رواية هالة الفصل السابع عشر بقلم جميلة القحطاني
يُقال إن والدته انتحرت أمام عينيه بعد أن طردها جده مهران لأسباب ظلت طي الكتمان… ومن يومها، لم يثق في النساء، ولم يترك فرصة للضعف.
حتى والده الذي كان يظن أنه سيرث السيطرة، مات فجأة… ليصبح سراج سيدًا في سن صغيرة.
أنا مابتحكمش بس في الأرض… أنا بتحكم في اللي بيقفوا عليها.
هكذا قال سراج ذات مرة لأحد رجال الأعمال الذي حاول تحديه.
عندما سمع أن هناك فتاة غريبة جاءت إلى الفيوم مع عمتها، وتحمل في يدها أوراقًا غامضة تربطها بعائلة الدمنهوري القديمة، أرسل رجاله لمراقبتها.
لماذا؟
لأن اسم الدمنهوري كان يومًا ما شريكًا سابقًا في إحدى شركات آل العزايزي… شراكة انتهت بسبب خيانة.
كل اللي بيقرب من تاريخ العزايزي… بيحترق.
ولكن… عندما يرى هالة لأول مرة، لا يشعر بالغضب… بل بشيء آخر.
غضب مكبوت؟ أم انجذاب خطير؟
في قصر العائلة، يجلس سراج في مكتبه الخشبي، ينظر إلى صورة قديمة وجدها بين أوراق هالة…
في الصورة: جدته التي قالوا إنها ماتت قبل أن تولد هالة بسنين… لكنها تظهر هنا في حضن امرأة تُشبه هالة إلى حد التطابق.
فيهمس:يبقى اللعبة لسه مابتدأتش…
في بيت عمتها، بعد أيام من الهدوء الظاهري، كانت هالة تحاول التكيّف، بتحس إنها بدأت تستعيد نفسها، لكن شيء جواها مكسور… دايمًا حاسة إن حياتها مش واضحة، كأن في شيء ناقص.
في أحد الأيام، دخل صهيب البيت وهو متوتر، في إيده ظرف قديم، ووشه باهت. طلب منها تقعد معاه:
قال بهدوء، لكن صوته بيرتعش:هالة… في حاجة لازم تعرفيها… أنا مش مجرد شخص ظهر في وقتك الصعب… أنا خالك.
هالة شهقت، حست إن الأرض بتتهز تحتها:إيه؟! خالي؟! إزاي؟! ليه ماقولتش؟!
مدّ الظرف قدامها. فيه صورة قديمة لأمها، وهي حاملة طفلة صغيرة… هي نفسها.
صهيب:أمك… ندى… أختي. اختفت من أكتر من عشرين سنة. فضلنا ندور عليها… وكنّا فاكرين إنها ماتت، بس الحقيقة… كانت عايشة وهربت لسبب مجهول، وللأسف ماتت من غير ما نعرف تفاصيل كتير.
هالة دموعها نزلت بصمت، لأول مرة تحس إنها مش لوحدها فعلًا.
لكن الفرحة ما اكتملتش…
في نفس الليلة، بعد ما دخلت هالة غرفتها تنام… اختفت.
الباب مفتوح، الشباك موارب، ومافيش أي أثر… كأنها تبخرت.
صهيب جن جنونه. بلغ الشرطة. عمتها انهارت. الناس قالوا يمكن هربت تاني…
لكن صهيب كان متأكد: دي مش هالة اللي تهرب. حد خدها.
في مكان مظلم
هالة فتحت عينيها على ضوء خافت… سقف خرساني، وريحه تراب.
