رواية تؤام روح الفصل العاشر 10 بقلم يارا سمير


رواية تؤام روح الفصل العاشر بقلم يارا سمير


في المطعم تقابل زين مع كريم :
_كيمو انت جيت امتى ؟
_ من ساعة كدا .. سألت عليكم قالولي مريم مع اصحابها وانت فى مشوار .
_ لو اعرف انك رجعت كنت رجعت بدري .
_ مالك ..
_ لا مفيش  ارهاق لاني مشيت كتير ..
_ ياااه مشيت كتير يبقى بتفكر في حاجة .. تعالى برا نتكلم بعيد عن محمود وكرم .
 خرجا الى الحديقة وجلسا :
_ ايه مالك ايه شاغل دماغك كدا ؟
_ لا مفيش بجد ..
_ طيب طمني على اخبارك ايه انت وعلاقاتك ؟
_ ماشي الحال ..
_ قابلت  بنت الحلال اللى خطفت قلبك ولا لسه مفيش حد قرب .
 غمز زين:
_ زين يخطف ميتخطفش .
_ يا زيزو يا جامد .. لا بجد  مفيش واحدة خطفت قلبك كدا ..دا انا لما كنت في سنك دا ارتبطت واتجوزت وانفصلت وارتبطت  .. وانت ولا مرة .
_ هو مش ارتباط بمعني الارتباط .. بنتعرف ولما بحس انه مش نافع بخلع بالطريقة .
_ مريم مزنقة عليك ولا ايه.. المفروض انكم اتفقتوا تفكوها ع بعض شويا .
_ بالعكس مريم مبتدخلش خالص  وسايباني ع راحتى .. يمكن دا السبب ؟
_ انها سايباك ع راحتك ؟
_ ايوه .. يعني لما قبل كدا بحس انى هتقفش ولا حاجة بيكون عندي حماس اعرف دي ودي ودي  لكن دلواقتي   يعني عادي .
 ضحك كريم:
_ داانت غريب يا جدع والله ،  اول مره اشوف واحد بيحب الخنقة .
_ انا مكنتش مخنوق على فكرة  ولا مضايق  والشد اللى بيحصل بيني وبين مريم كان بيبقى احلى لحظات فى علاقتنا وانا شايفها بتحارب ان مفيش حد ياخدني منها .. احساس جميل .
_ غيرتها عليك كانت صعبة يا زين وانت كمان واخيرها اللى هي عملته هكرت ايميلاتك يا جدع  يعني متعرفش دماغها هتفكر في ايه .. بص الموضوع يمكن صعب في الاول زي بالظبط طفل لسه بيتعلم المشي .. ف هتاخدوا وقتكم وهتتأقلموا ع وضع الجديد وبالاخص لما ترتبطوا ب أشخاص تانين يدخلوا حياتكم وياخدوا الحيز الكبير من الاهتمام  والحب .
صمت لحظة وقال :
_ يعني مريم ممكن تنساني ؟
_ مش هتنساك بالمعنى الحرفي لكن هيكون في ترتيب أولويات في حياتها يا زين .. لو انت ومثلا جوزها  العقل والطبيعة وكل حاجة هتقول انها هتختار جوزها اللى بتحبه واتجوزته ..  انا بقولك كدا عشان اأكدلك ان الخطوة اللى عملتوها دي مفيدة جدًا لكم .. هتفضلوا فى حياة بعض بس من غير ما تضغطوا على بعض و تسببوا ضرر و أذى لبعض .. كل واحد له مساحته الخاصة والتاني يسانده  وبيدعمه هو دا المفروض كنتم تعملوه من زمان  هو حصل متأخر بس متأخر احسن من مفيش بصراحة .
_ بس في حاجة كدا ؟
_ ايه ؟
_  مفيش واحدة قدرت تتغلب ع مكانة مريم في قلبي .. دايما كل ما اتعرف على بنت احس ان مريم مش سايبه مساحة لحد يدخل .
_ طبيعي لان مريم بالنسبالك كل حاجة  لكن الحال هيتغير  لغاية ما هتقابل  اللى مش هتقولك تشيل مريم لا مريم هتفضل موجودة في مكانها  لان مريم فى كل الاحوال موجودة  لكن  اللى هتدخل  هتخلق مكانها.. متقلقش هو بيحصل من غير سعي ولا محاولات منك .
_ وانت مقابلتش اللى قدرت تخلق مكان فى قلبك غير ملك ؟
صمت كريم وتنهد :
_ علاقتي انا وملك مختلفة عنكم يا زين .
_ انا فاهم بس انا بكلمك فى المشاعر مفيش حد قدر .
_ في حاولوا ولكن لم ينجح أحد .. في شخص واحد بنقابله فى حياتنا بيتزرع جوانا وجذوره بتكون ثابته فى الاعماق صعب تنزعه ، وجوده مش مضايقك  لكن بيكون مهمة صعبة لحد تاني يكون جنبه .
تنهد تنهيدة عميقة :
_ صعبة فعلًا ..
_ بس نصيحة .. لو صادفت واحده بتحبك وانت مفيش مشاعر اتجاهها متستغلش دا ، انت مش هيفرق معاك لكن هتكون سبب في تشوية داخلى لروحها هتعيش عمرها كله بتتوجع منه ..
_ لا متقلقش انا مخلى بالي من النقطة دي لان مع اى واحدة بقابلها بشوف مريم واللى مش عاوزة لمريم ولا تعيشه مبحاولش اعيشه لغيرها ببساطة كدا مش عاوزها تتوجع  لاني هتوجع انا كمان .
_ زي اللى متقبلوش ع اختك متقبلوش ع بنات الناس .
 ابتسم زين :
_ بالظبط كدا ..  اى واحده بتعرف عليها ببقى عارف انا بعمل ايه ولو الموضوع فاكس بخلع وبنهى على طول مبطولش واهو ندي فرصة للى بعدها 
رن هاتف زين وكانت مريم  وتحدث كريم وهو يضحك:
_  ياريت كنا جيبنا سيرة مليون جنية 
 وقف زين وقال وهو مبتسم :
_ ميما بكنوز الدنيا كلها بالنسبالي .. يلا انا هروح  اخدها للبيت .
_ جهز نفسك لماتش بلاستيشن  فى السهرة .
_ اتفقنا .. 

