رواية طغيان الفصل الثامن عشر
صدح صوت ورد الغاضب تقاطعها بحده بعد ان نجح الفتاتين في استفزازها..
ورد: علي فكرة انتي وهي قليلة الادب عيب كده.
نظر اليهما سليم بصدمة بعد ارتفاع صوت ورد الغاضب بداخل المحاضرة.
سليم بصوت قوي: ايه اللي بيحصل هنا؟
وقفت الفتاة خلف ورد تدعي البراءة: مش عارفه يا دكتور ايه اللي حصل عشان تغلط فينا وتشتمنا كده!
ثم ادعت الفتاة البكاء: لو سمحت يا دكتور انا عايزة حقي دي اهانتني قدام زمايلنا كلهم وبدون سبب.
أصبحت ورد على حافة الجنون وهي تحدق بالفتاة بصدمة. لا تصدق مهارتها الخارقه في التمثيل وادعاء البرائة والبكاء.
صدح صوت سليم الغاضب قائلا بنبرة حادة مرتفعة: بدون ما ادخل في اي تفاصيل انتي وهي مطرودين من المحاضرة.
شهقت الفتاة بصدمة وحدقت به ورد بذهول بعد استماعها الي قراره الصارم.
ورد: بس انا معملتش حاجة دي هي اللي عماله...
قاطعها بصوته الغاضب: مش عايز اسمع صوت تاني مفهووم.
ارتجف جسد ورد بخوف وتقدمت الفتاة أمامها تخرج من المحاضرة كما امر الدكتور سليم بطردهم الاثنان.
اخذت ورد متعلقاتها وخرجت خلف الفتاة.
وقف سليم يلتقط انفاسه بغضب بعد ما حدث. يتساءل بداخله لماذا ارتفع صوت ورد بداخل المحاضرة؟ من المؤكد ان هذه الفتاة فعلت شئ استفز ورد حتى فعلت ما فعلته الان.
خرجت ورد من المحاضره وهي تبكي وتجفف دموعها بيديها.
اقتربت منها الفتاة تنظر اليها بحقد: ايه يا حلوة كنتي فاكرة ان الدكتور سليم هيفضلك عن الكل ويطردني انا وانتي لأ؟!
َورد بصوت مكتوم من البكاء: انتي عايزة ايه!
الفتاة باستفزاز: عايزاكي تعرفي ان انتي واحدة رخيصة ودكتور سليم هيتسلى بيكي يومين ويسيبك زي اللي قبلك!
صدح صوت سليم بقوة خلف الفتاة: قدامي على مكتب العميد.
خفق قلب الفتاة بقوة من شدة الصدمة بعد استماعها الي صوت الدكتور سليم يأتي من خلفها مباشرة.
رفعت ورد عيونها الدامعه تنظر اليه بحزن.
دموعها قطعت نياط قلبه وجعلت نبرة صوته اشد قسوة على الفتاة.
سليم: اتحركي.
تحدثت الفتاة بتلعثم من شدة الخوف:
- محصلش حاجة يا دكتور.. دي هي اللي غلطة فيا الاول قدام حضرتك في المحاضرة.
خرج جميع الطلاب ووقفوا يشاهدون ما يحدث باهتمام.
صدح صوت سليم القوي امام الجميع:
- وانتي غلطتي فيها وفيا دلوقتي قدامي.. واظن مفيش غلط اكبر من انك تقولي لمراتي اني بتسلى بيها!!
شهقت الفتاة بصدمة مردده: مراتك!!
استمع جميع الطلاب الي حديثه ووقفوا جميعا يتبادلون النظرات بدهشه.
ارتسمت ابتسامة نصر على وجه وعد عقب اعلان الدكتور سليم زواجه من صديقتها امام الجميع.
خفضت الفتاة وجهها بصدمة مختلطة بالخجل تردف بأعتذار:
- انا اسفه يا دكتور مكنتش اعرف انها زوجة حضرتك.
سليم بصوت قوي: واديكي عرفتي! المفروض دلوقتي تعتذري ليها وقدام كل زمايلكم.
شحب وجه الفتاة بشدة، اردفت ورد بتوتر: مش محتاجاها تعتذر خلاص محصلش حاجة.
رمقها بنظرة قوية ارعبتها. ارتجف جسد ورد وخفضت وجهها أرضا! التفتت الفتاة تنظر الي ورد وهتفت بصوت مبحوح: انا اسفه.
تحدث الدكتور سليم بصوت قوي: انا هكتفي ان الموضوع ينتهي هنا من غير ما يوصل للعميد، بس ياريت اللي حصل النهارده في المحاضرة ميتكررش تاني والافضل لو كلكم تهتموا بالمذاكرة، خلاص الامتحانات قربت ومستقبلكم اهم.
