رواية زواج تحت التجربة الفصل الثاني عشر 12 بقلم رباب حسين



 رواية زواج تحت التجربة الفصل الثاني عشر  بقلم رباب حسين 

كان جالسًا عند حافة السرير يضم ركبتيه إلى صدره وعيناه الهاربتان تائهتان في أرجاء الغرفة في زوايا الملجأ.... تعالت ضحكات الأطفال وتناثرت كفقاعات صابون في الهواء.... خفيفة.... عابرة... لكنها لم تلمسه.... هو وحده كأن كل هذا العالم لا يعنيه نظراته لا تعكس دهشة ولا مشاركة بل غربة ناضجة على وجه صغير فقد والديه قبل أن يفهم ما معنى الرحيل وما زال قلبه يقرع أبواب الذاكرة عبثًا يبحث عن حضنٍ يعرفه عن يدٍ تربت على كتفه وتقول له: "أنا هنا"

كل طفل في الملجأ يركض نحو لعبة أو صديق أو حلمٍ بسيط أما هو فيركض داخل صمته يركض إلى الخلف.... إلى بيتٍ لم يعد له باب إلى صوتين لم يعودا يُناديانه.... في تلك اللحظة لم يكن مجرد طفلٍ يتيم... كان روحًا صغيرة تجلس في زاوية الحياة تنتظر أن يمد أحدهم يده لا ليأخذه من الملجأ بل ليعيد إليه الشعور بأنه ما زال ينتمي إلى هذا العالم

الغرفة كانت مزدحمة بالوجوه لكنه لم يشعر إلا بخواءٍ واسع داخله الوحدة كانت أثقل من جسده تسكن في عينيه وتربض على صدره كصخرة لا تُزاح

ظل ينظر إليهم بعيون خاوية من الحياة حتى شعر بيد صغيرة تمتد على عاتقه فنظر جانبه فوجد بنت صغيرة تبتسم له وتنظر إليه بعين حزينة وقالت : إنت جديد هنا صح؟

لم يجيب فقط أشاح بنظره عنها فقالت : متخافش..... كلنا هنا أخوات..... أو هما أخوات.... أنا معرفش إخواتي فين..... إنت مستني حد من قرايبك زيي؟ 

أيهم : محدش هيجي.... ماتو

رنا : هما قالولي كده برده بس أنا مش مصدقة

أيهم : أنا مصدق..... شفتهم بعيني

صمتت رنا ونظرت إلى الأولاد حولها فوجدت طفل يقوم بمضايقة طفل صغير ويحاول أن يأخذ لعبته منه فقالت : الولد ده وحش أوي.... هو كبير بس بيضايق اللي أصغر منه.... لو كلمك أبعد عنه متحاولش ترد عليه عشان لما بيتعصب بيضربنا..... مش عارفة ليه الكبار دايمًا بيضربو الصغيرين

أيهم : عشان أضعف....تفتكرى لو ولد قوي وقف قدامه هيقدر يضربه؟

رنا : مش عارفة

نظر أيهم إليه ووجده يقترب منه وقال : إنت جديد هنا ياض؟ 

لم يجيب أيهم فأردف في غضب : أنا مش بكلمك ما ترد عليا

أيهم : مش عايز أرد عليك

قال : مش مستغرب..... أصل اللي زيك هيعرف التربية منين...... كلكم بتبقو مرمين في الشوارع وتيجو هنا تقرفونا ويضحكو عليكو بكلمتين إن أهلكم ماتو..... عارف هما مماتوش هما سابوك في الشارع ومشيو

ثم التفت من أمامه ليذهب..... غضب أيهم منه فنهض من مكانه وأمسك بلعبة كبيرة وقفز على ظهر الولد الذي تحدث معه وأخذ يضرب رأسه بها حتى نزف ووقع أرضًا وتم أخذ أيهم ورنا والولد الأخر إلى غرفة المدير

دخل أيهم ووقف أمام المدير يستمع إلى حديثه الغاضب ووقع عين أيهم على أحد الرجال الذي يجلس بالغرفة دون أن يتحدث

