رواية اوار ( جنية الظلام ) الفصل الحادى عشر 11 بقلم ندى محمود توفيق


 رواية اوار ( جنية الظلام ) الفصل الحادى عشر بقلم ندى محمود توفيق


خرج فارس من الحمام بعدما انتهي من حمامه الصباحي واتجه إلى خزانته ليخرج ملابسه ويرتديها بسرعة، كانت ليلى جالسة فوق الفراش شاردة الذهن تحدق في الفراغ بطريقة مريبة جعلته يتمعنها بتعجب وراح يسألها باهتمام بعدما لاحظ حالتها الغريبة:
_مالك ياليلى أنتي كويسة؟
ظلت عيناها عالقة على اللاشيء أمامها ولم تلتفت بنظرها حتى لفارس فضيق عيناه وهتف بصوت قوي ليجعلها تنتبه له وتجيب عليه:
_ليلى أنا بكلمك أنتي سمعاني !؟
فاقت أخيرًا على حدة صوته ورمقته بنظرة ضائعة لكنها أجابت بهدوء تام ومثير للشك أكثر:
_نعم يافارس
اقترب منها فارس وجلس بجوارها ثم راح يمسح على شعرها بحنو ويسألها بقلق:
_أنتي كويسة ياحبيبتي ؟
ابتسمت له برقة وهزت رأسها بالإيجاب متمتمة:
_أنا كويسة الحمدلله .. قوم يلا أنت البس عشان منتأخرش
اطال التمعن في تعابير وجهها بعدما تأكد أن زوجته بها شيء لا يعلمه، لكنه للأسف قرر تجاهل ذلك الأمر الآن وبعد زيارة دكتور سامي عالم الآثار هذا سيهتم بها ويعرف ماذا حدث معها.
استقام واقفًا وراح يكمل ارتداء ملابسه أما ليلى فعادت مجددًا شاردة الذهن في الفراغ، وبعد استعدادهم تمامًا غادروا المنزل واستقلزا بسيارة فارس متجهين إلى منزل سامي، كان ماهر يجلس بجوار أخيه في المقعد الأمامي وليلى تجلس بالمقعد الخلفي، بينما كان فارس منشغلًا بالقيادة كان ماهر عيناه من كل آن لآخر تختلس النظر إلى ليلى في المرآة العاكسة أمامه، بأول مرة كانت نظرته بمحض الصدفة تمامًا فرأى نظرات نارية في عيناها ترمقه بها، تعجب بشدة لكنه لم يكترث كثيرًا مبررًا أنه ربما تهيأ له، لكنه عاد ينظر ثانية واستقبل نفس النظرة يبدو أنها لا تحيد بنظرها عنه طوال الوقت، ومستمرة بالتحديق به بكل ذلك الغل منذ بداية طريقهم، أعاد الكرة مرة ثالثة ورابعة وهي ذاتها النظرة التي لا تشبه نظرات زوجة أخيه أبدًا، كانت نظراتها له كلها وعيد شيطاني مرعب وحقد، تمامًا كنظرة ” أوار ” له، لكنه تجاهل تلك الأفكار وانتزعها من عقله معللًا أنها تخاريف في ذهنه هو فقط وليست حقيقية .
***
داخل منزل الدكتور سامي.. هرولت سمر متلهفة إلى الباب بعدما سمعت صوت رنين الجرس، وفتحت الباب بابتسامتها الرقيقة فقابلت أمامها ماهر الذي ابتسم بدوره بعد رؤيته لابتسامتها، أما هي فاسحت لهم الطريق بسرعة علاقة بترحيب شديد:
_أهلًا وسهلًا اتفضلوا اتفضلوا
دخل ماهر أولًا على استحياء في أدب ولحق به فارس وآخرهم كانت ليلى، خرج سامي من غرفته فور دخولهم وهو يهتف مرحبًا بهم بوجه بشوش:
_يا أهلًا وسهلًا
اقترب من ماهر أولًا ومد يده يصافحه بحرارة هاتفًا في ود جميل:
_أخيرًا يادكتور نولت الشرف أشوفك نورتني والله
ابتسم له ماهر وقال بتهذيب في صوت رزين:
_الشرف ليا والله يادكتور سامي
مد يده مُرحبًا بفارس في احترام شديد ولهجة رجولية، فـ ربما تقمص دور الجدية أكثر مع فارس لأن هيئة فارس دومًا ما تعطي انطباعًا بالهيبة والقوة، هتف سامي :
_أهلًا بحضرتك يابشمهندس فارس نورتنا
أجاب فارس بصوت رجولي رخيم وابتسامة رزينة:
_منور بأهله يادكتور
أشار سامي لهم بيده نحو غرفة مكتبه الخاصة بعدما رحب بـ ليلى أيضًا هاتفًا:
_اتفضلوا
ساروا خلفه إلى داخل الغرفة وجلس كل من سامي وفارس على مقعدين مقابلين لبعضهم وليلى جلست بجوار ماهر على أريكة متوسطة الحجم، بدأوا حديثهم بأمور عامة تخص الحياة والعمل والسياحة والآثار حتى تطرق الآمر في النهاية إلى المقبرة الملعونة والبردية والسبب الرئيسي لزيارتهم له.
