رواية تؤام روح الفصل السابع عشر بقلم يارا سمير
على أحدى الطاولات يجلس ايهاب مختار يرتشف قهوته ويقرأ فى كتاب لا يدري بوجودها .. عيناها معلقتان عليه تحاول استيعاب وجوده امامها شخصيًا .. اقتربت نحوه بخطوات مترددة ووقفت امام الطاولة التى يجلس عليها ايهاب وقالت ب ابتسامة :
_ صباح الخير ..
رفع ايهاب عينيه نحوها ببطء وما إن التقت نظراته بعينيها حتى ارتسمت ابتسامة دافئة على وجهه ظهرت معها غمازته المعهودة وقال بصوت هادئ :
_ مريم .. صباح الخير ..
_ ممكن اقعد ..
_ طبعًا اتفضلي ..
جلست : انا مكنتش مصدقة ان انه بجد..انت هنا ليه ؟
_ ممكن عشان وحشتيني
تبدلت ملامح مريم للدهشة :
_ ها ..
ضحك ايهاب :
_ انا اسف .. مش قصدي اخضك كدا .. الحقيقة انا كنت عاوز اشرب قهوة فى مكان هادى اغلب الاماكن اللى روحتها زحمة ودوشة وبيشغلوا اغاني بصوت عالي.. ازاي كدا على الصبح .. فكنت بسأل حد ع مكان هادئ وحد من اصدقائي رشحلى المطعم هنا قالى الفايبز بتاعته هتعجبني .. بالفعل جربته امبارح وانبسطت ولذلك جيت انهاردة تاني ..
_ بجد صدفة ولا الافلام.. المطعم دا بتاعنا .
بملامح مفاجئة :
_ بجد هو دا .. انا كنت بشبه على الاسم ولما عملت سيرش فى جوجل لقيت كذا مكان بنفس الاسم متوقعتش خالص انه دا .
_ بجد صدفة جميلة .. بس ع ما اعتقد انك رجعت ايطاليا .
_ انا سافرت ورجعت تاني تم دعوتي لمعرض بعد 25 يوم وعندى مناسبة كمان أسبوع قولت فرصة تغيير جو هحضرهم وارجع ..
_ تمام ..
_ ع فكرة في امانة ليكي عندي ويمكن الصدفة دي اتعملت عشان اشوفك واتواصل معاكي شخصيًا يعني .
_ امانة ايه ؟
_ لوحة .. هديتك مني ..
_ ليا انا ؟
_ ايوه كنت مجهز لوحة ليكي .. عمومًا هتوصلك ع هنا تمام ..
_ مش لازم بجد .
_ فى حد يرفض الهدية وبعدين انتى تستحقيها وانا كنت مجهزها ليكي فطبيعي تجيلك..
ابتسمت مريم وقال ايهاب :
_ انا مضطر امشي لان عندى موعد وحقيقي صدفة جميلة انى شوفتك يا مريم
بادلته الابتسامة وقالت :
_ فعلا صدفة جميلة ..
قال لها :
_ على فكرة لما قولت وحشتيني كنت قاصد ..
ارتبكت مريم واستكمل ايهاب حديثه وهو يبتسم :
_ انتى واصدقاءك وحشتوني الفايبز اللى كنت بعيشها معاكم مفتقدها جدًا .
_ انا قولتلك ذكرياتك معانا مش هتتنسي .
_ وفعلًا حصل فى فترة قليلة اتعلقت بيها .. يلا همشي انا سلام .
_ سلام .
غادر إيهاب المطعم ووقفت مريم مكانها تنظر اليه وعيناها تتابعان خطواته للخارج اقتربت اليها ملك وقامت بخبطها خبطة خفيفة ع كتفها :
_ مين دا .. تعرفيه ؟
قالت وهي تبتسم:
_ ايهاب مختار .. تخيلي ايهاب مختار بنفسه .
نظرت ملك بإندهاش :
_ اللى كنتى معاه فى العربية لوحدك ووصلك.
_ هو انتم بتنسوا كل حاجة وفاكرين حاجة واحدة بس .. فنان مشهور ودرسلي فى الكلية .
_ و ركبتي معاه العربية لوحدك حصل ؟
_ ايوه حصل ركبت العربية معاه لوحدى ومش هكررها خلاص بقى.. ملك انتى اتحولتي حساكي زين اوي ..
ضحكت ملك :
_ عفريت زين هيحاوطك فى كل مكان ..
_ سترك يارب ..
فى منتصف النهار في المطعم مريم فى المطبخ منهمكة فى اعداد شئ ما .. فى الصالة تجلس ملك بهدوء امام اللابتوب تركز فى الشاشة ..فجأة دخل المطعم عامل التوصيل يحمل شئ فى يديه تعلوه بطاقة صغيرة كتب عليها اسم مريم .. دخلت ملك الى المطبخ وندهت على مريم لاستلام الهدية .. خرجت مريم وقابلت عامل التوصيل مدت يديها واستلمت الهدية بهدوء وعلى وجهها ارتسمت ملامح الدهشة ممزوجة ب ابتسامة خفيفة .. غادر عامل التوصيل وبدأت مريم فتح الهدية ولكن قبل ذلك قرأت الكارت وكان مدون اسمها فقط ..
فتحت مريم الهدية لتكشف عن لوحة فنية بديعة ، ألوانها تنبض بالحياة وتفاصيلها تنم عن لمسة فنان متمرس .. عيناها اتسعتا بدهشة صامتة ثم لمعتا بإعجاب حين ادركت ان ما امامهاهو احد اعمال ايهاب مختار بعد قراءة توقيعه اسفل اللوحة .. تجمدت للحظة تسترجع كلماته لها صباحًا حين أخبرها عن الهدية .. ابتسمت ابتسامة دافئة .. رفعت اللوحة لتتأملها عن قرب بسعادة :
_ هو بعتلك لوحة دي ..
ب ابتسامة تعلو وجهها :
_ ايوه.. بصي جميلة ازاى
_ فعلًا جميلة .. هتحطيها فين ؟
_ عندي اكيد ..
عادت مريم الى المنزل صعدت درجات السلم بهدوء حتى وصلت الى منزلها .. دخلت الى غرفتها .. نظرت حولها تبحث عن مكان تضع فيه اللوحة حتى استقر نظرها على زاوية مضيئة مناسبة .. اقتربت بخطوات خفيفة وضعت اللوحة برفق وكأنها تضع قطعة من روحها ثم وقفت لتتأملها وقفت صامتة وعيناها تلمعان بشعور غامر من السعادة .. كانت السعادة تفيض من ملامحها لوجود لوحة من اعمال ايهاب مختار بين لوحاتها ..
ليلًا مريم فى المرسم يدها تتحرك بخفة على لوحة امامها بينما ينساب صوت فيروز فى الخلفية يملأ الاجواء دفئًا وشاعرية ..كانت مريم سعيدة مستغرقة تمامًا فى لحظتها تنسي العالم من حولها .. فجأة قطع الهدوء صوت مالوف :
_ فنانتنا..