المدير في غضب : إنت لسة جي مكلمتش ساعتين..... تفتح دماغ واحد من زمايلك

نظر له أيهم ولم يتحدث فأردف : إنت مش عارف إنه عيب لما حد كبير يكلمك متردش عليه.... ضربت أدهم ليه؟

أدهم في ألم : مش هيرد..... وجيت أكلمه أسأله إنت جديد هنا بحاول يعني أخليه ياخد على المكان ضربني

رنا : لا هو قال كلام مش حلو

المدير : قال إيه يا رنا؟ 

أيهم : مش مهم..... أنا خدت حقي منه

المدير : إحنا هنا مش في الشارع.... هنا في نظام ومش عايز حد يخالف النظام ده.... كلكو هنا أخوات

أيهم : لا مش أخوات..... إحنا منعرفش بعض ولا أنا هسمح لحد يغلط فيا وفي أهلي ويدوس عليا عشان أنا أصغر منه أو أضعف منه..... أنا هبقى أقوى منهم كلهم وهاخد حق الناس الضعيفة اللي مش قادرين ياخدو حقهم

ثم إنتبه أيهم إلى الرجل الأخر الذي يجلس بالمكتب عندما نهض واقترب منه ودنى بوجهه إليه وهو يبتسم وقال : هتبقى أقوى إزاي؟

أيهم : معرفش..... بس في يوم من الأيام هبقى أقوى منهم كلهم وهجيب حق أهلي من اللي قتلهم

الرجل : إنت عارف مين اللي قتلهم؟

أيهم : لا.... ممكن تساعدني أعرفهم؟

إبتسم له وقال : ممكن

ثم مد له يده ليصافحه وقال له : أنا عدنان

صافحه أيهم وقال : أنا أيهم

عدنان : أنا هعرف مين قتلهم بس لو بقيت قوي توعدني تجيب حق الناس الضعيفة كلهم؟

أيهم : أوعدك..... بس هبقى قوي إزاي؟

عدنان : لما تكبر هندور على طريقة سوا

عودة من الفلاش باك

كان أيهم يقود السيارة تحت صراخ عزت له كي يتوقف ويتركه وهو يتوعد له بغضب فأوقف أيهم السيارة ووضع حقنة برقبته ففقد عزت وعيه ثم عاود أيهم القيادة

أما إيمان فجلست تشاهد تعليقات المتابعين عندما رأو أن البثين تم نشرهما في وقت واحد وهذا ما جعلهم يعرفون حقيقة وجود شخص أخر غير خالد مما آثار الجدل على مواقع التواصل الإجتماعي وظلت تنتظر عودة خالد إلى المنزل.... بعد قليل طرق خالد الباب وفتحت له وقامت بإدخاله سريعًا وأغلقت الباب وقالت : عرفت تهرب منهم؟

خالد وهو يلفظ أنفاسه : اه.... وأول ما لقيت الدنيا هديت تحت طلعت البيت على طول من غير ما حد يشوفني

إيمان : طيب كويس.... بص الفيديو ده

فتحت إيمان له كلا البثين وقالت : الناس كده إتأكدت إن مش إنت اللي بتهدد عيلة الألفي

خالد : فكرة حلوة جدًا.... كده التهمة بعدت عني والبوليس هيعرف إن فيه حد تاني.... برافو عليكي يا حبيبتي دايمًا واقفة جنبي كده

إيمان : دايمًا جنبك يا حبيبي ومش هسيبك أبدًا

إحتضنها خالد وقبلها ثم إبتعدت عنه وابتسمت له وقالت : أنا هدخل أشوف الفار عايش ولا لا

نهضت إيمان وذهبت إلى المعمل وبعد قليل قامت بمناداة خالد فدخل خلفها وقالت في سعادة : الفار عايش

نظر له خالد ثم قال : كويس..... كده هتجربي عليه العلاج؟

أماءت له إيمان وذهبت لتحضر التجارب من الثلاجة ثم عادت ووضعت المحاليل أمام خالد وذهبت لتنظر مرة أخرى إلى الفأر وأخذت تطرق الزجاج عليه حتى تثير غضبه لترى رد فعله