أومأت الفتاة برأسها وهي تخفض وجهها ارضا بخجل. رمق سليم ورد بنظرة سريعة قبل ان يذهب الي مكتبه قائلا: خلاص الموضوع انتهى، تقدروا تتفضلوا كلكم.
ذهب إلى مكتبه وتركهم، اقتربت صديقة الفتاة واخذت يديها وذهبوا معا وركضت وعد الي ورد وهي في قمة السعادة بعد ما فعله الدكتور سليم من أجل صديقتها.
وعد بسعادة الي ورد: الله يا ورد الدكتور سليم جبلك حقك قدام الكل واعلن جوازكم يا بختك.
ورد بستغراب: يا بختي!!
وعد بحماس: اه طبعا دا كل البنات هيتجننوا بعد اللي حصل وبيدعوا يارب واحد زي الدكتور سليم ياااارب.
ورد بتلقائيه: انتوا هتبصولي فيه ولا ايه!
ضحكت وعد بمرح: ايوا بقى وبقينا نغير..
ثم هتفت بطريقة غنائيه وهي تتمايل بخفه لطيفه امام ورد: وبقينا نغير وبقينا نغييير.
= بتغيري على مين؟؟
ارتعد جسد وعد وتوقفت بصدمة تلتفت الي صاحب الصوت تهمس بصدمة: وليد!!!
وليد بغرور: المهندس وليد.
رمقته وعد بغيظ ثم التفتت تنظر الي ورد تتحدث اليها: كلمي يا ورد الدكتور سليم بعتلك السواق بتاعه اهو عشان يروحك البيت.
نظرت اليها ورد بصدمة، ضغط وليد بقوة على شفتيه السفليه بغيظ.
تحدثت اليه ورد بتوتر: احنا اسفين يا بشمهندس وعد بتحب تهزر.
وليد وهو يجيب على ورد لكن عيناه متعلقه بوعد التي تنجح في استفزازه: هي بصراحة هزارها سخيف شويتين!
كادت وعد ان تتحدث لكن ورد اسرعت في كتم فمها بيدها وهي تبتسم لـ وليد: بعد اذنك يا بشمهندس احنا لازم نمشي حالا عندنا محاضرة مهمة جداا.
ثم جذبتها ورد من يديها لتسير معها. لتتحدث اليه وعد وهي تسير خلف ورد: بقى انا هزاري سخيف.. ماشي يا هندسه الايام بينا.
حدق بها بصدمة وهي تبتعد خلف صديقتها ثم ابتسم مرددًا بدهشة: هندسه!! ايه البنت دي!!
ثم ذهب إلى مكتب سليم.
توقفت ورد عن السير وهي تجذب وعد خلفها ثم تحدثت اليها بدهشة: ايه يا بنتي حرجتي الباشمهندس وليد عيب كده!
وعد بنبرة ساخرة: باشمهندس!! بقى بزمتك ده شكل بشمهندس!
ورد بستغراب: مش فاهمه ايه اللي مش عجبك فيه يعني؟
وعد بغيظ: مش عارفه بس هو بيستفزني بطريقة غريبه وبحس اني عايزة اتخانق معاه وكل ده حصل من يوم كتب كتابك بجد انسان قليل الذوق ومعندوش قلب وكفايه انه مقدرش زعلي عشانك يومها وكان بارد ومعندوش احساس!!
ورد بستغراب: معقول كل ده!!
وعد بغيظ: انسان مستفز.. قال وكل شوية فرحان بنفسه ويقولي الباشمهندس وليد.. ايه يعني بشمهندس ما انا كلها كام سنه وابقى مهندسه برضه.
كتمت ورد ضحكتها: لاا دا الموضوع طلع كبير بقى.
وعد بغيظ: انا مش عارفه بصراحة جوزك مصاحبه على ايه ده!!
خفق قلب ورد بقوة عندما ذكرتها وعد بزواجها من سليم بطريقة عفوية. نعم سليم زوجها الان واعلن هذا امام الجميع! شعور بالسعادة يتسلل الي قلبها، احمرت وجنتيها بشدة! نعم هي ورد زوجة الدكتور سليم وهذا ما يتحدث عنه الجميع الان.
-----
بداخل غرفة مكتب الدكتور سليم بالجامعه.
دلف وليد دون ان يطرق على الباب. رمقه سليم بغيظ قائلا: في حد يدخل كده!
وليد بغيظ وهو يقترب منه: البنت دي غيظاني وبجد عايز اعمل اي حاجة اغيظها.
سليم بدهشه: بنت مين؟
وليد بتلقائية: صحبة مراتك.
خفق قلب سليم عند نطق وليد التلقائي لهذه الكلمة، شرد قليلا يستمتع بالاستماع اليها مرددًا لها بداخله.
