رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة الواحد و الاربعون 141 بقلم اسماء حميدة


 رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة الواحد و الاربعون


دفع ظافر دينا برفق بعيد عنه كمن يحاول التخلص من ذكرى ثقيلة تستقر في صدره لا امرأة من لحم ودم.
قالت دينا وهي تلتقط أنفاسها
شكرا لك يا ظافر.
كانت كلماتها كزهرة شيطانية تريد أن تنبت في جوف صخرة صماء... قالتها دينا ومن ثم استدارت ببطء وعلى شفتيها ابتسامة منتصرة كالتي ترتسم على وجه ذئب أوقع فريسته بعد معركة لتلقي نظرة خاطفة على سيرين نظرة لم تكن لتخطئها امرأة تعرف طعم الغيرة.
في تلك اللحظة كانت مشاعر سيرين تتفتت في صدرها كمرآة أصابها حجر.
الندم يزحف إليها كضوء خافت يتسلل من شقوق الجدران فقد أرهقها هذا الزواج بل أيقظ فيها يقينا مرا أنها ما كان يجب أن تتورط فيه... لو لم تقدم قلبها قربانا لذلك العقد لربما استطاعت أن تروض رغباته أن تلونه بألوانها لا أن تنصاع لألوانه القاتمة... ولولا ادعاء دينا بأنها من أنقذ شادية لكان الموقف مختلفا الآن.
كانت ملامح سيرين جامدة كأن وجهها صب من الرخام. لا فرح لا غيرة لا حتى امتعاض بل رمقت دينا بنظرة لا تعترف بالوجود كأنها تنظر إلى ظل لا