ذهب زين الى المقهي الذي تجتمع فيه مريم مع اصدقائها .. ارسل لها رسالة نصية بوصوله .. وفور قرأتها الرسالة خرجت من المقهى بعد أن أستأذنت من أصدقائها وبمجرد أن رأت زين واقفًا على الرصيف المقابل ابتسمت .. خطت خطواتها بسرعة خفيفة نحوه واستقبلها زين بإبتسامة هادئة :
_ زيزو ..
_ براحة بتجري ليه كدا .
_ لو مجرتش عشانك هجري لمين ؟
_ للقمة العيش 
 خبطته فى ذراعة:
_ يا غلس ..
_ تحبي نركب ولا نتمشى .
_ نتمشى ..
_ انا قولت كدا يلا بينا ..
 بدأوا يتمشون على طريق البحر بخطوات بطيئة وقالت مريم :
_  مدخلتش ليه ؟
_ يعني محبتش اكون رخم  .
_ بالعكس والله دول سألوا عليك 
_ عيني في عينك كدا ..
 ضحكت مريم :
_ بصراحة 2 بس سألوا عليك  ماجدة وبسمة  وقال ايه كانوا مستنينك .
ابتسم زين حينما رأى ملامح مريم وهي تتحدث وقال :
_ شوفتي بقى مجتش ليه .. لانهم لاذقه وعليهم ايفهات بايخة.
_ ماانت يا حبيبي بتضحك معاهم على ايفهاتهم دي .
_ عشانك والله .. اصحابك وكدا ..
_  طيب كنت جيت عشاني .
_ شوية مساحة  .. دى كانت مساحتك  اللى غير مسموح ليا ابرشط فيها .
_  دا فى مقابلاتي مع اصحابي لكن دا  كان عيد ميلاد وع فكرة انت كنت معزوم على عيد الميلاد دا وخلتني اكدب انك مشغول .
_ عيد ميلاد مع اصحابك يعني مساحتك برضه وبعدين  لا مكدبتيش كنت مشغول فعلًا كان عندي مشوار .
_ مشوار ولا ديت ؟
_  ديت مشوار عاجبك كدا .
_ هيعجبني لو انت مبسوط من المشوار .
_ عارفه هتبسط اكتر لو سكتي افصلي شويا .
_ افصل واتكلم مع مين ما انا عاوزة احكيلك  اللى حصل .
_ احكي يلا سامعك .
_ على الناشف كدا ..
_ قولي بقى .. عاوزة ايه ؟
 ب ابتسامة :
_ ايس كريم .
_  بس كدا انا كنت قلقان تطلبي بيتزا ولا حاجة اكبر .
_  لا  ايس كريم بس وعاوزاه في علبه  و4 بولات .
 نظر اليها بتعجب :
_ نفسك مفتوحة ماشاء الله .
_ عشان انت اللى هتجيبهولي .. يلا .
ذهبوا الى محل الايس كريم  وقام بشراء طلبها وتمشيا جنبًا الى جانب بعض ومريم تتلذذ بالايس كريم  وقال زين:
_ ها احكيلي العيد ميلاد كان حلو.. اوعي تكوني  اتهفيتي ورقصتي ؟
_ لالا دا كان ع الضيق كدا قعدة ورغي  وتورتة وبس .
_ كويس .. انبسطتي ؟
_ بصراحة 
_ ايوه ..
_ مش اوي .. حاسه لو انت معايا كنت هنبسط اكتر .
_ بصي انتى بتعملي ايه ، انا سايبلك مساحة وتكوني حره بصي بتعملي ايه ؟
_ ماهو الموضوع  مش سهل ع فكرة .. انت بتعرف تنبسط من غيري قول يلا ؟
_ بصراحة ..
_ اكيد لا ..
_ اه  انبسط عادي  ..
_ بتتكلم بجد ولا بتهزر .
 ضحك زين:
_ بهزر .. بهزر متتحوليش عليا داانا لسه دافع دم قلبي فى طشت الايسكريم دا .
_  من الترم الاول للحظة دي اى حاجة ببقى عاوزة اروح انت اول حد بتيجي في بالي وبعدها افتكر  شوية خصوصية .. شوية مساحة  .
 ضحك زين وهي تقلد نبرة صوته :
_ انا بتكلم كدا ؟
_ ايوة ..انا اللى بسمعك ..
_  هنتعود يا ميما شويا شويا وبعدين احنا اهو مع بعض يعني مجتش على لحظات قليلة  استراحة من مناكفة بعض .
_ اهو عشان اوحشك اكتر .
 قالتها مازحة نظر اليها زين وقال :
_ يعني انا بوحشك ؟
_ جدا جدا جداا .. بس زي ما قولت شوية خصوصية .. شوية مساحة ..
 تنهد زين وقال :
_ قوليلي جاهزة لامتحانات .. مفيش نزول ولا اى حاجة الفترة الجاية لعلمك يعني  الامتحانات قربت ااقل من شهر .
_ اكيد طبعًا.. ياتري وانت كمان ولا مش فارق معاك ؟
_ لا في الامتحانات احنا ع العهد مع بعض  .. الامتحانات أولا ..
_ شاطر يا زيزو الامتحانات اولا ..
_ ها احكيلي حصل ايه فى العيد ميلاد والتورته كان فيها شمع كتير ولا شمعة  واحدة .
بدأت مريم  تتحدث بحماس  لزين عن تفاصيل العيد ميلاد ..  الزينة والهدايا  .. كان صوتها ملئ بالحيوية .. زين كان يسير الى جانبها بهدوء  يلتفت إليها بين الحين والاخر ب ابتسامة خفيفة ينصت لها باهتمام حقيقي .. كان يعلق على بعض ما تقول ويضحك حين تروي موقفًا طريفًا ويسألها عن  تفاصيل أكثر .. ظلت مريم تتحدث حتى اقتربا الى المنزل وظل زين يشاركها اللحظة حتى النهاية .. كانت الالفة بينهما واضحة والهدوء الذي يحيط بهما من المستحيل تشويهه .. 

