رواية ليتك كنت سندي الجزء التانى الفصل السابع عشر بقلم اسماء عبد الهادى
غير آدم وضعيته في الجلوس وعندما شعر بالاختناق هب واقفا وجعل أصابع يده تسبح في خصلات شعره ...يحاول التفكير بعقلانية وخاصة بعدما لاحظ الحزن البادي على وجه أخته لكنها كانت تحاول إخفاءه ببراعة لذا
نظر مرة أخرى لأخته الذي هبت واقفة هي الاخرى لتستأذن للدلوف لغرفتها بحجة الاطمئنان على الصغيرة ... استوقفها آدم قائلا باتزان
_سها إيه رأيك نديله فرصة ونتأكد فعلا إنه اتغير وإنه الإنسان الكويس اللي يستاهلك
انشرح قلب سها قبل وجهها ونظرت لأخيها بابتسامة واسعة وكادت أن تقفز عليه تخبره بسعادتها باقتراحه لكنها ادعت الخجل وهتفت بهدوء
_اللي تشوفه يا آدم
ابتسم آدم لأخته وهتف واضعا يده في جيبي بنطاله ...بعدما تأكد من إعجاب أخته بماهر
_ربنا يقدملك اللي فيه الخير يا حبيبتي
______
طلبت رهف من اخوتها العودة للعمل فلا داعي للمكوث معها أكثر فمستقبلهم أهم عندها من كل شىء فوافق الأخوان على طلبها بعدما أكد والدهما ما قالته رهف ...فقررا أن يغيرا موعد إجازتهما بحيث لا يتركان رهف وحدها بمعنى واحد منهما تكون إجازته في منتصف الاسبوع والآخر في آخره والفترة التي تكون رهف وحدها ..اقترحا أن تقضيه مع صديقتها سها
كانت رهف سعيدة بحياتها تلك فلقد أصبحت جميلة وهادئة ولكن ما كان يعكر صفوها هو طلبها لرؤية أمها وعودتها مرة أخرى للبيت لكن والدها كان يفضل أن تحصل ابنته على بعد التدليل قبل أن تعود أمها وتعكر صفو مزاجها بحديثها اللازع دائما
ذات يوم وبينما الأخوين مسافرين... لاحظ فهمي أن ابنته تجلس شاردة
فجلس جوارها يسأل باهتمام
_مالك يارهف سرحانة ف ايه؟؟ ...لو عايزة تروحي لسها يا بنتي روحي .
_سها خرجت مع دكتور آدم لزيارة ناس قرايبهم ولسه مرجعوش يابابا.
رفع فهمي ذقن ابنته وجعلها تنظر له
_يعني ده اللي مزعلك .. تعالي نخرج أنا وانتي يلا.
ابتسمت رهف لأبيها الذي يحاول جاهدا ادخال السرور على قلبها
_ وقت تاني يابابا حضرتك لسه راجع من الشغل وأكيد تعبان وعايز تستريح
وقف فهمي محله وهتف بجدية..فراحة ابنته أهم من راحته
_لا تعبان ايه قومي يلا البسي
لتحاول رهف جعله يجلسه
_اقعد بس يا بابا والله مش ده اللي مضايقني.
جلس فهمي ثانية وهتف باصرار لمعرفة ما بها
_طيب إيه مالك احكيلي يابنتي.
تنهدت رهف ثم قالت
_ماما يا بابا وحشتني أوي وبصراحة صعبان عليا إنها بعيد عننا
_يابنتي أنا خايف تضايقك بكلمة كدا ولا كدا انتي تايهة عن أمك
_وعلشان هيا أمي هتحملها يابابا .. لكن بعدها مش الحل دي مهما كان أمي
زفر فهمي بضيق فهو متغاظ من زوجته لانها لم تتصل يوما لتستعلم عن احوال ابنتها بأي شكل من الاشكال لكنه لم يشأ ان يقول ذلك أمام ابنته لذا قال
_أخوكي ماهر راجع بعد بكرة هخليه يروح يجيبها ياستي ... ها كدا مبسوطة
ابتسمت رهف لوالدها
_ربنا يخليك ليا يابابا
أحاطها والدها بذراعيه
_ويقر عيني بيكي يابنتي وأشوفك راضية ومتهنية.
