرة اشوف في عيونهم الكره ليا علشان بس سمعوا جزء من حوارنا متغاضين عن الجزء الأولاني، رجعت بتركيزي علي صاحبتي ولقيتني بتكلم بنبرة شبه منفعله:
_انتِ ازاي شيفاني الظالمة بعد اللي حكتهولك ده يا مريم، ازاي مش شايفه اي حاجه في الموضوع غير انه متجوز وسيبتي كل حاجه تانيه!
اتنهدت وهي بتبلع ريقها بصعوبة وبتحاول تكتم دموعها من انها تنزل وقالت بنبرة مهتزة:
_علشان عارفه احساس ان جوزك يبقي بيخونك مع واحده تانيه ما تنسيش اني عيشت الاحساس ده قبل كده، ايه ذنبها مراته في كل ده؟!
_طب وانا يا مريم؟ فكرتي بمراته فكرتي في واحده غريبه عنك ومفكرتيش بيا؟!
كانت لسه هتتكلم لكني وقفتها لما رفعت ايدي قدامها في محاولة مني اني امنعها تتكلم
_لا يا مريم متقوليش حاجه، يا ريت نغير الموضوع ده دلوقتي انتِ متعرفيش انا حاسه بإيه دلوقتي، كل حاجه عليا، كفاية بس ان غنوة اختي التؤام ماتت من شهرين، انا يا مريم معدش قادرة استحمل كل ده، الدنيا جاية عليا.
خلصت كلامي ومع اخر كلمة قولتها دموعي نزلت مني بتلقائية وفي اللحظه دي مريم حست بوجعي وشدتني لـ حضنها وطبطبت علي ضهري بطريقه اشبه بحضن الام.
_بس متعيطيش يا ليل انا حاسه بيكي والله، انا مش قصدي اجي عليكي انا كمان
_طب انا رايحه شغلي دلوقتي وبكره نبقي نتكلم.
قولت كده وخد بعضي من النادي وسيبتها ومشيت وفي الخلفية عبد الحليم بيقول بحزن ووجع:
'وفي عز الأمان...ضاع مني الأمان'»»»
دخلت الكافيه اللي بشتغل فيه ورميت شنطتي وموبايلي علي الطربيزة بعشوائية وقعد علي اقرب كرسي وانا شايله هم وحزن كبير فوق كتافي، طلعت صورة غنوة اختي من جيبي، الصورة اللي دايما محتفظه بيها معايا، بحب اخدها معايا في إي مكان واكلمها كإنها موجوده وعايشة.
نزلت دموعي بغزارة وعملت غيمة في عيوني وانا بقول بصوت شبه منعدم:
_ ليه روحتي يا غنوة وسيبتيني، تعرفي ايه اكتر حاجه موجعه في الموضوع؟! ان الفترة الاخيرة في حياتك كنتي شايله الهم لوحدك وكان في عنيكي وجع كبير، محستش بيه ومسألتكيش حتي عن السبب،كلهم بيقولوا اني كنت قريبه منك علشان التطابق في الشكل بينا،بس ده محصلش يا ريتني كنت قريبه منك وياريتني عرفت ايه اللي كان مأثر عليكي كده.
فوقت من شرودي علي صوت صاحب الكافيه، راجل كبير في السن وهو بيزعق فيا
_في ايه يا ليل الزباين ماليين المكان وعايزين يطلبوا وانتِ هنا قاعده مش حاسه بحاجه!!
_انا اسفه يا ابو مريم، حاضر حالا هقوم اشوف طلباتهم
قومت وانا بمسح دموعي وبتنفس نفس عميق في محاولة مني اني اهدي نفسي
_اتفضل سموزي مانجا زي ما حضرتك طلبت
بصلي الزبون وهو بيرمش كذا مرة وبيبص للعصير باستغراب دام لدقيقه وقال وهو بيشاور عليه:
_بس انا مطلبتش مانجا طلبت فراولة
_طب مينفعش تشربه وخلاص واعتبره فراولة لاني مش حابه اعمله
_افندم؟ حضرتك بتهزري؟!
_لا مش بهزر والله بس انا فعلا مش بحب اعمل عصير الفروالة اشربه واعتبر انك بتجاملني
قولتها بجدية ولقيته بينفخ بضيق كبير ونادي علي عم حسن
_تعالي يا ابو مريم شوف اللي انت بتشغلهم عندك بيعملوا ايه
قرب ابو مريم مننا وهو بيضرب كف علي كف
_في ايه يا ليل مالك بتضايقي الزباين ليه؟!
