رواية يوميات دكتور نفسي الفصل الاول بقلم صبحى المصري
"اللي راجع من يوم القيامة"
أنا دكتور نفسي…
وبالرغم من عشرات السنين في المهنة،
فيه حالة واحدة بس… خلتني أراجع كل اللي عرفته عن العقل، والواقع، والحقيقة.
شاب اسمه "كريم" دخل عليّا، وقال أول جملة:
– "دكتور… أنا شفت يوم القيامة…
مش حلم.
أنا كنت هناك فعلاً.
وشُفت آيات… ما كنتش فاكر إنها مكتوبة… لكن شوفتها بتتجسّد قدامي."
في أول جلسة، كان مرهق، عينه فيها نظرة حد شايف النهاية.
قال لي:
– "كنت نايم، لكن صحيت فجأة… في مكان مافهوش لون.
ولا زمن.
بس حسيت كل خلية في جسمي بتترج."
وفجأة، الصوت جه…
صوت ما تعرفش مصدره، لكن كان بيرجّ المكان كله:
> "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مّعْرِضُونَ"
(الأنبياء: 1)
ثم سكون.
وبعدها…
لقى نفسه في أرض بيضا، لا فيها ملامح ولا حدود،
بس مليانة بشر… كلهم مرعوبين.
قال:
– "كنت شايف شريط حياتي، بس ماكانش في دماغي…
كان بيتعرض في الهوا، قدّامي، وكل الناس شايفاه."
وكل ما يقول "ده ماحصلش!"
يتقطع الشريط…
ويُتكتب بخط نوراني على الهواء:
> "بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ"
(القيامة: 14-15)
شاف مشهد مرعب…
ملايين بيتوزنوا على ميزان مش مصنوع من حديد…
لكن من نور، والنور بيتقل أو يخف حسب نيتهم.
وقال لي:
– "واحد جنبي، وشه منور، بس مش معروف، قال لي:
> "يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ..."
(الحج: 2)
أنا سألته: أنا ميت؟
رد عليّ:
– "لأ… انت راجع تبلغ. لكن افتكر:
> فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،
وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"
(الزلزلة: 7-8)
قال لي:
– "فيه حاجة اسمها (الثقب)، مش نار بس…
مكان مظلم، فيه أرواح معلّقة…
بيصرخوا، بس بدون صوت."
وكل ما حد يدخل الثقب…
تتكتب آية في السماء، بخط من لهب:
> "فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا"
(النبأ: 30)
قال لي:
– "أنا رجعت عشان أحذّر.
كل يوم بنقضيه وإحنا بنظلم، أو نكذب، أو نأذي…
بيتحفر قدّامنا في السماء."
وقال إنه في آخر رؤيا، شاف نفسه ماسك ورقة مكتوب فيها:
> "إِنَّمَا نُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ"
(إبراهيم: 42)
وقبل ما يختفي من حياتي، قال:
– "أبلغ الناس يا دكتور…
الساعة مش قربت…
هي بدأت."
--
أنا مش بس طبيب…
أنا شاهد على شهادة إنسان .
ولو أنت سمعت الحكاية دي، وضحكت…
فكّر في الجملة دي:
> "يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ"
(القيامة: 10)
وإجابتها جاية بعدها:
> "كَلَّا لَا وَزَرَ، إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ"
الفصل الثانى من هنا