في أيام الامتحانات كان السطح يتحول كل مساء الى مكان هادئ دافئ ، المكان يمتلأ بأوراق المذاكرة والاقلام  وأكواب الشاى والقهوة التي يعدها زين أو مريم بالتناوب .. رغم اختلاف  دراستهم الجامعية لم يكن ذلك عائقًا فقد كان الحضور معًا هو الاهم ..

زين يجلس بجوار مريم يقرأ بصوت منخفض بينما مريم تكتب ملخصًا أو تحاول فهم جزء صعب .. كان زين بين الحين والاخر عيناها لا تبتعد عن مريم  كلما يجدها اعصابها متوترة كان يقاطعها بهدوء ليساعدها في ترتيب أفكارها وفي المقابل كانت مريم حين تجد زين مندمج فى المذاكرة كانت تذكره بوقت الاستراحات .. كل منهما كان يشعر أن وجود الاخر الى جانبه يخفف من التوتر .. يذهبان الى الامتحان ويتقابلان بعده ليحكيا  كيف مر وليطمئن كلا منهم على الاخر ويشجعان بعض لامتحان القادم .. 

  في وسط الامتحانات كعادتهم يجلسان سويًا فى السطح للمذاكرة .. كان الليل ساكنًا والشارع هادئًا تمامًا تحت أضواء خافتة ، كانت الساعة تقترب من الرابعة فجرًا .. زين ينظر الى ملامح مريم المرهقة وعينيها مثقلتين وذهنها مشتت من كثرة المذاكرة .. شعر أن الضغط بدأ يطغى عليها فابتسم وقال لها :
_ ميما ..
 لم تنظر اليه وكانت تنظرالى اللابتوب امامها :
_ ها ..
 تحرك من مكانه واتجهه اليها وجلس :
_ ها ايه .. اكلمك تبصيلي ايه معاملة دي .
 نظرت اليه :
_ اهو بصيت.. عاوز ايه يا زيزو .
_ الساعة 4 الفجر قرب يأذن .
_ بجد.. محستش بالوقت .. خلاص يأذن ونقوم نتوضى ونصلي .
 عادت النظر الى اللاب توب واغلق زين اللاب توب امامها :
_ ايه يا زيزو؟
_ يلا ننزل .
 تفاجئت ونظرت نحوه بتعجب :
_ ننزل فين .. البيت ؟
_ لا الشارع ..
_ نعم .. دلواقتي ؟ ننزل ليه ؟
_ بصراحة محتاج اشم هوا  بمعني اصح نشم هوا شويا .
 نظرت مريم حولها والمكان المفتوح :
_ هوا اكتر من كدا .. ايه انت تنين ؟
_ يا عسل .. ايه الدم الخفيف دا يا ميما .
_  زين ..  المادة اللى عندي دي اتقل من اللى فاتوا  ف مش فايقة بجد .
 كانت ترفع شاشه اللاب توب اعاد اغلاقها زين مرة اخرى :
_ ماهو عشان كدا لازم ننزل .. تغيري جو ومكان .. تفصلي شويا ضغط ضغط مش هيعملك حاجة غير الانفجار والمعلومات هتطير .
_ زين ..
 وقف زين مكانه ومد يده نحوها وامسك يدها  وجذبها :
_ انا قولت هننزل يعني هننزل يلا ..

بالفعل نزلوا الشارع  .. كان الشارع هادئ تماما فى ذلك التوقيت المتأخر من الليل .. زين كان يسير بجانب مريم ويداه فى جيبه وصوته منخفض لكنه ملئ بالحيوية .. سمعا صوت المؤذن وتوجها الى المسجد لصلاة الفجر .. ذهبت مريم الى مصلى النساء وزين الى مصلى الرجال وبعد انتهاء الصلاة تقابلا فى الخارج   .. كانت الشوارع لا تزال شبة خالية فقط بعض المارة القلائل وعمال النظافة يباشرون يومهم .. وصلا الى عربية فول وفلافل  قال زين بحماس :
_ هنفطر فطار ملوكي ..
_ متنساش البتنجان بس .
_ وصايه ..
كانت رائحة الطعام الساخن تحوم فى الاجواء ف زادت من شعورهما بالجوع .. زين طلب الاكل وكانت مريم تضحك على طريقة زين فى الحديث مع مالك العربة وهو يطلب منه  التوصيه في السندوتشات .. حملوا الطعام وقرروا الذهاب الى البحر وهناك جلسا على الشاطى امامهم مياه البحر الهادئة والضوء الفجر ينعكس عليها بنعومة .. فتحا الفطار وبدأ بتناوله ..

كان زين يحكي لمريم عن موقف مضحك ويقلد استاذه بصوت غليظ وكان يبالغ فى الحكي ليرى ضحكة مريم وفعلًا كانت مريم تضحك من قلبها  ضحكة كانت تخرج معها كل التوتر والارهاق .. قالت مريم:
_ بس بقى كفاية مش عارفه اكل .
_ لا استنى احكيلك عمل ايه لما قفش الواد فى اخر صف بيسمع اسامة منير .
 بدأ زين يحكي ومريم تضحك ..المشهد كله كان دافئ بينهم وبسيطًا لكنها أمتلأت بالراحة وبالاهتمام  وكأن الوقت توقف ليمنحهما تلك اللحظة الخاصة من الطمانينة .. 