_____
ظلت على وضعها راقدة في الفراش ...يوقظونها لحتى تتناول طعامها ومن ثم تعود لمخدعها ووسادتها التي كانت تمتص دموعها التي تهطل كالشلال دون توقف... وياليتها تمتص الأحزان ايضا كما تمتص الدمعات
أشفقت تلك السيدة عليها ولم يعجبها ذلك الوضع وذلك الاستسلام التي هي به ..فالفتاة تنحدر نحو منحدر حاد نهايته الموت المحتم
لذا جلست جوارها تمسد على ظهرها بحنان
_وبعدين بقا ياحبيبتي هتفضلي على وضعك ده هيجرالك حاجة يابنتي
لتهتف ملك بضعف فاقدة الأمل بالحياة فهي قليلا ما تتحدث معهم..فلقد فقدت الرغبة في كل شىء
_ياريتني أموت وارتاح...ياريتني أموت وارتاح
تنهدت السيدة بأسى
_يابنتي متقوليش كدا بعيد الشر عليكي ... انتي لسه في عز شبابك
هتفت ملك بضياع وقهر ونظرات فاقدة لطعم الحياة فالنور الذي بعينيها قد انطفأ وحل مكانه سواد حالك لا نهار له
_شباب ايه بقا ما كله راح خلاص ...وأنا مبقتش أنفع في حاجة ...سيبني في اللي أنا فيه وامشي سيبيني.
وجدت عفاف أنه لا فائدة من محادثتها وربما قد آن الأوان لتعود الفتاة لعائلتها ربما يستطيعون هم مساعدتها
لذا سألتها عن أهلها
_طيب قوليلي يابنتي أهلك مين ومكانهم فين وإحنا نوصلك ليهم يمكن يعرفوا يساعدوكي
نظرت ملك الى وجه عفاف بتيه ومن ثم نظرت لتلك الفتاة التي تبدو في مثل عمرها ..وزاغ بصرها بينهما لتخرجها عفاف من الصراع الذي يدور بداخلها
_متفهمنيش غلط يابنتي ... انتي وجودك هنا على عيني وراسي ده انتي منورانا ومونسة وحدتنا زي ما انتي شايفة قاعدة أنا وبنتي لوحدينا... لكن القصد يابنتي ان أكيد أهلك قالبين الدنيا عليكي وبيدورا في كل حتة...حرام يفضلوا في الخوف والقلق ده عليكي ... أنا فضّلت أسيبك لحد ما أحوالك تتحسن علشان ميتخوض عليكي... لكن انتي أحوالك هنا بتسوء يوم ورا يوم وأنا خايفة عليكي.
ضحكت ملك بمرارة شاردة في أمها وأهلها
_وهرجع لأهلي أقولهم إيه ...وحتى لو قلتلهم محدش فيهم هيصدقني ومش بعيد يرجموني او يدفنوني بالحيا.
اتسعت حدقتي ليلى غير مصدقة ما تسمع وهتفت باستنكار
_معقول... ليه هما صعايدة!!!
رددت ملك بداخلها
_إذا كان رهف اللي الكل بيحلف بأخلاقها ودايما كانوا يقولولي خليكي زي رهف وقارفيني بيها... صدقوا اللي حصلها وقتلوها ضرب وإهانة وتجريح ومحدش رحمها أو فكر إنه يفكر بعقله شوية ويصدقها .. رغم اني كنت متأكدة ان رهف عمرها ما تعمل كدا بس كنت فرحانة فيها وماصدقت اللي بيحصلها علشان أشمت.. يبقوا هيصدقوني أنا اللي مش عاجبهم حالي والله اقل واجب ماهر هيقتلني بدم بارد
وجدتها ليلى شاردة فوضعت يدها بقلق على كتفها لتفيقها
_إنتي معايا.. انتي كويسة
سقطت دمعة حسرة من مقلتي ملك وابتلعت ريقها بصعوبة
مسدت عفاف مرة أخرى على ظهر ملك
_متبكيش يابنتي قدر ولطف ولعله خير ....لعله ذنب انتي اذنبتيه واللي حصلك تكفير ذنوب ...استغفري ربك وتوبي إليه واشكيله همك يابنتي هو وحده سبحانه قادر على تفريج همك وتنفيس كربتك ...ربك قادر يابنتي بس انتي ارجعيله.
