رواية هالة الفصل الحادى عشر بقلم جميلة القحطاني
رياضي، ومحبوب.
دخل كلية مرموقة لكن هناك تعرض لصدمات نفسية ووقع في سكة الإدمان بعد ما اتخان من خطيبته اللي ارتبطت بابن أحد أعداء والده.
من وقتها، هو بيغرق كل يوم أكتر، والعيلة كلها بقت تتجنبه، خصوصًا إن أبوه كمال بيحاول "يداري الفضيحة".
في كل تجمع عائلي، فارس بيظهر في الخلفية… قاعد لوحده في ركن بعيد… عنيه مرهقة… بيضحك لوحده أو بيكلم نفسه بصوت خافت.
أخته سارة بتتجنبه رغم إنها بتحبه، لكن بقت تخاف منه.
جده عاصم مش قادر ينسى خيبة الأمل، فبيتعامل معاه بجفاء كأنه عار على اسم العيلة.
أما مالك، ابن عمه، فدايمًا بيحاول يتكلم معاه… لكن فارس بيصده ويقوله:ابعد يا ملاك… سيب الشيطان في حاله.
فارس مقتنع إن العيلة كلها بتمثّل، وإن الترابط اللي بيشوفه مجرد واجهة.
بيقعد يكتب في دفاتر قديمة خواطر سوداوية عن الموت، والفقد، والوحدة.
بيشوف كوابيس كل ليلة، عن أمه وهي بتعيط، عن خطيبته، عن السجن، وعن إنه بيموت لوحده ومحدش بيعرف.
في يوم من الأيام، وهو قاعد على السلم الخلفي للفيلة، بيشوف هالة وهي بتتكلم مع نفسها بهلع.
بيربط بين حالتها النفسية وحالته، وبيبدأ يراقبها.
بعد كام يوم، بيلمح رمزي وهو بيحاول يتقرب من هالة بطريقة خبيثة…
بيقرر يتدخل لأول مرة…
وبيوقف رمزي ويقوله:سيبها… دي مش بتاعتك، ولا بتاعتي… دي بتاعت الأيام اللي جاية.
المغرب بيهبّ نسيمه على حديقة الفيلا، والضحك جاي من بعيد زي نغمة قديمة كانت بتفرّح قلبه، بس دلوقتي بتخبط فيه زي مسمار بارد في صدره.
كان قاعد لوحده، على طرف الدكة الخشبية اللي جنب الشجرة الكبيرة…
سجارة مشتعلة بإيده، والدخان بيغطي جزء من ملامحه،
وعينيه غرقانة في تعب مزمن… مش بس من السهر… ده من الحياة كلها.
قدامه، مالك بيضحك مع بنات خالته، وسارة أخته بتهزر وهي لابسة فستان بنفسجي واسع،
لكنها لمّا لمحت نظرته، سحبت عنيها بسرعة… كأنها خجلانة إنه لسه موجود.
حتى انتي يا سارة؟
همسها خرج منه كأنه بيكلم الريح.
مدي إيده المرتعشة على الجيب، طلع علبة فيها قرص واحد صغير…
بص له، وبعدين رماه على الأرض… دوس عليه برجله…
لكن إيده كانت بترتعش، قلبه بيجري، وعينيه بتملاها دموعه اللي اتعلم يدفنها.
فجأة، صوت خفيف من الناحية التانية للحديقة…
أنت كويس؟
لفّ بسرعة، قلبه اتشد…
كانت هالة، واقفة على بُعد، باين عليها لسه خارجة من المطبخ، هدومها فيها بقع دقيق، وإيديها ماسكة فوطة.