بعدما انهيا فطورهما وجلسا للحظات يتأملان البحر تحت شمس الصباح التي بدأت في الصعود ..عم المكان دفء خفيف والشارع خلفهم بدأ يستعيد نشاطه .. قاما من مكانهما وسارًا معًا في طريق العودة للمنزل .. الحديث صار أخف وصلوا الى باب منزلهم المقابل :
_ يلا ادخلى نامي وبكره اصحي ذاكري عادي .
_ تمام .. هتكون موجود ولا برا .
_ هروح فين .. انا مينفعش اسيبك فى ايام الامتحانات .. هتضيعي من غيري يا بنتي .
 قالها مازحًا وضحكت مريم :
_ في دي معاك حق .
_  زيزو دايما ع حق .
_ زيزو دايما على حق .
ضحكا وقال زين :
_ يلا تصبحي ع خير 
_ زيزو .
 التفت اليها :
_ ها ..
نظرت اليه نظرة امتنان :
_ شكرًا .. شكرًا على الطلعة الغير مترتبة دي .. انا راجعة غير ما كنت نازلة فعلًا كنت محتاجاها .
 ابتسم زين وقال :
_ عشان تسمعى الكلام لما اقولك يلا يلا وانتى ساكته .
 ودعوا بعض بنظرة هادئة ودخل كل منهما الى منزله محملين بلحظة دافئة احتلت قلبهما .. 

 انهوا الامتحانات وبدأت اجازة اخر العام .. 
 في يوم وكرم فى المطعم تلقى مكالمة هاتفية من عبدالله ابن اخيه كمال واخبره بوفاة اخيه .. حزن بشدة كرم  وذهب هو ومحمود وسناء وسوسن  لحضور الدفنة والعزاء وتركا المطعم تحت مسئولية مريم وزين وكريم .. سافر كرم وحضر الدفنة ووقف يتلقى واجب العزاء بجانب ابن اخيه وع الجانب الاخر كان يقف محمود كتفا لكتفه .. انتهى العزاء وعادوا الى منزل اخيه محمود وتقابلا مع الهام .. نظرت بعيون مليئة بالدموع الى كرم وقالت له :
_ سامحه يا كرم.. سامحه .
  الجميع التفت الى كرم وقال :
_ اسامحه على ايه يا الهام ؟
_ سامحه على كل حاجة عملها معاك من زمان وبعد ما الحج مات .. سامحه ع كل حاجة هو دلواقتي  بين ايد ربنا .
 قال كرم بصوت هادئ حزين :
_ انا مكنتش زعلان من كمال يا الهام عشان ازعل منه .. كمال اخويا الكبير ومهما عمل انا عمري ما ازعل منه .. الله يرحمه .
 تحدث عبدالله :
_  تعالوا اوديكم غرفكم ترتاحوا ..
 تحرك كرم وسناء ومحمود وسوسن .. دخل محمود وسوسن غرفة وفي الغرفة الاخري دخل كرم وسناء.. في اليوم الثالث للعزاء قبل خلود كرم للنوم  ..طلب عبدالله ان يتحدث مع كرم على انفراد .. بالفعل جلسا فى المكتب  وقال كرم:
_ شد حيلك يا عبدالله انت دلواقتي مكان ابوك لامك واخواتك .
_ الله يرحمه ..
_ وانا موجود اى وقت تحتاجني اةو عاوزني كلمني اجيلك وبيتي مفتوحلكم فى اى وقت مش محتاج تستأذن .
_ ربنا يخليك يا عمي .. مريم كلمتني عزتني هي وزين 
_ كانوا عاوزين يجوا بس المطعم كان صعب ..بس في يوم هجيبهم واجاى .
_ ينورونا فى اى وقت ياعمي دا بيتكم .
_ مفتوح بحسكم يا عبدالله .
_ كان نفسي الود دا يكون وهو عايش  .
_ كل حاجة وليها وقتها .
_ عمي ..كنت عاوز اتكلم معاك فى حاجة .
_ خير .
_ ميراثك من جدي هتاخده .. اخلص الاجراءات وهطلع نصيبك .
_ ايه اللى بتقوله دا .. انا اخدت حقي زمان يا عبدالله .
_ كلنا عارفين انك اخدت جزء من ميراثك وحقك.. العند والمكابره هما اللى خلوه يعمل كدا ، وعشان يرتاح في قبره لازم الحقوق ترجع .
_ انا سمعت ان فى ديون عليه.
_ اخر صفقة دخلها دفع فيها مبلغ كبير وللاسف اتنصب عليه ودا سبب وقعوه مستحملش .
_  يا الله .. 
 استكمل عبدالله :
_ متقلقش دا مش هياثر على حقك .. هطلع حقك وهبقى اتصرف في الباقي واسد .
 صمت للحظات :
_ انا مش عايز حاجة يا عبدالله .
 تفاجئ عبدالله :
_ دا حقك يا عمي .
_ حقي اللى عاوزة انكم تودوني انا وسناء ومريم .. متقطعوش نفسكم عننا  ممكن .
_ مش هيحصل ياعمي اى قطع مش هيحصل .
_ واللى انت عاوز تديهولي سد به ديون ابوك .
_ ايه ياعمي الكلام دا ؟
_ انا مش هاخد جنيه يا عبدالله، اللى كنت محتاجة عيلة  تحتويني واكون جواها .. الفلوس انا معايا الحمدلله وعايش كويس انا وبنتي ومراتي .. ربنا  رزقني بالفلوس وبمحمود ومراته وابنه .. كنا عيلة لبعض .. انا مش عاوز فلوس يا عبدالله وسد دين ابوك ولو عاوز تديني حقي اديني حقي فيكم .. متقطعونيش .
_ حاضر يا عمي ..
_ بكره بعد المغرب هنتحرك نرجع الاسكندرية  ومش هكررلك تاني لو محتاج اى حاجة متتردش بيتي مفتوح لكم في اى وقت .