اغرورقت عيني ملك بالبكاء وبدأت بالانتفاض والرجفة وهتفت بندم متزكرة الفضيحة التي تسببت بها لرهف
_أكيد ده حق رهف ... أنا آذيتها كتير وطعنتها في شرفها ... ايوة أنا مكنتش مصدقة انها تعمل حاجة مشينة ورغم كدا كنت بشعل فتيل الحرب عليها ووزعت الخبر في كل حتة وخليت سيرتها على كل لسان... أهو ربنا أخد حقك مني يارهف.. ودفعت تمن اللي عملته فيكي غالي أوي... دفعته غالي اوي
ظلت ترددها مرارا حتى بدأ صوتها بالاختناق وبدأ يتلاشى شيئا فشيئا فلقد بح صوتها من العويل
فاقتربت منها السيدة عفاف تحيطها بذراعيها تهدهدها بين يديها كطفل صغير الى أن غفت ملك من التعب ونامت محتضنة جسدها كله كوضعية الجنين في بطن أمه.
دثرتها عفاف في الفراش جيدا ومن ثم استندت على كتف ابنتها وانسحبتا من الغرفة تاركين ملك لمصير لا يعرفون نهايته ...الا انهن مدركات أنها اذا استمرت على هذا الحال فإن النهاية ستكون قريبة حتما.
هتفت ليلى بلوعة
_وبعدين ياماما ..هنسيبها كدا ..البنت حالتها تقطع القلب
ضربت الأم كفي يدها ببعضها
_وبإيدنا ايه يابنتي نعمله ... إحنا منعرفش عنها حاجة وأديها أهي مش راضيه تتكلم ولا تروح لأهلها ... ربنا يتولاها برحمته.
____
في اليوم التالي
ذهبت رهف لبيت صديقتها لقضاء بعد الوقت معها ومع الصغيرة
فحاولت سها أن تريح قلبها وتسأل صديقتها عن أخيها ،هي متأكدة أن رهف ستكون أمينة بشأن إخبارها بأحوال أخيها ماهر ولن تنحاز له بأي حال من الأحوال
تفآجئت رهف بما قالته سها وتعجبت أن أخيها لم يفاتحها في الآمر قط...لكنها هتفت بمشاعر صادقة
_ بصي يا سها علشان أكون صريحة معاكي ... انتي لو من شهر ..وجيتي سألتيني على ماهر ... هقولك اوعي توافقي...
لاحظت رهف استغراب صديقتها لذا أكدلت حديثها
_متستغربيش ...ماهر زي ما هو أخويا فانتي اختي وأمرك يهمني وماهر زمان عمره ما كان مناسب ليكي... لكن دلوقتي ماهر فعلا اتغير وأصبح انسان جديد طيب وحنون أنا نفسي مستغرباه بس فرحانه بيه وبحمد ربنا دايما... علشان كدا بقولك فكري كويس واستخيري وربنا يريح قلبك وأنا معاكي وهدعمك فأي قرار وخليكي واثقة انه مش هيأثر على علاقتنا خالص.
تنهدت سها براحة وابتسمت لصديقتها بامتنان
_ربنا يخليكي ليا ويديم صداقتنا لأعوام مديدة يارب... حاضر هستخير ربنا واكيد هيرشدني للصح.
____
أسماء عبد الهادي
عاد ماهر من العمل فرحا بأيام إجازته لأنه سيقضيها مع أخته الحبيبة
استقبلته أخته بالترحاب وروح المشاغبة التي عادت إليها من جديد
_حمدا لله على السلامة ياماهر وحشتني أوي... رغم اني واخدة على خاطري منك
قالتها بتدلل كثيرا على أخيها
_وأنا مقدرش على زعلك أبدا يا قطتي ... قوليلي أنا عملت إيه زعلك وأنا مش هكرره وهصالحك بطريقتي.
هتفت بينما ادعت أنها غاضبة
_ينفع تطلب إيد سها من أخوها ومتقوليش.
_عرفتي إزاي ؟؟؟
قالها بلهفة منتظرا جوابها ثم هتف مسرعا
_سها اللي قالتلك ... طب هيه رأيها ايه ... موافقة ولا رافضة؟؟
ربعت رهف يديها أمام صدرها وأدارت بجسدها بعيدا عنه
_مش قبل ما تقولي ليه مقلتليش حتى كنت فاتحت سها أنا
_بصراحة يارهف أنا متوقع الرفض علشان كدا مقلتش لحد خالص علشان لو رفضوا، يعني ..