التفتت اتجاه الباب حيث وثق زين يبتسم وهو يدخل بخطوات واثقة كان صوته يحمل مزيجًا من الدهشة والإعجاب ..قالت مريم:
_ حمدالله على السلامة
_ الله يسلمك .. روحت المطعم سمعت انك مشيتي بدري .
_ كان الجو هادي وملك مش محتاجاني هناك يعني
زين عيناه تتجولان بفضول بين اللوحات كأنهما تبحثان عن شئ معين .. شعرت مريم بشئ غامض من نظرات زين . .. تحدثت مريم :
_ نسيت اقولك ..
توقف ووقف ونظر اليها :
_ نسيتي تقوليلي .. ايه يا تري .
_ جاتلي هدية انهاردة ولا كانت ع البال ولا ع الخاطر ..
_ ماهو انا سمعت وجيت اتفرج .. فين ؟
_ لما ننزل هوريهالك .
بدهشة:
_ انزل .. هي مش هنا ؟
_ لا عندى تحت .. بصراحة خوفت عليها يحصل حاجة ليها
نظر اليها بتعجب :
_ تقصدي ايه خافيه عليها ؟
_ هدية قيمة انت عارف لوحة لايهاب مختار بكام .
_ اهاا .. وجاتلك ازاى يعني عرف العنوان ازاى ؟
تحدثت مريم بتلقائية:
_ اسكت يا زيزو .. انهاردة اتفأجئت ب ايهاب مختار فى المطعم تخيل ؟
_ والله ..
_ اه والله .. مكملش 5 دقائق ومشي وقبل ما يمشي قالي فى هدية ليا بصراحة مكنتش اتوقع يبعتها بالسرعة دي ..
رن هاتف زين كان كريم :
_ طيب انا رايح مقر الشركة ولما ارجع بليل اشوفها تمام .
_ تمام.. الافتتاح خلاص قرب جدًا ..
_ ايوه.. يلا انا نازل سلام.
غادر زين تاركًا خلفه صمتًا ثقيلًا.. مريم وقفت مكانها تنظر عليه وهو مغادر كانت تظن أنه سيشاركها فرحتها بالهدية ولكنها لم تشعر الا بفراغ .. عندما رأى زين فرحة مريم باللوحة توقف لحظة دون أن يظهر شيئًا على وجهه عينيه لمعتا للحظة ولكنه كتم ما شعر به وغادر . وعادت مريم الى رسمتها ..
فى صباح اليوم التالي جلست مريم فى المطعم كانت عيناها معلقتين بباب المطعم تترقبه كل شخص يدخل كل بضع دقائق .. لمحت دخول زين وبعد الترحاب جلسوا امام طاولة قريبة من الباب .. قال زين :
_ ليه هنا ..ما تيجي نقعد جوا مكانا ليه فى الوش كدا ..
_ عشان اشوف الباب ..
_ ليه بتعدى الزباين اللى داخل واللى طالع ..
_ يا عسل ..
اقتربت ملك وجلسوا يتناولون الافطار وسط مازحات زين .. فى كل لحظة تمر كانت مريم ترفع عينيها بهدوء نحو باب الدخول وكأنها تنتظر أحد وبدأ يلاحظ شيئًا نظراتها المتكررة اتجاة باب الدخول .. ضرب بيده بقوة امام مريم وشعرت بالخضة :
_ ايه يا زيزو ..
_ ايه انتى روشتيني ..عماله تبصي ع الباب كتير فى ايه ؟
تحدثت ملك :
_ انتى مستنية حد يا مريم ولا ايه ؟
_ انا .. لا ابدًا .. اه كنت طالبه اوردر ومستنياه .
_ اوردر .. ماشي .. انا رايح الشركة قولت اخلع من كريم وافطر معاكم .
كانت مريم تنظر اتجاة الباب :
_ انا ماشي ..
_ انتبهت .. طيب .. هنتغدا مع بعض ولا ايه النظام ؟
_ معتقدش كريم هيسيبني تاني الافتتاح قرب وكمان بسنت جايه انهارده فهكون معاها اوديها الشقة اللى هتقعد فيها وهشوف لو عاوزة حاجة وكدا يعني .
_ ماشي .. عمومًا انا مع ملك طول اليوم هنا هرجع عع بليل عرفت تخل تعالى نروح مع بعض .
نظر لها وضحك:
_ بتجرجرني عشان واحنا ماشين اجبلها ايس كريم وحلويات .
_ انت بقيت بخيل ليه كدا لما نزلت شغل يا زيزو ..
_ لسه مشتغلتش وبعدين الفلوس الاول كنت باخدها شهريًا ثابته حتى لو معملتش حاجة لكن دلواقتي القرش هيجي بفرهده وانتى قاعدة هنا تحت التكييف تصرفيهم .
_خسارة فيا يا زيزو ..
وقف زين وقال :
_ لا خسارة ليا بس يهون هحاول اخلص واجاى نروح مع بعض واجبلك الايسكريم .
فرحت مريم وودعهم زين وغادر ودخلت ملك المطبخ وظلت مريم مكانها تراقب باب الدخول تنتظر ظهور ايهاب مختار ولكنه لم يظهر ..
مر يومان وكانت تتوقع مريم ظهور ايهاب وكانت يوميًا تجلس امام الطاولة و تنظر الى الباب بلهفة ..كانت لهفتها واضحة تنظر الى الساعة و أصابعها تعبث بحافة الكوب امامها ..كانت يوميًا تترقب ظهور ايهاب ولم يظهر ايهاب .. وفي اليوم الثالث تقف مريم تتحدث مع احد الزبائن وع وجهها ابتسامة دافئة .. التفتت ولمحت جلوس ايهاب على احدى الطاولات كان ينظر اليها وهو مبتسم اتسعت عينا مريم بفرحة صادقة لم تستطيع اخفاءها ..وتوجهت اليه بخطوات مسرعة واقتربت اليه :
_ صباح الخير ..
_ صباح الخير مريم ..
قالت وهي مبتسمة :
_ تحب حضرتك تشرب ايه ؟
ضحك ايهاب :
_ ممكن قهوة على الريحة ..
_ حاضر .. 5 دقائق وهتكون عندك ..
ذهبت مريم وعادت بالقهوة وطبق حلى تشيز كيك .. نظر اليهم بتعجب وقالت مريم بابتسامة تعلو وجهها :
_ القهوة انت طلبتها والتشيز كيك دا هدية مننا ماهو مش انت لوحدك اللى تهادي رغم ان هديتنا حاجة بسيطة خالص قصاد هديتك .
جلست مريم وقال ايهاب :
_ يبقى عجبتك اللوحة ..
_ جدًا ..
_ من وقت اعلان المسابقة واللوحة كانت جاهزة ب اسمك فكان لازم تكون عندك ..
_ بجد جميلة جدًا وشكرًا على اهتمامك ..
_ دي حاجة بسيطة يا فنانة ..
ضحكت مريم:
_ لسه بدري ان يتقالي كدا .. انا لسه مخلصة كلية حتى النتيجة مظهرتش تأكد التخرج .
بادلها الضحك وقال :
_ انا متاكد ان التقدير هيكون امتياز وهتنتطلقي فى حياتك العملية بقوة وهيبقى صعب نقعد مع بعض القاعدة دي .