الجميع نيام وكرم جلس امام المنزل  ينظر الى المنزل من الخارج في شرود ، خرج محمود بهدوء ليدخن سيجارته في الخارج وتفاجئ بوجود كرم :
_ انت صاحي يا كرم .
_ انت منمتش يا محمود .
_ قولت ادخن سيجاره وانام فقولت اخرج في الهوا .. انت منمتش ليه وقاعد لوحدك كدا ليه ؟
 ظل كرم ينظر الى المنزل  وتنهد تنهيده عميقة :
_ البيت دا اطردت منه زمان ورجعت اخد عزا اللى طردني منه .
_ طول العمر لك يا كرم .
- عارف يا محمود ..  رغم اننا كنا بنتكلم فى التليفون لكن كان كلام عادي  المكالمة متكملش 5 دقائق وانا اللى بتصل .. كمال مرفعش عليا سماعه التليفون يسأل عليا ولا يقولي تعالي  ..انا اللى كنت باجي فجأة وكان مقابلته مش مقابلة اخ مشتاق لاخوه.. مقابلة باردة وكلام يضايق عن سنين فاتت هو مش ناسيها .. عارف يا محمود.. كان نفسي ياخدني فى حضنه .
 نظر محمود الى كرم وهو ينظر الى المنزل بحزن .. وضع السيجارة تحت قدمه واستدار الى كرم وضمه وقال له :
_ احنا ايوه مش اخوات شققه لكن انت بالنسبالي  اخويا اللى الايام هادتني به يا ابو الكرم، انا ممكن مش زي كمال ولا حضني زي حضن كمال لكن انا حضني موجود لك في اى وقت .. حضن اخوك محمود .
 ضمه كرم وقال :
_ ربنا يخليك ليا يا محمود ...
 ابتعد محمود وقال :
_ انت عيلتك كبيرة يا ابو الكرم .. مريم وزين وكريم .. وهما هيكبروا عيلتنا .. عيلتنا هتكبر .
 ابتسم كرم نص ابتسامة وقال :
_  احلى هدية من ربنا ربنا يخليكوا ليا .. محمود ممكن اطلب منك طلب ؟
_ عمري يا ابو الكرم ..
_ مريم .. تخلى بالك منها انا عارف مش محتاج اوصيك لكن  لو حصلي حاجة و..
 قاطع محمود حديثه وقبض على يديه وقال بصوت حازم:
_ انت اللى هتجوزها وتفرح بيها وهتشيل عيالها وعيال عيالها كمان .. 
_ محمود انا ..
_ عارف انا انت حاسس ب ايه ، لكن الغيب الله يعلم به ايه ، وولادنا امانه عندنا ، خلينا نستبشر خير في بكره وندعي ربنا يطمنا عليهم على حياة عينا انا وانت نوصل كل واحد فيهم مريم وزين وكريم لبيته .. نبقى معاهم ياابو الكرم لاخر الطريق .. نفكر فى كدا ..اى تفكير تاني غير مسموح .. 
صمت كرم وقال محمود مازحًا لتغيير الجو العام :
_  قال ياابو الكرم كنت قولتلي انت كنت معجب ببنت الجيران .. كنت تقصد انهي بيت لاحسن نسيت .
 ابتسم كرم:
_ انت عاوز سناء تسمع واحصل كمال .
_ لا متقلقش ياابو الكرم انا هحوش عنك.. بس احكيلي كدا كنت بتقف ع السطح تصفرلها وايه تاني الذاكرة مش سيعاني افتكر .
 جلسا محمود وكرم على كرسين امام المنزل  وبدء كرم يحكى لمحمود ومحمود يستمع ب انصات ويتدخل فى التفاصيل .. ظلا يتبادلان الحديث حتى  سمعا صلاة الفجر  توضأ وذهبوا للمسجد صلا الفجر وعادوا للنوم . 

 في الاسكندرية ..
 صباحًا استيقظت مريم  مبكرًا كعادتها وهي تشعر بمسؤؤلية كبيرة على عاتقها  ، بدلت ملابسها وذهبت الى المطعم قبل موعد فتحه بوقت كافِ.. الجو في الشارع كان هادئًا والهواء يحمل نسيمًا خفيفًا .. دخلت المطعم وبدأت تتجول بين الطاولات .. تتفقد النظافة والترتيب .. اعادت تنسيق بعض المفاعد .. اتجهت الى المطبخ واعطت التعليمات للعمال بالداخل ثم بدأت بمراجعة الطلبات والمخزون ..  خرجت للصالة وكانت ترتب المنيو على الطاولات وتضع الورود الصغيرة في أوعيتها الزجاجية .. وجهها عليه ملامح التركيز لكنها لم تخفي لمحة توتر خفيف فهي كانت اليوم بمفردها المسؤؤلة لتغيب زين وعودة كريم للعمل فى القاهرة ..