أخرج فارس البردية من جيبه واعطاها لسامي الذي التقطتها من يده ثم ارتدي نظارته الطبية وبدأ يتفحصها ويدرسها بنظراته يقرأ كل ما دون بها وسط نظرات ماهر وفارس المترقبة لرده وأخذ اي معلومة مفيدة، أما ليلى فكانت عيناها تطلق إنذار الشر وثابتة على سامي لا تحيد عنه للحظة، بتلك اللحظة دخلت سمر وهي تحمل صينية فوقها أكواب القهوة ومدت الصينية أمام كل واحد ليأخذ فنجانه، بينما سامي فقد استقام واقفًا واتجه نحو مكتبه الخاص وأخرج من أحد الإدراج كتاب أثري ضخم وراح يبحث بين صفحاته بتركيز شديد حتى توقفت أنامله وحركة أصابعه عند صفحة معينة وابتسم بحماس هاتفًا:
_لقيته ؟
هتف فارس بسرعة متلهفًا بعدما استقام مسرعًا وهروب نحوه يقف بجواره وينظر في الكتاب:
_إيه يادكتور لقيت التفسير للي بيحصل ده ؟
أجاب سامي بهدوء وهو ينظر في الكتاب ويستخلص منه المعلومات كما هي مدونة:
_الملك اللي أنت دخلت مقربته اسمه سح رع ملك مش معروف أبدًا ومفيش غير كتب نادرة جدًا اللي ذكرته وحكم مصر لفترة صغيرة جدًا بس كان معروف بظلمه، ومذكور أنه كان متجوز بس عنده عشيقة سرية اسمها أوار وكان مهووس بيها وقرر أنه يخلدها ويحبس روحها معاه فقتلها بأبشع الطرق واستخدم السحر الاسود لحبسها داخل مقبرته ومعاه لعن نفسه ومقبرته كلها
خرج صوت فارس مستفهمًا بفضول وعدم فهم:
_طيب لما هي المقبرة ملعونة وهو حبسها معاه أنا ازاي دخلت وازاي ظهرت ليا المقبرة دي
حدقه سامي للحظات بتفكير وجهل مشابه له ثم عاد يقلب بين صفحات الكتاب مجددًا عله يجد أي معلومة تخص تلك النقطة ،حتى توقف نظره على عبارة مكتوبة بالهيروغليفية فقرأها ونظر لفارس بقوة متمتمًا:
_ من شروط السحر اللي عمله الملك أن محدش يقدر يدخل المقبرة دي ولا يشوفها غير شخص من نسل الملك وهو كمان اللي يقدر يحرر أوار أو يرجعها لسجنها من تاني
التفت فارس لأخيه ونظر له مندهشًا وكان ماهر هو أيضًا يتابعهم بذهول أما سامي فتابع بنبرة رزينة يطمئنه:
_ومذكور كمان أن أوار متقدرش تأذي أي شخص من نسل الملك وإلا هيكون الهلاك نصيبها يعني هي متقدرش تأذيك يافارس
هتفت سمر بقلق وهي تنظر لماهر :
_بس ياخالو هي حاولت تأذي ماهر وبتهدده
أجابها ماهر بنبرة رجولية قوية:
_عشان أنا وفارس مش أخوات من نفس الأب فبتالي أنا مش نسل الملك
ابتعد فارس عن سامي وجلس على مقعده مجددًا ورفع يده يحك في ذقنه ويمسح على وجهه متأففًا بقلق وحنق ثم رفع رأسه ونظر لسامي يسأله بعدم فهم:
_طيب هي عايزة روحي ليه؟
أخذ سامي نفسًا عميقًا وقال وهو يتنهد بضيق:
_عشان المفروض أنه روح من نسل الملك هي اللي هتقدر ترجعها للحياة وتحررها وتخليها تتجسد في أي شكل وهيئه ، بس هي متقدرش تأذيك عشان كدا بتحاول تجبرك أنك تسلم روحك ليها طوعًا
كانت سمر تستمع لكل هذا والرعب والصدمة تستحوذ عليها أما ليلى فكان الثبات يمتلكها بشكل مرعب.. لا تبدي أي ردة فعل وتعبيرات وجهها جامدة تمامًا فقط تحدق في كل من سامي وماهر بوعيد شيطاني.