_ ليه ؟
_ هيبقى بتحديد موعد مسبق ..
ضحكا وقالت مريم:
_ لا احنا متواضعين عشان كدا هكتب اسمك فى اول الكشف ..
ضحك وقال ايهاب :
_ قوليلي ناوية ع ايه بعد الكلية ؟
_ والله حاليًا الصبح هنا فى المطعم وبليل فى المرسم .
_ يعني مخططيش لخطوات تانية ..اكيد كنتى مخططة .
_ يعني ممكن تقول فترة استراحة مؤقتة وهشوف هقدر اعمل ايه او ايه المتاح اللى قدامي .
_ زي ايه مثلًا ؟
_ يعني هعمل بحث عن المعارض والمسابقات اللى ممكن اقدم فيها وهشوف هوصل لايه .. يعني زي ما بيقولوا خطوة من تحت خالص ، هبدأ فى الخوض فى المغامرات .
ضحك ايهاب ع طريقتها الكوميدية وقال :
_ دا اهم خطوة .. انتى تفكري وتاخدى خطوة وتحاولي وتخوضي مغامرة حاجة كويسة جدًا انجاز يتحسبلك اكيد هيكون فى نتيجة حتى لو منجحتش .
_ بالظبط كدا.. زي مسابقة الكلية اللى طارت مني رغم كنت جاهزة لكن ( صمتت للحظة وقالت ) الحمدلله على كل شئ
_ انا متفائل خير لانك مجتهدة وشاطرة .
_ يكفيني شهادتك فيا .
_ انتى تستحقي اكتر ..
ابتسمت مريم .. وجمع ايهاب اغراضه :
_ انت هتمشي
_ اعتقد كفاية كدا صدعت من رغي ..
_ لا ابدا انا مبسوطة اننا بنتكلم وكدا ..
_ هتتكرر ان شاء الله تاني ومتشتكيش بقى طول ماانا هنا هصدعك لغاية ما اسافر .
ضحكت مريم :
_ ولا يهمك اى وقت انا هنا موجودة .
_ تمام ..
_ التشيز كيك مااكلتش منها .. احنا بنعملها حلوة اوي .
_ المرة الجاية .. سلام ..
غادر ايهاب وجلست مريم على الطاولة وملامح السعادة ترتسم على وجهها وعيناها تلمعان بفرحة .. اقتربت اليها ملك :
_ كنتى تخرجي توصليه احسن .
_ ملك انتى مش متخيله انا حاسه ب ايه دلواقتي ، حاسه انى مش في الارض .
_ ليه كل دا هو قالك ايه ؟
_ ماقالش حاجة كنا بنتكلم عادي، بس ان انا قاعدة مع ايهاب مختار على ترابيزة واحدة وبنتكلم زي اتنين اصحاب .. مكنتش احلم بكدا .. هو دا حقيقي .. ايهاب مختار كان هنا .
مدت ملك يدها وقرصتها وتألمت مريم :
_ ايه دا .
_ بحسسك انك صاحية وقابلتيه فعلًا هنا .
_ انا محظوظة حقيقي محظوظة ..
تكررت زيارة ايهاب الى المطعم مرة اخرى صباحًا .. جلس برفقة مريم والحديث بينهما يبدو خفيفًا تتخلله ابتسامات متبادلة ونظرات هادئة .. باب المطعم انفتح بهدوء ودخل زين عينيه كانت تبحث عن مريم دائمًا .. وقعت عيناه على الطاولة التى جمعت ايهاب ومريم وهما يتبادلان الحديث .. توقف فجأة يتأمل رؤيتهم بغضب وكأن بينهما الفة لا تخفي .. شئ ما أشتعل فى صدر زين غضب مكتوم .. حاول ان يربط جأشه وهو يتجه نحوهم ..خطواته كانت ثابتة لكنها ثقيلة بما يحملة من توتر وغضب ..حاول ان يبدو طبيعيًا والقى السلام بنبرة متماسكة وهو يبتسم :
_ صباح الخير ..
التفت مريم وتفأجأت برؤية زين ، حدقت به بقوه حتى لا يتخطى حديثه مع ايهاب ولكنه كان يتحدث بسلاسة .. اجاب ايهاب :
_ صباح الخير يا زين .. فرصة سعيدة انى شوفتك اخيرًا .
_ ممكن اقعد ..
_ اتفضل طيعًا .
جلس زين وقال بنبرة مازحًا :
_ اخيرًا شوفتني هل كنت واحشك ولا ايه ؟
نظرت مريم اليه بحده واجاب ايهاب :
_ طبعًا يسعدني اشوفك.. لكن الكام مرة اللى جيت مصادفش اقابلك .
تحدثت مريم:
_ زين دلواقتي بقى صاحب شركة .. شركة محاسبة مالية قريب من هنا هو وعمه ف مشغول فيها وكدا .
_ بجد.. بالتوفيق ان شاء الله .
_ ان شاء الله .. كنت عاوز اقولك و محتاج حاجة خاصة بالحسابات شركتنا موجودة فى اى وقت لكن للاسف حياتك كلها مش هنا ..ان شاء الله لما نوصل لانترناشونال الشركة وخدماتها تحت امرك .
لاحظت مريم طريقة زين فى الحديث وابتسم ايهاب :
_ شكرً ع عرضك واكيد لو احتاجت حاجة او استشارة هجيلك.
اخرج زين بطاقة العمل :
_ دى ارقامي تقدر تتواصل معايا فى اى وقت .
التقط ايهاب البطاقة من على الطاولة مبتسمًا :
_ شكرًا ..
نظر الى مريم :
_ ميما ممكن دقيقة لوحدنا .
_ تمام .. عن اذنك
قال ايهاب مبتسمًا :
_ اتفضلوا طبعًا ..
استاذنوا وغادروا المكان وخرجا من المطعم ووقفا جانبًا وكانت ملامح زين مشتعلة .. نظر اليها مباشرة وعيناه مليئتان بالغضب :
_ ممكن افهم فى ايه بالظبط ؟
كانت مريم تنظر اليه بهدوء لكن القلق بدأ يتسلل الى ملامحها .. لا من خوف بل من ادراك ان هناك شيئًا أكبر مما يبدو .:
_ اللى هو ايه ؟
_ مريم .. مبحبش الغباء انتى فاهمه .. بيعمل ايه هنا وايه حكايته ؟
نظرت اليه بدهشة :
_ ممكن تبص ع المكان .. تبص تشوف احنا واقفين فين وقدام ايه بالظبط.. قدام مطعم يعني مكان عام فيه ناس كتير بتدخل وبتخرج وبتقعد تطلب وتحاسب وتمشي .. مش قاعد فى صالة بيته .
_ يعني من قله الاماكن .. ما طريق البحر فيه مليون مكان ليه هنا ؟
_ ابقى اسئل زبائن الدائمين ليه مبيرحوش اى مكان غير هنا .
_ انتى بتقولى ايه ؟
_ بقولك اهدا كدا وفكر فى كلامك.. هو جه اول مره صدفة ولو مش صدفة دا مطعم بيجي يطلب حاجة يشربها ياكلها بيحاسب ويمشي وخلصت الحكاية .