_ مش عايز يشرب عصير المانجا
_تخيل يا ابو مريم انا طلبت فراولة راحت عملتلي مانجا ومصرة اني اشربه بالاجبار واعتبره انه فراولة
نفخ عم حسن وبصلي بنفاذ صبر، وقال:
_ليل روحي شوفي شغلك،روحي شوفي بقيت الزباين
مشيت من قدامهم بخطوات مهزوزة ، وسيبت الزباين واقفه بتحاول تطلب وفضلت قاعده مكاني من غير اهتمام لحاجه
بسمع مازبكا وكلماتها بتدور في ودناني بصوت ورده اللي قالت بكل حزن وأسي:
«'كان يا مكان الحب مالي بيتنا ومدفينا الحنان
مدفينا الحنان»»
زارنا الزمان سرق منا فرحتنا والراحة والامان'»»»
كنت قادرة احس بكلماتها وكإنها بتتكلم عني بالظبط، فعلا اتسرق مني فرحتي، والبيت بقا وحش من غير غنوة، وكنت بفتكر اللي عمله فيا «علي»، كان حبيبي وكل حاجه في حياتي، وقف معايا بعد موت اختي، ساهم معايا بقدر كبير في علاج ماما، وحكايتنا كتير من الناس كانت بتحسدها، لكن في الاخر طلع كل ده كذبة وطلع انه كان متجوز ومكنش قايلي.
وسمعت ابو مريم بيحاول يلطف الموضوع مع الزبون ، اه بالمناسبه طلع اسمه زياد
_زياد يا بني، ليل فاقده اختها التوأم من شهرين،تخيل انهم كانوا قريبين من بعض ده حتي الشكل زي بعض تبكل، وحالتها زي ما انت شايف فاعذرها، ومعرفش ليه مبتحبش تعمل عصير الفروالة من وقت ما اختها ماتت.
_لا اله الا الله، ربنا يصبرها، انا بس حبيت اشرب اسموزي فراولة بعد الكلام الكبير اللي بيتقال عنه وانه احلي عصير انتوا بتعملوه.
_ ااه السمعه ديه هي اللي جبتها لينا ليل، فعلا احلي عصير ممكن تشربه من ايديها هو عصير الفراولة، بس للاسف يا بني هي مش هتقدر تعمله زي ما انت شايف.
..........
_ لسه بترسمها برضو يا ياسين ؟!
فوقت من شرودي وانا برسم، علي البحر بصيت قدامي فلقيت ابن عمي جاي وبيسحب كرسي عندي فقولتله بنبرة كلها ضيق بعد ما قطع وحدتي اللي بحبها:
_عايز ايه يا مروان؟!
_ للدرجه ديه كنت بتحبها؟!
قولت وانا باخد نفس كبير وببص علي صورتها اللي كنت برسمها
_ للدرجة اللي خلتني مش عارف اعيش بعدها يبقي اه وللدرجه اللي خلتني زي الميت بعد ما مشت وسابتني يبقي برضو اه.
_انا مشوفتش في حياتي حد بيحب حد كده يا ياسين ،طب انت مش ناوي تحب تاني؟!
لقيت نفسي بتكلم بطريقة بارده وبصوت شبه منفعل:
_انت عايز ايه يا مروان، ممكن تسيبني لوحدي؟!
_خلاص يا عم متتعصبش انا قايم، يلا ربنا يرحمها.
اول لما قال ربنا يرحمها قومت من الكرسي وانا متعصب وقولت بانفعال:
_انا كام مرة قولتلك متقولش كده هي ماماتتش، هي في مكان مقموصة وانا بدور عليها وهلاقيها وهصالحها
_ربنا يكملك بعقلك يلا انا قايم، هفضل اتمشي شوية هنا وهرجعلك نروح سوا اوعي تمشي من هنا.
علي لحظِة نطقه لاخر كلمة مشي من قدامي ورجعت ابص للوحة اللي راسمها فيها وكتبت اسمها.
..........
في عز توهاني وانا في الكافيه وبعمل عصير للزباين سمعت صوت من ورايا بينادي عليا بهمس
_ليل!!
التفت ورايا علشان الاقيه، كان زياد بصصلي وهو بيبلع ريقه بحزن وكإني صعبت عليه بعد اللي عرفه عن حالتي.