طرق وليد علي المكتب امامه بقوة لكي يخرجه من شروده: ايه انت روحت فين؟
فاق سليم من شروده: مفيش انت كنت بتقول ايه؟
وليد بغيظ: عايز اغيظها.. عايز اعمل اي حاجة اضايقها زي ما هي بتضايقني.
ضحك سليم: انت هتعمل عقلك بعقل عيلة برضه يا وليد سيبك منها.. المهم انت كنت جاي ليه في حاجة؟
وليد: ايه.. ها.. اصل.
عقد سليم ما بين حاجبيه بدهشة من تردد وليد الواضح: ايه الحكاية يا وليد قلقتني؟ في ايه؟
تنهد وليد واجاب بتردد: بصراحة انا مش عارف انا جاي ليه بس لقيت نفسي قريب من الجامعة قولت اجي اشوفك.
سليم بشك: جاي تشوفني!!
وقف وليد من مكانه قائلا: على العموم انا ماشي لازم اروح الشركة وانت متتأخرش النهارده عندنا اجتماع مهم متنساش وافتكر تجيب التصميم معاك.
أبتسم سليم وهو يتابع خروجه من غرفة مكتبه.
-----
في الصعيد.
بمنزل عمران البسيوني.
استيقظ منصور من نومه بأرهاق، لم يستطيع النوم براحة، تراوده الكوابيس المزعجة طوال الليل. وضع يديه فوق مقدمة رأسه يضغط عليها بقوة.
التفتت اليه صفا تنظر اليه بستغرب بعد رؤيتها لانعكاس صورته بالمرآه وهي تنتهي من تصفيف شعرها.
صفا: مالك يا منصور انت كويس؟
منصور بتعب: حاسس ان دماغي هتتكسر من كتر الوجع.
صفا بقلق وهي تقترب منه: ايه اللي حصل طب اكلم عمي يطلب لك دكتور؟
هز رأسه بالرفض ووقف من فوق الفراش قائلا: لا انا اصلا نازل لابويا دلوقتي هنروح مشوار مهم.
اقتربت منه صفا تمسك يديه: خليك ريح النهارده يا منصور انت شكلك تعبان اوي والمشوار ده ممكن تأجلوه ليوم تاني انا هنزل اقول لعمي.
وقبل ان تتحرك امسك منصور يديها وقربها اليه، خجلت صفا وخفضت وجهها ارضا عندما جذبها منصور اليه والتصقت بصدره! لأول مرة يفعلها منصور ويقربها اليه بهذه الطريقه، رفع وجهها بيديه يتعمق بالنظر اليها. لأول مرة يراها بهذا الجمال! ما الذي كان يحجب الرؤية عن عيناه؟ كيف لم يراها بهذا الجمال من قبل!
استرسل له عقله التفكير بزوجته الثانيه وماذا ستفعل صفا لو علمت بهذا الزواج؟ شعر بالقلق لا يريد خسارتها! تحدث اليها بلطف لم تعتاد عليه صفا منه.
منصور: صفا انا لو غلطت في حقك ممكن تسامحيني؟
حدقت به بستغراب: مش فاهمه يا منصور يعني ايه؟..
ثم اضافة بحزن: لو على غلطك في حقي انت بتغلط كتير اوي وانا بعدي واسامح عشان خاطر بناتنا وبدعي ربنا في كل صلاة انه يهديك.
كم هي جميلة! هذا ما كان يحدث به نفسه. ابتسم اليها ومسد بيديه على وجهها قائلا: عشان انتي بنت اصول يا صفا.
استغربت صفا من نبرة صوته وحديثه الغريب وافعاله! لم تعتاد منه على هذا الشئ! فقط اعتادت على البرود والقسوة! لكنه اليوم يبدو اكثر حنان ولطف! كم تتمنى لو يبقى كما هو الان ولا يعود الي بروده وقسوته مجددا.
اخذ يديها في قبله عميقة قائلا لها بهمس: ربنا يخليكي ليا يا صفا.
ارتعد جسدها من شدة الصدمة! منصور اليوم وكأنه شخص اخر!!
تركها واتجه الي المرحاض. تجمدت مكانها تنظر الي الفراغ بصدمة! هل هذا هو زوجها منصور!! لا تصدق! وكأنه اصبح شخص اخر.
نظرت الي يديها وتذكرت قبلته الرقيقه قبل قليل! هذه القبلة الصغيرة أثارت الرعشة بكامل جسدها! ابتسمت بتلقائية وهي تتذكر كلماته لها الرقيقه. اتجهت الي المرآه تنظر الي انعكاس صورتها! نعم ترى انها جميلة اليوم على غير العادة رغم انها لا تضع شئ على وجهها ولم تفعل شئ لم تفعله بالايام السابقة! هي كما هي لكنها تبدو اليوم أجمل بكثير! ولكن ما سبب؟ يبدو ان حديث زوجها اللطيف ونظراته العاشقة لها زادت من وسامتها وجعلتها تشعر انها اجمل نساء الكون.