خرج صوت فارس بآخر سؤال في استفهام:
_طيب المقبرة دي اقدر افتحها ازاي تاني وازاي كمان احبس أوار من تاني
أطلق سامي زفيرًا بعبوس وقلة حيلة وقال:
_مهو ده بقى السر اللي مش موجود لا في البردية ولا في الكتاب للأسف، بس ممكن ابحث في كتب تاني واحاول اوصل بمعلومة مفيدة يعني اديني كان يوم كدا وارد عليك
ارتفع رنين هاتف ماهر في تلك اللحظة فاستقام واقفًا واستأذن بأدب ليغادر ويتحدث في الهاتف بالخارج، بينما ليلى فكانت تراقب كل خطوة يخطوها ماهر بترقب وانتظرت مغادرته الغرفة فهبت هي الأخرى واقفة ووجهت رأسها نحو سمر تسألها بلطف:
_هو الحمام فين ؟
استقامت سمر واقفة وسارت معها لترشدها إلى الحمام، ثم تركتها وعادت للغرفة حيث يجلس كل من فارس وحالها، أما ليلى فخرجت من الحمام في الحال ووقفت تتلفت حولها بحثًا عن ماهر حتى لمحته يقف في إحدى الزوايا أمام نافذة كبيرة يوليها ظهره ويتحدث في الهاتف، فابتسمت بشيطانية وتقدمت نحوه ببطء شديد تسير بكل حذر حتى لا يشعر بها حتى وقفت خلفه وأصبح لا يفصلها عنه سوى سنتي مترات قليلة، بتلك اللحظة صدح صوت أوار في أذنها وهي تذكرها بمهمتها وتجدد سحرها عليها أكثر هامسة:
_افعليها يا ليلى لا تترددي، وجود ماهر في حياتكم سيكون خطر شديد وستخسري زوجك بسببه
هزت ليلى رأسها بالموافقة بعدما استحوذت عليها بسحرها أكثر وتعشش الخوف والغضب في قلبها تجاه ماهر فمدت يدها في جيب بنطالها الفضفاض الذي ترتديه وأخرجت منه السكين التي أعطتها لها أوار في المنزل ورفعتها متأهبة لطعن ماهر من ظهره، لكن لحسن الحظ أنه التفت فجأة بجسده للخلف فانتفض مفزوعًا عندما وجدها تقف متسمرة خلفه هكذا وسرعان ما جحظت عينيه بذهول فور رؤيته لتلك السكين القابضة عليها بيدها وتوجهها نحوه، وعلى حين غرة دون أن تمهله اللحظة لاستيعاب ما يحدث دفعت يدها بالسكين نحوه لكنه تدارك الخطر على آخر لحظة وقبض على يدها قبل أن تغرز السكين في أعماق أحشائه وكان الجرح سطحي، ظل ماهر يحدقها بصدمة جاحظًا عيناه ويضع يده على جرحه محاولًا إيقاف دمائه من السيلان.
خرجت سمر من غرفة سامي لتتفقد ماهر لكنها تصلبت بأرضها فاغرة شفتيها وعيناها ولم تدم صدمتها لأكثر من ثلاث ثواني حيث أطلقت صرختها العالية باسمه وهرولت نحوه برعب، دفعت ليلى بعيدًا عنه بقوة واجلسته على أقرب مقعد وأبعدت يده عن جرحه لتتفقده وهي تهتف بصوت مرتجف:
_يلا بينا على المستشفى ياماهر
لم يكن هو يشعر بأي ألم من فرط صدمته حتى لا يسمع سمر ولا يراها، هو فقط يحدق في زوجة أخيه بعدم استيعاب لما فعلته ويراها تقف بيدها السكين الملطخة بدمائه وتنظر له بتيه وصدمة مماثلة له وكأنها جسد بلا روح، يدها كانت ترتعش وعيناها تلألأت بالعبرات.
خرج فارس وسامي من الغرفة بهلع على أثر صراخ سمر فركض فارس نحو أخيه بفزع عندما رآه هكذا وراح يسأله بعدم فهم:
_إيه اللي حصل ياماهر أنت كويس ؟
هز ماهر رأسه بالإيجاب دون أن يحيد بنظره عن ليلى وقال لأخيه بهدوء:
_أنا كويس الحمدلله بسيطة ، شوف ليلى
التفت فارس برأسه للخلف ينظر إلى زوجته وكانت الصدمة الأكبر من نصيبه هو حيث اتسعت عينيه بعدم استيعاب عندما رأى السكين الملطخة بدماء أخيه في يدها، فهب واقفًا واندفع نحوها غاضبًا يصيح:
_إيه اللي عملتيه ده ياليلي
نظرت له بعينان غارقة بالدموع وانسابت بغزارة على وجنتيها وراحت تهز رأسها بهيستريا في رعب وعدم تصديق تنفي ما فعلته وتقول باكية:
_أنا معملتش حاجة.. لا أنا معملتش كدا والله يافارس
جذب السكين من يدها وراح يسألها بقوة:
_جبتي السكينة دي من فين ؟!