يعني لها شيئا.
وبالرغم من أن قصر ظافر كان كالقلاع المنسية في حكايات ألف ليلة فسيحا تتقاطع فيه الممرات مثل خيوط عنكبوت ذهبي لا نهاية له.... ومع كثرة غرف الضيوف وتعدد الخيارات إلا أن دينا اختارت الغرفة الأقرب إلى غرفة النوم الرئيسية وكأنها تعلن نواياها في وضح النهار بلا مواربة وكأن المسافات قدت لتختصر.
وحين صعدت دينا لتفرغ حقائبها همت سيرين بالعودة إلى عزلتها حيث تسكنها الأسئلة وتؤنسها الوحدة.
لكن صوت ظافر من خلفها قد اخترق السكون وهو يهدر فيها بحدة لا تعلم سببها
تعالي إلى هنا.
توقفت سيرين كأن الأرض تعثرت تحت قدميها.
ماذا هناك قالت وهي تقترب بخطى حذرة كأنها تسير على حافة شفرة.
كان يحدق فيها بعينين تعبتا من التوقعات كأنه يحاول قراءة نواياها كما تقرأ خريطة كنز مفقود.
إنه يتذكر جيدا ما قالته له بعد الزواج أن القصر لم يعد له وحده بل أصبح بيتا مشتركا له ولها وأن لا امرأة مهما كانت يمكنها أن تقيم بين جدرانه إلا إن كانت من أهله... أجل يتذكر كل شيء لكنه تظاهر بالنسيان.
قال بصوت
منخفض يخفي وراءه كبرياء هدر
ألست مجنونة صحيح
كأنه كان يتمنى أن تكون كذلك أن تثور أن تصرخ أن تحرق الستائر بما تحمله من نار الغيرة لكنه لم يجد شيئا من ذلك... فهو قد سمح لدينا بالبقاء لسببين فقط 
الخوف من أن يلحق بها الأذى إن رفض والفضول الموجع لمعرفة ردة فعل سيرين... لكن لم تكن ردة الفعل كما تخيلها.
ما بينهما كان واضحا منذ البداية اتفاق لا روح فيه يفصل ببرود المحامين طلاق مؤجل حتى يسدد الدين... إذن لماذا يشعر بهذه الغصة التي تخنقه كشوكة عالقة في الحلق
قال ظافر بعجرفة
أتمنى أن تظلي على هذا النحو. ثم تنفس بصعوبة كمن يبتلع حسرة وتابع
لدي خطط أخرى هذا المساء... لن أعود إلى القصر الليلة.
كان صوته هادئا لكن بين حروفه عاصفة... أما دينا التي كانت تسترق السمع بخسة لم تصدق أذنيها وكأن كل الجهد الذي بذلته ليبقيها في القصر قد تحول إلى رماد في لحظة واحدة.
ظافر لن يعود أي خيبة تلك التي تجعل من وجودها مجرد صدى في قصر بلا روح
بعد أن غادر ظافر القصر سارت دينا بخطى ناعمة نحو غرفة سيرين
كأن الأرض تتآمر معها على ألا تصدر صوتا وطرقت الباب طرقا خفيفا لكنه كان كفيلا بخلخلة هدوء هش بالكاد تشبثت به سيرين.
في الداخل كانت سيرين غارقة بين مفاتيح موسيقاها تحاول أن تغزل لحنا يشبه النسيان أو على الأقل يغمر ضوضاء عقلها بشيء من الغفوة... إذ كانت النغمات ملاذها سفينتها الهاربة من طوفان الأفكار.
لم تظن سيرين أنها ستزعج مرة أخرى هذا اليوم لكن بدا وكأن العالم اتفق على أن يفسد وحدتها.
تنهدت كما لو أنها تفرغ عن صدرها حجرا ونهضت ببطء لتمضي نحو الباب تفتحه.
كانت شمس منتصف الصيف تلوح على الممر تلفح الوجوه والقلوب... وسيرين بثيابها الطويلة ذات الأكمام المغلقة وكأنها تلوذ بدرع ضد حرارة لا تأتي من الطقس فحسب بل من الأعين التي تحدق والنوايا التي تشتعل في الظلال... حدقت دينا بها بعيني صقر اعتاد الصيد فرأت ما لم تقله الثياب
طفح جلدي أحمر يزحف على عنقها كندبة قديمة تفضح الألم.. تذكرت دينا فورا ذاك المساء حين كانت سيرين لا تزال فتاة يافعة تأكل مع عائلة التهامي وكانت دينا تحت كفالة
ذات العائلة وحين ابتلعت سيرين لقمة
 متابعة القراءة
الصفحة 2
شارك
 روايات
المزيد
لمحة نيوز
رواية عشق لا يضاهى ظافر وسيرين بقلم أسماء حميدة الفصل 167
لمحة نيوز
رواية عشق لا يضاهى بقلم أسماء حميدة الفصل 166 ظافر وسيرين هروب دمية من اتحاد معذب
لمحة نيوز
رواية عشق لا يضاهى بقلم أسماء حميدة كاملة وحصري الفصل مائة خمسة وستون 165
لمحة نيوز
رواية عشق لا يضاهى للكاتبة أسماء حميدة الفصل 163 ظافر وسيرين
لمحة نيوز
عشق لا يضاهى (ظافر وسيرين) تمصير أسماء حميدة كاملة (الفصل 162)هروب دمية من اتحاد معذب كاملة
لمحة نيوز
رواية عشق لا يضاهى بقلم أسماء حميدة الفصل 161
لمحة نيوز
رواية عشق لا يضاهى بقلم أسماء حميدة حصري وكاملة (الفصل مائة وستون 160)
لمحة نيوز
عشق لا يضاهى بقلم أسماء حميدة كاملة جميع الفصول ظافر وسيرين الفصل 158
لمحة نيوز
facebook
twitter
youtube
instagram
rss feed
من نحن
سياسة الخصوصية
اتصل بنا
©2024 لمحة نيوز All Rights Reserved.
Powered by
sync solutions
Powered by
MT DIGITAL MEDIA 
لمحة نيوز
الرئيسية
قصص قصيرة
روايات
facebook
twitter
youtube
instagram
rss feed
لمحة نيوز
القائمة
search
روايه عشق لا يضاهى بقلم اسماء حميدة كاملة حصري الفصل مائة واحد وأربعون141 هروب دمية من اتحاد معذب
 الجمعة 06/يونيو/2025 - 05:29 م
لمحة نيوز

من المأكولات البحرية دون أن تدري رأتها دينا تتلوى كزهرة شربت سما.
قالت دينا بصوت هادئ فيه شيء من التهكم المغلف باللطف
ما رأيت أحدا يعاني من مثل هذه الحساسية من قبل... كم أنت مدللة.
كلماتها انزلقت كخنجر في قطيفة تخترق دون أن تدمي ظاهرا لكنها تنهك من الداخل.
ثم أضافت بابتسامة خبيثة كابتسامة قطة تراقب فريستها
أحقا كنت تظنين أن بإمكانك كسب حب ظافر... من خلال إثارة شفقته
لم تجب سيرين بل استدارت وعادت إلى الداخل كأنها تلوذ بقلعتها الأخيرة.
جلست على الكرسي أمام البيانو لكن أناملها لم تتحرك فقد كان الصمت أصدق من النغم ومن ثم التفتت نحو دينا وقالت بصوت منخفض لكنه حاد كزجاج مكسور
وهل لست أنت من يحترف استدرار العطف أنت التي تبكين حين يراك المغفلون وتضحكين حين يحين وقت العرض... نحن النساء نعرف بعضنا نرى ما لا يراه الرجال... نعرف كيف تخفي امرأة خيبتها تحت طبقة من العطر مثلما فعلت منذ قليل بدنائة وتخبئين فشلك خلف ابتسامة مصطنعة.