قالها بائسا وهو يهز كتفيه بضيق شديد فهو متأكد أن سها وأخيها لن يوافقوا عليه
_وايه اللي خلاك متوقع ومتأكد اوي كدا.
زم ماهر شفتيه وهتف يلوم نفسه
_سها ودكتور آدم أكتر اتنين عارفين أنا عملت فيكي ايه ... عارفين قد اكيد كنت انسان صعب التفاهم معاه.
_بس الكلام ده دلوقتي مش حقيقي ...والماضي عدى بكل مافيه خلاص وملناش علاقة بيه دلوقتي.
_لكن آثاره بتأثر على الحاضر والمستقبل يارهف.
قالها شاعرا بالضيق محاولا التفكير في شىء آخر حتى لا يعكر صفو إجازته....فهتف بينما يضع يده في حقيبته المعلقة على كتفه
_بصي جبتلك إيه ...ال...
قطع كلامه عندما وجد أخته تنظر اليه بثقة
_ولو قلتلك إن سها ممكن توافق
رمش عدة مرات وأمسك كتفي أخته بفرحة
_بتتكلمي جد يا قطتي... سها ممكن توافق بيا
كتمت رهف ضحكاتها حتى لا تثير غضبه لذا وضعت يدها على فمها.
ترك يدها وابتعد عنها مدعيا الضيق
_ممكن أعرف بتضحكي ليه ها؟
_بصراحة مش قادرة اصدق انت ماهر اللي واقف قدامي؟ ...مش متعودة عليك كدا ... طول عمرك بتقدر تخفي مشاعرك تحت قناع الجمود بس اللي قدامي ..اللي ف قلبه ظاهر جدا على وشه.
ليزفر ماهر بضجر
_يقطع الحب وسنينه اللي بيشقلب كيان الواحد بالشكل ده.
ضحكت رهف هذه المرة بصوت عال ...ليمسكها أخيها ويلف ذراعه حول رأسه ممازحا اياها
_فرحانة فيا ها.
_لا ابدا فرحانة بيك أوي ياماهر... ربنا ينولك اللي بتتمناه عن قريب بإذن الله
_ادعيلي ياقطتي ادعيلي.
أسماء عبد الهادي❤❤❤❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
طلب فهمي من ابنه ان يهذب لاحضار أمه كما وعد ابنته ليتفاجئوا بعودة ماجد من العمل في غير ميعاده
استقبلته رهف بفرحة شديدة وهو أيضا بادلها عناقا مطولا فلقد اشتاق لقطته وابنته الصغيرة
ضيق ماهر عينيه باستغراب وقرر مناغشة أخيه
_ايه يابني اللي جابك دلوقتي اوعى يكون طردوك ؟
دفشه ماجد بالحقيبة التي كان يحملها على كتفه
_ياعم انت هتفول في وشي ...طردوني إيه بس .
ابتلع الاب ريقه وهتف بقلق
_أومال رجعت بدري عن معادك ليه يابني .
_تلاقيه اتخانق مع حد من زمايله ماهو بقا دبش وبيهب في الكل
اغتاظ ماجد من كلام أخيه وهتف بغضب وهو يكز على أسنانه متوعدا لأخيه
_اهو الدبش اللي بتقول عليه هيهب في وشك انت
ليضحك ماهر بقوة أغاظت ماجد أكثر بينما اردف ماهر
_متقدرش تعمل فيا حاجة علشان قطتي حبيبتي هتدافع عني ...صح يا قطتي
ضحكت رهف على مناغشة إخوتها لبعضم البعض
ليقترب ماجد منها ويقبل رأسها بحب اخوي حاني
_وانا هسامحك بس علشان قدرت تضحك حبيبة قلبي
لتتحدث رهف بجدية وكأنها مستاءة من فعلة أخيها بدا فشاغلها الأكبر هو مستقبل اخوتها فأتى صوتها صارما
_ماجد انت بردو مردتش على سؤالنا انت نزلت دلوقتي وسبت شغلك ليه؟
ابتسم ماهر وهتفت ساخرا
_رد ياحلو ...أهي رهف رفعت عليك رايات الحرب قر واعترف