خرج صوت ماهر المتألم في تلك اللحظة يوجه حديثه إلى أخيه بضيق:
_اهدي يافارس وبراحة عليها واضح انها مكنتش في وعيها مالك ؟
حدقت ليلى في السكين الملطخة بدماء ماهر واتسع لؤلؤي عيناها بارتيعاد وفي ظرف لحظة كانت تغلق عيناها وتسقط فاقدة الوعي لكن فارس التقطتها بسرعة قبل أن تلمس الأرض وضمها إليه وهو يضرب على خديها بقوة بسيطة ليوقظها في ملامح خوف وقلق شديد عليه:
_ليلى ليلى فوقي.. ليلى
خرج صوت سامي المضطرب وهو يحاول إنقاذ الموقف هاتفًا لفارس:
_شليها يابشمهندس فارس وتعالي معايا ندخل الأوضة نفوقها وترتاح شوية
حملها بلهفة على ذراعيه وقبل أن يخطو خطوة مبتعدًا التفت نحو أخيه بقلق فهتف سامي بنبرة ثابتة ليطمئنه:
_متقلقش عليه سمر معاه وواضح أنه جرح بسيط
هز ماهر رأسه له بدفء أخوي يرسل إشاراته أن يذهب ويطمئن على زوجته أولًا، فذهب بصحبة سامي الذي اخذه لإحدى الغرف التي تحتوي على فراش متوسط بالمنتصف ووضع فوقه ليلى برفق شديد.
***
بالخارج حيث كان يجلس ماهر وسمر تحاول إيقاف نزيف جرحه بيد مرتعشة وعيناها لامعة بالعبرات، فهتف لها في لطف مبتسمًا:
_اهدى ياسمر أنا كويس ده جرح بسيط الحمدلله
رمقته باهتمام وقلق حقيقي وقالت بتوسل:
_طيب يلا بينا على المستشفى ابوس إيدك عشان نطمن أكتر وهما يعملوا اللازم هناك
قال في جدية رافضًا رفض قاطع:
_مش مستاهلة وبعدين مينفعش مستشفى مش ناقصين سين وجيم ياسمر، هو أنتي مش دكتورة برضوا اتصرفي؟
هتفت بغيظ منه في قوة:
_أنا دكتور نساء مش دكتورة جراحة
اجاب مازحًا ليضيف بعض المرح على الأجواء المضطربة:
_طالما بتمسكي مشرط وبتخيطي يبقى احنا في السليم خشي بقلب جامد
رفعت حاجبها مستنكرة رده الساخر وهتفت بقلة حيلة وهي مبتسمة:
_بخيط!!.. طيب ياماهر يلا ندخل اوضة المكتب عند خالو
استقام واقفًا من مقعده ببطء شديد وهو يتألم مساعدته هي وحاوطت خصره بذراعيه لتسنده في سيره وهو بدور وضع ذراعه بلطف على كتفها ليتمكن من السير حتى الغرفة.
ساعدته بكل رفق وحرص ليتمدد بجسده على الأريكة الطويلة وهو مازال يغطي جرحه بكفه وبتلك القماشة التي أعطتها له ليضغط بها على جرحه حتى يوقف النزيف، ثم هبت واقفة واسرعت تجلب ادواتها الطبية اللازمة حتى تتمكن من تضميد جرحه، عندما عادت له وجدته يوجه رأسه تجاه السقف وعينيه مغلقة فانقبض قلبها هلعًا وهرولت إليه تجلس بجوار رأسه على الأرض وتهتف مرتعدة:
_ماهر أنت سامعني .. أنت كويس؟
فتح عينيه ونظر لها بهدوء ثم قال مبتسمًا لكن تعابير وجهه تظهر تعبه والمه الذي يحاول إخفائه عنها:
_أنا كويس بس حاسس نفسي دوخت شوية.. يلا بس أنتي ابدئي شغلك لأن الألم كل ماله بيزيد
هزت رأسها بالموافقة فورًا في قلق وتحركت حتى أصبحت بجوار موضع جرحه تمامًا وبدأت تعقم الجرح أولًا وهي تراقب تعابير وجهه التي تقوست من شدة الألم، ثم انتقلت لمرحلة المخدر وأخذت تضع ما يكفي من المخدر فوق الجرح قبل أن تبدأ بخياطته ثم نظرت له وقالت بأسف وحنو شديد:
_انا حطيت المخدر وهبدأ خياطة دلوقتي ياماهر معلش هو ممكن تحس بنغز بسيط فيه وأنا بخيط استحمل معلش أنا آسفة
اماء رأسه بالموافقة في ثبات تام وتمتم بهدوء يمنحها الأذن للبدء:
_ابدأي ياسمر ابدأي علطول
أخذت نفسًا عميقًا ونطقت البسملة قبل أن تبدأ في خياطة الجرح وهي تخطف نظرها إليه كل لحظة وأخرى تراقب تعابير وجهه هل يظهر عليها الألم أم لا يشعر بشيء…
***
داخل الغرفة حيث توجد ليلى متسطحة على الفراش وبجوارها فارس يحاول ايقاظها من اغمائها.. حتى بدأت تفتح عيناها ببطء وتحرك بؤبؤي عينيها بالمكان من حولها حتى استقر بالنهاية على زوجها وسامي فاتسعت عينيها أكثر وتذكرت ما حدث قبل أن تفقد وعيها.. وثبت جالسة وهي تصرخ ومنكمشة على نفسها كطفل صغير وتنظر لفارس بعينان غارقة بالدموع تقسم بصدق وسط بكائها وانهيارها:
_أنا معملتش كدا في ماهر والله يافارس أنا لا يمكن افكر اقتل اخوك ولا أذيه يافارس صدقني
كان سامي يراقب حالتها باشفاق أما فارس فكان قلبه يتمزق أربًا عليها بل شعر بالندم حتى لأنه انفعل وصرخ بها قبل أن تفقد وعيها.