وهي جالسة على احدى الطاولات عند الساعة الحادية عشر  لمحت دخول زين  واقترب نحوها :
_ صباح الفل ..
_ صباح الفل .. انت جيت ليه ؟
_ هو ايه اللى جيت ليه ؟
_ اقصد انت عندك موعد مش فاضي صح .. انت قولتلنا امبارح كدا انا وكريم ؟
_ ايوه  كنت مشغول لكن  فضيت خلاص .
_ نعم ودا اسمه ايه ؟
_ اسمه انى مكنتش اعرف انك لوحدك ، انا كنت فاكر كريم معاكي بناء عليه قولتلكم انا مش جاى غير بليل .
_  كريم جاله تليفون عنده مشكله فى المكتب فى القاهرة وكان لازم يسافر وبعدين  كرم ومحمود جايين بعد العصر كدا فمش هكون لوحدى .
_ اومال انتى ايه دلواقتي .. انتى معاكي مين ؟
_ زين .. قوم روح مشوارك ومتقلقش  انا رتبت كل حاجة وكدا كدا اليوم خفيف مفيش زحمة .
_ اجلته والله خلاص .
_ اجلت عيد الميلاد ؟
_ ايوه.. قولتلها نبقى نحتفل به يوم تاني لسه الشهر طويل .. قوليلهم يجهزولي فطار عشان انا صحيت لبست نزلت .
_ انت بتستهبل صح ؟
_ ليه عشان عاوز افطر .
_ زين ..
_ فى ايه مش فاهم .؟
_ يعني  البنت عيد ميلادها انهارده والمفروض انكم مرتبطين وهي كانت مجهزة نفسها ورتبت كل حاجة عشان تحتفلوا مع بعض تقوم انت خالع ببساطة كدا .
_ انتى ليه مكبره الموضوع .. هو الشهر خلص لسه مخلصش يعني اى يوم نحتفل عادي .
_ انهاردة عيد ميلادها يا استاذ .
_ بصراحة مش متاكد  يعني قالت انها اتولدت فى يوم واتكتبت في يوم .. ف انهاردة يوم من الاتنين .
_ مش وقت هزار .. قوم   كلمها وروحلها .
_ انتى بتطرديني ؟
نظرت اليه بتعجب :
_ انت مستصغر الموضوع ليه .. مينفعش متبقاش معاها اليوم دا ؟
_ يا صبر .. حصل ظرف .. رجلى اتكسرت هروح ازاى .. اعتبري رجلى اتكسرت .. قوليلهم عاوز فطار  انجزي بقى .
_ زين..
 وقف وبنبرة حادة:
_ مش هسيبك لوحدك فى المطعم خلص الكلام واللى عاوز يزعل عنده البحر يكفي ويفيض .. انا رايح المطبخ افطر  فرهديني وجوعتيني يا شيخة .
 بالفعل تحرك من مكانه ودخل المطبخ وجلست مريم تنظر اليه بتعجب على تصرفه الغير منطقى من وجهه نظرها  الذي سيسبب له مشكلة كبيرة .. 

كان زين جالسًا مع مريم يتبادلان الاحاديث الخفيفة والضحكات والجو من حولهما هادئ فقط بعض الزبائن متفرقين هنا وهناك وصوت موسيقى خافت للموسيقى في الخلفية . 

مريم كانت سعيدة لوجود زين معها ، لم تخبره بذلك ولكن وجوده كسر التوتر الذي كانت تشعر به  وشعرت بالراحة وكأن حملأ خفيفًا أزيح عن كتفيها ..  مريم كانت تبتسم وعيناها تلمعان من الضحك من حكاوي زين  فكلما يراها تضحك  يفتعل حكاوي اكثر ضحكا لاضحاكها .. فجأة انفتح باب المطعم  ودخلت الفتاة التى يواعدها زين وقفت عند الباب ولمحتها مريم وتبدلت ملامحها لرؤية ملامح الفتاة .. تقدمت الفتاة بخطوات سريعة اتجاهم ونظرات حادة .. تحدثت مريم :
_ زين ..
 كان يضحك زين ولاحظ ملامح مريم والتفت لاتجاه الذي تنظر اليه وانتفض قليلًا من مكانه وعلت على وجهه ملامح المفاجاة والتوتر ، لم يتوقع حضورها :
_ منى ؟
  اقتربت اليهم ووقفت تنظر الى زين نظرة حادة وانتقلت بنظرها الى مريم بنظرة غاضبة ..  مريم شعرت بالارتباك نظرت الى الفتاة ثم الى زين  ..وقف زين  وامسكها من يدها وسحبها للخارج :
_ انتى بتعملي ايه هنا ؟
 ربعت يدها حول صدرها وبنبره حادة :
_ جيت اطمن على الحرارة العالية وجسمك المكسر اللى مش قادر تتحرك من السرير .
_ انا ..
_  لما شوفت رسالتك وانك لوحدك عملتلك شوربة جيت اديهالك وقبل ما اطلع البواب قالي شافك نازل رايح المطعم .. جيت اطمن عليك مكنتش اعرف ان الحرارة نزلت وتكسير الجسم راح .. مفعول دكتورة مريم جبار بصراحة .
 بنبرة حادة تحدث :
_ منى.. اظبطي كلامك .
 اجابته ب انفعال :
_ انت اللى اظبط افعالك .. تسيبني في يوم مهم .. يوم عيد ميلادي بعد ما جهزت كل حاجة عشان تقعد مع مريم .
_ انتى متعصبة مش عارفه بتقولي ايه .. روحي ونتكلم بعدين روحي يلا .
_ وكمان بتوزعني عشان معكرش الجو صح .
 قال بغضب :
_ منى .. اسمعي الكلام وامشي يلا .
 وقفت للحظات تنظر اليه وملامحها الحادة وقالت بعند:
_ مش همشي غير لما تجاوبني ع سؤالي ؟
_ يا صبر .. اسألى وانجزي .
_ انا ولا مريم .. هتختار مين ؟
تفاجئ من السؤال وقال :
_ انتى رايحة منك انهارده.. ارجعي ع البيت ولا روحي احتفلى بعيد ميلادك وبعدين نتكلم تكوني هديتي .
_ مش همشي غير لما تجاوبني .. ولا اقولك.. هدخل اسألها ..هسأل مريم نفسها .
 بغضب امسك يدها اوقفها :
_ انتى رايحه فين وهتسألي مين ؟
_ في غيرها .. اللى سيبتنى في يوم مهم  عشانها .
_ عاوزة اجابة لسؤالك يا منى .. هجاوبك بكل بساطة واريحية .. قولتي انتى ولا مريم ، مريم اكيد .. مريم قبل اى حد .. وصلت الاجابة .
 صدمت من اجابته وقالت :
_ انا مش عاوزة اعرفك تاني .
_ اللى انتى شايفاه .. اتفضلي .
  كانت مريم تقف على بعد خطوات ، تظاهرت بالانشغال في ترتيب لطاولات القريبة  ولكنها كانت تسمع الحوار الدائر بين زين والفتاة .. حين سمعت اجابة زين  صدمت من اجابته  وتجمدت ملامحها وثبتت مكانها .. التفت زين ليدخل  وجدها واقفه خلفه وملامحها مضطربة  تنظر اليه بعينين غارقتين فى الدهشة .. اقتربت نحوه :
_ ايه اللى سمعته دا ؟
 بتوتر اجاب زين :
_ سمعتي ايه بالظبط .
_ انت كدبت عليها انك مريض عشان تيجي تكون معايا هنا .
  لم يستطيع زين الانكار :
_ ايوه .
 رمقته بنظره غضب ودخلت الى الداخل  وجلست على احدى الطاولات وملامحها حادة وجلس زين بجوارها :
_ عاوز افهم انتى متحوله ليه كدا .. هي بنت خالتك ؟
_ انت بتستعبط يا زين ..  بص قوم روح لها صالحها  راضيها اعمل اى حاجة بس متسيبهاش زعلانه كدا .
 _ مش رايح فى مكان انا قاعد هنا .. انا مقولتلهاش تيجي اصلًا .
نظرت اليه لثوانِ :
_ فين المكان اللى كانت هتعمل عيد ميلادها فيه ؟
_ ليه ؟
_ هروحلها انا اصلح العك اللى عملته دا وافهما اللى حصل  واقولها مش مستاهلة الغيرة مني انا اختك .
 _  اهدي كدا واقعدى ..
_ زين مينفعش .. 
_ اللى حصل حصل خلاص مش عارف انا ايه اللى ضايقك كدا ؟
_ لان انا السبب .. ليه تقولها مريم .. قولها انتى .
_ واكدب ليه ؟
 نظرت اليه بتعجب :
_ انتم مش مرتبطين .. طبيعي تختارها هي  مش انا ؟
_ الطبيعي انها متحطكيش في مقارنة معاها لانها هتخسر وهي عارفة كدا كويس ..
_ زين 
_ مريم اسمعيني .. انتى متتحطيش فى مقارنة مع حد.. متتحطيش في مقارنة اصلا .. واللى يفكر يحطك هو الخسران وهي خسرت .
صمت لثوانٍ:
_ زين.. روح  صالحها مش هقدر اقعد وانا عارفه ان انا السبب .
_ غبائها السبب .. أول ما ارتبطت معاها وعرفتها على عيلتي وقولتها علاقتنا ببعض انا وانتى اخوات  وهي مش قادرة تستوعبها وانا مبحبش الاغبيا .
_ يعني ايه ؟
_ يعني هي طلبت طلب وخلاص ريحتني بصراحة كنت مش عارف اخلع ازاي .
 تفاجئت مريم :
_ زين .. انت بتقول ايه ؟
_ بقول انى رجعت زين السينجل لو حد من اصحابك سألك عليا قوليلها تلحق قبل الحجز .
 قال كلماته وتحرك من مكانه مغادر :
_ رايح فين مخلصناش كلامنا .
 التفت اليها وقال :
_ انا خلصت ومفيش كلام تاني .. انا رايح اشوف الغدا جوعتيني من الفرهدة  اعمل حسابك معايا .. هعمل لانى عارفك بزلومتك دي هتتطفسي كالعادة ..
 تحرك اتجاه المطبخ بخطوات هادئة وهو يدندن ويلقي المزاحات على العاملين .. جلست مريم تنظر اليه بتعجب .