_انا اسف
بصتله بعد ما اتأسف وانا بصب عصير الفروالة في كوباية بتتأسف ليه؟
_علشان كلامي معاكي مكنش الطف حاجه
_لا ابدا انا اللي المفروض اتأسف منك علشان معملتلكش عصير الفروالة، بس اصل انت متعرفش عصير الفراولة ده ازاي انا بقيت بكرهه، بس علي العموم انا عملته علشانك لاول مرة بعد شهرين اتفضل
مديت كوباية الفراولة نحيته ولقيته كان شبه متردد لحد لما اخدها مني في النهاية
_ليه بقيتي بتكرهيه؟!
بصيت لعيونه اللي مليانه فضول، مكنتش هرد عليه في الاول لكن حاجتي في اني أفضفض كانت الغالبة، قعد علي اقرب كرسي قدامي بتنهيده بتبين كل الوجع اللي فيا ولقيته بيشد كرسي قدامي وبيقعد وبصلي في عيوني مباشرةً كإنه بيشجعني اني اتكلم.
_اصل عصير الفروالة ده من شهرين معملتهوش بعد ما غنوة اختي التؤام ماتت
سكت للحظه بعد ما لقيت عيوني اتملت بالدموع، حاولت امسحها بسرعه قبل ما يشوفها وكملت: اصل عصير الفروالة ده له قصة كبيرة اوي في حياتي انا واختي.
_انا عارف اني زبون رخم، بس لو حابة تشاركيها معايا انا سمعك،
بصيت في عيونه لثواني وكنت هتكلم لكني سكت وامتنعت من اني احكيله لاني لو اتكلمت مش بعيده اني انهار.
قومت وانا بعدل طرحتي ولقيته هز راسه وهو بيبصلي وكإنه بيفهمني انه متفهم عدم موافقتي في اني اتكلم، ومن غير ما ينطق بحرف انسحب من قدامي بهدوء.
..........
قومت من قدام البحر،كان الجو جميل جدا،ريحة البحر ونسمات الهوا البارده كفيلة تحسن نفسية اي حد.
شيلت اللوحة اللي برسم عليها وحطيتها في شنطه بمقاسها
و بصيت حواليا في محاولة مني اني الاقي كافيه بعد ما عطشت ولقيت ريقي ناشف فجأة، لحد لما لقيت كافيه يبعد عني كام متر.
مشيت نحيته لحد لما وصلت عنده مكنتش واخد بالي من اي حد في الكافيه غير احتياجي لأي عصير بسرعه، لحد لما شوفت راجل كبير في السن وعرفت ان اسمه ابو مريم وطلبت منه اشهر عصير عنده وكان عصير الفروالة.
قعد علي طربيزة في ركن دافي استني العصير، طلعت لوحتي مرة تانيه، وفضلت ابص لملامح حبيبتي اللي راسمها لحد لما حسيت بالدموع بدإت تتكون في عيني.
مكنتش حبيبتي وبس كانت كل حاجه حلوة في حياتي، كنت بعتبرها بنتي قبل حبيبتي، بس للاسف اخر مرة خالص شوفتها اتخنقنا خناقة كبيرة وصلت اني غلطت في حقها واتهمتها بباطل ومن وقتها مشوفتهاش شهرين معرفش عنها حاجه، بس هي مامتتش زي ما بيقولوا، لا انا مش مصدق الكلام العبيط اللي بيقولوه ده، كان شكلها جميل جدا يسحر اي حد، وعيونها السود كانوا بيوقعوني من النظر فيهم، حتي اسمها جميل زيها اسمها لوحده كفيل يخليك تحبها، اسمها «غنوة».
فوقت من شرودي علي صوت رقيق واستدليت من الصوت انه صوت بنت بتشتغل هنا في الكافيه، ولقيتها اتكلمت بهدوء:
_اتفضل عصير الفراولة،انت زبون محظوظ لان عصير الفراولة موجود النهارده علي عكس كل يوم، لاني اصلا مبعملهوش.
بصيت لمصدر الصوت كانت بنت بتقدملي العصير اللي طلبته، لكني لما بصيت علي ملامحها جسمي ارتعش وحسيت للحظات ان قلبي وقف من صدمتي لما لقيت غنوة قدامي واتكلمت بصوت مهزوز طالع مني بصعوبة.
_غنوة!!!