خرج صوت سامي الرخيم راغبًا في تركهم وحدهم ليحاول زوجها تهدأتها بالطريقة التي يراها مناسبة:
_أنا هنزل اطمن على ماهر يابشمهندس
هز فارس رأسه بالموافقة له دون أن ينظر له في تعابير وجه مهمومة.. فـ لا يستطيع ترك زوجته بهذه الحالة والاطمئنان على أخيه، يحب أن يحتوي زوجته أولًا ثم يذهب لأخيه.
فور انصراف سامي اقترب فارس من ليلى وضمها لصدره بحنو وأخذ يلثم شعرها ويهتف بصوت دافيء ليهدأ من روعها قليلًا:
_عارف ياحبيبتي أنك معملتيش كدا.. اهدي بس عشان خاطري
ابتعدت عنه بسرعة في فرحة وعينان لمعت بوميض الأمل وقالت في ضعف:
_يعني أنت مصدقني يافارس
ابتسم لها بحب ومد يده يمسح عباراتها عن وجنتيها بحنان محدقًا بها بنظرة مفعمة بالثقة وأردف وهوويهز رأسها بالإيجاب:
_مصدقك طبعًا يالؤلؤتي وكلنا عارفين أنه مكنش أنتي.. بس احكيلي إيه اللي حصل معاكي وخلاكي تفكري تعملي كدا والسكينة دي جبتيها من فين ؟
سكتت لبرهة من الوقت تحاول استعادة ذاكرتها لكن كان عقلها مشوش والأحداث متضاربة في بعضها فلا تتذكرها بوضوح وبعضها لا تتذكره من الأساس، لكنها فتحت فمها ونظرت له وقالت بصوت مبحوح تحكي له ما تتذكره:
_ مش فاكرة حاجة غير أني كنت بلبس وواقفة قدام المراية وأنت دخلت الحمام وفجأة ظهرت أوار شفتها في انعكاس المراية ورايا وكان شكلها جميل أوي ولابسة فستان فرح وآخر حاجة فكراها أني حاولت اقرأ قرآن أول ما شفتها وبعدها مش فاكرة أي حاجة تاني
هز رأسه فارس بتفهم ومعالم وجه تتحدث نيابة عن لسانه، فما سردته له كان فقط تأكيدًا على شكوكه وتوقعه، أما هي فتلألأت العبرات في مقلتيها مجددًا وهتفت بخوف:
_هي اللي خلتني أعمل كدا يافارس.. أنا كنت حاسة أن في مصايب جاية بسببها قولتلك منستهونش بيها لأنها خطيرة فعلًا وممكن تأذينا كلنا
رفع كفه يمسح على شعرها بلين وهمس في نظرة متحدية وقوية:
_بعد المعلومات اللي عرفناها من دكتور سامي بقى هلاكها مسألة وقت بس وهعرف سر المخطوطة وسر المقبرة وهرجعها سجنها من تاني، أنا بس عايزك تكوني قوية وأياكي تخافي منها أو تسمحيلها تسيطر عليكي تاني
اماءت ليلى بالموافقة في تعبيرات رغم رهبتها إلا أنها عازمة على البقاء صامدة بجوار زوجها حتى يتخلصوا من تلك الجنية، أما فارس فانحني عليها وطبع قبلة مغرمة على وجنتها وهمس في لطف:
_تعالي يلا ننزل نطمن على ماهر تحت
سألت برعب وهلع فور تذكرها ماهر:
_هو جرح عميق وخطير ؟
قال نافيًا بهدوء:
_لا الحمدلله ربنا ستر والجرح بسيط وسطحي.. يلا بينا نشوفه
استقام فارس واقفًا وقبض على ذراعها يجذبها لتنهض وتذهب معه لكنها تسمرت مكانها على الفراش وتطلعت به في اضطراب وخزي من نفسها وربما حتى خوف من ردة فعله:
_بلاش أنا مش هقدر اشوفه وأكيد هو مش طايق يشوفني بعد اللي عملته
ابتسم فارس وانتم برزانة:
_ماهر قبلنا كلنا كان عارف انك مكنتيش في وعيك وكان بيهديني عليكي تحت بعد ما جرحتيه، وبعدين أنتي مش دايمًا بتقولي أنه زي اخوكي الكبير تعالي يلا اطمني عليه
أخذت نفسًا عميقًا بارتباك وضيق من نفسها ثم استقامت واقفة وتحركت مع زوجها بخطى ثقيلة، لا تريد أن تصل إليه بسرعة، وهي لا تعرف حتى ماذا ستقول له بعدما حاولت قتله، أي كلمات ستبرر ذنبها حتى لو لم تكن بوعيها لكن ذنبها أعظم من أي كلمات.