مرت سنة تالتة بهدوء وتقدموا زين ومريم بخطوات ثابتة نحو التخرج ليصلوا أخيرًا الى السنة النهائية فى الجامعة ..  مريم كانت جالسة فى المرسم على السطح منهمكة في رسم تفاصيل لوحتها والالوان تتناثر حولها .. فجأة سمعت صوت زين من الخارج :
_ ميما .. انا جيت .
 تفاجئت بوجوده  وخرجت من المرسم  وجدته جالس امام الطاولة وامامه علبة بيتزا :
_ حسيت انى جعان فقلت نأكل مع بعض .
_  انت مش كان عندك ميعاد والمفروض هتتغدوا مع بعض .
_ روحت وخلصت الميعاد وجيت .
_ ايه الانجاز دا انا قولت هترجع متأخر .
_ لا عادي  روحنا قعدنا فى مطعم اكلنا قالت الكلمتين وانا قولت الكلمتين دفعت الحساب ووصلتها ورجعت .
_ وايه جعان دا انت مأكلتش ؟
_ نقنقت مكنتش جعان وقتها .. في ايه بتحققي معايا انا غلطان انى جيت يعني .. اخد البيتزا وانزل البيت .
 امسكت يده وعلبه البيتزا :
_ مالك اتزرزت كدا ليه انا بسأل عادي .
_ مفيش اسئلة .. الوقت دا وقت الاكل .. يلا ولا مش ناوية.. مش هسيبلك حاجة بقولك اهو .
_ لا طبعا يلا ..
 جلست مريم  وهي تنظر الى العلبه بسعادة .. كانت نظرات زين مليئة بالمرح والاهتمام وهو يشاهدها تتناول البيتزا بسعادة .. بدأ هو ايضا لياكل وقالت مريم :
_ هتفضل كدا لامتى ؟
_  على البيتزا .. لاخر يوم في عمري انا وعدتك من واحنا صغيرين هفضل اجبلك البيتزا .
_ لا البيتزا دا امر مفروغ منه .. لو مجبتش انا مش هسيبك فى حالك .
_ عشان كدا بقول لاخر العمر .
 ضحكت مريم وقالت :
_ لا بجد يا زيزو لامتى هتقضيها كدا تعارف ومقابلات ومفيش واحدة بتعمر معاك لمده .. يعني انا بعيدة عنك ومع ذلك مبتعمرش .. يعني المشكلة طلعت من عندك انا مكنش ليا ذنب .
 نظر اليها بنصف عين :
_ عيني في عينك كدا .. اومال مين اللى هكر الايميلات .. انا .
_ خلاص بقى انتى مبتنساش .
_ لا مبنساش .. اجابه لسؤالك يا شق هى اجابة واحدة .
_ وهي ؟
_ حتى اقابل اللى عليها العين وتخطفني خطف 
 ضحكت مريم على طريقة وصف زين :
_ انت بتتكلم ع فتاة احلامك عاوزها تخطفك .
_ ايوه .. هو انا قليل ولا ايه .. مش انتم عاوزين الفارس يخطفكم .. احنا بني ادم عاوزين حورية البحر تخطفنا خطف .. زي ما سناء خطفت كرم وسوسن خطفت محمود .
_ يعني عاوز تنخطف ؟
_ ايوه .. وانتى  ايه الجديد مفيش حد ظهر عرف يخطفك كدا ؟
_ كان في تليمحات بس انا قفلت بصراحة 
_ ماشاء الله ولا قولتي ..هو انا لازم اسالك ولا ايه ؟
_ انا بقولك تلميحات هو انا اقول التلميحات .. لو في حاجة فعليًا هقول وبعدين انا في اخر سنة  اخلص رابعة الاول وبعدها نشوف .
_  ماشي ..ماشي .