_ بس مشفتش اوبشن انك بتقعدى مع الزبائن كمان دا مش اوبشن نازل فى المطعم .
_ زين ..
_ اول مره وقال صدفة تانى مرة وقلنا بنشكره ع اللوحة .. موجود دلواقتي ليه ؟
_ ادخل اسأله .. ادخل ..
وقف زين ثابت فى مكانه وتحدثت مريم بملامح بهدوء:
_ المفروض يا زين فى شوية خصوصية فى حياتنا وعلاقتنا صح ..ودا اتفقنا عليه من زمان ، كل واحد حر يعرف مين ويتكلم مع مين ويقعد يتكلم مع مين من غير التانى ما يضايق .. كل مرة بيجي بشوفك بليل بحكيلك وبقولك حتى اتكلمنا في ايه مخبتش ليه ؟لاني مبعملش حاجة غلط ومبخبيش عليك حاجة .. زي ماانت مشغول فى الشركة ومع بسنت اللى ظهرت فجأة عشان متبقاش لوحدها انت اغلب وقتك معاها فى الشركة وعارفه قبل ما تتكلم انها هنا لشغل حتى لو مش شغل انت حر يا زين زي ماانا حره .. شوية خصوصية شوية مساحة حرة .
ثبت مكانه واستدار تنفس نفس عميق وعاد نظر اليها :
_ انا مش مستريحله.. احنا اتفقنا لما مبستريحش لحد التاني بيبعد عنه .
_ مشي بسنت ..
_ مش انا اللى وظفتها دا كريم وبعدين معملتش حاجة بسنت .
_ ولا ايهاب عمل حاجة .. الراجل قاعد ب احترامه ووقاره بنتكلم ك اتنين اصدقاء فى المطعم مكان عام حوالينا ناس كتير وملك قاعدة شايفانا وكرم وسناء ومحمود وسوسن شايفين وعارفين .. متعداش حدوده معايا يا زين..
_ ماشي يا مريم ..اللى انتى شايفاه شوية خصوصية شوية مساحة تمام تمام .
تحدثت مريم بنبرة هادئة وقالت :
_ مهما مين دخل حياتي وعرفته استحاله ياخد مكان زيزو الشق االلى حواليا دول عابرون انت الاساس .
نظر اليها وكانت تبتسم واستطاعت ب ابتسامتها وكلماتها البسيطة امتصاص غضبه وابتسم وقال :
_ اضحكي عليا اضحكي ..
_ مقدرش دا كله الا زيزو ..
ابتسم زين وقالت :
_ تعالى بقى اجبلك تارت التفاح الشيف عمله تحفه تعالى دوقه .
_ لا هرجع الشركة عشان اتاخرت انا كنت فى مشوار وقولت اعدى عليكي وكمان بسنت لوحدها هناك ومينفعش اسيبها لوحدها .
نظرت اليه بغضب ولكنها ابتسمت :
_ طبعا مينفعش تكون لوحدها وزيزو موجود.. يلا مع السلامه يادوب تلحق .
دفعته ليغادر وهو يضحك ويستفزها حتى غادر .. كان ايهاب يراقب من بعيد مريم وزين وعادت مريم اليه ك
_ اسفه لو كنت اتاخرت ..
_ لا ابدًا .. جميلة علاقتكم .
_ علاقتنا من العلاقات المعقدة .
_ ليه كدا بالعكس انا شايف تفاهم واحتواء وقرب بينكم جميل .. احساس جميل ان عندك اخ يشاركك ويهتم بيكي .. احساس الاخوات جميل .
تنهدت تنهيده عميقة وقالت وهى تبتسم:
_ ايوه اخوات.. اخوات ..
عاد زين الى الشركة وملامح وجهه تحمل شيئًا مختلفًا عن مزاحه المعتاد .. دخل المكتب وجلس امام كريم وقال بنبرة حادة:
_ انا روحت لاستاذ رفعت قال هيكلمك ع الساعة 3 كدا ويقولك عمل ايه ؟
_ مالك .. هو ضايقك فى حاجة ؟
_ لا ابدًا محصلش حاجة كان متفاهم جدًا .
_ طيب فى ايه متقولش مفيش لان باين في ..
تحدث زين بغضب :
_ ايهاب توفيق دا عمال ينط لمريم فى المطعم ويتلكك انه مكان مريح ومعرفش ايه .. مكنتش اعرف ااننا بنقدم مع المشروبات والاكل قاعدة وناسه الاستاذة مريم .
_ مين ايهاب توفيق المطرب ؟
نظر زين الى كريم بغضب :
_ ايه اللى هيجيب المطرب عندنا ها ولو حصل هل هيضايقني ، دا ايهاب مختار كان بيدرس مريم فى الكليه رسام معروف وكدا .
_ انت مضايق عشان معروف ولا عشان قاعد مع مريم ؟
_ ميتعرف ياعم ميهمنيش لكن تنطيطه دا مش مريحني .
_ حاسس بان في حاجة بينهم ؟
_ لو في مريم هتقولي مش هتخبي ..
_ يبقى قلقان لو في حاجة من ناحيته لمريم .. صح ؟
صمت زين وقال :
_ هيضحك عليها وهي مبهورة بشخصيته وانه الفنان المفضل عندها وهتصدق اى حاجة منه .
_ مريم مش صغيرة يا زين .. مريم فى سن تقدر تختار وتقرر .
_ واجبي عليها احميها .
_ واجبك بمسمى ايه ؟
نظر زين الى كريم نظرة دهشة وكان كريم ينتظر اجابته ولكن زين صمت واعاد كريم سؤال :
_ مريم بالنسبالك ايه يا زين عشان تتحمق كدا ومش عاوز حد يقربلها .
_ مريم.. مريم.. ما انت عارف اغلى حد فى حياتي .
_ غير انها اغلى حد فى حياتك انا اعرف انها اختك .. اختك فى الرضاعة يا زين .. يعني انت اخوها ودورك تحميها وتساندها وتدعمها وطول ماهي مطلبتش مساعدة يبقى هي قادره تتعامل .. والشخص دا بتقابله فى المطعم قصاد عيون ناس كتير ومش هيقدر يتخطى حدوده مش هيقدر لان انا وانت واثقين فى مريم وعارفين انها هتقدر اتوقفه وتقطع رجله من المكان .. مريم اختك يا زين اختك وانت اخوها .
نظر زين الى كريم فى صمت ولكن عيناه كانت تحمل معاني وكلمات اخرى اعمق من حديث كريم ولكن فمه لم يطاوعه عن الافصاح عنها .. شعر بوغزة فى صدره وسمع طرق الباب ودخلت بسنت :
_ ايوه يا بسنت ..
_ عرفت ان زيزو جه قولت اجيله نروح موعدنا .
نظر اليها زين :
_ تمام يلا تمام ..
تحرك زين مغادر وكريم ملامح وجهه مليئة بالتسأولات كثيرة ..
فى احدى زيارات ايهاب الى المطعم جلس مع مريم وتبادلا اطراف الحديث وقال ايهاب لها :
_ايه رايك فى مغامرة صغيرة كدا .
_ مش فاهمة ؟
_ انا قولتلك انا جيت احضر معرض وراجع صح؟
_ ايوه..