***
داخل أحد المعابد الأثرية كانت راندا تقوم بالإشراف على عمليات الترميم للقطع الأثرية التي تم التنقيب عنها واكتشافها واستخراجها، من المفترض أن يشاركها كل من عز وفارس الذي أخذ أذن أجازة اليوم وعز لم يصل بعد.
كانت تقوم بعملها لكن عقلها منشغل بـ ” عز ” تتذكر ليلة أمس واعترافاته لها ونهاية ذلك الحوار المؤسف بشجارهم وربما خسارته للأبد، لكنها لن تسمح له بتركها وستحاول جاهدة إصلاح ما دمرته، هي بكل لحظة تستنكر غبائها الذي اوصلها لمرحلة العمى.. كيف حبها وهوسها المرضى بفارس جعلها تفقد بصيرتها في رؤية من يحبها بصدق.. بل وزدات الأمر سوءًا بغبائها وهي تستدعيه لبيتها لتشكي له من عذاب حبها لرجل آخر، ليتها أدركت كل شيء قبل فوات الآوان ولم تفقده.. هي لم تفقد مجرد حبيب بل فقد صديق كان يقوم بدور الأخ والأب والصديق والحبيب الذي لم تفهمه إلا بعدما خسرته.
بتلك اللحظات التي كانت ملتهية في التفكير به، وصل والقى التحية على الجميع ولم يكلف نفسه عناء الالتفات لها بل انخرط في العمل فورًا متجاهلًا إياها تمامًا، شعرت وكأنه طعنها بسكينًا حادة في أعمق نقطة بقلبها بتصرفه القاسي هذا، ورغم ضيقها وحزنها منه إلا أنها لا تستطيع لومه أو حتى معاتبته فلديه الحق فيما يفعله، أخذت أنفاسها بصعوبة محاولة منع عبراتها المتجمعة في عيناها من السقوط وراحت تكمل عملها وهي تنوي مواجهته بعد انتهاء عملهم.
مرت ثلاث ساعات تقريبًا وهم منشغلين بالعمل باجتهاد وتركيز، حتى جاء وقت الاستراحة وذهب الجميع لتناول وجبة الغذاء باستثناء ” عز ” الذي ذهب لغرفتهم المخصصة لهم هما الثلاثة وجلس على الأريكة وراح يحدق في فراغ بشرود يفكر براندا التي اقتحمت عليه الغرفة دون سابق إنذار ودخلت ثم أغلقت الباب ثانية وتقدمت نحوه ببطء حتى جلست بجواره على الأريكة مثبتة نظرها عليها بقوة في حين أنه يتعمد عدم النظر في وجهها، فتنسفت هي الصعداء بأسى وسألته طلبها بخفوت:
_ممكن نتكلم شوية؟
ابتسم بحسرة وأجابها دون أن ينظر لها:
_هتقولي إيه تاني الكلام كله خلص امبارح!
قالت بحزم موضحة أنها مازالت تحمل جبعتها الكثير:
_لسا في كلام كتير متقالش ولازم تسمعه
أخذ نفسًا عميقًا بحنق وهب واقفًا يجيبمنهيًا الحوار قبل أن يبدأ:
_وأنا مش عايز اسمع ياراندا كفاية أوي اللي سمعته، خلينا على الأقل محافظين على زمالتنا واحترامنا لبعض
وقفت هي بسرعة وقبضت على رسغه توقفه وتهتف برجاء في حزن تظهر لمعته الحقيقية في عينيها:
_وأنا بقولك لازم تسمعني ياعز مش هسمحلك تطلع من الأوضة دي غير بعد ما تسمعني، اقعد بقى بعد أذنك
التفت لها برأسه وحدقها مطولًا في تردد لكن نظراتها المتوسلة اضعفته وافقدته ثباته فانصاع لها وعاد يجلس مجددًا على الأريكة بقلة حيلة ويهتف في ضيق:
_اتفضلي عايزة تقولي إيه
أخذت نفسًا براحة وسعادة داخلية أنها نجحت في أولى خطواتها وجعلته يستمع لها، ثم التزمت الصمت لثواني تحاول ترتيب كلماتها واختيار الكلمات المناسبة التي ستبدأ بها، لتتنهد بقوة ثم تهمس بخفوت وندم:
_أنا عارفة أن حقك تزعل وحقك كمان تكرهني وتحتقرني، بس صدقني أنا مكنش عندي شك ولو واحد في المئة أن أنت ممكن تكون بتكنلي مشاعر في قلبك.. كنت دايمًا بشوفك أعز صديق ليا وأب وأخ ليا ويمكن ده اللي خلاني اقولك الكلام ده امبارح…
قاطعها وهو يبتسم بلوعة مرددًا كلمتها المؤلمة:
_أخ !!!