-----
بعد قليل ترجل منصور الدرج كان والده يجلس في انتظاره.
عمران البسيوني بهمس: لسه صاحي دلوقتي؟
منصور بضيق: انا معرفتش انام يا ابويا! بنت المركوب دي عماله تجيلي في كوابيس طول الليل ربنا يستر.
والده بثقة: متقلقش هتبقى اخر مرة تجيلك في كابوس.
منصور بقلق: انت ناوي على ايه يا ابويا؟
عمران بثقة: ناوي احافظ على مستقبل ابني..
ثم سأله باهتمام: المهم طمني صفا مراتك حست بحاجة؟
منصور بثقة: اطمن يا ابويا انا عملت معاها زي ما انت قولتلي وصبحت عليها بكلمتين حلوين.
عمران: ايوا كده يا منصور مش عايزين مرتك تحس بحاجة.. يلا بينا نروح نشوف البلوة اللي انت وقعت نفسك فيها.
------
انتهت ورد من المحاضرة الثانيه وذهبت الي مكتب سليم وطرقت على الباب بهدوء. سمح لها سليم بالدخول.
دلفت وهي تخفض وجهها ارضا بخجل: انا خلصت المحاضرات بتاعتي، هنروح امتى؟
تعمق بالنظر اليها واجاب: دلوقتي.. انا كمان خلصت شغلي.
هزت رأسها ووقف سليم اخذ متعلقاته وذهب معها.
بداخل السيارة كان سليم ينظر امامه على الطريق وورد تفرك بيديها بقوة من شدة التوتر.
استمعت الي صوته المميز دون ان ينظر اليها: ممكن اعرف ليه عملتي كده مع البنت في المحاضرة؟
خفق قلبها بقوة وصمتت للحظات تفكر بداخلها بماذا تجيب عليه الان!
انتظر اجابتها قليلا ثم تحدث مرة أخرى: للدرجة دي السؤال صعب؟
اردفت ورد بتوتر: اصل هما كانوا بيتكلموا وكلامها ضايقني.
سليم: قالت ايه ضايقك؟
خفضت وجهها بخجل، نظر اليها نظرة سريعة وعاد ببصره الي الطريق امامه قائلا: قالت اييه؟
ورد بخجل: قالت ان القميص ده شكله حلو عليك.
حدق بها بصدمة! لم يتوقع ان هذا سبب الشجار بينهما! توقف بالسيارة بطريقة مفاجئة وحدق بها بذهول: بتقولي ايه؟!!!
احمر وجهها بشدة وارتفعت درجة حرارة جسدها من شدة التوتر!
سليم يتأملها بصدمة لا يصدق حتى الان انها تشاجرت مع الفتاة عندما تغزلت الفتاة بثيابه!!
ارتسمت ابتسامة على محياه وهو يتأملها وقلبه يخفق بقوة هل غارت عليه!! يا الله كم هذا الشعور رائع.
عاد بالنظر امامه مرة أخرى يحاول تهدأت ضربات قلبه وتنظيم أنفاسه المتسارعه.
استمع إلى صوتها الباكي تتحدث بضعف: انا اسفه على اللي حصل.
لما تعتذر الان!! هي لا تعلم انه اكثر البشر السعداء على الأرض الان بسبب ما فعلته اليوم بحكم غيرتها عليه.
تحدث اليها بهدوء عكس ما يشعر به: متعتذريش اللي عملتيه ده رد فعل طبيعي اي واحدة مكانك هتعمله لما تسمع بنت بتتكلم علي جوزها قدامها.
حدقت به بصدمة ، ماذا قال الان؟!
تجاهل صدمتها واضاف الي حديثه بتأكيد: بس ده ميمنعش ان اللي عملتيه ده غلط وميصحش تتخانقي داخل المحاضرة..
خفضت وجهها بخجل ليضيف بنبرة مرحة مفاجئة: الافضل كنتي تضربيها بعد المحاضرة.
حدقت به بصدمة لتراه يضحك بقوة بعد حديثه، صوت ضحكته الرجوليه اصاب قلبها الذي لم يتوقف عن الخفق! ماذا يحدث معها الان اصبح قلبها يخفق بقوة كثيرا هذه الايام! هل لـ سليم علاقة بهذه الظاهرة الغريبه التي تمر بها؟
اعاد تشغيل السيارة وعلى وجهه ابتسامة سعيدة كلما تذكر انها شعرت بالغيرة عليه.
ورد تخفض وجهها ارضا تتسائل بداخلها لماذا هو سعيد الان؟؟..