أما خالد فنظر إلى المحاليل التي أمامه ثم سمع إيمان تقول : بص يا خالد لما أتضايق عايز يكسر الأزاز..... كده مفعول الدوا شغال

خالد : أديله هرمون السيرتونين

إيمان : ليه؟

خالد : عايز أتأكد من حاجة

أعطت إيمان له الهرمون ثم إنتظرت قليلًا وبدأت بالطرق على الزجاج مرة أخرى ولكن لم ينفعل فقال خالد : أيهم إمبارح إداني حاجة تانية..... المحلول اللي خدته إمبارح شبه الدوا اللي إدهوني أول مرة

عقدت إيمان حاجيبيها وقالت : قصدك إيه؟

أمسك خالد يدها وأجلسها أمامه وقال : فكري معايا كده..... مين هيدخل معمل أيهم ويدخل يسرق الدوا ده بالذات؟..... ولو الشخص ده عارف حاجة عن الدوا عرف منين إن المحلول ده هو الدوا وخصوصًا إنه سرقه من المعمل.... وأكيد المعمل مليان تحاليل تانية

إيمان : أكيد

خالد : أنا شاكك إن أيهم خد الدوا هو كمان وعمل حوار السرقة ده عشان يبعد الشبهة عنه خصوصًا إني شايف هيئته في الفيديو نفس هيئة أيهم بالظبط

إيمان : هو تخمين اه بس أنا مش عايزة أظلمه

خالد : أنا عايز أتأكد

إيمان : وديه هنعملها ازاي؟

خالد : هقولك

كان علاء يجلس بمكتبه يشاهد تسجيلان الفيديو وعلم أن هناك شخص أخر تمت عليه التجربة مما جعله في حيرة من أمره وجلس يفكر في حل هذا اللغز

أما طارق فكان في قمة غضبه وهو يصيح بالحراس : إزاي يتاخد من وسطكم يا **** ؟مشغل عندي رجالة ورق

نورة في بكاء : يا طارق سيبك منهم وشوف طريقة نرجع بيها عزت بسرعة..... أنا خايفة يقتله هو كمان

جلس طارق ووضع رأسه بين كفيه في يأس وقال : أجيبه منين؟.... هعرف طريقه منين؟ أنا مش عارف البني أدم ده عايز مني إيه وبيعمل كده ليه

ليلى : إحنا كلنا في خطر طول ما الواد ده برا..... فين البوليس؟..... إزاى محدش عارف يمسكه لحد دلوقتي؟

سوزي : الواد ده مش هيسكت إلا أما يخلص علينا كلنا

طارق : أنا رايح القسم أشوف حل للقرف ده وأشوف المرور يمكن يعرف يتتبع العربية

ذهب طارق إلى قسم الشرطة أما أيهم فقد وصل بالسيارة إلى منزل كبير مغلق وحمل عزت ودخل به إلى المنزل وأغلق الباب من الداخل ووضع عزت في أحد الغرف وأغلق الباب ثم نظر إلى الصورة المعلقة الحائط وابتسم في حزن وقال : أنا بقيت قوي يا بابا عدنان..... بقيت قوي أوي..... وهجيب حق أهلي.... لولاك كان زماني لسه بعيط عليهم في الملجأ

فلاش باك

دخل أيهم هذا المنزل مع عدنان بعد أن وصل لسن الخامسة عشر ثم التفت إلى عدنان وقال : يعني أنا هعيش معاك هنا؟

عدنان : اه يا أيهم.... زي ما وعدتك..... أنا عرفت مين اللي عمل في أهلك كده.... بص بقى إنت خلاص هتدخل ثانوية عامة وأنا عارف إنك شاطر في دراستك لو دخلت طب هقولك مين اللي عمل فيهم كده..... بس على شرط تتخصص في الجينات الوراثية وده اللي هيديك الطريقة اللي تبقى قوي بيها