كانت الكلمات تنهش ككلاب جائعة
لكن دينا لم يرف لها جفنا بل انحنت برأسها قليلا وارتسمت على وجهها ابتسامة غامضة تشبه تلك التي ترتسم على تمثال إغريقي يعرف أكثر مما يقوله... 
وقالت بهدوء يقطر سما
نعم أحاول كسب تعاطفه... وأفعلها دون خجل.
مالت دينا نحو سيرين أكثر كما تنحني النبال نحو قلب ضحيتها واقتربت حتى كادت أنفاسها تلامس عنقها ثم رفعت صوتها وهي تغرس كلماتها كالسكاكين
لكنني على الأقل أحرك شيئا في قلب ظافر... أثير عاطفته أوقظ انفعاله أشعل غيظه وربما... . وأنت ماذا حركت فيه بعد أن شوهت جسدك بيدك عندما تناولت ما يضرك عمدا هل أقلقه الأمر هل التفت نحوك كما يفعل العشاق حين يرون دمعة واحدة على وجنات من يحبون
لم تجب سيرين... السكوت في تلك اللحظة كان أكثر فتكا من أي رد كأن الكلمات التي أرادت أن تقولها ماتت في رحم الحنجرة قبل أن تولد.
ابتسمت دينا ابتسامة من يعرف أن سهمه أصاب الهدف وتابعت
ما الذي يدفعك إلى الاستماتة من أجله
الزواج أنت زوجته أمام القانون لكن هل تعرفين حقا معنى أن تكوني عشيقة رجل هل تدرين أي جهة من السرير يفضل النوم عليها هل يتنفس ببطء حين يغفو أم يتقلب كأن الأحلام تطارده 
توقفت ثم همست كمن يكشف سرا دامغا
لقد حدث ذلك... لذلك أعرف.
أحست سيرين وكأنها سقطت في بئر لا قرار له إذ لم تتوقع هذا القدر من الوقاحة المعلنة... لكنها لم تهتز.
عيناها بدتا خاويتين كأنهما مرآتان عتيقتان كفتا عن عكس الضوء... لم تكن مهتمة بما يحبه ظافر... لم تكن راغبة في حفظ عاداته كما تحفظ الأغنيات... كل ما أرادته هو طفل. جسد صغير من ضلوعها يحمل بعضا من ملامح نوح وبعضا من ذكرياته... ثم الرحيل.
لكن دينا تلك المتوردة بنجاحها الباهت شعرت بنشوة الانتصار حين رأت صمت سيرين فقد ظنت أنها انتزعت منها صوتها غير أن سيرين رفعت رأسها بهدوء وقالت كمن يلقي حجرا في ماء راكد
أفترض أن لديك ثروة لا بأس بها أليس كذلك
ارتبكت دينا للحظة. فهي لم تفهم التحول المفاجئ في دفة
الحديث فتساءلت
وما الذي تعنينه
أجابت سيرين بنبرة خافتة لكنها مشحونة بالعزم
سأمنحك بضعة أشهر لتجميع مبلغ مناسب... وأعدك أنني سأختفي من حياة ظافر إلى الأبد.
كان وقع الكلمات أشبه بعرض غير متوقع في حلبة قتال دام.
دينا التي اعتادت أن يدفع لها لا أن تدفع وقفت مشدوهة... فهي رغم صعودها اللامع في سماء الشهرة لم تتخيل يوما أن سيرين ستتحدث معها عن المال فلطالما بدت سيرين كمن لا يقايض روحه بأي كنز.
صمتت دينا للحظة ومن ثم همست
أ... أنت جادة
أومأت سيرين وعيناها تلمعان كوميض الخلاص قائلة
تعبت من الركض في طرقات موحلة... أريد أن أشتري الأمان أن أدفن بقية أيامي في هدوء لا أريد ظافر بل ما يعيد إلي نفسي التي سلبت... وأنا أعلم أنه لا يحبني ولن أستطيع انتزاع شيء منه... لذلك سأمنحك ما تريدين... ظافر مقابل المال.
سألتها دينا وهي تميل بجسدها قليلا للأمام وقد نضبت السخرية من صوتها هذه المرة
وكم تريدين مقابل ظافر
أجابت سيرين بلا تردد كمن يلقي
رقما لا يساوم عليه
عشرة مليارات دولار.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1