رواية ليتك كنت سندي الجزء التانى الفصل التاسع عشر بقلم اسماء عبد الهادى
وصلت سوسن المنزل بصحبة ولديها فاستقبلتها رهف بشوق ولهفة فرحة برؤية أمها فلقد افتقدتها كثيرا.
كان لقاء سوسن بابنته باردا بعض الشىء الا أن ماهر همس لأمه وهو يكز على أسنانه فرهف لا تستحق تلك المعاملة الجافة
_فكيها ياسوسو واضحكي في وش بنتك بالله عليكي
فاضطرت سوسن لأن تحتضن ابنتها وتبتسم لها بسمة فاترة... ورغم ذلك رهف كانت سعيدة حقا باجتماع افراد العائلة مرة أخرى....فهذا أقصى ما تتمناه.
قابل فهمي زوجته بنفس الفتور التي قابلت هي ابنتها ..فطالعته سوسن بحزن وكتمت ضيقها في قلبها فزوجها مازال غاضبا منها بسبب رهف رغم أنها مصرة أنها على حق وما فعلته كانت رهف تستحقه علها تفيق من سذاجتها .
___
أسماء عبد الهادي
مرت الايام التالية عادية جدا .. يحاول الأهل ماعدا الأم التقرب أكثر من رهف، أما رهف فحاولت التقرب من أمها وازاحة ذلك الجليد الذي يغلف علاقتهما
حان موعد عودة ماجد لعمله ...أما ماهر فقبل أن يعود هو الأخر لعمله ...ذهب لرهف غرفتها وتحدث معها لتذهب لسها لتعرف رأيها فنار الانتظار تنهش في قلبه
فابتسمت رهف على حالته تلك ونفذت ما أراده وذهبت لصديقتها سها .
ومن ثم عادت لأخيها بعد أن قضت وقتا ممتعا مع صدقتها
ما ان رآها ماهر تدلف من باب المنزل ...ركض نحوها وسحبها من يدها بسرعة نحو غرفته وسط استغراب أمه واندهاشها مما يفعله ابنها وتبدل أحواله بهذا الشكل الملحوظ
أجلسها ماهر على طرف الأريكة الموضوعة بغرفته وجلس جوارها متحدثا وتعبيرات وجهه تفضح قلبه
_ها يارهف قلبي هيوقف مش قادر على الانتظار ...طمني قلب أخوكي .
حاولت رهف أن ترسم على وجهها تعابيىة جامدة حتى لا يصعب على أخيها قراءتها .. محاولة خداعه لترى ردة فعله وهل حقا يحب سها لهذه الدرجة أم لا
_ولو كانت الإجابة مش على هواك هتعمل إيه.
ابتلع ماهر غصة مريرة وقفت في حلقه ووقف بتثاقل شديد ناظرا الفراغ متحدثا باضطراب
_هيه مش موافقة!!.
صدمة أصابت قلبه فهو في بادىء الأمر لم يكن متحمس لموافقتها لكن حديث رهف جعل قلبه يطمئن ويضمن موافقتها لذا صدم بما قالته رهف...فعبس وجهه وصمت عن الكلام.
لتقف رهف خلفه وتضحك بمشاكسة
_ياااه للدرجة دي إنت واقع كدا !!
التفت لها ماهر مضيقا أعينه لا يعرف سبب ضحكها ولم يفهم إلا عندما قالت
_سألتها زي ما طلبت، وقالتلي أقولك هتأخد الرد من دكتور آدم لما تسأله
أقترب منها ماهر مستفسرا هاتفا بنفاذ صبر
_يعني موافقة ولا إيه النظام ....إخلصي يارهف طيرتي البرج اللي فاضلي ف دماغي.
لتضحك رهف ثانية واضعة يدها على فمها حتى لا تغضبه
ليقول بامتعاض لاويا ثغره
_ما تنطقي يا بنتي بدل ما أزعلك .
إدعت رهف المسكنة وهتفت بتدلل وهي تخفض رأسها أرضا
_أهون عليك !!
نفخ هو بغضب هذه المرة فالأمر بالنسبة له مصيري ولا يحتمل المزاح
_لو منطقتيش دلوقتي مش هيحصل كويس صدقيني
_خلاص خلاص هقول..هيه ياسيدي موافقة بس طبعا اتحرجت تقول دا علشان كدا قالت هتأخد الرد من آدم أخوها.
وفر ماهر براحة متتفسا الصعداء ومكث لثواني ساكنا ومن ثم انقض على أخته متوعدا لإرعابه كلما تخيل ان سها لم توافق به...تلك الفتاة التي أرقت منامه وغيرت حاله بين ليلة وضحاها.
_بقى إنتي كنتي بتتسلي بيا ها ..طب وربنا ما سايبك يارهف ..تعالي هنا.
ركضت رهف من أمامه تصرخ مدعية الخوف فهي باتت متأكدة الأن أن ماهر لن يؤذيها بعد الآن ...حاولت الفرار قبل أن يطالها يده لكن لسرعته وللياقته البدنية استطاع الامساك بها بسهولة
كانت أصوات مزاحهم عالية ..مما جعل سوسن تنهض من مكانها متوجهة لغرفة ماهر لتنظر ما الأمر.
طرقت الباب مرة واحدة منادية بإسم ماهر ومن ثم أدارت أكرة الباب ودخلت
وما إن رأتها رهف حتى جلست مكانها في الحال تعض على شفتيها مستعدة لتلقي وابل من التوبيخ من أمها كما هي عادتها سابقا عندما كانت تشاهدها تمزح مع ماجد
لكنها لم تفعل هذه المرة واكتفت برمقها بنظرة مستاءة ومن ثم هتفت بهدوء
_يلا ياولاد علشان تتغدوا .