أيهم : بس أنا عايز رنا معايا

عدنان : يبقى الكلام اللي وصلني صح.... إنت بتحبها؟

أيهم : اه.... ولما نتخرج هنتجوز... هي كمان شاطرة وعايزة تدخل طب

ابتسم عدنان وقال : ماشي يا سيدي.... وهدية الجواز عندي

عودة من الفلاش باك

أيهم : طارق بيقولي مبيتهددش.... أنا هخليه يدور على أخوه لحد أما يتجنن وفي الأخر هيلاقيه جثة


حل الصباح وعادت إيمان إلى منزلها سريعًا ووجدت علاء ينتظرها في المنزل ووقفت أمامه في توتر فقال : إنتي طبعًا عارفة أنا جي ليه؟

أماءت له إيمان فأردف : إمبارح فتحتي لايف من تليفونك وصورتي خالد

إيمان : اه.... خالد إتصل بيا وطلب يقابلني ولما رحت حاولت أقنعه يسلم نفسه لإن العنف مش هينفع معاه لازم يسلم نفسه عشان يتعالج وكمان لو كنت قولتلكم على مكانه كان هيهرب ومكنش هيحاول يطلب يشوفني تاني..... لما رحت لسه هتكلم معاه لقيت العمال في المكان بيزعقو وفجأة لقيت خالد بيجري عشان يلحقهم وبعدين جري منهم ومرجعش

علاء : وإنتي كنتي فين ده كله؟..... وليه لابسه كده؟

إيمان : كنت في شقتي ولبست كده عشان هو طلب مني محدش يجي ورايا..... بس هو قالي إن مش هو اللي قتل مراد ولا يعرف فتحي ده ولا ليه علاقة بعيلة الألفي وقالي إن فيه حد سرق عينة من عند الدكتور وخد من الدوا وتقريبًا هو اللي بيهدد عيلة الألفي وهو اللي كان ظاهر في الفيديو التاني اللي إتخطف فيه عزت بيه

علاء : المفروض إني أصدقك؟

إيمان : تفتكر لو أنا اللي مخبياه هصوره من تليفوني.... أنا بس حبيت أثبت إن خالد كلامه صح

علاء : طيب أنا عايز أعرف مين الدكتور ده

إيمان : ما أنا قلت لحضرتك معرفش..... بس اللي فهمته إن خالد بيتعالج عنده وإنه لما يخف هيسلم نفسه

أما طارق فعاد من قسم الشرطة ووجد ولاء تركض إليه وهي تبكي وقامت بإحتضانه وقالت : عمو..... بابا جراله إيه؟.... قتله؟.... إوعى يكون إتقتل يا عمو

رتب طارق على ظهرها وابتعد عنها وقال : إهدي يا حبيبتي.... هدي أختك يا رامي..... وبعدين إنتو إيه اللي جابكم؟

وليد : يعني عايزنا نعرف اللي حصل لعمي ونسكت يا بابا.... وبعدين ولاء أصرت ترجع مصر وأدم مرديش يسيب خطيبته

طارق في غضب : بس وجودكم هنا خطر.... الوضع بقى صعب

نورة : فيه جديد يا طارق؟ عرفت حاجة عن خالد ده؟

طارق : مطلعش خالد.... فيه واحد تاني

اقترب أدم من ولاء وأجلسها حتى تهدأ قليلًا ثم قال : كنت لسة بقولهم على الفيدوهات اللي نزلت إمبارح

ليلى : يعني فيه حد تاني غير خالد ده وهو اللي بيعمل فينا كده؟

رامي : الفكرة إن الناس بتقول إن خالد ده بيساعد الناس لكن التاني ده لا

وليد : وبدأو بقى يقولو ده هيقف قصاد ده..... تحسي إنهم بيتفرجو على فيلم أجنبي

طارق : مش عايز حد يخرج من البيت فيكم إنتو الأربعة..... أنا تعبان وعايز أرتاح

صعد طارق إلى غرفته وأغلق الباب وفجأة وجد أحد يضع يده على فمه ويتحدث جانب أذنه وقال : متخافش.... مش هعملك حاجة.... هشيل إيدي ولف بصلي ونتكلم بهدوء..... أنا جي هنا عشان أساعدك

نزع يده والتفت طارق خلفه فوجد خالد يقف أمامه ففتح عينيه في صدمة

الفصل الثالث عشر من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1