رواية تحت سماء بعيدة (كامله جميع الفصول) بقلم سيليا البحيري


رواية تحت سماء بعيدة الفصل الاول بقلم سيليا البحيري

في مطار القاهرة الدولي


إياد ماشي في صالة المغادرة ماسك كوباية قهوة، لابس بنطلون شيك وقميص بسيط يعكس ذوقه الرفيع. شكله مرتاح ومبتسم زي العادة، وهو بيبص حواليه باهتمام. فجأة، خبط في حد كان شايل شنطة كبيرة، وانسكب عليه القهوة.


إياد (بدهشة وهدوء): أوووه! انتبهي شوية، كنتي هتوقعيني أنا وشنطتي.


ميار (بتحدّي وبصّة فيها استنكار): انتبه؟ يمكن المفروض انت اللي تنتبه! مش شايف قدامك؟ ولا مشغول بتتباهى بنفسك؟


إياد (بيضحك وبيحاول يروق الموقف): آه، كده يعني؟ ألوم نفسي مع إني كنت واقف بهدوء؟


ميار (بعصبية): واقف؟ كنت ماشي كأن المطار ملكك!


إياد (وهو حاطط إيديه على خصره كأنّه بيمزح): طيب، مش هأنكر إني شكلي حلو، بس ده مش معناه إن المطار ملكي.


ميار (رافعه حاجبها بسخرية): حلو؟ يعني بتحاول تضحكني؟


إياد (وابتسامة واسعة على وشه): لو ضحكتِ، يبقى دي حاجة كويسة.


ميار (بتتنهد وبتحاول تمشي): ما عنديش وقت للكلام ده.


إياد لحق بيها وهو مبتسم، كأنه لقى حاجة في شخصيتها شدّت انتباهه.


إياد (بفضول): دايمًا بتتكلمي كده؟ ولا أنا اللي جبتلك معاملة خاصة؟


ميار (بتبص فيه بعينين حادّتين): عادةً ما بضيعش وقتي مع ناس زيك، بس شكلك مش فاهم الإشارات.


إياد (وهو بيضحك): صح، مش بفهم الإشارات، بس أنا فاهم إن دي مش طريقتك الحقيقية.


ميار (بتوقف وبتبص فيه بتحدّي): إزاي عرفتي ده، يا سيد نفسي؟


إياد (بثقة وهدوء): علشان شفت الشرارة في عينيك، ورا كل الغضب ده، في شخص تاني.


ميار بتتجمد شوية، متفاجئة من ملاحظته، بس ردّت ببرود.


ميار: مثير للاهتمام إنك تفكر كده. بس مش فارق معايا رأيك.


ميار بتكمل مشي، وإياد بيبص عليها بابتسامة فيها شقاوة، كأنه لقى تحدي جديد شدّ انتباهه

********************

داخل الطيارة اللي رايحة الفلبين،


إياد طالع على الطيارة وهو مبتسم زي العادة، بيدور على مقعده بهدوء. يبص على التذكرة وبعدين على رقم المقعد، ويوقف عند المقعد اللي جنب الشباك. فجأة، يشوف ميار وهي حطّة شنطتها في الخزنة فوق، واتفاجأت لما اكتشفت إنه قاعد جنبها.


إياد (وابتسامة مكر على وشه): يا سلام على الصدفة الحلوة! شكله كده هنقضي رحلة ممتعة سوا.


ميار (بتتنهد بإحباط): ده مقعدك؟


إياد (وهو بيشاور على التذكرة): للأسف، آه، شكله القدر بيحب يهزر معايا النهاردة.


ميار (بغضب مكتوم): أو معايا.


ميار قعدت على المقعد جنبه، وهي بتحاول تتجاهله خالص، وإياد حط سماعاته على ودنه ومال شويّة ناحيتها وهو بيمزح.


إياد: عاوزة تسمعي موسيقى؟ ممكن أشاركك السماعات.