 بدأت الدراسة وذهبوا مريم وزين الى الجامعة كالمعتاد.. مر النصف الاول بهدوء وعادوا من اجازة نصف العام لاستكمال النصف الاخر .. مريم تجلس فى السيكشن برفقة اصدقائها دخلت صديقتها شيماء  تركض اتجاها :
_ في ايه يا بنتي حد بيجري وراكي 
_ ميما .. فى خبر بمليون جنيه 
_ خليلك الخبر وهاتي المليون جنية 
 قالتها مازحة وضحكت هي واصدقائها .. قالت شيماء صديقتها :
_ ايهاب مختار فى الكليه .
 تجمدت مريم للحظات وقالت:
_ بتقولي ايه ؟ مين ؟ فين ؟ هنا ؟
_ كنت عند الدكتور فؤاد  وسمعته بيتكلم مع دكتور ماجد ان ايهاب مختار هيدرسلنا الترم دا  
 لم تستوعب مريم حديث صديقتها :
_ انتى سمعتي غلط صح ؟
_ والله  زي ما بقولكم حتى انا سالت دكتور فؤاد قالي ايهاب مختار الكلية بعتتله دعوة يحضر معرض اللى الكليه هتعمله وطلبت منه يدرسلنا وهو وافق وبعد اسبوع هيكون هنا .. عاوزين تتاكدوا روحوا لدكتور فؤاد او شوفوا المنشور فى موقع الكليه .
 بالفعل فتحت مريم الهاتف ودخلت على موقع الجامعة وبالفعل  شاهدت الخبر .. سعدت وفرحت بشدة سيتحقق الحلم اخيرًا لمقابلة ايهاب مختار شخصياً..

 كان زين ينتظر خروج مريم ليعودا سويًا الى المنزل .. خرجت مريم وركضت اتجاهه وهي سعيدة فقال :
_ مش لدرجة دي هنتفهم غلط .
_ زيزو مش هتصدق اللى هقولهولك .
_ ايه حصل .
 نظرت اليه لثوانِ:
_ ايهاب مختار يا زيزو .. ايهاب مختار 
 بلامبالاه:
_ ياادى ايهاب توفيق اللى كنا مرتاحين من سيرته .. خير  اترقي عمل معرض .. ماله ؟
_ هيدرسلنا الترم دا .
 تفاجئ زين:
_ هيدرسلكم .. ازاى يعني ؟
أخبرته بالامر  وملامح السعادة تملأ وجهها ، فكانت عيناها تلمعان بحماس  وابتسامتها لا تفارق وجهها ... قال زين :
_ لدرجة دي الخبر دا فرحك كدا .
_ دا كان حلم اشوفه يا زين.. تخيل هيدرسلي .. الاحلام بتتحقق بجد.
 _ طيب ايه هنمشي ولا هتكملي احلام مكانك .. مستنينا في المطعم .
_ يلا يلا ..
 ظلت طوال الطريق تتحدث مع زين عن ايهاب مختار واعمله وفنه وحلمها بالتواصل معه مباشرة.. ورغم تكرار كلماتها وحديثها ولكن زين كان ينصت لها بتركيز ويتفاعل معها لمشاركتها اللحظة .. 
فى يوم وهما عائدان من المطعم ووصلا لامام البناية .. وقفت فجاة:
_ وقفتي ليه ؟
_ نسيت ..
_ نسيتي ايه يا زهايمر.. المفتاح عندنا  نسخة .. موبيلك ؟
_ لا اجيب الطلبات اللى طلبتها من السوبر ماركت بالتليفون لما كنت فى المطعم .
_ يا شيخة وقعتي قلبي افتكرت هترجعي المطعم تاني .. السوبر ماركت ع اخر الشارع روحي يلا وهستناكي هنا .
 نظرت اليه بتعجب :
_ عاوزني انا اروح لاخرررر الشارع وانت تستناني هنا ؟
_ مش حاجات انتى طلبتيها .
 بصوت منخفض :
_ مش قادرة يا زيزو .. رجلى وجعتني  وقفت كتير انهاردة يرضيك يعني .
 نظر اليها :
_ بس بس  ايه نظام التسول دا..  خليكي هروح .
_ متتاخرش بقى انا هقعد هنا استناك .
 بالفعل تحرك زين متجهه الى السوبر ماركت  وجلست مريم على الكرسي امام العمارة .. واثناء جلوسها رأت سيارة تقف امام العمارة .. نظرت نحوها للحظات حتى شاهدت فتاة تغادرها وكانت تشبه على ملامحها .. توجهت الفتاة الاتجاه الاخر ونزل السائق كرسي متحرك وبمساعدته اجلس سيدة مسنة كانت معاها .. ركزت مريم فى السيدة المسنة والفتاة وعيناها تفتحا من المفاجاة وقالت :
_ ملك .. معقول .


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1