_ ايه رأيك تعرضي فى المعرض دا والمعرض دا مهم جدًا هيتصور وهيتنشر واهو تكون تجربة .
لمعت عينا مريم وقالت :
_ هو ينفع ؟
_ طبًعا.. فى الطبيعى مش هينفع لكن انا اتكلمت معاهم ووافقوا ان ممكن يتعرض لوحتين ليكي وهما وافقوا .
تفاجئت مريم:
_ لوحتين ؟
_ ايوة ..
تذكرت مريم الوقت :
_ بس مش هلحق دا ااقل من اسبوعين .
_ انت عندك رسموات شفتها ع تليفونك لو موجودين ممكن نختار منهم اتنين ينفعوا .. ها ايه رايك ؟
ابتسمت مريم وفرحت ورأى ذلك ايهاب وابتسم وقال :
_ خلاص المرة الجاية نختار لانى حاليًا لازم امشي .
ببريق الحلم عاد ينبض من جديد .. كانت تحدق فى الفراغ امامها وكأنها ترى مستقبلها يرتسم بوضوح وضعت يدها على قلبها بخفة كانها تحاول تهدئة دقاته السريعة من فرط الحماس .. حولها أصوات الزبائن وضجيج المطبخ لكن داخلها كان عالمًا صامتًا لا يسمع فيه سوى صدى فرصة جديدة تقترب ..
عادت مريم الى المرسم بخطوات حماسية وعيناها تنتقلان بين اللوحات المعلقة والاخرى المصفوفة على الارض .. امسكت عدة رسومات تتمعت فيها ثم تضعها جانبًا وكأنها تخوض سباقًا مع الوقت لتنتقي الأجمل .. وضعت بعضها على الطاولة وبدأت تلتقط لها صورًا بهاتفها وترسلها الى زين واحدة تلو الاخرى وتطلب من ان يختار الافضل .. كانت تنتظر رد زين بترقب وكلما وصل رده كانت تبتسم وتضع علامة على اللوحة المختارة ورغم غيابه عنها فى تلك اللحظة لانشغاله فى مقر الشركة الا ان مشاركته كانت واضحة فى كل تفصيلة وكأنهما يعملان سويًا رغم المسافة . ..
عاد ليلًا وصعد الى السطح كانت مريم جالسة امام الللابتوب وكان ملامحه مرهقة :
_ زيزو ..
وضع الاكياس من يده على الطاولة وارتمى على الكرسي بجسده المتعب :
_ ايه حصل عشان تبعتيلي لازم اجيب ايس كريم نحتفل واقول مناسبة ايه تقوليلي لما تيجي اقولك طيب بكرة تقوليلي لا انهاردة وعماله تبعتيلي صور ولازم اختار .. فى ايه يا مريم ؟
نظرت اليه ورأت ملامح وجهه المرهقة وجسده المتعب :
_ سوري يا زيزو بس حبيت تشاركني اللحظة المفرحة دي .
_ خير اخدتي جايزة نوبل فى الرسم .
_ ايه جائزة نوبل دي .. انت التعب والاجهاد فاصلينك باور .
_ بجد مش قادر .. ها في ايه ؟
اعتدلت فى جلستها وقالت بحماسه وهي تبتسم:
_ انا هعرض لوحات ليا فى معرض مهم بعد أسبوعين .
انتبه زين :
_ ودا ازاى وامتى حصل ؟
_ ايهاب مختار .. وفرلي مكان اعرض لوحتين ليا فى معرض مهم هيحضره .. لوحتين يا زيزو تخيل .. انا كنت زعلانه ان لوحة باظت ومدخلتش المسابقة اللى كان ممكن لوحتى تتعرض فى معرض .. ربنا بعتلي فرصة تانية بلوحتين .. بلوحتين ..
كانت مريم تتحدث بحماس وزين انتبه لكلمات .. كان ذكر اسم ايهاب مختار امامه كمن دلق مياه بارده على راسه :
_ ايهاب مختار ..
_ ايوة ..
_ عشان كدا كنت بتزني اختار بسرعة ..
_ عشان احضر احسن الرسومات واوريهاله ويختار المناسب للمعرض .
_ هتوريهاله فين ؟
_ فى المطعم هيكون فين اكيد مش هروحله البيت .
_ اها ..
لاحظت مريم تبدل ملامح زين وقالت :
_ مالك يا زيزو.. انت مش فرحان ليا ؟
نظر اليها :
_ لا طبعا فرحان.. وعاوز اقوم اتنطط بس انا مهدود حيلي فى المقر .
فتحت الايس كريم وبدأت تتناوله قائلًا :
_ عشان كدا حبيت نحتفل بالايس كريم بخطوة جديدة مهمة فى حياتي .. احلامي بتتحقق يا زيزو .
تصنع زين الابتسامة ولكنه شعر بنغزة فى صدره عند ذكر اسم ايهاب مختار وبدأ يتناول الايس كريم فى صمت وهو يشاهد مريم سعيدة ..
بعد مرور يومان ظهر ايهاب فى المطعم وكانت عيناه تبحثان عن مريم ، ما ان راته مريم حتى ابتسمت واقتربت منه ورحبت به بلطف ورافقته الى طاولة واحضرت له القهوة وطبق من الحلى وجلس ايهاب يتأمل الرسومات التى اختارتها مريم بعناية .. كانت عيناه تلمعان بإعجاب بين الحين والاخر وكانت مريم تراقب ملامحه فى صمت تنتظر رأيه بشغف .. بعد لحظات تم اختيار الرسومات التى ستعرض .. اعطى رقم هاتف لمريم :
_ اتصلي بالرقم دا بكرة هيجي لعندك ياخد الرسومات
اخدت مريم الرقم وغادر ايهاب .. عادت مريم الى المرسم ووضعت امامها الرسمتين ..كانت تنظر اليهم بتأمل وكأنها تضع حلمها بين يديهم ..
كانت مريم تعتقد أن ايهاب سيختفى ولكن حدث العكس كرر زيارته الى المطعم ، يدخل ب ابتسامته المعتادة يتجه نحو الطاولة نفسها وترحب به مريم وتحضر قهوته ويجلسان يتبادلان اطراف الحديث قليلًا ويغادر بهدوء ..
يوم افتتاح مقر شركة كريم وزين ..
كانت الاضواء والديكورات تعكس روح البدايات الجديدة ، الموسيقى الهادئه تنشغل فى الخلف تملأ الاجواء بالحيوية .. الضيوف يتوافدون تباعًا وجوه مألوفة وأخرى جديدة .. تعبيراتهم مزيج من الفضول والاعجاب .. كانت بسنت تقف عند المدخل بكامل اناقتها ترحب بالزائرين ب ابتسامتها العريضة بجوار كريم الذي يصافح ويبادل الحديث وزين الذي وقف يتنقل بنظراته بين الوجوه يبحث عن مريم .. حين ظهرت مريم برفقة كرم وسناء ومحمود وسوسن توقف الزمن فى عين زين لثوانٍ .. ارتسمت ابتسامة دافئة على وجهه .. عينه لا تفارقها وهي تخطو نحوه .. لم يكن الافتتاح لزين مجرد حدث رسمي ولكن بداية فى خطواته المهنية اراد ان تشاركه فيها مريم .. اقتربت مريم وقالت وهي تبتسم :
_ ايه يازيزو كل الجمدان دا
_ انا قولتلك زيزو الجامد ميعملش غير كل جامد ..