ميار (بتتلفتله بعصبية): ده أسلوبك المفضل عشان تزعج الناس؟


إياد (وهو بيضحك): لا، بس ده أسلوبي المفضل عشان أخفف الملل في الرحلة.


ميار: طيب، جرب الصمت. ده شغال كويس جدًا.


إياد (بيتمثل إنه بيفكر): ممم... صمت؟ فكرة غريبة، بس أنا مش شاطر فيه.


ميار غمضت عينيها بتحاول تهدى، وإياد مستمر يبص عليها بفضول وفرحة.


إياد (بصوت واطي): يعنى، هل معقول تكوني زعلانة من العالم كله، ولا أنا لوحدي اللي حظيت بكل الحظ ده؟


ميار (بتبص فيه بحدة): مش زعلانة من العالم، بس من الناس اللي فاكرين إن الدنيا كلها بتدور حوالينهم.


إياد (وهو حاطط إيده على صدره كأنه متفاجئ): وجعتِ قلبي بالكلام ده. بس، معقول تكوني فاكرة إنني مثير للاهتمام لدرجة دي؟


ميار (بتضحك بسخرية): أكيد لأ.


إياد (بجدية مفاجئة): طيب، يمكن أنا مثير للاهتمام كفاية عشان تبتسمي تاني.


ميار اتفاجئت من كلامه، لكنها خبت ارتباكها ولفّت وشها ناحية الشباك، وإياد مستمر يبص عليها بابتسامة صغيرة، كأن التحدي في جذب انتباهها بدأ للتو

*******************

في فندق في مانيلا - عند مكتب الاستقبال،


ميار وصلت أول واحدة لمكتب الاستقبال، باين عليها تعب من الرحلة، ولبسة نظارة شمسية مخبية تعبيرات وشها. الموظف سلمها بطاقة الغرفة بابتسامة.


موظف الاستقبال: مساء الخير، غرفتك 306 في الدور التالت. إن شاء الله إقامة مريحة.


ميار (بهدوء): شكرًا.


ميار راحت على المصعد، ورايحة تسحب حقيبتها الصغيرة وراها. بعد شوية، ظهر إياد عند مكتب الاستقبال، وبيتكلم بنبرة مرحة زي عادته.


إياد: مساء الخير، عندي حجز كمان. إياد حمدي.


الموظف بيدور على الحجز بتاعه ويدي له بطاقة الغرفة بابتسامة.


موظف الاستقبال: غرفتك 307، جنب السيدة اللي استلمت مفتاحها دلوقتي. إقامة سعيدة.


إياد (بابتسامة واسعة): 307؟ جميل، شكله النهاردة يوم حظي.


ركب إياد نفس المصعد اللي ركبته ميار، ولما وصلوا للدور التالت، شاف ميار عند باب غرفتها وهي بتحاول تدخل البطاقة في القفل. وقف في مكانه مصدوم.


إياد (بصوت عالي ومتفاجئ): مش مصدق! بتسكني هنا برضو؟


ميار التفتت ببطء، ولما شافت إياد، عيونها اتسعت من الدهشة وبعدين مسكت جبهتها كأنها مش مصدقة.


ميار: مستحيل! إنت تاني؟


إياد (بيقرب منها وهو مبتسم ابتسامة عريضة): مش تاني بس، دلوقتي بقت جيران! 306 صح؟


ميار (بتبص فيه بحدة): إنت بتلاحقني صح؟


إياد (وهو بيضحك): بالطبع لأ! لكن شكله الكون بيحب يشوفنا مع بعض.


ميار (بتنهد): الكون؟ شكله نكتة سخيفة.


ميار دخلت غرفتها بسرعة وقفلت الباب بقوة، وإياد واقف في الممر بيضحك بهدوء.


إياد (بيتكلم مع نفسه): رحلة العمر بدأت للتو.


إياد دخل غرفته وهو مبتسم، وكأن كل لحظة في المصادفات دي بتعجبه.

الفصل الثاني من هنا

تعليقات



×