تعجبت رهف هل أمها تغيرت ...هل حقا ستكف أمها عن توبيخها على كل صغيرة قبل كبيرة ؟
لكنها لم تعرف أن معاملة أمها لماهر تختلف عنها مع ماجد
فلو كان ماجد مكان ماهر فلما أمرئت الأمر على خير قبل أن تسمعهما نصيبهما من التوبيخ
لكن ماهر له مكانة عالية عند أمه فلا تحاسبه على أي شىء يفعله.
_____
أخبرت سها أخيها بشأن استعلام ماهر عن رأيهم وارساله لرهف لمعرفة ذلك ...وأخبرته بما كان ردها.
أخفض الجريدة الطبية التي كان يقرأها ووضع نظارته جانبا ثم نظر لأخته
_الظاهر في ناس الفرحة مش سيعاها.
تخضب وجه سها وتحرجت بشدة فحاولت الفرار من أمام حصار أخيها فهتفت بتلعثم
_أيسل باينلها صحت هروح أشوفها
أمسكها آدم من رسغها ضاحكا
_تعالي هنا فكرك هتهربي مني.
علمت أن أخيها لن يتركها إلا بعد أن تقر بمكنونات قلبها ككل مرة يفعلها معها
لذا هتفت مدعية الغضب
_ايه يادكتور هتمارس مهنتك عليا..سيبني أمشي.
ليهتف هو أيضا مدعي الغضب متحدثا بحزم
_سها؟
لوت شفتيها بتبرم وجلست مجبرة
_اهو قعدت ..عايز تعرف إيه.
ضحك هو على هيئتها وجلس قبالتها وجهه لظهر الكرسي مستندا بيديه عليه
_ها ياستي ..احكيلي ده حصل إمتا وإزاي.
تنهدت سها مطولا لحتى تستطيع أن تجد ما تقوله فهتفت بتوتر ووجه أحمر كثمرة طماطم ناضجة.
_معرفش إزاي ده حصل ...بس من أول ما شفته وأنا معرفش ليه انا انجذبت ليه.
أردفت كلامها مسرعا لتصحيح ما قالته
_بس والله عمري ما حاولت إني الفت انتباهه او ارفع عيني في عينه حتى.
ابتسم لها آدم وتنهد بسعادة ومن ثم ربت على كتفها قائلا بنبرة ساخرة
_إنه الحب يا فتاة..عندما يأتي ..يقتحم دون أن يطرق الباب.
ضحكت سها فبفعلة أخيها استطاع أن يخرجها من توترها وشجعها على أن تقول له المزيد والمزيد بما تشعر به ...فدائما ما كان آدم لها صديق أكثر من كونه أخا... يحتويها ...يفهمها... يخاف عليها... ترتاح له فتُفضي بمكنونات قلبها له بما تحب وما تكره وما يقلقها وما يزعج مزاجها .
ظلت سها تثرثر مع أخيها ومعظم حديثهما متمحور حول ماهر وما يحمله من صفات إيجابية وسلبية ...إلى أن هتفت سها تسأل باهتمام
_وانت ياآدم مش هتريح قلبي وتخطب رهف بقا ..إنت بنفسك بتقولي إنك معجب بيها و بأخلاقها .
لمعت في أعينها فكرة فهتفت بحماس
_ إيه رأيك نعمل خطوبتنا في يوم واحد !
_حيلك يابنتي ..مين قال إني عايز أتجوز من أساسه ..رهف بنت طيبة وتستاهل كل خير ربنا يرزقها الزوج الصالح اللي يعوضها عن اللي شافته.
عبست سها بوجهها وتحدثت بنفاذ صبر محاولة تغيير رأي أخيها فهو بعد موت زوجته لم يعد يفكر في الزواج مرة أخرى..كانت سها توافقه الرأي وخاصة أنها كانت تخشى على أيسل ابنته من أن يكون لها زوجة أب ..لكن بعدما رأت تعلق أيسل بها وحبها لها ..فرحت بهذه الفكرة وراقت لها أن تكون رهف صديقتها زوجة لاخيها وأم لأيسل
_انت الزوج الصالح اللي أنا شايفاه لرهف يا آدم.. انت الوحيد اللي هتقدر تعوضها اللي شافته.
تغير مزاج آدم وتعكر لون وجهه وتحدث بضيق
_سها من فضلك اقفلي على الموضوع ده دلوقتي.
كادت سها لتتحدث لكن رنين هاتف آدم ومعرفتها المتصل انساها ما كانت تود قوله
ابتعد آدم قليلا عن أخته ومن ثم عاد إليها ضاحكا
_مقدرش ينتظر واتصل بيا يعرف الرد .
لمعت أعين سها بفرحة لم تسعها
_ها وقلتله إيه.
_قلتله طبعا مش موافقين.
ضربت سها الارض بقدمها وهتفت بضجر
_آدم!!.
ضحك آدم و ضرب رأس أخته بخفة
_هيجي بكرة مع والده يتقدموا رسمي ..وأنا طبعا عطيت خبر لبابا وماما وطلبوا مني أرتب معاهم كل شىء بنفسي.
عبس وجه سها
_يعني ماما وبابا مش هيكونوا معانا!..مش هيحضروا خطوبتها.
أحاطها آدم بذراعها بحنان
_الكلام ده سابق لأوانه لما أقعد معاهم واشوف الدنيا هتمشي إزاي وبعدين نشوف ظروف بابا وماما.