اقترب اليه كريم :
_ ابتدينا ننسي مساعدات غيرنا معانا وننسب كل حاجة لينا ..
ضحكوا وقال محمود:
_ مبروك عليكم شركتهم وان شاء الله تكون من اكبر شركات المحاسبة .
_ان شاء الله يا حودا
_ تحدث كرم :
_ المكان جميل ومريح ..
تحدث زين مازحًا :
_ لو حابب تريح جوه ياابو كرم اتفضل متتكسفش المكتب مكتبنا ..
ضحكوا على مزاحات زين وتحركا لبعيد وتحدث كريم الى مريم :
_ ملك مجتش ليه ؟
_ قالت هتقعد فى المطعم فى حجز عشا ولازم حد يكون موجود ف كلنا كان لازم نيجي ف ضحت هى وقعدت رغم قولتلها كل حاجة متظبطة بس هي صمتت ف الجماعة قالولي سبيها ع راحتها .
_ اوكيه .. المكان مكانك يا ميما .
_ اكيد يا كيمو.. مبروك تاني ..
ابتعد كريم وتحدث زين :
_ لو كانت جت كان هيفرق مع كريم اوي .
_ مجيها مكنش اكيد وبعدين كريم متعود ع عدم وجودها فمعتقدش يعني فارق زي ما بتقول .
_ لا فارق جدًا انا حاسس به .. لما اتاخرتي كنت مش مبسوط والمكان كان يخنق لما شوفتك وجيتي الوضع اختلف وحسيت ان انهاردة الافتتاح .
ابتسمت مريم وقالت :
_ هو انا مقدرش اكون موجوده مينفعش ..
_ طبعًا متقدريش ..
اقتربت بسنت ولمحها زين واستوقفها :
_ بوسنت تعالي اعرفك على ميما الشق
نظرت بسنت الى مريم وهى مبتسمة :
_ مريم صح ..
_ ايوه ..
_ اهلا بيكي .. انا بسنت مش بوسنت
ضحكت مريم وقالت :
_ هو زيزو كدا بيحب يميز الاشخاص فى حياته وبما انه لعب فى اسمك فمعني كدا انه معتبرك صديقة .
تحدث زين :
_ شوفتي .. اهو عشرة عمري والشق قالتلك اهو .. اصل يا ميما كانت فاكراني برخم عليها .
نظرت اليه مريم وقالت :
_ ايوه انت رخم وبترخم.. ازاى تقول لبنوته جميلة زي القمر واسمها جميل بسنت تنده عليها بوسنت تحب حد ينده عليك حنفي ..
تحدثت بسنت :
_ ايوه يا ميما قوليله .. بيخليني وافقة مع عملاء وينده عليا كدا لدرجة انهم ندهوني بكدا افتكروا اسمي بوسنت مش بسنت .
تحدث زين:
_ انت بالنسبالي بوسنت وهي ميما ام زملومة .
خبطته مريم :
_ يا بنت اللذينه .. اعمليلي برستيج طيب داانا صاحب شركة دلواقتي .
_ لم لسانك الاول ..
استأذنت بسنت وقالت مريم :
_ زي القمر بسنت عندك حق المرادي يا زيزو ..
_ يعني ادوس ..
_ ع اساس مستنيني اقولك تلاقيك من وقت ما شوفتها بتحاول ..
_ نكمل محاولات ..
قرصته فى ذراعه :
_ كمل كمل ..
ظل زين مع مريم اغلب الوقت يمازحان بعض حتى انتهى اليوم وعادوا الى المنزل استسلموا للنوم ...
قبل ان يذهب كريم الى الشركة ذهب الى المطعم .. دخل المطعم بخطوات متردده ولكنها محدده الاتجاه .. بحث بعيناه عن ملك وكانت تتحدث مع احدى الزبائن .. جلس كريم امام احدى الطاولات حتى انتهت وتحرك من مكانه واتجهه اليها :
_ صباح الخير ..
_ صباح الخير ..
_ انا كنت فاكر هتيجي الافتتاح امبارح يعني ع اساس انك مننا وحبيت تشاركينا لحظة زي دي .
_ كان لازم حد يكون موجود .. عمومًا مبروك ان شاء الله تكون من الاماكن المهمة .
_ طيب مش هتعزميني ع حاجة بالمناسبة دي ؟
نظرت اليه للحظات :
_ تمام.. اتفضل والطلب هيكون عندك .
_ لا انا هطلب ليا وليكي ممكن واتمنى متكسفنيش .
جلست ملك وطلب كريم عصير برتقال المفضل لملك ونظرت ملك الى العصير امامه بتعجب ولكن دون ان تتحدث .. ابتسم كريم وقال :
_ مكنتش بشربه زمان لكن لما جربته لقيتك عندك حق انه جميل وملوش علاقة انه يتشرب وقت المرض يعني زي ما كنت بقول عليه عصير العيانين .
ظلت ملك صامته وازاح كريم الكوب جانبًا وتحدث بنبرة جدية :
_ ملك.. انا بصراحة جيت انهاردة عشان عاوز اقولك كلمتين واتلككت ب انك محضرتيش عشان افتح كلام ..
_ كلمتين ايه مش احنا خلصنا الكلام ؟
_ خلصنا الكلام فى اللى فات لكن انا جاى اتكلم عن اللى جاى اللى مش عاوزة تكمله ولا زي اللى فات ..
_ مش فاهمة ..
_ ملك انا بعرض عليكي نكون اصدقاء .. اصدقاء وبس .. احنا اغلب الوقت في وش بعض وانتى بقيتي شخص من عيلتنا وحابب علاقتنا تكون طبيعية زي علاقتك بزين وعلاقتي بمريم .. انا مش طالب غير صداقة وبس .. لو مرتاحتيش لصداقتي صدقيني هنسحب من حياتك نهائي مش هتشوفيني .. انتى اتغيرتي وانا كمان اتغيرت .. خلينا نتعرف على بعض بالنسخ الجديدة دي وبكرة نسيبه لبكرة موجودين ولا لا ..
وقف كريم وقال :
_ انا مش بضغط عليكي لكن انا محتاج لصداقتك وانا حاسس انك محتاجة لصداقتي وجربي جربيني كصديق واوعدك مش هتعدى حدود صداقتنا ..
امسك كوب العصير وتناوله كله دفعه واحدة ووضع الكوب فارغ ع الطاوله وقال لها مبتسم :
_ البرتقال فعلًا لذيذ .. استمتعي بعصيرك ..
انهى كريم حديثه وتوجهه بخطواته الى الخارج مغادر المطعم وملك تنظر الى كوب البرتقال الفارغ واصابعها تتحرك على حافه كوب الذي امامه وهي تنظر فى شرود ..