قالت بسرعة في صوت بدأت تظهر بحته وحزنه:
_اسمعني للآخر ابوس ايدك، بعيدًا عن أي حاجة قولتها يمكن أنت متعرفش معزتك عندي إزاي ياعز وازاي بحبك، أنا دلوقتي آه الحمدلله تعافيت من المشاعر المريضة اللي كانت جوايا لفارس ومبقيش يفرق معايا بس صدقني أنا حتى لما كنت في عز حبي ليه كنت مقدرش استغني عنك وكان عندي استعداد اخسره هو ولا أني اخسرك أنت، فهل أنت متوقع أني دلوقتي ممكن اسمح أني اخسرك بسبب غبائي، أنا عارفة أني كلامي اللي قولته جرحك وكان قاسي بس أعذرني أني مكنتش اعرف حاجة ومتخلنيش اخسرك، أنا مليش غيرك ياعز بعد ما ماما وبابا سابوني وأنت عارف كدا كويس
تنهد ” عز ” بشجن وتمعنها مطولًا بألم ورغم صعوبة ما سينطقه وتخليه عنها إلا أن كان هذا هو القرار الصحيح في نظره،حيث استقام واقفًا مجددًا وقال بجفاء يتصنعه حتى يخفي عذاب عشقه لها:
_أنت مش هتخسريني ياراندا بل في أي وقت تحتاجيني في أي حاجة أتأكدي أني مش هتأخر عليكي بس للأسف أنا مش هقدر ارجع زي الأول معاكي لأن باختصار أنا مش هقدر اعاملك كصديق وأخ أكتر من كدا وخصوصًا بعد ما اعترفتلك والمؤسف أن ولا أنتي كمان هتقدري تبصيلي بالنظرة اللي بتمناها، فالمسافات والحدود بينا هي أفضل حل
انهي كلماته القاسية وانصرف وتركها للمرة الثانية تتخبط في يأسها وإحباطها وحدها، تعاني من الآلام مضاعفة في قلبها وعقلها، فقد دمرت كل شيء بنفسها وانتهي بها المطاف وحيدة مجددًا دون أن تحصل على أي شيء…
***
دخل كل من فارس وليلى وسامي لماهر بعدما انتهت سمر من خياطة جرحه وتضميده، فاقترب فارس من أخيه وجلس بجواره على الأريكة يهتف باهتمام وقلق:
_عامل إيه دلوقتي يا ماهر أنت كويس؟
أجاب ماهر بصوت رخيم يطمئن أخيه:
_كويس الحمدلله.. البركة في الدكتورة
قال عبارته الأخيرة وهو ينظر تجاه سمر مبتسمًا بامتنان فابتسمت هي بدورها لكن بخجل بسيط بينما فارس فهمس بصوت خافت لأخيه يعاتبه بلطف:
_مش لو كنت سمعت كلامي من الأول ورجعت القاهرة مكنش كل ده حصل.. مش عايز اسمع منك أي اعتراض تاني ياماهر أول ما تكون كويس وقادر تقف على رجلك وتمشي هترجع القاهرة
حدق ماهر في وجه فارس بجدية وقال في صوت رجولي غليظ يكشف عن رفضه التام المغمور وسط كلماته:
_مش وقته دلوقتي يافارس الكلام ده
أشاح فارس بوجهه للجهة الأخرى وهو يطلق زفيرًا حارًا بنفاذ صبر من عناد أخيه، أما ماهر فسقط نظره على ليلى التي تقف بجوار الباب على استحياء واضطراب وتفرح كفيها ببعضهم وتنظر لهم بصمت تام، أرسل لها ماهر ابتسامة دافئة وهتف مازحًا:
_أنا مش مضايقني منك ياليلى غير أنك طعنتيني بسكينة مجهولة المصدر
مال ثغرها للجانب في ابتسامة تكاد لا ترى ثم تقدمت نحوه وجلست على اقرب مقعد بجواره ودفنت نظرها بالأرض تعتذر منه بصوت مبحوح يغلبه البكاء:
_سامحني ياماهر أنا معرفش عملت كدا إزاي والله.. أنا مكنتش حاسة بنفسي
مسح على ظهر كفها بلطف وهو يجيبها بدفء أخوي ومحب:
_عارف من غير ما تقولي لأني كنت شايفها في عينكي ونظراتك ليا من وقت ما طلعنا من البيت كانت نظرات شر متطلعش منك أبدًا، متلوميش نفسك وتحسي بالذنب وأنا الحمدلله كويس قدامك أهو
ابتسمت ليلى براحة بعدما استمعت لكلماته وتأكدت من مسامحته لها وتفهمه الوضع، وراحت تنظر لفارس في عينان تتحدث عن سعادتها فابتسم لها بحب ثم استقام واقفًا وهتف بجدية:
_طيب نستأذن احنا بقى ومتأسفين على الازعاج اللي سببناه ليكم
هتف سامي بود مبتسمًا:
_ازعاج إيه بس أنا بعد اللي شفته ده النهاردة اصراري زاد على أني اوصل لسر المقبرة دي
ربت فارس على كتف سامي مبتسمًا ويشكره بامتنان صادق:
_حقيقي مش عارف اشكرك ازاي يادكتور سامي ووقفتك جمبي مش هنساها أبدًا
أجاب سامي:
_اشكرني بعد ما تنهي أوار وتتخلص منها للأبد
استقام ماهر واقفًا ببطء وهو يقاوم ألمه يستعد ليذهب مع أخيه لكن اوقف سامي بحزم وقال برزانة:
_رايح فين أنت مينفعش تمشي بالحالة دي ياماهر، خليك معانا الليلة على الأقل وسمر كمان تغيرلك على الجرح بما أنك رافض تروح مستشفى
هم كل من فارس وماهر بالاعتراض لكن ليلى قبضت على ذراع فارس وهمست باهتمام وحكمة:
_أنا شايفة أن ده أفضل يافارس كل ما كان بعيد عنك وعني كان آمان ليه اكتر
استمع فارس لعبارتها وسكت يفكر فيما قالته فوجد أن الحق معها.. فكلما كان ماهر بعيدًا عنه كان في مأمن أكثر، فاقترب من أخيه وهمس له بصوت رجولي رخيم لم يسمعه سواهم:
_خليك هنا الليلة ياماهر أفضل أنا مش ضامن اللي حصل يحصل تاني ولا لا، يمكن أوار تحاول تسيطر على ليلى تاني
تنهد ماهر الصعداء بقلة حيلة وهمس يوصيه بقلق وحزم:
_طيب خلي بالك من نفسك ومنها، أكيد دلوقتي أواخر هتكون عدوانية ومؤذية اكتر بعد ما شافتنا بنقرب أوي
ابتسم فارس بخبث وقال متوعدًا بعينان تنضج بالشر:
_مش يمكن أنا اللي أذيها
حدقه ماهر بعدم فهم لكن فارس لم يمهله الفرصة ليجيب حيث ابتعد عنه وودع سامي وسمر وأخذ ليلى وذهب، بتلك اللحظة وصل لسامي اتصال تلفونيًا فغادر الغرفة ليتحدث في الخارج، أما ماهر فالتفت بطرف عينه على سمر التي كانت تحدثه مبتسمة بعينان تلمع بسرور شديد فضحك بخفة وقال بلؤم:
_حاسس أن في حد فرحان أوي بقعادي هنا
اتسعت ابتسامتها حتى افترت عن أسنانها وقالت على استحياء:
_هو واضح أوي كدا ولا إيه؟!
زم ماهر شفتيه وقال عابثًا بود:
_فوق ما تتصوري
تنحنحت بإحراج وهمست بابتسامة خجلة وصوت ناعم:
_منورنا يادكتور والله.. تعالي بقى اوريك اوضتك عشان ترتاح شوية والجرح ميشدش ألمه عليك
أجاب ماهر بلهجة جادة ورجولية:
_طيب استني لما يرجع خالك ميصحش ياسمر اقوم واتجول في البيت كدا على هوايا
أطلقت زفيرًا مغلوبة منه ولم تجادله لعلمها بأنها ستخرج من النقاش خاسرة، فجلست بجواره صامتة منتظرة أمناء خالها مكالمته الهاتفية…
***
بتمام الساعة العاشرة مساءًا داخل منزل الدكتور سامي.. خرجت سمر من غرفتها وقادت خطواتها الهادئة نحو غرفة خالها لتطمئن عليه وتتحدث معه عن أحداث الصباح، وقفت أمام باب غرفته وطرقت على الباب بهدوء وانتظرت سماع صوته وهو يسمح لها بالدخول لكنها لم تحصل على أي رد، أعادت الطرق للمرة الثانية والثالثة والأجابة واحدة هي الصمت، فضيقت عيناها باستغراب بعد خمنت أنه خلد للنوم فهو لا ينام بذلك التوقيت أبدًا.
مدت يدها وامسكت بمقبض الباب تديره وتدفع الباب ببطء وتهتف بصوت رقيق وهي تدخل:
_خالو أنت صاحي؟
دخلت وهي تبحث بنظراتها عنه لكن رأت ما جعلها تتجمد في أرضها وهي تفغر شفتيها بذهول وعيناها جاحظة برعب وصدمة، ولم يمزق ذلك الصمت المرعب سوى صراخها الذي ارتفع وهز أركان المنزل بأكمله وجعل ماهر الذي كان متسطح على الفراش في غرفته يثب من مكانه مفزوعًا…..

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1