ارادت مريم مفاجأة زين فى مقر الشركة .. وقبل ذهابها الى الشركة مرت على محل الكبدة والسجق وقامت بشراء سندوتشات وذهبات الى الشركة .. وقفت مريم فى زاوية مقابلة للمكان رأت زين يقف مع بسنت يضحكان ويتبالان اطراف الحديث العشوائية ظلت تتأملهم للحظات ثم غادرت بسنت المكتب وخرج زين يتحرك بين الموظفين يتحدث ويضحك يلفي النكات والمزاحات التى تثير البهجة فى المكان وهو يراجع الاوراق ويعلق على التفاصيل وتعلو الضحكات من حوله .. كانت مريم تتابعه بعيناها بتركيز وابتسامة عفوية ترتسم على وجهها كلما سمعت مزاحه المعتاد .. لم تقترب للداخل ولكنها وفقت هناك للحظات كأنها تحفظ المشهد فى ذاكرتها تشعر بالفخر به وسعيدة بخطواته فى حياته المهنية .. لمحت وقوفها بسنت واقتربت نحوها :
_ ميما ..
انتبهت مريم ونظرت اليها مبتسمة :
_ اهلا بسنت ..
_ مدخلتيش ليه تعالي .
_ داخله اهو .. عاملين ايه فى الشغل .
_ الحمدلله بس زين يهدأ علينا شويا ..
ضحكت مريم:
_ عنده فرط حركة هو لما بيكون مبسوط اوي او زعلان اوي تلاقيه بيتحرك كتير وغير محدد عاوز ايه ..
_ وهو كدا ايه بقي
اقترب زين اليهم وقال :
_ جعان جدًا وبالاخص لما شميت الريحة اللى خبطت فى جيوبي الانفية .
_ قولت معديش وايدي فاضية ..
امسك زين الاكياس :
_ احلى زيارة فى الحياة .. تعالى ندخل المكتب ..
دخلوا المكتب وبرفقتهم بسنت وقالت مريم :
_ تعالى يا بسنت كلى معانا ..
_ لا شكرًا مش حابه اتطفل عليكم
_ لا مفيش تطفل ولا اى حاجة.. تعالي يلا بس بتحبي الكبدة والسجق مشطشين .
ابتسم بسنت :
_ وهما يتاكلوا غير كدا .
رفع زين كف يده امام بسنت وصافحته بكف يدها ونظر الى مريم :
_ شايفة الناس اللى بتفهم فى الاكل .. الشطشطة بتخلى طعم الاكل فى مكان تانى .
اجابت مريم :
_ طيب ابقى ارجع بسرعة عشان بنقفل بدري
تحدث زين :
_ يا عسل ..
ضحكت بسنت ع مزاحتهم سويا ثم غادرت لاستكمل عملها :
_ لطيف بسنت صح ؟
_ جدًا وجدعة اوي يا ميما ..
_ كويس ..
_ بس ايه الزيارة الجامدة دي ؟
_ شوفت مش ناسياك ازاى .. يلا عد جمايل .
_ كريم لبسني وطار ع القاهرة قالي يومين وراجع وبقاله اسبوع .
_ ليا فى ذمتك خروجة سينما بقولك اهو ..
_ كريم يجى والبسه واطير انا .. الشغل خطفني من قعادتنا يا شق .
_ بس اللى في القلب في القلب ..
_ ايوه اللى فى القلب فى القلب .. المعرض الخميس صح ؟
_ ايوه.. هتيجي معايا ولا اروح لوحدى .
_ لا طبعا هاجي معاكي ..مش هتروحي لوحدك فاهمة ..
_ خلاص متزقش ..
_ واتمنى نخف من قاعدتنا ورغينا مع فنان الجيل ايهاب توفيق .
_ هي ملك مبتسترش .
_ انتى عاوزاها تخبي يبقى هي وانتى ؟
_ انا مخبتش انا بقولك لما بيجي
_ مقولتيش ع اخر مرة ..
_ بجد.. مش فاكرة
_ مش فاكرة ولا عشان القاعدة طولت فنسيتي .
_ زيزو طلعني من دماغك لغاية ما المعرض دا يعدى بالله عليك .
_ هيعدى هيعدى متقلقيش ..
يوم المعرض ..
كانت مريم فى غرفتها تحضر ملابسها وتنقى بعناية المناسب للذهاب الى المعرض ولكن فجأة تبدل كل شئ حين شعر كرم بتعب مفاجئ وسرعان ما وصلت سيارة الاسعاف وحملوه برفق تحت انظار مريم وسناء ومحمود القلقة .. ذهب الجميع الى المشفى ومعهم زين وسوسن وكريم وجلسوا فى غرفة الانتظار ساعات طويلة تتنقل اعينهم بين الساعة وباب غرفة الطوارئ .. كان التوتر مخيفًا وكلما خرج الطبيب نظروا اليه بأمل وتوتر .. ومع مرور الوقت خف القلق حين طمأنهم الطبيب وطلب من كرم ان يستريح لبعض الوقت دون بذل مجهود .. ظلوا الى جانبه يتبادلون الاحاديث بهدوء ويتابعون المحلول المعلق وهو ينتهى شيئًا فشيئًا ونست مريم المعرض نهائي وكريم وزين لم يذهبا الى الشركة وظلت ملك بمفردها فى المطعم وبسنت فى الشركة وكأن لا شئ أهم من تلك اللحظة للجميع سوى أن يكون كرم بخير ..
فى مكان المعرض ..
كانت القاعة تنبض بالحركة والالوان والانوار وبين الزحام واللوحات المتراصه .. كان ايهاب يقف بثبات ينظر بين الحاضرين ويترقب كل من يمر بجوار الباب .. تتكرر النظرات الى ساعته ثم الى المدخل وعيناه لا تكف عن البحث عن مريم .. مر الوقت ببطء وبدأ الزوار فى التناقص وبدأت أصوات الوداع تتردد فى المكان بينما ايهاب ما يزال فى مكانه ينتظر ظهور مريم لاخر لحظة .. انتهى المعرض ولم تظهر مريم وقف يتأمل الباب المقفول ثم تنهد بخفوت وغادر القاعة بخطى ثقيلة ..
في صباح اليوم التالي دخل ايهاب المطعم .. توجه الى طاولة وجلس وعيناه تبحثان سريعًا بين الطاولات والزوايا عن مريم .. نظر الى الممر الذي يؤدى الى المطبخ ينتظر أن تخرج كعادتها ب ابتسامتها الهادئة ولكنها لم تفعل .. مرت ساعة وكان ينظر الى ساعته بين الحين والاخر والقلق تسلل الى ملامحه شيئًا فشيئًا لعدم ظهور مريم .. ظهرت امامه ملك وقرر ان يسألها عن مريم .. كانت ملك جاتلسة امام طاولة تعمل ع اللابتوب :
_ صباح الخير ..
نظرت اليه ملك:
_ صباح الخير .. حضرتك دكتور ايهاب مختار
ابتسم ايهاب :
_ ايوه ..
_ اتفضل حضرتك اقعد اتفضل ..
جلس ايهاب وقالت ملك :
_ تحب حضرتك تشرب ايه ؟
_ انا لسه مخلص قهوتى .. اولا اسف ع الازعاج ثانيًا انا كنت بسأل عن مريم هي موجودة .
_ لا مريم مش موجودة ولمدة يومين مش هتكون موجودة فى المطعم .
_ ليه فى حاجة هي مريضة ؟
قال كلماته وملامحه قلقة عليها وقالت مملك:
_ لا مش هي .. والدها تعب امبارح وراح المستشفى كان يوم صعب عليهم بصراحة
_ ودلواقتي ؟
_ خرج وفى البيت بيكمل علاج وراحة ومريم قاعدة معاه ومع مامتها .
_ الف سلامة عليه ..
_ الله يسلمك ..
_ عن اذنك ..
_ اتفضل ..
غادر ايهاب وبعد نصف ساعة عاد وهو يحمل في يده باقة من الورود ووضعها امام ملك قائلًا :
_ بكرر اسفي على الازعاج .. انا معرفش العنوان ممكن توصليه نيابة عني لمريم ووالدها .
_ حاضر اكيد..
_ شكرًا ..
غادر ايهاب ونظرت ملك الى باقة الورود والى ايهاب وهو يغادر وملامح القلق المسيطرة على ملامحه .. طلبت ملك من احدى العمال ان يذهب لمنزل مريم بباقة الورود واخبرتها عبر الهاتف بالمرسل .. استلمت ملك باقة الورود واعجبها جدًا وكان معه بطاقة صغيرة كتب فيها ايهاب تمنياته بالشفاء العاجل لوالدها .. اغلقت البطاقة وتذكرت المعرض ولثانى مرة فرصة تضيع منها .. لكن تلك المرة كان اهتمامها بوالدها اكثر ..
عاد زين من الشركة ومر على منزل مريم ودخل اطمئن على كرم وخرج جلس بالخارج هو ومريم ليتناولا الطعام سويًا :
_ لا ماهو انا مش جايب كل البيتزاية دى وتقوليلي مش هاكل .
_ بجد يا زين مش قادرة ..
_ لا هتقدري حاولي يلا .. انا مااكلتش من الصبح قولت نأكل مع بعض .. تحبي نطلع فوق .؟
_ لا لا خليني هنا عشان لو بابا طلب حاجة ابقى قريبة .
_ طيب يلا كلى بقى عشان خاطري ..
_ حاضر ..
لمح زين باقة الورود وقال :
_ مين الفهمان اللى بعت لكرم بوكية الورد الجامد دا ؟
نظرت مريم الى باقة الورود وقالت :
_ لا دا ايهاب مختار اللى بعته
تفاجئ زين وقال :
_ بعته هنا ؟ هو يعرف عنوان البيت ؟
_ لا ميعرفش .. بعته فى المطعم .. راح انهارده الصبح وطبعًا عشان يعرف مروحتش ليه امبارح لكن ملقنيش وملك قالتله حوار كرم ف ذوقيًا منه جاب الورد وطلب منها تبعتهولي .
بملامح ضيق :
_ اها .. كويس كويس .
تحدثت مريم:
_ والله ذوق جدًا.. انا محروجة منه بشكل يا زيزو .. مش عارفه لما اشوفه هقوله ايه ؟
_ وهتشوفيه ليه اصلًا ؟
_ انت ناسي انه بيروح المطعم زي اى زبون فعادى هيروح ..
_ بصي انتى خليكي مع كرم وهو لما ميلاقكيش موجوده فترة هو هيسافر مش كان قايل انه هيسافر .. هيسافر .
_ انت شايف كدا ؟
_ ايوه.. المهم دلواقتي كرم صح..
_ ايوه ..
انهى زين طعامه :
_ انا رايح انام لو احتاجتي حاجة صحيني ع طول .
_ حاضر ..
تحرك زين من مكانه مغادر اقترب من باقة الورود ونظر الى مريم :
_ و وزعي البوكية دا عامل ريحة وحشة فى المكان وكرم صدره تاعبه .
القي نظرة غضب على باقة الورود وغادر منزل مريم وذهب الى منزله ..
بعد مرور اسبوعان تحسن الوضع الصحي لكرم وعادت مريم الى المطعم ، دخلت مريم بخطوات هادئة .. نظرت الى الطاولات والزبائن وقعت عيناها على ايهاب يجلس امام احدى الطاولات يحتسي قهوته ويقرأ فى كتاب .. لم يلاحظ تواجدها وثبتت مريم مكانها واقتربت اليها ملك لترحب بها وقالت :
_ يوميًا كل يوم الصبح موجود هنا ولا يوم انقطع عن انه يجي اعتقد ، ودايما كان بيسألنى عليكي اعتقد لما هيشوفك هيطمن اكتر لانه كان قلقان اوي .
_ توجهت اليه وقالت وهى مبتسمة :
_ صباح الخير ..
التفت اليها ايهاب وابتسم ابتسامة عريضه اظهرت غمازته مرددا :
_ ياااه .. صباح الخير .
جلست مريم وقال ايهاب :
_ عامله ايه وباباكي عامل ايه ؟
_ بخير الحمد لله اتحسن عن الاول فقولت بدل قاعدة البيت انزل المطعم تاني .
_ نورتي الدنيا .
_ شكرًا .. حقيقي شكرًا على سؤالك والورد كان جميل ولمسة جميلة اسعدتني .
_ دا حاجة بسيطة انتى تستحقي اكتر .
_ شكرًا .. واسفه لتاني مرة اجهز لحاجة وتحصل حاجة ع اخر وقت تضيع كل حاجة .
_ مش ب ايدنا نحدد ظروفنا وايه مناسب وايه لا .. انا نعمل اللى علينا والباقي نتيجته فى الغيب .
_ تعبتك معايا بجد بعتذر .
_ مفيش اعتذار بينا بالعكس انا كنت حابب تكوني موجوده وتسمعي مدح الفنانين والمختصين فى الفنون عن رسمك وملاحظاتهم كانت هتفيدك لو سمعتيها بنفسك .. انك تعيشي احساس اللحظة احلى كتير من حد يحكيهالك .
_ كان نفسي بس قدر الله مافعل .
_ عاوز اقولك اعجبهم جدًا اللوحات ( اخرج شيك ) ودا فلوسهم اول فلوس حره من حاجة تعبتي فيها من فنك يا مريم .
_ ابتسمت مريم بشدة من السعادة :
_ بجد مش مصدقة .. حقيقي مش عارفه اشكرك ازاى
_ مفيش شكر بينا قولتلك .
_ انت عملتلى وساعدتني كتير
_ لانك تستحقي ولانى عاوز اعمل كدا ليكي ..
_ شكرًا شكرًا .. بجد لو فى حاجة اقدر اعملها او طلب متتاخرش ولا تتردد وقوله .
نظر اليها للحظات فى صمت وقال :
_ مهما كان ايه الطلب .؟
_ صدقني مهما كان هعمله لانك تستحق دا .
سكت ايهاب ونظر اليها نظرة طويلة عميقة كأنه يغوص فى عينيها ثم ابتسم وقال بصوت منخفض لكنه واضحًا :
_ مريم ..انتى عارفة السبب الرئيسي ارجع مصر بعد يومين من وصولي نابولي ايه ؟
_ المعرض والمناسبة ..
_ لا ..انتي ..